( ممَا جَاءَ فِي فِي نَسْخِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ ) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ
عَنْ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضى الله تعالى عنه أنه قَالَ :
( كُنَّا نَتَكَلَّمُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و على آله و صحبه وَ سَلَّمَ
فِي الصَّلَاةِ يُكَلِّمُ الرَّجُلُ مِنَّا صَاحِبَهُ إِلَى جَنْبِهِ حَتَّى نَزَلَتْ
{ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ }
فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَ نُهِينَا عَنْ الْكَلَامِ (
قَالَ وَ فِي الْبَاب عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ
قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ
قَالُوا إِذَا تَكَلَّمَ الرَّجُلُ عَامِدًا فِي الصَّلَاةِ أَوْ نَاسِيًا أَعَادَ الصَّلَاةَ وَ هُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ
وَ ابْنِ الْمُبَارَكِ وَ أَهْلِ الْكُوفَةِ
وَ قَالَ بَعْضُهُمْ إِذَا تَكَلَّمَ عَامِدًا فِي الصَّلَاةِ أَعَادَ الصَّلَاةَ
وَ إِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَجْزَأَهُ وَ بِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ .
الشـــــــــــــــروح
قَوْلُهُ : ( عَنِ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ )
بِالْمُعْجَمَةِ وَ الْمُوَحَّدَةِ مُصَغَّرٌ الْعِجْلِيِّ أَبِي الطُّفَيْلِ ثِقَةٌ مِنَ الْخَامِسَةِ .
قَوْلُهُ : ( يُكَلِّمُ الرَّجُلُ مِنَّا صَاحِبَهُ إِلَى جَنْبِهِ )
تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ كُنَّا نَتَكَلَّمُ زَادَ الْبُخَارِيُّ بِحَاجَتِهِ ،
قَالَ الْحَافِظُ : وَ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَتَكَلَّمُونَ فِيهَا بِكُلِّ شَيْءٍ
وَ إِنَّمَا يَقْتَصِرُونَ عَلَى الْحَاجَةِ مِنْ رَدِّ السَّلَامِ وَ نَحْوِهِ
( حَتَّى نَزَلَتْ { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } ) أَيْ سَاكِتِينَ .
قَوْلُهُ : ( وَ فِي الْبَابِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ )
أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ بِلَفْظِ :
كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَ هُوَ فِي الصَّلَاةِ فَيَرُدُّ عَلَيْنَا
فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا
فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فِي الصَّلَاةِ فَتَرُدُّ عَلَيْنَا ،
فَقَالَ : إِنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا .
وَ أَمَّا حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ : قَالَ :
بَيْنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ
فَقُلْتُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ فَقُلْتُ :
وَا ثُكْلَ أُمِّيَاهُ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ ؟ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ ،
فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
فَبِأَبِي هُوَ وَ أُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَ لَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ ،
فَوَاللَّهِ مَا كَهَرَنِي وَ لَا ضَرَبَنِي وَ لَا شَتَمَنِي ،
قَالَ : إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ ،
إِنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَ التَّكْبِيرُ وَ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ ، الْحَدِيثَ .
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ )
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ .
قَوْلُهُ : ( وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَابْنِ الْمُبَارَكِ ) وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ
( وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِذَا تَكَلَّمَ عَامِدًا فِي الصَّلَاةِ أَعَادَ الصَّلَاةَ ،
وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَجْزَأَهُ ، وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ ) وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ ،
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ عَالِمٍ بِالتَّحْرِيمِ
عَامِدًا لِغَيْرِ مَصْلَحَتِهَا أَوْ إِنْقَاذِ مُسْلِمٍ مُبْطِلٌ لَهَا ، وَ اخْتَلَفُوا فِي السَّاهِي وَ الْجَاهِلِ
فَلَا يُبْطِلُهَا الْقَلِيلُ مِنْهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَ أَبْطَلَهَا الْحَنَفِيَّةُ ، انْتَهَى .
وَ قَالَ الْعَيْنِيُّ فِي عُمْدَةِ الْقَارِيِّ : أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ
عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ لِغَيْرِ مَصْلَحَتِهَا أَوْ لِغَيْرِ إِنْقَاذِ هَالِكٍ أَوْ شُبْهَةٍ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ ،
وَ أَمَّا الْكَلَامُ لِمَصْلَحَتِهَا فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَ الشَّافِعِيُّ وَ مَالِكٌ وَ أَحْمَدُ : تَبْطُلُ الصَّلَاةُ ،
وَ جَوَّزَهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَ طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ ،
وَ أَمَّا النَّاسِي فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِالْكَلَامِ الْقَلِيلِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ،
وَ بِهِ قَالَ مَالِكٌ وَ أَحْمَدُ وَ الْجُمْهُورُ ، وَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا تَبْطُلُ ،
وَ قَالَ النَّوَوِيُّ : دَلِيلُنَا حَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ ، وَ أَجَابَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا :
إِنَّ حَدِيثَ قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ ؛
لِأَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ كَذَا رُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، وَ أَنَّ قِصَّتَهُ فِي الصَّلَاةِ كَانَتْ قَبْلَ بَدْرٍ ،
وَ لَا يَمْنَعُ مِنْ هَذَا كَوْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ وَ هُوَ مُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ عَنْ بَدْرٍ ؛
لِأَنَّ الصَّحَابِيَّ قَدْ يَرْوِي مَا لَا يَحْضُرُهُ بِأَنْ يَسْمَعَهُ
مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ أَوْ مِنْ صَحَابِيٍّ آخَرَ ،
انْتَهَى كَلَامُ الْعَيْنِيِّ .
قُلْتُ : هَذَا الْجَوَابُ الَّذِي نَقَلَهُ الْعَيْنِيُّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ قَدْ رَدَّهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ الرَّائِقِ
حَيْثُ قَالَ : هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْهُ أَيْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ :
بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ وَ سِيَاقُ الْوَاقِعَةِ وَ هُوَ صَرِيحٌ فِي حُضُورِهِ ،
فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حُجَّةٌ لِلْجُمْهُورِ ، فَإِنَّ كَلَامَ النَّاسِي وَ مَنْ يُظَنُّ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا لَا يُفْسِدُهَا
وَ لَمْ أَرَ عَنْهُ جَوَابًا شَافِيًا ، انْتَهَى .
قُلْتُ : الْأَمْرُ كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ الرَّائِقِ لَا شَكَّ فِي حُضُورِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي وَاقِعَةِ ذِي الْيَدَيْنِ ،
فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِأَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ صَرِيحَةٍ