٦ مشاهد درامية من أحداث «الفتنة» بالإسكندرية

٦ مشاهد درامية من أحداث «الفتنة» بالإسكندرية

٦ مشاهد درامية من أحداث «الفتنة» بالإسكندرية

كتب محمد عبدالعال ومحمد أبوالعينين ١١/ ١٠/ ٢٠١١
[تصوير - حازم جودة وقفة المتظاهرين أمام المنطقة الشمالية العسكرية]
تصوير - حازم جودة
وقفة المتظاهرين أمام المنطقة الشمالية العسكرية

م



مساء حزين شهدته الإسكندرية، منذ عصر أمس الأول، وارتبكت الحركة المرورية على الكورنيش لأكثر من ساعة، وفى المساء أخفى الظلام تفاصيل أحداث اشتباكات بين الشباب والأمن، ثم بين المتظاهرين والأهالى.

«المصرى اليوم» كانت شاهد عيان، رصدت مشاهد متفرقة من يوم لم تهدأ فيه عروس البحر المتوسط بصفة عامة، وأمسية «ملتهبة» أمام المنطقة الشمالية العسكرية بسيدى جابر بصفة خاصة، أسفرت عن إصابات طفيفة وجروح سطحية، وتحطم ٧ سيارات خاصة بسكان المنطقة.

المشهد الأول ٤ عصراً : وقفة أمام المكتبة

أمام سلالم ساحة «البلازا» بمكتبة الإسكندرية، المارة وقائدو سيارات يتابعون مشهد تراص أجساد المئات من المسيحيين بالمحافظة، فى وقفة احتجاجية أكد المشاركون فيها سلميتها تنديداً بأحداث كنيسة «الماريناب» بأسوان، وموقف المجلس العسكرى منها.. محاولات للتهدئة مستمرة من جانب نفر قليل من رجال شرطة المرور وأفراد اللجان الشعبية، لمنع الارتباك المرورى على طريق الكورنيش. يتصبب العرق من جبين المشاركين فى الوقفة، البعض يحاول الاختباء من أشعة الشمس خلف لافتات يحملونها، والبعض الآخر فضل الجلوس خلف المحتجين، مستظلاً بهم، وسط هتافات مستمرة منها: «لينا أخوة مسلمين.. ع اللى بيحصل مش راضيين»، و«فين يا بلادى حقى فيكى.. هدموا كنيستى على أراضيكى»، و«يا طنطاوى فينك فينك.. حرقوا كنيسة قدام عينك».. يهدأ الجميع بعد ساعة من الاحتجاجات، تخفت الهتافات ويسود صمت قصير لدقائق، يقطعه صوت أحد الأشخاص يأتى عبر مكبرات الصوت بآخر عبارة لهم فى المكان: «يا جماعة إحنا دلوقتى طالعين فى مسيرة سلمية للمنطقة الشمالية العسكرية، علشان نجيب حقوقنا، ونوريهم إحنا قادرين نحشد مليونية ولا لأ».

المشهد الثانى ٥ مساءً : انطلاق المسيرة وتزايد المشاركين

نحو ١٥٠٠ مسيحى يتقدمون بلافتات متباينة الأحجام، وسيارة تحمل مكبرات الصوت، عبر طريق الكورنيش من المكتبة فى اتجاه المنطقة الشمالية العسكرية، والذى تم إغلاقه حتى وصول المسيرة إلى بداية شارع قنال السويس، حيث تدخل أفراد اللجان الشعبية فى محاولات يائسة، بتسيير الحركة المرورية التى اقتصرت على عبور السيارات بشكل منفرد وسط المتظاهرين، وبمجرد الاقتراب من مقر اعتصام أساتذة وطلاب جامعة الإسكندرية، تتعالى الأصوات مرددة «مسلم ومسيحى إيد واحدة»، فبادلهم المعتصمون التصفيق وإشارات التأييد.

مرت دقائق وعلى مقربة من مطعم أسماك شهير مجاور لمسرح بيرم التونسى بالشاطبى، تندلع فجأة اشتباكات بالأيدى ومشادات كلامية بين عدد من الشباب المسيحى، إثر محاولة مجموعة منهم افتراش طريق الكورنيش وقطعه واعتراض آخرون منهم على ذلك، تدخل قائدو المسيرة لاحتواء الأمر، وحولوا مسارها إلى شارع بورسعيد.

تستمر المسيرة وتعلو الهتافات، يتابعها سكان العقارات وأصحاب المحال، تتزايد أعداد المشاركين تدريجياً لتصل إلى ٥ آلاف بمجرد وصولها سبورتنج، وفى الإبراهيمية يفاجأ المحتجون بإلقاء زجاجة مياه عليهم من أحد العقارات، ترتبك المسيرة وتبدأ مشادات كلامية مع أحد سكان العقار، احتواها تدخل أصحاب المحال.

المشهد الثالث ٦.٥٠ مساء : أمام المنطقة الشمالية

بوابة المنطقة الشمالية العسكرية، بسيدى جابر، تظهر واضحة أمام نحو ٦ آلاف متظاهر اندفعوا إليها من نهاية شارع بورسعيد، ليلتحموا بمئات آخرين كانوا فى انتظارهم أمامها، الهتافات تعلو والوضع يزداد سخونة، خاصة بعد إغلاق المتظاهرين شارع المشير أحمد إسماعيل بحواجز بلاستيكية وحديدية، وتحويل المسار إلى طريق حرم الترام المجاور لمقر حى شرق، وإلقاء زجاجات مياه على أفراد الشرطة العسكرية والجيش، الذين فرضوا كردوناً ونشرا أسلاكاً وحواجز ومدرعات حول البوابة، وأغلق الشارع الجانبى المجاور.

الارتباك يسود المنطقة والهتافات تتعالى، البعض يحاول تهدئة المتظاهرين والتأكيد على سلمية الوقفة، بينما يستمر آخرون فى محاولة تأليب المحتجين ضد القوات المسلحة، بترديدهم عبر مكبرات الصوت «يا جماعة المشير أصدر قرار بخروج المدرعات والدبابات لدهس أخواتنا فى القاهرة، وإحنا بنعلنها استشهاد استشهاد».

المشهد الرابع٧.٣٠ مساء : صرف النساء والصلاة على «شهداء ماسبيرو»

الهدوء يسود المنطقة، والعشرات من سكان وأصحاب المحال بسيدى جابر، اتفقت ألسنتهم بشكل عفوى على ترديد عبارة نطق بها حسن العدوى، أحد الأهالى، قائلاً: «ربنا يسترها وتعدى الليلة دى على خير من غير مشاكل أو خسائر، لأن البلد مش ناقص والناس مش مستحملة».

تخوف «العدوى» الذى يملك محلاً لبيع الأدوات الكهربائية بالمنطقة، من وقوع اشتباكات دفعه لإغلاق مكان «أكل عيشه»، ومراقبة الأحداث من قرب، «لإن لو حصلت حاجة، لا قدر الله، مافيش حد هينفعنى ولا هيعوضنى عن رأس مالى الوحيد».

فى السابعة وخمس وأربعين دقيقة بدأت هتافات المتظاهرين - الذين تناقصت أعدادهم بشكل ملحوظ، عقب إعلانهم عبر مكبرات الصوت قرار الاعتصام أمام مكتبة الإسكندرية، تتحول إلى نداءات لصرف النساء المشاركات فى التظاهرة، خاصة بعد تعدد المشادات مع قائدى السيارات الرافضين لغلق شارع المشير.. يعقب ذلك بدقائق أداء نحو ٣ آلاف متظاهر الصلاة على أرواح «ضحايا ماسبيرو»، واستمروا فى ترديد ترانيم مسيحية لأكثر من ١٠ دقائق.

المشهد الخامس ٨.٠٥ مساءً: اندلاع الاشتباكات وصراخ مستمر

بينما واصل المتظاهرون انسحابهم من أمام بوابة المنطقة الشمالية إلى مقر الاعتصام بمكتبة الإسكندرية عبر شارع المشير فى اتجاه البحر، حاولت سيارة تقودها سيدة، استغلال فتح أحد الشباب المسيحى جزءاً من الطريق على مقربة من مدخل مقر حى شرق، الأمر الذى رفضه زملاء آخرون له، فوقعت مشادة بين الطرفين لتندلع بعض الاشتباكات بين «الصبية» حيث تبادلوا تراشق الحجارة لدقائق انتهت بتحطيم زجاج سيارتين كانتا متواجدتين فى الشارع.

حالة من الارتباك والترقب والقلق سادت المنطقة، لكنها لم تدم طويلاً بسبب ظهور العشرات من الشباب المسلم، بشارع المشير، وتبادلهم تراشق الحجارة وزجاجات المياه الغازية الفارغة مع المسيحيين، ما تسبب فى تحطيم زجاج ٥ سيارات، وإصابة عدد من الطرفين بإصابات خفيفة وجروح سطحية.

فى التاسعة وعشر دقائق، يهرع المئات من شباب المسلمين عبر شارع المشير فى اتجاه بوابة المنطقة الشمالية حاملين أسلحة بيضاء وسيوفاً وعصى خشبية، خلف المتظاهرين الذين فضلوا الانسحاب إلى مقر اعتصامهم.

المشهد السادس ٩.١٥ مساء : عودة الهدوء

يسود الهدوء المنطقة بحلول العاشرة مساء، وسط تأكد الأنباء عن وصول مسيرة المسيحيين إلى مقر اعتصامهم على سلالم مكتبة الإسكندرية، حيث احتشد - حسبما رصدت «المصرى اليوم» - المئات منهم هناك حتى منتصف ليل أمس الأول.