رسالة الرئيس محمدأنور السادات الي الرئيس معمر القذافي

رسالة الرئيس محمدأنور السادات
الي الرئيس معمر القذافي
واعضاء مجلس الثورة الليبي
فى٢٠ يوليو ١٩٧٣



بروح من مسئوليتنا التاريخية عن بقاء خط الصمود الأول في مصر علي أهبة الإستعداد للمعركة مع العدو الإسرائيلي .. وعن اتخاذنا خطاً ثابتاً التزمناه بعدم الدخول في معارك فرعية تلهينا عن المعركة الرئيسية المقدسة ، وبنظرة ثورية واعية إلي أن الوحدة وإجراءتها يجب أن تكون عاملاً علي تعزيز خط هذا الصمود بإرسائها علي أسس متينة تكفل قوتها واستمرارها وجعلها عنصرا لمزيد من القوة العربية في معركتها مع العدو المشترك

وبالرغم من ان ثورة ٢٣ يوليو منذ قيامها أعلنت عن مبادئها الوحدوية ودخلت ولا تزال تدخل في سبيل الوحدة في معارك ضارية وتضحيات هائلة وبالرغم من تأكدكم شخصياً من خلال مباحثاتنا ومما طرحناه لكل التصورات الممكنة لإختيار إطار الوحدة ودراسة تفاصيلها مما ينصب علي عوامل نجاحها وليس علي مبدأ الوحدة نفسه . وبالرغم من أننا أقترحنا موعداً قريباً هو أول سبتمبر القادم للاستفتاء علي الوحدة استفتاءاً حراً من الشعب العربي في كل من مصر وليبيا .. فقد رأينا الأوضاع تنتهي إلي مسيرة ليبية إلي مصر بهدف المطالبة بالوحدة

وبالرغم من إننا لم نكون مقتنعين بسلامة إتمام الوحدة تحت الانفعالات العاطفية دون وضع الترتيبات اللازمة لها من النواحي السياسية والاقتصادية والضرورات الإدارية موضع الإعتبار، فقد بعثنا بقادتنا الشعبيين والتنفيذيين لكي يجتمعوا بكم حتي تظل هذه المسيرة الشعبية في نطاق اهدافها كعمل شعبي لا يتعدي الحدود بما يسيء الي الوحدة

ومع كل ذلك كان ما تلقاه مبعوثونا من هؤلاء القادة يفيد تنصل قادة الثورة الليبيين من قيام هذه المسيرة وانهم لم يكونوا علي علم بقيامها او الترتيب لها والتخلي عن مسئوليتهم في السيطرة عليها . ونحن لا يمكن ان يدخل في قناعتنا ان قيادة الثورة الليبية المسئولة مسئولية تاريخية عن قيادة شعبها في الخط الثوري السليم الواضح قد تركت الأمور تجري علي أعنتها بدون رابط لأن المعني الوحيد لذلك هو تخلي القيادة الثورية الليبية عن مسئوليتها نحو ضمان تحقيق أهداف الوحدة والثورة الليبية وكل ما عمل له الشعب المصري والليبي وباقي الشعوب العربية

وبكل الروح الوحدوية رأي ممثلوا الشعب المصري ان يتقابلوا مع مسيرتكم في احتفال شعبي كبير بمرسي مطروح ومعهم آلاف من أبناء شعبنا المتحمسين للوحدة وحتي يديروا معاً حواراً شعبيا متزناً تصلون فيه إلي تفاهم تام حول العمل الشعبي الوحدوي وكان في تقديرنا ولا يزال ان هذا الاجتماع الشعبي المنظم والحوار العربي المفتوح الصريح في مكان وزمان محدد يعطي الفرصة المعقولة لبروز الآراء الشعبية الناضجة كما يعطي الفرصة لتعارف كل من القيادات الشعبية المصرية والليبية ولا يقل عن ذلك أهمية انهم يفوتون علي أعداء الوحدة أن يركبوا موجة هذه المسيرة وينحرفوا بها الي ما يخرجها ويسيء إليها في وقت يتمني فيه الاعداء هذا الإنحراف والانشقاق في الصف العربي

وقد صح ما توقعناه .. وظهرت البوادر في ان البعض قد تجاوز مكان الاجتماع الشعبي في مرسي مطروح متعمدين تجاهل ممثلي الشعب المصري وفئاته المجتمعين لإستقبال إخوتهم الليبيين بكل الترحيب الأخوي الوحدوي

ولما كنا عازمين علي ألا نسمح بأي حال أن تتطور الأمور الي ما يسيء الي موقفنا المتأهب للمعركة مع العدو ولما كنا ترتيباً علي ذلك لن نسمح لأحد من مناهضي الوحدة والاهداف العربية القومية أن يركب موجة هذا التيار الشعبي الشريف فإنني أرجو تدخلكم الشخصي حتي يتم هذا اللقاء بالشكل الشعبي والعربي اللائق في مكان الإحتفال الذي اتفق عليه وزير داخليتكم مع نائب رئيس وزرائنا ووزير داخليتنا في بنغازي

إن احترامنا لسيادة القانون وللتراب المصري الذي هو جزء لا يتجزأ من التراب الليبي يستلزم منا أن نضع القانون موضع التنفيذ كواجبنا نحو شعبنا وأرضنا وسيادة قانوننا الذي لا يمكن ان يسري علي المصريين فقط دون غيرهم لعلكم بكل الوعي العربي والثوري تقدرون الحساسية التي سوف تنشأ بين الشعبين المصري والليبي إذا مست عاطفة الشعب المصري وكبرياؤه بتجاوز هذه المسيرة وتجاهلها لمكان احتفال ممثلي الشعب المصري لها ودخولها علي هيئة زحف لا يمكن أن يصدر من أخ شقيق ومن مسئوليتكم الثورية العربية درء حساسية قد يلزم لها وقت طويل لعلاجها

انني مازالت أصر علي انكم تملكون السيطرة والقيادة لثورة الشعب الليبي وبالتالي فانكم تتحملون كل المسئولية نحو خروج المسيرة عن أهدافها المشروعة في التأييد الشعبي الوحدوي لتكون أداة في أيدي اعداء الوحدة والعرب

وفقنا الله واياكم وهدانا الي ما فيه خير الشعب العربي في مصر وليبيا