منتدى اولاد حارتنا
الكتاب: رسالة التوابع والزوابع	 المؤلف: ابن شهيد الأندلسي 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا

او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الحارة

سنتشرف بتسجيلك

شكرا الكتاب: رسالة التوابع والزوابع	 المؤلف: ابن شهيد الأندلسي 829894
الكتاب: رسالة التوابع والزوابع	 المؤلف: ابن شهيد الأندلسي 15761575160515761577
مراقبة الحارة
الكتاب: رسالة التوابع والزوابع	 المؤلف: ابن شهيد الأندلسي 103798


منتدى اولاد حارتنا
الكتاب: رسالة التوابع والزوابع	 المؤلف: ابن شهيد الأندلسي 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا

او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الحارة

سنتشرف بتسجيلك

شكرا الكتاب: رسالة التوابع والزوابع	 المؤلف: ابن شهيد الأندلسي 829894
الكتاب: رسالة التوابع والزوابع	 المؤلف: ابن شهيد الأندلسي 15761575160515761577
مراقبة الحارة
الكتاب: رسالة التوابع والزوابع	 المؤلف: ابن شهيد الأندلسي 103798


منتدى اولاد حارتنا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


أجتمــــــــــــــــــــــاعى شــــــــــامل - دينى - ثقافى - علمى - نصائح
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
أولاد حارتنا ترحب باى حوارجى وتدعوهم على قهوة حارتنا لشرب المشاريب وتدعوهم لسماع درس التاريخ من أستاذ فطين مدرس التاريخ ومشاهدة احدث الأفلام وكمان تحميل الالعاب وبرامج للموبيل وتسمع حكاوى خالتى بامبة  وتتفرج على صور استوديو عمى أنس وتسمع من ميشو على احلى المغامرات

 

 الكتاب: رسالة التوابع والزوابع المؤلف: ابن شهيد الأندلسي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سعد يونس
Admin
Admin
سعد يونس


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 5951
نقاط : 13515
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 19/08/2010
العمر : 59

الكتاب: رسالة التوابع والزوابع	 المؤلف: ابن شهيد الأندلسي Empty
مُساهمةموضوع: الكتاب: رسالة التوابع والزوابع المؤلف: ابن شهيد الأندلسي   الكتاب: رسالة التوابع والزوابع	 المؤلف: ابن شهيد الأندلسي Icon_minitime1الأربعاء 31 أغسطس 2011, 8:43 am

الكتاب: رسالة التوابع والزوابع المؤلف: ابن شهيد الأندلسي

المدخل زهير بن نمير

لله أبا بكر ظنٌّ رميته فأصميتَ وحَدسٌ أملته فما أشويت أبدَيتَ بهما وجه الجليّة وكشفت لله أبا بكر ظنٌّ رميته فأصميتَ وحَدسٌ أملته فما أشويت أبدَيتَ بهما وجه الجليّة وكشفت إن غُرَّةِ الحقيقة حين لمحت صاحبك الذي تكسّبته ورأيته قد أخذ بأطراف السّماء فألف بين قمريها ونظم فرقديها فكلما رأى ثغراً سدَّه بسُهاها أو لمَح خرقاً رمَّه بزُباناها إلى غير ذلك.

فقلت: كيف أوني الحُكم صبياً وهز بجدعِ نخلة الكلام فاساقط عليه رُطباً أما إن به شيطاناً يهديه وشيصباناَ يأتيه وأقسم أنَّ له تابعة تُنجدُه وزابعة تؤيدّه ليس هذا في قدرة الإنس ولا هذا النفس لهذه النفس. فأما وقد قُلتها أبا بكرٍ فأصِخ أسمعك العجب العُجاب:

كنت أيّام كُتاب الهجاء أحِنُّ إلى الأدباء وأصبُو إلى تأليف الكلام فاتبعتُ الدَّواوين وجلستُ إلى الأساتيذ فنبض لي عِرقُ الفهم ودرَّ لي شريانٌ العلم بموادَّ روحانية وقليلُ الالتماح من النظر يزيدني ويَسييرُ المطالعةِ من الكتب يُفيدُني إذ صادف شنٌّ العلم طبقة.

ولم أكُن كالثلجِ تقتبس منه ناراً ولا كالحمار يحملُ أسفاراً.

فطعنت ثُغرة البيان دراكاً وأعلقتُ رجل طيره أشراكاً فانثالث لي العجائب وانهالت عليَّ الرغائب.

وكان لي أوائِل صبوتي هوى اشتدَّ به كلفي ثم لحقني بعد مَلَلٌ في أثناء ذلك المَيل.

فاتفق أن مات من كنتُ أهواه مدَّة ذلك تولى الحِمامُ بظبيِ الخُدُورِ وفازَ الرَّدى بالغزالِ الغريرِ وأوثب الأدهم جدار الحائط ثم غاب عني.

وكنتُ أبا بكرٍ متى أُرتِجَ عليَّ أو انقطع بي مسلك أو خانني أُسلوبٌ أنشدُ الأبيات فيمثَّل لي صاحبي فأسيرُ إلى ما أرغب وأدركُ بقريحتي ما أطلُب.

وتأكدت صًحبتنا وجرت قصص لولا أن يطول الكتابُ لذكرتُ أكثرها لكني ذاكرٌ بعضها.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سعد يونس
Admin
Admin
سعد يونس


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 5951
نقاط : 13515
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 19/08/2010
العمر : 59

الكتاب: رسالة التوابع والزوابع	 المؤلف: ابن شهيد الأندلسي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب: رسالة التوابع والزوابع المؤلف: ابن شهيد الأندلسي   الكتاب: رسالة التوابع والزوابع	 المؤلف: ابن شهيد الأندلسي Icon_minitime1الأربعاء 31 أغسطس 2011, 8:48 am

الفصل الأول
توابع الشعراء
شيطان امرئ القيس

تذاكرتُ يوماً مع زُهير بن نُميرٍ أخبار الخُطباء والشعُّراء وما كان يألفُهُم من توابع والزوابع وقلتُ: هل حيلةٌ في لقاء من اتفق منهم قال: حتى أستأذن شيخنا.

وطار عني ثم انصرف كلمحٍ بالبَصَر وقد أُذن له فقال: حُلَّ على متن الجَوادِ.

فصرنا عليه وسار بنا كالطائر يجتابُ الجوَّ فالجوَّ ويقطعُ الدَّوَّ فالدَّوَّ حتى التمحتُ أرضاً لا كأرضنا وشارفتُ جواً لا كجوّنا متفرع الشجر عطر الزَّهر فقال لي:

حللتَ أرض الجن أبا عامر فبمن تُريدُ أن نبدأ قلتُ: الخطباء أولى بالتقديم لكني إلى الشعراء أشواق.

قال: فمن تُريدُ منهم قلت: صاحب امرئ القيس.

فأما العنان إلى وادٍ من الأدوية ذي دَوحٍ تتكسرُ أشجارُه وتترنمُ أطياره فصاح:

يا عُتيبةُ بن نوفل بسقط اللّوى فحومل ويمِ دارةِ جُلجُل إلاَّ ما عرضتَ علينا وجهك وأنشدتنا من شعرك وسمعت من الإنسي وعرَّفتنا كيف إجازتُك له! فظهر لنا فارسٌ على فرسٍ شقراء كأنها تلتهب فقال:

حياك الله يا زُهير وحيّا صاحبك أهذا فتاهُم قلتُ: هو هذا وأيُّ جمرةٍ يا عتُيبة! فقال لي:

أنشد فقلتُ: السيدُ أولى بالإنشاد. فتطامح طرفُه واهتزَّ عطفه وقبض عنانَ الشقراء وضربها بالسّوط فسمت تُحضر طُولاً عنّا وكرَّ فاستقبلنا بالصَّعدةِ هازاً لها ثم ركزها وجعل يُنشد:

سما لك شوقٌ بعدما كان أقصرا حتى أكمَلها ثم قال:

لي:

أنشِد فهمتُ بالحيصة ثم اشتدَّت قُوى نفسي وأنشدت:

شَجَتْهُ مَعانٍ من سُليمى وأدْؤرُ حتى انتهيتُ فيها إلى قول:

ومِن قُبّةٍ لا يُدركُ الطَّرفُ رأسها تَزِلُّ بها ريحُ الصَّبا فتحدَّرُ تكلّفتُها والليلُ قد جاش بحرهُ وقد جعلت أمواجهُ تتكسرُ ومن تحت حضني أبيضٌ ذو سفاسقٍ وفي الكفّ من عسّالةِ الخطّ أسمرُ فذا جدولٌ في الغمدِ تُسقى به المنى وذا غُصُنٌ في الكفّ يُجنى فيثُمرُ فلما انتهيتُ تأملني عُتيبةُ ثم قال:

اذهب أجزتُك. وغاب عنّا.
شيطان طرفة

فقال لي زُهير:

من تُريدُ بعدُ قلتُ: صاحب طرفة. فجزعنا وادي عُتيبة وركضنا حتى انتهينا إلى غيضةٍ شجرُها شجران: سامٌ يفوحُ بهاراً وشحرٌ يعبق هندياً وعاراً.

فرأينا عيناً معينةً تسيل ويدُورُ ماءها فلكياً ولا يحُل. فصاح به زهير:

يا عنترُ بن العجلان حلَّ بك زهيرٌ وصاحبه فبخَولة وما قطعت معها من ليلة إلاَّ ما عرضت وجهك لنا! فبدا إلينا راكبٌ جميلُ الوجه قد توشح السّيف واشتمل عليه كساء خزّ وبيده خطّيّ فقال:

مرحباً بكُما!

واستنشدني فقلتُ: الزعيمُ أولى بالإنشاد فأنشد:
لِسُــعدى بِحِـزَّانِ الشُّـريف طُلُـول

حتى أكملها فأنشدته من قصيدة:
أمِــن رســمِ دارٍ بـالعقيقِ مُحِـيلِ

حتى انتهيتُ إلى قولي:
وثارت بناتُ الأعوجيّاتِ بالضُّحى أبابِيلَ من أعطافِ غيروبيلِ مُسوَّمةً نعتدُّها من خِيارها لِطردِ قنيصٍ أو لطردِ رعيلِإذا ما تغنّى الصَّحبُ فوق متونِها ضُحيناً أجابت تحتهم بصهيلِدُوسُ بها أبكارَ نورٍ كأنّه رِداءُ عرُوسٍ أوذنتُ بحليلرَمينا بها عُرضَ الصُّوارِ فأقعصت أغنَّ قتلناهُ بغيرِ قتيلِوبادَرَ أصحابي النُّزولَ فأقبلت كراديسُ من غض الشِّواء نشيلِنُمسِّحُ بالحوذانِ مِنهُ إذا ما اقتنصنا منه غير قليلِفقُلنا لسلقِيها: أدرها سُلافةً شمولاً ومِن عينيك صِرفَ شمولِفقالم بكأسيه مُكيعاً لأمرِنا يميلُ به الإدلالُ كلَّ مَميلِوشَعشَعَ راحيه فما زال مائلاً برأسِ كريمِ منهُمُ وتليلِإلى أن ثناهُم راكدينَ لما احتسوا خليعينَ من بطش وفضل عُقولِنشاوى على الزَّهراء صرعى كأنهم أساكينُ قصرٍ أو جُذُوعُ نخيلِ

فقال لي زهير: إلى من تتُوقُ نفسُك بعدُ من الجاهليّين قلت: كفاني من رأيتُ اصرِف وجه قصدنا أبي تمام.

فركضنا ذات اليمين حيناً ويشتدُّ في إثرِنا فارسٌ كأنه الأسد على فرسٍ كأنها العُقاب وهو في عدوه ذلك يُنشد:
طعنتُ ابن عبد القيس طعنة ثائرٍ لها نفذٌ لولا الشعاعُ أضاءها

فاستربتُ منه فقال لي زهير: لا عليك هذا أبو الخطّارِ صاحبُ قيسِ ابن الخطيم.

فاستبى لُبيّ من إنشاده البيت وازددتُ خوفاً لُجرأته وأنّنا لم نُعرَّج عليه. فصرف إليه زهيرٌ وجه الأدم.

وقال: حيّاك اللهُ أبا الخطّار!

فقال: أهكذا يُحادُ عن أبي الخطار ولا يُخطرُ عليه

قال: علمناك صاحب قنص وخفنا أن نشغلك.

فقال لي: أنشدنا يا أشجعي وأُقسم أنك إن لم تُجد ليكوننَّ يوم شر.

فأنشدتُه قولي من قصيدة:
منـازلهم تبكـي إليـكَ عَفاءها ومنها:
خــليليَّ عُوجـا بـاركَ اللـه فيـكفلــم أرَ أسـراباً كأسـرابها الـدُّمىولا كـضلالٍ كـان أهـدى لصبـوتيعجِـبتُ لنفسـي كـيف مُلكهـا الهوىولــو أننــي أنحـتْ عـليَّ أكـارمٌ

ولكــنَّ جُــرذان الثُّغـورِ رميننـيفـأكرمتُ نفسـي أن تُـريق دماءهـا
إليــك أبـا مـروان ألقيـتُ رابيـاًهـززتُكَ فـي نَصـري ضُحىً فكأنّنينقضـتُ عُـرى عزم الزَّمانِ وإن عَتا
ُمـا بدارتِهـا الأولـى نُحـيِّ فناءها!
ولا ذئـب مثـل قـد رعـى ثمَّ شاءها
ليــالي يهــديني الغـرامُ خِباءهـا
وكــيف اســتَفَزَّ الغانِيـاتُ إباءهـا
تـرضَّيتُ بـالعرضِ الكـريمِ جزاءها
بحاجــة نفسِ مـا حُـربتُ خزاءهـا
هـززتُ وقـد جـئتُ الجبال حراءها
بعزمـــةِ نفسٍ لا أريــدُ بقاءهــا

فلما انتهيتُ تبسمَّ وقال: لنعمَ ما تخلّصتَ! اذهب فقد أجزتُك.
صاحب أبي تمام

ثمَّ انصرفنا وركضنا حتى انتهينا إلى شجرةٍ غيناء يتفجرُ من أصلِها عينٌ كمقلةٍ حَواء.

فصاح زُهير: يا عتابُ بن حبناء حلَّ بك زُهير وصاحبهُ فبعمروٍ والقمر الكّالِع وبالرُّقعةِ المفكوكةِالطّابع إلاَّ ما أريتنا وجهك! فانفلق ماء العين عن وجهِ فتىً كفِلقةِ القمر ثم اشتقَّ الهواء صاعداً إلينا من قعرها حتى استوى معنا فقال: حيّاك الله يا زهير وحيّا صاحبك!

فقلتُ: وما الذي أسكنك قعر هذه العين يا عتاب

قال: حيائي من التّحسُّنِ باسمِ الشِّعرِ وأنا لا أُحسنُه.

فصحتُ: ويلي منه كلامُ مُحدثٍ ورب الكعبة! واستنشدني فلم أُنشده إجلالاً له ثم أنشدتُه:
أبكــيتَ إذ طَعَـنَ الفـريقُ فِراقَهـا

حتى انتهيتُ فيها إلى قولي:
إنّ امــرُؤٌ لعــب الزَّمـانُ بهمّتـيوكبـوتُ طِرفـاً في العُلى فاستضكتْوإذا ارتمـت نحـوي المُنـى لأنالهـاوإذا أبــو يحــيى تــأخَّرُ نفسـهُ
وسُـقيتُ مـن كـأس الخُطوبِ دهاقها
حُــمُرُ الأنــامِ فمـا تـريمُ نُهاقهـا
وقـف الزَّمـانُ لهـا هُنـاك فعاقهـا
فمتـى أُؤمّـلُ فـي الزَّمـان لحاقهـا

فلما انتهيتُ قال:

أنشدني من رثائك. فأنشدتُه:
أعينَــا امــرأَ نَزَحَــتْ عينُــهُإذا القلــــبُ أحرقـــهُ بثُّـــهُيـــودُّ الفتــى مَنهــلاً خاليــاًويصــرفُ للكـونِ مـا فـي يديـهِسِــهامُ المَنايــا تُصِيــبُ الفتـىأصَبــنَ عــلى بطشِــهِم جُرهُمـاًوأقصعــنَ كلبــاً عــلى عِــزِّهِ
ولا تَعجَبــا مِــن جُـفُونٍ جمـادىِ
فـــإنَّ المــدامِعَ تِلــوُ الفُــؤادِ
وســعدُ المَنيــةِ فــي كــل وادِ
ومــا الكــونُ إلاَّ نذيــرُ الفسـادِ
ولَــوْ ضَرَبُــوا دُونــه بالسِّـدادِ
وأصميــنَ فـي دارهـم قـومَ عـادِ
فمــا اعــتزَّ بالصَّافِنـاتِ الجِيـادِ

إلى أن انتهيتُ فيها إلى قولي:
ولكـــنّني خـــانَني مَعشـــريهـل ضـرب السـيفُ مـن غيرِ كفٍ
ورُدتُ يَفاعـــاَ وبيــلَ المَــرادِ
وهـل ثبـتَ الـرَّأسُ فـي غـيرِ هادِ

فقال: زِدني من رثائك وتحريضك فأنشدتُه:
أفــي كـلّ عـامٍ مصـرعٌ لعظيـمِهـوى قمـراً قيس بـن عيـلانَ آنفـاًفكـيف لِقـائي الحادِثـاتِ إذا سـطتْوكـيف اهتدائي في الخطُوب إذا دجتمضــى السَّـلفُ الوضَّـاحُ إلا بقيـةً
أصــابَ المَنايـا حـادثي وقـديمي
وأوحـشَ مِـن كـلبٍ مكـانُ زعِيـم
وقــد فُـلَّ سـيفي منهُـمُ وعَـزيمي
وقـد فقـدت عينـاي ضـوءَ نُجُـومِ
كغُــرَّةِ مُســودِّ القميــصِ بهيـمِ

ومنها:
أنــا السّـيفُ لـم تتعـبْ بـه كـفُّ ضســعيتُ بـأحرارِ الرّجـالِ فخـاننيوضيعنــي الأمـلاكُ بـدءاً وعـودةً
اربٍ صـرومٌ إذا صادفتُ كفَّ صرُومِ
رجــالٌ ولــم أُنجَـدْ بِجِـدِّ عظيـمِ
فضعــتُ بــدارٍ منهُــمُ وحَـريمِ

فقال: إن كنتَ ولا بُدَّ قائلاً فإذا دعتك نفسكُ إلى القولِ فلا تكُدَّ قريحتك فإذا أكملتَ فجمامُ ثلاثة لا أقلَّ. ونقّحْ بعدَ ذلك وتذكّرْ قوله:
وجَشَّـمَني خـوفُ ابـنِ عَفّـانَ رَدَّهاوقـد كـان فـي نفسـي عليها زيادةٌ
فثقفتُهــا حــولاً كريتــاً ومربَعـا
فلـــم أرَ إلاَّ أن أُطيــعَ وأســمَعا

وما أنتَ إلاَّ مُحسِنٌ على إساءةِ زمانكَ. فقبلتُ على رأسه وغاصَ في العَين.:
صاحب البحتري

ثم قال لي زُهير من تُريد بعده قلتُ: صاحب أبي نُواس قال: هو بدَيرِ حنّة منذُ أشهر قد علبت عليه الخمر ودّيرُ حنّة في ذلك الجَبل. وعرضه عليَّ فإذا بيننا وبينه فراسخ.

فركضنا ساعةً وجُزنا في ركضِنا بقصرٍ عظيمٍ قُدَّامه ناوردٌ يتطاردُ فيه فُرسان فقُلتُ:

لمَن هذا القصرُ يا زُهير قال:

لطوقِ بن مالك وأبُو الطَّبعِ صاحبُ البُحتُريّ في ذلك النَّاورد فهل لكَ في أن تراه قلتُ: ألفُ أجلْ إنه لمن أساتيذي وقد كُنتُ أُنسِيتُه.

فصاح: يا أبا الطَّبعِ!

فخرج فتىً على فرسٍ أشعل وبيده قناة فقال له زُهير: إنك مؤتمُّنا

فقال: لا صاحُبك أشمخُ مارِناً من ذلك لولا أنه ينقصُه.
ق

لتُ: أبا الطَّبعِ على رِسلِك إنَّ الرّجالَ لا تُكالُ بالقُفزان.
أ

نشدنا من شعرك. فأنشد:
مــــا عــــلى الــــرَّكبِ
مــــن وُقــــوفِ الرَّكـــابِ

حتى أكملها ثم قال: هاتِ إن كنتَ قُلتَ شيئاً. فأنشدتُه:
هـــذِهِ دارُ زينَـــبٍ والرَّبــابِ

حتى انتهيتُ فيها إلى قولي:
وارتكَضنـا حـتى مضـى الليلُ يَسعىفكــأنّ النجـوم فـي الليـل جـيشٌوكــأن الصبــاح قــانصُ طـيرٍوفُتــوٍّ سَـرَوا وقـد عكـف الـليوكــأنّ النجــومَ لمّــا هــدَتهُميتَقَـــرَّوْن جَــوزَ كــلّ فَــلاةٍهمّــةٌ فـي السـماء تسـحب ذيـلاًولــو أن الدنيــا كرينــةُ نَجــرٍجيفـــةٌ أنتنــتْ فطــار إليهــا
وأتــى الصبــحُ قـاطعَ الأسـبابِ
دخـلوا للكُمُـون فـي جـوف غـابِ
قبضــتْ كفّــه برجْــلِ غُـرابِ
ل وأرخــى مُغْــدَودِن الأطنــابِ
أشـــرقَت للعيـــون مــن آدابِ
جُــنْح ليـلٍ جَـوزاؤه مـن ركـابي
مــن ذيــول العُـلى وَجَـدٌّ كـابِ
لــم تكـن طُعمـةً لفَـرْس الكِـلابِ
مــن بنـي دهرهـا فـراخ الذبـابِ

ومنها:
مـن شُـهيدٍ فـي سـرّها ثـم من أشخُطبــاءُ الأنــام إن عَـنَّ خَـطْبٌ
جَـعَ فـي السـرّ مـن لُبـاب اللبابِ
وأعــاريبُ فــي مُتــون عِـرابِ

حتى أكملتُها. فكأنما غشّى وجهَ أبي الطبع قطعةٌ من الليل. وكرّ راجعاً إلى ناوَرْدِه دون أن يُسلّم. فصاح به زهير:

أأجَزْتَه قال: أجَزْتُه لا بورِك فيك من زائر ولا في صاحبك أبي عامر!
صاحب أبي نواس

فضربَ زهير الأدهم بالسوط فسار بنا في قَنَنه وسِرنا حتى انتهينا إلى أصل جَبل دير حَنّة فشقّ سَمعي قرْع النواقيس فصِحْتُ:

من منازل أبي نواس وربِّ الكعبة العَلياء! وسِرنا نجتاب أدياراً وكنائس وحانات حتى انتهينا إلى ديرٍ عظيمٍ تَعبق روائحه وتَصوكُ نوافِحه.
الصفحة الأولي

فوقف زهير ببابه وصاح:

سلامٌ على أهل دير حَنّة!

فقلتُ لزهير: أوَهل صِرنا بذات الأُكَيراج قال:

نعم.

وأقبلتْ نحونا الرَّهابين مُشدّدة بالزنانير قد قبضتْ على العَكاكيز بِيضَ الحواجب واللحى إذا نظروا إلى المرء استحيا مُكثِرين للتسبيح عليهم هَدْيُ المسيح.

فقالوا: أهلاً بكَ يا زهير من زائر وبصاحبك أبي عامر! ما بُغيتُك قال:

حسين الدِّنان.

قالوا: إنه لفي شُرب الخمرة منذ أيام عشرة وما نُراكما منتفعين به. فقال: وعلى ذلك.

ونزلنا وجاؤوا بنا إلى بيتٍ قد اصطفّت دِنانه وعكفتْ غِزلانُه وفي فُرجته شيخٌ طويل الوجه والسَّبَلة قد افترش أضغاث زَهر واتّكأ على زِقّ خمر وبيده طَرْجهارة وحواليه صِبيةٌ كأظْبٍ تَعطو إلى عَرارة.

فصاح به زهير:

حيّاك الله أبا اٌلإحسان!

فجاوب بجوابٍ لا يُعقل لغَلبة الخمر عليه.

فقال لي زهير:
ا

قرعْ أُذُن نشوته بإحدى خَمريّاتك فإنه ربما تنبّه لبعض ذلك.

فصِحْتُ أُنشد من كلمةٍ لي طويلة:
ولــرُبَّ حــانٍ قـد أدرتُ بديـرهفـي فِتيـةٍ جـعلوا الزِّقـاق تِكـاءَهموالــى عــليَّ بطَرْفــه وبكفّــهوتــرنَّم النــاقوس عنـد صَلاتهـميُهـدي إلينـا الـراحَ كـلُّ مُعصفَري
خَـمْر الصِّبـا مُزجَـتْ بصَفْو خُمورهِ
مُتصـــاغِرين تخشُّــعاً لكبــيرهِ
فأمــال مِـنْ رأسـي لِعَـبِّ كبـيرهِ
ففتحْـتُ مـن عينـي لرجـع هَديـرهِ
كالخِشــف خَـفَّره التِمـاحُ خَـفيرهِ

فصاح من حبائل نشوته: أأشجعيّ قلتُ:

أنا ذاك! فاستدعى ماء قرّاحاً فشرب منه وغسل وجهه فأفاق واعتذر إليَّ من حال.

فأدركتْني مَهابته وأخذتُ في إجلاله لمكانه من العِلم والشعر.

فقال لي: أنشِد أو حتى أُنشدَك فقلت:

إنّ ذلك لأشدّ لتأنيسي على أنه ما بعدك لمُحسنٍ إحسانٌ. فأنشد:
يـا ديـر حَنّـة مـن ذات الأكَـيراحيَعتــادُهُ كــلُّ مَحــفوفٍ مَفارقُـهُلا يدلِفــون إلــى مـاءٍ بآنيـةٍ إلاّ
مـن يَصـحُ عنكَ فأني لستُ بالصاحي
مـن الدهـان عليـه سَـحْقُ أمسـاحِ
اغتِرافــاً مــن الغُـدران بـالراحِ

فكدتُ والله أخرج من جِلدي طَرباً ثم أنشد:
طرحــــتم مـــن الترحـــال
أمــــــــراً فغَمَّنـــــــا

وأنشد أيضاً:
لمَــنْ دِمــنٌ تـزداد طيـبَ نسـيمِتجـافى البِـلى عنهـمّ حـتى كأنمـا
عـلى طـول مـا أقْوَتْ وحُسنَ رُسومِ
لبِســنَ مـن الإقـواء ثـوبَ نعيـمِ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سعد يونس
Admin
Admin
سعد يونس


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 5951
نقاط : 13515
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 19/08/2010
العمر : 59

الكتاب: رسالة التوابع والزوابع	 المؤلف: ابن شهيد الأندلسي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب: رسالة التوابع والزوابع المؤلف: ابن شهيد الأندلسي   الكتاب: رسالة التوابع والزوابع	 المؤلف: ابن شهيد الأندلسي Icon_minitime1الأربعاء 31 أغسطس 2011, 8:52 am

واستمرّ فيها حتى أكملها. ثم قال لي:

أنشِد. فقلتُ: وهل أبقيتَ للإنشاد موضعاً قال:

لا بُدّ لكَ وأوعِثْ بي ولا تُنجِدْ. فأنشدته:
هَــبَّ مــنْ مرقــده منكَسِــراًيمســح النَّعســةَ مــن عينــيقلـتُ: هَـبْ لـي يـا حـبيبي قُبلـةًفـــانْثنى يهــتزُّ مــن منكبــهكلّمــــا كــــلّمني قبّلْتُــــهُكــان أن يرجــع مـن لثْمـي لـهقـال لـي يلعـب: خُـذْ لـي طـائراًوإذا اســـتنجزْتُ يومــاً وعْــدهشــربَت أعطافُــه خـمر الصِّبـاوإذا بِــتُّ بــه فــي روضــةٍقــام فــي الليــل بجــيدٍ أتْلـعٍرَشَـــأٌ بــل غــادةٌ ممكــورةٌ
مســـبِلاً للكُــمّ مُــرْخٍ للــرِّدا
رشـاً صـائدٍ فـي كـل يـومٍ أسـدا
تَشْـفِ مـن عمّـك تَـبريح الصَّـدى
قــائلاً: لا! ثــمّ أعطــاني اليَـدا
فهْـــوَ إمــا قــال قــولاً ردّدا
وارتِشـــافي الثغــرَ منــه أدردا
فــتَراني الدهــرَ أجـري بـالكُدى
قــال لـي يَمطُـلُ: ذكّـرني غَـدا
وسَــقاه الحُســن حــتى عَرْبَـدا
أغيـــداً يَعــرو نَباتــاً أغيَــدا
ينقُــضُ اللمّــة مِـنْ دَمْـع النـدى
عمّمــتْ صُبحــاً بليــلٍ أسـودا

فلمّا انتهيتُ قال: لله أنت!
و

إنْ كان طبُعك مخترَعاً منك ثم قال لي:

أنشِدني من رِثائك شيئاً فأنشدتُه من قولي في بُنيّةٍ صغيرة:
أيهــا المعتَــدُّ فـي أهـل النُّهـى
ولا تَـــذُبْ إثــر فقيــدٍ ولهــا

حتى انتهيتُ إلى قولي:
وإذا الأُسْـــدُ حَـــمَتْ أغيالهــاوغــريبٌ يــا ابـنَ أقمـار العُـلا
لـم يَضُـرَّ الخـيس صرعـاتُ المَها
أن يُــراع البـدرُ مـن فقـدِ السُّـها

فلما انتهيتُ قال لي:

أنشِدني من رثائك أشدّ من هذا وأفصَح. فأنشدتُهُ من رثائي في ابن ذَكْوان. ثم قال: أنشِدني جَحْدريّتَك من السجن فأنشدته:
قــريبٌ بمُحْــتَبلّ الهَــوان بعيـدِ

حتى انتهيتُ فيها إلى قولي:
فـإنْ طـال ذكْـري بـالمُجون فإننيوهـل كـنتُ فـي العشّاق أوّل عاشقٍفمّــن مبلـغُ الفتيـان أنـي بعـدهمولســتُ بــذي قيـدٍ يـرقُّ وإنمـانــاظرةٍ تحــت طــيّ القنــاعسَــعَت بابنهــا تبغــي مــنزلاً
شــقيٌّ بمنظــوم الكــلام سَـعيدُ
هَــوَتْ بحِجــاه أعيــنٌ وخـدود
مقيــمٌ بــدار الظــالمين طَريـدُ
عـلى اللحـظ مـن سُخط الإمام قيودُ
دعاهــا إلــى اللــه والخـير داعِ
لـــوصل التَّبَتُّـــل والانقطــاع

فجــاءتْ تهــادى كمثـل الـرَّؤومأتتنـــا تبخْــتَرُ فــي مشــيهاوريعَــتْ حِــذاراً عــلى طفلهـافــولّت وللمِســك مــن ذيلهــا
تُــراعي غــزالاً بــأعلى يَفـاعِ
فحــلّت بــوادٍ كثــيرِ السِّــباعِ
فنــاديتُ: يــا هــذه لا تُـراعي!
عـلى الأرض خـطٌّ كطهـر الشُّـجاعِ

فلما سمع هذا البيت قام يرقُص به ويردّده ثم أفاق ثم قال:

هذا والله شيء لن نُلهمه نحن ثم استدناني فدنوتُ منه فقبّل بين عينيَّ وقال: اذهب فإنك مُجاز.

فانصرفنا عنه وانحدرنا من الجبل.
صاحب أبي الطيب

فقال لي زهير:

ومنْ تريد بعد قلت له: خاتمة القوم صاحب أبي الطيّب فقال: اشدُد له حَيازيمك وعطّر له تسمك وانثُر عليه نجومك.

وأمال عنان الأدهم إلى طريقٍ فجعل يركض بنا وزهيرٌ يتأمّل آثار فرسٍ لمحناها هناك فقلت له:

ما تتبَّعك لهذه الآثار قال: هي آثار فرس حارثة بن المغلَّس صاحب أبي الطيب وقصدي هو صاحب قَنص.

فلم يزل يتقرّاها حتى دفعنا إلى فارسٍ على فرسٍ بيضاء كأنه قضيبٌ على كثيب وبيده قناةٌ قد أسندها إلى عنقه وعلى رأسه عمامةٌ حمراء قد أرخى لها عَذَبَةً صفراء.

فحيّاه زهير فأحسن الردّ ناظراً من مقلةٍ شَوساء قد مُلئت تيهاً وعُجباً. فعرّفه زهيرٌ قصدي وألقى إليه رغبتي.

فقال: بلغني أنه يتناول قلت: للضرورة الدافعة وإلا فالقريحة غير صادعة والشفْرة غير قاطعة.
ق

ال: فأنشدني وأكبرتُه أن أستنشده فأنشدته قصيدتي التي أوّلها:
أبــــرقٌ بــــدا أمْ لمــــع
أبيـــــــضَ قــــــاصِلِ

حتى انتهيت إلى قولي:
تــرددَ فيهـا الـبرقُ حـتى حسـبتُهُربـىً نسـجت أيـدي الغَمـام للُبسهاسـهرتُ بهـا أرعـى النجـوم وأنجماًوقـد فغـرتْ فاهـا بهـا كـلّ زهرةٍومـرّت جـيوش المُـزن رَهواً كأنهاوحـلّقتِ الخـضراء فـي غُـرّ شُهبهاوتلمـحُ مـن جَوزائهـا فـي غُروبهاوتحســب صقـراً واقعـاً دَبَرانهـابَـدرَ الدجـى فيهـا غديـراً وحولـهكـأن الدجـى همّـي ودمعـي نجومههــوتْ أنجــم العليــاء إلاّ أقلّهـا
يشـير إلـى نجـمٍ الـرُّبى بالأنـاملِ
غلائـلَ صُفـراً فـوق بيـضِ غلائلِ
طــوالع للــراعين غــير أوافـلِ
إلــى كـل ضَـرعٍ للغَمامـة حـافلِ
عســاكر زَنْـجٍ مذهَبـاتُ المنـاصِلِ
كلُجّــة بحــرٍ كُــلّلتْ باليعــاللِ
نسـاقُطَ عـرشٍ واهـنِ الـدعم مائلِ
بعُشّ الثريـا فـوق حـمر الحـواصلِو
نجــومٌ كطلعـات الحمـام النـواهلِ
تحـــدّر إشــفاقاً لدهــر الأراذلِ
وغِبـنَ بمـا يحـظى بـه كـل عاقلِ

وأصبحـتُ فـي خـلفٍ إذا ما لمحتُهمومـا طـاب فـي هـذي البريّـة أخرٌأرى حُـمُراً فـوق الصـواهلِ جمّـةًورُبّــتَ كُتّــابٍ إذا قيبـل: زوِّرواونــاقل فِقْــهٍ لـم يـرَ اللـه قلبـهوحــاملِ رمـحٍ راحَ فـوق مَضائـهحُـبُّوا بـالمُنى دوني وغودِرتُ دونهمرحـلتُ إلـى خـير الـورى كلّ حرّةٍوكـدتُ لفضـلِ القـول أبلُـغُ سـاكتاً
تبيّنـتُ أن الجـهل إحـدى الفضـائلِ
إذا هـو لـم يُنجـدْ بطِيـب الأوائـلِ
فـأبكي بعَيْنـي ذُبـلّ تلـك الصواهلِ
بكـتْ مـن تـأنّيهم صُـدورُ الرسائلِ
يظــنّ بـأن الـدين حِـفظُ المسـائلِ
بـه كاعبـاً فـي الحـيّ ذات مغازلِ
أرودُ الأمـاني فـي ريـاض الأباطلِ
مـن المـدح لـم تَخمُلْ بِرَعي الخمائلِ
وإنْ سـاء حُسّـادي مـدى كـلّ قائلِ

فلما انتهيتُ قال: أنشدني أشدّ من هذا. فأنشدتُه قصيدتي:
هــاتيكَ دارُهُــمُ فقِــفْ بمَعانِهـا

فلما انتهيتُ قال لزهير: إن امتدّ به طلق العُمُر فلا بدّ أن بنفث بدُرر وما أُراه إلا سيُحتضَر بين قريحةٍ كالجمر وهمّةٍ تضع أخمصه على مفرِقِ البدر.

فقلت: هلاَّ وضعتُه على صَلعة النسر فاستضحك إليّ وقال: اذهب فقد أجزتُك بهذه النُّكتة. فقبّلتُ على رأسه وانصرفنا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سعد يونس
Admin
Admin
سعد يونس


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 5951
نقاط : 13515
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 19/08/2010
العمر : 59

الكتاب: رسالة التوابع والزوابع	 المؤلف: ابن شهيد الأندلسي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب: رسالة التوابع والزوابع المؤلف: ابن شهيد الأندلسي   الكتاب: رسالة التوابع والزوابع	 المؤلف: ابن شهيد الأندلسي Icon_minitime1الأربعاء 31 أغسطس 2011, 8:54 am

الفصل الثاني
توابع الكتاب
صاحبا الجاحظ وعبد الحميد

فقال لي زهير: من تريد بعده فقلت: ملْ بي إلى الخُطباء فقد قضيتُ وَطَراً من الشعراء.

فركضنا حيناً طاعنين في مطلع الشمس ولقينا فارساً أسرّ إلى زهير وانجزع عنا فقال لي زهير:

جُمعتْ لك خُطباء الجنّ بمَرْج دُهمان وبيننا وبينهم فرسخان فقد كُفيتُ العناء إليهم على انفرادهم.

قلت: لم ذاك قال: للفَرْق بين كلامين اختلف فيه فتيان الجن.

وانتهينا إلى المَرْج فإذا بنادٍ عظيم قد جمع كل زعيم فصاح زهير:

السلام على فُرسان الكلام. فردّوا وأشاروا بالنزول.

فأفرجوا حتى صرنا مركز هالةِ مجلسهم والكل منهم ناظرٌ إلى شيخٍ أصلع جاحظ العين اليُمنى على رأسه قلَنسوةٌ بيضاء طويلة.

فقلت سرّاً لزهير: من ذلك قال: عُتْبةُ بن أرقم صاحب الجاحظ وكُنيتُه أبو عُيينة.

قلت: بأبي هو! ليس رغبتي سواه وغير صاحب عبد الحميد.

فقال لي: إنه ذلك الشيخ الذي إلى جنبه. وعرّفه صَغوي إليه وقولي فيه. فاستدناني وأخذ في الكلام معي فصمت أهل المجلس فقال: إنك لخطيب وحائكٌ للكلام مُجيد لولا أنك مُغْزىً بالسجع فكلامك نظمٌ لا نثر.

فقلتُ في نفسي: قرعَكَ بالله بقارعته وجاءك بمُماثَلته.

ثم قلت له: ليس هذا أعزّك الله منّي جَهلاً بأمر السجع وما في المماثَلة والمقابلة من فضْل ولكني عدمتُ فرسان الكلام ودُهيتُ بغباوة أهل الزمان وبالحَرا أن أحرِّكهم بالازدواج.

ولو فرشتُ للكلام فيهم طَولقاً وتحركت لهم حركة مَشُوْلم لكان أرفع لي عندهم وأولج في نفوسهم. فقال: أهذا على تلك المناظر وكبَر تلك المحابر وكمال تلك الطيالس قلت: نعم إنها لِحاء الشجر وليش ثمّ ثمرٌ ولا عَبَق.

قال لي: صدقتَ إني أراك قد ماثلْتَ معي.

قلت: كما سمعت.

قال: فكيف كلامهم بينهم قلت: ليس لسيبويه فيه عمل ولا للفَراهيدي إليه طريق ولا للبَيان عليه سمة.

إنما هي لُكنةٌ أعجميةٌ يُؤدّون بها المعاني تأدية المَجوس والنَّبَط.

فصاح: إنا لله ذهبت العربُ وكلامُها! ارمهم يا هذا بسَجع الكُهّان فعسى أن ينفعك عندهم ويُطير لك ذِكراً فيهم. وما أُراك مع ذلك إلا ثقيل الوطأة عليهم كَريهَ المجيء إليهم.

فقال الشيخ الذي إلى جانبه وقد علمتُ أنه صاحب عبد الحميد ونفسي مرتقِبةٌ إلى ما يكون منه: لا يَغُرَّنْك منه أبا عُيينة ما تكلّف لك من المماثلة إن السجع لطبعه وإن ما أسمّعك كُلْفة.


ولو امتدّ به طَلَقُ الكلام وجرت أفراسه في مَيْدان البَيان لصلى كَودَنُه وكل بُرثُنُه.

وما أُراه إلاّ من اللُّكْن الذين ذّكَر وإلاّ فما للفصاحة لا تهدِر ولا للأعْرابية لا تومِض فقلتُ في نفسي:

طبع عبد الحميد ومساقُه وربِّ الكعبة!

فقلت له: لقد عجِلْتَ أبا هُبيرة - وقد كان زهيرٌ عرّفني بكُنيته - إنّ قوسَكَ لنبع وإن سهمك لسُمّ أحِماراً رميتَ أن إنساناً وقعقعةً طلبْتَ أم بَياناً وأبيك إن البَيان لصعْب وإنك منه لفي عباءةٍ تتكشّف عنها أسْتاه معانيك تكشُّف اسْتِ العَنْز عم ذنبها.

الزمان دفءٌ لا قُرّ والكلام عراقي لا شامي.

إني لأرى من دم اليَربوع بكفّيك وألمح من كُشى الضبّ على ماضِغيك.

فتبسّم إليّ وقال: أهكذا أنت يا أُطَيلِسْ تركَب لكلٍّ نهجه وتعجّ إليه عجّه فقلت:

الذئب أطلس وإنّ التيْس ما علمْت! فصاح به أبو عُيينة: لا تعرِض له وبالحَرا أن تخْلُص منه.

فقلت: الحمد لله خالق الأنام في بطون الأنعام! فقال: إنها كافيةٌ لو كان له جِحْر.

فبَسَطاني وسألاني أن أقرأ عليهما من رسائلي فقرأتُ رسالتي في صفة البَرْد والنار والحطب فاستحسناها.
رسالة الحلواء

ومن رسالتي في الحَلواء حيث أقول:

خرجتُ في لمّةٍ من الأصحاب وثُبَةٍ من الأتراب فيهم فقيهٌ ذو لَقْم ولم أعرَّفْ به وغَريم بطنٍ ولم أشعر له رأى الحَلواء فاستخفّه الشره واضطرب به الولَه فدار قس ثيابه وأسال من لُعابه حتى وقف بالأكداس وخالط غَمار الناس ونظر إلى الفالوذَج فقال: بأبي هذا اللمْص انظروه كأنه الفصّ مُجاجةُ الزنابير أُجريَتْ على شوابير وخالطها لُباب الحبّة فجاءت أعذبَ من ريق الأحبّة.

ورأى الخبيص فقال: بأبي هذا الغالي الرَّخيص هذا جليدُ سماء الرَّحمة تمخضت به فأبرزت منه زُبدَ النَّعمة يُجرحُ باللّحظ ويذوبُ من اللّفظ.

ثم ابيضَّ قالوا بماء البيض البضّ قال غضٌّ من غَضّ ما أطيب خلوة الحبيب لولا حضرةُ الرَّقيب!

ولمح القُبيطاء فصاح: بأبي نُقرةُ الفضّة البيضاء لا تَرُدُّ عن العَضَّة.

أبنارٍ طُبخت أم بِنُور فإني أراها كقطع البدُّور وبلوزٍ عُجنت أم بِجَوز فإني أراها عين عجينٍ الموز.

وموشى إليها وقد عدَّل صاحبُها بدرهمين وانتهشها بالنّابين فصاح: القارعة ما القارعة! هِية!

ويلٌ للمرء من فيه! ورأى الزَّلابِية فقال: ويلٌ لأمها الزانية أبأحشائي نُسِجَتْ أم من صِفاقِ قلبي أُلفت فإني أجدُ مكانها من نفسي مكيناً وحبل هواها على كبدي متيناً فمن أين وصلت كفُّ طابخها إلى باطني فاقتطعتها من دواجني والعزيز الغفار لأطلُبنها بالثأر! ومشى إليها فتلمظ له لسانُ الميزان فأجفل يصيحُ: الثُّعبان الثُّعبان! ورُفع له تمرُ النَّشا غير مهضوم الحشا فقال: مهيم! من أين لكم جنى نخلة مريم ما أنتم إلاّ السُّحار وما جزاؤكم إلاَّ السيفُ والنار.

وهم أن يأخذ منها. فأثبت في صدره العصا فجلس القُرفُصا يُذري الدُّموع ويُبدي الخُشُوع.

وما منّا أحد إلاّ عن الضَّحك قد تجلّد. فرقت له ضُلوعي وعلمتُ أنَّ فيه غيرُ مُضيعي.

ولو امتدّ به طَلَقُ الكلام وجرت أفراسه في مَيْدان البَيان لصلى كَودَنُه وكل بُرثُنُه.

وما أُراه إلاّ من اللُّكْن الذين ذّكَر وإلاّ فما للفصاحة لا تهدِر ولا للأعْرابية لا تومِض فقلتُ في نفسي:

طبع عبد الحميد ومساقُه وربِّ الكعبة!

فقلت له: لقد عجِلْتَ أبا هُبيرة - وقد كان زهيرٌ عرّفني بكُنيته - إنّ قوسَكَ لنبع وإن سهمك لسُمّ أحِماراً رميتَ أن إنساناً وقعقعةً طلبْتَ أم بَياناً وأبيك إن البَيان لصعْب وإنك منه لفي عباءةٍ تتكشّف عنها أسْتاه معانيك تكشُّف اسْتِ العَنْز عم ذنبها.

الزمان دفءٌ لا قُرّ والكلام عراقي لا شامي.

إني لأرى من دم اليَربوع بكفّيك وألمح من كُشى الضبّ على ماضِغيك.

فتبسّم إليّ وقال: أهكذا أنت يا أُطَيلِسْ تركَب لكلٍّ نهجه وتعجّ إليه عجّه فقلت:

الذئب أطلس وإنّ التيْس ما علمْت! فصاح به أبو عُيينة: لا تعرِض له وبالحَرا أن تخْلُص منه.

فقلت: الحمد لله خالق الأنام في بطون الأنعام! فقال: إنها كافيةٌ لو كان له جِحْر.

فبَسَطاني وسألاني أن أقرأ عليهما من رسائلي فقرأتُ رسالتي في صفة البَرْد والنار والحطب فاستحسناها.
رسالة الحلواء

ومن رسالتي في الحَلواء حيث أقول:

خرجتُ في لمّةٍ من الأصحاب وثُبَةٍ من الأتراب فيهم فقيهٌ ذو لَقْم ولم أعرَّفْ به وغَريم بطنٍ ولم أشعر له رأى الحَلواء فاستخفّه الشره واضطرب به الولَه فدار قس ثيابه وأسال من لُعابه حتى وقف بالأكداس وخالط غَمار الناس ونظر إلى الفالوذَج فقال: بأبي هذا اللمْص انظروه كأنه الفصّ مُجاجةُ الزنابير أُجريَتْ على شوابير وخالطها لُباب الحبّة فجاءت أعذبَ من ريق الأحبّة.

ورأى الخبيص فقال: بأبي هذا الغالي الرَّخيص هذا جليدُ سماء الرَّحمة تمخضت به فأبرزت منه زُبدَ النَّعمة يُجرحُ باللّحظ ويذوبُ من اللّفظ.

ثم ابيضَّ قالوا بماء البيض البضّ قال غضٌّ من غَضّ ما أطيب خلوة الحبيب لولا حضرةُ الرَّقيب!

ولمح القُبيطاء فصاح: بأبي نُقرةُ الفضّة البيضاء لا تَرُدُّ عن العَضَّة.

أبنارٍ طُبخت أم بِنُور فإني أراها كقطع البدُّور وبلوزٍ عُجنت أم بِجَوز فإني أراها عين عجينٍ الموز.

وموشى إليها وقد عدَّل صاحبُها بدرهمين وانتهشها بالنّابين فصاح: القارعة ما القارعة! هِية!

ويلٌ للمرء من فيه! ورأى الزَّلابِية فقال: ويلٌ لأمها الزانية أبأحشائي نُسِجَتْ أم من صِفاقِ قلبي أُلفت فإني أجدُ مكانها من نفسي مكيناً وحبل هواها على كبدي متيناً فمن أين وصلت كفُّ طابخها إلى باطني فاقتطعتها من دواجني والعزيز الغفار لأطلُبنها بالثأر! ومشى إليها فتلمظ له لسانُ الميزان فأجفل يصيحُ: الثُّعبان الثُّعبان! ورُفع له تمرُ النَّشا غير مهضوم الحشا فقال: مهيم! من أين لكم جنى نخلة مريم ما أنتم إلاّ السُّحار وما جزاؤكم إلاَّ السيفُ والنار.

وهم أن يأخذ منها. فأثبت في صدره العصا فجلس القُرفُصا يُذري الدُّموع ويُبدي الخُشُوع.

وما منّا أحد إلاّ عن الضَّحك قد تجلّد. فرقت له ضُلوعي وعلمتُ أنَّ فيه غيرُ مُضيعي.

وأخذتُ للكلام أهبته ولبستُ للبيان بزتهُ فقلتُ: وأنا أيضاً لا أعرف على من قرأت.

قال :ألمثلي يُقال هذا فقلت: فكان ماذا قال: فطارحني كتاب الخليل.

قلتُ: هو عندي في زنبيل.

قال: فناظرني على كتاب سيبويه.

قلتُ: خريت الهرَّةُ عندي عليه وعلى شرح ابن درستويه.

فقال لي: دع عنك أبا أبو البيان.

قلت: لاه اللهُ! إنّما كمُغن وسط لا يُحسنُ فيُطرب ولا يُسيء فيلهي.

قال: لقد علّمنيه المؤدِّبُون.

قلتُ: ليس هو من شأنهم إنما هو من تعليم الله تعالى حيث قال: الرَّحمنُ عَلَّمَ القُرآنَ خلقَ الإنسانَ عَلّمَهُ البَيان .

ليس من شعرٍ يُفسَّر ولا أرضٍ تُكسَّر.

هيهات حتى يكون المسكُ من أنفاسك والعنبرُ من أنفاسك وحتى يكون مساقُكَ عذباً وكلامُك رطباً ونفسُك من نَفسك وقليبُك من قلبِك وحتى تتناول الوضيع فترفعه والرفيعَ فتضعه والقبيح فتحسنه! قال: أسمعني مثالاً.

قلتُ: حتى تصف بُرغُوثاً فتقول:
صفة برغوث

أسودُ زنجي وأهيٌّ وحشي ليس بوانٍ ولا زُميل وكأنه جُزء لا يتجزأ من ليل أو شُونيزة أوثقتها غريزة أو نقطةُ مِداد أو سويداءُ قلبِ قُراد شُربه عب ومشيه وثب يكمنُ نهاره ويسري ليله يدارك بطعنٍ مؤلم ويستحلُّ دم كل كافرٍ ومُسلم مُساورٌ للأساورة يجُرُّ ذيله على الجبابر يتكفر بأرفع الثياب ويهتكُ ستر كل حِجاب ولا يحفل ببوَّاب مناهل العيش العذبة ويصلُ إلى الأحراج الرَّطبة لا يمنعُ منه أمير ولا ينفعُ فيه غيرةُ غيور وهو أحقر كل حقير شرُّه مبثوث وعهده منكوث وكذلك كلُّ بُرغُوث كفى نقصاً للإنسان ودلالةً على قُدرةِ الرَّحمَن. ص

فة ثعلب وحتى تصف ثعلباً فتقول: أدهى من عمرو وأفتكُ من قاتل حُذيفة ابن بدر كثيرُ الوقائع في المسلمين مُغرى بإراقة دماء المؤذنين إذا رأى الفُرصة انتهزها وإذا طلبته الكُماةُ أعجزها وهو مع ذلك يُقراطُ في إدامه وجالينوسُ في اعتدال طعامه غداؤه حمامٌ أو دجاج عشاؤه تدرُج أو دُرَّاج.
صاحب بديع الزمان

وكان فيما يقابلُني من ناديهم متًى قد رماني بطرفه واتّكأ لي على كفّه فقال: تحيُّلٌ على الكلام لطيفٌ وأبيك!

فقلت: وكيف ذلك قال: أوما علمت أنَّ الواصف إذا وصف لم يتقدَّم إلى صفته ولا سُلط الكلامُ على نعته اكتفى بقليل الإحسان واحجتزى بيسير البيان لأنه لم يتقدم وصفٌ بُقرنُ بوصفه ولا جرى مساقٌ يُضاف إلى مساقه. وهذه نسكتةٌ بغذاذية أنى لك بها يا فتى المغرب.

فقلتُ لزُهير: من هذا قال: زبدةُ الحقب صاحب بديع الزمان. فقلتُ: يا زبدة الحقب اقترح لي قال: صف جاريةً. فوصفتُها. قال: أحسنت ما شئت أن تُحسن! قلتُ: أسمعني وصفك للماء.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سعد يونس
Admin
Admin
سعد يونس


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 5951
نقاط : 13515
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 19/08/2010
العمر : 59

الكتاب: رسالة التوابع والزوابع	 المؤلف: ابن شهيد الأندلسي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب: رسالة التوابع والزوابع المؤلف: ابن شهيد الأندلسي   الكتاب: رسالة التوابع والزوابع	 المؤلف: ابن شهيد الأندلسي Icon_minitime1الأربعاء 31 أغسطس 2011, 8:55 am

قال: ذلك من العُقم. قلت: بحياتي هاته.

قال: أزرق كعين السنّور صافٍ كقضيب البلور انتُخب من الفُرات واستعمل بعد البيات فجاء كلسان الشمعة في صفاء الدمعة.

فقلتُ: انظره يا سيدي كأنه عصيرُ صباح أو ذوبُ قمرٍ لياح ينضبُّ من إنائه انصباب الكوكب من سمائه العين حانُوته والفمُ عفريتُه كأنه خيطٌ من غزلٍ فُلق أو مخصرٌ يُضربُ به من ورق يُرفعُ عنك فتردى ويُصدع به قلبك فتحيا.

فلمّا انتهيت في الصفة ضرب زُبدةُ الحقب الأرض برجله فانفرجت له عن مثل برهُوت وتد هدى إليها واجتمعت عليه وغابت عينه وانقطع أثره. فاستضحك الأستاذان من فعله
رجع إلى أنف الناقة
فقال: وقعت لك أوصافٌ في شعرك تظنُّ أني لا أستطيعُها فقلتُ له: وحتى تصف عارضاً فتقول:

ومُرتجزٍ ألقى بذي الأثل كلكلاً وحطَّ بجرعاء الأبارقِ ما حطا وسعى في قيادِ الرِّيحِ يُسمحُ للصَّبا فألقت على غيرٍ التِّلاعِ به مِرطا
ومـا زال يُـروي حـتى كسـا الرُّبى
درانـك والغيطـان مـن نسجه بُسطا
وعنــت لـه ريـحٌ تُسـاقطُ قطـرهُولــم أر دُراً بدَّدتــه بــدُ الصَّبـاوبتنـا نُـراعي الليـل لـم نطوِ بُردهتـراه كـملك الـزَّنجِ فـي فرط كبرهِمُطـلاً عـلى الآفـاقِ والبـدرُ تاجُـهُ
كمـا نـثرت حسناءُ من جيدها سمطا
ســواهُ فبـات النَّـورُ يلقُطُـه لقطـا
ولم يجر شيبُ الصُّبح في فرعه وخطا
إذا رام مشــياً فـي تبخـتُره أبطـا
وقـد علـق الجـوزاء مـن أذنه قُرطا

وحتى تصف ذئباً فتقول:
إذا اجتــاز عُلــويُّ الرّيـاحِ بأُفقـهإذا انتابهـــا مــن أذؤُبِ القفــرِأزلُّ كســـا جُثمانـــه مُتســتراًفــدلَّ عليـهِ لحـظُ خـبٍ مُخـادعٍ
أجـــدَّ لعرفــانِ الصَّبــا يتنفس
طـارقٌ حثيث إذا استشعر اللحظ يهمسُ
طيـالس سـوُداً للدُّجـى وهـو أطلسُ
تـرى نـارهُ مـن مـاء عينيـه تُقبسُ

فصاح فتيانُ الجن عند هذا البيت الأخير: زاه! وعلت أنف الناقة كآبةٌ وظهرت عليه مَهابةٌ واختلط كلامه وبدا منه ساعتئذٍ بوادٍ في خطابه رحمهُ لها من حضر وأشفق عليه من أجلها من نظر.
صاحب أبي إسحاق بن حمام

وشمَّر لي فتًى كان إلى جانبه عن ساعدٍ وقال لي:

وهل يضُرُّ قريحتك أو ينقُص من بديهتك لو تجافيت لأنف الناقة وصبرت له فإنه على علاَّته زيرُ علم وزنبيلُ فهم وكنفُ رواية.

فقلت لزهير:

من هذا فقال: هو أبو الآداب صاحب أبي إسحاق بن حُمامٍ جارل.

فقلت: يا أبا الآداب وزهرة ريحانةِ الكُتاب رفقاً على أخيك بغرب لسانك وهل كان يُضُرُّ أنف الناقة أو ينقص من علمه أو يُفلُّ شفرة فهمه أن يصبر لي على زلةٍ تمرُّ في شعرٍ أو خُطبة فلا يهتفُ بها بين تلاميذه ويجعلها طرمذةً من طراميذه فقال: إنَّ الشيُوخَ قد تهفو أحلامهم في النَّدرة.

ثم قال لي الأستاذان عُتبةُ بن أرقم وأبو هُبيرة صاحب عبد الحميد: إنا لنخبطُ منك ببيداء حيرة وتُفتقُ أسماعنا منك بعبرة وما ندري أنقولُ: شاعرٌ أم خطيب فقلتُ: الإنصاف أولى والصَّدعُ بالحق أحجى ولا بُدَّ من قضاء.
فقالا:

اذهب فإنك شاعرٌ خطيب. وانفضَّ الجمع والأبصارُ إليَّ ناظرة والأعناق نحوي مائلة.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سعد يونس
Admin
Admin
سعد يونس


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 5951
نقاط : 13515
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 19/08/2010
العمر : 59

الكتاب: رسالة التوابع والزوابع	 المؤلف: ابن شهيد الأندلسي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب: رسالة التوابع والزوابع المؤلف: ابن شهيد الأندلسي   الكتاب: رسالة التوابع والزوابع	 المؤلف: ابن شهيد الأندلسي Icon_minitime1الأربعاء 31 أغسطس 2011, 9:00 am

]b]الفصل الثالث
نقاد الجن
مجلس أدب

وحضرتُ أنا أيضاً وزهيرٌ مجلساً من مجالسِ الجن فتذاكرنا ما تعاورته الشعراْ من المعاني ومن زاد فأحسن الأخذ ومن قصر.

فأنشد قول الأفوه بعضُ من حضر:
وتــرى الطّــيرَ عــلى آثارنــا
رأي عيـــنٍ ثقـــةً أن ســتُمار

وأنشد آخر قول النابغة:
إذا مـا غـزوا بـالجيش حـلّق فوقهمتـراهنَّ خـلف القـوم خُـزراً عُيونها
عصــائبُ طـيرٍ تهتـدي بعصـائب
جُـلوسَ الشـيوخِ فـي ثيابِ المرانبِ

وأنشد آخرُ قول أبي نُواس:
تتأيَــــا الطّــــيرُ غدوتـــهُ
ثِقـــةً بالشِّــبعِ مــن جــزره

وأنشد آخرُ قول صريع الغواني:
قـد عـوَّد الطّـير عـاداتٍ وثقنَ بها
فهُــنَّ يتبعنــهُ فـي كـل مُرتحـلِ

وأنشد آخرُ قول أبي تمام:
وقـد ظُلّلَـتْ عِقبـانُ أعلامـهِ ضُحًىأقـامت مـع الرَّايـاتِ حـتى كأنّهـا
بِعِقبـانِ طـيرٍ فـي الدِّمـاء نـواهلِ
مــن الجـيشِ إلاَّ أنهـا لـم تقـابلِ

فقال شمردلُ السَّحابي: كلهم قصر عن النابغة لأنه زاد في المعنى ودلَّ على أنَّ الطير إنما أكلت أعداء الممدوح وكلامهم كلهم مشترك يحتمل أن يكون ضدَّ ما نواه الشاعر وإن كان أبو تمام قد زاد في المعنى.

وإنما المحسنُ المتخلّص المتنبي حيثُ يقول:
لــهُ عسـكراً خـيلٍ إذا رمـي بهـا
عســكراً لــم تبــق إلاَّ جماجمـه

وكان بالحضرةِ فتىً حسنُ البزَّة فاحتدَّ لقول شمردل فقال:

الأمرُ على ما ذكرت يا شمردل ولكن ما تسأل الطيرُ إذا شبعت أيُّ القبيلين الغالب وأما الطيرُ الآخر فلا أدري لأي معنًى عافت الطيرُ الجماجم دونَ عظام السُّوق والأذرُع والفقارات والعصاعص ولكنَّ الذي خلّص هذا المعنى كلّه وزاد فيه وأحس التركيب ودلَّ بلفظةٍ واحدةٍ على ما دلَّ عليه شعرُ النابغة وبيتُ المتنبي من أن القتلى التي أكلتها الطيرُ أعداءُ الممدوح فاتكُ بنُ الصَّقعب في قوله:
وتــدري سـباعُ الطـيرِ أنَّ كُماتـهُلهُــنَّ لُعـابٌ فـي الهـواء وهـزَّةٌتطــيرُ جياعــاً فوقــهُ وتردُّهـا
إذا لقيــت صيــدَ الكُمــاةِ سـباعُ
إذا جــدَّ بيــن الــدَّرعين قـراعُ
ظُبــاهُ إلـى الأوكـار وهـي شـباعُ

تملــك بالإحســانِ ربقــةَ رِقهـاوألحـمَ مـن أفراجهـا فهـي طوعـهُتُمــاصعُ جرحاهـا فيُجـهزُ نقرهـا
فهُــنَّ رقيــقٌ يُشــترى ويُبــاعُ
لـدى كـل حـربٍ والمُلـوكُ تُطـاعُ
عليهــم وللطّــير العتـاقِ مِصـاعُ

فاهتزَّ المجلسُ لقوله وعلموا صدقه.

فقلتُ لزهير: من فاتك بن الصَّقعب قال: يعني نفسه.

قلت له: فهلاَّ عرَّفتني شأنه منذ حين إني لأرى نزعاتٍ كريمة وقمتُ فجلست إليه جِلسة المعظِّم له.

فاستدار نحوي مُكرماً لمكاني فقلت: جُد أرضنا أعزَّك الله بسحابك وأمطرنا بعيونِ آدابك. قال: سل عما شئت.

قلتُ: أيُّ معنى سبقك إلى الإحسان فيه غيرُك فوجدته حين رُمته صعباً إلا عليك أنك نفذت فيه قال: معنى قول الكندي:
ســموتُ إليهـا بعدمـا نـام أهلهـا
ســموَّ حبـاب حـالاً عـلى حـالِ

قلتُ: أعزَّكَ الله هو من العُقم.

ألا ترى عُمر بن أبي ربيعة وهو من أطبع الناس حين رام الدُّنُوَّ منه والإلمام به كيف افتضح في قوله:

ونفضتُ عني النّوم أقبلتُ مشيةَ ال حُبابِ ورُكني خيفةَ القومِ أزورُ قال:

صدقت إنه أساء قسمة البيت وأراد أن يُلطف التَّوصُّل فجاء مُقبلاً بُركت كركنه أزور.

فأعجبني ذلك منه وما زلتُ مقدِّماً لهذا المعنى رجلاً ومؤخرِّاً عنه أُخرى حتى مررتُ بشيخٍ يُعلمُ بنياً له صناعة الشّعر وهو يقول له:

إذا اعتمدت معنًى قد سبقك إليه غيرُك فأحسن تركيبه وأرقَّ حاشيته فاضرب عنه جُملة. وإن لم يكن بُدّ ففي غير العروض التي تقدَّم إليها ذلك المحسنُ لتنشط طبيعتُك طبيعتُك وتقوى مُنَّتُك فتذكرتُ قول الشاعر وقد كنتُ أنسيته:
لمــا تســامى النّجــمُ فـي أفقـهِأقبلــتُ والــوطء خــفيفٌ كمـا
ولاحـــت الجــوزاءُ والمِــرزمُ
ينســابُ مــن مكمنــه الأرقــمُ

فعلمتُ أنه صدق وابن أبي ربيعة لو ركب غير عروضه لخلص.

فقلتُ أنا في ذلك:
ولمـــا تمَّـــلأ مــن سًــكرهِدوتُ إليــــه عـــلى بُعـــدهوبـــتُّ بـــه ليلتــي ناعمــاًأقبـــلُ منــه بيــاض الطُّــلا و
فنــام ونــامت عيــونُ العسـس
دُنُــــوَّ رفيـــقٍ مـــا التمس
إلـــى أن تبســـمَّ ثغــرُ الغلس
أرشـــيفُ منـــه ســواد اللَّعس

فقمتُ وقبلتُ على رأسه وقلت:

لله درُّ أبيك!

فقال لي فاتكُ بن الصَّقعب: فهل جاذبتَ أنتَ أحداً من الفحول

قلتُ: نعم قول أبي الطّيب:
أأخــلعُ عــن كــتفي وأطلبــهُ
وأتـركُ الغيـث فـي غمـدي وأنتجعُ

تملــك بالإحســانِ ربقــةَ رِقهـاوألحـمَ مـن أفراجهـا فهـي طوعـهُتُمــاصعُ جرحاهـا فيُجـهزُ نقرهـا
فهُــنَّ رقيــقٌ يُشــترى ويُبــاعُ
لـدى كـل حـربٍ والمُلـوكُ تُطـاعُ
عليهــم وللطّــير العتـاقِ مِصـاعُ

فاهتزَّ المجلسُ لقوله وعلموا صدقه.

فقلتُ لزهير: من فاتك بن الصَّقعب قال: يعني نفسه.

قلت له: فهلاَّ عرَّفتني شأنه منذ حين إني لأرى نزعاتٍ كريمة وقمتُ فجلست إليه جِلسة المعظِّم له.

فاستدار نحوي مُكرماً لمكاني فقلت: جُد أرضنا أعزَّك الله بسحابك وأمطرنا بعيونِ آدابك. قال: سل عما شئت.

قلتُ: أيُّ معنى سبقك إلى الإحسان فيه غيرُك فوجدته حين رُمته صعباً إلا عليك أنك نفذت فيه قال: معنى قول الكندي:
ســموتُ إليهـا بعدمـا نـام أهلهـا
ســموَّ حبـاب حـالاً عـلى حـالِ

قلتُ: أعزَّكَ الله هو من العُقم.

ألا ترى عُمر بن أبي ربيعة وهو من أطبع الناس حين رام الدُّنُوَّ منه والإلمام به كيف افتضح في قوله:

ونفضتُ عني النّوم أقبلتُ مشيةَ ال حُبابِ ورُكني خيفةَ القومِ أزورُ قال:

صدقت إنه أساء قسمة البيت وأراد أن يُلطف التَّوصُّل فجاء مُقبلاً بُركت كركنه أزور.

فأعجبني ذلك منه وما زلتُ مقدِّماً لهذا المعنى رجلاً ومؤخرِّاً عنه أُخرى حتى مررتُ بشيخٍ يُعلمُ بنياً له صناعة الشّعر وهو يقول له:

إذا اعتمدت معنًى قد سبقك إليه غيرُك فأحسن تركيبه وأرقَّ حاشيته فاضرب عنه جُملة. وإن لم يكن بُدّ ففي غير العروض التي تقدَّم إليها ذلك المحسنُ لتنشط طبيعتُك طبيعتُك وتقوى مُنَّتُك فتذكرتُ قول الشاعر وقد كنتُ أنسيته:
لمــا تســامى النّجــمُ فـي أفقـهِأقبلــتُ والــوطء خــفيفٌ كمـا
ولاحـــت الجــوزاءُ والمِــرزمُ
ينســابُ مــن مكمنــه الأرقــمُ

فعلمتُ أنه صدق وابن أبي ربيعة لو ركب غير عروضه لخلص.

فقلتُ أنا في ذلك:
ولمـــا تمَّـــلأ مــن سًــكرهِدوتُ إليــــه عـــلى بُعـــدهوبـــتُّ بـــه ليلتــي ناعمــاًأقبـــلُ منــه بيــاض الطُّــلا و
فنــام ونــامت عيــونُ العسـس
دُنُــــوَّ رفيـــقٍ مـــا التمس
إلـــى أن تبســـمَّ ثغــرُ الغلس
أرشـــيفُ منـــه ســواد اللَّعس

فقمتُ وقبلتُ على رأسه وقلت:

لله درُّ أبيك!

فقال لي فاتكُ بن الصَّقعب: فهل جاذبتَ أنتَ أحداً من الفحول

قلتُ: نعم قول أبي الطّيب:
أأخــلعُ عــن كــتفي وأطلبــهُ
وأتـركُ الغيـث فـي غمـدي وأنتجعُ

تملــك بالإحســانِ ربقــةَ رِقهـاوألحـمَ مـن أفراجهـا فهـي طوعـهُتُمــاصعُ جرحاهـا فيُجـهزُ نقرهـا
فهُــنَّ رقيــقٌ يُشــترى ويُبــاعُ
لـدى كـل حـربٍ والمُلـوكُ تُطـاعُ
عليهــم وللطّــير العتـاقِ مِصـاعُ

فاهتزَّ المجلسُ لقوله وعلموا صدقه.

فقلتُ لزهير: من فاتك بن الصَّقعب قال: يعني نفسه.

قلت له: فهلاَّ عرَّفتني شأنه منذ حين إني لأرى نزعاتٍ كريمة وقمتُ فجلست إليه جِلسة المعظِّم له.

فاستدار نحوي مُكرماً لمكاني فقلت: جُد أرضنا أعزَّك الله بسحابك وأمطرنا بعيونِ آدابك. قال: سل عما شئت.

قلتُ: أيُّ معنى سبقك إلى الإحسان فيه غيرُك فوجدته حين رُمته صعباً إلا عليك أنك نفذت فيه قال: معنى قول الكندي:
ســموتُ إليهـا بعدمـا نـام أهلهـا
ســموَّ حبـاب حـالاً عـلى حـالِ

قلتُ: أعزَّكَ الله هو من العُقم.

ألا ترى عُمر بن أبي ربيعة وهو من أطبع الناس حين رام الدُّنُوَّ منه والإلمام به كيف افتضح في قوله:

ونفضتُ عني النّوم أقبلتُ مشيةَ ال حُبابِ ورُكني خيفةَ القومِ أزورُ قال:

صدقت إنه أساء قسمة البيت وأراد أن يُلطف التَّوصُّل فجاء مُقبلاً بُركت كركنه أزور.

فأعجبني ذلك منه وما زلتُ مقدِّماً لهذا المعنى رجلاً ومؤخرِّاً عنه أُخرى حتى مررتُ بشيخٍ يُعلمُ بنياً له صناعة الشّعر وهو يقول له:

إذا اعتمدت معنًى قد سبقك إليه غيرُك فأحسن تركيبه وأرقَّ حاشيته فاضرب عنه جُملة. وإن لم يكن بُدّ ففي غير العروض التي تقدَّم إليها ذلك المحسنُ لتنشط طبيعتُك طبيعتُك وتقوى مُنَّتُك فتذكرتُ قول الشاعر وقد كنتُ أنسيته:
لمــا تســامى النّجــمُ فـي أفقـهِأقبلــتُ والــوطء خــفيفٌ كمـا
ولاحـــت الجــوزاءُ والمِــرزمُ
ينســابُ مــن مكمنــه الأرقــمُ

فعلمتُ أنه صدق وابن أبي ربيعة لو ركب غير عروضه لخلص.

فقلتُ أنا في ذلك:
ولمـــا تمَّـــلأ مــن سًــكرهِدوتُ إليــــه عـــلى بُعـــدهوبـــتُّ بـــه ليلتــي ناعمــاًأقبـــلُ منــه بيــاض الطُّــلا و
فنــام ونــامت عيــونُ العسـس
دُنُــــوَّ رفيـــقٍ مـــا التمس
إلـــى أن تبســـمَّ ثغــرُ الغلس
أرشـــيفُ منـــه ســواد اللَّعس

فقمتُ وقبلتُ على رأسه وقلت:

لله درُّ أبيك!

فقال لي فاتكُ بن الصَّقعب: فهل جاذبتَ أنتَ أحداً من الفحول

قلتُ: نعم قول أبي الطّيب:
أأخــلعُ عــن كــتفي وأطلبــهُ
وأتـركُ الغيـث فـي غمـدي وأنتجعُ

يُطــالبُ بـالهنديّ فـي كـل فتكـةٍوفـي السُّـرى لك لو أزمعت مرتحلاًثـم اسـتمرَّت بفضـل القولِ تُنهضيالمُلحــفين رداء الشــمس مجـدهمُألمـتُ بـالحُبّ حـتى لـو دنـا أجلىوزادنـي كـرمي عمن ولهتُ به ويليتخــوَّنتني رجـالٌ طالمـا شـكرتلئــن وردتُ سُــهيلاً غـبَّ ثالثـةٍهنـاك لا تبتغـي غـير السَّـناءِ يديحــتى رانـي فـي أدنـي مـواكبهمريـان مـن زفـراتِ الخـيلِ أوردُهاقُـــدَّام مـــن قــوم وجــدتُهمُففتــح عــليَّ عينيـن كالمـاويتينشــكوتُ إليـك صـروف الزَّمـانِوتقصــرُ عــن همتــي قُـدرتيولا غــرو للحُــرّ عنـد المَضِـيُ
ظُهُـور المـذاكي عـن ظُهورِ المنابرِ
بـرءٌ مـن الشـوق أو برءٌ من العدم
فقلـتُ: إنـي لأسـتحيي بنـي الحـكم
والمنعليــن الثُّريـا أخـمص القـدمِ
لمـا وجـدتُ لطعـم المـوت من ألم
مــن الحـبّ أو ويـلي مـن الكـرمِ
عهـدي وأثنـت بمـا راعيتُ من ذممِ
لتقـــرعنَّ عـــليَّ مــن نــدم
ولا تخـفُّ إلـى غـير العُـلى قدمي
عـلى النَّعمامـة شـلاَّلاً مـن النَّعـمِ
أمــواه نيظـة تهـوي فيـه بـاللُّجُمِ
أرعـى لحـقِّ العُـلى من سالفِ الأمم
ثــم قــال لــي: مــن القـائل:
فلـم تعـدُ أن كـنت عـون الزَّمـان
فيــا ليتنــي لسـوى مـن نمـاني
قِ أن يتمنــى وضيــع الأمــاني

قلت: أخي قال: فمن القائل
صـدودٌ وإن كـان الحـبيبُ مُسـاعفاًومــا فتئـت تلـك الديـارُ حبائبـاًولـو أسـعفتنا بـالمودَّةِ فـي الهـوىومـا كـان يجـفو ممـرضي غير أنه
وبعــدٌ وإن كــان المـزارُ قريبـاً
لنــا قبــل أن نلقـى بهـنَّ حبيبـا
لأدنيــن إلفــاً أو شــغلن رقيبـا
عدتــه العـوادي أن يكـون طبيبـا

قلت: عمي.

قال: فمن القائل

أتيناك لا عن حاجةٍ عرضت لنا إليك ولا قلبِ إليك مشوقِ
ولكننــا زُرنــا بفضــل حلومنـا
حمــاراً تلقــى برَّنــا بعُقُــوقِ

قلت: جدي.

قال: فمن القائل
ويـــلي عـــلى أحــور تيــاهحـــتى إذا أمكـــنني أمـــرهُ
أحســن مــا يلهُـوه بـه الللاهـي
تركتـــهُ مـــن خيفــةِ اللــهِ

قلت: جدُّ أبي.

قال: فمن القائل
ويــح الكتابــة مـن شـيخٍ هبنَّقـةٍومنتــنِ الــريحِ إن ناحيتـه أبـداً
يلقــى العيــون بـرأسٍ مخُّـهُ رار
كأنمــا مـات فـي خيشُـومه فـارُ

قلتُ: أنا قال: والذي نفس فرعون بيده لا عرضتُ لك أبداً إني أراك عريقاً في الكلام.

ثم قلَّ واضمحلَّ حتى إنَّ الخنفساء لتدوسُه فلا يشغل رجليها.
ف

عجبتُ منه وقلت لزهير: من هذا الجني فقال لي: استعذ بالله منه إنه ضرط في عين رجلٍ فبدرت من قفاه هذا فرعونُ ابن الجون.

فقلتُ: أعوذُ بالله العظيم من النار ومن الشيطان الرَّجيم!

فتبسَّم زهيرٌ وقال لي:

هو تابعةُ رجُل كبير منكم ففهمتها عنه

[/b]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سعد يونس
Admin
Admin
سعد يونس


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 5951
نقاط : 13515
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 19/08/2010
العمر : 59

الكتاب: رسالة التوابع والزوابع	 المؤلف: ابن شهيد الأندلسي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب: رسالة التوابع والزوابع المؤلف: ابن شهيد الأندلسي   الكتاب: رسالة التوابع والزوابع	 المؤلف: ابن شهيد الأندلسي Icon_minitime1الأربعاء 31 أغسطس 2011, 9:11 am

الفصل الرابع
حيوان الجن
لغة الحمير

ومشيتُ يوماً وزهير بأرض الجن أيضاً نتقرَّى الفوائد ونعتمدُ أندية أهل الآداب منهم إذ أشرفنا على قرارةٍ غناء تفنرُّ عن بركة ماء وفيها عانةٌ من حُمُر الجن وبغالهم قد أصابها أولق فهي تصطكُّ بالحوافر وتنفُخ من المناخر وقد اشتدَّ ضُراطُها وعلا شحيجها وهاقها.

فلما بصرت بنا أجفلت إلينا وهي تقول: جاءكم على رجليه!

فارتعتُ لذلك فتبسَّم زهيرٌ وقد عرف القصد وقال لي: تهيأ للحكم.

فلما لحقت بنا بد أني بالتفدية وحيتني بالتكنية.

فقلت: ما الخطبُ حُمي حماك أيتها العانة وأخصب مرعاك قالت: شعران لحمارٍ وبغل من عشَّاقنا اختلفنا فيها وقد رضيناك حكماً قلت: حتى أسمع.

فقدَّمت إليَّ بغةٌ شهباء عليها جلُّها وبرقُعها لم تدخل فيما دخلت فيه العانةُ من سوء العجلة وسُخفِ الحركة فقالت:
أ

حدُ الشِّعرين لبغلٍ من بغالنا وهو:
عـلى كـل صـب مـن هـواهُ دليلُ:ومـا زال هـذا الحـبُّ داءً مُبرحـاًبنفسـي التـي أمـا ملاحـظُ طرفهـاتعبـتُ بمـا حُـملتُ مـن ثقـل حُبهاومـا نلـتُ منهـا نـائلاً غـير أنني
سـقامٌ عـلى حـر الجـوى ونُحُـولُ
إذا مـا اعـترى بغـلاً فليس يـزولُ
فســحرٌ وأمــا خدُّهــا فأســيلُ
وإنــي لبغــلٌ للثقــالِ حــمُولُ
إذا هــي بـالت بُلـتُ حـيثُ تبُـولُ

والشِّعر الآخرُ لدُكينٍ الحمار:
كّـلفتُ بـإلفي منـذ عشـرين حجـةًومـالي مـن بـرحِ الصَّبابـة مخلصٌوغــير منهــا قلبهـا لـي نميمـةٌومـا نلـتُ منهـا نـائلاً غـير أنّني
يجُـولُ هواهـا فـي الحشـا ويعيـثُ
ولا لـي مـن فيـضِ السّـقامِ مُغيـثُ
نماهــا أحــمُّ الخُـصيتينِ خـبيثُ
إذا هــي راثــتُ حــيثُ تـروثُ

ففضحك زهيرٌ وتماسكتُ وقلتُ للمنشدة:

ما هويتُ قالت:

هو هويبُ بلغة الحمير.

فقلت: والله إن للرَّوثِ رائحة كريهةً وقد كان أنف الناقة أجدر أن يحكم في الشعر!

فقالت: فهمت عنك وأشارت إلى العانة أنَّ دُكيناً مغلوباً ثم انصرفت قانعة راضية.

وقالت لي البغلة: أما تعرفني أبا عامر قلت: لو كانت ثمَّ علامة! فأماطت لثامها فإذا هي بغلةُ أبي عيسى والخالُ على خدها فتباكينا طويلاً وأخذنا في ذكر أيامنا فقالت:

ما أبقيت منك قلت: ما ترين.

قالت: شبَّ عمرٌو عن الطوق!

فما فعل الأحبة بعدي أهم على العهد قلتُ:

شبَّ الغِلمان وشاخ الفتيان وتنكرتِ الخلاَّن ومن إخوانك من بلغ الإمارة وانتهى إلى الوزارة.

فتنفستِ الصُّعداء وقالت: سقاهم الله سبل العهد وإن حالوا عن العهد ونسُوا أيام الود.

بحرمة الأدب إلاَّ ما أقرأتهم مني السلام قلت: كما تأمرين وأكثر.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الكتاب: رسالة التوابع والزوابع المؤلف: ابن شهيد الأندلسي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الكتاب: الأغاني المؤلف: أبي الفرج الأصفهاني
» الكتاب: مجمع الأمثال المؤلف: الميداني
» الكـتـاب: الأخبار الطوال المؤلف: أبو حنيفة الدينوري
» ابن حزم الأندلسي
» لا تقل فلان شهيد

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى اولاد حارتنا :: مكتبة كتب :: كتب دينية-
انتقل الى:  
تصحيح أحاديث وأقوال مأثورة لشيوخ اولاد حارتنا


بحث عن:

مع تحيات أسرة اولاد حارتنـــــــــــــــــا
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدى اولاد حارتنا على موقع حفض الصفحات

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدى اولاد حارتنا على موقع حفض الصفحات