قوات القذافي توقف تقدم الثوار نحو الغرب وتخوف من "مجزرة" في مصراتة

قوات القذافي توقف تقدم الثوار نحو الغرب وتخوف من "مجزرة" في مصراتة

مؤتمر لندن: استمرار العمليات العسكرية ودراسة مكونات المعارضة الليبية

المستقبل - الاربعاء 30 آذار 2011 - العدد 3954 - الصفحة الأولى - صفحة

لندن ـ مراد مراد ووكالات

شاركت ستة وثلاثون دولة اضافة الى بريطانيا المضيفة وعدد من المنظمات الدولية امس في مؤتمر لندن لـ"مجموعة الاتصال" الخاصة بالوضع في ليبيا، في وقت نجحت قوات العقيد معمر القذافي في وقف تقدم الثوار وواصلت صباح أمس تقدمها في مصراتة (150 كلم شرق طرابلس) التي يتخوف الثوار من وقوع "مجزرة" فيها.
وتطرق المجتمعون الى سبل تعزيز الائتلاف الدولي الذي يشن عملية عسكرية ضد النظام الليبي وبحثوا مرحلة ما بعد سقوط القذافي، وخرج المؤتمرون بعدد من النقاط ابرزها استمرار الهجمات العسكرية الدولية الى حين مغادرة القذافي السلطة وتعزيز المشاركة العسكرية لتشمل اكبر عدد ممكن من الدول، وحماية المدنيين الليبيين وتأمين المساعدات الانسانية لهم، وتعزيز الاتصالات بالمعارضين الليبيين من اجل دعم مشروعهم لحكم البلاد في الفترة التي تلي انتصار الثورة مع التشديد على وحدة اراضي ليبيا وسيادتها. وفي اول خطوتين في هذا الاتجاه عينت باريس وواشنطن سفيرا ومندوبا في بنغازي على التوالي، كما تمخضت عن الاجتماع دعوات مبطنة للقذافي للفرار بجلده قبل ان يقتل او يسقط في ايدي الثوار.
ولم يفض الاجتماع الى اتفاق بشأن تسليح الثوار على الرغم من ابداء فرنسا استعدادها للقيام بهذا.
وافتتح رئيس الوزراء البريطاني دايفيد كاميرون المؤتمر محددا "ثلاثة مطالب يريدها الشعب الليبي من اجل تأمين مستقبل حر له بعيدا عن القيود والقمع. اولا اعادة تأكيدنا على الالتزام بتنفيذ قراري مجلس الامن الدولي 1970 و1973 وان نعزز الائتلاف الذي شكلناه من اجل تطبيقهما، ثانيا يجب علينا ضمان وتأمين وصول المساعدات الانسانية الى المناطق التي يتم تحريرها في ليبيا، ثالثا يجب علينا مساعدة المخطط الذي وضعه الليبيون من اجل مستقبل افضل لهم".
وشددت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون على وجوب استمرار العملية العسكرية ضد قوات القذافي وزيادة الضغط عليه الى ان يترك السلطة. واجتمعت كلينتون على هامش المؤتمر بممثل السياسة الخارجية لمجلس الثوار الليبي محمود جبريل الذي سبق واجتمع بنظيرها البريطاني ويليام هيغ. وفي حين شدد المسؤول الليبي على ضرورة محاكمة القذافي على الجرائم التي ارتكبها، قال هيغ ان "مرتكبي الجرائم يجب ان يحاكموا في محكمة الجنايات الدولية. ولكن في حال غادر القذافي البلاد يكون قد غادرها، وليس بالضرورة ان نتمكن من السيطرة على تحركاته".
وعقب انتهاء الاجتماعات، صرح هيغ "نرحب بتولي الناتو قيادة الحظر الجوي على ليبيا واي عمليات ضد المدنيين في ليبيا لن تمر من دون عقاب". اما رئيس وزراء قطر حمد بن جابر آل ثاني فاعلن ان الدوحة ستستضيف المؤتمر المقبل الخاص بليبيا وقال "حزين لاضطرارنا التدخل في بلد عربي وقوات القذافي تستخدم الاسلحة الثقيلة ضد الثوار. نحض القذافي على الرحيل والا يتسبب بالمزيد من الدماء".
واشار وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني الى ان "هناك إجماع في مؤتمر لندن على ضرورة ان يرحل القذافي عن ليبيا". واعرب نظيره الفرنسي الان جوبيه عن "استعداد فرنسا لتسليح المعارضة الليبية" في خطوة قيد البحث بالتنسيق مع واشنطن. من جهتها قالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون انه "لم يتم اتخاذ قرار بتسليح الثوار" واشارت الى ان "هناك دولا جديدة ستنضم الى المشاركين في العمليات العسكرية" دون ان تسميها.
ويبدو الاميركيون قلقين من احتمال وجود بعض من عناصر تنظيم "القاعدة" في صفوف الثوار الليبيين وهذا ما اشار اليه القائد الاميركي لقوات الناتو جايمس ستافريديس امس في مؤتمر صحافي شدد خلاله على ان القوات الدولية تتحرى اكثر عن مكونات الثوار نظرا لشبهات بوجود بعض العناصر الارهابية. كما خص القائد العسكري التكاليف المادية التي تتكبدها الدول المشاركة في العمليات العسكرية مقدرا اياها بمئات الملايين من الدولارات حتى الآن.
وتمثلت في مؤتمر لندن الدول الاساسية المشكلة الائتلاف الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وايطاليا بوزراء خارجيتها هيلاري كلينتون وويليام هيغ والان جوبيه وفرانكو فراتيني. وكان البارز ايضا مشاركة تركيا بوزير خارجيتها احمد داود اوغلو، اضافة الى امين عام الامم المتحدة بان كي مون وامين عام حلف شمال الاطلسي (ناتو) اندرس فوغ راسموسن وامين عام منظمة المؤتمر الاسلامي اكمال الدين احسان اوغلو.
ومثل الجامعة العربية سفيرها في لندن هشام يوسف. وشاركت ثماني دول عربية فقط في المؤتمر خمس منها على مستوى الخارجية هم القطري حمد بن جابر آل ثاني والاماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان والمغربي طيب فاسي فهري والاردني ناصر جوده والعراقي هوشيار زيباري. في حين اقتصر تمثيل كل من لبنان والكويت وتونس على سفرائهم في لندن انعام عسيران وخالد دويسان وحاتم عطاالله.
وعلى هامش الاجتماع اعلنت فرنسا، التي كانت اول المعترفين بمجلس الثوار الليبي كسلطة شرعية وحيدة تمثل ليبيا، تعيين انطوان سيفان سفيرا لها في بنغازي. وعلمت "المستقبل" من مصدر اميركي ان واشنطن سترسل ايضا كريس ستيفنز ممثلا ديبلوماسيا اميركيا الى مدينة الثوار.
وتجدر الاشارة الى ان هذا المؤتمر هو الاجتماع الاول لمجموعة الاتصال هذه منذ بدء الضربات الجوية في 19 اذار (مارس) الجاري.
وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون شددا في رسالة مشتركة اول من امس ضرورة "رحيل القذافي فورا". وجاء في الرسالة ان "العمل العسكري ليس هدفا بحد ذاته. الحل السياسي هو وحده القابل للاستمرار وهو بيد الشعب الليبي ". وكان المسؤولان اجريا مباحثات مساء الاثنين خلال اجتماع عبر مؤتمر فيديو مباشر مع الرئيس الاميركي باراك اوباما والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل.
ويواجه نظام القذافي ثورة شعبية منذ 15 شباط (فبراير) الماضي. وبدأت عمليات تدخل اجنبي اجازها مجلس الامن الدولي والجامعة العربية من اجل حماية المدنيين من عمليات القمع وبدأ الحلف الاطلسي يتولى قيادة العمليات العسكرية بدل الاميركيين بشكل تدريجي.
ميدانياً، طالب القذافي الاسرة الدولية بالتدخل لوقف غارات الائتلاف على قواته. وقال في رسالة وجهها الى الدول الاعضاء في مجموعة الاتصال أمس "اوقفوا عدوانكم الوحشي الظالم على ليبيا".
وقال ايضا "كيف تهاجمون من يقاتل القاعدة. اوقفوا هجومكم الوحشي الظالم على بلادنا. المسألة الان تولاها الاتحاد الافريقي وليبيا تقبل كل ما يقرره الاتحاد الافريقي".
واوقفت الغارات الجوية على اهداف عسكرية للقذافي هجومه نحو بنغازي معقل المعارضة في شرق البلاد ثم اتاحت للثوار التقدم سريعا واستعادة السيطرة على عدد من المدن والمناطق النفطية في شرق البلاد.
ولكن سرعان ما نجحت قوات القذافي في وقف تقدم الثوار، وقد واصلت صباح أمس تقدمها في مصراتة (150 كلم شرق طرابلس) كما قال الثوار في بنغازي (الف كلم شرق العاصمة) الذين عبروا عن مخاوفهم من وقوع "مجزرة" في مصراتة.
وقال طبيب في مستشفى المدينة في اتصال هاتفي ان الهجوم اوقع 142 قتيلا على الاقل و1400 جريح منذ 18 اذار (مارس).
وفي شرق ليبيا، تراجع الثوار أمس امام نيران قوات القذافي وباتوا على بعد مئة كلم من سرت التي يحاولون السيطرة عليها، بحسب مراسل لوكالة فرانس برس.
وتوقف تقدم الثوار المستمر منذ الاحد، على بعد 60 كلم من سرت مساء الاثنين بضغط من قوات القذافي. الا انهم اضطروا الى التراجع لمسافة اربعين كلم صباح أمس امام نيران القوات الموالية المدعومة بالاسلحة الثقيلة وقذائف الهاون حتى باتوا في بلدة النوفلية.
ولم يتم اطلاق اي صاروخ جو-ارض على الجيش الليبي على طريق سرت منذ اكثر من 24 ساعة. وبدون هذا الدعم الجوي، لا يمكن للثوار الذين ليست لديهم مدفعية ثقيلة مواجهة قوات القذافي المجهزة باسلحة ثقيلة.
وبعد ظهر أمس قصفت قوات القذافي مواقع المتمردين عند مدخل بن جواد على بعد 140 كلم شرق سرت.
وقال رمضان بركي بائع الالبسة في بنغازي ان "تسلم حلف شمال الاطلسي ليس امرا جيدا، انهم لا يريدون مساعدتنا (...) لا نريد سوى بريطانيا وفرنسا، انهما اصدقاء ليبيا الفعليين. انهم يهاجمون رجال القذافي بطائراتهم".
وفي طرابلس سمع دوي انفجارين قويين بعد ظهر أمس في منطقة باب العزيزية حيث مقر اقامة القذافي، اضافة الى دوي سبعة انفجارات اخرى في تاجوراء، الضاحية الشرقية للعاصمة، كما افاد صحافي في وكالة فرانس برس وشهود.
كما سمع دوي سبعة انفجارات قوية في تاجوراء التي تستهدفها غارات التحالف الدولي بوتيرة شبه يومية. وافاد شاهد ان عددا من القنابل استهدف موقعا عسكريا للرادارات في الحي. وقال آخر انه رأى الدخان والسنة اللهب تتصاعد من المكان.
من جهة اخرى نقل التلفزيون الليبي الرسمي عن مصدر عسكري قوله "تعرضت مواقع مدنية وعسكرية في طرابلس قبل قليل لقصف العدوان الاستعماري الصليبي علما بان ثمن كل صاروخ او قنبلة يسقطها الصليبيون على الليبيين يدفعه القطريون والاماراتيون" في اشارة الى مشاركة قطر والامارات في الائتلاف الدولي ضد ليبيا.