الباب الرابع
بيان أنهم يأكلون ويشـربون
لا يخفى أن للناس في أكل الجن وشــرابهم ثلاثة أقوال :
أحدها : أن جميع الجن يأكلون بالمضغ ,, والبلع ,, ويشربون بالأزدراد ( أي : البلع )
الثاني : لا يأكلون ولا يشـــربون
الثالث : أنهم صنفان : صنف يأكل ويشــرب ,, وصنف لا يأكل ولا يشــرب ,, وهم خلاصتهم وأنما يتغذون بالشــم ...
الأدلة
يؤيده ما روي عن وهب بن منبه أن خالص الجن وهو الصنف الذي كالريح لا يأكلون ولا يشــربون ,,, قال بعضهم : والقول الأول يشهد له الأحاديث الصحيحة والعمومات الصريحة ... ففي أبي داود : (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ورجل يأكل ,, فلم يســم حتى لم يبق من طعامه الا لقمة ,, فلما رفعها الى فيه قال : بسم الله أوله وآخره ,, فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال : ما زال الشــيطان يأكل معه ,, فلما ذكر اسم الله استقى )) أي " ألقى ما في بطنه ...
وسئل بعض الجن : أي الطعام أحب اليكم ؟ قال : الأرز ,,, وسأل عمر رضي الله تعالى عنه رجلا من المدينة ,, اختطفه الجن ,, ومكث عندهم زمانا طويلا ,, ما طعامهم ؟ فقال : الفول ,, وما لم يذكر اســم الله عليه ,,, وفي الحديث خطابا للجن : (( كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في يد أحدكم أوفر ما يكون لحما )) ,,, وفي رواية : (( الا وجد عليه لحمه الذي كان عليه يوم الأكل ,, ومن ثم نهى صلى الله عليه وسلم أن يســتنجى بالعظم ,, وقال : " أنه زاد أخوانكم من الجن " ))
قال الغزالي في الأحياء : يتغذون منه بالرائحة ! قال الزركشي : وهو غفلة عن السنة فقد جاء : أن الشــيطان يأكل بشماله ويشرب بشــماله ,, وحمله من يقول : أكلهم بالشم على المجاز .. أي : أكلهم بالشمال , والشرب بالشمال من الأنسان
لا الشــيطان ,, ورد بأنه حيث أمكان حمل اللفظ على الحقيقة لا يحمل على المجاز .... وعن حذيفة رضي الله تعالى عنه قال : كنا اذا حضرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما ,, لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضع يده وانا حضرنا معه طعاما ,, فجاءت جارية كأنها تدفع فذهبت لتضع يدها في الطعام فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها ثم جاء أعرابي كأنما يدفع ,, فأخذ بيده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أن الشــيطان يســتحل الطعام الذي لا يذكر اسم الله عليه ,, وأنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها فأخذت بيدها فجاء بهذا الأعرابي يستحل به فأخذت بيده ,, والذي نفسي بيده ان يده في يدي مع يدها )) ,,, وفي رواية (( ثم ذكر اســم الله وأكل ))
الدليل على أنهم يتناكحــون
اسـتدل على أنهم يتناكحون بقوله تعالى : ((( لم يطمثهن أنس قبلهم ولا جان )))
فأنه يدل على أنه يتأتى منهم " الطمث " وهو : أزالة البكارة ,, وعلى توالدهم : بقوله : ((( أفتتخذونه " أي أبليس " وذريته أولياء من دوني ))) ,,, وقيل : لا يتناكحون وأنما يبيضون !! ويخرج من البيضة الولد ,, وجاء في الخبر " أن الشياطين اذا فرحوا بمعصية بني آدم يبيض بيضة فيخرج منها الولد " ,, وجاء في خبر : " أن الشيطان في أحد فخذيه ذكر وفي الآخر فرج فيجامع نفســه فيخرج منه الولد " وهي رواية شــاذة ,, وكذا رواية أن أبليس يدخل ذكره في دبره فيخرج منه الولد .... وعن وهب بن منبه : أنهم كما لا يأكلون ولا يشــربون لا يتناكحون ....
أخرج ابن أبي الدنيا وأبوالشــيخ عن مجاهد في قوله تعالى : ((( أفتتخذونه وذريته )))
قال : " باض أبليس خمس بيضات : زلنبور , وداسم , وثبر , ومســوط , والأعور , فأما الأعور فصاحب الزنا , وأما ثبر فصاحب المصائب , وأما مسوط فصاحب أخبار الكذب يلقيها على أفواه الناس ولا يجدون لها أصلا ,, وأما داسم فهو صاحب البيوت , اذا دخل بيته ولم يسلم دخل معه , واذا أكل , أكل معه , ويريه من متاع البيت مالا يحصى موضعه ,, وأما زلنبور فهو صاحب الأســـواق , ويضع رأســه في كل سوق بين الســماء والأرض " ...
وعند القرطبي عن مجاهد أن ذرية أبليس ربما بلغ عددهم نيفا وعشــرة ,, ذكر منها الخمســة السابقة الذكر وزاد ( الأبيض : وهو الذي يوسوس للعباد والصالحين , يفتنهم في عبادتهم ,,, والولها ن : صاحب الطهارة يوسوس فيها ,,, والأقيس : صاحب الصلاة يوسوس فيها , وقيل : خنزب هو صاحب الصلاة ,, ومره : صاحب المزامير وبه يكنى أبليس ,,, والهفاف : يكون بالصحاري يضل الناس ويتيههم , وقيل هو صاحب الشراب ,,, ولقوس : صاحب التحريش ,,, والأعور : صاحب أبواب السلطان , قيل : هو صاحب الزنا ينفخ في أحليل الرجل وعجز المرأة , وقيل : أن لأبليس شيطانا يقال له المتقاضي ,,, والمتقاضي : يتقاضى ابن آدم فيخبر بعمل كان عمله في السر منذ عشرين سنة , فيحدث به في العلانية , قال ابن عطية : وهذا وما جانسه مما لم يأت به ســــند صحيح ,,, وقد صح في كتاب مسلم : أن للصلاة شيطانا يسمى " خنزب " روي عن عثمان بن أبي العاص , قال : قلت : يا رسول الله , أن الشــيطان قد حال بيني وبين صلاتي وبين قراءتي , يلبســها علي , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ذلك شــيطان يقال له " خنزب " فأذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثا )) ,,, قال : ففعلت ذلك فأذهبــه الله عني .... وذكر الترمذي : أن للوضــوء شيطانا يسمى " الولهان "
وفي النهاية لأبن الأثيــر في الحديث أنه وفد على النبي صلى الله عليه وسلم حي من العرب , فقال : (( بنــو من أنتم )) فقالوا:
بنــو نهــم , فقال لهم : (( نهــم شـــيطان , انتــم بنــو عبد الله )) وفيها في حديث أبي سلمة : أنه عليه الســلام قال : (( ذاك الهواء شـــيطان وكل بالنفــوس )) ,, واخرج ابن سعد عن عروة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن عبد الله بن أبي بن ســـلول وكان اســمه حبــاب : (( أنت عبــد الله , فأن حبــاب اســـم شـــيطان )) ,, وأخرج الطبراني , عن خيثمة بن عبد الرحمن , عن أبيه , قال لأبي : (( هذا ابنــك ؟ )) قال : نعــم ,, قال : (( ما أسمه )) قال : حباب ,, قال :
(( لا تســـــموا الحبـــاب فأن الحبـــاب شــــــيطان )) ,,, واخرج ابن أبي شيبة , عن مسروق , قال : لقيت عمر بن الخطاب فقال : من أنت ؟ قلـت : مســروق بن الأجـــدع , فقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه : ســـمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( الأجـــدع شـــــيطان )) ,, وأخرج البيهقي في شــعب الأيمان , عن عائشــة رضي الله تعالى عنها قالت : ســمع النبي صلى الله عليه وسلم رجـلا يقال له شــهاب , فقال له : (( بــل أنت هشــــــــام ,, أن شـــــــهاب اسم شــيطان ))
رأي المعتزلة
قال القاضي عبد الجبار من المعتزلة : ورقتهم ,, أي : رقة أجسادهم " القائلين بها المعتزلة " كما تقدم لا تمنع توالدهم ,, أي : فلا تمنعها اللطافة المفرطة من التوالد ....
نكاح الأنــس لهم واختلاف أئمة الشــافعية في جوازه
أما نكاح الأنس لهم فقد اختلفت أئمتنا معاشر الشافعية في جوازه : فمن قائل بالجواز وهو الراجح
حجة القائلين بعدم الجواز والرد عليهم
القائل بعدم الجواز هو الأمام شلتوت ,, تحت عنوان : أوهام الناس في الأتصال بالجن .. بعد أن عدد ألوانا من تلك الأوهام منها التزوج بهم ومعاشرتهم .. قال : فهذا كله مصدره خارج عن نطاق المصادر الشرعية ذات القطع واليقين ,,
وتمســـك بعدم الجواز بأن الله تعالى امتن علينا بأن جعل لنا أزواجا من أنفســنا ,, قال تعالى ((( ومن آياته أن خلق لكم من أنفســــكم أزواجا لتســكنوا اليها ))) ,,, وجواز ذلك يبطل الأمتنان ....
ورد بأن الأمتنان يجوز أن يكون أعظم الأمرين الجائزين ,,, واستدل أيضا بقوله تعالى ((( فانكحوا ما طاب لكم من النساء )))
والنســـاء اسم للأناث كما أن الرجال اسم للذكور الآدميين وأطلاقهم على الجن في قوله تعالى ((( وأنه كان رجال من الأنس يعوذون برجال من الجن ))) ,,, فللمقابلة , واختلف أئمتنا في لفظ امرأة هل يقال للجنية ؟؟؟
أناث الشـــياطين
أما الحديث عن أناث الجن والشياطين فهو ذو شـــجون , متنوع بين الحقيقة والخيال ,, فمــن ذلك :
( 1 ) بنت أو بنات أبليـــس
أن من يدرك الحلم من الناس , ويبلغ ســن التكليف , ينسب ما يوجب عليه الغســل اذا خرج منه الماء الدافق في المنام الى " بنت أبليــس " فيتخيل في منامه أنه واقع امرأة والتذ منها حتى خرج منه المني , وعندما يســتيقظ من نومه يكون عليه الغســل الشرعي وقد جرى التعبير بين عامة الناس أن ينسبوا هذا الحلم ( الأحتلام , الجماع في النوم ) الى بنت أبليــس ,,, هكذا يقول الرجال ,,,
أما النســاء ,, فلا يذكرن أنهن رأين ابن أبليس في المنام عندما يحتلمن ويجري لهن ما جرى للرجال , ذلك لأن الحياء يمنعهن من ذكر مثل هذا الأمر , ولولا أن امرأة من نســاء الأنصار ســألت النبي صلى الله عليه وسلم : فقالت : ( هل على المرأة من غسل اذا هي احتلمت ؟ ) فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم : (( نعم , اذا رأت الماء )) ,,, في كتاب الموطأ للأمام مالك : المرأة هي أم ســليم , قالت : لرسول الله صلى الله عليه وسلم : المرأة ترى في المنام مثل ما يرى الرجل , أتغتسل ؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( نعم تغتسل , فقالت عائشة : أف لك , وهل ترى ذلك المرأة ؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : تربت يمينك , ومن أين يكون الشبه ؟ ,,, وفي البخاري عن هشام فغطت أم سلمة " يعني وجهها " وقالت :
يا رسول الله أو تحتلم المرأة ؟ قال : نعم ,, تربت يمينك ,, فبم يشــبهها ولدها ؟ وفي رواية أحمد : قال : وهل للمرأة ماء , فقال هن شـــقائق الرجــــال ,,, ثم قال شارح الموطأ : الأنبياء لا يحتلمون لأن الأحتلام من الشيطان , ولم يحتلم أزواج النبي تكريما له صلى الله عليه وآله وســــلم ,,,, فاتضح من الأحاديث أن موجب الغســل لكل من الرجل والمرأة يحصل في المنام بسبب الحلم يتخيل فيه ابن أبليس أو بنته للحالمة والمحتلم , ولولا ســؤال هذه الصحابية الجليلة وأجابة الرسول صلى الله عليه وسلم عن سؤالها لكانت بنات حواء ينكرن ذلك خفرا وحياء عندما يبلغن الحلم , ويدركن ســــن الحيـــض ...
فمن هي بنت أبليـــس
أن لم تكن من شـــياطين الجن لكانت من خيال شياطين الأنس , هذا وقد جاء في الحديث : أنه صلى الله عليه وسلم قال (( الرؤيا من الرحمن , والحلم من الشــيطان )) فبنت أبليس شيء معروف لدى الناس في كل زمان ومكان , فهل رأيت بنت أبليس عندما كنت شابا أو قبل أن تتزوج ؟؟ لعلك تجيب على ذلك ...
( 2 ) الســـعلاة أو الســـعلاء
هي ســاحرة الجــن وأنثاه ,, زعم العرب أن بعضهم تزوج من أحدى الســـعال وأنجب منها ,, جــاء في شــعرهم :
يا قاتل الله بني الســـعلاة عمــر بن يربوع شــرار النــات
وشــرار النات معناها : شــرار الناس ,, وهي لغة قبيلة من اليمن تبدل الســين تاء ,, فيقولون : النــات ,, في الناس ,, وقصص اتصال بني الأنســـان ببنات الشــــيطان كثيرة مشـــهورة ...
الزواج من من بنات الجـــن
" والحـــكم الشـــرعي "
الزواج رباط شرعي وميثاق غليظ لما يترتب عليه من أمور هامة منها : بقاء النوع الأنســاني بالوجه الذي أحله الله تعالى وأباحه فقد أحل الله سبحانه النكاح وحرم الســـفاح ,,, وبه تكف النفس عن الزنا الذي هو من كبائر الفواحش وهتـك الأعراض ,,, والزواج في عرف الشــرع عقد يحل به التمتع بالأنثى وطأ , ومباشرة , وتقبيلا وضما , وما شابه ذلك من أنواع اللذة المباحة شرعا ,,, وللزواج شروط وأركان يتم بها : منها الولي , والزوجة , والصيغة , والصداق , وأن يكون الزوج كفؤا لمن يتزوج بها من النســـاء ,,, وأن يكون بشهادة رجلين عدلين على ما هو معروف في كتب الفقه الأســلامي , والبحث الذي نعني به هنــا هـــــو : ( الـــزواج مـــن بنــــات الجـــــــــــن )
ما جـــــــاء عـــن الفقــــــــهاء
فقد اختلفت أقوال فقهاء المســـلمين في ذلك , قال الشيخ العلامة : كمال الدين الأنس , استنادا الى أن من موانع هذا النكاح اختلاف الجنس والعنصر وعليه , فلا يجوز لرجل من بني الأنس أن يتزوج من امرأة من بني الجن ,, لأن الله تعالى قال : ((( والله جعل لكم من أنفســكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم مــن الطيبــات ))) ,, جاء في تفسير القرطبي : ( جعل ) بمعنى خلق , ( من أنفسكم ) أي : من جنسكم ونوعكم وعلى خلقتكم , كما قال (( لقد جاءكم رسول من أنفسكم )) أي : من الآدميين وفي هذا رد على العرب التي كانت تعتقد أنها كانت تزوج الجن وتباضعها , حتى روي أن عمرو بن هند تزوج منهم غولا وكان يخبئها من البرق لئلا تراه فتنفر , فلما كان في بعض الليالي لمع البرق وعاينته الســعلاة , فقالت : عمرو , ونفرت , فلم يرها أبدا وهذا من أكاذيبها , وان كان جائزا في حكم الله تعالى وحكمته , فهو رد على الفلاسفة الذين ينكرون وجود الجان ,, هذه عبارة القرطبي
ثم ذكر الدميري , قوله تعالى (( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتســكنوا اليها * وجعل بينكم مودة ورحمة ))
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : المودة الجماع , والرحمة الولد ,,, وجاء في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم :
(( أنه نهــى عـــن نكـــاح الجـــــن ))
ثم ذكر المانعون من زواج الجنية ... أنه تتعلق به مشـــاكل منها : الطلاق , والعدة , والنفقة , والكسوة , والجمع بينها وبين أربع ســــــــــــواهــــــا .
وفريق آخــر من الفقهاء يرى جـــواز مثــل هذا النكاح , متى ما توافرت فيه شـــروط النكــاح الشــرعيــة , هذا ولا زال الناس يسمعون أن فلانا منهم تزوج بامرأة جنية أو أن امرأة من الأنس خطبها جني , كما جاءت في ذلك بعض الآثار والأخبار عن السلف والعلماء ,, مما يدل على وقوع مثل هذا التناكح بين الجــن والأنس , ويولد بينهما كثيرون ,, فقد روي ذلك عن ابن تيمية وهو من مشـــاهير علماء الأســــلام قال في كتابه المجموع : " قد يتنـاكح الأنــس والجــن ويولد بينهما ولــد وهذا كثــيـر "
وعلى فرض أمكان وقوع هذا الأمر فأن جمعا من العلماء كالحســن وقتادة والحكم واســحاق والأمام مالك , كل منهم قد كرهه ,, وقد لا يوجــد دليــل قاطع ينهى عن مناكحة الجن , غير أن من جعله مكروها علل بأنه اذا وجدت امرأة حامل وقيل لها : من زوجك الذي أحبــلك ؟ فقالت من الجــن : فحينئذ يكثــر الفســــاد ,, وعلى كل فالمســـألة هذه يزعم بعضهم وقوعها في الحاضر والماضي , فاذا حدثت فهي شـــاذة نادرة , وقد يكون فاعلها مغلوبا على أمره لا يمكنه أن يتخلص من ذلك , كما ذكر في هذا الكتاب ولكن مما يدل على أمكان وقوع هذا التناكح بين الأنس والجن أن حور الجنــة قال الله فيهــن : (( لم يطمثهــن أنس قبلهم ولا جان )) فلعل هذه الآية تشـــير الى صلاحيـــة مثل هذا النكاح بين الجنســـين ,,, اللهم الا أن يقول قائل : أن هذا في الجنة لأن الحور هن زوجات المؤمنين من الفريقين في الجنة ,, والحكم هنـــا في الدنيـــا مختــلف ...
نكاح الجني للأنســــية والأنـــــس للجنيــــة
قيــل : أنه غير ممكن , والحق أمكانه , قال الثعالبي : زعموا أن التناكح والتلاقح قد يقعان بين الجن والأنس ,,,,
قال الله تعالى : ((( وشــــــــاركهم في الأمـــــوال والأولاد )))
وأخرج الحكيم الترمذي وابن جرير , عن مجاهد قال : " اذا جامع الرجل أهله , ولم يســـم , انطوى الجان على أحليــله فجامع معه ,, فذلك قوله تعالى : (( لم يطمثهــن أنــس قبلهــم ولا جــان )) " ,, وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال :
" المخنثون أولاد الجــن , قيــل لأبن عباس : كيــف ذلك ؟ قال : أن الله ورســـوله نهيــا أن يأتي الرجل امرأته وهي حائض , فأذا أتاها ســــبقه الشــيطان , فحملت , فجاءت بالمخنث " ,,, وأخرج البخاري ومسلم , عن ابن عباس , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لو أن أحدكم أراد أن يأتي أهله قال : باســم الله , اللهم جنبنا الشــيطان وجنب الشـــيطان ما رزقتـنا , فأنه أن يقدر بينهما ولــد في ذلك لم يضره شــــيطان )) ,,, قال الثعالبي في " فقه اللغة " : يقال للمتولد بين الأنس والجنية : الخنـــس , وللمتولد بين الآدمي والســــعلي : العملوق " ,,, وذكر أبو المعالي بن المنجا الحنبلي في شرح الهداية في امرأة قالت : أن معي جنيا يأتيني كما يأتي الرجل المرأة : أنه لا غســل عليها , وكذا قال بعض الحنفية بالأنعدام ســـببه , وهو الأيلاج والأحتلام ,,, قيل : وفيه نظر , وينبغي أنه يجب عليها الغســل , لأنه لولا الأيلاج لما علمت أنه يجامعها كالرجل ...
وقد قيــل : أن أحد أبوي بلقيــس كان جنيا , قال ابن العلاء : تزوج أبوها امرأة من الجن يقال لها " ريحانة بنت الســكن " , فولدت له بلقيـــس , وتســـمى بلقــمة ,,, ويقال أن مؤخــر قدميها كان مثل حافــر الدابة , وكان في ســـاقيها شـــعر , وتزوجها ســـليمان , فأمر الشـــياطيـن فاتخذوا الحمام والنورة " أي : حجر يطلى بمعجونه الجسم لأزالة الشعر " ,,, وأخرج أبوالشيخ في " العظمة " وابن مردويه وابن عســاكر , عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وســلم : (( أحــد أبــوي بلقيــــــس كــان جنـــيا )) ,, وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر , عن مجاهد قال : صاحبة سـبأ كانت أمــها جنيـــة ...
وأخرج الحكيـم الترمذي في نوادر الأصول عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( أن منكم مغربين )) قيل : يا رسول الله , وما المغربون ؟ قال : الذين يشــترك فيــهم الجــن ,,, قال : ابن الأثير في النهاية : سموا مغربين لأنهم دخل فيهم عرق غريب , أو جاءوا من نسب بعيد , وقيل : أراد بمشاركة الجن فيهم : أمرهم أياهم بالزنى , ومنه قوله تعالى :
((( وشــــــــــــاركـــهم فــي الأمـــــــــوال و الأولاد )))