كيفية التعامل مع الضغوط النفسية
* علماء الطب يؤكدون: 90% من الأمراض العضوية أسبابها نفسية.
* كل إنسان معرض للتوتر والضغوط مهما كان سنه أو جنسه أو مستواه التعليمي والاجتماعي.
* الصلاة وقراءة القرآن عامل مساعد على الراحة النفسية.
تتركز هذه المقالة حول (كيفية التعامل مع الضغوط النفسية)، وهي تتطرق إلى موضوع الانفعالات والضغوط بشتى أنواعها وتأثيراتها على الصحة الجسمية والنفسية، وطرق التعامل والتكيف معها. وذلك بهدف نشر طرق الوقاية ورفع مستوى الوعي الصحي، ووضع حلول للمشاكل الاجتماعية والنفسية وكيفية التغلب عليها.
هناك العديد من الأمراض العضوية التي تسببها الضغوط النفسية،
حيث أشار علماء الطب منذ القدم إلى وجود علاقة وثيقة بين الجسم والعقل فيما يتعلق بالصحة. وأكدوا إلى أن ما نسبته 90% أو أكثر من الأمراض العضوية التي يتم تشخيصها في العيادات والمستشفيات العامة تعود أسبابها إلى عوامل نفسية، وقد اهتم عدد كبير من الباحثين الصحيين بدور الانفعالات والضغوط النفسية في الإصابة بكثير من الأمراض الشائعة في هذا العصر كأمراض القلب، وضغط الدم والسكري والسرطان وغيرها.
والفضل في اكتشاف أثر الضغوط على جسم الإنسان يرجع إلى الطبيب والباحث النمساوي الأصل "هانس سلييه" وذلك في بداية الخمسينات من هذا القرن. فقد لاحظ بأن عدداً كبيراً من المرضى بالرغم من أنهم يعانون من أمراض مختلفة، إلا أنهم دائماً يشكون من أعراض متشابهة كألم في الرأس وآلام الظهر واضطرابات معوية وشعور بالإعياء وغيرها.
وقد أثبتت التجارب المختبرية التي أجراها فيما بعد بأن الجسم يصدر ردود فعل فيزيولوجية لا تختلف باختلاف أنواع المؤثرات التي يتعرض لها حيث جاءت متشابهة في جميع الحالات وتتكون من تضخم في الغدة الكظرية، وضمور في الغدد الليمفاوية وكذلك التهابات وتقرحات في جدار المعدة والأمعاء. وقد أطلق "سلييه" على هذه التغيرات اسم "ملازمة التكيف العام" أي أن هذه الانفعالات الفيزيولوجية هي طريقة الجسم في المحافظة على توازنه والتكيف أو التعايش مع شتى الضغوط والمؤثرات البيئية، بمعنى آخر أن كل شخص منا مهما يكن سنه أو جنسه أو مستواه التعليمي والاجتماعي معرض للتوتر والضغوط المختلفة التي تكاد تكون ملازمة لنا في حياتنا اليومية وأضافت بأن الإنسان قد يحس بالتوتر لفترة بسيطة أو قد يعاني منه لأمد طويل على حسب الظروف التي يمر بها، وحسب قدرته على التكيف مع أو التغلب على هذه الضغوط.
ويسود الاعتقاد لدى البعض على أن الانفعالات غالباً ما تكون ذات آثار سلبية على الأشخاص، إلا أن هناك ما يمكن اعتباره انفعالا إيجابياً أو مثمراً، ومثال ذلك الأحداث المفرحة كالزواج أو الحصول على مركز وظيفي مهم، أو عندما يمر الشخص بتجارب جديدة أو تحديات كالمقابلات الشخصية أو الاختبارات، فالطاقة العقلية والجسمية الكبيرة المصاحبة أو الناتجة عن هذا الضغط تمكن الإنسان من التأهب التام لهذه التحديات واجتيازها بنجاح وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة رصيده من الخبرة العملية والثقة بالنفس والنضج النفسي والاجتماعي.
ومن باب النصيحة يجب أن لا نتوقع أن كل مشكلة أو تحدٍ يواجهه الإنسان سيشكل ضغطاً عليه أو يؤدي به إلى التوتر، لأن ذلك يتوقف بالدرجة الأولى على التقدير الذهني للشخص ومدى أهمية الموضوع بالنسبة له، وما إذا كان يعتبره تهديداً أو تحدياً لكيانه الشخصي والاجتماعي. فالرسوب في امتحان ما قد يسبب أزمة لشخص، بينما يقابل بعدم اكتراث من جانب شخص آخر، وكذلك يتوقف مدى تأثير الضغوط على الأشخاص على عدة عوامل منها درجة نضج الشخص وخبرته في الحياة، حالته الصحية والنفسية، كمية ومدى الضغوط المؤثرة عليه، معرفته بطبيعة الانفعال، مدى سيطرته على الوضع، مدى ثقته بنفسه وقدراته، الإمكانيات الشخصية ونوع المساندة الاجتماعية المتوفرة له.
وهناك أنواع عديدة من الضغوط المؤثرة على نفسية الإنسان،
ومنها الضغوط المادية/الحسية كالإحساس بالألم الجسمي أو النفسي، أو الإرهاق والأمراض المزمنة كالروماتيزم وفقر الدم المنجلي والسرطان، وكذلك الالتهابات والسموم. كما تلعب العلاقات الأسرية والزوجية والمشاحنات اليومية كالخيانة الزوجية، العنف، الإحباط، والبطالة والفشل في العلاقات العاطفية، دوراً في زيادة الضغوط النفسية.
ونتيجة تعرض الإنسان لأي مشكلة أو عائق، فإنه يقوم بتقييم هذا المؤثر عقلياً ومن ثم يتفاعل معه. فتقدير الشخص لمشكلة تهدد كيانه أو استقراره فإنه ينتج عنه انفعال نفسي كالإحساس بالخوف، القلق، الغضب، الألم النفسي أو الحزن. وتصاحب هذه الانفعالات تغيرات فيزيولوجية، إذ تنشط الغدة النخامية والغدة الكظرية والتي تقوم بإفراز هرمون الأدرينالين في الدم فيؤدي إلى سرعة نبضات القلب، زيادة في التنفس، التعرق، التبول، آلام في المعدة، الحموضة، قلة النوم والشهية، الإسهال، آلام في الصدر، الإغماء، احمرار الوجه والجلد. وهذه الأعراض نفسها تولد القلق عند البعض فيظنون أنهم مصابون بمرض خطير.
وعندما يتعرض أي شخص للضغوط فإنه يلجأ إلى عدة طرق من أجل التغلب على المشاكل أو التخفيف من آثارها بحيث يسهل التكيف معها.
وقد تكون هذه الطرق إيجابية تؤدي بالشخص إلى التكيف السليم وإيجاد حلول لمشاكله أو التعايش معها بصورة جيدة، أو قد تكون سلبية تؤدي إلى تفاقم المشكلة وتوليد مشاكل أخرى كثيرة. وهذه الطرق هي بمثابة هروب من مواجهة المشاكل، مثل: التدخين، وتعاطي المخدرات والكحول والإفراط في الأكل والنوم، والإفراط في استخدام الحيل الدفاعية النفسية كالإنكار والتبرير والإزاحة…ألخ.
وأهم الطرق الصحية للتكيف مع الضغوط النفسية أذكر منها:
العناية بالصحة العامة وتجنب الإجهاد والإرهاق،
والعناية بالتغذية الجيدة،
وأخذ قسط كافي من النوم والراحة
وممارسة الهوايات والأنشطة الترفيهية والتمارين الرياضية كالمشي،
التحدث مع شخص قريب أو صديق ممن يكون في محل ثقة ومحاولة البوح بالمشكلة،
الاعتراف بوجود المشكلة والسعي لحلها بالطرق الهادفة كالاستفسار وجمع المعلومات واللجوء لطلب المساعدة من الأشخاص المتخصصين،
تأدية الصلاة وقراءة القرآن تجلب الراحة النفسية عند الأشخاص الذين يداومون على ذلك،
مزاولة الاسترخاء واليوجا أو الإيحاء أو الاستماع للموسيقى الهادئة،
حرية التعبير عن مشاعر الحزن والفرح وعدم محاولة كبتها،
استخدام الطرق الإيجابية السليمة في التواصل مع الآخرين،
وموازنة الوقت والمسئوليات.
ومن الأهمية للفرد أن يقوم بتغيير نظرته للأمور أو أفكاره السلبية التي قد تؤثر على قدرته على التعامل مع مشاكله بموضوعية.