عبد الرحمن سعد-القاهرة
أثارت المواد الثماني التي تخص الجيش في مشروع الدستور المصري المطروح للاستفتاء حاليا حالة من الجدل بين معارضين قالوا إن هناك مواءمة سياسية تم من خلالها صوغ هذه المواد، وإنها خلت من الشفافية فيما يتعلق بإعلان الميزانية، وعظمت من سلطات وزير الدفاع، في حين قال مؤيدون للمواد إنها 'متوازنة، ولا ترتب أي امتيازات للجيش'.
مدير مركز المجد المصري للبحوث والدراسات الإستراتيجية اللواء أحمد فؤاد تعلب لا يستبعد وجود مواءمة سياسية وراء صوغ مواد الدستور الخاصة بالجيش، خاصة فيما يتعلق بعدم إعلان حجم الميزانية، مشيرا إلى أن المعونة العسكرية لمصر ما زالت لغزا لم يتم فكه حتى الآن، وأن هناك ثراء فاحشا لقادة سابقين لم يتم تبريره، وأنه ربما كان الرئيس المخلوع حسني مبارك متورطا في عمولات سلاح.
ومن جهته، رأى الخبير العسكري والضابط السابق بالقوات المسلحة اللواء طارق الوديع أن المؤسسة العسكرية مؤسسة وطنية مهيمنة في الدولة، لكنها تحتاج إلى شفافية أكبر فيما يتعلق بالميزانية، خاصة أن هناك مشروعات إنتاجية للقوات المسلحة بمناطق نائية تدر دخلا، ولا يعرف أحد كيف يتم إنفاق عوائدها، مشددا على أن الأمر يحتاج إلى رقابة قوية على هذا الإنفاق.
وأضاف أن النص على أن يكون وزير الدفاع هو القائد العام للقوات المسلحة لا جديد فيه، وأن هناك دولا، وحتى مصر نفسها في حكومات قبل الثورة، كان فيها الوزير مدنيا، وكانت مسؤوليته سياسية، بينما كانت القيادة العامة لرئيس هيئة الأركان، أي إنه كان هناك فصل بين السياسة والحرب، إلا أن مصر اختارت عدم الفصل بين المنصبين.
لا جديد
لكن الرئيس الأسبق لهيئة عمليات القوات المسلحة اللواء عبد المنعم سعيد أكد للجزيرة نت، أن المادة 194 تشدد على أن 'القوات المسلحة ملك للشعب'، وتحصر مهمتها في 'حماية البلاد'، وتنص على أن يكون لها 'مجلس أعلى'، معتبرا تلك المادة هي نفسها التي وردت في دستور 1971.
ودافع سعيد عن المادة 195 التي تنص على أن 'وزير الدفاع هو القائد العام للقوات المسلحة'، بالقول إنها مادة مستحدثة في الدستور، حتى لا تقع ازدواجية بين وزير الدفاع والقائد العام.
ووصف المادة رقم 196 الخاصة بجعل 'اختصاص اللجان القضائية لضباط وأفراد القوات المسلحة بالفصل في كافة المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات الصادرة في شأنهم'، بأنها مادة كانت موجودة في دستور 1971 أيضا. وأضاف أن اختصاص تلك اللجان إجراء طبيعي.
وبالنسبة للمادة 193 التي تتحدث عن إنشاء 'مجلس الأمن القومي'، وأن يتولى رئيس الجمهورية رئاسته، وأن يختص المجلس بإقرار إستراتيجيات تحقيق أمن البلاد، فأكد سعيد أن هذا المجلس كان موجودا في العهود السابقة لكنه لم يكن مفعلا.
وأضاف أنه من الطبيعي أن يكون مجلس الدفاع الوطني، الذي أشارت إليه المادة 197، برئاسة رئيس الجمهورية. ودافع عن اختصاصه بالنظر في الشؤون الخاصة بوسائل تأمين البلاد ومناقشة موازنة القوات المسلحة بالقول: 'لا بد أن تعرض ميزانية القوات المسلحة رقما عاما، وبدون تفصيلات، حفاظا على سرية التسليح'.
امتيازات للجيش
ومتفقة مع الرؤية السابقة قالت الباحثة العسكرية أميرة فكري، إن من يقرأ مشروع الدستور يلحظ أنه ليست فيه امتيازات للجيش. وشددت على أنه كان لا بد من توسيع عضوية مجلس الدفاع الوطني في المادة 197.
وأشارت إلى أن هذه المادة أتاحت لرئيس الجمهورية أن يدعو من يرى من المختصين والخبراء لحضور اجتماع المجلس دون أن يكون لهم صوت معدود، مضيفة أنه لا يصح مناقشة الميزانية في نقاش عام، حتى لا يُعرف حجم التسليح، ولا بنوده.
وأوضحت أن المادة 147 نصت على أن 'يعين رئيس الجمهورية الموظفين المدنيين والعسكريين ويعزلهم'، بما يعني دخول الملحقين العسكريين وقادة أفرع القوات المسلحة تحت هذه المادة.
وأضافت أن المادة 146 تنص على أن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأنه لا يعلن الحرب، ولا يرسل القوات المسلحة إلى خارج الدولة، إلا بعد أخذ رأي مجلس الدفاع الوطني، وموافقة مجلس النواب بأغلبية عدد الأعضاء، ما يعني غل يد رئيس البلاد عن اتخاذ قرار الحرب منفردا.
انتقادات غير دقيقة
من جانبه رأى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية اللواء أحمد عبد الحليم أن الانتقادات الموجهة إلى مواد الجيش في الدستور غير دقيقة، مشددا على أن القوات المسلحة جزء من البناء السياسي للدولة، وأنه لا بد من الحفاظ على الأمن القومي، لذلك لم يكن بحث ميزانيتها متاحا إلا في مجلس الدفاع الوطني.
ودافع عن المادة 198 التي تنص على أنه 'لا يجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري إلا في الجرائم التي تضر بالقوات المسلحة'، مؤكدا أنها تحافظ على أمن الدولة، وتغلق الباب أمام العدوان على العسكريين، وتحفظ المعدات والمنشآت العسكرية من أي أخطار محدقة.