الجولان أرض المقاومة

الجولان أرض المقاومة

أعزائي منذ فترة طالبني البعض من الزملاء بوضع ملف أو موضوع شامل عن المقاومة في الجولان السوري المحتل و بالطبع فهناك الكثير من المزاودات و المتاجرات التي تتكرر بين حين و أخر حول هذه النقطة و للأسف فقد كانت هناك وسائل اعلام عربية تتورط و بصورة مؤسفة في هكذا مبالغات و اطلاق شعارات رنانة ينطبق عليها المثل القائل كلمة حق يراد بها باطل، و الواقع الديموغرافي في الجولان حاليا قائم على النحو الأتي فهناك خمسة قرى في الجولان مأهولة و الباقي نزحوا بعد حرب 67 و عدد السكان في هذه القرى هو حوالي 35 ألفا أو ربما يزيد عن ذلك في بعض الاحصائيات و التي لا تزال تفتقر الى الدقة و الوضوح و لا يوجد مصدر للرزق و المعيشة لهؤلاء سوى الزراعة فقط غالبا و تحاول السلطة المحتلة تضييق الخناق على سكان الجولان بكافة الوسائل حتى تجبرهم على الانصياع أو الرحيل و حتى الأن فشلت سلطات الاحتلال في ذلك كما فشلت في اجبار هؤلاء على تقبل أو استعمال وثائق التعريف و الهوية الاسرائيلية و لقد أحبط هؤلاء المحاولات الاسرائيلية المتكررة لضمهم الى نطاق سلطة الدولة العبرية بالمعنى العملي و القانوني برغم قلة عددهم و قلة مواردهم كما فشلت في تجنيد أتباع لها من بين المقاومين أو أفراد أسرهم أو أقربائهم برغم كافة الأساليب المنحطة و الاعتقالات و غيرها من أساليب الترهيب أو التعذيب أو أية أساليب مارستها على شعبنا العربي في فلسطين.
قد يتسائل الكثيرون لماذا لا تحظى المقاومة في الجولان بالدعاية التي تحظى بها المقاومة في فلسطين مثلا أو في جنوبي لبنان و السبب هو شيئان فاتا عن ذهن الكثيرين الأول هو محدودية أساليب الاتصالات المأمونة للمقاومين فهم متواجدون في قرى جبلية معزولة يسهل على قوات الاحتلال فصلها عن العالم و منع التسلل للمراسلين و الصحفيين و أية وسائل اعلام و كذلك فليس من الحكمة لاي من هؤلاء المقاومين اعطاء أية فرصة أمام سلطات الاحتلال لكشفهم و السبب الثاني هو في كون المقاومة في الجولان قد اتبعت اسلوب الخلايا المعزولة في عملها و ليس الاسلوب التنظيمي المعتاد و المستقر على تسلسل قيادي و تلقي تعليمات بالتتابع حيث أن ذلك سيؤدي الى كشف شبكات المقاومة بكاملها و لقد وجد المقاومون في الجولان أن هذا أفضل اسلوب و بالتالي فالجيش الاسرائيلي يجد نفسه و باستمرار يواجه متغيرات لا يتكيف معها ببساطة حتى أن الجنود الاسرائيليين يبغضون جدا القيام بدوريات ليلية في الجولان و يتعرضون لمحاكمات من قبل قيادتهم عندما يرفضون الذهاب فيها.
و لقد أحبطت المقاومة في الجولان مشروعين كبيرين خططت لهما الدولة العبرية الأول كان مشروع اقامة دولة طائفية درزية بعد حرب 67 فقد تمكن اثنان من قادة المقاومة من معرفة كافة تفاصيل المشروع في روما بعد استدراج المعلومات من أحد ضباط الموساد ثم قام أحدهما و هو الشهيد كمال أبو لطيف بابلاغ القائد كمال جنبلاط و كذلك القيادة السورية و الرئيس جمال عبد الناصر فاتخذ هؤلاء كافة الاجراءات التي أفشلت المشروع كليا و بالطبع فلقد دفع الشهيد كمال أبو لطيف حياته ثمنا لذلك فاغتاله عملاء الموساد عام 79 كما اغتالوا كمال جنبلاط و اعتقلت السلطة الاسرائيلية البطل كمال كنج أبو صالح بعدها حتى عام 74 و صمد تحت كافة أشكال التعذيب و لم يعترف عن أي ممن عملوا تحت قيادته حتى تبادل الأسرى بين سورية و اسرائيل حيث أصر الرئيس حافظ الأسد على اطلاق سراحه قبل أي أسير أخر.
المشروع الثاني كان عام 1981 حيث حاولت السلطة الاسرائيلية اجبار المواطنين على استعمال الهوية الاسرائيلية بعد أن أصدرت قرار ضم الجولان فأصدر مواطنوا الجولان بيانهم الشهير و الذي نص على اي شخص يتعامل مع السلطة الاسرائيلية وأو يحمل هوية صادرة عنها هو مطرود من المجتمع الجولاني و بمعنى عشائري يهدر دمه و برغم الحصار الذي دام لأكثر من عام فقد فشلت الدولة العبرية في فرض ارادتها على سكان الجولان.
لم تستطع قوات الاحتلال حتى الأن من ممارسة القدرة على اقتحام البيوت لاعتقال المقاومين ببساطة و من النادر جدا لها أن تتمكن ذلك و غالبا تلجأ الى نصب الكمائن على مداخل القرى و الطرقات الجبلية لتلقي القبض على من تعتقد أنه مع شبكات المقاومة و من الملفت للنظر أن صور الرئيس حافظ الأسد مرتديا زيه العسكري تملأ كل بيت في هذه القرى و الى جوارها الأن صور الرئيس بشار الأسد و في زي عسكري و قبل بضع سنوات صرح الجاكم العسكري الاسرائيلي بغضب أريد أن أعرف كيف استطاع هؤلاء الملاعين من ادخال ألاف الصور هل المخابرات عندنا حمير الى هذا الحد؟؟!!
الطلبة القادمون من الجولان عبر الممر الذي تديره قوات الأمم المتحدة يخضعون غالبا لتحقيق مطول و مهين و يجبرون على الوقوف في الشمس و الريح و البرد ثم قد يقول مسؤول المخابرات لهم بهزء لقد تلقيت أمرا بقفل المعبر و يكررون ذلك معهم باستمرار مجبرين هؤلاء على العودة عدة مرات و يقدم الجنود على تمزيق الكتب الدراسية وبالطبع فلئن أبدى أي منهم أي نوع من المقاومة يتعرض للضرب و الدوس بأحذية الجنود و الاعتقال الذي قد يستمر لفترة طويلة و المعتقلات الاسرائيلية لها سمعة تجعل سجن أبو غريب أشبه بمنتجع سياحي أو فندق خمسة نجوم.
سألت ذات مرة طالبا جولانيا لماذا اختار أن يدرس طب الأسنان فقال لي ان أحد أقرف أشكال التعذيب الذي تمارسه سلطة الاحتلال هو حفر الأسنان و أعرف الكثيرين من أقربائي أو غيرهم ممن برعت أيادي الجلادين الاسرائيليين في تشويههم بهذا الاسلوب!!
المستوطنات الاسرائيلية في الجولان هي أشبه بقلاع مسلحة و محاطة بحقول الألغام و أسيجة كهربائية و كلاب حراسة و لقد حاولت سلطة الاحتلال أن تغري ايا من سكان الجولان بالعمل في المستوطنات لكنها توقفت عن ذلك بعدما لاحظت تكرار العمليات ضد هذه المستوطنات و الحرائق المستمرة التي تحدث بصورة غير طبيعية أما مهاجمة مستودعات الأسلحة أو تفجيرها فلقد حاولت أيضا التكتم عليها باستمرار لكنها فشلت في اخفاء ذلك في نهاية الأمر.
حاولت مرة احدى الكليات الأميركية أن تدعي الموضوعية فادارت مناظرة بين طالب جولاني و أخر اسرائيلي و بالطبع فلقد ركز الاسرائيلي على الادعاء بأن اسرائيل تنشر الديمقراطية و الحضارة و العرب يردون على ذلك بالارهاب فرد عليه الطالب الجولاني ساخرا أعطني طائرتك الأف-16 الحضارية و عندئذ سأستخدمها بمنتهى الرفق لأدمرك أنت و من بعثك الى أرضي دون حاجة الى ما تدعوه أنت ارهابا.
الملف المرفق هو حافل بتفصيلات واسعة عما فعلته المقاومة في الجولان مع أسماء الأبطال المعتقلين في سجون الاحتلال.
تقبلوا تحياتي