حقيقة معنى الطاغوت

تعريــف الطاغــوت... لنــرى إعرابــه:
( الطاغوت ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع)
(الطاغوت ) مبتدأ
( ما ) موصولة أو إستفهام تعطي نفس المعنى
( تجاوز ) فعل
( به ) الباء حرف جر والهاء ضمير متصل
( العبد ) فاعل
( حده ) مفعول به مضاف الى الفاعل
( من ) حرف جر
( معبود ) اسم وكذلك الباقي
فيكون اللفظ الإعرابي
المبتدأ جر ضمير الفاعل إلى مفعولٌ به مضاف إليه
بمعني: مبتدأ فعل الفاعل مفعولٌ به مضاف إليه.

06cb7d189fe9.gif

فالصفة مضافة للفاعل وليس أحد الأسماء في أخر الجملة... فالعبد كل عبد يتجاوز حده بتجاوز الحد الذي حده الله في قضية الشرك... تلزمه صفة الطاغوت لتجاوزه الحد الذي حده له الله ومثال ذلك:-
عيسى عليه السلام نبي مرسل ولم يطلب من أحد عبادته كما لم يأمر بغير ما شرع الله والناس هم الذين عبدوه وجعلوا منه اله بزعمهم فالصفة تلزمهم لا تلزمه هو.
وهذا نوع من فصيل الطاغوت لأن صفة الطاغوت هي إسم علم للقطيع التابع لذاك الفصيل بتجاوز تلك الأمة أو الجماعة الحد.
كذلك من عبد الصنم الحجر فالحجر غير مكلف وبالتالي لا تلزمه هذه الصفة لأنه جماد غير مكلف .
كذلك الشجر او الحيوان او غير ذلك من جماد وحيوان.
وفي المقابل قد تلزم الصفة الفاعل والمفعول به لإشتراكهما في نوع وصفة التجاوز مثلاً:-
الساحر ومن يسحر له فالساحر تلزمه الصفة لتجاوزه وعمله السحر ومن أستخدمه تلزمه الصفة لإيمانه بالسحر وبالساحر وعمله السحر .
كذلك الحكم والتحاكم للقوانين الوضعية التي أستبدلت بدل كتاب الله ودونت وأصبحت مرجعاً حتى وإن أقر فاعلها بأن حكم الله هو الأصلح لأن إقراره لا يكفيه ويدخله في كفر الإعراض.
اسمع ماذا يقول ابن عثيمين.

والإسلام يعني الإستسلام لله والإنقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك فإذا لم يفعل ذلك لم يدخل الإسلام.
وهنا أنبه أن اليهود والنصارى يشهدون بالشهادة ويصلون ويحجون ويقرون بوجود الله رباً ولكنهم خرجوا من التوحيد بالشرك وهذا هو كفرهم فلم ينفعهم التصديق بدون متابعة.

06cb7d189fe9.gif

ثم اؤكد استئناساً مستشهداً بكلام بعض اهل العلم

06cb7d189fe9.gif

قال تعالى (( يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ))

يقول شيخ الاسلام ابن تيمية: الطاغوت فعلوت من الطغيان، والطغيان: مجاوزة الحد وهو الظلم والبغي. فالمعبود من دون الله إذا لم يكن كارها لذلك طاغوت،

ولهذا سمى النبي عليه الصلاة والسلام الأصنام طواغيت في الحديث الصحيح لما قال: "و يتبع من يعبد الطواغيت الطواغيت".

والمطاع في معصية الله، والمطاع في اتباع غير الهدى ودين الحق سواء كان مقبولا خبره المخالف لكتاب الله، أو مطاعا أمره المخالف لأمر الله هو طاغوت، ولهذا سمى من تحوكم إليه من حاكم بغير كتاب الله طاغوت، وسمى فرغون وعاداً طغاة…

يقول الامام ابن القيم : الطاغوت كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع، فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إلى غير الله ورسوله، أو يعبدونه من دون الله، أو يتبعونه على غير بصيرة من الله، أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة لله،

فهذه طواغيت العالم إذا تأملتها وتأملت أحوال الناس معها رأيت أكثرهم عدلوا من عبادة الله إلى عبادة الطاغوت، وعن التحاكم إلى الله وإلى الرسول إلى التحاكم إلى طاغوت، وعن طاعته ومتابعة رسوله إلى طاعة الطاغوت ومتابعته.

قلت : هذا حال الناس في عهد ابن القيم - رحمه الله - قبل أكثر من سبعمائة عام، فكيف لو رأى ابن القيم الناس في زماننا، فماذا تراه يقول..؟!

يقول الامام القرطبي: الطاغوت الكاهن، والشيطان، وكل رأس في الضلال.

ويقول الامام محمد بن عبد الوهاب: الطاغوت عام في كل ما عبد من دون الله ورضي بالعبادة من معبود أو متبوع أو مطاع في غير طاعة الله ورسوله فهو طاغوت.

يقول العلامة المودودي: المراد من الطاغوت كل فرد أو طائفة أو إدارة تبغي وتتمرد على الله، وتجاوز حدود العبودية وتدعي لنفسها الألوهية والربوبية.

وقال : ومعنى الطاغوت في اصطلاح القرآن، كل دولة أو سلطة، وكل إمامة أو قيادة تبغي على الله وتتمرد، ثم تنفذ حكمها في أرضه وتحمل عباده على طاعتها بالإكراه أو بالإغراء أو بالتعليم الفاسد.

فاستسلام المرء لمثل تلك السلطة وتلك الإمامة والزعامة، وتعبُّده لها ثم طاعته إياها، كل ذلك منه عبادة - ولا شك - للطاغوت.

يقول العلامة محمد حامد الفقي: والذي يستخلص من كلام السلف رضي الله عنهم: أن الطاغوت كل ما صرف العبد وصده عن عبادة الله وإخلاص الدين والطاعة لله ولرسوله. سواء في ذلك الشيطان من الجن والشيطان من الإنس، والأشجار والأحجار وغيرها. ويدخل في ذلك بلا شك الحكم بالقوانين الأجنبية عن الإسلام وشرائعه وغيرها من كل ما وضعه الإنسان ليحكم به في الدماء والفروج والأموال، وليبطل بها شرائع الله من إقامة الحدود وتحريم الربا والزنا والخمر ونحو ذلك، مما أخذت هذه القوانين تحللها وتحميها بنفوذها ومنفذيها. والقوانين نفسها طواغيت، وواضعوها ومروجوها طواغيت،

يقول العلامة بن باز : فمن خضع لله سبحانه وأطاعه وتحاكم إلى وحيه، فهو العابد له، ومن خضع لغيره وتحاكم إلى غير شرعه، فقد عبد الطاغوت وانقاد له، كما قال تعالى ((ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا ))

والعبودية لله وحده والبراءة من عبادة الطاغوت والتحاكم إليه من مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله.