[size=24][b] نبذة عن الإمام عبد الحليم محمود
*
وُلد الشيخ عبد الحليم محمود في قرية أبو احمد من ضواحي مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية في (2 من جمادى الأولى سنة 1328هـ= 12 من مايو 1910م)، ونشأ في أسرة كريمة مشهورة بالصلاح والتقوى، التحق بالأزهر، وحصل على الشهادة العالمية سنة (1932م)، ثم سافر على نفقته الخاصة لاستكمال تعليمه العالي في باريس، ونجح في الحصول على درجة الدكتوراه في سنة (1940م).
*
تولى أمانة مجمع البحوث الإسلامية، ثم تولى وزارة الأوقاف، وصدر قرارٌ بتعيينه شيخًا للأزهر في (22 من صفر 1393هـ= 27 من مارس 1973م).
*
ومن مواقفه أنه بعد عودته من فرنسا كان يرتدي البدلة غير أنه بعد سماع خطبة للرئيس عبد الناصر يتهكَّم فيها على الأزهر وعلمائه بقوله: "إنهم يُفتون الفتوى من أجل ديكٍ يأكلونه" فغضب الشيخ الذي شعر بالمهانة التي لحقت بالأزهر، فما كان منه إلا أنه خلع البدلة ولبس الزيَّ الأزهريَّ، وطالب زملاءَه بذلك، فاستجابوا له تحديًا للزعيم، ورفع المهانة عن الأزهر وعلمائه.
*
كما كان له موقفه الشجاع نحو قانون الأحوال الشخصية الذي روَّج له بعضُ المسئولين بتعديله؛ بحيث يقيَّد الطلاق، ويُمنَع تعدد الزوجات، فانتفض الشيخ فقال: "لا قيودَ على الطلاق إلا من ضمير المسلم، ولا قيودَ على التعدد إلا من ضمير المسلم ﴿وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (آل عمران: من الآية 101) ولم يهدأ حتى أُلغي القرار.
*
وفي يوليو 1974م صدر قرارٌ جمهوري رقم 1098/1974م بتنظيم شئون الأزهر وتحديد مسئولياته على أن يكون الأزهر تابعًا لمسئولية وزير شئون الأزهر؛ مما أفقد الأزهر استقلالَه، فأسرع الشيخ بتقديم استقالته في 1 من أغسطس؛ احتجاجًا على القرارِ ولم يعُد لمنصبه إلا بعد إلغاء القرار وصدور اللائحة التنفيذية التي تخوِّل للأزهر شئونه.
*
كما لا ينسى أيُّ أحد مواقفَه من المحاكمات العسكرية ضد جماعات التكفير، وموقفه الشديد ضد قانون الخمر؛ حيث ندَّد به في كل مكان، وموقفه أيضًا من الشيوعية والإلحاد، وموقفه العظيم من الوفد البابوي.
*
لقد حاول الشيخ إعادة تشكيل هيئة كبار العلماء من الأكفاء ومِن حِسَان السمعة والعدول، وكانت حياة الشيخ عبد الحليم محمود جهادًا متصلاً وإحساسًا بالمسئولية التي يحملها على عاتقه، حتى لَقِي الله بعدها في صبيحة يوم الثلاثاء الموافق (15 من ذي القعدة 1397هـ= 17 من أكتوبر 1978م).
بعض ما قيل و كتب عن الإمام
*
أ. د. منيع عبد الحليم محمود
*
الإمام الأكبر كان كالأنفاس الطاهرة الهادئة و النسمات الوادعة في صمته و صوته و جميع سمته , كان عظيم الصدق مع ربه و مع نفسه و كان شجاعا في اختيار طريقه و في السير على هذا الطريق .
*
لم تكن له شخصيتان بل شخصية واحدة اتسقت اتساقا باهرا مع نور الشريعة و الحقيقة معا و كان يذكر كلما ذكر الإخلاص و الطهر و التقى .
*
ذلكم هو الإمام الأكبر عبد الحليم محمود شيخ الإسلام رضي الله عنها عاش حياته مخبتا أوابا و كان يحمل كل خصائص العلماء الذين كتب لهم أن يكونوا للناس قدوة دائمة وروادا و كان إماما للمتقين.
*
الإمام الأكبر عبد الحليم محمود اسم عظيم لرجل عظيم رجل شرف الإسلام كواحد من أبنائه و عالم من علمائه
*
لقد قام شيخ الأزهر الإمام عبد الحليم محمود رضي الله عنه بجلائل الأعمال و أجل من كل شيء فيما أرى هو صموده في وجه أي ظلم و طغيان و رفضه بيع الضمير.
*
انه ثبت على عقيدته و إيمانه كالجبل الراسي و ألح على الحفاظ على مكانته عند الله و عند الناس, و لقد قام بإعادة اعتبار الأزهر و مكانته إلى النفوس و أزال جميع العوائق و العراقيل التي و ضعت في طريقه و فتح باب الأزهر على مصراعيه للوافدين من طلاب العلم و الدين فعاد الأزهر من جديد إلى مكانة القيادة العلمية و التربوية في العالم الإسلامي
*
كان عالما حكيما يدرس الوضع بدقة و إمعان و يفكر في القضايا و المشكلات تفكيرا جديا و سليما و يبحث لها عن حلول في صمت و يبدي رأيه في أوانه, لذلك استطاع أن يحفظ مكانة الأزهر و يبقى كرامته
*
لقد كان أمة في ذاته فإذا جلس في مكان تحول ذلك المكان إلى مسجد و مدرسة و كان الناس يؤمونه من الجهات البعيدة ليستفيدوا منه العلم و الدين و الربانية
*
و يعد الإمام الأكبر عبد الحليم محمود صاحب و رائد مدرسة الفكر الإسلامي و التصوف في العصر الحديث و لقب بأبي التصوف في العصر الراهن.
*
و الإمام الأكبر عبد الحليم محمود رضي الله عنه له عمق و غزارة الآراء الفقهية و دقة الاجتهادات مما جعله يكسب صفوف المعارضين قبل المؤيدين الى جانب اللباقة و الدراية الكاملة في عرض أي موضوع و مسألة تتعلق بأمور الدين.
*
فلهذا اكتسب هذا العالم الجليل احترام كل الفرق و المذاهب الإسلامية في شتى بقاع العالم و سيبقى هذا العالم و تراثه في قلوبنا على مر العصور.
*
ثم كان من أمر الشيخ عبد الحليم رضي الله أن أصبح هو الفضيل بن عياض و هو الإمام الغزالي و هو الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي حتى وصل به الأمر أن امتزج امتزاجا كاملا بالمدرسة الشاذلية فكان قطبها و لقب بأبي الحسن الشاذلي القرن العشرين.
*
و لقب أيضا بأبي العارفين فلقد كان إليه رضي الله عنه المرجع و الفتيا و ريادة الفكر الإسلامي و التصوف في العصر الحديث
*
و السفر الذي بين أيدينا الآن للأخ الفاضل محمد بيومي هو نبراس و ضوء يقتدى به و يهتدي منه في طريق التصوف في عصرنا الراهن نفع الله به و جزاه عن الإسلام و المسلمين خير الجزاء
*
يقول الأستاذ أ . د/ محمد رجب البيومي : لا يفارقك و أنت في مجلس الإمام عبد الحليم محمود – إحساسك انك مع إنسان يعرف ربه و أنه بهذه المعرفة الحقيقية قد ارتفع إلى مستوى وضئ فأنت معه في مكان واحد و لكن شعورك يدعوك إلى أن ترى أنه في السماء و انك فبي الأرض هيبته تملأ مشاعرك و تواضعه يزيده لآلاء و يزيدك إجلالا للعارفين بالله فتحاول أن تسمع منه ليعطيك مفضلا مأثرة السكوت الناطق أمام وجه مضيء الملامح طاهر القسمات تنطق أساريره المؤمنة بمعان لا تعرفها الأرض لأن بوارقها الفاتنة تلوح في الأفق الأعلى كما تلوح أشعة الشمس و ضياء القمر ومن الإنسان ما يتألق و يشع و يضئ مثل محمد عبده و عبد الحليم محمود.
*
يقول أ . د/ محمد يحي أستاذ الأدب الإنجليزي بجامعة القاهرة عن الإمام الأكبر : في عهد المرحوم الشيخ عبد الحلم محمود رحمه الله كان الأزهر نورا للإسلام و نار على أعدائه و جمع الشيخ بين دعوة لإحياء القلوب بالتوبة و الرجوع إلى الله و دعوة لإحياء العقول بالفكر الإسلامي النقي الواعي الذي كان هو رائده و تحرك بالأزهر إلى قلب الشعب و الحياة فكانت عشرات المعاهد الأزهرية و المساجد و الجمعيات و تزعم الأزهر في عهده تطبيق الشريعة الإسلامية و رعاها و زودها بالفكر و الدراسات و الأبحاث و إخراج مشروع الدستور الإسلامي و قانون إسلامي أصيل للأسرة و كرسي الشيخ الذي فقدناه علمه و معه علم العديد رجالات الأزهر الشرفاء لحرب أعداء الإسلام فإذا الذين زعموا أنهم أصحاب الأفكار التي لا تقهر و الفلسفات التي لا يأتيها الباطل ينكشفون كمجرد عملاء مدفعي الأجر لقوى كبرى غيرهم بالشعارات و بما يقرءون و تنسى أن تفسره لهم أو تعطيهم العقول اللازمة لشرحه . و انتعشت في ذلك العهد و من جراء ذلك الجهد الأزهري الحركة الإسلامية فكانت النبات الأصيل للأزهر و رجاله كما كانت امتدادا لكفاح الشعب المصري المسلم و طلائعه من التيارات الإسلامية و على رأسهم حركة الإخوان و غيرها من حركات النضال و الإيمان و دفع الشيخ عبد الحليم محمود و معه الأزهر ثمنا غاليا جزاء هذا التحدي لأعداء الإسلام من طائفيين و علمانيين و قوى داخلية و خارجية مختلفة فكان أن تعرض الرجل في حياته لأبشع هجوم و تشويه و شتم بذئ منحط و سخرت السلطة من " وراء ستار" مجلة يسارية أسبوعية للهجوم على الرجل و من هنا بدأ الحديث عن تلقيه الأموال العربية لبناء المساجد و كأن بيوت الله جريمة و نسو مئات الكنائس التي بناها الأنبا شنودة و استحق لذلك و صف صاحب النهضة عند أبنائه و عند العلمانيين أنفسهم الذين يطبقون علمانيتهم على الإسلام وحده وهوجمت سياسة بناء المعاهد الأزهرية و أخذ وزير التعليم المزمن في تلك الفترة يتحدث عن ضرورة توحيد نظام التعليم في مصر أي إلغاء التعليم الأزهري و عندما مات الشيخ عبد الحليم محمود حرمت الجماهير من تشيع جنازته و منعت حتى الآن أحاديثه الكثيرة من وسائل الإعلام لأنها كانت مؤثرة في أحداث موجة التدين الذي يحاربونه و تحول الأزهر بعده إلى النقيض
*
يقول أ . د/ علي حلوة الأستاذ بجامعة الأزهر : كان الإمام محل تقدير و احترام من الناس جميعا و منهم الملوك و الحكام ففي صلاة جمعة و كان يحضرها الرئيس الراحل أنور السادات و العاهل السعودي و الإمام عبد الحليم و أثناء دخول المسجد انتظر العاهل السعودي الإمام ليكون هو أول من يدخل المسجد احتراما و تقديرا له و رفض أن يدخل قبل الإمام .
*
الأديب السعودي الكبير إبراهيم هاشم فلالي في رسالة خاصة بعث بها إلى الإمام الأكبر : سيدي الجليل فضيلة الدكتور / عبد الحليم محمود الموقر تحية طيبة مباركة أنني يا سيدي من تلامذتكم المجهولين لأنني متتبع ما تكتبونه من بحوث دينيه و أحاديث في المذياع و التلفاز و أنني من الذين يحبونكم في الله و الله ولي عظيم الثقة فيكم لأنكم أحد قيادات الإصلاح الديني و لفضيلتكم قدم راسخة في علوم الشريعة الإسلامية و دراية واسعة بالتصوف و المتصوفين و بحوثهم .
*
د / محمد رجب بيومي : " حين انتقل الى رحمة الله عبد الحليم محمود تحدثت عنه بعض الصحف الأوربية – بما يخالف الواقع – فقد عدته متعصبا شديد التعصب ضد المسيحية لأنه أبى أن يشترك في ندوات تدعو إلى تعاون المسيحية مع الإسلام و قد كان يظنونه درويشا ساذجا ينخدع بالثناء الكاذب والمؤتمرات الظاهرية التي تبدى السطح الساكن و تحجب الغور الثائر الممتلئ بثعابين البحر ووحوش الأمواج أيكون الرجل متعصبا لأنه جهر بالحق و كشف خداع من يظنون إمام المسلمين درويشا متصوفا لا يبصر ما حوله و جاءوا ينافقونه بتقديم صورة زيتيه مكبره له في إطار مذهب جميل ليوافق على حضور المؤتمرات لقد كان الإمام حاسما حازما حين واجه الحقائق بلسان الصراحة و حين رد على هذه الدعوات المسمومة ردا صريحا لا تعوزه شجاعة الحق و جهارة الإيمان فكمم أفواها تعودت القول المعسول و الفعل الرذول . لقد اهتدى الإمام بعد عناد طويل في رحلته الفكرية إلى أن القلب موضوع اقتناع المؤمن فالمؤمن لا يتطلب تغلل العقل كي يقتنع و لكنه يتلمس ملء الهداية كي يرتوي .
*
و قد يأخذ عليه بعض المتسرعين و لوعة بسير المتصوفة من الأولياء و ترداده لما تركوه من خوارق و لست مع هؤلاء المؤاخذين أليس الرجل متصوفا حقيقيا يرى في التصوف راحة الضمير و أمان العاقبة و حسن الخاتمة فلماذا لا يجعل من المتصوفة الصادقين مثالا يحتذي و كانت مكانة الرجل في البلاد الإسلامية ذات حسد آكل في نفوس الأعداء إذا كان يقابل في مكان مقابلة الملوك و الرؤساء بل أكثر من مقابلة الملوك و الرؤساء لأن الجموع المحتشدة التي هرعت لاستقباله في الهند و باكستان و ماليزيا و إندونيسيا والمغرب و إيران و مكة و كانت تتدافع للقائه عن طوع راغب لم يدع إليه نظام حكومي و ذلك هو الحب الصريح .
*
حارب الإمام الوجودية وحارب الشيوعية ووقف وقفه صامدة حيال الحوار الإسلامي المسيحي و طالب بتطبيق شرع الله و عدم تحويل قضايا الفكر للمحاكم العسكرية ووقف ضد قانون الأحوال الشخصية الذي يخالف الشريعة – رحمه الله كان أمة وحده
*
و يقول الدكتور / محمد رجب بيومي : " الله حق و الموت حق " كانت هاتان الجملتان آخر ما نطق به الإمام الأكبر في حياته ثم ارتقى الى ملئه الأعلى تاركا وراءه سجل أعماله مشرق الصفحات و لعمري لكأن الله عز وجل ألهمه أن ينطق بهاتين الجملتين إلهاما صادقا لأنهما في نظر الدارس المتأمل مفتاح شخصيته الذي يكشف خباياها دون خفاء و الذي يفسر مواقفه المختلفة ما اتضح منها بارزا للعيان و ما احتاج في اتضاحه إلى علاج صبور . الله حق هذا قول كان يجد تطبيقه العملي في كل ما قام به الرجل من أعمال إذ أنه كان يسهر اليل و يكد النهار و يصالح الخصوم و ينصف المتنازعين و يسعى في جنبات الأرض يقرأ صحائف العلم و يفعل ذلك كله وفي ذهنه معنى واضح يهتف به أن الله تعالى حق فيجب أذن أن يتقيد بالحق فيما يزاول من عمل و قول لأنه يصدر عن أمر ربه و يجب إذن أن ينأى عن الباطل لأن ربه عن الباطل قد نهاه و الموت حق قول آخر كان يجد تطبيقه العملي في نفس الرجل فهو بصوفيته الشفيفة يدرك تمام الإدراك أن الحياة سفر قصير مهما تطاول و أن وراء الحياة رحلة حقيقية الى عالم الحق الخالد و أن هذه الرحلة تتطلب زادا حقيقيا من العدل و الأمانة و الإخلاص و التقوى و قد عاش الشيخ مدركا حقيقة هذه الرحلة و منتظر لها في كل لحظة تحين حتى إذا لاحت لعينيه ساعتها المرتقبة ابتسم ابتسامته الراضية و قال في لقاء العارف الواصل الموت حق و قد ابتسم في هذا الموقف ابتسامة تؤثر عن أسلافه الكبار ممن قطعوا الطريق خطوة بخطوة حتى شافهوا مشارق الأنوار . لقد كانت عينا عبد الحليم تشعان بوميض ساطع و كأنهما ترتدان آفاقا مجهولة و كان الرجل يحدق بهما إلى أبعد الأماد فتشعر أنه غائب عنك و ان كنت بجواره ثم تعلوا وجهه ابتسامة خفيفة هادئا و يلتفت اليك متحدثا و مسبحته تدور في كفة فتعلم ان الرحلة الروحية قد انقضت و أن عين العارف البصير قد قطعت المسافة بين المحجوب النائي و المشاهد المنظور . أسعد السعداء من يصادق نفسه فيناجيها و تناجيه ذلك الذي حفر البئر في صدره حتى اهتدى الى الينبوع الغزير و لذلك كان الإمام الأكبر يبحث عن أماكن الخلوات الهادئة ليقابل فيها نفسه المطمئنة و ليسعد بمراجعتها في أنس . أحب عبد الحليم الخلوة و جعل يبحث عن مظانها فإذا خرج من الخلوة و جعل يبحث عن مظانها فإذا خرج من الخلوة دعا الشاردين إلى مجالس تقواه فيفيض عليهم من روحه فمنهم من يدنو و منهم من يبتعد و منهم من يتردد بين البعد و القرب حتى إذا أدى الشيخ رسالته الروحية ترك الجموع إلى خلوته آتى لا تتسع لسواه و إذا ذاك يسبح في تأمله ليكشف ينابيع نفسه و ليفيض الله عليه من المعاني ما يؤدي دور الإمامة في الهداية و رسالة المشيخة في الفتوى
عبد الحليم محمود في عيون المفكرين :
*
يقول عنه الأستاذ الكبير / خالد محمد خالد : بالأمس رحل عن الدنيا رجل من الأخيار. رجل اتقى الله و آمن برسوله فآتاه الله كفلين من رحمته و جعل له نورا يمشي به . كالأنفاس الطاهرة الهادئة و النسمات الوادعة في صمته و صوته و جميع سمته . كان و في السير على هذا الطريق غير ملق باله لنقد الناقدين و لوم اللائمين . لم تكن له شخصيتان بل شخصية واحدة اتسقت اتساقا باهرا مع نور الشريعة و الحقيقة معا و كان يذكر كلما ذكر الإخلاص و الطهر و التقى ذلكم هو الإمام الأكبر عبد الحليم محمود . عاش حياته متبتلا مخبتا أوابا و كان يحمل كل خصائص العلماء الذين كتب لهم أن يكونوا للناس قدوة و أمة وروادا. كان للمتقين إماما ( عبد الحليم محمود) اسم عظيم لرجل عظيم .. رجل شرف به الإسلام كواحد من أبنائه و علم من أعلامه .
*
و يقول عنه الدكتور / محمد عبد الرحمن بيصار شيخ الأزهر الأسبق : كان سريع التحرك بوجدانه إلى ما ينبغي أن يكون عندما يطرأ أمر أو تزحف حادثة من أحداث الحياة و كانت حركته بوجدان صاف و فكر مدركو صفاء نفس عميق و ما ذكرت يوما أنه غضب عندما غضبت أو انفعل عندما خولف في الرأي كان يبدد الغضب و يصرف الانفعال بابتسامة رقيقة ترتسم على شفتيه معبرة عن معنى دقيق من الأخوة و الصفاء وراءاها فيض جارف من العواطف الأخوية و العبارات الشفافة الملطفة التي تبدد كل غيم و توضح كل لبس .
*
و يقول الأستاذ / نصر عبد الغفور : فزعت مصر و روع المسلمون و جزع الشرق حين نعى الناعي الرجل العظيم إمام المسلمين الأكبر و قائد المسيرة القرآنية و زعيم علماء العصر بلا منازع و ما كان الجزع و الترويع و الفزع لموت الفقيد الكريم فالموت حق على الجميع فلقد مات الرسول الكريم صلى الله علية و سلم و لكن مظاهر الحزن و الفزع كانت للمعاني التي يمثلها الإمام الراحل في حياته كان يرحمه الله و يطيب ثراه رجلا بكل ما تحمله كلمة الرجولة من معان . كان بطلا تنحي أمامه الهامات و كان صاحب رسالة آمن بها و ناضل من أجلها حتى وافته المنية و هو أشد ما يكون حرصا على الحركة و النشاط و دقة الأداء . فكر متدفق إيمان عميق ثقة زائدة لا حدود لها يهز الرأي العام و العالم الإسلامي بكلماته القوية يخاطب الملوك و الوزراء و أهل الرأي في أنحاء العالم يطالبهم برعاية الدعوة الإسلامية و دعمها و تقويتها و لقد قاد الأزهر منذ إنشائه مئات من شيوخ الأزهر و أشهد أن عبد الحليم محمود سجل في التاريخ صفحات من أنصع و أعظم الصفحات و أنه يعد بين شيوخ الأزهر السابقين من أكثرهم علما و أشدهم تأثيرا و سيذكر له التاريخ جهده و جهاده و نضاله و سيبقى الذكر للأبد .
*
يقول العلامة الدكتور / سيد حسين نصر عن الإمام عبد الحليم محمود الذي عرف كواحد من أهم علماء مصر على الإطلاق و هو المرجع الشرعي و شيخ الأزهر و المتصوف العالم في الطريقة الشاذلية الذي أقام مسجدا للعارف بالله ابن عطاء السكندري عند سفح هضبة المقطم و هو الذي تلقى قسطا من دراسته في الغرب كما أنه أتقن اللغة الفرنسية و أمعن في الإطلاع على فكر الغرب و ثقافته .
*
و يقول في موضع آخر : العلامة الفقيه الصوفي المسلم المصري الشيخ عبد الحليم محمود الذي ما تزال رسالته حية في قلوب و عقول الكثير من المصريين .
*
يقول الأستاذ علي عبد العظيم عن الإمام عبد الحليم محمود : ما رأيت ذكاء في صفاء و لا صمتا في بيان و لا علما في تواضع و لا جلال في تسامح كما رأيته في الشيخ الإمام تخلق بالأخلاق القرآنية و تمسك بالآداب الصوفية و عاش مع الناس في حياتهم العادية و إن كان بعيدا عنهم في سبحاته الروحية يطيل الصمت إلا ذكر عن الله و يكثر التأمل و يطيل التفكير و هو مع هذا يجيد الاستماع حيث تدور من حوله المجادلات و تصطدم الآراء و تتشعب الأفكار و هو صامت فإذا تحدث جاء بالقول الفصل و الكلام الجزل و الحجة القاطعة في أوجز بيان و أحكم أسلوب فإذا لج المجادلون في المراء تركهم و ما يشاءون و عاد إلى صمته المهيب مشغولا بالذكر أو بالفكر أو بالدعاء أمتاز بعفة اللسان و التسامي و اللغو و القصد في الحديث كما امتاز بمحبة الصالحين و السعي إليهم أحياء و أضرحتهم أمواتا و دراسة أثارهم العلمية و السلوكية الباقية فهو يعيش أبدا في جوهم العبق و حياتهن النقية المشعة بالصفاء و في الأزمات يتجلى فيه مضاء العزيمة و جودة الرأي و سرعة البديهة و قوة الصبر و المصابرة و طول الأناة في أدب جم و تواضعه كبير يزينه الوقار و الجلال و تراه في تواضعه و هدوئه كالبحر الساجي فإذا عاشرته و خبرته و جدت تحت هدوئه أمواجا دافقة و تيارات صاخبة و أعناقا غائرة و جلالا مهيبا و قلما يثور إلا إذا رأى ما يمس حرمات الله أو ينال من شرعه القويم و حينئذ تصخب أمواجه و تفور تياراته و تعصف أجوائه و تتفجر فيه الزلازل و البراكين ثم لا يلبث أن يعود للهدوء و الصفاء و قد لقي من العدوات و الضغائن و الأحقاد – ممن أحسن إليهم – ما يثير أحلم الحلماء و لكنه ترفع بصوفيته عن الأحقاد و الضغائن و سما بروحانياته إلى عالم الصفاء و النقاء و مع إقبال الدنيا عليه فإنها لم تستبعده و لم تفتنه فكان سخي اليد لا تدري يمينه ما تنفق شماله فكم جاد بالأموال على الجمعيات الخيرية و على وجهات البر و على المعدمين في تستر و خفاء و قد يختلف معه الباحثين في بعض الآراء و لكنهم يجمعون جميعا على احترامه و تقديره و محبته .
*
يقول عنه الصحفي الكبير الأستاذ / حافظ محمود : أحببت سخريته منذ اللحظة الأولى فقد كانت سخريه مهذبة تخلو من ليونة الهزل و من خشونة الغرور . كان عظيم العقيدة إلى الدرجة التي جعلته يتحول بمنصب شيخ الأزهر ‘لى داعية من دعاة الله .
*
يقول عنه د عبد الحي الفراماوي في موقعه علي الأنترنت :
http://www.hadielislam.com/articles/articles.php?mod=subcategory&c=2950 الإمام عبد الحليم محمود
(شيخ الإسلام )
قد لا يعلم الكثيرون أن شيخ الإسلام الإمام عبد الحليم محمود بحمل شهادة الدكتوراه من جامعة السربون اشهر جامعات أوروبا في العصر الحديث وبذلك يتضح كيف جمع هذا العلم الشامخ بين أصالة التعليم الأزهري الذي أرتقي مراحله حتى درجة العالمية وبين حداثة التعليم الغربي الذي حصل فيه علي درجة الليسانس والماجستير والدكتوراه .
بين عامي 1910 و 1978 عاش شيخنا الجليل حياة حافلة بالعطاء زاخرة بالتضحيات مضيئة بنور العلم وفي 24 شاع عبد العزيز بالله بالزيتون بالقاهرة عاش هذا الفذ منذ عودته من أوروبا حاملا الدكتوراه إلي أن صعدت روحه إلي بارئها حاملا صالح الأعمال وجليل المكانة نفس المنزل الأثاث هو الأثاث الجدران هي الجدران البساطة والتواضع الشديد في كل محتويات البيت هي نفسها لم تتغير منها شيء طيلة 35 عاما تدرج فيها شيخنا من مدرس بكلية اللغة العربية إلي عميد بكلية أصول الدين إلي أمين عام لمجمع البحوث الإسلامية إلي وزير لشئون الأزهر والأوقاف ثم شيخنا للجامع الأزهر .
في عزبة أبو أحمد التي تسمي الآن قرية السلام بمركز بلبيس محافظة الشرقية وفي صبيحة يوم 10 يونيه 1910 ولد الشيخ عبد الحليم محمود لأب عالم جليل ينتهي نسبه إلي سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنهما كان والد الشيخ عبد الحليم صاحب دين وخلق وعلم ذا همة عالية يعطف علي الفقراء والمحتاجين كان إذا عاهد وفى وإذ قال صدق وإذا أستشير أشار بخير رأي وإذا أستجير أجار بكل صدق .
حفظ الطفل عبد الحليم القرآن الكريم في سن مبكرة مما أثار إعجاب قريته ومحفظه .
وفي عام 1923 سافر مع والده إلي القاهرة ليدخل الأزهر وكانت الدراسة آنذاك داخل الجامع الأزهر وبعد ذلك فصل نفسه من معهد الزقازيق عام 1928 وتقدم لدخول امتحان الشهادة الثانوية ...وتقدم للامتحان معه عدد كبير فلم ينجح منهم إلا هو لكنه كان له دور ثان في النحو والصرف وعاد لي ألفية بن مالك ليحفظها وجاء الدور الثاني لينجح ويتفوق وقفز القفزة الواسعة من الابتدائية إلي الثانوية في عام واحد ثم عاد إلي القاهرة إلي المسجد الأزهري من جديد .
وعندما سافر إلي الخارج لاستكمال دراسته العليا .. وطئت أقدامه فرنسا في أكتوبر 1932 وكان عمره آنذاك 22سنة متسلحا بالعلم والثقافة الدينية الواسعة .. عاش ثماني سنوات ليحصل علي الدكتوراه بامتياز من أعرق جامعات أوروبا جامعة "السربون" وكان أول شيء فكر فيه هو قرار العودة ثاني يوم بعد حصوله علي الدكتوراه وكان في 9 يونيو 1940 م .
التنقل بين المناصب
عاد إلي مصر وعين مدرسًا لعلم النفس بكلية اللغة العربية.
وفي عام1951 نقل أستاذ للفلسفة بكلية أصول الدين وفي عام 1964م عين عميدًا بكلية الإمام أبو حامد الغزالي الذي عقد بدمشق وفي عام 1969عين امينا عاما لمجمع البحوث الإسلامية وعين وكيلا للأزهر عام 1970م.
وعين وزيرًا للأوقاف وشئون الأزهر عام 1971م وعين شيخًا للأزهر عام 1973م وقد سافر إلي تونس أستاذا زائرا لجامعة الزيتونة ثلاث مرات..وسافر أستاذا زائرا بجامعات الفلبين وأندونيسيا وبأكستان والسودان وماليزيا والكويت والعراق.
وظل في خدمة الإسلام والمسلمين والدفاع عن قضايا الأمة لا يكل ولا يمل ولا يتهاون أو فرط كل ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة.
تولي الإمام الأكبر الدكتور عبد الحليم محمود مشيخة الأزهر في أبريل سنة 1973م أثر خروجه من وزارة الأوقاف بعد جهوده المباركة فيها:
بعد أن ضم إلي الأوقاف 1500 مسجد أهلي وبعد أن أنشأ ألفي حلقة لتحفيظ القرآن الكريم وبعد أن أنشأ ألف فصل دراسي لتقوية طلاب المدارس وبعد أن أنشأ في كل مسجد كتبة إسلامية.
وذلك كله خلال عام واحد امضاه في الوزارة التي يئن منها كل شجاع نشيط..ولكنها كانت بركة الشيخ ومعونة الله جلا جلاله لوليه العارف بجلال قدسه العظيم.
الهدوء أهم صفاته
ومن طبيعة الشيخ رضي الله عنه أنه أخذ من اسم الله الأعظم " الهادي" صفة وخلقا تخلق به فأكسبه قوة شديدة فهو هادئ هدوء نسيم الصباح لا يحب أن يأخذ الأمور بعجله ولا بعنف ولا بقسوة ولا يحب أن يضفي علي الموقف له غير طاعة الله والانقياد ولأوامره والإخلاص لجنابة تعالي.
وسار الشيخ في أول مشيخته للأزهر يدعو الناس إلي الاستغفار والتوبة ويذكرهم بالاستعداد للقاء المرتقب لتحرير أرض الوطن وأخذ شرطا طويلا في فروع القوات المسلحة يحاضر ها وهناك.
وفي هدوئه المعهود..وفي وقاره الشامخ الجم راح يطالب برفق ولين المسئولية لإعادة الأزهر إلي مكانته إعادة مشيخة الأزهر إلي جوهرها الطبيعي ولم يكن رفقه ضعفا ولكن كان خلقا اصيلا أنه يؤثر الرفق والإحسان في كل شيء.
وبهذه الأخلاق الكريمة كان يستحث المسئولين وكان يبصرهم بالظروف التي كانت تحيط بالوطن أنذاك وهي..احتلال سيناء والتمرد الشيوعي ..والتمرد الدولي والقضايا الداخلية.
مؤلفاته
تربو مؤلفاته علي مائة كتاب من بينها كتب مترجمة نذكر منها القرآن الكريم والنبي والإسلام والإيمان والعبادة والإسلام والعقل وقضية التصوف المنقذ من الضلال والمدرسة الشاذلية ودلائل النبوة والرسول صلي الله عليه وسلم " السنة الشريفة" والحج إلي بيت الله الحرام والجهاد والنصر جهاد المقدس والقرآن في شهر رمضان والتفكير الفلسفي في الإسلام وفلسفة أبن طفيل والفلسفة والحقيقة والإسلام وفلسفة ابن طفيل والفلسفة والحقيقة والإسلام والشيوعية وفتاوى في الشيوعية وأبو ذر الغفاري ومنهج الإصلاح الإسلامي والإسلام وأوربا.
كتب مترجمة
الفلسفة اليونانية والأخلاق في الفلسفة الحديثة والمشكلة الأخلاقية والفلسفة ووازن الأرواح ومحمد رسول الله صلي الله عليه وسلم وشخصيات صوفية أكثر من عشرين كتابا.
وفاته
لم ينل شيخ للأزهر مثلما نال فضيلة الدكتور عبد الحليم محمود من الذيوع والشهرة وحب الناس ففي صباح يوم الثلاثاء 10من ذي القعدة سنة 1798هـ الموافق 17 أكتوبر 1978م.
ما أن سمع المسلمون بوفاته حتى اهتزوا في مشارق الأرض ومغاربها لفقد هذا العالم الكبير وكان آخر كلمة ينطق بها " لا إله إلا الله" الله " حق وظل يرددها كما يقول ابنه العالم الكبير الدكتور منيع عبد الحليم محمود فهو خير خلف لخير سلف.
*
الصحفي محمود سلطان في جريدة المصريون بتاريخ 7 / 3 / 2007 في موقعها علي الأنترنت :
http://www.almesryoon.com/ShowDetails.asp?NewID=31383تعرض جامع ـ في الحوار ـ إلى ظروف وملابسات التعديل الذي أدخله السادات على المادة 77 ، لافتا إلى أن شيخ الأزهر السابق د. عبدالحليم محمود قام بتقديم استقالة مسببة ، وأعلن عدم العودة عنها إلا بتطبيق الشريعة الاسلامية وأن يكون شيخ الازهر بدرجة نائب رئيس جمهورية، وذهب إلى منزله وتخلى عن سيارة "المشيخة" ، ممتنعا عن الذهاب الى مكتبه وعن تقاضي مرتبه لأكثر من شهرين واضعا السادات في مأزق.
وأضاف: "بعد ذلك دعاه السادات إلى ميت أبو الكوم، وهناك تناولت الغداء معهما، وخطب شيخ الأزهر الجمعة في مسجد القرية، وسمعت السادات يقول له: لك ما طلبت، إلا أنه سيجعل مبدئيا وظيفة شيخ الأزهر بدرجة رئيس وزراء ، ثم كلف د. صوفي أبو طالب رئيس مجلس الشعب حينها بعمل لجنة سريعة لتقنين الشريعة الإسلامية ، ومازالت هذه التعديلات في أدراج المجلس حتى الآن".
وتابع "هذا حدث أمامي من السادات وأشهد الله عليه ، وبعدها عاد عبد الحليم محمود الى مكتبه" .
وأنا بدوري أصدق "شهادة" الدكتور محمود جامع، فهو يتحدث عن "وقائع" عايشها بحكم قربه من السادات ـ رحمه الله ـ وليس عن تهويمات تصدر من بعض غلاة العلمانيين من الذين عهدنا منهم التدليس والكذب، وتستهدف النيل والإساءة إلى المادة الثانية المفترى عليها.
الإمام في عيون الناس :
*
توسع الإمام الأكبر في بناء المعاهد الدينية و المساجد توسعا كبيرا حتى قال الناس أن الإمام يريد أن يبني أمام كل منزل مسجد و خلف كل منزل معهد .
*
تقول شقيقته رحمها الله أنه منذ أن كان طفلا كان معروفا أنه لا يكذب قط حتى في معرض الدعابة و أنه لم يقسم بالله قط و كذا لم يقسم بغير الله بطبيعة الحال
*
قابل الصحفي و الكاتب أحمد بهجت الإمام عبد الحليم محمود في أروقة الإذاعة و التلفاز و في انتظار التسجيل أحب الكاتب الكبير أن يقطع الوقت و يتجاذب أطراف الحديث مع الإمام فسأله عن قضية خلق القرآن فصمت الشيخ و لم يتكلم فأعاد الكاتب السؤال بصيغة أخرى فصمت الشيخ و لم يتكلم أيضا و احترم الكاتب صمته فمحنة خلق القرآن أريقت فيها دماء زكيه وقد طهر الله منها سيوفنا فلنطهر من ألسنتنا و أقلامنا فالشيخ لم يكن ليتحدث أو يجادل في قضايا تمس العقيدة الدينية الصحيحة و يلتزم الصمت حيال ما يشق الصفوف .
*
جريدة الأخبار 02 / 04 / 2007
http://www.elakhbar.org.eg/issues/17144/0501.html *
هذا المقال هو ثمار تتبع لحياة وأعمال الإمام الأكبر عبد الحليم محمود شيخ الإسلام رضي الله عنه وكلها يظهر فيها فيض وإلهام من الله تعالي لفضيلته رضي الله عنه فلقد كان قطب العصر وخاتمة العلماء المحققين وبقراءة لأعماله يتضح لنا مدي علاقته التي يمكن أن يطلق عليها 'التجليات' في اتصاله بالقرآن والسنة ومسائل العقيدة والتفسير والحديث والفقه وفي نفس الوقت هي علاقة التزام قوي الغرس بالتطبيق، وهو الأصل في الأمور الدينية أي علاقة الحب والعبودية.
لقد نشأ الإمام عبد الحليم محمود رضي الله عنه في أسرة كريمة مع علاقة طيبة بالأزهر الشريف فقد كان والده الشيخ محمود علي أحمد أحد قضاة المنطقة في ذلك الوقت من تلامذة الإمام محمد عبده فكان يعد ابنه الأكبر الإمام عبد الحليم محمود الإعداد المتواصل ليكون من أبناء الأزهر النجباء ولعل الجو العام في البيت من حرص علي تعلم العلم وتعليمه كان كفيلا بإلقاء البذرة الصالحة لتكوين أحد ائمة الأزهر العظام، هذا بالإضافة إلي التربية العملية السليمة لتعاليم الدين الحنيف من والده أو من زوار والده من نخبة رجال العلم في ذلك الوقت.
ولعل دراسة متأنية لحياة الإمام عبد الحليم محمود في رحاب الأزهر الشريف منذ بواكير عمره توضح لنا الكثير من أسباب تكوينه اللاحق بعد ذلك كعالم محقق يطابق قوله فعله ويشار إليه بالبنان لقد كان من أساتذته الشيخ محمد مصطفي المراغي والشيخ الزنكلوني والشيخ حامد محيسن والشيخ شلتوت والشيخ سليمان نوار وغيرهم من فضلاء العلماء ولانستطيع في نفس الوقت أن نتناسي القراءات الواسعة التي مارسها في إطار المذهب السلفي علي وجه التحديد وحضوره ندوات الشبان المسلمين وجمعية الهداية ومجالس الأستاذ محمد فريد وجدي ونداوت الاحزاب السياسية ومشايخ التصوف ثم كان سفره لباريس بعد حصوله علي العالمية ودراسته للمناهج العقلية القديمة والحديثة وقيام عنصر المقارنه في نفسه بينها وبين طريق التعيين واختياره للطريق الثالث وهو منهج العبودية أو الاتباع الذي كان حصيلة دراسته للدكتوراه في التصوف عن الحارث ابن أسد المحاسبي.
تأثيره في الأزهر: لقد قام شيخ الأزهر الإمام عبد الحليم محمود رضي الله عنه بجلائل الأعمال وأجل من كل شئ فيما أري صموده هو في وجه أي ظلم وطغيان ورفضه بيع الضمير إنه ثبت علي عقيدته وإيمانه كالجبل الرأسي وألح علي الحفاظ علي مكانته عند الله وعند الناس لقد قام بإعادة اعتبار الأزهر ومكانته إلي النفوس، وأزال جميع العوائق والعراقيل التي وضعت في طريقه وفتح باب الأزهر علي مصراعيه للوافدين من طلاب العلم والدين فعاد الأزهر من جديد إلي مكانة القيادة التعليمية والتربوية في العالم الإسلامي.
كان عالما حكيما يدرس الوضع بدقة وإمعان ويفكر في القضايا والمشكلات تفكير ا جديا سليما ويبحث لها عن حلول في صمت وصرامة ويبدي رأيه في أوانه ولذلك استطاع أن يحفظ مكانة الأزهر ويبقي كرامته.. لقد كان أمة في ذاته فإذا جلس في مكان تحول ذلك المكان إلي مسجد ومدرسة ويطلب من الناس أن يتبرعوا في سبيل الله لإنشاء المساجد والمداس والمعاهد فيلبون فداءه، حتي وجد في كل مدينة من مدن مصر معاهد للأزهر وكان الناس يؤمونه من الجهات البعيدة ليستفيدوا منه العلم والدين والربانية.
تأثيره بالنسبة للدعوة العالمية: لقد كان الإمام الأكبر عبد الحليم محمود إماما في الدعوة إلي الله تعالي بسلوكه وقدوته قبل كلامه وتوجيهه. وكانت غيرته علي الإسلام واضحة في كل أعماله وأقواله فكان ركنا ركينا في حماية الدين والدفع عنه، صامدا في مواجهة الغزو الفكري فكان يري أنه لابد في هذا الصدد من أمرين:
الأول: تحصين الدعوة الإسلامية وحمايتها وتقويتها.
الثاني: مواجهة الغزو الفكري وتيارات التحلل والإباحية التي تريد النيل من دين الله تعالي.
أما بالنسبة للأمر الأول فنري أن أول قرار أصدره بعد تجديد خدمته كان إنشاء إدارة لأول مرة في الأزهر تسمي' إدارة القران الكريم'تعمل علي مستوي مصر والعالم ونهض لتدعيمها ونشرها علي أوسع نطاق ونادي بتحرير فلسطين وإعادة الحقوق الفلسطينية كاملة غير منقوصة فكان رأيه: أنه لن يكون هناك سلام في منطقة الشرق الأوسط إلابرد حقوق الفلسطينيين كاملة وانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي المحتلة والقدس.
ويري أن تحرير المسلمين لا يكون كاملآ إلابتحرير أراضيهم وتحرير عقولهم وفكرهم، فلابد أن تتحرر الأرض من الأعداء والاستعمار، ولابد أن يتحرر العقل والفكر من تيارات التحلل والإباحية ومن الغزو الفكري ومما تطفح به بعض الكتب والمؤلفات من مقالات مدمرة، تنفث سمومها علي الاسلام والمسلمين.
الثاني: مواجهة الغزو الفكري لهذا وقف الإمام عبد الحليم محمود ينافح عن الإسلام وعن الأزهر ولا يدافع عن شخصه أو عن شخص غيره، لأنه علي يقين' أن الله يدافع عن الذين آمنوا' ونشر المؤلفات التي يواجه بها الملحدين والماديين وظل ماضيا برسالته، حاملا مشعلها الذي سيظل مصونا إلي أن يقوم الناس لرب العالمين، ولو كره الكافرون.
وكان يقول دائما إن المتوقع أن يكون الأزهر في كل مكان في العالم لأنه أقدم المؤسسات وأبو الجامعات.. لقد كان الامام عبد الحليم محمود إذا تحدث، لاتظن أنه يخطب أو يحاضر بل تشعر أنه يتكلم من قلبه ووجدانه، وتشعر في نبراته بالصدق مع الله ومع النفس ومع الناس، وكان إذا صمت تعلوه مهابة وإذا تكلم حديثه ينبع من فيتأثر الناس به ويقتنعون.
*
موقع الشرقية أون لاين:
http://sharkiaonline.com/detail.asp?iData=1938&CATEGORIES_ID=24 *
موقع حزب الوسط الجديد:
http://www.alwasatparty.com/modules.php?name=News&file=article&sid=6076 *
موقع وكالة الأخبار الأسلامية :
http://www.islamicnews.net/Document/ShowDoc08.asp?DocID=94024&TypeID=8&TabIndex=2د.عبد الحليم محمود.. واستعادة دور الأزهر
نوع التحليل: رواد مسلمون المصدر:
وكالة الأخبار الإسلامية (نبأ)
المؤلف: إعداد: أحمد شعبان التقييم: n/a
د.عبد الحليم محمود.. واستعادة دور الأزهر
ولد فضيلة الشيخ عبد الحليم محمود – رحمه الله - في 2 من جمادى الأولى سنة 1328هـ الموافق 12من مايو1910م بقرية أبو الحمد مركز بلبيس بمحافظة الشرقية، وحفظ القرآن الكريم في سن مبكر، ثم التحق بالأزهر سنة 1923 م وحصل على العالمية سنة 1932 م.
سافر على نفقته الخاصة إلى فرنسا لاستكمال تعليمه العالي، حيث حصل على درجة الدكتوراة في التصوف الإسلامي، وكان موضوع رسالته عن "الحارث المحاسبي" وذلك في عام 1359هـ الموافق 1940م.
وبعد عودته عمل مدرساً بكليات الأزهر، ثم عميداً لكلية أصول الدين سنة 1964 م، وعضواً ثم أميناً عاماً لمجمع البحوث الاسلامية، ثم عُين وكيلا للأزهر سنة 1970 م فوزير للأوقاف وشئون الأزهر حتى مارس 1973م.
ثم صدر القرار بتعيينه في منصب شيخ الأزهر في 22 من صفر 1393هـ الموافق 27 من مارس 1973م.. إلا أنه فوجئ – بعد قرابة العام من ممارسة مهام منصبه – بصدور قرار من رئيس الجمهورية في 7 يوليو 1974 م – قرار رقم 1098/1974م – بتنظيم شئون الأزهر وتحديد مسئولياته على أن يكون الأزهر تابعًا لمسئولية وزير شئون الأزهر؛ مما أفقد الأزهر استقلالَه، وجرد شيخ الأزهر من اختصاصاته، فما كان منه إلا أن قام بتقديم استقالته في 1 أغسطس 1974م لرئيس الجمهورية احتجاجاً على هذا القرار الذي اعتبره عائقاً أمام أداء رسالته.
تدخل العديد من الشخصيات السياسية وكبار علماء الأزهر لإثناء الشيخ عن الاستقالة، لكنه أصر عليها، وامتنع عن الذهاب إلى المكتب، كما رفض استلام راتبه، وطلب تسوية معاشه.
أثارت تلك الاستقالة رد فعل في مصر ومختلف البلدان الإسلامية، وتقدم على إثرها أحد المحامين برفع دعوى حسبة أمام القضاء الإداري ضد رئيس الجمهورية ووزير الأوقاف يطلب وقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية.
وفي مواجهة كل ذلك، لم تجد السلطة سوى معاودة النظر في القرار الذي أصدرته ودراسته من جديد، ومن ثم أصدرت قراراً يضع الأمور في نصابها الصحيح، جاء فيه: [شيخ الأزهر هو الإمام الأكبر وصاحب الرأي في كل ما يتصل بالشئون الدينية والمشتغلين بالقرآن وعلوم الإسلام، وله الرياسة والتوجيه في كل ما يتصل بالدراسات الإسلامية والعربية في الأزهر].. وكذلك تضمن القرار أن يُعامل شيخ الأزهر معاملة الوزير من حيث المرتب والمعاش، ويكون ترتيبه في الأسبقية قبل الوزراء مباشرة.
وهكذا انتهت الأزمة، ليعود الشيخ لممارسة مهام منصبه، ويذكر أنه عقب وفاته صدر قرار يساوي منصب شيخ الأزهر بمنصب رئيس الوزراء.
تولى الشيخ "عبد الحليم محمود" مشيخة الأزهر في فترة حرجة بعد مرور أكثر من 10 سنوات على صدور قانون الأزهر عام 1381هـ الموافق 1961م والذي نص على التوسع في التعليم المدني على حساب التعليم الديني، وألغى جماعة كبار العلماء، وحد من سلطات شيخ الأزهر، وأعطى سلطة الإدارة لوزير الأوقاف وشئون الأزهر، وفشلت جهود شيخ الأزهر حينها الشيخ "محمود شلتوت" في استرداد سلطاته، وإصلاح تلك الأوضاع المقلوبة.
وقد بدت ملامح الإصلاح واضحة في جهود الشيخ "عبد الحليم محمود" بعد توليه أمانة مجمع البحوث الإسلامية الذي حل محل جماعة كبار العلماء، فبدأ بتكوين الجهاز الفني والإداري للمجمع من كبار علماء الأزهر، وجهزه بمكتبة علمية أثراها بآلاف الكتب والأبحاث في مختلف المجالات، كما استطاع تخصيص قطعة أرض في مدينة نصر لبناء المجمع بإداراته المختلفة، وأيضاً نجح في تخصيص قطعة أرض مجاورة للأزهر لتقام عليها مكتبة الأزهر الكبرى.
وأثناء فترة توليه منصب وزير الأوقاف (1970 – 1973م) اهتم بالمساجد فأنشأ الكثير منها، وضم عدداً من المساجد الأهلية للأوقاف، وسعى لترميم المساجد التاريخية مثل "جامع عمرو بن العاص" وأسند الخطبة فيه إلى الشيخ "محمد الغزالي" رحمه الله.. كما أنشأ فصولاً للتقوية بالمساجد يستفيد بها طلاب المرحلة الإعدادية والثانوية وسعى من خلال ذلك لربطهم بشعائر الدين مثل الصلاة، كما استرد أوقاف الوزارة من الإصلاح الزراعي وأنشأ هيئة كبرى لإدارته.
كذلك اشتدت الحاجة في ذلك الوقت إلى إقامة قاعدة عريضة من المعاهد الدينية التي تقلص عددها وعجزت عن إمداد جامعة الأزهر – بكلياتها العشرين آنذاك – بأعداد كافية من الطلاب، وهو الأمر الذي جعل جامعة الأزهر تستقبل أعداداً كبيرة من حملة الثانوية العامة بالمدارس، وهم لا يتمتعون بثقافة دينية وعربية تؤهلهم للالتحاق بجامعة الأزهر مما أثر على مستوى الخريجين فيما بعد.
أدرك الشيخ خطورة هذا الموقف فجاب القرى والمدن يدعو الناس للتبرع لإنشاء المعاهد الدينية، فلبى الناس دعوته، ولم تكن ميزانية الأزهر تسمح بتحقيق هذا التوسع، فاستطاع بفضل الله ثم الجهود الذاتية من الأهالي إنشاء المزيد من المعاهد التي زادت في عهده على نحو لم يعرفه الأزهر من قبل.
كما خاض الشيخ "عبد الحليم محمود" معركة كبيرة أثناء توليه مشيخة الأزهر، حيث تصدى لقانون الأحوال الشخصية الذي حاولت الدكتورة "عائشة راتب" إصداره وتمريره دون الرجوع إلى الأزهر، وحرصت على إقراره من مجلس الشعب على وجه السرعة، وكان القانون قد تضمن قيوداً على حقوق الزوج على خلاف ما قررته الشريعة الإسلامية.
ولما علم الإمام الأكبر بهذا القانون أصدر بياناً قوياً حذر فيه من الخروج على تعاليم الإسلام، وأرسله إلى جميع المسئولين وأعضاء مجلس الشعب وإلى الصحف، ولم ينتظر صدور القانون بل وقف في وجهه قبل أن يرى النور، ورغم أن بيان الشيخ قد حاربته قوى العلمانية المؤيدة لإصدار القانون، وأصدرت تعليماتها إلى الصحف بمنع نشره، إلا أنه وجد صدى لدى الحكومة التي اجتمعت للنظر فيه، ولم تجد مفراً من الإعلان عن أنه ليس هناك تفكير على الإطلاق في تعديل قانون الأحوال الشخصية، وبذلك نجح الإمام في قتل القانون قبل أن يولد.
كما أثرى الشيخ "عبد الحليم محمود" المكتبة الإسلامية بمجموعة من المؤلفات المهمة والبحوث المفيدة، فكتب أكثر من 60 مؤلفاً في التصوف والفلسفة بعضها بالفرنسية، ومن أشهر كتبه: أوربا والإسلام، والتوحيد الخالص و الإسلام والعقل، وأسرار العبادات في الإسلام، والتفكير الفلسفي في الإسلام، والقرآن والنبي.
يذكر أن البابا شنودة بطريرك الأقباط في مصر كان قد اقترح تأليف كتب دينية مشتركة ليدرسها الطلبة المسلمون والمسيحيون جميعا في المدارس، مبررا ذلك بتعميق الوحدة الوطنية بين عنصري الأمة، وتقوية الروابط بينهما.
لقي هذا الاقتراح قبولا بين كبار المسئولين، وزار الدكتور مصطفى حلمي وزير التربية والتعليم آنذاك الإمام الأكبر ليستطلع رأيه في هذا الاقتراح، لكن الشيخ الغيور واجه الوزير بغضبة شديدة قائلا له: من آذنك بهذا، ومن الذي طلبه منك ؟.. إن مثل هذه الفكرة إذا طلبت، فإنما توجه إلينا من كبار المسئولين مباشرة، ويوم يطلب منا مثل هذه الكتب فلن يكون ردي عليها سوى الاستقالة.
وما كان من الوزير إلا أن استرضى الشيخ الغاضب وقدم اعتذارا له قائلا له: إنني ما جئت إلا لأستطلع رأي فضيلتكم وأعرف حكم الدين، ويوم أن تقدم استقالتك لهذا السبب فسأقدم استقالتي بعدك مباشرة.
وكان من أهم دعوات الشيخ رحمه الله دعوته إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، فكتب إلى كل من "سيد مرعي" رئيس مجلس الشعب، و"ممدوح سالم" رئيس مجلس الوزراء آنذاك يطالبهما بالإسراع في تطبيق الشريعة الإسلامية، ويقول لهمها: "لقد آن الأوان لإرواء الأشواق الظامئة في القلوب إلى وضع شريعة الله بيننا في موضعها الصحيح ليبدلنا الله بعسرنا يسراً وبخوفنا أمنا...".
ولم يكتف الإمام الأكبر بإلقاء الخطب والمحاضرات وإذاعة الأحاديث، بل سلك سبيل الجهاد العلمي، فكون لجنة بمجمع البحوث الإسلامية لتقنين الشريعة الإسلامية في صيغة مواد قانونية تسهل استخراج الأحكام الفقهية على غرار القوانين الوضعية، فأتمت اللجنة تقنين القانون المدني كله في كل مذهب من المذاهب الأربعة.
ومن مواقفه التي تذكر أنه عقب عودته من فرنسا كان يرتدي "البدلة" حتى سمع خطبة للرئيس يتهكم فيها على الأزهر وعلمائه بقوله: "إنهم يُفتون الفتوى من أجل ديكٍ يأكلونه"، فغضب الشيخ وشعر بالمهانة التي لحقت بالأزهر وعلمائه، فخلع "البدلة" وارتدى الزي الأزهري وطلب من زملائه أن يتمسكوا بالزى الأزهرى رداً على هذه الإهانة ، فاستجابوا له.
وهكذا، كان للأزهر في عهد الشيخ "عبد الحليم محمود" في كل قضية تتعلق بالمسلمين رأي ومقال، فاسترد الأزهر هيبته، واستعاد دوره في خدمة الإسلام والمسلمين.
تُوفي فضيلة الشيخ "عبد الحليم محمود" - رحمه الله - في صبيحة يوم الثلاثاء الموافق 15 من ذي القعدة 1397هـ الموافق 17من أكتوبر 1978م، تاركاً سيرة عطرة يُقتدى بها، ويسير على أنموذجها من يريد الخير والصلاح للأمة.
*
موقع أخوان أون لاين :
http://www.ikhwanonline.com