الاستئذان عند دخول البيوت
قال الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىٰ أَهْلِهَا ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ* فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ }
النور : 27 , 28 , 29
وعن هذيل بن شرحبيل قال :
جاء رجل : سعد فوقف على باب النبي صل الله عليه وسلم يستأذن ، فقام على الباب مستقبل الباب ، فقال له النبي صل الله عليه وسلم : [هكذا – عنك – أو هكذا ؛ فإنما الاستئذان من النظر ]
الراوي: هزيل المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو
الرقم: 5174خلاصة حكم المحدث: صحيح
منع الإسلام دخول بيوت الغير إلا بعد الاستئذان منهم بالدخول ، وذلك حتى لا يرى الداخل أهل البيت ومن بداخله في حال لا ينبغي له رؤيتهم فيها ، والقصد بذلك وضع الحد الفاصل بين داخل البيت وخارجه ، حتى يكون النساء والرجال في حياتهم المنزلية في مأمن من نظر الأجانب.
ولم يكتف الإسلام بمنع دخول البيوت بغير إذن بل منع النظر إلى داخلها ، والاطلاع على من فيها ، بل وأهدر عين الناظر بغير إذن أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: [ لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن فحذفته ففقأت عينه ، ما كان عليك من حرج وقال مرة أخرى جناح ]
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم: 4876
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وذلك لأن الاستئذان إنما شرع لئلا ينظر الناس بعضهم في بيوت بعض ، ويفجأوا من بداخلها
على غرة فقد قال النبي صل الله عليه وسلم:
[ إنما جعل الاستئذان من أجل النظر ]
الراوي: فاطمة بنت قيس المحدث: ابن باز - المصدر: التحفة الكريمة - الصفحة
أو الرقم: 41خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
وقال ابن حجر في فتح الباري في شرح حديث: إنما جعل الاستئذان من أجل النظر ما نصه: ويؤخذ منه أنه يشرع الاستئذان على كل أحد ، حتى المحارم لئلا تكون منكشفة العورة .
ولم يقصر الإسلام مشروعية الاستئذان على دخول المرء بيت غيره الأجنبي بل طلب أيضا ذلك ممن يدخل بيتا فيه محارم له كبيت أمه أو أخته أو نحوهما
فعن علقمة أن رجلا قال للنبي صل الله عليه وسلم :
جاء رجل إلى عبد الله قال : أأستأذن على أمي ؟ فقال : [ ما على كل أحيانها تحب أن تراها ]
الراوي: علقمة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الأدب المفرد - الصفحة أو
الرقم: 809خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
فعن علقمة أن رجلا قال للنبي صل الله عليه وسلم :
جاء رجل إلى عبد الله قال : أأستأذن على أمي ؟ فقال : [ ما على كل أحيانها تحب أن تراها ]
الراوي: علقمة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الأدب المفرد - الصفحة أو
الرقم: 809خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
وقد بلغ من اهتمام الصحابة وعنايتهم بذلك أن أحدهم إذا دخل بيته على أهله كان يشعر بقدومه
فعن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت: كان عبد الله إذا جاء من حاجة فانتهى إلى الباب تنحنح كراهة أن يهجم منا على أمر يكرهه.
وقد ألحق الفقهاء السمع بالنظر في الحكم ووجوب استئذان الأعمى قبل الدخول ، وذلك لأن الأعمى وإن لم ير بعينه فإنه يسمع بأذنه أحاديث أهل الدار وهو محظور.
والمقصود الرئيسي من الاستئذان هو صون عورات البيوت ومن فيها من الأجنبي ، وصون الناظر رجلاً وامرأة من النزعات والمحركات الشهوانية التي قد تكون رؤية من بداخل البيوت ، بسبب عدم الاستئذان تسببها ، فتؤدي تلك الرؤية إلى المحظور.
قال الله تعالى:
{ وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ }
﴿النور: ٥٩﴾
فعلة الاستئذان هنا بلوغ الأطفال الحلم ، أي نشأة الشعور الجنسي في نفوسهم ، فإذا أدرك الأطفال هذه السن ، كلفوا بالاستئذان ، أما قبل ذلك فلا يكلفون بالاستئذان ، فمنذ بلوغ الحلم بكون الإنسان مستعداً للتأثر جنسياً بما يرى ويسمع ، فوجب أخذ الحيطة منه ، بأن يستأذن عند إرادته الدخول على الآخرين وعلى الآخرين الاستئذان بالدخول عليه ، حيث أصبحت له عورة يجب سترها.
وذلك لأن الإسلام حريص كل الحرص على سد أية ذريعة للفتنة مهما كانت بسيطة.