العلم الحديث يكشف غموض «لعنة الفراعنة وعالم بريطاني يعثر على صبغة» كليوباترا
لندن: محمد الشافعي
* فيما لجأت القاهرة الى مركز المواد النووية التابع لهيئة «الطاقة الذرية» لكشف غموض «لعنة الفراعنة» التي يشاع انها قتلت عدداً كبيراً ممن فتحوا مقابر قدماء المصريين، كشف عالم بريطاني امس عن سر تركيبة اللون «الازرق النيلي» الكيماوية الذي ميز عهد كليوباترا آخر ملوك البطالمة التي جسد شخصيتها على الشاشة الفضية نجمات السينما العالمية من امثال اليزابيث تايلور وصوفيا لورين وفيفيان لي.
* وقال زاهي حواس في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»: ان اللعنة التي جسدتها الافلام السينمائية، وباتت اشبه بقصص الخيال العالمي ليس لها علاقة بالفراعنة.
واوضح حواس كبير خبراء هيئة الآثار المصرية ان هيئة المواد النووية لديها اجهزة حديثة للقياسات لرصد الجراثيم غير المرئية من خلال المواد المتحللة، بالاضافة الى قياس نسبة الاشعاعات داخل المقبرة المكتشفة حديثا.
واضاف حواس الذي اكتشف 234 مومياء من خلال الحفائر التي اشرف عليها في الجيزة والصحراء الكبرى، ان المقابر المكتشفة ستفحص لاكتشاف المواد الخطرة والغازات والجراثيم لمعرفة اسباب اللعنة التي ذاع صيتها في العشرينات عقب موت ثري بريطاني اثر دخوله مقبرة توت عنخ آمون.
وتعتبر مقبرة توت عنخ آمون اهم مقبرة تم اكتشافها بوادي الملوك بسب احتفاظها بكل كنوزها الذهبية وبكل مظاهر المقبرة الجنائزية. فالمقبرة التي اكتشفت في العام هي الوحيدة التي لم تتعرض للنهب من لصوص المقابر.
ومن المعروف ان توت عنخ آمون ابن اخناتون (اول الفراعنة الذي دعا الى التوحيد) قد تولى الحكم بعد وفاة والده عام 1353 قبل الميلاد وعمره تسع سنوات وتوفي وعمره 18 عاما.
وكان عالم الآثار البريطاني هاوارد كارتر واللورد كارنارفون الذي مول استكشافاته من اوائل الذين دخلوا مقبرة الملك الصبي توت عنخ آمون الذي حكم مصر منذ اكثر من ثلاثة آلاف عام في وادي الملوك في الاقصر عام 1922.
وتوفي اللورد كارنارفون بعد ذلك بمدة قصيرة متأثرا بلدغة بعوضة وربطت الصحف ان ذاك بين موته و«لعنة الفراعنة».
وقال حواس: «خلال احد استكشافاتي عثرت على نقوش تقول ان: «من يمس قبري سيفترسه تمساح وفرس نهر وأسد ولكن هذا لا يعني ان هذا سيحدث بالفعل وقال حواس: «نريد ان نثبت بأساليب علمية ان كتابة اللعنات في المقابر لا تعني انها يمكن ان تؤذي من يفتح المقابر في وقتنا الحالي».
واوضح خبير الآثار المصرية ان جزءا من الدراسة سيركز على الجراثيم الخطرة التي قد تكون ظهرت عبر القرون في المومياوات.
واضاف انه في العادة يفتح المقبرة لمدة يومين قبل الدخول اليها حتى يتجدد الهواء الفاسد الموجود منذ آلاف السنين، واشار الى انه ينصح الاثريين الشبان بعدم حلق ذقونهم قبل دخول المقبرة حتى لا تنفذ الجراثيم غير المرئية من مسامات الجلد المفتوحة.
وقال العلماء في الماضي ان مرضا كامنا في المقبرة قد يكون السبب في موته.
وقال حواس: «سنبدأ العمل قريبا ربما في الشهر المقبل ولكننا لا نعرف متى سنفرغ من عملنا. سنبدأ بالمقابر التي لم تستكشف والتي بقيت على حالها». وأضاف انه فقد الوعي بصورة عارضة داخل مقبرة.
وتابع حواس: «عندما أفقت قلت لمن كانوا معي انه اذا حل بي مكروه فسيعتقد الناس انها «لعنة الفراعنة»، ولكنه مجرد حادث عارض».
ومن ابرز النقوش المصرية القديمة التي ارتبطت في الثقافة «بلعنة الفراعنة» نقش بالهيروغليفية «اللغة المصرية القديمة»: «سيذبح الموت بجناحيه كل من يحاول أن يبدد أمن وسلام مرقد الفراعنة»، العبارة التي وجدت منقوشة على مقبرة توت عنخ آمون والتي تلت اكتشافها سلسلة من الحوادث الغريبة التي بدأت بموت كثير من العمال القائمين بالبحث في المقبرة وهو ما حير العلماء والناس، وجعل الكثير يعتقد بما سمي بـ«لعنة الفراعنة».
وكانت مجلة «بريتيش ميديكال جورنال» نشرت العام الجاري بحثا للبروفيسور مارك نيسلون من جامعة موناش في ملبورن باستراليا يقول انه على عكس ما ذهبت اليه الاساطير التي نسجت حول مومياء توت عنخ آمون فان غالبية الذين حضروا فتح المقبرة عاشوا الى ارذل العمر.
وقال نيلسون انه في حكم المؤكد ان تلك الاسطورة اطلقتها الصحف المنافسة التي حيل بينها وبين اكتشاف القرن الذي منحت حقوق الانفراد به لصحيفة «التايمز» اللندنية.
ووفقا لعالم الاثار هاوارد كارتر الذي قاد الفريق الذي اكتشف غرفة الدفن فان من الغربيين كانوا موجودين عند فتح المقبرة ووجدوا مومياء توت عنخ آمون كاملة ومعها القناع الذهبي الرائع وكنز من المشغولات الذهبية، وعاش هؤلاء الى ارذل العمر. لكن بعد وفاة اللورد كارنافون الذي كان كارتر يعمل تحت رعايته بعد اسابيع من فتح المقبرة انطلقت اسطورة لعنة الفراعنة.
وانحى باللائمة على تلك اللعنة في سلسلة من الوفيات من بينها هلاك عصفور الكناري الذي كان كارتر يحتفظ به والذي زعمت تقارير ان ثعبانا من فصيلة الكوبرا التهمه يوم فتح المقبرة، وانطلت الاسطورة حتى على ارثر كونان دويل مبتكر شخصية المخبر السري الخيالية شرلوك هولمز والذي كان يؤمن بـ«لعنة الفراعنة» وحقق نيلسون تواريخ وفاة جميع من حضروا فتح المقبرة ووجد ان متوسط العمر عند الوفاة بينهم كان عاما بل ان كارتر نفسه عاش بعد سن الستين قبل ان يموت باسباب طبيعية.
ولكن دائمًا ما يبحث العلماء عن تفسير علمي ومنطقي لكل الظواهر الغريبة، ولقد فسر بعض العلماء «لعنة الفراعنة» بأنها تحدث نتيجة لتعرض الأشخاص الذين يفتحون المقابر الفرعونية لجرعة مكثفة من «غاز الرادون» وهو أحد الغازات المشعة.
والرادون هو عنصر غازي مشع موجود في الطبيعة وهو غاز عديم اللون، شديد السمية، وإذا تكثف فإنه يتحول إلى سائل شفاف، ثم إلى مادة صلبة معتمة ومتلألئة. والرادون هو أحد نواتج تحلل عنصر اليوارنيوم المشع الذي يوجد أيضًا في الأرض بصورة طبيعية.
إلى ذلك كشف عالم بريطاني اسرار اللون «الازرق النيلي» الذي شاع عصر الملكة كليوباترا، معشوقة يوليوس قيصر ومارك انطونيو اللذين حكما الامبراطورية الرومانية.
وما زال هناك الكثير من الاساطير تنسج حول كليوباترا الملكة اللغز حتى ان الباحثين الاكاديميين يصارعون لرسم صورة دقيقة لها. الا ان ذلك لا يزيدها الا غموضا واثارة وقال المهندس الكيماوي جون ادموند ان اللون الارجواني المشتق من الازرق النيلي الذي دهنت به كليوباترا سفنها التي ابحرت في المتوسط استخلصت تركيبته الكيماوية من انواع من الرخويات.
وأوضح ان اللون الارجواني ميز عصر الارجواني الذي ميز عصر الامبراطوية الرومانية بعد حكم الامبراطزر نيرون». واعرب عن اعتقاده ان تركيبة اللون الارجواني فقدت عند سقوط القسطنطينة عام 1453 وتولت.
يذكر ان كليوباترا المتحدرة من السلالة البطلمية تولت حكم مصر عندما كانت في الثامنة عشرة في عام 51 قبل الميلاد حتى عام 30 قبل الميلاد. واغوت زوجة وشقيقة بطليموس الثالث عشر القيصر الذي قتل زوجها. واقترنت بشقيقه الآخر بطليموس الرابع عشر قبل ان تأمر باغتياله. وبعد وفاة القيصر، سيطرت كليوباترا على قائد جيشه مارك انطونيو من اجل اثبات حق ابنها في العرش.
وأنجب أنطونيو ثلاثة أطفال من كليوباترا، وأخذ يتنازل عن بعض ممتلكات روما بالشرق لصالح زوجته، في جزيرة قبرص ووسط سورية وجزء من الساحل الفينيقي وبعض الأراضي في فلسطين وفي أرض الأنباط شرق البحر الميت. وتوثقت العلاقة بين أنطونيو وكليوباترا إلى درجة أنهما أصبحا متلازمين طوال الوقت حتى أثناء وجوده في جبهة القتال عند توليه قياده المعارك الحربية.