ماهي العواصف الرملية وكيف تتكون؟ بحث رائع
العواصف الرملية الترابية هي عبارة عن رياح عاصفة محملة بذرات ترابية وغبار منقولة من قشرة الأرض السطحية المفككة، وتعتبر العواصف الرملية من الكوارث الطبيعية التي تخلف الكثير من الحوادث والتلفيات على كافة مستويات النشاط البشري، والعاصفة الترابية ظاهرة مترولوجية شائعة تحدث في كثير من بقاع العالم الصحراوية كالجزيرة العربية والشرق الأوسط بشكل عام وشمال أفريقا ووسط آسيا واستراليا والولايات المتحدة الأمريكية بل ورصدت عواصف ترابية عظيمة جداً فوق كوكب المريخ بصورة أعظم بكثير من العواصف الأرضية فسبحان الذي بيده ملكوت كل شئ. والعاصفة الترابية تحدث عند توفر شرطين أحدهما: تربة جافة ومفككة عارية من الغطاء النباتي والشرط الثاني سرعة الرياح.
وميكانيكية نشوء العاصفة الترابية نتيجة لتيارات الحمل التي تحدث بعد تسخين شديد لسطح الأرض، فيصبح الهواء فوق سطح الأرض حاراً ومن ثَم يصعد إلى أعلى بشكل تيارات حملانية. مما يسبب خلق اختلافات في الضغط الجوي والحرارة، بسببها تندفع رياح ابرد نسبياً إلى مل الفراغ في الموقع الأمر الذي يثير الغبار ويحمل حبات الرمل إلى أعلى بمستوى يتناسب مع قوة الرياح وجفاف وتفكك التربة والله أعلم. كما أن التنبوء بحدوث عواصف ترابية ليس بالصعب في ظل توفر معطيات مترولوجية واسعة ومعرفة الظروف الجغرافية المحلية
والعاصفة الرملية أو ما يسمى بالجدار الترابي هي مجموعة حبيبات رملية معدنية المصدر في الأغلب عالقة في الهواء بارتفاع قد يصل إلى عدة مئات من الأمتار وبعرض عشرات وأحياناً مئات الكيلومترات، وبدرجة تركيز تختلف وفقاً: لجهة القدوم، سرعة الرياح، جفاف المصدر وقد يصل التركيز إلى الآلاف من الحبيبات لكل سنتيمتر مكعب كما الحال في عاصفة يوم الثلاثاء 2 مايو.
كما تقوم الرياح بنقل كميات هائلة عشرات الملايين من أطنان الرمال كل عام وتقذفها في أماكن مختلفة فوق الأرض وأحيانا فوق البحر. وربما نقلت الرياح تلك الحبيبات من الرمل وخاصة الدقيقة جداً عشرات الآلاف من الكيلومترات من مصدرها الأصلي كما يحدث عندما تُصدر الصحراء الكبراى الواقعة شمال أفريقيا بعضاً من ذراتها الترابية إلى قارة أوروبا التي قد يصل إلى شمالها وأحياناً باتجاه الغرب فوق المحيط الأطلسي (شكل رقم 2).
شكل رقم 2
مصادر الغبار والرمال:
أهمها على الإطلاق ذرات دقيقة من التراب مصدرها قشرة الأرض السطحية المفككة (التربة) وهو مصدر معدني. ومصادر الرمال الرئيسة في السعودية الربع الخالي، النفود الكبير، الدهناء، الجافورة. المصدر الثانوي ذرات دقيقة أصلها نباتي وخاصة من المزارع وهي لا تشكل نسبة تذكر.
تحرك العواصف الرملية:
تنقل الرياح بإذن الله تعالى تلك الحبيبات الرملية من مكانها الأصلي إلى جهة أخرى وفقاً لمراكز الضغط الجوي وقد تصل إلى مئات الكيلومترات وأحياناً عشرات الآلاف من الكيلومترات كما الحال في الصحراء الكبرى في أفريقيا ومن ثَم تترسب الحبيبات المنقولة في موطنها الجديد بعد هدوء الرياح.
متى تتحرك الرمال؟
حركه ذرات الرمل وتطايرها تتوقف على سرعة الرياح فكلما كانت الرياح سريعة قلت قدرة الرمال على المقاومة حتى إذا ما وصلت سرعة الرياح إلى السرعة الحرجة تحركت حبات الرمل وتطايرت بسرعة الرياح خاصة إذا كانت حبات الرمل صغيرة الحجم. وكلما تعاظمت سرعة الرياح كلما حملت معها كميات أكبر وأحجاماً أكبر من الرمال حتى تصبح عاصفة رملية تكسو وجه الأرض ببساط ترابي مزعج. وتجدر الإشارة إلى أن السرعة الحرجة تختلف وفقاً لحبات الرمل السائدة وأحجامها (5-16 متراً بالثانية) وحيث تدخل الإنسان في تفكيك التربة عبر مناشطه المختلفة ساهم ذلك والله أعلم بشكل سلبي عبر تقليل سرعة الرياح الحرجة الأمر الذي أدى إلى توالي وتكاثر حالات العواصف الرملية في العقود الأخيرة، هذا من جهة ومن جهة أخرى قلة سقوط المطار وجفاف المنطقة كعامل طبيعي.
المطر و العواصف الرملية:
أحياناً يعقب أو يصاحب تلك العواصف الرملية أمطار سيما وأن العواصف غالباً ما تتولد بإذن الله تعالى في مقدمة المنخفض الجوي Depression الجبهة الدافئةWarm Front وكذا بمؤخرة المنخفض الجوي الجبهة الباردةCold Front (شكل رقم 3) وبالتالي تكون الأمطار في بدايتها ملوثة بذرات الرمل والطين وذات لون بني أو أحمر حيث تقوم قطرات الماء بتنقية الجو من تلك العوالق وكلما كانت الأمطار كثيفة كلما تخلص الجو من كميات أكبر من العوالق الترابية وبالتالي يقوم المطر بدور إيجابي في تسريع نهاية العاصفة وتقليل فترة طيران الحبيبات فوق سطح الأرض وهذا غاية ما يتمناه الناس حيث الدور المزدوج للمطر تنقية الجو وتنظيف للأرض. وفي حالة عدم وجود مطر مصاحب لتلك العاصفة الترابية فإن العاصفة تأخذ دورها في النمو بشكل كامل (مرحلة الصبا، يليها مرحلة النضج، وأخيراً مرحلة الشيخوخة) – دون تدخل مطري – وكل مرحلة تمتد لدقائق أحياناً أو لساعات أحيانا أخرى وربما لأيام وهذا نادر. وبالنظر للشكل رقم 4 المصاحب نجد والله أعلم أن عاصفة الثلاثاء الترابية جاءت مصاحبة للجبهة الباردة
شكل رقم 3
ألوان العاصفة الترابية
لون العاصفة الترابية يتوقف على عاملين الأول : لون ذرات التراب المحمولة جواً والشائع هو اللون الرملي، البني، البرتقالي، الأحمر، أو الأسود وفقاً لمصدر الرمال. ثانياً: تشتت Scatteringألوان الطيف ذات الموجات الطويلة كالأحمر، الأصفر والبرتقالي بفعل ذرات الغبار العالقة في الجو كما أن وجود سحاب سابق للعاصفة يساهم في تحويل اللون إلى الأسود.
دور العواصف الرملية في تغيير الطقس:
العواصف الرملية تقوم بدور كبير ودراماتيكي في تغيير الطقس من حال إلى حال كما هو مشاهد ومحسوس. منها أولاً: حجب ورد أشعة الشمس الضوئية والحرارية نسبياً أو كلياً (100%) كما حصل في عاصفة الثلاثاء أن تصل إلى سطح الأرض، مما يؤدي إلى ثانياً: انخفاض في درجة الحرارة بشكل ملحوظ. ثالثاً: تدني مدى الرؤية إلى أقل من 1000متر لتكون عاصفة رملية فكيف إذا بلغت أقل من 5 متراً كما حصل في العاصفة الأخيرة وهذا نادر. رابعاً: تقوم بدور تلقيح السحاب حيث تصبح ذرات الهباء المرتفعة بمستوى السحاب نواة تتجمع حولها ذرات الماء حين تتكثف السحب. خامساً: الرمال المنقولة بفعل العاصفة عامل من عوامل تلوث الجو. ومن حكمة الله تعالى ورحمته بعبادة ومخلوقاته أن فترة العاصفة الرملية قصيرة ولو افترضنا جدلا أن استمرت العاصفة الرملية والتي بحجم عاصفة الثلاثاء الأسود أسابيع فوق الجزيرة العربية لبردت الأرض بشكل تدريجي حيث مصدر الحرارة (الشمس) محجوب بشكل كلي تقريباً، ومن ثَم تستنفذ حرارة الأرض المكتسبة من الشمس يوما بعد يوم ومنها تتجمد أرض الجزيرة فيهلك الزرع والحيوان وربما الإنسان. وهذه فرضية حدوث العصر الجليدي الذي جاء نتيجة لفترة نشاط بركاني هائل حجب بغباره أشعة الشمس لفترة طويلة والله سبحانه أعلم وأرحم. وهناك مثال قريب حدث عندما عمد النظام العراقي بحرق مئات من آبار النفط الكويتية مما شكل سحابة سوداء فوق الكويت لأيام عديدة مما نتج عنه انخفاض شديد في درجة الحرارة حتى استخدمت سخانات الماء في فصل الصيف وفي شهر أغسطس بل وشعر الناس بالبرد.
وقت العواصف الرملية:
قد تحدث ظاهرة العواصف الرملية في أي وقت في السنة فوق الأراضي السعودية فيما إذا توفرت شروطها، إلا أنها تزداد في فصل الربيع وأوائل فصل الصيف بسبب ظاهرة عدم الاستقرار التي تمر بها أجواء السعودية وذلك أن فصل الربيع يعتبر مرحلة انتقالية بين فصلي الشتاء والصيف وتبدل لمراكز الضغط الجوي إيذاناً بدخول وقت فصل الصيف. وخلال فصل الربيع يستمر عبور المنخفضات الجوية القادمة من الشمال الغربي للجزيرة العربية (أنظر شكل رقم 5) والتي تسبب في معظم الأحيان نشؤ عاصفة ترابية مصحوبة بعواصف رعدية. وتبدأ العاصفة الترابية في الأغلب بعد فترة وجيزة من بلوغ درجة الحرارة أعلاها وذلك وقت العصر ووفقاً للبيانات فإن معظم العواصف الرملية تبدأ آخر النهار.
الغبار المحلي والمنقول:
يلاحظ البعض أحياناً أن ستاراً من الغبار الرفيع يغطي السماء دون أي نشاط يذكر للرياح السطحية وتفسير ذلك أن الغبار منقول من مكان آخر وحُمل إلى طبقات الجو العليا أثناء العاصفة خاصة الذرات الغبارية الدقيقة، فلما هدأت الرياح السطحية بقي الغبار معلقاً في الجو فتقوم الرياح العلوية بحمل الغبار ومن ثَم تسقطه بشكل هادئ على الأرض علما أن ذرات هذا النوع من الغبار تكون جداً صغيرة. أما الغبار المحلي فهو نتاج حركة سطحية للرياح المحلية المحسوسة.
أضرار وأخطار العواصف الرملية:
تشكل العواصف الرملية تحدياً كبيراً للإنسان إذ أنه لا يستطيع التحكم بها ولا التخفيف من حدتها بشكل عملي كما لا يستطيع تغيير مسارها وبالتالي تشكل خطراً يتعاظم مع حجم وسرعة العاصفة وتتنوع تلك المخاطر والأضرار والتي منها: توقف الرحلات الجوية وتغيير مسارها، توقف النقل البري وازدياد الحوادث، أضرار بالممتلكات، أضرار بالمزروعات، تلوث الهواء، إنفاق أكثر على تنظيف البيوت والسيارات والطرق، زيادة في معدلات استهلاك المياه، ومن الناحية الصحية التهاب المسالك التنفسية لدى المرضى الذين يعانون من الربو وحساسية الأنف والصدر، شعور نفسي سيئ ينتاب الإنسان، كما يؤدي استمرار العواصف الرملية عدة أيام إلى هلاك الإنسان في الصحراء كما الحيوان والتاريخ يشهد بقصص جيوش هلكت بسبب عواصف رملية متصلة، وأختم بمقولة أحد القادة العسكريين الأمريكيين إبان الهجوم البري على بغداد حيث قال: لم نكن نتوقع تدخل الجنرال “غبار” في مجريات الحرب.
المصدر
صالح بن عبدالرحمن التمّامي