( ممَا جَاءَ فِي :
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ
نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ )
حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ
عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ رضى الله تعالى عنهم
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله تعالى عنه أنه قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
( نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ )
الشــــــــروح
قَوْلُهُ : ( نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ )
قَالَ السُّيُوطِيُّ أَيْ : مَحْبُوسَةٌ عَنْ مَقَامِهَا الْكَرِيمِ ،
وَ قَالَ الْعِرَاقِيُّ أَيْ : أَمْرُهَا مَوْقُوفٌ لَا حُكْمَ لَهَا بِنَجَاةٍ ،
وَ لَا هَلَاكٍ حَتَّى يُنْظَرَ هَلْ يُقْضَى مَا عَلَيْهَا مِنَ الدَّيْنِ أَمْ لَا . انْتَهَى ،
و سَوَاءٌ تَرَكَ الْمَيِّتُ وَفَاءً أَمْ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا ،
وَ شَذَّ الْمَاوَرْدِيُّ فَقَالَ : إِنَّ الْحَدِيثَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يُخَلِّفُ وَفَاءً ، كَذَا فِي قُوتِ الْمُغْتَذِي ،
و قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ : فِيهِ الْحَثُّ لِلْوَرَثَةِ عَلَى قَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ ،
وَ الْإِخْبَارُ لَهُمْ بِأَنَّ نَفْسَهُ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ ، و هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَنْ لَهُ مَالٌ يُقْضَى مِنْهُ دَيْنُهُ ،
و أَمَّا مَنْ لَا مَالَ لَهُ ، وَ مَاتَ عَازِمًا عَلَى الْقَضَاءِ - للدين - ،
فَقَدْ وَرَدَ فِي الْأَحَادِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقْضِي عَنْهُ ،
بَلْ ثَبَتَ أَنَّ مُجَرَّدَ مَحَبَّةِ الْمَدْيُونِ عِنْدَ مَوْتِهِ لِلْقَضَاءِ مُوجِبَةٌ لِتَوَلِّي اللَّهِ سُبْحَانَهُ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ ،
وَ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَ لَمْ يَقْضِ مِنْهُ الْوَرَثَةُ - الميت - . أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا :
( مَنِ ادَّانَ بِدَيْنٍ فِي نَفْسِهِ وَفَاؤُهُ ، وَ مَاتَ تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ وَ أَرْضَى غَرِيمَهُ بِمَا شَاءَ ،
وَ مَنِ ادَّانَ بِدَيْنٍ ، وَ لَيْسَ فِي نَفْسِهِ وَفَاؤُهُ ، وَ مَاتَ ، اقْتَصَّ اللَّهُ لِغَرِيمِهِ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )
وَ أَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ :
( الدَّيْنُ دَيْنَانِ . فَمَنْ مَاتَ ، وَ هُوَ يَنْوِي قَضَاءَهُ فَأَنَا وَلِيُّهُ ،
وَ مَنْ مَاتَ ، وَ لَا يَنْوِي قَضَاءَهُ فَذَلِكَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ ،
لَيْسَ يَوْمَئِذٍ دِينَارٌ ، وَ لَا دِرْهَمٌ )
وَ أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ ، وَ الْبَزَّارُ وَ الطَّبَرَانِيُّ بِلَفْظِ :
( يُدْعَى بِصَاحِبِ الدَّيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُوقَفَ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَيَقُولُ :
يَا ابْنَ آدَمَ فِيمَ أَخَذْتَ هَذَا الدَّيْنَ ؟ و فِيمَ ضَيَّعْتَ حُقُوقَ النَّاسِ ؟
فَيَقُولُ : يَا رَبِّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي أَخَذْتُهُ فَلَمْ آكُلْ وَ لَمْ أَشْرَبْ وَ لَمْ أُضَيِّعْ ،
وَ لَكِنْ أَتَى عَلَى يَدِي إِمَّا حَرْقٌ ، وَ إِمَّا سَرَقٌ وَ إِمَّا وَضِيعَةٌ .
فَيَقُولُ اللَّهُ : صَدَقَ عَبْدِي ، وَ أَنَا أَحَقُّ مَنْ قَضَى عَنْكَ ،
فَيَدْعُو اللَّهُ بِشَيْءٍ فَيَضَعُهُ فِي كِفَّةِ مِيزَانِهِ ،
فَتَرْجَحُ حَسَنَاتُهُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ )
هَكَذَا ذَكَرَ الشَّوْكَانِيُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ بِغَيْرِ الْإِسْنَادِ وَ لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ مِنَ الصِّحَّةِ وَ الضَّعْفِ ،
ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا :
( مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ ، وَ مَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ )
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ مَيْمُونَةَ :
( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُدَانُ دَيْنًا ،
يَعْلَمُ اللَّهُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَدَاءَهُ إِلَّا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ )
قَالَ أَخْرَجَ الْحَاكِمُ بِلَفْظِ
( مَنْ تَدَايَنَ بِدَيْنٍ فِي نَفْسِهِ وَفَاؤُهُ ،
ثُمَّ مَاتَ تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ وَ أَرْضَى غَرِيمَهُ بِمَا شَاءَ ) ،
ثُمَّ قَالَ : وَ قَدْ وَرَدَ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَدْيُونًا
فَدَيْنُهُ عَلَى مَنْ إِلَيْهِ وِلَايَةُ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ يَقْضِيهِ عَنْهُ مِنْ بَيْتِ مَالِهِمْ ،
وَ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ كَانَ لِوَرَثَتِهِ .
أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ :
( مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَ أَنَا أَوْلَى بِهِ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ ،
اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ }