لتحريم القرآني للخمر
عندما كنت اشغل منصب المستشار الاول بالسفارة في بلغراد، في عامي 1977ـ 1978، كنت اقيم حفلات اختبار وتذوق للنبيذ، ادعو اليها الاصدقاء. وكنت اعرض على ضيوفي كيف يمكن عن طريق سقف الحلق تحديد انواع الكروم والتربة وطرق القطف وطرق التخمير والسنة، مستخدما انواعا من النبيذ الابيض عديم اللون، كنت قد جلبتها من متاجر متخصصة، ومن مناطق مختلفة، وكنت "كتربوي" اعرض انواع النبيذ على نحو تتابع فيه انواع تجمع بينها صفات مشتركة، وتميز بعضها بصفات اخرى. ولقد تطورت قدرات بعض ضيوفي، في واقع الامر، بحيث استطاعوا بعد سابع محاولة للتذوق ان يميزوا بين انواع النبيذ المختلفة تبعا لمعايير مختلفة.
لقد وجدت مع ذلك ان التحريم القرآني للخمر والمخدرات ليس ضرورة اجتماعية فحسب، وانما هو ايضا منفعة شخصية للفرد، اذ يمكنه ان يكون متيقظا صافي الذهن دائما. ومن ثم، انهيت هذه المرحلة من حياتي مرة واحدة، وإلى الابد، فان الانسان، بفضل قدرته على التفكير وإعمال عقله، يفاخر بأنه اعظم المخلوقات. فنحن البشر نستطيع ان نمعن التفكير في العالم من حولنا وفي احوالنا، وان نتصرف بحكمة، وهذه الصفات التي ترقى بنا، هي ذات الصفات التي ندمرها على نحو منتظم بتعاطي الخمور والمخدرات، ونحن بذلك نمتهن انفسنا ونحط من قدرتنا داخل المنظومة الكونية، وننحدر بالتالي الى مكانة ادنى من مكانة الحيوانات، التي لا يغيب عنها وعيها ابدا. فادمان تعاطي الخمور والمخدرات نوع من التشويه الذهني الذاتي. وكانت مديرة منزلي الصربية في بلغراد مثالا منذرا لي، اذ كانت تعود دائما الى ادمان الخمر، حتى بعد علاج لفترات طويلة.
ان مشهد مدمني تعاطي الخمر مشهد مهين، يبعث على الاكتئاب، ويثير الشفقة، وكثيرا ما يقدم هؤلاء على الانتحار، وهم يعلمون حقيقة حالهم، ولكنهم لا يستطيعون الرجوع عما هم فيه، لان الخمر سلبتهم العزيمة والارادة والقدرة على اتخاذ القرار. من النادر ان تجد عدد مدمني الخمر في المجتمع الاحدث في المدن التركية الكبيرة اقل من عددهم في المانيا. فهم يمسكون ـ من وقت الظهيرة ـ بكأس الراكيا في يد، وبالسيجارة في اليد الاخرى، مبرهنين بذلك على انهم لم يعودوا سادة انفسهم، وهم من الناحية الدينية، يمارسون بذلك نوعا من الشرك بالله، لأن الخمر ونيكوتين الدخان اهم عندهم من كل ما عداهما في العالم بمن في ذلك ربهم الذي خلقهم. فهم يستطيعون ـ في ظنهم ـ ان يعيشوا بدونه، ولكن ليس بدون الراكيا.
يهدف القرآن من وراء التحريم المطلق للخمر الى منع البدء في تعاطيها، حيث لا يبدو ضارا في حالة احتساء كأس واحدة. فالكأس الواحدة لا تبدو خطيرة في الظاهر يمكن في يوم ما ان تصبح كؤوسا عديدة، ومن المعتاد الا يرى المدمن انه معرض للخطر، وان يقدم ما لا حصر له من الاعذار والحجج لتبرير اعتياده التدخين او احتساء الخمر، في هذا الوقت بصفة خاصة، ومن ذلك كون المدمنين سعداء او تعساء، يعانون من ضغط العمل او في اجازة منه، جماعة او فرادى، مرضى او اصحاء، جوعى او شبعى.
لقد واجهت كرئيس مسؤول هذه المشكلة، فكنت، عندما انبه احد العاملين معي حتى قبل احتسائه الخمر بيوم واحد، كنت اعد معتديا على حقه في ان يعبر عن شخصيته بحرية (واواجه بذلك مشكلة مع مستشار شؤون العاملين). ومع ذلك، كان مستشار شؤون العاملين نفسه يستطيع ان يتأكد في اليوم التالي ان الموظف المعني صار في واقع الامر مدمنا للخمر. ومن ثم، فانه يعد رسميا من هذه اللحظة مريضا بادمان الخمر.
ان من لا يتعاطى الخمر، اذا وجد بين سكارى، سرعان ما يكتشف انه في مكان خطأ، اذ يرى هؤلاء انفسهم ظرفاء ومبدعين وقادرين على التخيل. ولقد استطعت ان اثبت لنفسي عكس ذلك تماما، عندما قمت بعزف مقطوعات موسيقية بذاتها على احدى الآلات النحاسية وتسجيلها ثلاث مرات. وكنت بين المرة والاخرى احتسي كأسين من ويسكي البربون من النوعية المفضلة لدي قبل اسلامي. وكان توقعي: ان عزفي سيكون افضل في كل مرة احتسي قبلها الويسكي، لكن جهاز التسجيل كشف الحقيقة الصاعقة!
شعرت بخجل شديد من سلوك بعض مواطنيّ ونحن على متن احدى طائرات شركة لوفتهانزا، في طريقنا الى جدة. فكنا كلما اقتربنا من السعودية بمناخها الشديد الجفاف، ازداد طلبهم وبالحاح شديد للخمر حتى انهم طلبوا من المضيف اربع زجاجات في وقت واحد ـ كما لو ان المرء يستطيع ان يجتر الخمر بعد ذلك كالجمل، ولقد كان مشهدهم مخزيا، وهم يغادرون الطائرة حاملين في ايديهم شجرة عيد الميلاد مغلفة بالبلاستيك ويترنحون من السكر.
واثبت في هذه الوقائع انه قد لا يكون هناك عائق في طريق انتشار الاسلام في المانيا اقوى من التحريم القرآني للخمر ولحم الخنزير. فلن يتنازل الألماني في بافاريا ولا في كولونيا عن طعامه المفضل من لحم الخنزير، ولا عن خمره المفضل.
وتجد الألماني يتغنى بجمال الفتيات التركيات، وبحق المرء في تعدد الزوجات اذا اراد، ورغبته بالتالي في ان يكون تركيا. ولكنه سرعان ما يعدل عن هذه الرغبة، ويصرخ بأنه لا يريد ان يكون تركيا لان الاتراك لا يشربون الخمر. وما كان يمكن ان يكون مجديا على الاطلاق ان يصير تركيا، وان كان الاتراك يتعاطون الخمر الآن، اذ يعاقب القانون في تركيا حاليا على تعدد الزوجات ولا يعاقب على تعاطي الخمر.
ان المسلم، بتناوله كوبا من الماء او العصير بين اناس يحتسون الخمر، يفسد عليهم بهجتهم، لان ما يفعله ينطوي على عقاب معنوي لهم. لذلك، اصبح من النادر بعد اعتناقي الاسلام ان ندعى، زوجتي وانا، الى حفلات خاصة او الى حفلات رقص، وكأن المرء لا يسعد الا بالخمر، وهكذا، اصبحنا معزولين "منبوذين".
اختلاف البيئة المناخية
كثيرا ما يساق اختلاف البيئة المناخية كحجة ضد التحريم الاسلامي للخمر ولحم الخنزير في مجتمعنا (المجتمع الالماني) بدعوى ان هذا التحريم لا يناسبه مناخيا. وهذه حجة تفتقر الى المنطق، فالحقيقة ان اضرار الخمر في العصر التكنولوجي اكبر بكثير منها في القرن السابع، حيث كان اقصى ما يمكن ان يحدث للمخمور هو ان يسقط من فوق صهوة جواده، او ان يعتدي بالضرب على زوجته واطفاله، او ان يقطع اوتار سيقان الجمل، (كان وقوع حدث شرير من هذا القبيل مناسبة لنزول احدى آيات تحريم الخمر في القرآن).
وما يزال النساء والاطفال يتعرضون اليوم للضرب تحت تأثير الخمر. وكذلك تسقط الطائرات اليوم تحت تأثيره. ولقد تسبب قائد احدى الناقلات البحرية تحت تأثير الخمر في وقوع اسوأ كارثة بيئية حتى الآن. وعلى الرغم من توفر احصاءات عن حوادث الطرق وحوادث المصانع، فانه لا يمكن تقدير الخسائر البشرية والمادية التي تصيب المجتمع الغربي بسبب ادمان الخمر والمخدرات. وفي بعض المستشفيات التركية، تتجاور اقسام علاج الادمان واقسام علاج الامراض العقلية، لما ينطوي عليه ذلك من انذار، ان عاجلا او آجلا، هذا اذا ما دمر العقل قبل ان يتوقف الكبد عن أداء وظائفه.
لقد كنت واحدا من ضحايا حوادث المرور التي تقع تحت تأثير الخمر، ففي نهاية عام دراسي في كلية الاتحاد بشينيكتادي بولاية نيويورك، قمت بجولة في الولايات المتحدة الاميركية "بطريقة الاوتوستوب". (اي ايقاف السيارات والانتقال بها مجانا من موقع الى آخر). وفي اثناء هذه الجولة، تعرضت يوم 28 من يوليو (تموز) عام 1951 لحادث سيئ بالقرب من هول سبرنجز بولاية مسيسيبي، فبينما كنا في طريقنا على الطريق السريع من اتلانتا بولاية جورجيا الى ممفيس في ولاية مسيسيبي، ظهر امامنا ونحن على مقربة من غايتنا شبح. ولا اتذكر شيئا عما حدث بعد ذلك. ولكني علمت في ما بعد ان هذا الشبح لم يكن سوى سيارة اصطدمت بنا، كان سائقها ومرافقه قد احتسيا كميات كبيرة من الخمر في تنيسي، التي تسمح باحتسائه اثناء القيادة، قبل ان يتوجها الى مسيسيبي التي تمنع احتساءه اثناءها.
وكانت خسائرنا اقل فداحة من خسائرهم، لاننا كنا نركب سيارة شيفروليه مصنوعة في عام 1941، اي قبل الحرب، وكانت اشد متانة من السيارة التي كانوا يركبونها وهي شيفروليه من انتاج عام 1943 اي اثناء الحرب.
ولقد تبين لي بوضوح ان ذراعي المصابة الآن، والتي كنت اضعها على وسادة المقعد الخلفية، قد وقتني مما هو اكثر، وكان من الواضح ايضا انني ما كنت لأنجو لو ان قامتي كانت اقصر بمقدار ثمانية سنتيمترات فقط، لانني كنت سأنكفئ في هذه الحالة على انفي وعيني بسرعة حوالي 160 كيلومترا في الساعة. ومع ذلك، كانت خسارتي في هذا الحادث تسع عشرة من اسناني. وبعد انتهاء الجراح من خياطة ذقني وشفتي السفلى، سألني قائلا: انه من الممكن اصلاح وجهي بعد سنوات عن طريق اجراء عملية تجميل، واضاف قائلا: "ان مثل هذا الحادث لا ينجو منه في الواقع احد، وان الله يدخر لك يا عزيزي شيئا خاصا جدا".
ولقد كنت افكر في هذا الامر، وانا اتجول في هول سبرنجز بذراع مربوطة وضمادة تحيط بالذقن وفم مخيط. وكنت افكر في ما أرفه به عن نفسي في يوم عيد ميلادي العشرين. ولكن كل شيء كان يؤلمني.. تناول الطعام او الشراب، او التنزه، او الاجابة عن الاسئلة، واخيرا ذهبت لأقص شعري، فهذا على الاقل لا يؤلم. ولم ادرك المغزى الحقيقي لنجاتي وبقائي على قيد الحياة الا بعد ثلاثين سنة، عندما اشهرت اعتناقي للاسلام.
رمضان اختبار صعب لجلد المسلم وقوة احتماله
ما زلنا في رحاب الرحلة الإيمانية التي قادت الدكتور مراد هوفمان السفير الألماني السابق الى اعتناق الإسلام حيث يقول: بعد بضعة أشهر من اعتناقي الاسلام، حل شهر الصيام، شهر رمضان، وهو الشهر التاسع بين أشهر السنة الهجرية. وكنت انتظر حلوله بشيء من القلق والخوف، لأنه اختبار صعب لجلد المسلم وقوة احتماله، يجسد قمة وعيه وصحوته. ففيه ينبغي علي ان امتنع لمدة 29 أو 30 يوما من الفجر الى غروب الشمس عن الطعام والشراب والتدخين ومعاشرة الزوجة، ولكن مع ممارسة عملي كالمعتاد.
عرفت الصيام لأول مرة في عام 1977، على متن احدى طائرات شركة الخطوط الجوية اليوغسلافية JAT المتجهة من بلغراد الى اسطنبول، فلقد لاحظت ان يد جاري في الدرجة الاقتصادية لم تمتد الى الطعام إلا بعد رفع آنية طعام بقية الركاب، وعندما حان موعد الافطار الذي كان يتابعه بالنظر الى ساعته من حين الى آخر. وأثناء اقامتنا في بلغراد، كنا كثيرا ما ندعو رمضاني رمضان، البستاني الذي يرعى حديقتنا، الى طعام الافطار، اذ كان يثير شفقتنا باصراره الشديد على الصيام. فلقد كان يمتنع تماما عن تناول اي طعام عندما يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر. ولقد قمت بصيام اسبوع من قبيل التعاطف معه. ومع ذلك، فان المرء لا يتعلم صيام 30 يوما الا بصومها فعلا.
د. هوفمان: الصوم فرصة لاختبار المرء لنفسه وإذكاء الإحساس الاجتماعي
في بون، كان من بين المهام الموكولة إلي اقامة حفلات عشاء لضيوف اجانب. وكان عدم مشاركتي لهم الطعام يثير حرجا شديدا: فهل اعاني توعكا في معدتي؟ ام ان الطعام الذي طلبته لهم بنفسي لا يرقى الى مستواي؟ وفي مثل هذه المناسبات، كنت اتذكر السهولة التي كان يمكن بها الاعتذار عن عدم تناول العصير او القهوة التركية التي كانت تقدم لي في وزارة الخارجية اليوغسلافية في شهر رمضان. وفي واقع الأمر، فان صيام رمضان لا يصبح مناسبة تسعد المرء على مدار العام كله الا عندما يكون في محيط مسلم، حيث يكون شهرا مشبعا تماما بالروحانيات.. شهر سلام داخلي واخاء.
المكونات المادية والمعنوية لرمضان
يشتمل الصوم في الإسلام، مثل كل العبادات، على مكونات مادية واخرى معنوية، لا ينفصل بعضها عن بعض. ويبدأ الحرمان البدني بامتناع المرء عن تناول قهوة أو شاي الصباح. وينخفض السكر في الدم اثناء النهار، حتى ليكاد المرء يصاب بالإغماء. ويسهل على المرء، من ناحية اخرى، ان يعرف كيف يعمل نظامه البيولوجي. فبالنسبة لي، هناك على سبيل المثال فترتان للنشاط الوفير في النهار، هما الساعة الحادية عشرة والساعة السادسة عشرة بعد الظهر. ولقد استفدت من ذلك على نحو نظامي، حيث وزعت عملي اليومي تبعا له الى: ما ينبغي، وما يجوز، وما يمكن عمله.
وكانت المجموعة الأولى من الأعمال هي ما أقوم بأدائه بقدر الامكان عندما يستفيد ضغط دمي من الذروة البيولوجية المخططة. فكنت احاول ان اقود سيارتي لمسافة 13 كيلومترا في طريقي من مقر قيادة حلف شمال الأطلسي الى مسكننا في أكسيل، وأنا في أوج نشاطي. وكنت أزيد من حذري حتى لا أعرض نفسي أو غيري للخطر. ففي شهر رمضان، تزداد بالفعل حوادث المرور، وبصفة خاصة عندما يحاول أرباب الأسر اللحاق بالافطار في منازلهم. ولقد لقي خمسة من مواطنينا من ألمانيا الشرقية سابقا حتفهم بالقرب من القنيطرة يوم 25 من فبراير (شباط) عام 1993، ثالث أيام شهر الصوم، عندما حاول سائق سيارة نقل ان يتجاوز الحافلة التي يستقلونها، فصدمها، فانقلبت بهم. وارجع الحادث الى ضعف تركيز قائد السيارة بسبب الصيام.
واليوم الثالث من أيام الصوم يوم عصيب، يكون فيه المرء في أسوأ حالاته، ويصاب بصداع شديد تزداد حدته اذا ما استلقى ليسترخي. ومع ذلك، يبدأ الجسد بقدرته الهائلة على التكيف في التأقلم منذ هذه اللحظة مع المعطيات الجديدة، فتخف حدة الصداع والاحساس بالجوع، ويستطيع المرء ان يرى من يتناول الطعام دون ان يحسده. ومع انني كثيرا ما اشعر في المساء بانني نقصت، ولا استطيع القراءة، واجلس امام شاشة التلفزيون بلا ارادة، فانني لا اشعر برغبة في الطعام وبخاصة اللحوم.
مدفع الإفطار
ويستطرد هوفمان حديثه عن صيام شهر رمضان المبارك قائلا: يعلن عن نهاية يوم الصوم في العالم الإسلامي باطلاق مدفع، وعندئذ يتناول المرء بعضا من الماء أو من العصير. وعددا فرديا من ثمرات التمر او الزيتون، ثم يؤدي صلاة المغرب شاكرا لله أن اعانه على صيام اليوم. ويبدأ تناول وجبة الافطار في كل من الجزائر والمغرب بتناول شاي بالنعناع الأخضر، وحساء داكن اللون هو شوربة الفريك الجزائرية، والحريرة المغربية التي يختلف مذاقها الى حد ما من منزل الى آخر، الى جانب بيضة مسلوقة وتمر وتمر بالعسل، الذي كان طعام الرسول صلى الله عليه وسلم المفضل. وسرعان ما ينتعش الجسد مرة أخرى. وبعد فترة توقف قصيرة، يتناول المرء وجبة كاملة من اللحوم، وفي المغرب من الدجاج، ولحم الضأن المشوي، والكسكسي باللحم البقري، وحلوى وفواكه. وكان كل ذلك يتم للأسف بسرعة حتى انني اعود الى منزلي في الساعة التاسعة مساءً من دعوات للافطار في الساعة السابعة والنصف مساءً.
يختلف مفهومي عن رمضان، المبني على اتباعي للسنة، عن الكيفية التي يمارس بها في بعض البلدان الإسلامية، ومن بينها المغرب. فالناس هناك يميلون الى ان يعوضوا في الليل ما فاتهم في النهار، فيشاهدون التلفزيون، ويلعبون الورق (الكوتشينة) حتى منتصف الليل، حيث يتناولون وجبة ثالثة (السحور). ومن ثم، لا يأخذ كثيرون من الجزائريين والمغاربة قسطا كافيا من النوم، بل انهم لا يتمتعون في الساعات القليلة التي يخلدون فيها الى النوم بنوم مريح من فرط اتخام معداتهم بالطعام. ويترتب على ذلك، انهم لا يلحقون بصلاة الفجر، وبصفة خاصة في رمضان. ولا يفيدون بشيء في ضحى اليوم التالي. ومن شأن هذا أن ينمي الاتجاه الغريب نحو استبدال الليل بالنهار في رمضان.
وفي واقع الأمر، يرتفع كثيرا استهلاك الأغذية في هذه البلدان في رمضان، بدلا من ان ينخفض. أما ما ينخفض بالتأكيد، فهو انتاجية العمل. ويؤثر رمضان على الانتاج القومي في هذه البلدان، كما لو كان فترة اجازة ثانية. أما ما أراه عبثا، فكان دعوتي من قبل شخصيات رفيعة المستوى الى تناول طعام الافطار باستخدام أدوات مائدة مصنوعة من الذهب، وكذا أن يبدأ المسلم تناول الطعام بقول: "Bon Appetit"، أي "شهية طيبة"، بدلا من قول "بسم الله" على طبق طعامه المليء بخيرات البحر، وقبل ان يؤدي صلاة المغرب. ولقد بدا لي دائما انه من غير المنطقي ان يصوم من لا يصلي. ولكن هذا السلوك يكشف عن حقيقة ان صوم رمضان اصبح يمارس في اقسام من عالم المسلمين على نحو يجرده من مغزاه الديني، ويجعله جزءا متحررا من المدنية. وهذا يفسر ايضا السلوك الغريب من جانب بعض المسلمين اذ يمتنعون عن تناول الخمور في شهر رمضان، باعتباره شهر اسلام مقابل احد عشر شهرا للراحة من الإسلام!
السحور وقرآن الفجر
يمضي يومي في رمضان في الفترة بين عاميّ 1987 الى 1994 على نحو مختلف تماما. فأنا آوي الى فراشي بعد صلاة العشاء، أي حوالي الساعة الحادية عشرة، وأضبط المنبه على الساعة الثالثة والنصف او الرابعة صباحا، لاستيقظ قبل بداية الصوم بنحو 40 دقيقة كي اتناول، قبل انطلاق مدفع الامساك، طعام السحور واشرب كثيرا من الماء. وبعد ذلك، اقضي ما تبقى من وقت حتى الفجر في قراءة القرآن. وبعد صلاة الفجر، أنام ساعتين. وكان العمل في سفارتي يبدأ متأخرا ساعة عن المعتاد. وكنت انجز بالفعل اكثر مما انجز في الأيام العادية، خاصة ان العمل يشغل عن الاحساس بالمعدة الخالية. وكنت في رمضان اجلس في مآدب غداء العمل الدورية التي يقيمها زملائي من البلدان اعضاء الاتحاد الأوروبي وأمامي طبق خال. وكان زميلي الفرنسي في الرباط مسيو دي كونياك يشاركني سلوكي "تضامنا" منه مع ابناء البلد المضيف، كما كان يقول، وهذا مما يعد تصرفا سياسيا بارعا.
الدروس الحسنية
ويقول هوفمان: كان يوم عملي في رمضان ينتهي عادة بحضور دروس دينية "درس الحسنية" في القصر الملكي بالرباط. وكانت الحكومة المغربية باكملها، وهيئة الأركان العامة، وعلماء المسلمين، وسفراء الدول الاسلامية، يجتمعون يوميا، ابتداء من الساعة الخامسة بعد الظهر في القصر الملكي المغربي. وكنا نستمع الى تلاوة قرآنية الى ان يصل العاهل المغربي الملك الراحل الحسن الثاني والأمراء. وكان من يلقون الدروس محاضرين مدعوين من جميع أنحاء العالم الاسلامي، من بينهم مسلمون اميركيون، واعلام كالشيخ محمد سيد طنطاوي من القاهرة شيخ الأزهر الحالي، وكانوا يجلسون على المنبر التقليدي، بينما يجلس الملك الحسن الثاني مثلنا جميعا عند أقدامهم في مربع حولهم.
كنت أنا وزملائي المسلمون نتناوب الدعوة الى طعام الافطار حوالي الساعة السابعة مساء. وعندما كان دوري يحين، كان بهو مقر اقامتي في سويسي الواقع بين غرفة الاستقبال (الصالون) وغرفة الطعام يتحول الى مسجد، حيث كانت ارضه تغطي بسجاجيد صلاة. ولقد صارت العلاقات والصلات التي اقمتها في هذه المناسبات مع بعض من اعضاء الحكومة ومن مستشاري الملك الراحل الحسن الثاني ذات طبيعة دائمة وقوية بمرور الوقت. ومن المعتاد، ان افقد بانقضاء شهر الصوم ما يتراوح بين 8 ـ 5 كيلوجرامات من وزني. وبتعبير أدق: فانني اقترب من وزني المثالي.
حركات تجويع بهلوانية
ينطوي الصوم، الى جانب بعده المادي، على بعد روحاني يصير بدونه مجرد حركات تجويع بهلوانية. وشهر رمضان شهر معظم، لما له من أهمية في تاريخ العالم. فلم يشهد رمضان موقعة بدر (عام 622م) ذات الأثر الحاسم في بقاء وتثبيت المسلمين الأوائل فحسب، وانما الأكثر اهمية من ذلك ان به ليلة القدر التي بدأ فيها نزول الوحي بالقرآن. وعن هذه الليلة احادية الرقم التي تقع بين الليالي الأخيرة من رمضان، يقول الله في السورة 97: بسم الله الرحمن الرحيم "إنَّا أنزلناه في ليلة القَدْر @ وما أدراك ما ليلةُ القدْر @ ليلةُ القدْر خير من ألف شهر @ تنزَّل الملائكةُ والرُّوح فيها بإذن ربهم من كل أمر @ سلام هي حتى مطلع الفجر". هذا نص يصلح للتأويل والتفكر.
لقد جرت العادة على اعتبار ليلة السابع والعشرين من رمضان ليلة القدر. وتشترك ليلة القدر مع ليلة عيد الميلاد، وان يكن عن بعد، في ان المرء يهدي فيها (إخراج زكاة الفطر). كما تقام فيها ـ كغيرها من ليالي رمضان ـ صلاة التراويح، وتكثر تلاوة القرآن والتواشيح والأدعية. ومن ثم، فما لم يدرك المرء في هذه الليلة مغزى الرسالة والوحي، فمتى عساه يدركه؟!
وصوم رمضان، فرض على المسلمين. وهم يعتبرونه عبادة، باعتباره احد أركان الاسلام الخمسة التي لا تحتاج الى تبرير مقنع. فالمسلم، بوصفه عبدا لربه، يصوم لأنه أمره بالصوم. فالطاعة هنا واجبة. ويستطيع المرء ان يكتشف بسهولة ان هذا الفرض لم يفرض لله، وانما فرض من الله للناس.
منذ ان عادت رشاقة القوام لتصبح زيا سائدا (موضة)، راح النساء يتبعن نظما للتغذية تذكر بالصوم، كما يمكن ان تؤدي الى نحافة مرضية. ومع كثرة الحديث في الآونة الأخيرة عن اضرار الكوليسترول والوزن الزائد، ظهرت عروض مختلفة لبرامج التخسيس او انقاص الوزن.
إذكاء الإحساس الاجتماعي
ومن ناحية الصوم الاسلامي، فانه يفي بهذا الغرض وزيادة. فهو يؤدي، على سبيل المثال، الى اذكاء الاحساس الاجتماعي حيث يشعر الصائم مرة واحدة على الأقل في السنة بما يشعر به من يرغم على الصوم في العام كله، بسبب ما يعانيه من شح في الغذاء او المال.
وبالنسبة لي، لعل اهم اثر جانبي لصوم رمضان فيّ، انني استطيع ـ في رمضان ـ ان اختبر ما اذا كنت ما أزال سيد نفسي أم انني صرت عبدا لعادات تافهة، وما اذا كنت ما ازال قادرا على التحكم في نفسي ام لا. واتمنى ان يكون فرحا وليس غرورا ذلك الذي اشعر به بعد انتهاء آخر أيام رمضان، اي عند صلاة المغرب، من أنني استطعت بعون الله ان اصومه.
اختلاف رؤية هلال رمضان يعرض المسلمين لسخرية البعض
استوقفت المفكر الاسلامي الدكتور مراد هوفمان السفير الالماني السابق في رحلته الايمانية التي قادته الى اعتناق الاسلام في مطلع الثمانينات، ظاهرة اختلاف رؤية هلال رمضان التي تتجدد كل عام في العالم الاسلامي، على الرغم من المؤتمرات والندوات التي تشير بياناتها الختامية الى ضرورة توحيد رؤية هلال رمضان في البلاد الاسلامية.
ويقول هوفمان متسائلاً: من ذا الذي يستطيع ان يقول لي بثقة متى يبدأ رمضان؟ ومتى ينتهي؟ وقد يقول المرء ان تحديد متى واين يظهر الهلال الجديد امر فلكي يقين في ايامنا هذه. وهو بالفعل كذلك. ومع ذلك، فمن المخزي ان يظل مسلمو هذا الارض مختلفين في ايام بدء وانتهاء صومهم، تبعاً لكونهم اتراكاً او مغاربة او مصريين. وهذا امر من شأنه ان يضر بالصوم كحدث اجتماعي، وان يعرض المسلمين لسخرية البعض.
د. هوفمان: اليس من الممكن توحيد مواعيد شهر الصوم في العالم الاسلامي بناء على الحسابات الفلكية بالقياس الى مكة؟
يرجع الدكتور مراد هوفمان اختلاف رؤية هلال رمضان في البلاد الاسلامية الى سببين: أولهما، ان الأمة مجزأة الى دول قومية، ولا يكفي التركي او المغربي ان يعرف ان رؤية الهلال ثبت في مكة، اذ لا بد بالنسبة لكل منهما ان تثبت رؤيته في قونية او فاس. ويترتب على ذلك اختلاف في تحديد يوم بداية ونهاية شهر رمضان، لأن الترتيب الوضعي بين الشمس والأرض والقمر يختلف في كل بقعة من الأرض عنه في غيرها. ويتباين الاختلاف في موعد ظهور القمر في يومين متتاليين عن الاختلاف فيهما في موعد شروق الشمس، فيبلغ دقيقتين في شروق الشمس، بينما يبلغ خمس عشرة دقيقة في ظهور القمر.
أما السبب الثاني، فيدركه المرء على نحو أفضل. فلقد جرت العادة في عصور الاسلام الأولى على ان تثبت رؤية الهلال بالعين المجردة، وليس بالحسابات الفلكية او بالتنبؤات، وهو ما لم يمثل في ما مضى ولا يمثل اليوم أي مشكلة، بفضل الظروف المناخية في شبه الجزيرة العربية. واستنادا الى ذلك، يرى بعض الفقهاء المتشددين أن رؤية هلال رمضان بالعين المجردة من شخص موثوق به تقليد ضروري لا غنى عنه، وان الحسابات الفلكية غير كافية في هذا الشأن. ويعادل رفض التواريخ الفلكية عدم الأخذ في قانون العقوبات بدليل مبني على اساس غير قانوني.
الإجراءات الموروثة
ويتمسك المتشددون بالاجراءات الموروثة لتحديد بداية الشهر القمري، حتى وان حالت الظروف المناخية دون رؤية الهلال الذي يكون موجودا بالفعل. ويمكن ان يترتب على ذلك، كما حدث في عام 1994، ان يفطر المرء في المغرب متأخرا يومين عنه في السعودية. وعندما نقلت الاحتفالات بعيد الفطر في مكة، عبر وسائل الاعلام، في ثاني ايام الصوم الزائدة في المغرب عنها في السعودية، رأى بعض البسطاء في المغرب ان هذا الاختلاف أمر مخز ومشين! أليس من الممكن حقا ان توحد مواعيد شهر الصوم في انحاء العالم الاسلامي كافة بناء على الحسابات الفلكية بالقياس الى مكة، أسوة بما هو متبع في حالة تحديد مواقيت الحج، ومن ثم أيضا عيد الأضحى؟!
وعندما يتناول المرء يوم عيد الفطر أول قدح من القهوة في أول افطار منذ 29 أو 30 يوما، يشعر بألذ مذاق. وعند صلاة العيد في المسجد لا يلتقي المرء الا بأناس تشع منهم اشراقة داخلية. ولعل مما يبدو غريبا وان كان حقيقة ان يشعر المرء بالجوع عند الظهر لأنه تناول طعام الافطار، بينما ينسى طعام الغذاء في رمضان على الرغم من انه لم يتناول طعام الافطار. وهكذا تعود الأيام سيرتها الأولى.
زر رمضان
انني احتفظ لنفسي بما أسميه "زر رمضان". فعندما تكون هناك ضرورة بين الحين والآخر على مدار العام لترك وجبة او وجبتي طعام، اضغط ذهنيا على هذا الزر الذي يعيدني نفسيا الى رمضان بنفس الوضع ونفس الشعور. وسرعان ما احتمل جوعي، ولا اعيره اهتماما. وانني اترقب رمضان المقبل بسعادة غامرة، حتى وان لم يصدقني في ذلك احد.
مع مسلمين حول مائدة الطعام
ويذهب هوفمان الى انه اذا كنا قد تحدثنا في ما سبق عن الصوم أو الامتناع عن تناول الطعام، فلقد آن لنا ان نؤكد ان المسلمين لا يأكلون فقط، وانما يحق لهم ان يأكلوا باستمتاع وتلذذ كل ما هو صحي، وهذا يعني كل شيء ما عدا لحم الخنزير (والخنزيرالبري أيضا)، والميتة ومنتجات الدم مثل السجق المصنوع من الدم، ومشتقات الخنزير كالحلوى التي يدخل شحم الخنزير في صناعتها، وكذا الحلوى التي تحتوي على خمور.
ومن الخطأ تصور ان تحريم القرآن لتناول لحم الخنزير انما يعود الى اسباب مناخية فقط، او الى عدم القدرة على التعامل مع الدودة الشريطية في القرن السابع الميلادي. فنحن نعلم اليوم ان تناول لحم الخنزير يؤدي الى الاصابة بسرطان الامعاء وبالتهاب المفاصل، وبالاكزيما والدمامل والى ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم والى الاصابة بحمى القراص بسبب ارتفاع نسبة الهستامين.
ان تناول الطعام جلوسا على الأرض حول قطعة من الجلد دائرية او مربعة او بيضاوية الشكل، وليس على منضدة لا يقتصر فقط على البدو المرتحلين في الصحراء، وانما يمارسه ايضا بعض اخوتي المؤمنين في ألمانيا. فنحن عندما نتناول طعامنا على سبيل المثال في دار الاسلام في ليتسيل باخ في أودن فالد، نعد قطعة مماثلة من الجلد في قاعة الاجتماعات والصلاة، ونجلس او نستلقي عليها مثلما كان الاغريق الأقدمون يفعلون، وان يكن بدون نبيذهم. وهكذا يفعل بعض المسلمين في الغرب تقليدا، ولو في بعض الشكليات غير المهمة، للرجل الذي يدينون له بالكثير من الفضل... محمد صلى الله عليه وسلم. وتنطوي قطعة الجلد المشار اليها على معنى رمزي. فهي تذكرنا باننا جميعا بدو مرتحلون دائما على طريق عودتنا الى الله.
سلوك عملي
هذا السلوك في واقع الأمر سلوك عملي، اذ ان حمل ونقل هذه القطعة من الجلد أيسر كثيرا من تحريك منضدة في مسكن، او من شحنها في سيارة. وهكذا يمكن استغلال المكان الذي يتناول فيه المرء الطعام على رقعة (قطعة) الجلد في اغراض متعددة. ولكن ينبغي ملاحظة انه قليلا ما يتناول المرء الطعام واقفا أو جالسا القرفصاء او مستلقيا بما يضغط على المعدة. فالجلسة الصحية تكون بمد الساقين ناحية اليمين، مع الاتكاء على الذراع الأيسر. ومن ثم تبقى اليد اليمنى طليقة لتناول الطعام بها.
هناك، مع ذلك، في العالم العربي أيضا من يتناول الطعام واقفا كما هو الحال في تناول الطعام في محلات الوجبات السريعة في اوروبا واميركا. وفي الجزائر، جرت العادة على ان يتناول الناس شاة مشوية وهم وقوف حول منضدة الطعام، حيث يمكن ان تلتهب اصابع يد من يبدأ بقطع اللحم، الذي يؤكل معه خبز وبصل وملح وكمون. أما في بقية البلدان العربية من المغرب الى السعودية، فيأكل الناس الشياة المشوية وهم جلوس.
تعد التغذية السليمة، من اجل الحفاظ على سلامة الجسم، لصالح المرء نفسه ولصالح اهله، في المنظور الاسلامي فرضا، ومن ثم عبادة. لذلك يبدأ المسلم تناول طعامه بالبسملة، اي: بسم الله الرحمن الرحيم، وينهيه بالحمد، أي الحمد لله. وبما ان تناول الطعام عبادة، فان المسلم لا يقطع تناوله للطعام عندما ينادي المؤذن لعبادة اخرى، هي الصلاة، طالما كان هناك متسع من الوقت لادائها.
ولأن تناول الطعام عبادة، يحرص المرء على الا يسرف فيه، وعلى ألا يتناول منه ما يزيد على حاجته، وعلى ان يتوقف عنه على الرغم من شعوره بأنه يستطيع ان يستمر فيه، وعلى ألا يشبع حتى الامتلاء. وقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا" (الاعراف: 31).
ومن المفروض ان يتوقع المرء ان يأتيه ضيوف فجأة، ولذلك ينبغي اعداد طعام يكفي لعدد اكبر من عدد الموجودين بالفعل. وتقضي التقاليد الاسلامية في مثل هذه الحالات، بان طعاما لفردين يكفي لثلاثة أفراد، وان طعاما لثلاثة أفراد يكفي أيضا لخمسة. لذلك لا يجد المرء في بلاد المسلمين حرجا في ان يزور احدا في وقت تناول الطعام، أي كما يقول الاميركيون جرب "حظك مع القدر".
الضيف المفاجئ
من كان مثلي وزوجتي، مضيفا رسميا في العالم الاسلامي يعرف ان المرء لا يستطيع ان يتوقع بدقة عدد من سيأتيه من ضيوف على مائدة العشاء فمن المحتمل ان يتخلف عدد غير قليل من المدعوين عن الحضور، بعد ان يكونوا قد اكدوا انهم سيحضرون. ومن المحتمل ايضا ان يحضر عدد من الضيوف يزيد كثيرا عن عدد الذين وجهت اليهم الدعوة مما قد يسبب حرجا للمضيف وللضيوف على السواء.
بسبب مثل هذه المواقف التي تساهم في اظهار العربي في صورة المهمل، كنا نتجنب بقدر المستطاع توجيه دعوة الى تناول طعام العشاء جلوسا حول منضدة، وفق ترتيب معين الى نحو 24 شخصا. وبدلا من ذلك، كنا نفضل ان ندعو الى تناول طعام العشاء في بوفيه مفتوح يصل الى 85 مدعوا ينتشرون على كثير من المناضد صغيرة الحجم موزعة بدون ترتيب تقريبا.
لذلك، يعزى تخلف ضيف عربي عن تلبية دعوة الى تناول طعام العشاء، على الرغم من التأكيد المسبق بالحضور، الى اسباب كثيرة غير العقبات المرتبطة بالعمل. ومن ذلك على سبيل المثال ان يكون قد استقبل ضيوفا على نحو مفاجئ، او ان تصر زوجته على ان ليس لديها ما ترتديه من الثياب. الا ان ما اصابني بدهشة الجمت لساني، كان اعتذار ضيف شرف مغربي عن عدم حضور حفل عشاء اقمته على شرفه، لأنه لم يكن يشعر بجوع. وكان هذا فيما اعتقد اصدق أسباب الاعتذار.
التفاخر والمباهاة
ولقد كنت انا وزوجتي نلبي جميع الدعوات التي توجه الينا، سواء أكانت دعوة من وزير أم من سائق سيارتي، أم دعوة من اميرة أم من خادمتنا. وهكذا أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان يلبي حتى دعوات العبيد، ولم يجز رفض الدعوة إلا لسببين، وهما ان تؤدي الدعوة الى استدانة الداعي، او ان تكون لغرض التفاخر والمباهاة. ولذلك، لم اشعر بحرج لرفض دعوات كثيرة وجهت لي لحضور حفلات زفاف، لعلمي ان والد العروس يبغي المباهاة بحضوري كسفير.
"الإتيكيت" الاسلامي في الطعام يختلف تماما عن "الإتيكيت" الغربي.
يختتم المفكر الاسلامي الدكتور مراد هوفمان السفير الالماني السابق حديثه عن رحلته الايمانية التي اوصلته الى بر الامان باعتناقه الاسلام. وبعد ان توقفنا معه طويلا في محطة من المحطات المهمة في هذه الرحلة في حلقة الامس، حيث تحدث عن الاجواء الروحانية التي يعيشها المسلم في مشارق الارض ومغاربها خلال شهر رمضان المبارك، الذي هو شهر التوبة والغفران بمعنى انه شهر خلاص المسلم من الآثام والذنوب وأمل المسلم في المغفرة والرحمة. ينقلنا اليوم بحديثه عن آداب الطعام عند المسلمين الى جو آخر وعالم مختلف.
ويتحدث الدكتور هوفمان في هذه الحلقة عن كيفية تنظيم الاسلام لنواحي الحياة كافة، مستعرضا الملامح العامة التي تشكل آداب الطعام عند المسلمين اي "الاتيكيت" الاسلامي في الطعام الذي يختلف اختلافا كليا عن "الاتيكيت" الغربي في الطعام، مشيرا الى آداب وتقاليد كل منهما في مقارنة سريعة.
د. هوفمان: آداب الطعام في المغرب لها تقاليد راسخة وطقوس جميلة.
< يقول الدكتور هوفمان مثلما ينظم الاسلام نواحي الحياة كافة، فانه كذلك ينظم آداب الطعام، وهي ما نسميه "إتيكيت". والكثير من هذه الآداب مألوف لنا، لأنها آداب معروفة على نطاق العالم كله، بينما بعضها الآخر خاص بالمسلمين وحدهم، اهتداء بسلوكيات أتاها الرسول صلى الله عليه وسلم فعلا، او تنفيذا لتوصيات أوصى بها.
ففي بعض البيوت العربية، يستقبل الضيف بالتمور، ويساعده المضيف على خلع معطفه، ولا يتخذ مكانه في صدارة المجلس ما لم يصر المضيف على ذلك. وقبل تقديم الطعام، يتيح المضيف لضيوفه ان يغسلوا أيديهم، لأن المرء في نهاية الأمر يأكل بيده. ويحول بعض المضيفين، وبصفة خاصة في المغرب، الأمر الى طقوس جميلة وتقاليد راسخة، حيث يلتف الجميع حول حوض عليه صابون، بينما يصب الماء للضيوف شخص غالبا ما يكون هو المضيف نفسه. ويتكرر ذلك مرة اخرى بعد ان ينتهي الضيوف من تناول الطعام. ويقوم المضيف بتعطير يدي الضيف عند انصرافه بماء الورد او ماء البرتقال.
وينظف بعض المسلمين اسنانهم بالسواك، بعد الانتهاء من تناول الطعام. والسواك غصن صغير (سمكه حوالي 15 مم) من خشب لين تماما. ولدي أنا أيضا سواك حصلت عليه من المدينة المنورة، وميزته ان استخدامه لا يحتاج الى ماء ولا الى معجون أسنان.
لكي يستطيع المرء ان يتناول طعامه بيده، يجري تجزئة الطعام الى قطع صغيرة تغني عن الحاجة الى السكين. ومع ذلك، تقدم اليوم أدوات المائدة كاملة، ولا يقتصر الأمر على تقديم ملعقة الحساء فقط. ولا تسمح التقاليد باستخدام أدوات مائدة مصنوعة من الفضة، لا لكونها من مادة صنع النقود فحسب، وانما لأن ادوات المائدة الفضية ترف غير اسلامي بالنسبة لهم (وهو ما ينبغي ان يذكر به المرء بصفة دورية في مقار السفارات الاسلامية).
آداب الطعام
ويضيف السفير هوفمان قائلا: عندما يقدم الطعام، يأكل المرء مما يليه مباشرة من لحم او حلوى او فاكهة. ويهتم المضيف والجالسون بجوار المرء عادة بان يجد بطبقه كل ما لذ وطاب. وكثيرا ما يملأ لي البعض طبقي بما لذ وطاب دون اكتراث بمعارضتي الشديدة. ويخدم المرء نفسه ويأكل بثلاثة من اصابع يده اليمنى، هي الابهام والسبابة والوسطى، لأن الأكل باصبعين أمر عسير جدا، والأكل بكل اصابع اليد نهم مستهجن. واذا لم يستسغ المرء نوعا من الطعام فله ان يتركه جانبا ولا يأكل منه، وكان محمد صلى الله عليه وسلم نفسه يفعل ذلك، اذ كان لا يستسيغ الطعام الذي يحتوي على كثير من الثوم. ومن ناحيتي، فانني للأسف لا استسيغ طعم الكمون. ومرد الأسف هنا ان لهذا الصنف من التوابل دورا كبيرا في الشرق كله.
من اليسير على المرء ان يترك صنفا من الطعام دون ان يتناوله، عندما تقدم الوجبة باكملها ـ من المشهيات الى الحلوى ـ دفعة واحدة. ولقد خبرت ذلك، عندما دعاني الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة الى تناول طعام الغداء معه، حيث كانت المائدة تبدو وكأنها تقوست تحت تأثير ثقل ما تحمل من طعام. وهو نفس ما حدث عندما كنت ضيفا على طعام الغداء يوم عيد الأضحى، على مائدة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود بمنى. ومن طبيعتي ان افقد شهيتي للطعام تماما عندما أرى أمامي ثمار الموز او الحلوى (تورتة بالكريمة) بجوار كبد مشوي او دجاجة محشوة بالنقل (المكسرات) وريش ضأن مشوي. لذلك، لم اتناول في منى سوى بضع ثمرات وقطعة خبز وثمرة موز، وانحنيت نحو الملك المضيف وانصرفت.
وتبعا لآداب الطعام عندنا في الغرب، يعد الانصراف فور الانتهاء من تناول الطعام اهانة بالغة، حيث اننا نشأنا منذ الطفولة على ألا ننصرف من حول مائدة الطعام قبل ان يأذن لنا الأم والأب. ولكن الأمر يختلف تماما حسب "الاتيكيت" الإسلامي، حيث يبدأ المضيف المسلم تناول الطعام (قبل ضيوفه ليثبت لهم سلامة الطعام وعدم خطورته) وآخر من يتوقف عن تناوله. وهكذا يبقى المضيف، حتى وان كان ملكا، آخر من يجلس بمفرده الى مائدته. ومن ثم، فقد كان سلوكي سليما.
وربما يستطيع المرء ان يعترض بأنني كنت استطيع على الأقل ان اجري في منى حوارا طيبا حول مائدة الغداء دون ان اتناول كثيرا من الطعام. حسنا! ولكن هذا ليس من الاسلام في شيء. فالمرء كضيف في بيت مسلم يستفيض في تجاذب اطراف الحديث قبل تناول الطعام، ويتحدث قليلا جدا اثناء تناوله، وينصرف بعد الانتهاء منه بقليل. ومن شأن هذا النظام ان يعطي للمضيف فرصة لتحديد طول الفترة التي يبقى فيها ضيوفه عنده.
اذا كنت قد تحدثت عن موائد عامرة باصناف وكميات الطعام، حتى لتكاد تتقوس من ثقله، فانني لم اقصد بذلك ان الاسراف، وفي المقام الأول القاء الطعام في اناء الفضلات، يمكن ان يكون سلوكا إسلاميا. بل انه على العكس من ذلك تماما. فالمضيفون المسلمون من دبي حتى مراكش يعتبرون ان من واجبهم اكرام الضيف وتدليله. وعلى أي حال، فهناك، خلف الكواليس، جيش كامل من العاملين ومن الفقراء مستعد لتلقي ما يتبقى من الطعام.
تمثل الحفاوة البالغة بالضيف في الشرق مشكلة لمن يزوره من الرسميين الألمان، لأن اللوائح المالية لجمهورية ألمانيا الاتحادية الغنية لا تسمح لممثليها ـ سواء كان رئيسا اتحاديا أو وزيرا أو مندوبا ـ ان يرد المعاملة بالمثل. ولا يعود ذلك فقط الى رقابة ديوان المحاسبات الاتحادي علينا، وانما هو ايضا نتاج لعملية وئيدة الخطى للتحول الى اقاليم، ولاشاعة البيروقراطية، وللفرز البروليتاري على نحو افقدنا القدرة على ان نحتفل وان نستضيف بكرم وحفاوة واناقة.
ولقد قدم المغرب، باستضافته مندوبي عالم المال بأكمله في مؤتمر الجات بمراكش في ابريل (نيسان) عام 1994، المثل على مدى اهمية كرم الضيافة في التقاليد الاسلامية. ولقد انصرف بعض المندوبين الغربيين، يسيطر عليهم شعور بالخزي، من ضيافة الأمير محمد ولي العهد المغربي الذي استضافهم استضافة ملوك في خيمة تغطي أرضيتها بسط فاخرة، قدمت لهم أثناءها ألعاب نارية.
المطبخ الإسلامي
بعد وصف الكيفية التي يجري بها تناول الطعام في العالم الاسلامي، يأتي الآن عرض للأطعمة التي يتناولها الناس هناك. والمطبخ الاسلامي، مثله مثل الفن الإسلامي، يتعرف عليه المرء للوهلة الأولى على الرغم من تنوعه الشديد. ويرجع هذا التنوع الشديد الى ان كل مجموعة قومية، من موريتانيا حتى بلوخستان، لها وجباتها القومية الخاصة بها، والتي تساهم بها في هذا المطبخ. وفي موسم الحج، تتحول مكة الى بوتقة يتحقق فيها انصهار مثالي لمطبخ إسلامي. ويتمثل القاسم المشترك في هذا المطبخ في سيطرة المطبخ التركي الذي يعد، الى جانب المطبخين الصيني والفرنسي، أحد أشهر وأشهى ثلاثة مطابخ في العالم. ويمكن للمرء في الواقع ان يحدد درجة تأثر المطابخ القومية المختلفة، كالمطبخ المصري والسوري واللبناني، بالمطبخ التركي.
وتشترك كل هذه المطابخ في كونها مثالا جيدا للعادة التركية المتمثلة في بدء تناول الطعام بتناول عدد لا حصر له من "المشهيات" (المزة) سهلة الهضم، الباردة او الدافئة، كالخضراوات والسلاطة والفواكه والبطيخ والكبد، المخ، والزبادي، وورق العنب المحشو وفاصوليا حمراء وسلاطة خيار... الخ. ولقد تبينت زوجتي اثناء جمعها وصفات (الاطعمة كثيفة العمل اليدوي) ان المشهيات تزيد على الوجبات الرئيسية في العالم الاسلامي بصفة عامة.
لقد جرت العادة في بلاد الخلفاء والسلاطين والأمراء ان يقدم الطعام في تتابع يأتي الحساء في نهايته، ويجري تناول قدح من شربات الفواكه بين الوجبات الرئيسية المكونة من السمك واللحم. ولكن الأمر يختلف عن ذلك في العالم العربي اليوم، اذ يهاجم المرء الضيف بأطباق متوالية من اللحم ظنا من المضيف ان طعامه يخلو عادة من اللحم.
يعلم الجميع ان الاسلام ليس دينا نباتيا. ولكن ربما لا يعلم الا القليلون من غير المسلمين انه محرم على المسلمين ان يأكلوا لحم الحيوانات التي لم تذبح وفق الشريعة الإسلامية. فوفقا للشريعة الاسلامية يذبح الحيوان راقدا وبسكين حادة جدا. ولتجنيب الحيوان الاحساس بآلام نفسية، لا بد من ان يغذى تغذية جيدة الى ان يحين موعد ذبحه، وألا يتعرض لمشاهدة حيوان آخر وهو يذبح، وألا يشاهد حتى السكين وهو يشحذ. بل ان من آداب الذبح في الاسلام، ان يخفي الجزار السكين خلف ظهره، وهو مقبل على الحيوان لذبحه. والجزار المدرب يقطع الحلق والمريء وشرايين الرقبة بضربة سكين واحدة، حتى يغيب الحيوان عن الوعي مرة واحدة، فينزف دمه تماما، ويسلم الروح بدون ألم.
أمر يدعو إلى السخرية
وبالنظر الى كل ذلك، يسمح للجماعة اليهودية في ألمانيا ان تذبح ذبائحها وفق الشريعة اليهودية، بينما يمنع المسلمون من هذا الحق، وهو امر يدعو الى السخرية. وفي شأن ذلك، يقول القرآن: "... فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم" (سورة الانعام: الآية 145). وتستنتج السلطات الألمانية من ذلك نتيجة "منطقية"، مؤداها انها اذا منعت المسلمين من ان يذبحوا ذبائحهم وفق شريعتهم، فسوف يضطرون الى اكل لحوم حيوانات لم تذبح وفقا لها. ولكن هذا التصور ينطوي على خطأ فادح في الحساب، لان اضطرار المسلم الذي ورد ذكره في القرآن ينطوي على محاولته درء خطر موت يتهدده جوعا. ومن ثم، فالمسلم في ألمانيا مضطر إما الى الاستغناء عن اللحوم بالأطعمة النباتية، وإما الى شراء اللحم من الجزارين اليهود.
يحذر القرآن من تحريم ما احله الله للناس من طعام: "قل من حرَّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نُفصِّل الآيات لقوم يعلمون" (سورة الأعراف ـ الآية 32). ومن ثم فانه يحث على تناول مواد غذائية بعينها، كاللبن والتمر والزيوت النباتية والأعناب والعسل الذي وصفه بأنه دواء "فيه شفاء للناس" (سورة النحل ـ الآية 69). ولذلك يضعه المرء في جميع الحلويات تقريبا في العالم الاسلامي، كالبقلاوة على سبيل المثال.
يمكنني ان اذكر على وجه السرعة وجباتي المفضلة في العالم الاسلامي. ففي المناطق الحارة، يحتاج المرء الى تناول الكثير من المشروبات التي تصل كمياتها الى 7 لترات يوميا، وبصفة خاصة اذا كان المرء يعيش منذ عشرين عاما باحدى كليتيه فقط. لذلك، فان اول ما يخطر ببالي من المشروبات هو اللبن باللوز، والقرفة والزنجبيل والقهوة التركي والشاي بالنعناع والقهوة التي تقدم في أبهاء فنادق المشرق العربي كافة والتي يشعر المرء بانه استعاد حيويته من جديد بعد ان يحتسي ثلاثة اقداح منها.
في أول زيارة لنا الى مكة في عام 1982، طلبنا في احد المطاعم ابريقا من القهوة، كما هي العادة في ألمانيا عندما يتناول مجموعة من الاصدقاء القهوة معا. وكلما كرر النادل السؤال اكثر من مرة عن طلبنا بهدف التأكد، أرجعنا ذلك الى مشكلات وصعوبات تتعلق باللغة.. واخيرا، احضر لنا طائعا ابريقا يمنيا تقليديا مملوءا بالقهوة العربية. لكننا لم نتمكن، بطبيعة الحال، من احتساء كل ما به كاملا، اذ شعرنا ان ضربات القلب راحت تتسارع بعد احتساء ما يعادل نصف قدح من الحجم الألماني.
طقوس إعداد الشاي الأخضر
كنا على موعد مع القدر، عندما أتيح لنا ان نشهد طقوس اعداد الشاي الأخضر بأوراق النعناع في ضاحية النخيل بواحة العطوف في جنوب الجزائر. وكنت قد القيت عام 1989 محاضرة في واحة بني عزجون المجاورة، حول عشر نقاط في العالم الاسلامي لا تروق لي، وبعدها قضيت ليلتي وحيدا في كوخ وسط عدد من اشجار النخيل. وفي الصباح، حضر مضيفي حاملا معه طعام الافطار وعددا من الاقداح والعلب. وغسل الابريق بماء ساخن، ثم غسل الشاي بماء ساخن داخل الابريق، وتخلص بعد ذلك من الماء ثم اضاف اوراق النعناع والكثير من السكر والماء المغلي الى الشاي. وراح بعد ذلك يصب الشاي في الاقداح من ارتفاع قدره حوالي نصف متر، دون ان تهدر نقطة واحدة منه ولا اعتقد ان هناك طريقة امتع من ذلك ليبدأ بها المرء صباح يوم جديد.
من بين اطعمة المسلمين التي افضلها: الباذنجان المحشو والمقلي، وسلاطة الجبن الفرنسي، والدجاج المحشو بالمكسرات، وريش الضأن، والحمص، والكباب، والأرز الشرقي وبخاصة الباكستاني (الذي يحتوي على كثير من القرفة والزبيب)، والتبولة والكسكسي الحلو، والعاشوراء، والمهلبية، وأم علي.
المصدر:
الهيئة ا لعالمية للمسلمين الجدد
http://www.4newmuslims.org/whyislama.htmBookmark and Share