السحر في العصر الحاضر
كان أهل القرية يجتمعون بعد كلّ كارثة تحلّ بهم بسبب البرق أو غيره حول ساحر القرية , ويطلبون منه أن يحدد سبب الكارثة التي حلّت بقريتهم , عند ذلك ينظر الساحر في مرآة ويلفظ اسم أحد السكان أو عددا منهم , فيحكم أهل القرية على هؤلاء بالحرق أحياء , ولا يستطيع أحد من المحكوم عليهم بالإعدام بهذه الطريقة ولا من أقاربهم أن يعترض على هذه العقوبة القاسية , فجميع أهل القرية مقتنعون بأن الذين حكم عليهم بتلك العقوبة كانوا أداة للشيطان , وقد جلب الشيطان الضرر من خلالهم لغيرهم من أهل القرية ..
قد يظن من يقرأ هذه الحادثة أنها من أخبار القرون الوسطى , ولكن هذه القرية موجودة حاليا في جنوب أفريقيا , وقد لقي ستة من أهلها الموت حرقا , لأن ساحر القرية ذكر أنهم الذين تسببوا بالكارثة التي أحلَّها البرق في قريتهم في عام ( 1983 ) .. وقد يظن الناس أن هذا اللون من الدجل مقصور اليوم على الأمم المتخلفة , وهذا غير صحيح , فإن أكثر شعوب العالم تحضرا تجري فيها طقوس السحر على نحو واسع وبطرق مختلفة تصل إلى الإيذاء والقتل ..
ففي فرنسا يوجد ملايين من الفرنسيين المقتنعين بأنهم ضحية الشيطان , وثمة اجتماعات ليلية تعقد في مخازن المشروبات في الطوابق السفلى من الفنادق الكبرى أو في بهو مواقف السيارات أو في الطوابق الأرضية لوزارة الدفاع في باريس التي يبدو أنها استضافت احتفالا من احتفالات الفودو ( عبادة روحية لدى زنوج هاييتي )
في عام ( 1985 ) أضرم رجل وأخته النار في فراش والدهما المعاق لإنقاذه من الشيطان , وفي أبريل ( 1985 ) فقد متقاعدان كلَّ ماشيتهما واكتشفا صخورا بوزن ( 500 ) كيلو غرام في سرير ابنتهما وعثرا على آلاف الدبابيس من جميع الأشكال في البستان والبيت , وفي أبريل ( 1984 ) قتل شقيقان والدهما بثلاثين طعنة بالسكين لأنهما كانا يعتقدان أنه كان يحضِّر ( شراب المحبة ) لكي يسحر زوجته ويفتنها , وقبل خمس سنوات حاول أن يهلك زوجته بالنار وفي فبراير ( 1984 ) قتل بناء مواطنا تركيا بالسكين لأنه كان يؤذيه بسحره ..
وليست فرنسا وحدها موطن السحرة ففي ولاية ( أوهايو ) بالولايات المتحدة , يضحى سنويا منذ ( 1969 ) بخمسة مواليد جدد على مذبح الشيطان من أجل الاحتفال بعودة فصل الصيف , وفي شهر يوليو أوسع ثلاثة رقائين إحدى الفتيات ضربا وأحرقوها , لكي يحصلوا على أسماء الذين كانوا يعذبون روحها !!
وقد أظهر تحقيق أجرته وزارة الصناعة والبحث الفرنسية عام ( 1982 ) بقصد تقدير مدى عقلانية المواطنين الفرنسيين أن 18 % من هؤلاء يؤمنون بالسحر , ومع أن نصف الأشخاص المستجوبين قد أعلنوا أن العلم سيفسر يوما تأثير هذا السحر ونتائجه , فإن بؤره تتكاثر , وفي الوقت نفسه تُودع سنويا عدة آلاف من طلبات الرقية أو التعويذة في الأبرشيات الدينية .. ويقدر عدد السحرة والمشعوذين في فرنسا بحوالي ثلاثين ألفا , ويتجاوز " مجموع مبيعاتهم " السنوية الثلاثة مليارات فرنك , مع أنه يستحيل معرفة الأرقام بدقة لأن المادة ( 405 ) من القانون الجزائي حظرت السحر , إذ نصّت على عقوبات بالسجن من سنة إلى خمس سنوات بحق " المشعوذين والعرافين الذين يقنعون المخدوعين بأنهم يملكون القدرة على شفاء بعض الأمراض أو على خلق النجاح أو الحوادث " وهكذا يمارس العديد من " مناجي الأرواح " أو " الوسطاء " السحر سرا , بينما تعلن مدارس السحر أو جمعيات عبدة الشيطان عن نفسها تحت أسماء مستعارة ووهمية شتى , كالجمعيات التي لا تبغي الريح والتي ينظمها القانون رقم ( 1901 )
انطلاقا من هذه الممارسات , تنظم المؤتمرات والندوات والحلقات الدراسية المغلقة وتتكاثر , كما يصدر السحرة سنويا مئات من " أدلة السحر " ومن كراريس " العالم الشيطاني " فضلا عن أن التلفزيون يهتم بالموضوع كثيرا , وله في هذا المجال مداخلات عدّة .. لا يمر يوم دون أن تروي الصحف قصة من قصص السحر الواقعية , بعض هذه القصص يُضحك , مثل حكاية رجل الأعمال التولوزي ( من مدينة تولوز ) الذي رقص صندوق صغير مليء بالأوراق النقدية لكي ينتزع عقدا مع اليابان لكن بعضها الآخر يرعب ويحزن مثل ذلك السيناريو المأساوي في مدينة (مونبيلييه) ففي مارس
( 1983 ) قتلت إحدى الممرضات ابنها البالغ من العمر 6 سنوات بغية طرد الأرواح الشريرة منه , وذلك أثناء احتفال طقسي جنائزي .. إنها قضايا مذهلة تحير القضاة ساعة إصدار الحكم , وتقلق الكنيسة ..
لكن فرنسا لا تحتكر وحدها الاعتقاد بالخرافات , ففي ألمانيا يؤمن مواطن من أصل أربعة بالسحر وآثاره , وتحوي ألمانيا ( 80 ) ألف ساحرة , حتى أن شعبها اعتقد منذ ثلاث سنوات أن ( رومينغه ) أحد أبطال كرة القدم الوطنيين كان ضحية ساحر فرنسي !! وفي شهر مايو ( 1983 ) أزالت إحدى أشهر شركات مساحيق الغسيل الأمريكية شعارها عن علبها لأنها كانت تتلقى يوميا وطوال أشهر متتالية الألوف من الرسائل التي تستنكر وجود رموز شيطانية في هذا الشعار وفي الصين لا يزال للسحر وجود ظاهر , وقد حكم على امرأة في شنغهاري بالسجن خمسة عشر عاما لأنها حاولت الاتصال بأخيها المتوفى بواسطة ساحر ..
لكن من هم الفرنسيون الذين يعيشون تحت هاجس السحر ؟ إن معظمهم من النساء حسب رأي مدير البحث في المجلس الوطني للبحوث العلمية , فالتحقيق الذي طلبه وزير التربية سنة ( 1982 ) أظهر أن الفرنسيات وبخاصة غير العاملات منهن هن أكثر ميلا إلى الاعتقاد باللامعقول , ثم إن الأشخاص الذين لا يحتلون غير مركز اجتماعي عادي بالغم من تحصيلهم الدراسي المهم هم أكثر تأثرا بهذا النوع من المعتقدات , إذ يبدو أن التفاوت بين أعدادهم ومركزهم الاجتماعي يشجع هذا الإذعان لتصورات أخرى عن الواقع . وغالبا ما تكون سلسلة من المآسي والآلام والخيبات المهنية أو الشخصية وراء توجه المرء نحو ( المختص ) بفك السحر عنه , فالشيطان أو الساحر هما المذنبان الجاهزان للمحاكمة والمعاقبة !! عندما يعترف الطبيب بالإخفاق يستعين ( المريض ) بالساحر وعندما يهز كتفيه يظهر الكاهن . ففي فرنسا يوجد الراقون في كثير من الأبرشيات يُعَيِّنهُم المطران بالنظر إلى ( ورعهم وتمسكهم بالتقاليد ) ويزيد عدد هؤلاء عن المائة في فرنسا , إن هؤلاء الكهنة المسنين غالبا يلبون الطلب كيفما كان , في باريس يلتمس المؤمنون مواعيد قبل بضعة أشهر , وذلك فقط من أجل لقاء لا يدوم أكثر من ربع ساعة بسبب " طول لا ئحة الانتظار "
على أي حال يبدو أن اللجوء إلى التنجيم والإيمان بالقوى الخفية ليسا فقط خشبة الخلاص بالنسبة إلى رجال ونساء تائهين , فالظاهرة أعمق جذورا , وجذورها ممتدة في تاريخ الغرب نفسه , إنها أحد الأجوبة على انهيار الروحانية وعلى عقلانية علمية مفرطة عاجزة عن إعطاء معنى للحياة البشرية .. فالذي كانت الكنيسة تسميه استحواذا فيما مضى يسميه الطب اليوم " هستيريا " وهي التي تبقي أعمال الاحتيال التي لا تحصى منتشرة متكاثرة , كما حصل لصاحبة الفندق في مدينة نانسي التي دفعت ( 65 ) ألف فرنك فرنسي لقاء تعويذة مصنوعة من .. ورق المراحيض !!
اليوم لم تعد الكنيسة ولا الشرطة هي التي تقلق السحرة وتخيفهم أكثر من أي شيء آخر بل مصلحة الضرائب . فيدفع " الوسطاء " الضريبة على القيمة المضافة , الأمر الذي يجعل العلماء قلقين من هذه الموجة التي تشكل خطرا على تقدم الإعلام العلمي .. وفي عام ( 1988 ) ألقت الشرطة الفرنسية القبض في مدن عديدة وخاصة في مدينة باريس على عدد كبير من النصابين والمحتالين من نوع " خاص " كانوا يَدّعون السحر والتنبؤ بالمستقبل والكتابة لابتزاز الأموال من زبائن بسطاء أو متعطشين لكلّ ما هو غريب وغير اعتيادي , وقد لوحظ أن نشاط هؤلاء المشعوذين لم يكن في يوم من الأيام مزدهرا كما هو عليه الآن مع العلم أن استغلال بساطة جزء كبير من الناس كان دوما على مرّ العصور مصدر كسب مادي وفير لعدد من المحتالين ..
لكن الظاهرة التي كانت لسنوات خلت هامشية وبسيطة , باتت تكتسب اليوم أبعادا جديدة جعلت منها ظاهرة مقلقة وحملت السلطات الفرنسية على التدخل لوضع حد لانتشارها . هناك بالطبع البصارون والبصارات الذين تعرفهم جميع المجتمعات في كل بقاع الأرض , هؤلاء يكتفون بالادعاء بقدرتهم على قراءة الماضي والتنبؤ بالمستقبل ويكتفون بهذا القدر , نشاطهم علني وموسع , ويدفع الفرنسيون لهم كلّ سنة حوالي ثلاثين مليون فرنك بدلا عن خدماتهم وينظمون المهرجانات والمؤتمرات , وباتوا يستعملون الكمبيوتر والتقنيات الحديثة لذر الرماد في عيون زبائنهم . وإلى جانب هؤلاء المبصرين " الرسميين " إذ صح التعبير , ترى اليوم في باريس وليون وماريليا ولوهاتر وغيرها من المدن وحتى القرى الصغيرة النائية أنواعا جديدة من " السحرة " والوسطاء الروحيين الذين يدّعون القيام بالمعجزات كالعثور على شخص مفقود أو إعادة المحبوب أو جلب الثروة أو التنبؤ بأرقام اليانصيب وحتى الكتابة ( كتابة الشر ) للخصوم والأعداء والشفاء من الأمراض الخطيرة , لقاء " الخدمات " يتقاضى هؤلاء السحرة والمشعوذون من زبائنهم مبالغ تبلغ الأحيان حدودا خيالية ثمنا لخدمات خيالية لا تمت إلى الواقع بصلة .. وفي كثير من الأحيان ترى هؤلاء السحرة يختفون ويتبخرون ويفقد لهم كل أثر بعد أن يكونوا قد احتالوا على الناس وابتزوا أموالهم .. وتقدر إحصائيات الشرطة الفرنسية حاليا عدد السحرة والمبصّرين والمتاجرين بالبساطة الإنسانية بأكثر من ستين ألف شخص .. والأغرب من كلّ شيء هو أن السواد الأعظم من هؤلاء السحرة والمبصّرين والوسطاء الروحيين يعملون ويمارسون نشاطهم بشكل علني أو شبه علني , فقسم منهم يملك مكاتب أو عيادات معروفة , والقسم الآخر يجلب الزبائن إليه عبر إعلانات مبوبة في بعض الصحف والمجلات الهامشية أو المتخصصة في مجال العلوم غير الطبيعية .. يكفي أن يتصفح المرء هذه المجلات والجرائد ليلاحظ الإعلانات المبوبة التي تتحدث عن عجائب وغرائب قدرات هؤلاء الأشخاص السحرية وغير الاعتيادية والتي ترافقها عناوينهم وأرقام هاتفهم , وقد لاحظت الشرطة الفرنسية ازدياد نوع خاص من هؤلاء السحرة في المدن الكبيرة , وهم السحرة الأفارقة الذين يطلقون على أنفسهم اسم " مارابوت " وجميعهم يدعي التخصص في مجال ما بعضهم متخصص في القضاء على سوء الطالع والنحس , وبعضهم الآخر متخصص في الكتابة وقسم آخر متخصص في التنبؤ بأرقام اليانصيب الوطني أو العثور على المفقودين , أو في ضمان النجاح المهني والاجتماعي والعاطفي , هؤلاء يستقبلون زبائنهم عادة في غرف صغيرة تقع في الأحياء الشعبية من المدن الكبيرة ومعظمهم ( كما تقول السلطات ) دخل فرنسا بطريقة غير شرعية من دول أفريقيا السوداء خاصة من غينيا والسنغال
وتذهب السلطات إلى حدّ التأكد إلى أن هؤلاء الأفارقة شكلوا مافيا لرجال السحر والشعوذة تحافظ على مصالحها أحيانا بوسائل لا تمت إلى السحر والعلوم غير الطبيعية بصلة , وقد اكتشفت الشرطة الفرنسية مؤخرا في مدينة
( لوهافر ) شبكة ضخمة من السحرة الأفارقة الذين كانوا يدّعون أنهم مراسلو الأنبياء ويتمتعون بقدرات سحرية فائقة والأدهى من كل ذلك أن الشرطة تجد نفسها عاجزة عن إثبات تهمة الاحتيال على هؤلاء السحرة , ويجد الزبائن الذين دفعوا أموالا طائلة لقاء " لا شيء " أنفسهم عاجزين عن تحصيل حقوقهم ..
في القرون الوسطى كانت السلطات تحرق السحرة أحيانا , أما اليوم فإن السلطات لا يمكنها أن توجه إليهم تهمة الاحتيال والابتزاز , ولكن كيف السبيل إلى ذلك بغياب الأدلة المادية والحسية ؟ كل ما بوسعها في كثير من الأحيان هو إيقاع المحتالين في فخّ الجرم المشهود أو طردهم بسبب وجودهم غير الشرعي في الأراضي الفرنسية , ومما يعقد الأمر كثيرا إيمان الزبائن الفرنسيين بقدرات السحرة والمشعوذين ولا يكتشفون عملية النصب والاحتيال إلا متأخرين بعد فوات الأوان .. ولا يجب أن نعتقد أن ضحايا هذا الاحتيال هم من الطبقات الشعبية البسيطة , فهناك عدد كبير من المثقفين وأرباب العمل الذين يقعون في فخ السحرة مثل ( باتريك ) 39 سنة , وهو أحد الموظفين في إحدى الشركات الباريسية الكبيرة الذي يقول : " يقال إن هذه الأمور لا تحصل إلا للغير ولكنها حصلت لي , كان لدي رغبة كبيرة في أن يتحقق مشروع مهم بالنسبة لي داخل الشركة التي أعمل بها , وبالمصادفة تعرفت بواسطة أحد أصدقائي على شخص من إحدى الدول الأفريقية السوداء الذي أثار دهشتي وإعجابي لكثرة معارفه وثقافته . وبعد أن عقدت معه عدة جلسات " روحية " آمنت بقدرته , وسلمته أمانة مالية قيمتها 75 ألف فرنك , وضعها أمامي في خزنة حديدية , وأكد لي أنه سيعيدها إليَّ إذا لم يتحقق مشروعي , ولكن مشروع باتريك لم يتحقق كما أن هذا الساحر الكبير اختفى مع المبلغ الذي سُلِّم إليه أمانة " .. إنه الاحتيال الصرف كما يقول أحد مفتشي الشرطة فلا وثائق ثبوتية ولا براهين , وبالتالي لا إمكانية قانونية على الإطلاق في ملاحظة المحتالين ومعاقبتهم , الحل الوحيد يبدو في أن يخفف بعض الفرنسيين من إيمانهم الأعمى بالسحرة وأن ينظروا بواقعية أكثر إلى الأمور ..
وفي جزر ( هايتي ) و ( البرازيل ) ينتشر نوع من السحر يسمى ( الفودو ) وهو نوع من أنواع السحر الأسود , يقصد فيه السحرة استخدام الأرواح لتحقيق أهدافهم ومقاصدهم السيئة , ويجتمع القائمون بهذا الأمر في احتفال راقص ويزعمون أن الروح تستولي على جسد امرأة , فتقوم تلك المرأة برقصة , وهذه الرقصة جزء من هذه الشعوذة التي يضحك فيها الشيطان على عقول البشر ,, ويستخدم في ( الفودو ) الدمى ومشية الموت ليجلبوا المرض والموت إلى الشخص الذي يريدون أذيته , وخلال الترانيم السحرية يستخدمون الدم والمني والنباتات السامة وبقايا الجثث الآدمية ويلاحظ أن ممارسي هذا النوع من السحر يصابون بنوع من الصرع , يتبعه دخول روح ( أزرويل ) في الشخص الذي يقوم بالرقص , ويزعمون أن المرأة التي تدخل الروح جسدها لا تشعر بجسدها ولكنها تشعر بوجود قوة تتجه لتفجير رأسها وتبقى على هذه الحال لمدة ثلاث أو اربع ساعات إلى أن يحدث السحر ,, ومن الضلال الذي يصاحب هذه الديانة الكفرية أن المرأة التي تقوم بهذه الرقصات يسمح لها بالزواج من عدد من الرجال بقدر عدد الخواتيم التي كانت تلبسها كما أنه يجوز لها أن تقيم علاقات أخرى مع الرجال من غير زواج بالقدر الذي تراه .. وعند الانتهاء من الرقص تطلب الروح المرطبات أو المشروبات الكحولية وتطلب نقلها على كرسي لتنام ثم تفارق بعد ذلك جسد المرأة ..
ولا شك أن هذه الروح التي تعبث بالبشر وتجعلهم لعبة في يدها إنما هي شيطان من الشياطين
ويلاحظ المتابعون لأخبار الانتخابات في العالم الغربي أن المتنبئين والمتنبآت بالغيب ينشطون في فترة الانتخابات في التنبؤ فيمن يكون الرئيس المقبل , كما تكثر التنبؤات فيما سيكون عليه مستقبل البلاد في السنوات القادمة .. وقد نقلت لنا الصحافة خبر مأساة عظيمة وعجيبة , فقد انتحر في أمريكيا أكثر من ثمانمائة شخص اتبعوا مهووسا يدعى
( جون ) وقد أمر هذا الضال أتباعه بالعزلة عن المجتمع , ليتطهروا ويمارسوا طقوسهم الخرافية الخاصة بهم وانتحروا جميعا , وقبل أن يُقدموا على الموت ذبحوا أطفالهم وصغارهم ..
وتنقل لنا وكالات الأنباء أن كوريا جنوبيا دجالا اتبعه ملايين من البشر , وفاقت شعبيته شعبية أي رئيس جمهورية جلس على كرسي الحكم في الولايات المتحدة , وامتلك من وراء ذلك بلايين الدولارات وقصورا بالغة الفخامة .. وأوضح دليل على العقلية الخرافية في العالم المعاصر تلك العين المرسومة على الدولار الأمريكي لدرء عين الحسود ..
والذي يتابع أخبار السحرة والمشعوذين في بلادنا العربية والإسلامية يجد أن الأمر لا يقل سوءا عمّا يحدث في فرنسا وأمريكيا , وكان المفروض أن لا يجد السحرة لهم سوقا رائجة في ديار الإسلام التي يُحرم دينها السحر ويعده إحدى الموبقات الكبار .. وهذا بعض ما نشرته الصحف والمجلات الكويتية عن السحر :
نشرت جريدة القبس في عددها ( 8 مارس 1979 ) خبر إلقاء رجال المباحث على مشعوذة تقوم بأعمال السحر والشعوذة كانت تتقاضى مقابل الجلسة الواحدة مع مرضاها مبلغ ( 20 ) دينارا .. وفي عدد القبس المنشور بتاريخ
( 21 يونيو 1979 ) خبر إدانة محكمة الجنح لمشعوذة تدعى " سكينة " بتهمة النصب والاحتيال وممارسة السحر والشعوذة وقد وجد عندها كمية من الخرز والحجارة والأحجار التي تمارس بها طقوسها السحرية , وكانت تحصل على ( 45 ) إلى ( 50 ) دينارا مقابل الجلسة الواحدة , ووجد أنها تمارس هذه الشعوذة منذ عشرين عاما ..
ومن أغرب ما نشر خبر مشعوذ يدّعي القدرة على علاج المرضى النفسانيين بأساليب غريبة , فقد ذكرت القبس بتاريخ ( 21 يناير 1980 ) أن مشعوذا يُدعى " عودا " كان يستقبل ضحاياه في خيمة بالصحراء ويعالجهم بإدخال أسياخ حديدية في أجسامهم بحيث يخترق الجسد حتى يظهر من الجهة الأخرى ولا يكتفي بهذا بل يلجأ إلى ضرب المريض بالسيخ أو بالسيف , وقد ضبط رجال المباحث مع هذا الأفاك مبلغا من المال هو حصيلة دجله وشعوذته ..
ونشرت جريدة القبس ( 27 يناير 1980 ) خبر القبض في الجهراء على مشعوذة وابنها لممارستها السحر والشعوذة وفي عدد القبس ( 11 يوليو 1980 ) نبأ القبض على رجل يمارس السحر يبلغ من العمر ( 90 ) عاما , وجد رجال المباحث عنده أوراقا وخرزا وودعا ورأس هدهد ورجل ذئب .. وتذكر القبس في عدد ( 16 يوليو 1980 ) نبأ القبض في محافظة العاصمة على امرأة تدعى " فاطمة " بتهمة ممارسة السحر , تصنع الحجاب الواحد بمبلغ ( 50 ) دينارا وتستعمل في سحرها دجاجة وكمية من السكر وهي تطلب من المريض وضع قطعة السكر في مكان حساس ووضع الدجاجة تحت السرير .. وفي عدد القبس ( 8 اكتوبر 1980 ) نبأ القبض على مشعوذة تدعى " وبرية " تمتهن أعمال السحر .. ونشرت جريدة السياسة بتاريخ ( 28 مايو 1980 ) نبأ راهبة سورية في الرميثية تداوي بالأدعية والطب العربي , وذكرت أن مواعيدها محجوزة لمدة سنتين .. وذكرت جريدة القبس بتاريخ ( 2 أغسطس 1985 ) أن نصابا باع امرأة وصفة خرافية بمبلغ ( 1500 ) دينارا كويتيا , وكانت هذه المرأة عاقرا وزعم هذا المشعوذ أنه قادر على جعلها تنجب , واكتشفت المرأة بعد فوات الأوان أنها دفعت مبلغا كبيرا في مقابل أوراق مسوَّدة بكلمات وحروف وبعض المواد الرخيصة التي لا تساوي دينارا واحدا ..
وفي جريدة السياسة بتاريخ ( 12 مايو 1987 ) خبر مفاده أن امرأة استطاعت أن تحصل من ثري على مبلغ ( 150 ) ألف دينار كويتي , يدعي هذا الثري أن هذه المرأة سحرته بعد أن أسقته شوربة دجاج فأوقعته في حبها فخطبها , ثم طلبت منه مالا فوضع هذا المبلغ تحت تصرفها , ثم لم يرها بعد ذلك ..
وفي جريدة القبس بتاريخ ( 21 فبراير 1987 ) خبر عن دجال استطاع أن يجمع مبلغا كبيرا من المال من المقيمين والوافدين الذين يعانون من أمراض نفسية , وقد فرّ بعد ذلك هاربا تاركا بين أيديهم أحجبة لا تسمن ولا تغني من جوع
وهؤلاء المشعوذون يستخدمون في أداء طقوسهم السحرية أمورا كثيرة مثل الميدالية الملفوفة بخيط وهي ضد السحر , والخرزة لجلب الحظ وللمحبة , أو لجلب الرزق , أو للتفريق بين الزوجين , كما يستخدمون الفنجان وقراءة الكف وطق الطار , والبخور وطاسة الخلاص , ويطلبون من زبائنهم مطالب غريبة , فقد يطلب الواحد منهم نعجة سوداء أو خروفا أبيض أو ذا قرون وقد يطلبون ذبح ديك ودفنه في المقبرة .. وكلها أمور شركية نسأل الله تعالى العافية والسلامة إذ أن النافع والضار هو الله سبحانه وأنه تبارك وتعالى الشافي الرازق بيده ملكوت كل شيء إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون , فسبحان ربي رب العزة والجلال وسبحانه عما يصفون ويشركون ..