عــلاج الســـحر
يكـون علاج الســحر بطـريقتيـن :
طريق محـرم : كالذهاب إلى السـحرة والمشـعوذين ,, وطلب منهم حلّ السـحر وهـذا حـرام
طريق مشـروع : وذلك بالطـرق الشـرعيـة التـاليـة :
( أ ) اســتخراجه وتبطيـله ,, وهذا أفضــل أنـواع العـلاج وأبلغـه
( ب ) إخــراج الجنـي الموكـل بالسـحر من جســم المريـض
( ج ) الاســتفراغ ( الحجـامـة )
( د ) الـرقـى الشــرعيـة
أولا : إســـخراج الســحر وتبطيـله
وهذا أفضل علاج للسـحر وأبلغه .. وهنا قد يقول قائل : إذا كان الذهاب إلى السحرة لإبطال السحر لا يجوز فما هي الوسائل المشروعة ؟؟؟ .. فنقـول : يكــون ذلك بالأمــور التـاليــة :
التوجه الخالص إلى الله تعالى ودعائه سبحانه أن يدلّه على مكانه ,, كما صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم لما سُحر ( أنه سأل ربه في ذلك فدلّ عليه فاستخرجه من بئر , فكان في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر , فلما استخرجه ذهب ما به حتى كأنما نشـط من عقـال ) .. قال ابن القيم : فهذا أبلغ ما يعالج به المطبوب ,, وهذا بمنزلة إزالة المادة الخبيثة وقلعها من الجسد بالاســتفراغ ,, وقد يقول قائل : أن الرسول صلى الله عليه وسلم دُلّ على السحر بطريق الوحي فكيف نُدل عليه ؟؟
والجــواب أن يكــون ذلك بمـا يـلـي :
الرؤيــا فـي المنـام
كأن يريه الله تعالى بمنه وكرمه مكانه ,, فبعد أن يدعو العبد ربّه بأن يدله على مكان السحر يُريه مكان السحر في المنام فيـراه وهـذا مـن تمـام نعمـة الله تعالى على العبـد المصـاب إذ هـو طـريق ســهل ميســور
أن يوفـق لرؤيتـه أثنـاء البحـث والتنقيب عن مكـان الســحر ,, لأن السحر لا يوضع للمسحور إلا بالقرب منه أو بالقرب من بيته أو عمله حتى يؤثر فيه ,, فمن الاستحالة أن يضعه للمسحور بمسافة بعيدة عنه .. وفي هذا حدث أن وُضع عمل أي : سحر لرجل وظلّ سنين طويلة لا يستطيع المشي وبعد وفاته ,, عزم أولاده على ترميم المنزل عندها وجد أحد العمال العمل وهو موضوع في شق من شقوق المنـزل
أن يعـرف مكـانه عـن طـريق الجــن
فمثـلا يُقـرأ على المســحور الذي تلبسـه الجن ,, فينطلقـون على لسـانه فيخبـرون عن مكان السـحر ,, وقد حدث أن قُرأ على فتـاة فنطق الجني وأخبر بأن الفتاة مسـحورة ,, فسـأل عن مكان السحر فأخبر أنه موجود في بيتهم وقد دفن تحت شــجرة ,, فذهب أحد أقارب الفتاة واستخرج السحر .. وحادثة أخرى حيث قُرأ على امرأة مسـحورة فنـطق الجني على لسـانها فأخبر بأن التي سـحرتها ضرتـها وأن السحر موجود في وسادة المرأة المسحورة التي تنام عليها ,, فذهـب زوجها وبالفعـل وجـد الســحر في المكــان الـذي حـدّده الجنــي
إخــراج الجنـي الموكـل بالسـحر من جسـم المريـض
إذ أنّ من أنواع السحر إرسال الساحر جنيّا يدخل في جسم المصاب فيؤذيه أو يعيق أحد أعضائه أو ما شابه ذلك ,, فإذا استطعنا بحول الله تعالى طرد هذا الجني من جسم المريض , فإن السحر يبطل بإذن الله تعالى
الاســــتفراغ
قال ابن القيم : أصول الإستفراغات خمسة : الإسهال ,, القيء ,, إخراج الدم ,, الأبخرة ,, العرق ..
ويكـون الاستفراغ في المحل الذي يصل إليه أذى السحر ,, فإن للسحر تأثيرا في الطبيعة وهيجان أخلاطها وتشـويش مزاجها فإذا ظهر أثـره في عضـو وأمكن استفراغ المادة الرديئة من ذلك العضـو نفع جـدا .. ومن الاستفراغات النافعة بإذن الله تعالى في دفع الســحر : الحـجـامـة
تعريـف الحجــامـة
الحجامة في اللغة من الحجم الذي هو البَـداءُ ,, لأن اللحم ينتَبِرُ أي : يرتفع ,, والحجّام " المصّاص , قال الأزهري : يقال للحاجم حجّام لامتصـاصه فم المحجمـة
أثــر الحجــامـة فـي الســحر
ذكر أبو عبيد في كتاب " غريب الحديث " له بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم احتـجم على رأســه بقــرن حيـن طُــبَّ ) .. قال ابن القيم : وكان استعمال الحجامة إذ ذاك من أبلغ الأدوية وأنفع المعالجة فاحتجم .. وكان ذلك قبل أن يوحى إليه أن ذلك من السحر ,, فلما جاءه الوحي من الله تعالى وأخبره أنه قد سحر عدل إلى العلاج الحقيقي وهو استخراج السـحر وإبطاله ,, فسأل الله سبحانه فدله على مكانه فاستخرجه فقام كأنما نشط من عقال
أفـضــل وقـت للحجــامـة
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من احتجـم لسـبع عشــرة من الشــهر وتســع عشــرة وإحـدى وعشــرين كـان لـه شــفاء مـن كـل داء )
ثانيـا : عـلاج الســحر بالنشـــرة
تعريف النشرة : رقية يعالج بها المجنون والمريض تُنشّر عليه تنشـيرا ,, والتنشير من النشرة وهي كالتعويذ والرقية
قال أبو السعادات : النشرة ضرب من العلاج والرقية يعالج به من كان يظن أنّ به مسّا من الجــن .. سـميت نشــرة : لأنه ينشـر بها عنه ما خامره من الداء ,, وقال الحسن : النشرة من السحر .. وقال ابن الجوزي : النشرة حل السحر عن المسحور ولا يكاد يقـدر عليه إلا من يعـرف الســحر
أنــواع النشـــرة وحكمـهــا
في صحيح البخاري قال قتادة : قلت لسعيد بن المسيب رجل به طب أو يُؤّخْذَ عن امرأته أيحل عنه أو ينشر ؟ قال : لا بأس به إنما يريـدون الإصـلاح ,, فأمـا مـا ينفـع فلـم ينـه عنـه .. قال ابن القيم : النشرة حل السحر عن المسحور وهي نوعــان : حل الســحر بمثـله والذي هو من عمل الشــيطان وعليه يحمل قول الحسن فيتقـرب النـاشــر والمنتشر إلى الشــيطان بمـا يحـب فيبطـل عملـه عـن المســحور .. والثانـي : بالرقية والتعوذات والأدوية المباحة فهذا جائز
رقيــة الســـحر ( النشــرة الجـائـزة )
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله تعالى :
ومن علاج السحر بعد وقوعه أيضا وهو علاج نافع للرجل إذا حُبس عن أهله ,, أن يؤخذ سبع ورقات من السدر الأخضر فيدقها بحجر أو نحوه ,, ويجعلها في إناء ويصب عليها من الماء ما يكفيه للغسـل ويقـرأ فيـها :
أولا : آيـة الكرسـي
(( الله لا إلـه إلا هـو الحـي القيــوم لا تأخــذه ســنة ولا نـوم لـه مـا في الســماوات ومـا في الأرض من ذا الـذي يشــفع عـنـده إلا بإذنه يعـلم مـا بـين أيـديـهـم ومـا خـلـفـهم ولا يحيـطون بشـيء من علمه إلا بمـا شــاء وســع كرســيه الســماوات والأرض ولا يـؤده حفـظـهمــا وهـو العـلي العـظـيـم ))
ثـانيـا : ســورة الكـافـرون
(( قل يــا أيـها الكــافـرون * لا أعبــد ما تعبــدون * ولا أنتـم عابــدون ما أعبــد * ولا أنا عابــد ما عبــدتم * ولا أنتم عابــدون ما أعبــد * لكم دينكــم ولي دين ))
ثـالثـا : ســورة الإخــلاص
(( قـل هـو الله أحـد * الله الصمـد * لم يلـد ولم يولـد * ولم يكـن له كفـوا أحــد ))
رابــعا : ســورة الناس
(( قل أعـوذ برب الناس * ملك الناس * إله الناس * من شر الوسواس الخناس * الذي يوسوس في صدور الناس * من الجنة والناس )) .. يقرؤها ثـلاث مـرات
خامسـا : سورة الأعراف الآيات : 117 , 119
(( وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون * فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين ))
سـادسـا : ســورة يونـس .. الآيات : 79 , 82
( وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم * فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون * فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين * ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون )
ســابعا : ســورة طـه .. الآيات : 65 , 69
(( قالوا يا موسى إما أن تُلقي وإما أن نكون أول من ألقى * قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يُخيل إليه من سحرهم أنها تسعى فأوجس في نفسه خيفة موسى * قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى * وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ســاحر ولا يفـلـح الســاحر حيـث أتـى ))
وبعد قراءة ما ذكر في الماء يشرب بعض الشيء ,, ويغتسـل بالبـاقي ,, وبـذلك يـزول الداء إن شاء الله تعالى ,, وإذا دعت الحـاجـة إلى اســتعماله مرتين أو أكثـر فلا بـأس حتـى يـزول الـداء
وروى ابن حاتم وأبو الشيخ عن ليث بن أبي سليم قال : بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر بإذن الله تعالى تقرأ في إناء فيـه مـاء ثـم تصـب على رأس المســحور : الآية التي في سورة يونـس : ( فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسـدين .. إلى قوله تعالى : ولـو كـره المجـرمون ) .. 82 , 83 من سورة يونس .. وقوله : ( فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون ) سورة الأعراف الآية : 118 , إلى آخر أربع آيات .. وقوله :
( إنما صنعـوا كيــد ســاحر ولا يفلـح الســاحر حيث أتـى ) .. سـورة طـه , الآية : 70
وقال ابن بطال : في كتاب وهب بن منبه أنه يأخذ سبع ورقات من سدر أخضر فيدقه بين حجرين ثم يضربه بالماء ويقرأ فيه آية الكرسي , والقوافل ثم يحسو منه ثلاث حسوات ثم يغتسل به فإنه يذهب عنه كل ما به وهو جيد للرجل إذا حبس عن أهله
وقال ابن القيم : ومن أنفع علاجات السحر : الأدوية الإلهية بل هي أدويته النافعة بالذات ,, فإنه من تأثيرات الأرواح الخبيثة السفلية ودفع تأثيرها يكون بما يعارضها ويقاومها من الأذكار والآيات والدعوات التي تبطل فعلها وتأثيرها