| الكـتـاب: الأخبار الطوال المؤلف: أبو حنيفة الدينوري | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
سعد يونس Admin
الساعة الأن : الجنس : عدد المساهمات : 5951 نقاط : 13515 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 19/08/2010 العمر : 59
| موضوع: رد: الكـتـاب: الأخبار الطوال المؤلف: أبو حنيفة الدينوري الأربعاء 31 أغسطس 2011, 12:46 pm | |
| هذه البيعة فغضب أبرهة عند ذلك غضباً شديداً وتجهز للمسير إلى مكة ليهدم الكعبة فأرسل إلى النجاشي فبعث إليه بفيل كالجبل الراسي يقال له محمود فسار إلى مكة فكان من أمره ما قد قصه الله في سورة الفيل. الحبشان وهدم الكعبة
قالوا: ولما أهلك الله أبرهة خلفه في ملكه بأرض اليمن ابنه يكسوم بن أبرهة فكان شراً من أبيه وأخبث سيرة فلبث على اليمن تسع عشرة سنة ثم مات. فملك من بعده أخوث مسورق وكان شراً من أخيله وأخبث سيرة. سيف بن ذي يزن
فلما طال ذلك على أهل اليمن خرج سيف بن ذي يزن الحميري من ولد ذي نواس حتى أتى قيصر وهو بأنطاكية فشكى إليه ما هم فيه من السودان وسأله أن يصرهم وينفيهم عن أرهم ويكون ملك اليمن له فقال له قيصر: أولئك هم على ديني وأنتم عبدة أوثان فلم أكن لأنصركم عليهم.
فلما يئس منه توجه إلى كسرى فقدم الحيرة على النعمان بن المنذر فشكى إليه أمره فقال له النعمان: ما كان سبب إخراج جدنا ربيعة بن نصر إيانا عن أرض اليمن وإسكاننا بهذا المكان إلا لهذا الشأن فأقم فإن لي وفادة في كل عام إلى الملك كسرى بن قباذ وقد حان ذلك فإذا خرجت أخرجتك معي واستأذنت لك وتشفعت لك إليه فيما قصدت له ففعل واستأذن وتشفع فوجه كسرى بجيش ممن كان في السجون وأمر
عليهم رجلاً منهم يقال له وهرز بن الكامجار وكان شيخاً كبيراً قد أناف على المائة وكان من فرسان العجم وأبطالها ومن أهل البيوتات والشرف وكان أخاف السبيل فحبسه كسرى.
فسار وهرز بأصحابه إلى الأبلة فركب منها البحر ومعه سيف بن ذي يزن حتى خرجوا بساحل عدن وبلغ الخبر مسروقاً فسار إليهم فلما التقوا وتواقفوا للحرب أسرع له وهرز بنشابة فرماه فلم يخطئ بين عينيه وخرجت من قفاه وخر ميتاً وانقض جيشه ودخل وهرز بصنعاء وضبط اليمن وكتب إلى كسرى بالفتح فكت بإليه كسرى يأمره بقتل كل أسود باليمن وبتمليك سيف عليها وبالإقبال إليه ففعل. وإن بقايا من السودان قد كان سيف استبقاهم وضمنهم إلى نفسه يجمزون بين يديه إذا ركب شدوا على سيف يوماً وهم بين يديه في موكبه فضربوه بحرابهم حتى قتلوه. الفرس واليمن
فرد كسرى وهرز إلى أرض اليمن وأمره ألا يدع بها أسود ولا من ضربت فيه السودان إلا قتله فأقام بها خمسة أحوال فلما أدركه الموت دعا بقوسه ونشابه ثم قال: أسندوني ثم تناول قوسه فرمى وقال: انظروا حيث وقعت نشابتي فابنوا لي هناك ناووساً واجعلوني فيه فوقعت نشابته من وراء الكنيسة وسمى ذلك المكان إلى اليوم مقبرة وهرز ثم وجه كسرى إلى أرض اليمن بادان فلم يزل ملكاً عليها إلى أن قام الإسلام.
قالوا: وكان قباذ عندما أفضى إليه الملك حدث السن من أبناء خمس عشرة سنة غير أنه كان حسن المعرفة ذكي الفؤاد رحيب الذراع بعيد الغور فولى شوخر أمر المملكة فاستخف الناس بقباذ وتهاونوا به لاستيلاء شوخر
| |
|
| |
سعد يونس Admin
الساعة الأن : الجنس : عدد المساهمات : 5951 نقاط : 13515 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 19/08/2010 العمر : 59
| موضوع: رد: الكـتـاب: الأخبار الطوال المؤلف: أبو حنيفة الدينوري الأربعاء 31 أغسطس 2011, 12:47 pm | |
| على الأمر دونه فأغضى قباذ على ذلك خمس سنين من ملكه ثم أنف من ذلك فكتب إلى سابور الرازي من ولد مهران الأكبر وكان عامله على بابل وخطرنية أن يقدم عليه فيمن معه من الجنود فلما قدم أفشى إليه ما في نفسه وأمره بقتل شوخر فغدا سابور على قباذ فوجد شوخر عنده جالساً فمشى نحو قباذ مجاوزاً لشوخر فلم يأبه له شوخر حتى أوهقه سابور فوقع الوهق في عنقه ثم اجتره حتى أخرجه المجلس فأثقله حديداً واستودعه السجن ثم أمر به قباذ فقتل. الديانة المزدكية
فلما مضى لملك قباذ عشر سنين أتاه رجل من أهل اصطخر يقال له مزدك فدعاه إلى دين المزدكية فمال قباذ إليها فغضبت الفرس من ذلك غضباً شديداً وهموا بقتل قباذ فاعتذر إليهم فلم يقبلوا عذره وخلعوه من الملك وحبسوه في محبس ووكلوا عليهم جاماسف بن فيروز أخا قباذ.
وأن أخت قباذ اندست لقباذ حتى أخرجته بحيلة فمكث أياماً مستخيفاً إلى أن أمن الطلب ثم خرج في خمس نفر من ثقاته فيهم زرمهر بن شوخر نحو الهياطلة يستنصر ملكها فأخذ طريق الأهواز فانتهى إلى أرمشير ثم صار إلى قرية في حد الأهواز وأصبهان فنزلها متنكراً وكان نزوله عند دهقانها فنظر قباذ إلى بنت لصاحب منزله ذات جمال فوقعت بقلبه فقال لزرمهر بن شوخر: إني قد هويت هذه الجارية ووقعت بقلبي فانطلق إلى أبيها فاخطبها على ففعل.
| |
|
| |
سعد يونس Admin
الساعة الأن : الجنس : عدد المساهمات : 5951 نقاط : 13515 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 19/08/2010 العمر : 59
| موضوع: رد: الكـتـاب: الأخبار الطوال المؤلف: أبو حنيفة الدينوري الأربعاء 31 أغسطس 2011, 12:48 pm | |
| فأرسل قباذ إلى الجارية بخاتمه وجعل ذلك مهراها فهيئت وأدخلت عليه فخلا بها قباذ وسر بها سروراً شديداً لما ألفاها ذات عقل وجمال وأدب وهيئة فأقام عندها ثلاثاً ثم أمرها بحفظ نفسها وخرج سائراً حتى ورد على صاحب الهاطلة فشكا إليه صنيع رعيته به وسأله أن يمده بجيش ليسترجع ملكه فأجابه إلى ذلك وشرط عليه أن يسلم له حيز الغانيان
فأقبل بهم يريد أخاه فأخذ على طريقه الذي شخص فيه بديئاً حتى نزل القرية التي تزوج فيها تبلك المرأة فنزل على أبيها وسأله عنها فأخبره أنها ولدت غلاماً فأمر بإدخالها عليه مع ابنها فدخلت ومعها الغلام فابتهج به ورآه كأجمل ما يكون من الغلمان فسماه كسرى وهو كسرى أنو شروان الذي تولى الملك من بعده فقال لزرمهر: اخرج فسل لي عن هذا الرجل أبي الجارية هل له قديم شرف فسأل عنه فأخبر أنهم من ولد فريدون الملك ففرح بذلك قباذ وأمر بالجارية وابنها فحملا معه.
ولما انتهى إلى مدينة طيسفون تلاومت العجم فيما بينها وقالوا: إن قباذ تنصل إلينا من شأن مزدك ورجع عما كنا اتهمناه فلم نقبل ذلك منه وظلمناه حقه وأسأنا إليه فخرجوا إليه جميعاً وفيهم جاماسف أخوه الذي ملكوه فاعتذروا إليه فقبل ذلك منهم وصفح عن أخيه جاماسف وعنهم وأقبل فدخل قصر المملكة ووصل الجيش الذي أقبل بهم وأجازهم وأحسن إليهم وردهم إلى ملكهم وأمر بالجارية فأنزلت في أفضل مساكنه.
ثم إن قباذ تجهز وسار في جنوده غازياً بلاد الروم فافتتح مدينة آمد وميافارقي وسبى أهلها وأمر فبنيت لهم مدينة فيما بين فارس والأهواز فأسكنهم فيها وسماها أبرقباد وهي أستان الأعلى وجعل لها أربعة طساسيج: طسوج الأنبار وكان منها هيت وعانات فضمها يزيد بن معاوية حين ملك
إلى الجزيرة وطسوج بادوريا وطسوج مسكن وكور كورة بهقباذ الأوسط وبهقباذ الأسفل وضم إليها ثمانية طساسيج لكل كورة أربعة طساسيج وهي الآستانات وشق كورة أصبها كورتين شق جي وشق التيمرة.
وكان لقباذ عدة من الأولاد لم يكن فيهم آثر عنده من كسرى لاجتماع الشرف فيه غير أنه كان به ظنة أي سيء الظن فلم يكن قباذ يحمده عليها فقال له ذات يوم: يا بني قد كملت فيك الخصال التي هي جماع أمور الملك غير أن بك ظنة وإن الظنة في غير موضعها داعية الأوزار ومحبطة للأعمال. فاعتذر كسرى إلى أبيه مما وقع في قلبه من ذلك واستصلح نفسه عنده. كسرى أنوشروان
فلما أتى للملك قباذ ثلاث وأربعون سنة حضره الموت ففوض الأمر إلى ابنه وهو أنوشروان فملك بعد أبيه وأمر بطلب مزدك بن مازيار الذي زين للناس ركوب المحارم فحرض بذلك السفل على ارتكاب السيئات وسهل للغصبة الغصب وللظلمة الظلم فطلب حتى وجد فأمر بقتله وصلبه وقتل من كان في ملته.
ثم قسم كسرى أنوشروان المملكة أربعة أرباع وولى كل ربع رجلاً من ثقاته فأحد الأرباع: خراسان وسجستان وكرمان والثاني: أصبهان وقم والجبل وأذربيجان وأرمينية والثالث: فارس والأهواز إلى البحرين والرابع: العراق إلى حد مملكة الروم. وبلغ كل رجل من هؤلاء الأربعة غاية الشرف والكرامة.
| |
|
| |
سعد يونس Admin
الساعة الأن : الجنس : عدد المساهمات : 5951 نقاط : 13515 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 19/08/2010 العمر : 59
| موضوع: رد: الكـتـاب: الأخبار الطوال المؤلف: أبو حنيفة الدينوري الأربعاء 31 أغسطس 2011, 12:50 pm | |
| ووجه الجيوش إلى بلاد الهياطلة وافتتح تخارستان وزابلستان وكابلستان والصغانيان. وأن ملك الترك سنجبو خاقان جمع إليه أهل المملكة واستعد وسار نحو أرض خراسان حتى غلبا على الشاش وفرغانة وسمرقند وكش ونسف وانتهى إلى بخارى.
وبلغ ذلك كسرى فعقد لابنه هرمزد الذي ملك من بعده على جيش كثيف ووجهه لمحاربة خاقان التركي فسار حتى إذا قرب منه خلى ما كان غلب عليه ولحق ببلاده فكتب كسرى إلى ابنه هرمز بالانصراف. دولتا الفرس والروم في عهد كسرى
قالوا: وإن خالد بن جبلة الغساني غزا النعمان بن المنذر وهو المنذر الأخير وكانا منذرين ونعمانين فالمنذر الأول هو الذي قام بأمر بهرام جور والمنذر الثاني الذي كان في مان كسرى أنوشروان وكانوا عمال كسرى على تخوم أرض العرب فقتل من أصحاب المنذر مقتلة عظيمة واستاق إبل المنذر وخيله فكتب المنذر إلى كسرى أنوشروان يخبره بما ارتكب منه خالد بن جبلة.
فكتب كسرى إلى قيصر: أن يأمر خالداً فإقادة المنذر ومن قتل من أصحابه ورد ما أخذ من أمواله فلم يحفل قيصر بكتابه فتجهز كسرى لمحاربته فسار حتى أوغل في بلاد الجزيرة وكانت إذ ذاك في يد الروم فاحتوى على مدينة
ووجه الجيوش إلى بلاد الهياطلة وافتتح تخارستان وزابلستان وكابلستان والصغانيان. وأن ملك الترك سنجبو خاقان جمع إليه أهل المملكة واستعد وسار نحو أرض خراسان حتى غلبا على الشاش وفرغانة وسمرقند وكش ونسف وانتهى إلى بخارى.
وبلغ ذلك كسرى فعقد لابنه هرمزد الذي ملك من بعده على جيش كثيف ووجهه لمحاربة خاقان التركي فسار حتى إذا قرب منه خلى ما كان غلب عليه ولحق ببلاده فكتب كسرى إلى ابنه هرمز بالانصراف. دولتا الفرس والروم في عهد كسرى
قالوا: وإن خالد بن جبلة الغساني غزا النعمان بن المنذر وهو المنذر الأخير وكانا منذرين ونعمانين فالمنذر الأول هو الذي قام بأمر بهرام جور والمنذر الثاني الذي كان في مان كسرى أنوشروان وكانوا عمال كسرى على تخوم أرض العرب فقتل من أصحاب المنذر مقتلة عظيمة واستاق إبل المنذر وخيله فكتب المنذر إلى كسرى أنوشروان يخبره بما ارتكب منه خالد بن جبلة.
فكتب كسرى إلى قيصر: أن يأمر خالداً فإقادة المنذر ومن قتل من أصحابه ورد ما أخذ من أمواله فلم يحفل قيصر بكتابه فتجهز كسرى لمحاربته فسار حتى أوغل في بلاد الجزيرة وكانت إذ ذاك في يد الروم فاحتوى على مدينة
في المجوسية فأبت فورث ذلك منها ابنها أنوش زاد وخالف أباه في الديانة فغضب عليه وأمر بحبسه في مدينة جنديسابور.
فلما غزا كسرى بلاد الشام بلغ أنوش زاد مرضه ومقامه بحمص استغوى أهل الحبس وبث رسله في نصارى جنديسابور وسائر كور الأهواز وكسر السجن وخرج واجتمع إليه أولئك النصارى فطرد عمال أبيه من كور الأهواز واحتوى على الأموال وأشاع بموت أبيه وتهيأ للمسير نحو العراق. وكتب خليفته بمدينة طيسفون يعلمه خبر ابنه وما خرج إليه فكتب إليه كسرى: وجه إليه الجنود وأكمش في حربه واحتل لأخذه فإن يأت القضاء عليه فيقتل فأهون دم وأضيع نفس واللبيب يعلم أن الدنيا ولا يخلص صفوها ولا يدوم عفوها ولو كان شيء يسلم من شائبة إذن لكان الغيث الذي يحي الأرض الميتة ولكان النهار الذي يأتي الناس رقوداً فيبعهم وعمياً فيضيء لهم فكم من ذلك من متأذ بالغيث ومتداع عليه من البنيان وكم في سيوله وبروقه من هالك وكم في هواجر النهار من ضرر وفساد فاستأصل الثؤلول الذي نجم بحدك ولا يهولنك كثرة القوم فليست لهم شوكة تبقى وكيف تبقى النصارى وفي دينهم: أن الرجل منهم إن لطم خده الأيسر أمكن من الأيمن! فإن استسلم أنوش زاذ وأصحابه فرد من كان منهم في المحابس إلى محابسهم ولا تزدهم على كانوا فيه من ضيق ونقص المطعم والملبس ومن كان منهم من الأساورة فاضرب عنقه ولا يكن منك عليهم رأفة ومن كان منهم من سفل الناس وأوغادهم فخل سبيلهم ولا تعرض لهم وقد فهمت ما ذكرت مما كان منك في نكال القوم الذين أظهروا شتم | |
|
| |
سعد يونس Admin
الساعة الأن : الجنس : عدد المساهمات : 5951 نقاط : 13515 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 19/08/2010 العمر : 59
| موضوع: رد: الكـتـاب: الأخبار الطوال المؤلف: أبو حنيفة الدينوري الأربعاء 31 أغسطس 2011, 12:51 pm | |
| أنوش زاذ وذكروا أمه فاعلم أن أولئك ذوو أحقاد كامنة وعداوة باطنة فجعلوا شتمأنوش زاذ ذريعة لشتمنا ومرقاة إلى ذكرنا وقد وقفت في تأديبك إياهم فلا ترخص لأحد في مثل مقالتهم والسلام.
ثم إن كسرى عوفي من مرضه فانصرف في جنوده إلى دار ملكه وقد أخذ ابنه أنوش زاذ أسيراً وانتهى فيه إلى ما أمر به. الخراج في عهد كسرى
قالوا: وكانت ملوك الأعاجم يضعون على غلات الأرضين شيئاً معروفاً من المقاسمات: النصف والثلث والربع والخمس إلى العشر على قدر قرب الضياع من المدن وعلى حسب الزكاء والريع فهم قباذ بإسقاط ذلك ووضع الخراج فمات قبل أن يستتم المساحة فأمر كسرى أنوشروان باستتمامها.
فلما فرغ منها أمر الكتاب ففصلوها ووضعوا عليها الوضائع ووظف الجزية على أربع طبقات وأسقطها عن أهل البيوتات والمرازبة والأساورة والكتاب ومن كان في خدمة الملك ولم يلزم أحداً لم يأت له عشرون سنة أو جاز الخمسين. وكتب تلك الوضائع في ثلاث نسخ نسخة خلدها ديوانه ونسخة بعث بها إلى ديوان الخراج ونسخة دفعت إلى القضاء في الكور ليمنعوا العمال من اعتداء ما في الدستور الذي عندهم وأمر أن يجبى الخراج في ثلاثة أنجم وسمى الدار التي يجبى فيها ذلك سراي شمره وتفسيره دار الثلاثة الأنجم وهي التي تعرف بالشمرج اليوم وقد قيل في تفسير ذلك غير هذا أي إنما هي دار الحساب والحساب شمره وهذا كلام معروف في لغة فارس إلى اليوم ويسمون الخراج الشمره بالشين على معنى الحساب ورفع خراج الرءوس عن الفقراء والزمنى وكذلك خراج الغلات ورفعه عما نالته
الآفة على قدر ما أصاب منها ووكل بكل ذلك قوماً ثقاتاً ذوي عدالة ينفذونه ويحملون الناس منه على النصفة.
ولم يكن في ملوك العجم ملك كان أجمع لفنون الأدب والحكم ولا أطلب للعلم منه وكان يقرب أهل الآداب والحكمة ويعرف لهم فضلهم وكان أكبر علماء عصره بزرجمهر بن البختكان وكان من حكماء العجم وعقلائهم وكان كسرى يفضله على وزرائه وعلماء دهره.
وكان كسرى ولى رجلاً من الكتاب نبيهاً معروفاً بالعقل والكفاية يقال له بابك بن النهروان ديوان الجند فقال لكسرى: أيها الملك إنك قد قلدتني أمراً من صلاحه أن تحتمل لي بعض الغلظة في الأمور: عرض الجنود في كل أربعة أشهر وأخذ كل طبقة بكمال آلاتها ومحاسبة المؤدبين على ما يأخذون على تأديب الرجال بالفروسية والرمي والنظر في مبالغتهم في ذلك وتقصيرهم فإن ذلك ذريعة إلى إجراء السياسة مجاريها.
فقال كسرى: ما المجاب بما قال بأحظى من المجيب لاشتراكهما في فضله وانفراد المجيب بعد بالراحة فحقق مقالتك وأمر فبنيت له في موضع العرض مصطبة وبسط له عليها الفرش الفاخرة ثم جلس ونادى مناديه: لا يبقين أحد من المقاتلة إلا حضر العرض فاجتمعوا ولم ير كسرى فيهم فأمرهم فانصرفوا. وفعل ذلك في اليوم الثاني ولم ير كسرى فانصرفوا فنادى في اليوم الثالث: أيها الناس لا يتخلفن من المقاتلة أحد ولا من أكرم بالتاج والسرير فإنه عرض لا رخصة فيه ولا محاباة.
وبلغ كسرى ذلك فتسلح سلاحه ثم ركب فاعترض على بابك وكان | |
|
| |
سعد يونس Admin
الساعة الأن : الجنس : عدد المساهمات : 5951 نقاط : 13515 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 19/08/2010 العمر : 59
| موضوع: رد: الكـتـاب: الأخبار الطوال المؤلف: أبو حنيفة الدينوري الأربعاء 31 أغسطس 2011, 12:52 pm | |
| الذي يؤخذ به الفارس تجفافاً ودرعاً وجوشناً وبيضة ومغفراً وساعدين وساقين ورمحاً وترساً وجرزاً يلزمه منطقته وطبرزيناً وعموداً وجعبة فيها قوسان بوتريهما وثلاثين نشابة ووترين ملفوفين يعلقهما الفارس في مغفره ظهرياً فاعترض كسرى على بابك بسلاح تام خلا الوترين اللذين يستظهر بهما فلم يجز بابك على اسمه فذكر كسرى الوترين فعلقهما في مغفره واعترض على بابك فأجاز على اسمه وقال: لسيد الكماة أربعة آلاف درهم ودرهم. وكان أكثر من له من الرزق أربعة آلاف درهم ففضل كسرى بدرهم فلما قام بابك من مجلسه دخل على كسرى فقال: أيها الملك لا تلمني على ما كان من إغلاظي فما أردت به غلا الدربة للمعدلة والإنصاف وحسم المحاباة.
قال كسرى: ما غلظ علينا أحد فيما يريد به إقامة أودنا أو صلاح ملكنا إلا احتملنا له غلظته كاحتمال الرجل شرب الدواء الكريه لما يرجو من منفعته.
قالوا: وكانت كسكر كورة صغيرة فزاد كسرى أنوشروان فيها من كورة بهرسير وكورة هرمزدخره وكورة ميسان فوسعها بذلك وجعلها طسوجين طسوج دنديسابور وطسوج الزندورد وكور بجوخى كورة خسروماه وجعل لها ستة طساسيج طسوج طسيفون وهي المدائن وطيسفون قرية على دجلة أسفل من قباب حميد بثلاثة فراسخ يقال لها بالنبطية طيسفونج وطسوج جازر وطسوج كلواذي وطسوج نهر بوق وطسوج جلولاء وطسوج نهر الملك.
| |
|
| |
سعد يونس Admin
الساعة الأن : الجنس : عدد المساهمات : 5951 نقاط : 13515 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 19/08/2010 العمر : 59
| موضوع: رد: الكـتـاب: الأخبار الطوال المؤلف: أبو حنيفة الدينوري الأربعاء 31 أغسطس 2011, 12:54 pm | |
| تاريخ العجم والتاريخ النبوي
وولد رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر ملك أنوشروان فأقام بمكة إلى أن بعث بعد أربعين سنة منها سبع سنين بقيت من ملك أنوشروان وتسع عشر سنة ملكها هرمز بن كسرى أنوشروان وبعث وقد مضى من ملك كسرى أبرويز ست عشرة سنة فأقام بمكة في نبوته صلى الله عليه وسلم وعلى عترته ثلاثة عشر سنة وهاجر إلى المدينة وقد مضى من ملك أبرويز تسع وعشرون سنة فأقام بالمدينة عشر سنين وتوفي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً بعد موت كسرى أبرويز فكان عمره صلى الله عليه وسلم ثلاثاً وستين سنة.
وزعموا أن بنات آوى ظهرت بالعراق في آخر ملك أنوشروان وكانت سقطت إليها من بلاد الأتراك واستفظع الناس ذلك وتعجبوا منه وبلغ ذلك كسرى فقال للموبذ: قد كثر تجبي من هذه السباع التي غزت أرضنا. فقال الموبذ: بلغني أيها الملك فيما يؤثر من أخبار الأولين أن كل أرض يغلب جورها عدلها تغزوها السباع. فلما سمع ذلك ارتاب بسيرة عماله فوجه ثلاثة عشر رجلاً من أمنائه الذي لا يكتمونه شيئاً إلى آفاق مملكته متنكرين لا يعرفون فانصرفوا فأخبروه عن سوء سيرة عماله ما غمه فأرسل إلى تسعين رجلاً منهم ذكروا بسوء السيرة فضرب أعناقهم فضبط عماله أنفسهم ولزموا عدل السيرة. ملك هرمزد
وكان لكسرى أنوشروان عدة بنين وكانوا جميعاً أولاد سوقة وإماء إلا ابنه هرمزد بن كسرى الذي ملك بعده فإن أمه كانت ابنة خاقان الترك وأم أمه
خاتون الملكة فعزم أبوه على تمليكه من بعده فوضع عليه عيوناً يأتونه بأخباره فكان يأتيه عنه ما يحبه فكتب له عهداً واستودعه رئيس نساكهم في دينهم فلما تم لملكه ثمان وأربعون سنة مات.
فلما مات أنوشروان ملك ابنه هرمزد بن كسرى فقال يوم ملك: الحلم عماد الملك والعقل عماد الدين والرفق ملاك الأمر والفطنة ملاك الفكرة أيها الناس إن الله خصنا بالملك وعمكم بالعبودية وكرم ملكتنا فأعتقكم بها وأعزنا وأعزكم بعزنا وقلدنا الحكومة فيكم وألزمكم الانقياد لأمرنا وقد أصبحتم فرقتين: إحداهما أهل قوة والأخرى أهل ضعة فلا يستأكلن منكم قوي ضعيفاً ولا يغشن ضعيف قوياً ولا تتوقن نفس أحد من الغلبة إلى ضيم أحد من أهل الضعة فإن في ذلك وهناً لملكنا ولا يرومن أهل من أهل الضعة الأخذ بمأخذ الغلبة فإن في ذلك انتثار ما نحب نظامه وزوال ما نحاول قوامه وفوت ما نحاول دركه وأعلموا أيها الناس أن من سوسنا العطف على الأقوياء من الغلبة ورفع مراتبهم والرحمة على الضعفاء والذب عنهم وحسم الأقوياء عن ظلمهم والتعدي عليهم واعلموا أيها الناس أن حاجتكم إلينا في نفس حاجتنا إليكم وحاجتنا إليكم هي مسد لحاجتكم إلينا وأن الثقيل مما أنتم منزلوه بنا من أموركم عندنا خفيف والخفيف مما نحن مجشموكم ثقيل لعجزكم عما نحن مضطلعون به واضطلاعنا لما أنتم عنه عاجزون وإنما تحمدون حسن ملكتنا إياكم وفضل سيرتنا فيكم إذا حسمتم أنفسكم عما نهيناكم عنه ولزمتم ما أمرناكم به.
أيها الناس ميلوا بين الأمور المتشابهات ولا تسموا النسك رياء ولا الرياء مراقبة ولا الشرارة شجاعة ولا الظلم حزماً ولا رحمة الله نقمة ولا مخوف الفوت هويناً ولا البر بالقربى ملقاً ولا العقوق موجدة ولا الشك استبراء ولا الإنصاف ضعفاً ولا الكرم معجزة ولا التبرم عادة ولا الأخذ | |
|
| |
سعد يونس Admin
الساعة الأن : الجنس : عدد المساهمات : 5951 نقاط : 13515 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 19/08/2010 العمر : 59
| موضوع: رد: الكـتـاب: الأخبار الطوال المؤلف: أبو حنيفة الدينوري الأربعاء 31 أغسطس 2011, 12:55 pm | |
| بالفضل ذلاً ولا الأدب العماية غفلة ولا الغدر ضرورة ولا النزاهة تضييعاً ولا التصنع عفافاً ولا الورع رهبة ولا الحذر جبناً لا الشره اجتهاداً والجناية غنماً ولا القصد تقتيراً ولا البخل اقتصاداً ولا السرف توسعاً ولا السخاء سرفاً ولا الصلف بعد همة ولا النبل صلفاً ولا البذخ تجلداً ولا الحرمان استحقاقاً ولا رفع الأنذال صنيعة ولا المجون ظرفاً ولا التخلف تثبتاً ولا التثبت بلادة ولا النميمة وسيلة ولا السعاية دركاً ولا اللين ضعفاً ولا الفحش انتصافاً ولا الهذر بلاغة ولا البلاغة تفقيعاً ولا المميل في هوى الأشرار شكراً ولا المداهنة مواتاة ولا الإعانة على الظلم حفاظاً. ولا الزهو مروءة ولا اللهو فكاهة ولا الحيف استقصاء ولا الاستطالة عزاً ولا حسن الظن تفريطاً ولا إيطاء العشوة نصيحة ولا الغش كيساً ولا الرياء تعطفاً ولا التواني تؤدة ولا الحياء مهابة ولا السفه صرامة ولا الدغل استقامة ولا البغي استعاذة ولا الحسد شفاء ولا العجب كمالاً ولا الفتك حمية ولا الحقد مكرمة ولا الضيف احتياطاً ولا التعسف انكماشاً ولا النزق تيقظاً ولا الأدب حرفة ولا المعاتبة مفاسدة ولا بعد القدر سمواً ولا مجاري التقادير أسباب الذنوب ولا مالا يكون كائناً ولا كائناً مالا يكون.
اجتنبوا المرذولات من هذه الأمور المتشابهات وثابروا على ما تحظون به عندنا فإن وقوفكم عند أمرنا منجاة لكم من سخطنا وتنكبكم معصيتنا سلامة لكم من عقابنا فأما العدل الذي نحن عليه مقتصرون وبه نصلح وتصلحون فأنتم فيه عندنا مستوون ستعرفون ذلك إذا قمعنا أهل القوة عن أهل الضعف وتولينا بأنفسنا أمر المضطهدين الملهوفين وأخضعنا أهل الضعة لأهل العلا بإنزالنا إياهم منازلهم ورددنا من رام من أهل الضعة مرتبة لا يستوجبها إلا المستحقون منهم الحباء والشرف لنجدة توجد عنده أو بلاء حسن يظهر منه.
واعلموا أيها الناس أنا فارقون بين سوطنا وسيفنا ومستعملوهما بتثبت وحسن روية فمن غمط نعمتنا وخالف أمرنا وحاول ما نهيناه عنه فإنا لا نكاد نصلح رعايانا ونضبط أمورنا إلا بتنكيل من خالف أمرنا وتعدي سيرتنا وسمى في فساد سلطاننا ولا يطمعن أحد في رخصة منا ولا يرجون هوادة عندنا فإنا غير مداهنين في حق الله الذي قلدنا فوطنوا أنفسكم على إحدى خلتني: إما استقامة بما تصلحون وإما مخافة على ما تتلفون فإن الصلاح حجتان معتدان لكم عندنا من تدبير ملكنا وضبطنا سلطاننا فلا تستصغروا وعيدنا وتهددنا ولا تحسبوا أن فعلنا يقصر عن قولنا وإنما أحببنا أن نعلمكم رأينا في اجتناب الرخص والمحاباة وحرصنا على الاعتذار قبل الإيقاع والأخذ بقصد السيرة والعدل في الرعية واختيار طاعتكم التي بها تكون ألفتكم واستقامتكم فثقوا بما بدأنا به من وعد وخافوا ما أظهرنا من وعيد ونحن نسأل الله أن يعصمكم من استدراج الشيطان وضلاله وأن يسددكم لما يقرب من طاعته وبلوغ مرضاته والسلام عليكم.
فلما سمع الناس ذلك تباشر به الضعفاء وأهل الضعة وفت ذلك في أعضاد العلية وساءهم فتنكبوا ما كانوا فيه من الاستطالة على الضعفاء والقهر لأهل الضعة
وكان هرمزد ملكاً متحرياً لحسن السيرة مثابراً على استصلاح الرعية رحيماً بالضعفاء شديداً على الأقوياء وبلغ من عدله وتحريه الحق أنه كان يسير في كل عام إلى أرض الماهين. فيصيف بها وكان يأمر عند مسيره إليها مناديه فينادي في عسكره أن يتحاموا الإضرار بالدهاقين ويوكل بتعهد ذلك ومعاقبة من تعدى أمره فيه رجلاً من ثقاته. | |
|
| |
سعد يونس Admin
الساعة الأن : الجنس : عدد المساهمات : 5951 نقاط : 13515 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 19/08/2010 العمر : 59
| موضوع: رد: الكـتـاب: الأخبار الطوال المؤلف: أبو حنيفة الدينوري الأربعاء 31 أغسطس 2011, 12:58 pm | |
| وكان ابنه كسرى الذي ملك من بعده ويسمى أبرويز معه مسيره فعار ذات يوم مركب من مراكبه فوقع في زرع على طريقه فرتع فيه وأفسد فأخذ صاحب الزرع ذلك المركب فدفعه إلى الموكل بذلك الأمر فلم يمكنه معاقبة كسرى فرقي أمره إلى أبيه فأمر أن يجدع أذنا الفرس ويحذف ذنبه ويغرم ابنه مقدار مائة ضعف مما أفسد الفرس من ذلك الزرع.
فخرج الموكل بذلك من عند الملك لينقذ أمر الملك فوجه كسرى رهطاً من المرازبة والأشراف إلى الموكل بذلك ليسألوه التغييب عن ذلك ويدفع ألف ضعف مما أفسد مركبه لما في جدع أذن الفرس وتبتير ذنبه من الطيرة فلم يجبهم الموكل إلى ذلك وأمر بالمراكب فجدعت أذناه وبتر ذنبه وغرم كسرى ما أصاب صاحب الزرع كنحو ما كان يغرم سائر الناس فلم يكن للملك هرمزد بن كسرى همة ولا نهمة إلا استصلاح الضعفاء وإنصافهم من الأقوياء فاستوى في ملكه القوي والضعيف.
وكان هرمزد منصوراً مظفراً لا يروم تناول شيء إلا ناله لم يهزم له جيش قط وكان أكثر دهره
فلما كانت سنة إحدى عشرة من ملكه حدق به الأعداء من كل وجه فاكتنفوه اكتناف الوترسيتي القوس أما من ناحية الشرق فإن شاهنشاه الترك أقبل حتى صار إلى هراة وطرد عمال هرمزد وأما من قبل المغرب فإن ملك الروم أقبل حتى شارف نصيبين ليسترد آمد وميافارقين
ودارا ونصيبين وأما من قبل أرمينية فإن ملك الخزر أقبل حتى أوغل في أذربيجان فبث الغارات فيها.
فلما انتهى ذلك إلى هرمزد بدأ بقيصر فرد عليه المدن التي كان أبوه اغتصبه إياها وسأله الصلح والموادعة فأجابه قيصر إلى ذلك فانصرف ثم كتب إلى عماله بأرمينية وأذربيجان فاجتمعوا وصمدوا صمد صاحب الخزر حتى نفوه عن أرضه.
فلما فرغ من ذلك كله صرف همه إلى صاحب الترك وكان أشد الأعداء عليه فكتب إلى بهرام بن بهرام جشنس عامله على ثغر أذربيجان وأرمينية وهو الملقب ببهرام شوبين يأمره بالقدوم عليه فما لبث أن قدم فأذن له فدخل عليه فرفع مجلسه وأظهر كرامته وخلا به وأخبره بالأمر الذي أراده له من التوجه إلى شاهنشاه الترك.
فسارع بهرام إلى طاعته واتباع أمره فأمر هرمزد أن يسلط بهرام على بيوت الأموال والسلاح وأن يسلم إليه ديوان الجند ليختار من أحب على عينه فأحضر بهرام الديوان وجمع إليه المرازبة والأشراف فانتخب اثني عشر ألف رجل من الفرسان ليس فيهم إلا من أناف الأربعين.
وبلغ ذلك الملك فقال له: لم لم تنتخب إلا هذا المقدار وإنما تريد أن تسير بهم إلى ثلاثمائة ألف رجل. فقال بهرام: ألم تعلم أيها الملك أن قابوس حين أسر فحبس في حصن ما سفري إنما سار إليه رستم في اثني عشر ألفاً فاستنقذه من أيدي مائتي ألف وأن أسفندياد إنما سار إلى أرجاسف ليطلب منه الوتر الذي كان له عنده في اثني عشر ألفاً وأن كيخسرو إنما أرسل جودرز ليطلب بدم أبيه سياوش في اثني عشر ألفاً فظهر على ثلاثمائة ألف فأي جيش لا يفل باثني عشر ألفاً لا يفل بشيء أبداً.
فلما فصل بهرام بالجنود من المدائن ودعه الملك وقال له: إياك والبغي فإن البغي مصرعه بصاحبه وعليك بالوفاء فإن فيه نجاة لمحاوله وإياك أن تسير إلا على تعبية الحرب فإذا نزلت فاحرس عسكرك بنفسك امنع جنودك من العيث والفساد وإياك أن تعزم حتى تروي ولا تروي حتى تستشير أهل النصح والأمانة ثم انصرف الملك ومضى بهرام فأخذ على طريق الأهواز.
وبلغ ملك الترك قدوم الجيش لمحاربته وقد كان الملك هرمزد وجه إلى ملك الترك رجلاً من مرازبته يسمى هرمزد جرابزين وكان من أدهى العجم وأشدهم خلابة وكيداً وأمره أن يعلمه أنه رسول الملك أرسله لمصالحته وإعطائه الرضى فأتاه هرمزد جرابزين فاستعمل فيها الخديعة وكفه بها عن الفساد في أرض خراسان فلما علم هرمزد أن بهرام قد دنا من هراة خرج ليلاً فلحق ببهرام.
ولما بلغ ملك الأتراك ورود الجيش قال لصاحب حرسه: انطلق فائتني بهذا الفارس الخداع فطلبوه فوجدوه قد هرب في جوف الليل.
وخرج خاقان من مدينة هراة للقاء بهرام وعلى مقدمته أربعون ألفاً. فلما التقوا أرسل إلى بهرام: أن انضم إلي حتى أملكك على إيران شهر وأجعلك أخص الناس بي.
فأرسل إليه بهرام كيف تملكني على إيران شهر وإنما ملكها لأهل بيت فينا لا يجوز أن يعدوهم إلى غيرهم ولكن هلم إلى الحرب.
فغضب ملك الترك من ذلك وأمر فضرب بوق الحرب وتزاحف الفريقان وملك الترك على سرير من ذهب فوق رابية يشرف على الفريقين. فلما استمرت الحرب قصد بهرام للتل في مائة فارس من أبطال جنوده فانفض عنه من حول ملك الترك فلما رأى الملك ذلك دعا بمركبه واستبان لبهرام
فرماه بنشابة نفذته فخر صريعاً وانهزم الأتراك وقد كان شاهنشاه خلف على ملكه ابنه يلتكين فلما أتاه مقتل أبيه استجاش الترك وأقبل في دهم داهم من أمم الأتراك وانضم إليه الفل.
وبلغ بهرام الخبر فأرسل في أقطار خراسان فاجتمع إليه بشر كثير فسار مستقبلاً ليلتكين فالتقوا على شاطئ النهر الأعظم مما يلي الترمذ وهاب كل واحد منهما صاحبه وجرت بينهما السفراء في الصلح.
وأرسل بهرام إليه إنكم معاشر الخاقانية قتلتم ملكنا فيروز فأهدرنا دمه وقبلنا الصلح منكم فكذلك فافعلوا بنا.
فأجابه يلتكين إلى الصلح على حكم هرمزد الملك وأقاما بمكانهما. فكتب بهرام إلى هرمزد بذلك فكتب إليه هرمزد: أن توجه إلى يلتكين مكرماً في خاصة طراخنته وعظماء جنوده.
فكتب بهرام إلى هرمزد بذلك فكتب إليه هرمزد: أن توجه إلى يلتكين مكرماً في خاصة طراخنته وعظماء جنوده.
فتوجه يلتكين إلى العراق فلما دنا من المدائن خرج هرمزد ملتقياً له وترجل كل واحد منهما لصاحبه وأظهر هرمزد إكرام يلتكين وأنزله معه في قصره وأخذ كل واحد منهما عهداً وكيداً على صاحبه بالمسالمة ما بقيا ثم أذن له فانصرف إلى مملكته.
ولما وغل في خراسان استقبله بهرام في جنوده وسار معه إلى حد مملكته وانصرف بهرام حتى أتى مدينة بلخ فنزلها ووجه إلى الملك هرمزد ما كان غنمه من عسكر شاهنشاه ووجه إليه بذلك السرير الذهب فبلغ ما وجه إليه وقر ثلاثمائة بعير.
فلما وصلت الغنائم إلى هرمزد وعرضت عليه وحوله وزراؤه وعظماء
مرازبته قال يزدان جشنس رئيس وزرائه: أيها الملك ما كان أعظم المائدة التي منها قذه اللقمة فوقعت هذه الكلمة في قلب هرمزد وارتاب بأمانة بهرام وظن أن الأمر كما قال يزدان جشنس فانظر كم داهية دهياء وحروب وبلاء جرت هذه الكلمة.
ودخل هرمزد منها الغضب والغيظ على بهرام ما أنساه حسن بلائه فأرسل إلى بهرام بجامعة ومنطق امرأة ومغزل وكتب إليه إنه قد صح عندي أنك لم تبعث إلي من تلك الغنائم إلا قليلاً من كثير والذبن لي في تشريفي إياك وقد بعثت إليك بجامعة فضمها في عنقك ومنطق امرأة فتنطق بها ومغزل فليكن في يدك فإن الغدر والكفران من أخلاق النساء.
فلما وصل ذلك إلى بهرام كظم غيظه وعلم أنه إنما أتى من الوشاة فوضع الجامعة في عنقه وصير المنطق في وسطه وأخذ المغزل في يده ثم أذن لعظماء أصحابه فدخلوا عليه ثم أقرأهم كتاب الملك إليه فلما سمع أصحابه ذلك يئسوا من خير الملك وعلموا أنه لم يشكر لهم حسن بلائهم فقالوا: نقول كما قال أولو خوارجنا لأردشير: ملك ولايزدان. ونحن نقول: لا هرمزد
وكانت قصة أولي خوارجهم: أن أردشير بابكان كان صار إليه بعض الحواريين فاستجاب له ودخل في دين المسيح صلى الله عليه وسلم وكان في عصره وشايعه على ذلك وزيره يزدان فغضب العجم لذلك وهموا بخلع أردشير حتى أظهر لهم الرجوع عما هم به من ذلك فأقروه على الملك.
فقال أصحاب بهرام لبهرام: إن أنت تابعتنا على خلع هرمزد والخروج عليه وإلا خلعناك ورأسنا غيرك فلما رأى اجتماعهم على ذلك أجابهم على أسف وهم وكراهية.
وخرج هرمزد جربزين ويزدك الكاتب من معسكر بهرام ليلاً حتى قدما المدائن وأخبر هرمزد الخبر.
ثم إن بهرام سار في جنوده نحو العراق لمحاربة هرمزد الملك حتى ورد مدينة الري فأقام واتخذ سكة للدراهم بتمثال كسرى أبرويز ابن الملك وصورته واسمه وضرب عليه عشرة آلاف درهم وأمر بالدراهم فحملت سراً حتى ألقيت بالمدائن ففشت في أيدي الناس.
وبلغ ذلك الملك هرمزد فلم يشك أن ابنه كسرى يحاول الملك وأنه الذي أمر بضرب تلك الدراهم وذلك الذي أراد بهرام بما فعل فهم الملك بقتل ابنه كسرى فهرب كسرى من المدائن ليلاً نحو أذربيجان حتى أتاها وأقام بها ودعا الملك بندوية وبسطاما وكانا خالي كسرى
ثم إن الملك جمع نصحاءه فاستشارهم فقالوا: أيها الملك إنك عجلت في أمر بهرام وقد رأينا أن توجه إلى بهرام بيزدان جشنس فيس بهرام بقاتله إذا أتاه فاعتذر إليه وباء بذنبه عنده وتكون قد طيبت نفس بهرام ورددته إلى الطاعة وحقنت بذلك الدماء فقبل الملك ذلك.
وبعث بيزدان جشنس الوزير فلما تهيأ للمسير أرسل إليه ابن عم له كان محبوساً في حبس الملك ببعض الجرائم يسأله أن يستوهبه من الملك ويخرجه معه فإن عنده غناء ومعونة في الأمور ففعل يزدان جشنس وأخرجه معه.
فلما صار بمدينة همذان ارتاب بابن عمه ذلك وكتب كتاباً إلى الملك يعلمه: أنه قد رده إليه ليأمر بقتله أو يرده إلى محبسه فإنه فاجر فتاك وقال له: إني قد كتبت إلى الملك كتاباً في بعض الأمور فأغذ السير به حتى تدفعه إليه ولا تطلعن على ذلك أحداً. | |
|
| |
سعد يونس Admin
الساعة الأن : الجنس : عدد المساهمات : 5951 نقاط : 13515 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 19/08/2010 العمر : 59
| موضوع: رد: الكـتـاب: الأخبار الطوال المؤلف: أبو حنيفة الدينوري الأربعاء 31 أغسطس 2011, 12:59 pm | |
| فارتاب الرجل بذلك فلما تغيب عن يزدان جشنس وفك الكتاب وقرأه فإذا فيه حتفه فرجع إلى يزدان جشنس وهو مستخل فضربه حتى قتله وأخذ رأسه فانطلق به إلى بهرام وهو بالري فألقاه بين يديه وقال: هذا رأس عدوك يزدان جشنس الذي وشى بك إلى الملك وأفسد قلبه عليك فقال له بهرام: يا فاسق أقتلت يزدان جشنس في شرفه وفضله وقد كان خرج نحوي ليعتذر إلي مما كان منه ويصلح بيني وبين الملك؟ ثم أمر به فضربت عنقه.
وبلغ من بباب الملك من العظماء والأشراف والمرازبة مقتل يزدان جشنس وكان عظيماً فيهم فمشى بعضهم إلى بعض وعزموا على خلع الملك وتمليك ابنه كسرى وكان الذي زين لهم ذلك وحملهم عليه بندوية وبسطام خالا كسرى. وكانا محتبسين فأرسلا إلى العظماء أن أريحوا أنفسكم من ابن التركية يعنيان الملك هرمزد وقد قتل خيارنا وأباد سراتنا وذلك أنه كان مولعاً بالعلية من أجل استكالتهم على أهل الضعف فقتل منهم خلقاً كثيراً فاتفقوا على يوم يجتمعون فيه لذلك فأقبلوا جميعاً حتى أخرجوا بندوية وبسطاما من الحبس وجميع من كان فيه. تولية كسرى أبرويز
ثم أقبلوا إلى الملك هرمزد فنكسوه عن سريره وأخذوا تاجه ومنطقته وسيفه وقباءه فأرسلوا بها إلى كسرى وهو بأذربيجان.
فلما انتهى ذلك إليه سار مقبلاً حتى ورد المدائن ودخل الإيوان واجتمع إليه العظماء فقام فيهم خطيباً فكان مما قال: المقادير تري المرء مالا يحظر بباله والأسباب تأتي على خلاف الهوى والبغي مصرعه لأهله والخائب من أورطته رغبته والحازم من قنع بما قضى له ولم تتق نفسه إلى أكثر منه. أيها الناس: ثابروا على ما يقربكم إلينا من طاعتنا ومناصحتنا وإياكم الصفحة الأولي | |
|
| |
سعد يونس Admin
الساعة الأن : الجنس : عدد المساهمات : 5951 نقاط : 13515 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 19/08/2010 العمر : 59
| موضوع: رد: الكـتـاب: الأخبار الطوال المؤلف: أبو حنيفة الدينوري الأربعاء 31 أغسطس 2011, 1:01 pm | |
| ومخالفة أمرنا والبغي علينا فإنا لكم بمنزلة العرى والأركان.
فلما تفرق الناس عنه قام يمشي حتى دخل على أبيه وهو في بيت من بيوت القصر فقبل يديه ورجليه وقال: يا أبت ما أحببت هذا الأمر في حياتك ولا أردته ولو لم أقبله لصرف منا وأزيل عنا إلى غيرنا.
فقال له أبوه: صدقت وقد قبلت عذرك فدونك الأمر فقم به وقد عرضت لي إليك حاجة.
قال: يا أبت وما عسى أن يعرض لك إلي.
قال: تنظر الذين تولوا نكسي عن السرير وأخذوا التاج عن رأسي واستخفوا بي وهم فلان وفلان وسماهم فعجل قتلهم واطلب لأبيك بثأره منهم.
قال كسرى: هذا لا يمكن يومنا هذا حتى يقتل الله عدونا بهرام ويستدف لنا الأمر فتنظر عند ذلك كيف أبيرهم وأنتقم لك منهم. فرضي أبوه بذلك منه وخرج كسرى من عنده فجلس ملس الملك.
وبلغ بهرام ما جرى وهو بالري وما كان من الأمر فغضب لهرمزد غضباً شديداً وأدركته له حمية ورقة وذهب عنه الحقد فسار في جنوده جاداً مجداً ليقتل كسرى ومن والاه على أمره ويرد هرمزد إلى ملكه.
وبلغ كسرى فصوله من الري وما يهم به فكتم ذلك عن أبيه وسار ملتقياً لبهرام في جنوده وقدم رجلاً من ثقاته وأمره أن يأتي عسكر بهرام تنكراً فينظر سيرته ويعرف له كنه أمره.
فسار الرجل فاستقبل بهرام بهمذان فأقام في عسكره حتى عرف جميع أمره ثم انصرف إلى كسرى فأخبره: أن بهرام إذا سار كان عن يمينه مردان سينه الرويدشتي وعن يساره يزدجشنس بن الحلبان وأن أحداً
من جنوده لا يطمع نفسه في اغتصاب أحد من الرعية مقدار حبة فما فوقها وأنه إذا نزل المنزل دعا بكتاب كليلة ودمنة فلا يزال منكباً عليه طول نهاره.
فقال كسرى لخاليه بندوية وبسطام: ما خفت بهرام قط كخوفي منه الساعة حين أخبرت بإدمانه النظر في كتاب كليلة ودمنة لأن كتاب كليلة ودمنة يفتح للمرء رأياً أفضل من رأيه وحزماً أكثر من حزمه لما فيه من الآداب والفطن.
وأن كسرى وبهرام توقفا بالنهروان فعسكر كل منهما بأصحابه في ناحية وخندق على نفسه ثم إن بهرام عقد جسراً وعبر إلى كسرى فلما تواقف الجمعان بدر بهرام حتى دنا من صفوف كسرى ثم صاح بأعلى صوته تباً لكم يا معشر العجم في خلعكم ملككم أيها الناس: توبوا إلى بكم مما فعلتم وانحازوا إلى بجماعتكم حتى نرد السلطان على ملككم قبل أن ينزل الله نقمته عليكم.
فلما سمع أصحاب كسرى ذلك قال بعضهم لبعض قد والله صدق بهرام وإن الأمر لعلى ما قال فهلموا بنا نتلاف أمرنا ونصلح ما كان منا بإجابة بهرام إلى ما رأى.
وانحازوا جميعاً فانضموا إلى بهرام ولم يبق مع كسرى إلا خالاه بندوية وبسطام ورهمزد جرابزين والنخارجان وسابور بن أبركان ويزدك كاتب الجند وباد بن فيروز وشروين بن كامجار وكردى بن بهرام جشنس أخو بهرام شوبين لأبيه وأمه وكان من ثقات كسرى وأحبائه.
فقال هؤلاء لكسرى: أيها الملك ما تفعل ألا ترى إلى جميع الناس قد فارقوك وانحازوا إلى عدوك. فمضى نحو المدائن حتى إذا انتهى إلى قنطرة جوذرز التفت وراءه فإذا هو ببهرام وحده قد ترك الناس خلفه حتى
دنا منه ومن أصحابه فوقف له كسرى على طرف القنطرة ووتر قوسه وكان من رماة الناس فوضع فيها نشابة وخاف أن يعمد برميته بهرام فلا يعمل السهم فيه لجودة درعه فأراد أن يعمد وجهه فلم يأمن أن يتترس بدرقته أو يميل وجهه عن سهمه فرمى جبهة فرسه فلم يخطئ وسط جبهته واستدر الفرس من شدة الرمية ثم سقط.
وبقي بهرام راجلاً فأمعن كسرى ركضاً حتى دخل المدائن وأتى أباه ولم يعلمه أن بهرام إنما يحاول رد الملك إليه غير أنه قال له: إن أصحابي جميعاً مالوا إليه ثم قال ما الذي ترى قال أرى لك أن تلحق بقيصر فإنه سينجدك وينصرك حتى يسترجع لك ملكك.
فقبل كسرى يدي أبيه ورجليه وودعه وسار نحو البحر في أصحابه وكانوا تسعة هو عاشرهم فقال بعضهم لبعض: إن بهرام يوافي المدائن اليوم أو غداً فيملك هرمزد فيكون ملكاً كما لم يزل ثم يكتب هرمزد إلى قيصر فيردنا إليه فيقتلنا جميعاً وليس كسرى بملك ما دام أبوه حياً. فقال بدونية وبسطام خالا كسرى نحن نكفيكم ذلك.
فانصرفا على المقبض ثم أقبلا حتى دخلا قصر المملكة وولجا على هرمزد البيت الذي كان فيه وقد شغل الحشم بالبكاء والعويل لهرب كسرى من عدوه فألقيا عمامة في عنقه فخنقاه حتى مات.
ثم لحقا بكسرى ولم يخبراه بذلك وساروا بالركض الشديد يومهم مخافة الطلب ومن الغد حتى شارفوا مدينة هيت وانتهوا إلى دير رهبان فنزلوه فأتوهم بخبز شعير فبلوه بالماء وأكلوه وأتوهم بخل فمزجوه بماء وشربوا منه وأتكأ كسرى على خاله بسطام فنام لشدة ما أصابه من التعب فينا هم كذلك إذ ناداهم الراهب من صومعته: أيها النفر قد أتتكم الخيل وهم بالبعد.
| |
|
| |
سعد يونس Admin
الساعة الأن : الجنس : عدد المساهمات : 5951 نقاط : 13515 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 19/08/2010 العمر : 59
| موضوع: رد: الكـتـاب: الأخبار الطوال المؤلف: أبو حنيفة الدينوري الأربعاء 31 أغسطس 2011, 1:03 pm | |
| وقد كان بهرام حين وافى المدائن فصادف هرمزد الملك قتيلاً ازداد غيظاً على كسرى وحنقاً فوجه بهرام بن سياوشان في ألف فارس على الخيل العتاق فلما نظر كسرى وأصحاب إلى الخيل سقط في أيديهم وأيسوا من أنفسهم فقال بندوية لكسرى: أنا أخلصك بحيلتي غير أني أغرر بنفسي.
وقال له كسرى: يا خال إنك إن وقيتني بنفسك سلمت أو قتلت فكفاك بذلك ذكراً باقياً وشرفاً عالياً فقد خاطر أرسناس بنفسه في أمر منوشهر وأنى فراسياب ملك الأتراك وهو في وسط جنوده فرماه بسهم فقتله وأراح زاب الملك منه فأصاب بثأر منوشهر فقتل فبعد صيته في الناس وعظم ذكره وقد خاطر جوذرز بنفسه بسبب سابور ذي الأكتاف حين قام بتدبير ملكه وضبط سلطانه.
قال بندوية قم فألق عنك قباءك ومنطقتك وحل عنك سيفك وضع تاجك واركب في سائر أصحابك فتبطنوا هذا الوادي فأغذوا فيه السير ودعوني والقوم.
ففعل كسرى ما أمره وتبطن الوادي وسار في بقية أصحابه وعمد بندوية إلى قباء كسرى فلبسه وتنطق بمنطقته ووضع التاج على رأسه. ثم قال للرهبان عليكم بالجبل فألحقوا به إلى أن ينصرف هذا الخيل وإلا لم آمن أن يقتلوكم. عن آخركم. فتركوا الصومعة جميعاً وخرجوا عن الدير.
وصعد بندوية فصار على سطح الدير وقد أغلق عليه الباب وهو لابس بزة كسرى فقام على رجليه قائماً حتى علم أن القوم قد رأوه جميعاً ثم نزل إلى الدير فخلع بزة كسرى ولبس بزة نفسه ثم عاد إلى سطح الدير وقد حدقت به الخيل فقال ياقوم من أميركم فأتى بهرام بن سياوشيان وقال أنا أميرهم ما تشاء يا بندوية
قال: إن الملك يقرئك السلام ويقول أنا إنما نزلنا آنفاً وقد كللنا وتعبنا وليس عليك منا فوت فدعنا على حالنا في هذا الدير إلى العشاء لنخرج إليك وننطلق معك إلى بهرام فحكم فينا بما يرى.
قال بهرام بن سياوشان ذلك له وعزازة.
ثم نزل بندوية القوم محدقون بالدير فلما أمسوا عاد بندوية إلى سطح الدير وقال لبهرام بن سياوشان: إن الملك يقول لك: هذا المساء وليست لنا أجنحة نطير بها وقد حدقتم بالدير فدعنا ليلتنا هذه لنستريح وامتن علينا بذلك فإذا أصبحنا خرجنا إليك ومضينا معك.
قال بهرم وذلك له وحباً وكرامة. ثم أمر أصحابه أن يكونوا فرقتين فرقة تنام وأخرى تحرس نوائب.
فلما أصحب بندوية فتح الباب وخرج إلى القوم وقال: إن كسرى قد فارقني لمنذ أمس هذا الوقت ولو كنتم على نجائب كالريح ما لحقتموه وإنما كان ما سمعتم مني مكيدة وحيلة. فلم يصدقوه ودخلوا الدير ففتشوه بيتاً بيتاً فسقط في يد بهرام بن سياوشان ولم يدر ما يعتذر به إلى بهرام شوبين. فحمل بندوية وانصرف حتى دخل على بهرام شوبين وأخبره بالحيلة التي احتالها بندوية فدعا به بهرام وقال: لم ترضى بما كان منك من قتل الملك هرمزد حتى خلصت الفاسق كسرى فنجا مني
قال بهرام: أما إنه ليس يمنعني من تعجيل قتلك إلا ما أرجو من ظفري بالفاسق كسرى فأقتله وأقتلك عل أثره ثم قال لبهرام بن سياوشان احبسه عندك مقيداً إلى أن أدعوك به.
ثم إن بهرام جمع إليه وجوه المملكة فقال: قد علمتم ما ارتكب كسرى من الوزر العظيم بقتل أبيه وقد مضى هارباً فهل ترضون أن أقوم بتدبير هذا الملك حتى يدرك شهريار بن هرمزد مدرك الرجال فأسلمه إليه. فرضى بذلك فريق وأباه فريق. فمن أبى موسيل الأرمني وكان من عظماء المرازبة وقال لبهرام: أيها الإسبهبد ليس لك أن تقوم بشيء من ذلك وكسرى صاحب الملك وورائه في الأحياء فقال بهرام: من لم يرض فليرتحل عن المدائن فإني إن صادفت بعد ثالثة أحداً ممن لم يرض ثاوياً بالمدائن ضربت عنقه.
فارتحل موسيل الأرمني فيمن كان على رأيه وكانوا زهاء عشرين ألف رجل فساروا إلى أذربيجان فنزلوها ينتظرون قدوم كسرى من الروم ولم يزل بندوية محتبساً عند بهرام بن سياوشان فكان بهرام بن سياوشان يحسن إليه في المطعم والمشرب ليتخذ بذلك زلفة عنده لما ظن أن كسرى سينصرف ويرجع إليه الملك وكان إذا جن عليه الليل أخرجه من محبسه فأجاسه معه على شرابه فقال بندوية ذات ليلة لبهرام: يا بهرام إن ما أنتم فيه سيضمحل ويذهب لظلم بهرام شوبين واعتدائه. فقال بهرام: والله لأعرف ما تقول وإني لأهم بأمر ليرجع الملك إلى نظامه وعنصره. قال بندوية: أما إذ كان رأيك فأطلقني من قيدي ورد على دابتي وسلاحي ففعل.
ولما أصبح بهرام بن سياوشان تدرع تحت ثيابه درعاً واشتمل على السيف فأبصرت ذلك امرأته وكانت بنت أخت بهرام شوبين فاسترابت به وبعثت إلى بهرام تعلمه ذلك.
وابتكر بهرام إلى الميدان فكان لا يمر به أحد من أصحابه إلا ضرب جنبه بالصولجان فلم يسمح حس الدرع من أحد منهم حتى مر به بهرام
| |
|
| |
سعد يونس Admin
الساعة الأن : الجنس : عدد المساهمات : 5951 نقاط : 13515 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 19/08/2010 العمر : 59
| موضوع: رد: الكـتـاب: الأخبار الطوال المؤلف: أبو حنيفة الدينوري الأربعاء 31 أغسطس 2011, 1:04 pm | |
| بن سياوشان فضرب جنبه بالصولجان فلما سمع حس الدرع استل سيفه وضربه حتى قتله.
وتنادى الناس: قتل بهرام في الميدان فظن بندوية أن بهرام شوبين المقتول فركب دابته ومضى نحو الميدان فلما علم أن المقتول صاحبه خرج متنكراً يسير الليل ويكمن النهار حتى أتى
ولما سار كسرى من الدير سار يوماً وليلة وتلقاهم أعرابي فوقفوا عليه فسأله كسرى وكان يحسن بالعربية شيئاً من هو فأخبر أنه من طيء وأن اسمه إياس بن قبيصة فقال له: أين الحي فقال: قريب قال: فهل من قرى فقد بلغ منا الجوع قال: نعم فعدلوا معه إلى الحي فنزلوا به وسرحوا خيلهم ترتع وأقاموا عنده يومهم فأحسن قراهم وزودهم وخرج بهم حين أمسوا يدلهم على الطريق حتى أخرجهم لثلاث بيالس من شاطئ الفرات. ثم انصرف.
وسار كسرى حتى انتهى إلى اليرموك فخرج إليه خالد بن جبلة الغساني فقراه ووجه معه خيلاً حتى بلغ قيصر فدخل عليه وأبثه شأنه وما توجه له فوجده بحيث أمل من نصره ومعونته.
فقال له بطارقته: أيها الملك قد علمت ما لقي من كان قبلك من آبائك من هؤلاء منذ زمان الإسكندر وكان آخر ما لقينا منهم اغتصاب جد هذا إيانا مدن الشام التي لم تزل في أيدينا إرثاً من آبائنا منذ ألف عام فردها عليك أبو هذا حين أجلبت بخيلك ورجلك فدع القوم يشتغل بعضهم ببعض فإن حرب العدو بعضهم بعضاً فتح عظيم.
فقال قيصر لعظيم الأساقفة: ما تقول أنت يا كبيرنا.
فقال: لا يحل لك خذلانه إذ كان مبغياً عليه والرأي أن تنصره ليكون لك سلماً ما بقيت
قال قيصر: وهل يجوز للملوك أن يستجار بهم فلا يجيروا. فأخذ على كسرى العهود والمواثيق بالمسالمة وزوجه ابنته مريم ثم عقد لابنه ثيادوس في أبطال جنوده وفيهم عشرة رجال من الهزارمردين وقواهم بالأموال والعتاد وأمرهم بالمسير معه وشيعهم ثلاثة أيام.
فسار كسرى بالجيش فأخذ على أرمينية حتى إذا صار بأذربيجان انضم إليه خاله بندوية وموسيل الأرمني ومن معه من مرازبته ومرازبة فارس.
وبلغ خبره بهرام شوبين فسار جاداً بالجنود حتى وافاه بأذربيجان فعسكر على فرسخ من معسكر كسرى. ثم تزاحفوا ونصب لكسرى وثيادوس سرير من ذهب فوق رابية تشرف بهما على مجتلد القوم ولما تواقفت الخيلان أقبل رجل من الهزارمردين حتى دنا من كسرى فقال: أرني هذا الذي غلبك على ملكك. فدخلت كسرى أنفة من تعييره إياه بذلك فكظمها غير أنه أراه بهرام شوبين فقال: هو صاحب الفرس الأبلق المعتجر بالعمامة الحمراء الواقف أمام أصحابه.
فمضى الرومي نحو بهرام شوبين فناداه: أن هلم إلى المبارزة فخرج إليه بهرام فاختلفا ضربتين فلم يصنع سيف الرومي شيئاً في بهرام لجودة درعه وضربه بهرام على مفرق رأسه وعليه البيضة فقد البيضة وأفضى السيف إلى صدر الرومي فقده حتى وقع نصفين عن يمين وشمال.
وأبصر ذلك كسرى فاستغرب ضحكاً فغضب ثيادوس وقال: ترى رجلاً من أصحابي يعد بألف رجل قد قتل فتضحك كأنك مسرور بقتل الروم فقال كسرى: إن ضحكي لم يكن سروراً مني بقتله غير أنه عيرني بما قد سمعت فأحببت أن يعلم أن الذي غلبني على ملكي وهربت منه إليكم هذه ضربته. | |
|
| |
سعد يونس Admin
الساعة الأن : الجنس : عدد المساهمات : 5951 نقاط : 13515 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 19/08/2010 العمر : 59
| موضوع: رد: الكـتـاب: الأخبار الطوال المؤلف: أبو حنيفة الدينوري الأربعاء 31 أغسطس 2011, 1:06 pm | |
| وأن القوم اقتتلوا يومين فلما كان في اليوم الثالث دعا بهرام كسرى إلى المبارزة فهم كسرى أن يفعل فمنعه ثيادوس وأبى كسرى فخرج إلى بهرام فتطاردا ساعة.
ثم إن كسرى ولى منهزماً وعارضه بهرام فاقتطعه عن أصحابه ومضى كسرى نحو جبل وبهرام في أثره يهتف به وبيده السيف وهو يقول: إلى أين يا فاسق. فجمع كسرى نفسه فساعدته القوة على تسنم الجبل فلما نظر بهرام إلى كسرى قد علا ذروة الجبل علم أنه قد نصر عليه فانصرف خاسئاً وهبط كسرى من جانب آخر حتى أتى أصحابه ثم ابتكر الفريقان على مصافهم في اليوم الرابع فاقتتلوا فكان الظفر لكسرى.
فلما أمسى بندوية أقبل حتى وقف على رابية مشرفة على معسكر بهرام ثم نادى بأعلى صوته: أيها الناس أنا بندوية بن سابور وقد أمرني الملك كسرى أن أعطيكم الأمان فمن انحاز إلينا منكم في هذه الليلة فهو آمن على نفسه وأهله وماله. ثم انصرف.
فلما أظلم الليل على أصحاب بهرام تحملوا حتى لحقوا بمعسكر كسرى إلا مقدار أربعة آلاف رجل فإنهم أقاموا مع بهرام.
ولما أصبح بهرام نظر إلى معسكره خالياً قال: الآن حسن الفرار. فارتحل في أصحابه الذين أقاموا معه وفيهم مردان سينه ويزدجشنس وكانا من فرسان العجم.
فوجه كسرى في طلبه سابور بن أبر كان في عشرة آلاف فارس فلحقه
وعطف عليه بهرام في أصحابه فاقتتلوا فانهزم سابور ومضى بهرام على وجهه فمر في طريقه بقرية فنزلها ونزل هو ومردان سينه ويزدجشنس بيت عجوز فأخرجوا طعاماً لهم فتعشوا وأطعموا فضلته العجوز ثم أخرجوا شراباً فقال بهرام للعجوز: أما عندك شيء نشرب فيه قالت: عندي قرعة صغيرة فأتتهم بها فجبوا رأسها وجعلوا يشربون فيها ثم أخرجوا نقلاً وقالوا للعجوز: أما عندك شيء يجعل عليه النقل فأتتهم بمنسف فألقوا فيه ذلك النقل فأمر بهرام فسقيت العجوز ثم قال لها: ما عندك من الخبر أيتها العجوز قالت: الخبر عندنا أن كسرى أقبل بجيش الروم فحارب بهرام فغلبه واسترد منه ملكه قال بهرام: فما قولك في بهرام قالت: جاهل أحمق يدعي الملك وليس من أهل بيت المملكة.
قال بهرام: فمن أجل ذلك يشرب في القرع ويتنقل من المنسف. فجرى مثلاً في العجم يتمثلون به.
وسار بهرام حتى انتهى إلى أرض قومس وبها قارن الجبلي النهاوندي وكان والي خراسان على حربها وخراجها وعلى قومس وجرجان وكان شيخاً كبيراً قد أناف على المائة وكان على تلك الناحية من قبل كسرى أنو شروان. ثم أقره هرمزد بن كسرى فلما أفضى الأمر إلى بهرام عرف له قدره في العجم وفضله فأقره مكانه.
فلما انتهى بهرام إليه وجه قارن ابنه في عشرة آلاف فارس فحالوا بين بهرام وبين النفوذ فأرسل إليه بهرام: ما هذا جزائي منك إذ أقررتك على عملك فأرسل إليه قارن: إن ما علي من حق الملك كسرى وحق | |
|
| |
سعد يونس Admin
الساعة الأن : الجنس : عدد المساهمات : 5951 نقاط : 13515 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 19/08/2010 العمر : 59
| موضوع: رد: الكـتـاب: الأخبار الطوال المؤلف: أبو حنيفة الدينوري الأربعاء 31 أغسطس 2011, 1:07 pm | |
| آبائه أعظم مما علي من حقك وكذلك عليك لو عرفت إذ شرفك فكافأته أن خلعت طاعته وسعرت مملكة العجم ناراً وحراباً فكان قصاراك أن رجعت خائباً حسيراً وصرت أحدوثة لجميع الأمم.
فأرسل إليه بهرام: أن العنز يساوي درهمين مرتين: إذا كان عناقاً صغيراً وإذا هرم وسقطت أسنانه لم يساو أيضاً إلى درهمين وكذلك أنت في هرمك ونقصان عقلك.
فلما أتت قارن هذه الرسالة غضب وخرج في ثلاثين ألف فارس ورجل من جنوده وتهيأ الفريقان للحرب. فلما التقوا قتل ابن قارن فانهزم أصحابه حتى لحقوا بمدينة قومس. ومضى بهرام على خوارزم فعبر النهر ووغل في بلاد الترك من ذلك الوجه يوم خاقان ليستجير به فيجيره ويمنع عنه.
وبلغ خاقان قدوم بهرام عليه فأمر طراخنته فاستقبلوه وأقبل حتى دخل على خاقان فحياه بتحية الملك وقال: إني أتيتك أيها الملك مستجيراً بك من كسرى وأهل مملكته لتمنعني وأصحابي فقال له خاقان: لك ولأصحابك عندي الحماية والجوار والمواساة.
ثم ابتنى له مدينة وبنى في وسطها قصراً فأنزله وأصحابه فيها ودون لهم وفرض الأعطيات فكان بهرام يدخل على خاقان كل يوم فيجلس منه مجلس إخوته وخاص أقاربه.
وكان لخاقان أخ يسمى بغاوير وكانت له ونجدة وفروسية فرآه بهرام يتذرع منطقته غير هائب من الملك ولا موقر لمجلسه فقال ذات يوم لخاقان: أيها الملك إني أرى أخاك بغاوير يتذرع في الكلام ولا يرعى لمجلسك ما يجب أن يرعى لمجلس الملوك وعهدنا بالملوك لا يتكلم إخوتهم وأولادهم عندهم إلا بما يسألون عنه. فقال خاقان: إن بغاوير قد أعطى نجدة في الحروب وفروسية فهو يدل بذلك على أن يتربص بي الدوائر ويضمر لي الحسد والعداوة. قال له بهرام: أفتحب أيها الملك أن أريحك منه.
قال: بماذا. قال بقتله. قال: نعم إن أمكنك ذلك من وجه لا
فلما أصبحوا من غد أقبل بهرام فجلس عند خاقان مجلسه الذي كان يجلس فيه فأقبل بغاوير فجلس وجعل يتذرع في كلامه.
فقال له بهرام: يا أخي لم لا توفي الملك حقه وتظهر للناس هيبته وإجلاله.
فقال له بغاوير: وما أنت وذلك أيها الفارس الطريد الشريد!
قال له بهرام: كأنك تصول بفروسية لست فيها بأكثر مني.
قال له بغاوير: فهل لك إلى مبارزتي فأعرفك نفسك.
قال له بهرام: أما أنا فلا أحب ذلك فإني متى غلبتك لم أقتلك لمكانك من الملك.
قال بغاوير: لكني إن غلبتك قتلتك فاخرج بنا إلى الصحراء.
قال بهرام: على النصفة إذا قال الملك ذلك وعلى أن لا قود علي إن قتلتك ولا لائمة من الملك وطراخنته.
قال: نعم.
فقال خاقان: مالك ولهذا الرجل المستجير بنا العائذ بجوارنا
قال بغاوير: أدعوه إلى النصفة.
قال: وأي نصفة
قال: يقف لي وأقف له على مائتي ذراع فأرميه ويرميني فأينا قتل صاحبه لم يكن عليه لوم ولا عقل.
قال له خاقان: إربع على نفسك لا أم لك. | |
|
| |
سعد يونس Admin
الساعة الأن : الجنس : عدد المساهمات : 5951 نقاط : 13515 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 19/08/2010 العمر : 59
| موضوع: رد: الكـتـاب: الأخبار الطوال المؤلف: أبو حنيفة الدينوري الأربعاء 31 أغسطس 2011, 1:08 pm | |
| قال: والله ليفعلن أو لأفتكن به بين يديك.
قال: فدونك إذن.
فخرج بغاوير وبهرام في نفر من الطراخنة ينظرون ووقف بغاوير من بهرام على مائتي ذراع فقال بهرام للطراخنة: لا تلوموني إن أنا قتلته فقد بغى علي كما ترون.
فقالوا: ليس عليك لوم.
فصاح بغاوير ببهرام أتبدأ أنت أم أبدأ أنا
فناداه بهرام: بل ابدأ أنت فارم فأنت الباغي الظالم.
فوتر بغاوير قوسه ووضع فيها نشابة ثزع حتى أغرقها ثم أرسلها فصكت بهرام أسفل من سرته في وسط منطقته فنذت المنطقة والدرع وسائر اللباس حتى انتهت إلى صفاق بطنه الظاهر وأثرت فيه.
وبادر بهرام فنزعها ووقف هنيهة لا يضرب بيده إلى قوسه من شدة ما أصابه من ألم الرمية وظن بغاوير بأن قد قتله فركض نحوه فصاح بهرام: أن ارجع إلى مكانك فقف لي كما وقفت لك فانصرف إلى مكانه فوقف وأخرج بهرام قوسه فوترها وكان لا يوترها سواه ثم وضع فيها نشابة ونزع حتى أغرقها ثم أرسلها فوقعت من بغاوير في مثل الموضع الذي وقعت نشابته من بهرام في وسط المنطقة والدرع وسائر اللباس ومرقت من الجانب الآخر لم يذهب شيء من ريشها ولا عقبها وسقط بغاوير ميتاً.
وبلغ ذلك خاقان فقال: لا يبعد الله غيره قد نهيته عن البغي فأبى ثم تقدم إلى طراخنته وأهل بيته فقال: لا أعلمن أحداً منكم نوى لبهرام سوءاً ولا مكروهاً.
فلما خلا بهرام بخاقان شكر له ما كان منه وقال: لقد أرحتني ممن كان يتمنى موتي ليستبد بالملك دون ولدي ثم زاده إكراماً ومنزلة وبراً وعظم قدر بهرام بأرض الترك واتخذ ميداناً على باب قصره واتخذ الجواري والقيان والجوارح وكان من أكرم الناس على خاقان.
وإن كسرى عند انهزام بهرام وهربه أكرم ثيادوس ومن معه فأحسن جوائزهم وصلاتهم وسرحهم إلى بلادهم وولى خاله بندوية دواوينه وبيوت أمواله ونفذ أمره في جميع المملكة وولى خاله بسطام أرض خراسان وقومس وجرجان وطبرستان ووجه عماله في الآفاق ووضع عن الناس نصف الخراج.
ولما بلغ كسرى عظيم قدر بهرام عند خاقان وجسيم منزلته ببلاد الترك خافه أن يستجيش ويعود إلى محاربته فوجه هرمزد جرابزين إلى خاقان وافداً في تجديد العهد ووجه معه بألطاف وطرف وأمره أن يتلطف بخاقان حتى يفسد قلبه على بهرام.
فسار هرمزد جرابزين حتى دخل على خاقان ومعه كتاب كسرى وأوصل إليه هدايا كسرى وألطافه فقبلها خاقان وأمره بالمقام ليقضي حوائجه فكان هرمزد يدخل على خاقان مع وفود الملوك فيحييه بتحية الملك.
ثم إنه دخل ذات يوم فرآه جالساً فقال: أيها الملك إني أراك قد استصفيت بهرام وأسنيت منزلته ولم تفعل به من ذلك شيئاً إلا وما كان فعل به ملكنا أكثر منه فكان جزاؤه منه أن خلعه وأراد سفك دمه | |
|
| |
سعد يونس Admin
الساعة الأن : الجنس : عدد المساهمات : 5951 نقاط : 13515 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 19/08/2010 العمر : 59
| موضوع: رد: الكـتـاب: الأخبار الطوال المؤلف: أبو حنيفة الدينوري الأربعاء 31 أغسطس 2011, 1:09 pm | |
| وخرج على ابنه كسرى حتى نفاه من مملكته وما أحسب قصارى أمرك منه إلا الغدر ونكث العهد فاحذره أيها الملك لا يفسد عليك ملكك.
فلما سمع خاقان منه ذلك غضب غضباً شديداً وقال لولا أنك وافد ورسول لمنعتك من الدخول إلي لما استبان لي من خرقك وعيبك بحضرتي أخي وصفيي فلا تعودن لمثل هذا.
فقال هرمزد جرابزين: أما إذ كان أيها الملك هذا رأيك فيه فأسألك أن تكتم علي لا يبلغه ذلك فيقتلني فقال: هذا لك.
فخرج هرمزد آيساً منه فاندس إلى امرأته خاتون - ومن النساء السخافة وكفران النعم - فدخل عليها ذات يوم فلم يصادف عندها أحداً يخافه فقال لها: أيتها الملكة إنكم قد اصطفيتم بهرام ورفعتموه فوق قدره وليس بمأمون أن يفسد عليكم ملككم كما أفسده على هرمزد ملكنا ثم قص عليها ما كان منه وقال: أيتها الملكة أقد نسيت قتله عمك شاهان شاه واحتواءه على سريره وخزائنه فلم يزل يذكرها هذا وأشباهه حتى أوقع في قلبها بغض بهرام والخوف منه على زوجها وولدها.
قال: ويحك وما الذي يمكنني في أمره ومنزلته من الملك منزلته.
قال: الرأي أن تدسي إليه من يقتله فتأمني على زوجك وولدك.
فأمرت غلاماً لها قد عرفته بالفتك والإقدام فقال له: انطلق الساعة حتى تدخل على بهرام وتتلطف لتقتله ولا تأتني إلا بعد الفراغ منه.
فانطلق الغلام حتى استأذن على بهرام وفي حجزته خنجر قد ستره وكان ذلك اليوم يوم ورهام روز.
قالوا: وقد كان المنجمون قالوا في مولده إن منيته في ورهام روز
فكان لا يخرج ذلك من منزله ولا يأذن لأحد إلا لثقاته وخاصته فدخل الآذن فأعلمه أن رسول الملكة يطلب الإذن فأذن له فحيا بهرام وقال: إن الملكة قد وجهتني إليك برسالة فأخلني.
فقام من عند بهرام فخرجوا. ودنا التركي منه كأنه يريد أن يساره ثم استل الخنجر فبعجه به وخرج فركب دابته ومضى.
ودخل أصحاب بهرام عليه فصادفوه يستدمي وبيده ثوب ينشف به الدم فلما رأوه بتلك الحال بهتوا وقالوا: كيف لم تهتف بنا فنأخذه فقال: إنما كان كلباً أمر بشيء فنفذ له وقال لهم: إذا جاء القدر لم يغن الحذر وقد خلفت عليكم أخي مردان سينه فأطيعوا أمره.
وأرسل إلى خاقان يعلمه أمره فأقبل خاقان نحوه والهاً فصادفه قد مات. فواراه في ناووس وهم بقتل خاتون فحجز عن ذلك المكان ولده منها.
وإن أصحاب بهرام تناظروا فيما بينهم فقالوا: مالنا عند هؤلاء خير وما الرأي إلا الخروج عن أرضهم فإنهم غدرة بالعهد كفرة للإحسان والانتقال إلى بلاد الديلم فإنها أقرب إلى بلادنا وأمكن للطلب بثأرنا من ملوكنا الذين شردونا فسألوا خاقان الإذن لهم في الانصراف فأذن لهم وأحسن إليهم وقواهم وبذرقهم إلى حدود أرضه.
وكان مع بهرام أخته كردية وكانت من أجمل نساء العجم وأبرعهن براعة وأكملهن خلقاً وأفرسهن فروسية فخرج أصحاب بهرام وكردية أمامهم على دابة بهرام متسلحة بسلاحه حتى انتهوا إلى نهر جيحون مما يلي خوارزم فعبروا هناك وانصرف عنهم الطراخنة وأخذ أصحاب بهرام على شاطئ النهر ثم انحطوا إلى جرجان وسلكوا طبرستان ثم لزموا ساحل البحر حتى انتهوا إلى بلاد الديلم فسألوهم السكنى معهم في بلادهم فأجابوهم إليه وكتبوا بينهم كتاباً: ألا يتأذى أحد بأحد فأقاموا آمنين واتخذوا المعايش والقرى والمزارع وأيدهم مع أيدي الديلم في كل أمر.
فلما قتل بهرام رأى كسرى أن قد صفا له الملك فلم يكن له همة إلا الطلب بثأر أبيه هرمزد وأحب أن يبدأ بخاليه بندوية وبسطام ونسى أيادي بندوية عنده فمكث كسرى يكاشرهما عشر سنين وأنه خرج في أيام الربيع كعادته يريد الجبل ليصيف فيه فنزل حلوان وبندوية معه فأمر أن يضرب له قبة على الميدان لينظر إلى المرازبة إذا لعبوا الكرة.
فجلس على تلك القبة فرأى شيرزاد بن البهبوذان يضرب بالكرة ويجيد فكان كلما ضرب فأجاد قال له كسرى زه سوار فأحصى الموكل ذلك مائة مرة قالها.
فكتب له إلى بندوية بأربعمائة ألف درهم لكل مرة أربعة آلاف درهم فلما وصل الصك إلى بندوية قذفه في يده وقال: إن بيوت الأموال لا تقوم لهذا التبذير.
وبلغ كسرى قوله فجعل ذلك ذريعة إلى الوثوب به فأمر صاحب حرسه أن يأتيه فيقطع يديه ورجليه فأقبل صاحب الحرس لينفذ فيه أمر كسرى فاستقبله بندوية يريد الميدان فأمر به فنكس عن دابته وقطع يديه ورجليه وتركه متشحطا في دمه بمكانه. | |
|
| |
سعد يونس Admin
الساعة الأن : الجنس : عدد المساهمات : 5951 نقاط : 13515 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 19/08/2010 العمر : 59
| موضوع: رد: الكـتـاب: الأخبار الطوال المؤلف: أبو حنيفة الدينوري الأربعاء 31 أغسطس 2011, 1:11 pm | |
| فجعل بندوية يشتم كسرى ويشتم أباه ويذكر غدر آل ساسان ونكثهم ويقال كل ذلك لكسرى فقال لمن حوله من وزرائه: يزعم بندوية أن آل ساسان غدرة نكثة وينسى نفسه في غدره بالملك أبينا حين دخل عليه مع أخيه بسطام فألقيا بالعمامة في عنقه ثم خنقاه بها ظلماً وعدواً ليتقربا بذلك إلي كأنه ليس بوالد.
ثم ركب إلى الميدان فمر ببندوية وهو ملقى على قارعة الطريق فأمر الناس أن يرجموه بالحجارة فرجموه حتى مات. وقال: هذه حتى تأتي أختها. يعني ما أراد من إلحاق بسطام بأخيه بندوية ثم أمر كاتب السر أن يكتب إلى بسطام ليخلف على عمله ثقة ويقدم مستخفياً ليناظره في بعض الأمر ففعل بسطام ذلك وأقبل على البريد فلما انتهى إلى حد قومس استقبله مردان به قهرمان أخيه بندوية فلما نظر إليه نم بعيد رفع صوته بالبكاء والعويل فقال له بسطام: ما ورائك فأخبره بمقتل أخيه فلم يجد مذهباً في الأرض فعدل إلى من بالديلم من أصحاب بهرام.
وبلغ مردان سينه رئيس أصحاب بهرام قدوم بسطام عليه ففرح بذلك وخرج متلقياً له في جميع أصحابه لشرف بسطام في العجم وفضله ثم أقبلوا به حتى أنزلوه منزلاً بهياً وركب إليه أشراف تلك البلاد فأقام عندهم آمناً ثم إن مردان سينه ويزدجشنس والعظماء قالوا لبسطام: ما بال كسرى أحق بالملك منك وأنت ابن سابور بن خربنداد من صميم ولد بهمن بن أسفندياذ وإنكم لإخوة بني ساسان وشركاؤهم فهلم نبايعك ونزوجك كردية أخت بهرام ومعنا سرير ذهب قد كان حمله بهرام من المدائن فاجلس عليه وادع لنفسك فإن أهل بيتك من ولد دارا بن بهمن سينحلبون إليك وإذا قويت شوكتك وكثر جندك سرت إلى الغادر كسرى فحاربته وحاولت ملكه فإن نلت ما تريد فذاك الذي نحب وتحب وإن قتلت قتلت وأنت تحاول ملكاً وإن ذلك أبعد لصوتك وأنبه لذكرك.
فلما سمع بسطام ذلك الكلام أصغى إليه وأجابهم إلى ما عرضوا عليه فزوجوه كردية وأجلسوه على سرير الذهب وعقدوا على رأسه التاج وبايعوه عن آخرهم ودعوه ملكاً وتابعه أشراف البلاد وانحلب إليه جيلان والببر والطيلسان وقوم كثير من أهل بيته من ناحية العراق ممن كان يهواه ويهوى أخاه حتى صار في مائة ألف رجل.
فخرج إلى الدستبي وأقام بها وبث السرايا في أرض الجبل حتى بلغوا حلوان والصيمرة وماسبذان وهرب عمال كسرى وتحصن الدهاقين في الحصون ورؤوس الجبال.
وبلغ ذلك كسرى فسقط في يده وعلم أنه لم يأخذ وجه الأمر في قتله بدوية فأخذ الأمر من قبل الخديعة فكتب إلى بسطام: إنه قد بلغني مصيرك إلى الغدرة الفسقة أصحاب الفاسق بهرام وتزيينهم لك ما لا يليق بك ثم حملوك على الخروج على الملكة والعيث فيها والفساد من غير أن تعلم ما أنوي لك وما انطوى عليه في بابك فدع التمادي في الغي وأقبل إلي آمناً ولا يوحشنك قتل أخيك بندوية.
فأجابه بسطام: أن قد أتاني كتابك بما خبرت به من خديعتك وسطرت من مكيدتك فمت بغيظك وذق وبال أمرك واعلم أنك لست بأحق بهذا الأمر مني بل أنا أحق به منك لأني ابن دارا مقارع الإسكندر غير أنكم يا بني ساسان غلبتمونا على حقنا وظلمتمونا وإنما كان أبوكم ساسان راعي غنم ولو علم أبوه بهمن فيه خيراً ما زوى عنه الملك إلى أخته خمانى.
فلما ورد كتابه على كسرى علم ألا طمع فيه فوجه إليه ثلاثة قواد في ثلاثة عساكر كل عسكر اثنا عشر ألف رجل فنفذ العسكر الأول وعليه سابور
ابن ابركان ثم أردفه بالعسكر الثاني وعليه النخارجان ، ثم اردفهما بالثالث وعليه هرمزد جرابزين ، فلما اتصل ببسطام فصول العساكر نحوه سار حتى أتى همذان فأقام بها ووجه الرجالة إلى رؤوس العقاب ليمنعوا الناس من الصمود والنفوذ | |
|
| |
سعد يونس Admin
الساعة الأن : الجنس : عدد المساهمات : 5951 نقاط : 13515 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 19/08/2010 العمر : 59
| موضوع: رد: الكـتـاب: الأخبار الطوال المؤلف: أبو حنيفة الدينوري الأربعاء 31 أغسطس 2011, 1:12 pm | |
| قولك فيه لأوجه إليها بالكتاب مع امرأتي فإنني لا أثق بسواها في كتمان السر.
فكتب لها كسرى بذلك وأكد فأخذ كردي الكتاب ووجهه مع امرأته إلى كردية وقد كان بسطام خرج بها معه لشدة وجده بها. فلما قرأت كردية كتاب كسرى عرفت وثاقته فأفضت بسرها إلى ظئورتها وثقاتها فزين لها ذلك لتشوقهن إلى أوطانهن. ولم ينكر بسطام مجيء المرأة إلى كردية لما عرف من إلف النساء وتزاورهن.
وإن بسطام انصرف ذات عشاء إلى مضربه الذي فيه كردية تعباً قد مسه الكلال لشدة الحرب فدعا بطعام فنال منه ثم دعا بشرابه فجعلت كردية تسقيه صرفاً حتى غلبه السكر فنام فقامت إلى سيفه فوضعت ظبته في ثندوته وتحاملت عليه حتى خرج من ظهره ثم خرجت من ساعتها فتحملت في حشمها وظئورتها وقد كان أخوها كردي وقف لها على الطريق في خيل فلما انتهت إليه انطلق بها فأنزلها في رحله.
ولما أصبح أصحاب بسطام ووجدوه قتيلاً ارتحلوا هاربين نحو بلاد الديلم فوجه كسرى سابور بن أبركان في عشرة آلاف فارس وأمره أن يقيم بقزوين فتكون مسلحة هناك وتمنع من أراد النفوذ من أرض الديلم إلى مملكته ثم تزوج كردية وضمها إليه وانصرف إلى المدائن ونزلت كردية من قلبه بموضع محبة شديدة وشكر لها ما كان منها وزاح عن كسرى ما يجد في نفسه من الغضاضة بانتقام أبيه واطمأن له ملكه وهدأ واستقر.
حرب أبرويز مع الروم
قالوا: ثم إن ابن قيصر ملك الروم قدم على كسرى أبرويز فأخبره بأن بطارقة الروم وعظماءها وثبوا على أبيه قيصر وأخيه ثيادوس بن قيصر فقتلوهما جميعاً وملكوا عليهم رجلاً من قومهم يسمى كوكسان وذكره بلاء أبيه وأخيه عنده فغضب أبرويز له ووجه معه ثلاثة قواد: أحدهم شاهين في أربعة وعشرين ألف رجل فوغل في أرض الروم وبث فيها الغارات حتى انتهى إلى خليج القسطنطينية فعسكر هناك والقائد الآخر بوذ فسار نحو أرض مصر فأغار وعاث وأفسد حتى انتهى إلى الإسكندرية فافتتحها عنوة وسار إلى البيعة العظمى التي بالإسكندرية فأخذ أسقفها فعذبه حتى دله على الخشبة التي تزعم النصارى أن المسيح صلب عليه وكانت مدفونة في موضع قد رزع فوقها الرياحين والقائد الثالث شهريار فسار حتى أتى الشام فقتل أهلها قتلاً ذريعاً حتى أخذها كلها عنوة.
فلما رأى عظماء الروم ما حل بهم من كسرى اجتمعوا فقتلوا الرجل الذي كانوا ملكوه وقالوا إن مثل هذا لا يصلح للملك وملكوا عليهم ابن عم لقيصر المقتول يسمى هرقل وهو الذي بنى مدينة هرقلة فكانت هذه الغلبة التي ذكرها الله تعالى في كتابه:
وأن هرقل الذي ملكته الروم استجاش أهل مملكته وسار إلى القائد الذي كان معسكراً على الخليح فحاربه حتى أخرجه من أرض الروم ثم صمد للذي كان بأرض مصر فطرده عنها ثم عطف على شهريار فأخرجه عن الشام فوافت | |
|
| |
سعد يونس Admin
الساعة الأن : الجنس : عدد المساهمات : 5951 نقاط : 13515 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 19/08/2010 العمر : 59
| موضوع: رد: الكـتـاب: الأخبار الطوال المؤلف: أبو حنيفة الدينوري الأربعاء 31 أغسطس 2011, 1:18 pm | |
| العساكر كلها الجزيرة وسار هرقل نحوهم فواقعهم فهزمهم حتى بلغ بهم الموصل. وذلك بلغ كسرى فخرج في جنوده نحو الموصل وانضم إليه قواده الثلاثة وسار نحو هرقل فاقتتلوا فانهزم الفرس فلما رأى ذلك كسرى غضب على عظماء جنوده ومرازبتا فأمر بهم فحبسوا ليقتلهم. تولية شيرويه بن أبرويز
ولما رأى أهل المملكة ذلك تراسلوا وعزموا على خلع كسرى وتمليك ابنه شيرويه بن كسرى فخلعوه وملكوا شيرويه وحبسوا كسرى في بيت من بيوت القصر ووكلوا به حيلوس رئيس المستميتة وكان ذلك سنة تسع من هجرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وأن شيرويه أمر أن ينقل بأبيه من دار المملكة فيحبس في دار رجل من المرازبة يسمى هرسفته فقنع رأسه وحمل على برذون فانطلق به إلى تلك الدار فحبس فيها ووكل أمره حيلوس في خمسمائة من الجند المستميتة.
ثم إن عظماء أهل المملكة دخلوا على شيرويه وقالوا: إنه لا يصلح أن يكون علينا ملكان اثنان
فهدت شيرويه هذه المقالة فقال: أجلوني يومي هذا. بين الأب والابن
ثم أمر يزدان جشنس رئيس كتاب الرسائل فقال له: انطلق عن رسالتنا
لأبينا وقل له: إن الذي حل بك عقوبة من الله للذي سلف من سوء أعمالك وأول ذلك ما كان منك إلى أبيك هرمزد ومنها حظرك علينا معاشر أولادك ومنعك إيانا البراح وحبسك إيانا في دار كهيئة المجلس بلا رقة ولا رحمة ومنها كفرانك إنعام قيصر عليك وأياديه عندك فلم تحفظ فيه ابنه وأقاربه حين أتوك يسألونك أن ترد عليهم خشبة الصليب التي بعث بها إليك شاهين من الإسكندرية فرددتهم عنها بلا حاجة منك إليها ولا درك لك في حبسها ومنها ما أمرت به من قتل الثلاثين الألف رجل من مرازبتك وعظماء أساورتك بزعمك أنهم أول من انهزم عن الروم ومنها كثرة ما جمعت من الأموال وكثرتها في خزائنك من جبايتكها عن الخراج بأعنف العنف وإنما ينبغي للملوك أن يملأوا خزائنهم مما يغنمون من بلاد أعدائهم بنحور الخيل وصدور الرماح لا مما يسألونه من رعيتهم ومنها قتلك النعمان بن المنذر وصرفك ملك أرضه عن ولده وأهل بيته إلى غيرهم يعني إياس بن قبيصة الطائي فلم تحفظ فيهم ما كان يحفظه آباؤك من حضانته بهرام جور جدك ومعونته بعد أن خرج الملك عنه حتى رده عليه فكل هذه ذنوب ارتكبتها وآثام اقترفتها لم يكن الله ليرضى منك فأخذك بها.
فانطلق يزدان جشنس فأبلغ كسرى رسالة شيرويه لم يخرم منها حرفاً فقال له كسرى: قد أبلغت فأد الجواب كما أديت الرسالة: قل لشرويه القصير العمر القليل الغمر الناقص العقل نحن مجيبوك عن جميع ما أرسلت به إلينا من غير اعتذار لتزداد علماً بجهلك أما رضانا بما ارتكب من أبينا فإني ما اطلعت على ما دبر القوم من الوثوب به وقد علمت لما استوطد لي السلطان أني لم أدع أحداً مالأ على خلعه وأجلب عليه بارتكاب حقه إلا قتلته وختمت ذلك بخالي بندوية وبسطام مع ما كان من قيامهما بأمري وأما حظري عليكم معاشر أبنائنا فإني فرغتكم لتعلم الأدب ومنعتكم من الانتشار فيما لا يعنيكم ولم أقصر في مطاعمكم مع ذلك ومصارفكم وملابسكم وطيبكم ومراكبكم وأما أنت خاصة فإن المنجمين قضوا في مولدك بتثرب ملكنا وفسخ سلطاننا على يدك فلم نأمر
بقتلك ومع ذلك كتاب قرميسيا ملك الهند إلينا يعلمنا أن في انقضاء سنة ثمان وثلاثين من ملكنا يفضي إليك هذا الأمر فكتمنا ذلك الكتاب عنك مع علمنا أنه لا يفضي إليك إلا بهلاكنا وذلك الكتاب مع قضية مولدك عند شيرين صاحبتنا فإن أردت فدونك فاقرأهما لتزداد حسرة وثبوراً وأما ما ذكرت من كفراني نعمة قيصر بمنعي ولده وأهل بيته خشبة الصليب فأيها المائق إن أكثر من ذلك الخشب ثلاثون ألف ألف درهم فرقتها في رجال الروم الذين قدموا معي وألف ألف درهم هدايا وجهتها إلى قيصر ومثل ذلك وصلت ابنه ثيادوس عند رجوعه إلى مملكته أفكنت أجود لهم بخمسين ألف ألف درهم وأبخل بخشبة لا تساوي شيئا إنما احتبستها لأرتهن طاعتهم ولينقادوا لي في جميع ما أريده منهم لعظيم قدر الخشبة عندهم وأما غضبي لقيصر وطلبي بثأره فقد قتلت به من الروم ما لم يحص عدده وأما قولك في أولئك المرازبة ورؤساء الأساورة الذين هممت بقتلهم فإن أولئك اصطنعتهم ثلاثين سنة وأسنيت أعطياتهم وأعظمت حبوتهم فلم أحتج إليهم في طول دهري إلا ذلك اليوم الذي فشلوا فيه وخاموا فسل أيها الأخرق فقهاء هذه الملة عمن قصر في نصرة ملكه وخام عن محاربة عدوه فسيخبرونك أنهم لا يستوجبون العفو ولا الرحمة فأما ما عنفتني به من جمع الأموال فإن هذا الخراج لم يكن مني بدعة ولم يزل الملوك يجبونه قبلي ليكون قوة للملك وظهراً للسلطان فإن ملكاً من ملوك الهند كتب إلى جدي أنوشروان: أن مملكتك شبيهة بباغ عامر عليه حائط وثيق وباب منيع فإذا انهدم ذلك الحائط أو تكسرت الأبواب لم يؤمن أن ترعى فيه الحمير والبقر. وإنما عني بالحائط الجنود وبأبوابه الأموال. فاحتفظ أيها السخيف العقل بتلك الأموال فإنها حصن للملك وقوام للسلطان وظهير على الأعداء ومفخرة عند الملوك وأما ما زعمت من قتلي النعمان بن المنذر وإزالتي الملك عن آل عمرو بن عدي إلى إياس | |
|
| |
سعد يونس Admin
الساعة الأن : الجنس : عدد المساهمات : 5951 نقاط : 13515 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 19/08/2010 العمر : 59
| موضوع: رد: الكـتـاب: الأخبار الطوال المؤلف: أبو حنيفة الدينوري الأربعاء 31 أغسطس 2011, 1:18 pm | |
| بقتلك ومع ذلك كتاب قرميسيا ملك الهند إلينا يعلمنا أن في انقضاء سنة ثمان وثلاثين من ملكنا يفضي إليك هذا الأمر فكتمنا ذلك الكتاب عنك مع علمنا أنه لا يفضي إليك إلا بهلاكنا وذلك الكتاب مع قضية مولدك عند شيرين صاحبتنا فإن أردت فدونك فاقرأهما لتزداد حسرة وثبوراً وأما ما ذكرت من كفراني نعمة قيصر بمنعي ولده وأهل بيته خشبة الصليب فأيها المائق إن أكثر من ذلك الخشب ثلاثون ألف ألف درهم فرقتها في رجال الروم الذين قدموا معي وألف ألف درهم هدايا وجهتها إلى قيصر ومثل ذلك وصلت ابنه ثيادوس عند رجوعه إلى مملكته أفكنت أجود لهم بخمسين ألف ألف درهم وأبخل بخشبة لا تساوي شيئا إنما احتبستها لأرتهن طاعتهم ولينقادوا لي في جميع ما أريده منهم لعظيم قدر الخشبة عندهم وأما غضبي لقيصر وطلبي بثأره فقد قتلت به من الروم ما لم يحص عدده وأما قولك في أولئك المرازبة ورؤساء الأساورة الذين هممت بقتلهم فإن أولئك اصطنعتهم ثلاثين سنة وأسنيت أعطياتهم وأعظمت حبوتهم فلم أحتج إليهم في طول دهري إلا ذلك اليوم الذي فشلوا فيه وخاموا فسل أيها الأخرق فقهاء هذه الملة عمن قصر في نصرة ملكه وخام عن محاربة عدوه فسيخبرونك أنهم لا يستوجبون العفو ولا الرحمة فأما ما عنفتني به من جمع الأموال فإن هذا الخراج لم يكن مني بدعة ولم يزل الملوك يجبونه قبلي ليكون قوة للملك وظهراً للسلطان فإن ملكاً من ملوك الهند كتب إلى جدي أنوشروان: أن مملكتك شبيهة بباغ عامر عليه حائط وثيق وباب منيع فإذا انهدم ذلك الحائط أو تكسرت الأبواب لم يؤمن أن ترعى فيه الحمير والبقر. وإنما عني بالحائط الجنود وبأبوابه الأموال. فاحتفظ أيها السخيف العقل بتلك الأموال فإنها حصن للملك وقوام للسلطان وظهير على الأعداء ومفخرة عند الملوك وأما ما زعمت من قتلي النعمان بن المنذر وإزالتي الملك عن آل عمرو بن عدي إلى إياس | |
|
| |
سعد يونس Admin
الساعة الأن : الجنس : عدد المساهمات : 5951 نقاط : 13515 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 19/08/2010 العمر : 59
| موضوع: رد: الكـتـاب: الأخبار الطوال المؤلف: أبو حنيفة الدينوري الأربعاء 31 أغسطس 2011, 1:19 pm | |
| ابن قبيصة فإن النعمان وأهل بيته واطئوا العرب وأعلموهم توكفهم خروج الملك عنا إليهم وقد كانت وقعت إليهم في ذلك كتب فقتلته ووليت الأمر أعرابياًّ لا يعقل من ذلك شيئا. انطلق إلى شيرويه فأخبره بذلك كله فأبلغه يزدان جشنس لم يخرم منه شيئاً فعلت شيرويه كآبة.
ولما كان من الغد اجتمع عظماء أهل المملكة فدخلوا على شيرويه كما فعلوا بالأمس فخاف على نفسه فجعل يرسل الرجل بعد الرجل من مرازبته لقتل أبيه فلا يقدم عليه أحد حتى بعث بشاب منهم يسمى يزدك بن مردان شاه مرزبان بابل وخطرنية فلما دخل عليه قال: من أنت قال: أنا ابن مردان شاه مزربان بابل وخطرنية قال له كسرى: أنت لعمري صاحبي وذلك أني قتلت أباك ظلماً فضربه الغلام حتى قتله وانصرف إلى شيرويه فأخبره فلطم شيرويه وجهه ونتف شعره وحبسه وانطلق في عظماء أهل المملكة حتى استودعه الناووس ثم انصرف وأمر فقتل الغلام الذي قتل أباه. وفي ذلك العام الذي ملك فيه شيرويه توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر رضي الله عنه.
ثم إن شيرويه لما ملك عمد إلى إخوته وكانوا خمسة عشر رجلاً فضرب أعناقهم مخافة أن يفسدوا عليه ملكه فسلطت عليه الأمراض والأسقام حتى مات وكان ملكه ثمانية أشهر. بعد موت شيرويه
فملكت فارس عليها بعده ابنه شيرزاد بن شيرويه وكان طفلاً ووكلوا به رجلاً يحضنه ويقوم بتدبير الملك إلى أن أدرك. | |
|
| |
سعد يونس Admin
الساعة الأن : الجنس : عدد المساهمات : 5951 نقاط : 13515 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 19/08/2010 العمر : 59
| موضوع: رد: الكـتـاب: الأخبار الطوال المؤلف: أبو حنيفة الدينوري الأربعاء 31 أغسطس 2011, 1:19 pm | |
| ولما بلغ شهريار وهو مقيم في وجه الروم مقتل كسرى أقبل في جنوده حتى ورد المدائن وقد مات شيرويه وملك ابنه شيرزاد فاغتصب الأمر ودخل المدائن فقتل كلم من مالأ على قتل كسرى وخلعه وقتل شيرزاد وحاضنه وتولى أمر الملك ودعا نفسه ملكاً وذلك في العام الثاني عشر من التاريخ الهجري.
فلما تم لملك شهريار حول أنف عظماء أهل المملكة من أن يلي ملكهم من ليس من أهل بيت المملكة فوثبوا عليه فقتلوه وملكوا عليهم جوان شير ابن كسرى وكان طفلاً وأمه كردية أخت بهرام شوبين فملك حولاً ثم مات.
فملكوا عليهم بوران بنت كسرى وذلك أن شيرويه لم يدع من إخوته أحداً إلا قتله خلا جوان شير فإنه كان طفلا فعند ذلك وهي سلطان فارس وضعف أمرهم وفلت شوكتهم. حروب العرب مع العجم
قالوا: فلما أفضى الملك إلى بوران بنت كسرى بن هرمز شاع في أطراف الأرضين أنه لا ملك لأرض فارس وإنما يلوذون بباب امرأة فخرج رجلان من بكر بن وائل يقال لأحدهما المثنى بن حارثة الشيباني والآخر سويد بن قطبة العجلي فأقبلا حتى نزلا فيمن جمعا بتخوم أرض العجم فكانا يغيران على الدهاقين فيأخذان ما قدرا عليه فإذا طلبا أمعنا في البر فلا يتبعهما أحد وكان المثنى يغير من ناحية الحيرة وسويد من ناحية الأبلة وذلك في خلافة أبي بكر فكتب المثنى بن حارثة إلى أبي بكر رضي الله عنه يعلمه ضراوته بفارس ويعرفه وهنهم ويسأله أن يمده بجيش.
فلما انتهى كتابه إلى أبي بكر رضي الله عنه كتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد | |
|
| |
سعد يونس Admin
الساعة الأن : الجنس : عدد المساهمات : 5951 نقاط : 13515 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 19/08/2010 العمر : 59
| موضوع: رد: الكـتـاب: الأخبار الطوال المؤلف: أبو حنيفة الدينوري الأربعاء 31 أغسطس 2011, 1:20 pm | |
| وقد كان فرغ من أهل الردة أن يسير إلى الحيرة فيحارب فارس ويضم إليه المثنى ومن معه وكره المثنى ورود خالد عليه وكان ظن أن أبا بكر سيوليه الأمر فسار خالد والمثنى بأصحابهما حتى أناخا على الحيرة وتحصن أهلها في القصور الثلاثة.
ثم نزل عمرو بن بقيلة وحديثه مع خالد وأنه وجد معه شيئاً من البيش فاستفه على اسم الله ولم يضره ذلك معروف ثم صالحوه من القصور الثلاثة على مائة ألف درهم يؤدونها في كل عام إلى المسلمين ثم ورد كتاب أبي بكر على خالد مع عبد الرحمن جميل الجمحي يأمره بالشخوص إلى الشام ليمد أبا عبيدة بن الجراح بمن معه المسلمين فمضى وخلف بالحيرة عمرو بن حزم الأنصاري مع المثنى وسار على الأنبار وانحط على عين التمر وكان بها مسلحة لأهل فارس فرمى رجل منهم عمرو بن زياد بن حذيفة بن هشام بن المغيرة بنشابة فقتله ودفن هناك.
وحاصر خالد أهل عين التمر حتى استنزلهم بغير أمان فضرب أعناقهم وسبى ذراريهم ومن ذلك السبي أبو محمد بن سيرين وحمران بن أبان مولى عثمان بن عفان وقتل فيها خالد خفيراً كان بها من العرب يسمى هلال بن عقبة وصلبه وكان من النمر بن قاسط ومر بحي من بني تغلب والنمر فأغار عليهم فقتل وغنم حتى انتهى الشام. ولم يزل عمرو بن حزم والمثنى بن حارثة يتطرفان أرض السواد ويغيران فيها حتى توفي أبو بكر رضي الله عنه. | |
|
| |
سعد يونس Admin
الساعة الأن : الجنس : عدد المساهمات : 5951 نقاط : 13515 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 19/08/2010 العمر : 59
| موضوع: رد: الكـتـاب: الأخبار الطوال المؤلف: أبو حنيفة الدينوري الأربعاء 31 أغسطس 2011, 1:21 pm | |
| الفتوحات الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب
وولي عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكانت ولاية عمر سنة ثلاث عشرة ثم إن عمر رضي الله عنه عزم على توجيه خيل إلى العراق فدعا أبا عبيد بن مسعود وهو أبو المختار بن أبي عبيد الثقفي فعقد له على خمسة آلاف رجل وأمره بالمسير إلى العراق وكتب إلى المثنى بن حارثة أن ينضم بمن معه إليه ووجه مع أبيد عبيد سليط بن قيس من بني النجار الأنصاري وقال لأبي عبيد: قد بعثت معك رجلاً هو أفضل منك إسلاماً فأقبل مشورته وقال لسليك: لولا أنك رجل عجل في الحرب لوليتك هذا الجيش والحرب لا يصلح لها إلا الرجل المكيث فسار أبو عبيد نحو الحيرة لا يمر بحي من أحياء العرب إلا استنفرهم فتبعه منهم طوائف حتى انتهى إلى قس الناطف فاستقبله المثنى فيمن معه.
وبلغ العجم إقبال أبي عبيد فوجهوا مردان شاه الحاجب في أربعة آلاف فارس فأمر أبو عبيد بالجسر فعقد ليعبر إليهم. فقال له المثنى: أيها الأمير لا تقطع هذه اللجة فتجعل نفسك ومن معك غرضاً لأهل فارس. فقال له أبو عبيد جبنت يا أخا بكر. وعبر إليهم بمن معه من الناس وولى أبا محجن الثقفي الخيل وكان ابن عمه ووقف هو في القلب وزحف إليهم الفرس فاقتتلوا فكان أبو عبيد أول قتيل فأخذ الراية أخوه الحكم فقتل ثم أخذها قيس بن حبيب أخو أبي محجن فقتل وقتل سليط بن قيس الأنصاري في نفر من الأنصار كانوا معه فأخذ المثنى الراية وانهزم المسلمون.
فقال المثنى لعروة بن زيد الخيل الطائي انطلق إلى الجسر فقف عليه وحل بين العجم وبينه. وجعل المثنى يقاتل من وراء الناس ويحميهم حتى عبروا ويوم جسر أبي عبيد معروف وسار المثنى بالمسلمين حتى بلغ الثعلبية فنزل | |
|
| |
| الكـتـاب: الأخبار الطوال المؤلف: أبو حنيفة الدينوري | |
|