منتدى اولاد حارتنا
شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا

او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الحارة

سنتشرف بتسجيلك

شكرا شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 829894
شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 15761575160515761577
مراقبة الحارة
شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 103798


منتدى اولاد حارتنا
شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا

او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الحارة

سنتشرف بتسجيلك

شكرا شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 829894
شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 15761575160515761577
مراقبة الحارة
شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 103798


منتدى اولاد حارتنا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


أجتمــــــــــــــــــــــاعى شــــــــــامل - دينى - ثقافى - علمى - نصائح
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
أولاد حارتنا ترحب باى حوارجى وتدعوهم على قهوة حارتنا لشرب المشاريب وتدعوهم لسماع درس التاريخ من أستاذ فطين مدرس التاريخ ومشاهدة احدث الأفلام وكمان تحميل الالعاب وبرامج للموبيل وتسمع حكاوى خالتى بامبة  وتتفرج على صور استوديو عمى أنس وتسمع من ميشو على احلى المغامرات

 

 شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
مصطفى ابراهيم الشافعى
عضو / ة
عضو / ة
مصطفى ابراهيم الشافعى


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 797
نقاط : 1473
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 28

شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم   شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Icon_minitime1الخميس 09 أغسطس 2012, 2:41 am

الهدي النبوي في قضاء الحاجة

جوانب الكمال والجمال في شريعة الإسلام لا تنتهي ، فأحكامها تتعلّق بجميع جوانب الحياة ومختلف أحوالها ، وآدابها استطاعت أن تقيم واقعاً اجتماعياً فريداً ، عزّ على البشرية أن تجود بمثله..


جوانب الكمال والجمال في شريعة الإسلام لا تنتهي ، فأحكامها تتعلّق بجميع جوانب الحياة ومختلف أحوالها ، وآدابها استطاعت أن تقيم واقعاً اجتماعياً فريداً ، عزّ على البشرية أن تجود بمثله ، تلك الآداب التي تحقّق انسجاماً كاملاً مع دواعي الفطرة السليمة وتدعو إليها .
والهدي النبوي في قضاء الحاجة ، ما هو إلا مثالٌ يؤكد ما سبق ، فهناك الكثير من الأحكام الذي تعلّقت بهذا الفعل أمراً ونهياً ، وحثّاً وإرشاداً ، وهناك أيضاً العديد من الآداب التي جاء التنبيه إليها ، والتي تعكس نظافة المسلم وطهارته .
وأول سمات الجمال في هذه القضيّة ، الطريقة التي تم التعبير عنها في كتاب الله تعالى ، قال عزوجل : { أو جاء أحد منكم من الغائط } ( النساء : 43 ) ، فقد تم التعبير عن إخراج النجاسة من السبيلين بالتلميح ( الغائط) لا بالاسم الصريح المباشر ، والغائط في أصله يطلق على المكان المنخفض من الأرض الواسع ، يقول صاحب مختار الصحاح : " وكان الرجل منهم إذا أراد أن يقضي الحاجه أتى الغائط وقضى حاجته ، فقيل لكل من قضى حاجته قد أتى الغائط.. وقد تَغَوَّط " .
وتتنوّع الآداب والأحكام المتعلقة بقضاء الحاجة فنجد أن بعضها تختصّ باختيار المكان ، وأخرى تسبق ذلك الفعل ، وثالثة ينبغي مراعاتها أثناءه ذلك وبعده .
فبالنسبة لموضع قضاء الحاجة ، كان هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – الحرص على اختيار الأماكن التي تخفيه عن أعين الناس وتستره عنهم ، ويصوّر لنا عبد الله بن جعفر رضي الله عنه ذلك فيقول : " كان أحب ما استتر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحاجته هَدَف – وهو البناء المرتفع الساتر - أو حائش نخل - يعني حائط نخل – " رواه مسلم ، وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا ذهب لقضاء حاجته يسير كثيراً حتى لا يكاد يُرى ، ابتعاداً عن أعين الناس ، وهذا هو المقصود من قول المغيرة بن شعبة رضي الله عنه : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ذهب المذهب أبعد " رواه النسائي .

وللسبب ذاته لم يكن النبي – صلى الله عليه وسلم - يرفع ثوبه إلا بعد الدنو من الأرض ، كما روى ذلك الإمام الترمذي .
وتظهر النصوص النبوية النهي عن قصد مواضع معيّنة لقضاء الحاجة ، كالمقابر - مراعاةً لحرمة الأموات - ، أو قصد أماكن الناس وطرقاتهم ، أو قضاء الحاجة في المياه الراكدة ، وقد جاء في ذلك جملة من الأحاديث ، منها قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( ما أبالي أوسط القبور قضيت حاجتي أو وسط السوق) يعني أنهما في القبح سواء ، رواه ابن ماجة ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( اتقوا الملاعن الثلاث البراز في الموارد ، وقارعة الطريق ، والظل ) وهي الأمور التي تجلب لعن الناس ، رواه أبو داود ، وقول جابر رضي الله عنه : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البول في الماء الراكد ، رواه النسائي .
وتعظيماً لقبلة المسلمين وإعلاءً لشأنها جاء النهي عن استقبال القبلة أو استدبارها ، كما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إذا جلس أحدكم على حاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ) رواه مسلم .
وهناك العديد من الآداب النبويّة الوقائيّة التي تمنع من تعلّق النجاسة بالثياب أو الجسم ، وتسهم في الوقت ذاته في الحماية من وسوسة الطهارة ، ومن ذلك النهي عن التبوّل في المغتسل ، فعن عبد الله بن مغفل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لا يبولنّ أحدكم في مستحمه ، فإن عامة الوسواس منه ) رواه النسائي ، والأمر بالتبوّل جلوساً كي لا تتلوث الملابس ، وهكذا كان أغلب حال النبي - صلى الله عليه وسلم – أن يقضي حاجته وهو جالس ، ولم يُحفظ عنه القيام إلا مرة واحدة ، ومما يدل على أن الغالب في فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الجلوس قول عائشة رضي الله عنها : " من حدثكم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بال قائما فلا تصدقوه ؛ ما كان يبول إلا جالساً " رواه النسائي .
وقد جاء الوعيد الشديد على الاستهانة بإزالة النجاسة وعدم الوقاية منها ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال : ( أكثر عذاب القبر من البول ) ، وأخبر ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم – مرّ على قبرين فقال : ( إنهما ليعذبان ، وما يعذبان في كبير ، أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله) أي : يستبريء منه ، متفق عليه .
وكل ما يحقّق هذه الحماية يٌستحب فعله ، فالأمور بمقاصدها ، ومن ذلك اتقاء جهة الريح ، واختيار الأرض الرخوة التي لا ترتدّ منها النجاسة ، ولبس الحذاء أثناء قضاء الحاجة ، إلى غير ذلك من الوسائل .
ومن السنّة قبل الدخول إلى الخلاء ذكر الله عزوجل ، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدهم الخلاء أن يقول : بسم الله ) رواه الترمذي ، وكان - صلى الله عليه وسلم – إذا دخل الخلاء قال : ( اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ) وهو تعوّذٌ من ذكور الشياطين وإناثهم ، للوقاية من أذاهم .
ومن السنّة كذلك الدخول بالقدم اليُسرى وتأخير اليمنى ، مع التنبّه بعدم حمل الأوراق أو الأشياء التي تحتوي على ذكر الله ، صيانةً لاسم الله وإجلاله .
وليس الخلاء مكاناً مناسباً للاستئناس أو الحديث ، ولذا فإن من الأدب ترك الكلام مع الناس عموماً ، ومن باب أولى عدم رد السلام وتشميت العاطس ونحوهما ؛ ولذلك امتنع النبي - صلى الله عليه وسلم – عن الردّ على من سلّم عليه وهو يبول حتى توضأ ، وجاء عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لا يخرج الرجلان يضربان الغائط ، كاشفان عورتهما يتحدثان ؛ فإن الله يمقت ذلك ) رواه أحمد .
وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – ينوّع بين الاستنجاء والاستجمار ، ويجمع بينهما أحياناً ، والاستنجاء هو استخدام الماء في إزالة الأذى ، والاستجمار يكون بالحجارة ونحوها ، ويكون ثلاث مرّات لاستحباب الوتر في ذلك ، كما قال عليه الصلاة والسلام : ( إذا استجمر أحدكم فليستجمر وتراً ) رواه مسلم .
ولا يجوز استبدال الحجارة بالعظام أو الروث ، لأنهما طعام الجن ، ويدل على ذلك قوله – صلى الله عليه وسلم – لأبي هريرة رضي الله عنه : ( لا تأتني بعظم ولا بروثة ؛ فهما من طعام الجن ، وإنه أتاني وفد جن "نصيبين" فسألوني الزاد ، فدعوت الله لهم أن لا يمروا بعظم ولا بروثة إلا وجدوا عليها طعاما ) رواه البخاري .
وجاء النهي عن مس الذكر باليد اليمنى حال قضاء الحاجة ، أو استخدامها في إزالة الأذى صيانةً وإكراماً لها ، لحديث : ( إذا بال أحدكم فلا يأخذنّ ذكره بيمينه ، ولا يستنج بيمين ) رواه البخاري ، فإن الشريعة قد جعلت لليمين كل الأعمال الحميدة ، وجعلت مباشرة الأذى والنجاسات باليد الأخرى ، فعن حفصة رضي الله عنها قالت : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجعل يمينه لأكله وشربه ، ووضوئه وثيابه ، وأخذه وعطائه ، ويجعل شماله لما سوى ذلك " رواه أحمد .
وإذا أراد الخروج من موضع قضاء الحاجة فإنه يقدّم اليمنى ويقول " غفرانك " ، يدل عليه قول عائشة رضي الله عنها : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال : ( غفرانك ) رواه الترمذي .

ومن خلال هذه الجولة في هذه الآداب ، نقف على شمولية هذا الدين وعظمته ، فحريٌّ بنا أن نفتخر بخير دين وأعظم ملّة ، والله الموفق

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مصطفى ابراهيم الشافعى
عضو / ة
عضو / ة
مصطفى ابراهيم الشافعى


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 797
نقاط : 1473
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 28

شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم   شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Icon_minitime1الخميس 09 أغسطس 2012, 2:49 am


هديه صلى الله عليه وسلم في عيادة المريض

إذا كانت النفوس قد جُبلت على حبّ من أحسن إليها وأظهر اهتمامه بها ، فإنّ هذه المحبّة تتعاظم في أحوال الضعف البشري ، حين يلزم المرء الفراش ، وتصيبه العلل ، وتنهكه الأدواء ، عندها يكون..


إذا كانت النفوس قد جُبلت على حبّ من أحسن إليها وأظهر اهتمامه بها ، فإنّ هذه المحبّة تتعاظم في أحوال الضعف البشري ، حين يلزم المرء الفراش ، وتصيبه العلل ، وتنهكه الأدواء ، عندها يكون للزيارة أثرٌ بالغٌ ومدلولٌ عميقٌ على مدى التعاطف والمواساة التي يقدّمها الزائر لمريضه ، مما يسهم في تقوية الروابط بينهما .
لهذا السبب حرص النبي – صلى الله عليه وسلم – على زيارة المرضى وتفقّد أحوالهم ، بل جعل ذلك من حقوق المسلمين المكفولة في الشرع ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( حق المسلم على المسلم خمس - وذكر منها - عيادة المريض ) رواه البخاري .
وقد عمل النبي – صلى الله عليه وسلم – على ترسيخ هذا المبدأ في نفوس أصحابه من خلال ذكر الفضائل العظيمة التي يجنيها المسلم إذا زار أخاه ، فمن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( من أتى أخاه المسلم عائدا ، مشى في خرافة الجنة – أي طرق الجنة - حتى يجلس ، فإذا جلس غمرته الرحمة ، فإن كان غدوةً صلّى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي ، وإن كان مساء صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح ) رواه ابن ماجة ، وقوله : ( من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ، ناداه مناد : أن طبت وطاب ممشاك ، وتبوأت من الجنة منزلاً ) رواه الترمذي ، وقوله: ( ما من عبد مسلم يعود مريضا لم يحضر أجله ، فيقول سبع مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك ، إلا عوفي ) رواه الترمذي .
والأخبار في زيارة النبي – صلى الله عليه وسلم - للمرضى كثيرة ، فقد كان عليه الصلاة والسلام يتفقّد أحوال أصحابه ويسأل عنهم ، ويطمئن على صحّتهم ، ويشملهم بالرعاية ، ومن أولئك سعد بن أبي وقاص ، و زيد بن الأرقم ، و جابر بن عبد الله ، رضي الله عنهم أجمعين .
ولم تكن زياراته - صلى الله عليه وسلم - مقتصرة على أصحابه الذين آمنوا به ، بل امتدت لتشمل غير المؤمنين طمعاً في هدايتهم ، كما فعل مع الغلام اليهودي الذي كان يعمل عنده خادماً ، فقد مرض الغلام مرضاً شديداً ، فظلّ النبي – صلى الله عليه وسلم – يزوره ويتعاهده ، حتى إذا شارف على الموت عاده وجلس عند رأسه ، ثم دعاه إلى الإسلام ، فنظر الغلام إلى أبيه متسائلاً ، فقال له : أطع أبا القاسم ، فأسلم ثم فاضت روحه ، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول : ( الحمد لله الذي أنقذه من النار ) رواه البخاري .
وتطلعنا سيرة النبي – صلى الله عليه وسلم – على هديه النبوي في زيارة المرضى ، فكان إذا سمع بمرض أحد بادر إلى زيارته والوقوف بجانبه ، وتلبية رغباته واحتياجاته ، ثم الدعاء له بالشفاء وتكفير الذنوب إن كان مسلما ، ودعوته للإسلام إن كان غير ذلك ، ومن دعائه ما ذكرته عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول إذا أتى مريضا : ( أذهبِ البأس ، رب الناس ، اشفِ وأنت الشافي ، لا شفاء الا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقما ) متفق عليه .
وإذا احتاج المريض إلى رقية بادر عليه الصلاة والسلام إليها ، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول للمريض : ( بسم الله ، تربة أرضنا ، بريقة بعضنا ، يشفى سقيمنا بإذن ربنا ) متفق عليه ، وربما صبّ على بعضهم من ماء وضوئه المبارك فيشفى بإذن الله ، كما فعل مع جابر بن عبد الله رضي الله عنه .
ومن السنن القولية التي كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يخفّف بها عن المرضى ، تذكيرهم بالأجر الذي يلقاه العبد المبتلى ، للتخفيف من معاناتهم ، وتربّيتهم على الصبر واحتساب الأجر ، ومن جملة هذه السنن قوله – صلى الله عليه وسلم – : ( ما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه من خطيئة ) رواه ابن ماجة ، وقوله : ( ما من عبد يبتليه الله عز وجل ببلاء في جسده ، إلا قال الله عز وجل للملك : " اكتب له صالح عمله الذي كان يعمله " ، فإن شفاه الله غسله وطهّره ، وإن قبضه غفر له ورحمه ) رواه أحمد ، وعندما قام النبي – صلى الله عليه وسلم – بزيارة أم السائب رضي الله عنها فسمعها تسبّ الحمى التي أصابتها ، فقال لها : ( لا تسّبي الحمى ؛ فإنها تُذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد ) رواه مسلم .
ومن ذلك أيضاً إرشاده عليه الصلاة والسلام إلى التداوي بأنواع العلاجات المختلفة التي يعرفها ، كالحثّ على الحجامة ، ووضع الماء البارد على المحموم ، والإرشاد إلى العلاج بالعسل والحبة السوداء ، وغير ذلك من العلاجات المباحة غير المحرّمة التي يشملها قوله – صلى الله عليه وسلم - : ( يا عباد الله تداووا ؛ فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواءً ) رواه الترمذي .
ولم يكن عليه الصلاة والسلام يغفل جانب التذكير والنصح بما يناسب المقام ، فمرّةً يذكّر بحق الأقرباء في الإرث وينهى عن الوصية بما يزيد عن الثلث – كما فعل مع سعد بن أبي وقاص - ، ومرة يشير إلى أهمية اجتماع الخوف والرجاء في مرض الموت كما حصل عند احتضار أحد الصحابة ، وثالثة ينهى عن تمنّي الموت وضرورة الاستعداد للقاء الله كما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه .
وهكذا ضرب لنا عليه الصلاة والسلام أعظم الأسوة في أهمية كسب القلوب واستغلال الأحوال المختلفة في دعوة الناس وهدايتهم ، لعل مغاليق القلوب تفتح أبوابها للهدى والحق .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مصطفى ابراهيم الشافعى
عضو / ة
عضو / ة
مصطفى ابراهيم الشافعى


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 797
نقاط : 1473
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 28

شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم   شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Icon_minitime1الخميس 09 أغسطس 2012, 2:54 am

هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – في السلام

بين أوّل الأنبياء وآخرهم رابطة مشركة وعادة متّبعة لا يعلمها كثيرٌ من الناس ، فآدم عليه السلام هو أوّل من استخدم التحيّة الإسلامية حينما علّمه ربّه السلام على الملائكة ، ومحمد -..


بين أوّل الأنبياء وآخرهم رابطة مشركة وعادة متّبعة لا يعلمها كثيرٌ من الناس ، فآدم عليه السلام هو أوّل من استخدم التحيّة الإسلامية حينما علّمه ربّه السلام على الملائكة ، ومحمد - صلى الله عليه وسلم – جعلها رمزاً خاصّاً لأمته تميزّها عن باقي الأمم .
فاليهود كانوا يحيّون بعضهم إشارةً بالأصابع ، والنصارى كانوا يشيرون بأكفّهم ، أما المسلمون فقد أبدلهم الله تعالى عن هذا كلّه بخير تحيّة وأفضل سلام : " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " .
وهذه التحيّة المتميّزة في ألفاظها – فهي مأخوذة من اسم الله " السلام " كما في الحديث الصحيح – العميقة في مدلولاتها – بما تحمله من معاني الرحمة والمودّة – العظيمة في تأثيرها – فأثرها واضحٌ في توثيق العلاقات وصفاء القلوب – هي خير بديل عن تحايا أهل الجاهليّة ، فلا عجب إذاً أن يحسدنا اليهود عليها ، كما ثبت في حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال : ( ما حسدكم اليهود على شيء ما حسدوكم على السلام والتأمين ) رواه الإمام البخاري في الأدب المفرد .
وقد دلّت النصوص القرآنية والأحاديث النبوية على فضل هذه التحيّة ، فبيّن الله عزوجل كونها تحية أهل الجنة ، قال تعالى : { وتحيتهم فيها سلام } ( يونس : 10 ) ، وفي السنّة ذكرٌ للأجر المترتّب عليها ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا مرّ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في مجلس فقال : سلامٌ عليكم ، فقال له : ( عشر حسنات ) ، ثم مرّ آخر فقال : سلام عليكم ورحمة الله ، فقال له : ( عشرون حسنة ) ، ثم مرّ ثالثٌ فقال : سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فقال له : ( ثلاثون حسنة ) ،رواه ابن حبان في صحيحه .
وكذلك بيّن النبي – صلى الله عليه وسلم – أثر هذه التحيّة في تقوية الروابط الأخويّة فقال : ( أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم ) رواه مسلم ، وأوضح أنها سببٌ من أسباب دخول الجنّة فقال : ( اعبدوا الرحمن ، وأطعموا الطعام ، وأفشوا السلام ، تدخلوا الجنة بسلام ) رواه الترمذي ، وجعلها النبي – صلى الله عليه وسلم حقّاً من حقوق الأخوة فقال : ( حق المسلم على المسلم ست – وذكر منها - إذا لقيته فسلّم عليه ) رواه مسلم ، ونهى عن تركها واعتبر ذلك دليلاً على بخل صاحبها فقال : ( أبخل الناس من بخل بالسلام ) رواه الطبراني ، وجعلها علامة المصالحة وعود الود فقال : ( لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال ، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا ، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ) متفق عليه .
وبالعودة إلى سيرة النبي – صلى الله عليه وسلم - ، نجد أنه كان من أكثر الناس إفشاءً للسلام ، دون أن يفرّق بين صغيرٍ وكبير ، وصديقٍ وغريب ، ورجلٍ وامرأة ، فها هو عليه الصلاة والسلام يمرّ على قومٍ لا يعرفهم ولا تربطه بهم علاقة ، في مكانٍ يُقال له " الروحاء " فيبتدرهم بالسلام ، رواه أبو داود ، وأشار إلى فضل ذلك عندما سئل : أي الإسلام خير فقال : ( أن تطعم الطعام وتقرأ السلام ، على من عرفت ومن لم تعرف ) متفق عليه .
وكان يمرّ على الجماعة من الغلمان فيسلّم عليهم ، كما حكى عنه خادمه أنس رضي الله عنه ، ويمرّ عليه الصلاة والسلام على جماعة من النساء فيسلّم عليهنّ ويعظهنّ – كما حدّثت بذلك أسماء بنت يزيد رضي الله عنها - .
وفي كيفيّة سلامه عند الدخول على أهل بيته يقول الصحابي الجليل المقداد بن عمرو رضي الله عنه : " ..يسلم تسليما لا يوقظ نائما ، ويسمع اليقظان " رواه مسلم .
وقد بيّن النبي – صلى الله عليه وسلم – لأصحابه جملةً من الآداب المتعلّقة بهذه التحيّة ، منها : أن الراكب يسّلم على الماشي ، والماشي على القاعد ، والقليل على الكثير ، والصغير على الكبير ، ويُرشد عليه الصلاة والسلام إلى الإكثار من السلام فيقول : ( إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه ، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه ) رواه أبو داود ، وكان من هديه - صلى الله عليه وسلم – السلام عند المجيء إلى القوم ، والسلام عند الانصراف عنهم ، كما قال : ( إذا انتهى أحدكم إلى مجلس فليسلم ، فإن بدا له أن يجلس فليجلس ، ثم إذا قام فليسلم ؛ فليست الأولى بأحق من الآخرة ) رواه الترمذي ، إضافةً إلى هدي القرآن في الحث على ردّ التحيّة بأحسن منها أو مثلها كما قال تعالى : { وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا } (النساء86 .
وهذه الآداب المذكورة سابقاً إنما هي مختصّة بالمسلمين دون غيرهم ، فلا يجوز ابتداء الكفّار بتحيّة الإسلام كما قال - صلى الله عليه وسلم - : ( لا تبدؤا اليهود ولا النصارى بالسلام ) رواه مسلم ، والنهي هنا عن لفظ السلام خاصّةً لما يتضمّنه من معانٍ خاصّة لا تنبغي لكافر ، ويُمكن بدلاً عن ذلك تحيّتهم بغيرها من ألفاظ الترحيب ، وأما ردّ السلام عليهم فيكون بمثلها دون زيادةٍ في ألفاظها أو تعدٍّ على أصحابها ؛ فإن ذلك منافٍ لمعاني الرفق والحلم مع المشرك ، يشير إلى ذلك حديث عائشة رضي الله عنها أن يهوداً أتوا إليه - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : السام عليكم ، فردّت عليهم : عليكم ولعنكم الله وغضب الله عليكم ، فقال لها الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( مهلا يا عائشة ، عليك بالرفق ، وإياك والعنف والفحش ) ، فقالت له : أو لم تسمع ما قالوا ؟ ، فقال : ( أو لم تسمعي ما قلت ؟ رددت عليهم ، فيستجاب لي فيهم ، ولا يستجاب لهم ) متفق عليه
وكان هديه – صلى الله عليه وسلم – إذا مرّ بجمع يضمّ مسلمين وغيرهم أن يسلم قاصداً بتحيّته المسلمين ، فقد أخبر أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرّ بمجلس وفيه أخلاط من المسلمين واليهود فسلّم عليهم ، رواه الترمذي .
والمشهور من تحيّة النبي – صلى الله عليه وسلم – قول : " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" ، وفي الرّد : " وعليكم السلام ورحمة الله " ، وأحيانا كان يردّ بقوله : " وعليك ورحمة الله " ، كما جاء في حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – ردّ على تحيّته بقوله : ( وعليك ورحمة الله ) رواه مسلم .
وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – يكره أن يقول المبتديء : " عليك السلام ، فقد جاء عن جابر بن سليم رضي الله عنه أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - : عليك السلام يا رسول الله ، فقال له : ( لا تقل عليك السلام ؛ فإن عليك السلام تحيّة الميت ، قل السلام عليك ) رواه أبو داود .
كما جاء النهي عن السؤال أو دعوة أحدٍ إلى الطعام قبل السلام ، كما جاء في قول النبي – صلى الله عليه وسلم - : ( السلام قبل السؤال . فمن بدأكم بالسؤال قبل السلام فلا تجيبوه ) رواه ابن النجار ، وفي حديث آخر : ( لا تدعوا أحدا إلى الطعام حتى يسلّم ) رواه الترمذي ، وكذلك جاء عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قوله : ( لا تأذنوا لمن لم يبدأ بالسلام ) رواه أبو يعلى .
وللمعاني التي تحملها تحيّة الإسلام والآثار التي تحقّقها شرع النبي – صلى الله عليه وسلم- تبليغ سلام الغائبين إلى أصحابه ، أو طلب توصيل السلام إليهم ، كما بلّغ النبي – صلى الله عليه وسلم – سلام جبريل عليه السلام إلى زوجته خديجة رضي الله عنها ، وإلى عائشة رضي الله عنها .
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم إذا بلغه أحد السلام عن غيره أن يرد عليه وعلى المبلغ ، كما ثبت في سنن أبي داود أن رجلا قال له عليه الصلاة والسلام : إن أبي يقرئك السلام ، فقال له : ( عليك وعلى أبيك السلام ) .
أما رد السلام فقد بيّن النبي – صلى الله عليه وسلم – وجوبه ، وجعله حقّاً من حقوق الأخوّة الإسلاميّة فقال : ( حق المسلم على المسلم خمس : رد السلام ) متفق عليه ، إلا
في حال الصلاة فكان عليه الصلاة والسلام يشير باليد ولا يردّ التحيّة باللفظ ؛ لتحريم الكلام في الصلاة كما جاء في الحديث الصحيح : ( إن في الصلاة لشغلاً ) متفق عليه ، وفي حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – خرج إلى قباء يصلي فيه ، فجاءته الأنصار فسلموا عليه وهو يصلي ، فكان يرد عليهم هكذا – وبسط كفّه – " ، رواه أبو داود ، وعن جابر رضي الله عنه قال : بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم لحاجة - ، ثم أدركته وهو يصلي فسلمت عليه ، فأشار إلي ، فلما فرغ دعاني فقال : ( إنك سلمت علي آنفا وأنا أصلي ) رواه النسائي .
ومما يُشار إليه هنا أن النبي – صلى الله عليه وسلم – ترك السلام أو الرّد عليه في بعض الأحوال وعلى بعض الفئات ، فقد كان عليه الصلاة والسلام يكره أن يسلّم على غير طهارة أو وقت قضاء الحاجة ، ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : مرّ رجل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه السلام ، رواه النسائي ، وفي رواية أبي داود : ثم اعتذر إليه فقال : ( إني كرهت أن أذكر الله عز وجل إلا على طهر ، أو قال على طهارة ) .
وترك النبي – صلى الله عليه وسلم – السلام على بعض العصاة إشعاراً لهم بمعصيتهم وعظيم جرمهم ، كما فعل مع كعب بن مالك رضي الله عنه وغيره من المتخلّفين عن غزوة تبوك ، ومع الرجل الذي اتّخذ خاتماً من حديد كما عند البخاري في الأدب المفرد .
تلك إشراقةٌ من إشراقات أدبه عليه الصلاة والسلام وخلقه ، ومنهجه وسنّته ، فمن تمسّك بها سعد بآثارها ، وتنعّم بأجورها ، ومن تركها فقد فاته الخير العظيم ، والمحروم من حرمه الله .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مصطفى ابراهيم الشافعى
عضو / ة
عضو / ة
مصطفى ابراهيم الشافعى


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 797
نقاط : 1473
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 28

شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم   شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Icon_minitime1الخميس 09 أغسطس 2012, 2:57 am

آداب نبوية في الاستئذان

عندما يأوي الناس إلى منازلهم فإنهم يطرحون عنهم أعباء الكلفة ويتخفّفون من ملابسهم ، ويظهر منهم ما لا يرغبون أن يطّلع عليه الآخرون ، فجاءت الشريعة لترشد الناس إلى أدب الاستئذان صيانةً..


عندما يأوي الناس إلى منازلهم فإنهم يطرحون عنهم أعباء الكلفة ويتخفّفون من ملابسهم ، ويظهر منهم ما لا يرغبون أن يطّلع عليه الآخرون ، فجاءت الشريعة لترشد الناس إلى أدب الاستئذان صيانةً لتلك البيوت ورعايةً لأهلها .
والمقصود بالاستئذان : طلب الإذن بالدخول ، خوفاً من الاطلاع على عورات المسلمين ، أو وقوع النظر على ما لا يرغبه صاحب البيت ، ويقرّر النبي – صلى الله عليه وسلم – ذلك بقوله : ( إنما جعل الاستئذان من أجل البصر ) متفق عليه .
وإذا نظرنا إلى الآداب المتعلّقة بالاستئذان وجدنا أنها تنقسم إلى قسمين : قسمٌ يتعلّق بالدخول إلى البيت ، وآخر بالحركة داخله ، أما الأوّل ، فقد جاء النهي عن دخول البيوت قبل استئذان أهلها ، فقال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون } ( النور : 27 ) .
ويظهر حرص النبي – صلى الله عليه وسلم – على تعويد أصحابه على الاستئذان لا سيّما مع حديثي العهد بالإسلام والجهلة من الأعراب ، فقد جاء في سنن الترمذي أن صفوان بن أمية ذهب إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – بعد إسلامه بشيءٍ من الطعام ، فدخل عليه ولم يسلّم ولم يستأذن ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( ارجع ، فقل: السلام عليكم ، أأدخل ؟ ) .
وفي سنن أبي داود أن رجلاً من بني عامر استأذن على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في بيت فقال : ألج ؟ ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لخادمه : ( اخرج إلى هذا فعلّمه الاستئذان ، فقل له : قل السلام عليكم ، أأدخل ) ، فسمعه الرجل فقال : السلام عليكم ، أأدخل ؟ ، فأذن له النبي - صلى الله عليه وسلم - فدخل .
وينبّه النبي – صلى الله عليه وسلم – على ضرورة حفظ النظر عند الوقوف والانتظار فيقول : ( لا يحل لامرئ مسلم أن ينظر إلى جوف بيتٍ حتى يستأذن ، فإن فعل فقد دخل ) رواه البخاري في الأدب المفرد .
ولخطورة النظر على العورات والاطلاع عليها ، أهدر النبي – صلى الله عليه وسلم – عين الناظر إلى بيوت الآخرين وأسقط عنها الدية فقال : ( لو أن رجلا اطّلع عليك بغير إذن فخذفته بحصاة – أي رميته بها - ففقأت عينه ، ما كان عليك من جناح ) متفق عليه ، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قائماً يصلي ، فاطّلع رجل في بيته ، فأخذ سهماً من كنانته فسدّد نحو عينيه ، رواه البخاري في الأدب المفرد .
وأخبر سهل بن سعد الأنصاري رضي الله عنه عن موقفٍ آخر ، حين اطّلع رجلٌ من ثقبٍ في باب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم – يسرّح شعره بمشطٍ في يده ، فقال للرجل : ( لو أعلم أنك تنظر طعنت به في عينك ؛ إنما جعل الله الإذن من أجل البصر ) رواه مسلم .
ولأجل هذا المقصد جاء النهي أيضاً عن استقبال الباب والوقوف أمامه ، والإرشاد إلى أخذ جانبه الأيمن أو الأيسر ، فقد جاء عن طلحة عن هزيل رضي الله عنه أن رجلاً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأذن بالدخول ، فوقف مستقبل الباب ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( هكذا عنك أو هكذا – أي اذهب يميناً أو شمالاً - فإنما الاستئذان من النظر ) رواه أبو داود .
وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جاء الباب يستأذن ،لم يستقبله ، يمشي مع الحائط حتى يستأذن ، فيؤذن له أو ينصرف ، رواه أحمد ، وعند البخاري في الأدب المفرد أن النبي - صلى الله عليه وسلم – كان إذا أتى بابا يريد أن يستأذن لم يستقبله ، وجاء يمينا أوشمالا ، فإن أذن له وإلا انصرف .
ومن سنن الاستئذان ألا يزيد عن ثلاث مرّات ، فإن أذن صاحب البيت وإلا انصرف ، يشير إلى ذلك حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يريد سعد بن عبادة ، حتى أتاه فسلّم فلم يؤذن له ، ثم سلّم الثانية ثم الثالثة ، فلم يؤذن له ، فقال : ( قضينا ما علينا ) ، ثم رجع فأدركه سعد فقال : يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق ما سلّمت من مرة إلا وأنا أسمع وأرد عليك ، ولكن أحببت أن تكثر من السلام عليّ وعلى أهل بيتي ، رواه البخاري في الأدب المفرد .
ويُستثنى من ذلك إذا دعى صاحب البيت الزائر وأرسل إليه من يطلبه ، فلا داعي حينئذٍ من الاستئذان ، ويدلّ على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إذا دعي أحدكم فجاء مع الرسول فهو إذنه ) ، رواه الطبراني ، وبهذا المعنى يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( رسول الرجل إلى الرجل إذنه ) رواه أبو داوود .
ويمكن لصاحب البيت أن يستثني من أراد في الدخول عليه بدون إذن ، أو يجعل له علامةً يتفقان عليها للدلالة على الإذن ، كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ( آذنك على أن ترفع الحجاب وأن تسمع سوادى – يعني الخاصّ من الكلام - حتى أنهاك ) رواه مسلم ، يقول الإمام النووي تعليقاً على الحديث : " وفيه دليل لجواز اعتماد العلامة في الأذن فى الدخول ، فإذا جعل الأمير والقاضى ونحوهما وغيرهما رفع الستر الذي على بابه علامة فى الأذن فى الدخول عليه ، للناس عامة ، أو لطائفة خاصة ، أو لشخص ، أو جعل علامةً غير ذلك ، جاز اعتمادها والدخول إذا وجدت بغير استئذان " .
ومن الآداب الشرعيّة في الاستئذان ، عدم رفع الصوت أو إزعاج أهل البيت ، ولذلك نرى من أدب الصحابة أنهم كانوا يقرعون أبواب النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأظافير ، رواه البخاري في الأدب المفرد ، يقول الإمام ابن العربي : " وهذا محمول منهم على المبالغة في الأدب ، وهو حسن لمن قرب محله من بابه ، أما من بعد عن الباب بحيث لا يبلغه صوت القرع بالظفر فيستحب أن يقرع بما فوق ذلك بحسبه " .
وينبغي للمستأذن أن يُفصح عن اسمه حتى يعرفه صاحب البيت فيتهيّأ له ، وبذلك نفهم سرّ غضب النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما استأذنه جابر رضي الله عنه بالدخول ، فسأله عن اسمه ، فقال : أنا ، فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم – : ( أنا أنا ) كأنه كرهها ، متفق عليه .
وإذا قال أهل المنزل للمستأذن : ارجع ، وجب عليه الرجوع ؛ لأنهم ما طلبوا منه الرجوع إلا لعدم تهيّئهم لاستقباله وحصول الضرر والإحراج من دخوله ، قال تعالى : { وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم } ( النور : 28 ) .
وللمعاني العظيمة التي شُرع لها الاستئذان جاء النهي عن الدخول على أهل البيت عند القدوم من السفر دون إشعارٍ سابقٍ ، حتى تتهيّأ المرأة لزوجها ولا يطّلع منها على ما يكره ، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا دخلت ليلاً فلا تدخل على أهلك حتى تستحدّ المغيبة وتمتشط الشعثة ) متفق عليه .
وكما يُشرع الاستئذان عند الدخول ، يُشرع كذلك عند الانصراف ، وقد امتدح الله المؤمنين في سورة النور بقوله : { إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله } ( النور : 62 ) .
وتلك الآداب متعلّقة بالبيوت المسكونة دون غيرها ، أما البيوت غير المأهولة كالتي تكون على الطريق أو المعدّة للتأجير فلا استئذان لها ، كما قال تعالى : { ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون } ( النور :29 ) .
وفيما يتعلّق بآداب الحركة داخل البيت فقد جاء التخفيف للمماليك والصغار أن يتنقّلوا في البيت دون استئذانٍ للحاجة إلى ذلك ، سوى ثلاثة أوقات : قبل الفجر ، ووقت الظهيرة ، وبعد صلاة العشاء ، ففي هذه الأوقات يغلب على أهل البيت نزع ثيابهم واللجوء إلى الفراش ، فشرع الاستئذان حينئذٍ .
وفي ثنايا التوجيهات الربّانية والسنن النبويّة التي مرّت بنا ، تظهر عظمة الإسلام في حرصه على حفظ العرض ، واحترام الخصوصيّة ، ومراعاة مشاعر الناس ، والله الموفق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مصطفى ابراهيم الشافعى
عضو / ة
عضو / ة
مصطفى ابراهيم الشافعى


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 797
نقاط : 1473
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 28

شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم   شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Icon_minitime1الخميس 09 أغسطس 2012, 2:59 am

هدي النبي – صلى الله عليه وسلم - في الزينة

من محاسن الإسلام وكمال الشريعة إيمانها بقيمة الجمال والاهتمام به ، من خلال عددٍ من الأوامر الشرعية والأحكام التعبدية ، التي تدعو إلى التزيّن وحسن المظهر واعتبار ذلك من الأمور الممدوحة..


من محاسن الإسلام وكمال الشريعة إيمانها بقيمة الجمال والاهتمام به ، من خلال عددٍ من الأوامر الشرعية والأحكام التعبدية ، التي تدعو إلى التزيّن وحسن المظهر واعتبار ذلك من الأمور الممدوحة شرعاً ، كقوله – صلى الله عليه وسلم - قال : ( إن الله جميل يحب الجمال ) رواه مسلم ، وقوله أيضاً : ( إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده ) رواه الترمذي .
من هذا المنطلق كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خير أسوةٍ وأفضل قدوة ، بما اشتُهر به من جمال الهيئة ، وحسن السمت ، والاعتناء بالزينة ، ليجمع بين جمال الروح وأناقة المظهر ، وطيب الرائحة .
فكان – صلى الله عليه وسلم – يعتني بترجيل شعره ، وتسريح لحيته ، وكان لديه شعرٌ طويل يصل إلى أذنيه ، كما قال البراء بن عازب رضي الله عنه : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - له شعر يبلغ شحمة أذنيه " متفق عليه .
وعندما يطول شعر – صلى الله عليه وسلم – كان يربطه على شكل ضفائر ، ويدلّ عليه قول أم هانئ رضي الله عنها : " قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة وله أربع غدائر ) رواه أبو داود .
وفي أوّل أمره كان – صلى الله عليه وسلم - يسدل شعره مخالفةً لمشركي مكّة ، وموافقةً لأهل الكتاب ، والمقصود بإسدال الشعر إرساله دون تفريق ، وبعد ذلك صار يفرق رأسه فرقتين ، مبتدئاً بالجهة اليُمنى كعادته في التيامن ، ودليل ما سبق قول ابن عباس رضي الله عنه : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسدل شعره ، وكان المشركون يفرقون رؤوسهم ، وكان أهل الكتاب يسدلون رؤوسهم ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء ، ثم فرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه " رواه البخاري .
وكان - صلى الله عليه وسلم – يحبّ التيمّن في شأنه كلّه ، تقول عائشة رضي الله عنها : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليحب التيمن في طهّوره إذا تطهّر ، وفي ترجّله إذا ترجّل ، وفي انتعاله إذا انتعل " رواه مسلم ، والترجّل هو تسريح الشعر .
وفي كلّ الأحوال ، لم يكن اهتمام النبي – صلى الله عليه وسلم – بشعره مبالغاً فيه ، بل كان يحذّر من الإفراط في ذلك ، كما روى عبدالله بن مغفل أن النبي – صلى الله عليه وسلم - نهى عن الترجّل إلا غبّا – أي بين الحين والآخر - ، رواه الترمذي .
واختلف أصحابه رضي الله عنهم في استعمال النبي – صلى الله عليه وسلم – للخضاب ، فقال بعضهم : خضب ، وقال آخرون : لم يخضب ، والجمع بينها كما قال الإمام النووي : " والمختار أنه - صلى الله عليه وسلم - صبغ في وقتٍ وتركه في معظم الأوقات ، فأخبر كلٌّ بما رأى وهو صادق ، وهذا التأويل كالمتعيّن " .
وعندما كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يحلق رأسه لا يترك من شعره شيئاً ، يقول الإمام ابن القيم : " وكان هديه – صلى الله عليه وسلم – في حلق الرأس تركه كله ، أو أخذه كله ، ولم يكن يحلق بعضه ، ويدع بعضه ، ولم يحفظ عنه حلقه إلا في نسك " .
ومن هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – في الزينة ، استعماله للكحل ،وكانت لديه مكحلة يكتحل منها كل ليلة ، ويفضّل استخدام (الإثمد) وهو أجود أنواع الكحل ، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( اكتحلوا بالإثمد ؛ فإنه يجلو البصر ، وينبت الشعر ) رواه الترمذي .
كذلك كانت للنبي – صلى الله عليه وسلم – عنايةٌ خاصة بسنن الفطرة ، كتوفير لحيته وإعفائها ، وكان الصحابة رضوان الله عليهم يرون لحيته من وراء ظهره ، يشير إليه قول خباب بن الأرت رضي الله عنه عندما سأله أبو معمر عن كيفيّة معرفتهم بقراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الظهر والعصر ، فقال له : باضطراب لحيته – أي تحرّكها - ، رواه البخاري .
ومن سنن الفطرة التي عمل بها النبي - صلى الله عليه وسلم - قص الشارب ، وكان يأمر بذلك أصحابه ، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال : ( قصوا الشوارب ، وأرخوا اللحى ، خالفوا المجوس ) بل صحّ عنه عليه الصلاة والسلام قوله : ( من لم يأخذ شاربه فليس منا ) رواه أحمد .
وكذلك كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يعتني بنظافة فمه ، ويُكثر من استخدام السواك ، حال إفطاره وصومه ، وعند وضوئه أو صلاته ، وعند استيقاظه من نومه ، وحين دخوله لمنزله ، حتى في لحظاته الأخيرة أمر عائشة أن تأتيه بالسواك ، ليلقى ربّه بأطيب رائحة.
وأما عن ملابسه فقد كان – صلى الله عليه وسلم – يلبس من الثياب أحلاها ، سواءٌ في ذلك عمامته وإزاره وكساؤه ، وبردته وعمامته ، وخفّه ونعله .
كما اتخذ النبي – صلى الله عليه وسلم – خاتماً من فضّة ، وكان فصّه من الحبشة يجعله مما يلي كفّه ، ويلبس الخاتم في خنصره ، وقد اتخذه ليختم به الرسائل التي كان يُرسلها إلى الملوك والأمراء .
وللطيب في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم – شأنٌ آخر ، فقد أحبّه حبّاً شديداً لا يكاد يوازيه شيء من أمور الدنيا ، وقال في ذلك : ( حُبّب إليّ من الدنيا النساء والطيب ) رواه النسائي ، ولذلك كان لا يردّ الطيب من أحدٍ أبداً .
وكان له – صلى الله عليه وسلم – سُكّة يتطيّب منها – وهي نوعٌ من الطيب أو وعاء فيه طيب مجتمع - ، وكان أحبّ الطيب إليه المسك ـ ، وتذكر عائشة رضي الله عنها عن تطيّبه حال إحرامه فتقول : ( كأني انظر إلى وبيص المسك – أي بريقه - في مفرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم ) رواه مسلم .
وهكذا يعلّمنا النبي – صلى الله عليه وسلم – بسنّته العملية كيف يكون المؤمن معتنياً بمظهره كاعتنائه بمخبره ، ليتحقّق التوازن المنشود في الشخصيّة المسلمة ، والذي تفتقده المناهج الأرضيّة والديانات المحرّفة .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مصطفى ابراهيم الشافعى
عضو / ة
عضو / ة
مصطفى ابراهيم الشافعى


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 797
نقاط : 1473
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 28

شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم   شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Icon_minitime1الخميس 09 أغسطس 2012, 3:02 am


هدي النبي – صلى الله عليه وسلم - في البيع والشراء

حياة الأنبياء عليهم السلام حياةٌ كاملة ، تجمع بين الجوانب الإنسانيّة والخصائص الرسالية ، وشأن النبي – صلى الله عليه وسلم – في ذلك كشأن من سبقه في النبوّة والرسالة ، فبشريّته عليه..


حياة الأنبياء عليهم السلام حياةٌ كاملة ، تجمع بين الجوانب الإنسانيّة والخصائص الرسالية ، وشأن النبي – صلى الله عليه وسلم – في ذلك كشأن من سبقه في النبوّة والرسالة ، فبشريّته عليه الصلاة والسلام حاضرةٌ في سيرته ، يُدركها كل من قرأها ، فنراه كغيره من الناس يأكل الطعام ، ويمشي في الأسواق ، ويسعى للرزق ، كما قال الله تعالى : { وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق } (الفرقان : 7 ) .
وبين يدينا حديثٌ عن أحد الجوانب البشريّة في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم - ، وهي علاقته – صلى الله عليه وسلم – بقضايا الكسب والمعاش ، والبيع والشراء ، فقد بدأت تلك العلاقة في سنٍّ مبكرة ومرّت بمراحل عديدة ، فكان عليه الصلاة والسلام يرعى الغنم في بني سعد وهو غلامٌ مع إخوانه من الرضاعة ، مقابل شيءٍ يسير من المال .
ومع مرور الأيّام استفاد النبي – صلى الله عليه وسلم – من قربه من عمّه أبي طالب آراءه وخبرته ، فتعلّم منه فنون التجارة وأساليبها ، فما بلغ سنّ الشباب إلا وقد حاز على شهرةٍ واسعة في مكّة وما حولها ، حتى سمعت به خديجة رضي الله عنها ، فتعاقدت معه على التجارة بمالها ، فخرج النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى الشام مع غلامها ميسرة ، وعاد لها بربح وفير ، وسرعان ما توطّدت العلاقة التجارية بينهما حتى تُوّجت بالزواج ، وظلّ الأمر كذلك إلى أن أكرم الله نبيّه – صلى الله عليه وسلم – بالرّسالة .
وفي تلك الأثناء كانت للنبي – صلى الله عليه وسلم – شراكاتٌ تجاريّةٌ أخرى مع بعض أهل مكّة ، يشير إلى ذلك حديث الذي رواه الإمام أحمد أن السائب بن أبي السائب رضي الله عنه كان شريك النبي - صلى الله عليه وسلم - في أول الإسلام في التجارة ، فلما كان يوم الفتح رآه النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال له : ( قال مرحبا بأخي وشريكي ) .
أما بعد نزول الوحي فقد كان شراؤه– صلى الله عليه وسلم – أكثر من بيعه ، لما تتطلّبه أعباء الرسالة من متابعة وتفرّغٍ لشؤون الدعوة وتوجيه الناس والفصل بينهم ، وغير ذلك من الأمور المهمّة .
ومن الصور التي حُفظت في بيع النبي – صلى الله عليه وسلم – ما حدّث به جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رجلا أراد عتق غلامٍ له بعد موته ، ثم احتاج للمال ، فأراد النبي – صلى الله عليه وسلّم – أن يفكّ عنه حاجته فعرض ذلك الغلام للبيع ، فاشتراه نعيم بن عبد الله رضي الله عنه بثمانمائة درهم ، ثم أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم – تلك الدراهم إلى صاحب العبد ، والحديث رواه البخاري ومسلم .
وفيما يتعلّق بشرائه – صلى الله عليه وسلم – فهناك العديد من المواقف التي تدلّ على أنه كان يباشر ذلك بنفسه ، أو يوكل ذلك إلى أحدٍ من أصحابه ، فمن ذلك حديث عائشة رضي الله عنها ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى طعاماً من يهودي إلى أجل ، ورهنه درعاً من حديد ، رواه البخاري .
وفي طريق العودة من إحدى الغزوات اشترى النبي - صلى الله عليه وسلم – من جابر بن عبدالله رضي الله عنه جملاً كان يركبه ، وعند وصولهم إلى المدينة أعطاه النبي – صلى الله عليه وسلم – الثمن وزاده ، ثم أرجع إليه جمله ، والقصّة بتمامها في الصحيحين.
و أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - عروة بن أبي الجعد البارقي رضي الله عنه دينارا ليشتري له أضحية ، فاشترى عروة شاتين بالثمن ثم باع إحداهما بدينار ، ورجع إلى النبي – صلى الله عليه وسلم - بشاة ودينار ، فدعا له بالبركة في بيعه ، رواه أبو داود .
وربما احتاج النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى المال فيقترض أو يرهن شيئاً عنده من سلاحٍ ونحوه ، وقد توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير ، رواه البخاري .
وتعاقد النبي – صلى الله عليه وسلم – مع أهل خيبر لممارسة النشاط الزراعي لصالح المسلمين ، مقابل أن يأخذوا شطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع ، رواه مسلم .
وقد أسّس النبي – صلى الله عليه وسلم – منهجاً متكاملاً يسير عليه الناس في تعاملاتهم ، فحرّم جملةً من المعاملات التي فيها ضررٌ أو غبن ، كالتعامل بالربا ، وبيع الغرر ، وبيع العِينة ، والتجارة بالمحرّمات ، وبيّن أهميّة التقابض بين البائع والمشتري ، وحدّد أنواع الخيار عند الرغبة في التراجع عن الصفقة ، إلى غير ذلك من الأسس والضوابط المقرّرة في سنته .
وبالجملة فإن كل ما أوردناه من أمثلة تدور حول محور واحد ، يتلخّص في أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أراد أن يعلّم أمته أن السعي في الرزق وتحصيل القوت لا يتنافى مع الإقبال على الآخرة ، بل هو مطلبٌ من مطالبها ، علاوةً على كونه سبباً في نهوض الأمة ورقيّها ، لتنال بذلك مكانةً سامية بين الأمم ، والله الموفق .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مصطفى ابراهيم الشافعى
عضو / ة
عضو / ة
مصطفى ابراهيم الشافعى


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 797
نقاط : 1473
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 28

شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم   شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Icon_minitime1الخميس 09 أغسطس 2012, 3:03 am


مفاخر الكرم النبوي

" أجود الناس " هكذا عبّر ابن عبّاس رضي الله عنه عن شخصيّة النبي – صلى الله عليه وسلم - ، لتكون كلماته تلك شاهدةً على مدى كرمه – عليه الصلاة والسلام - وجوده ، ولا عجب في ذلك ، فقد..

" أجود الناس " هكذا عبّر ابن عبّاس رضي الله عنه عن شخصيّة النبي – صلى الله عليه وسلم - ، لتكون كلماته تلك شاهدةً على مدى كرمه – عليه الصلاة والسلام - وجوده ، ولا عجب في ذلك ، فقد كانت تلك الخصلة خُلقاً أصيلاً جُبِل عليه ، ثم ازداد رسوخاً من خلال البيئة العربية التي نشأ فيها وتربّى في أحضانها ، والشهيرة بألوان الجود والعطاء .
وتبيّن لنا أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها تحلّيه –صلى الله عليه وسلم - بهذه الخصلة قبل بعثته بقولها الشهير : " إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكلّ ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف "، وكلها صفات تحمل في طيّاتها معاني الكرم والجود .
وعندما نستنطق ذاكرة الأيام ستحكي لنا عن جوانب العظمة في كرم النبي – صلى الله عليه وسلم - ، يستوي في ذلك عنده حالة الفقر والغنى ، وهذا البذل والعطاء كان يتضاعف في مواسم الخير والأزمنة الفاضلة كشهر رمضان ، فعن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس ، وأجود ما يكون في رمضان ... فلرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود بالخير من الريح المرسلة " متفق عليه .
ولقد نال النبي – صلى الله عليه وسلم – أعظم المنازل وأشرفها في صفوف أهل الكرم والجود ؛ فلم يكن يردّ سائلاً أو محتاجاً ، وكان يُعطي بسخاءٍ قلّ أن يُوجد مثله ، وقد عبّر أحد الأعراب عن ذلك حينما ذهب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – فرأى قطيعاً من الأغنام ملأت وادياً بأكمله ، فطمع في كرم النبي – صلى الله عليه وسلم – فسأله أن يعطيه كلّ ما في الوادي ، فأعطاه إياه ، فعاد الرجل مستبشراً إلى قومه ، وقال : " يا قوم ! أسلموا ؛ فوالله إن محمدا ليعطي عطاء من لا يخاف الفقر " رواه مسلم .
وكان لمثل هذه المواقف أثرٌ بالغٌ في نفوس الأعراب ، الذين كانوا يأتون إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – قاصدين بادئ الأمر العودة بالشاة والبعير ، والدينار والدرهم ، فسرعان ما تنشرح صدورهم لقبول الإسلام والتمسّك به ، ولذلك يقول أنس رضي الله عنه معلّقاً على الموقف السابق : " إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا ، فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها " .
وكثيراً ما كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يمنح العطايا يتألّف بها قلوب المسلمين الجدد ، ففي غزوة حنين أعطى كلاًّ من عيينة بن حصن والأقرع بن حابس والعباس بن مرداس وأبي سفيان بن حرب وصفوان بن أمية رضي الله عنهم عدداً كبيراً من الإبل ، وعند عودته – عليه الصلاة والسلام – من تلك الغزوة تبعه بعض الأعراب يسألونه ، فقال لهم : ( أتخشون عليّ البخل ؟ فوالله لو كان لكم بعدد شجر تهامة نَعَماً – أي : أنعام - لقسمته بينكم ، ثم لا لا تجدوني بخيلاً ولا جباناً ولا كذوباً ) رواه أحمد .
ومن المواقف الدالة على كرمه – صلى الله عليه وسلم – حديث أنس بن مالك رضي الله عنه : " أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بمال من البحرين ، فقال : ( انثروه في المسجد ) ، وكان أكثر مال أتي به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الصلاة ولم يلتفت إليه ، فلما قضى الصلاة جاء فجلس إليه ، فما كان يرى أحدا إلا أعطاه ، وما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وثمّ منها درهم " رواه البخاري .
وعنه رضي الله عنه قال : " كنت أمشي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليه بُرد –أي: رداء - نجراني غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابي فجذبه جذبه شديدة حتى نظرت إلى صفحة عاتق النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أثّرت به حاشية الرداء من شدة جذبته ، ثم قال له : مُر لي من مال الله الذي عندك ، فالتفت إليه فضحك ، ثم أمر له بعطاء " متفق عليه .
وربما أحسّ النبي – صلى الله عليه وسلم – بحاجة أحدٍ من أصحابه وعرف ذلك في وجهه ، فيوصل إليه العطاء بطريقة لا تجرح مشاعره ، ولا تُوقعه في الإحراج ، كما فعل مع جابر بن عبدالله رضي الله عنه حينما كانا عائدين من أحد الأسفار ، وقد علم النبي – صلى الله عليه وسلم – بزواج جابر رضي الله عنه ، فعرض عليه أن يشتري منه بعيره بأربعة دنانير ، ولما قدم المدينة أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – بلالا أن يعيد الدنانير إلى جابر ويزيده ، وأن يردّ عليه بعيره ، متفق عليه .
ومرةً رأى النبي – صلى الله عليه وسلم – في وجه أبي هريرة رضي الله عنه الجوع ، فتبسّم ودعاه إلى إناء فيه لبن ، ثم أمره أن يشرب منه ، فشرب حتى ارتوى ، وظلّ النبي – صلى الله عليه وسلم – يعيد له الإناء حتى قال أبو هريرة رضي الله عنه : " والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكا " رواه البخاري .
وقد ألقت سحائب جود النبي – صلى الله عليه وسلم – بظلالها على كلّ من حوله ، حتى شملت أعداءه ، فحينما مات رأس المنافقين عبدالله بن أبيّ بن سلول ، جاء ولده إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " يا رسول الله أعطني قميصك أكفّنه فيه ، وصلّ عليه واستغفر له " ، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قميصه ، رواه البخاري .
وعلى مثل هذا الخلق النبيل كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يربّي أصحابه ، فقد قال لأحد أصحابه يوما : ( أنفق ولا تخف من ذي العرش إقلالا ) رواه أبو يعلى في مسنده .
وهكذا كان سخاؤه – صلى الله عليه وسلم – برهانا على شرفه ، وعلو مكانته ، وأصالة معدنه ، وطهارة نفسه ، وصدق الشاعر إذ يقول :
هو البحر من أي النواحي أتيته فلجته المعروف والجود ساحله
تـراه إذا ما جئتـه متهـللاً كأنك تعطيه الذي أنت سائله


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مصطفى ابراهيم الشافعى
عضو / ة
عضو / ة
مصطفى ابراهيم الشافعى


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 797
نقاط : 1473
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 28

شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم   شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Icon_minitime1الخميس 09 أغسطس 2012, 3:03 am


دموع في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم

البكاء نعمة عظيمة امتنّ الله بها على عباده ، قال تعالى : { وأنه هو أضحك وأبكى } ( النجم : 43 ) ، فبه تحصل المواساة للمحزون ، والتسلية للمصاب ، والمتنفّس من هموم الحياة ومتاعبها..


البكاء نعمة عظيمة امتنّ الله بها على عباده ، قال تعالى : { وأنه هو أضحك وأبكى } ( النجم : 43 ) ، فبه تحصل المواساة للمحزون ، والتسلية للمصاب ، والمتنفّس من هموم الحياة ومتاعبها .
ويمثّل البكاء مشهداً من مشاهد الإنسانية عند رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، حين كانت تمرّ به المواقف المختلفة ، فتهتزّ لأجلها مشاعره ، وتفيض منها عيناه ، ويخفق معها فؤاده الطاهر .
ودموع النبي – صلى الله عليه وسلم – لم يكن سببها الحزن والألم فحسب ، ولكن لها دوافع أخرى كالرحمة والشفقة على الآخرين ، والشوق والمحبّة ، وفوق ذلك كلّه : الخوف والخشية من الله سبحانه وتعالى .
فها هي العبرات قد سالت على خدّ النبي – صلى الله عليه وسلم - شاهدةً بتعظيمة ربّه وتوقيره لمولاه ، وهيبته من جلاله ، عندما كان يقف بين يديه يناجيه ويبكي ، ويصف أحد الصحابة ذلك المشهد فيقول : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي صدره أزيزٌ كأزيز المرجل من البكاء – وهو الصوت الذي يصدره الوعاء عند غليانه - " رواه النسائي .
وتروي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها موقفاً آخر فتقول : " قام رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ليلةً من الليالي فقال : ( يا عائشة ذريني أتعبد لربي ) ، فتطهّر ثم قام يصلي ، فلم يزل يبكي حتى بلّ حِجره ، ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلّ لحيته ، ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلّ الأرض ، وجاء بلال رضي الله عنه يؤذنه بالصلاة ، فلما رآه يبكي قال : يا رسول الله ، تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال له : ( أفلا أكون عبداً شكوراً ؟ ) " رواه ابن حبّان .
وسرعان ما كانت الدموع تتقاطر من عينيه إذا سمع القرآن ، روى لنا ذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال : " قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( اقرأ عليّ ) ، قلت : يا رسول الله ، أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ ، فقال : ( نعم ) ، فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية : { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا } ( النساء : 41 ) فقال : ( حسبك الآن ) ، فالتفتّ إليه ، فإذا عيناه تذرفان " ، رواه البخاري .
كما بكى النبي – صلى الله عليه وسلم – اعتباراً بمصير الإنسان بعد موته ، فعن البراء بن عازب ضي الله عنه قال : " كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة ، فجلس على شفير القبر – أي طرفه - ، فبكى حتى بلّ الثرى ، ثم قال : ( يا إخواني لمثل هذا فأعدّوا ) رواه ابن ماجة ، وإنما كان بكاؤه عليه الصلاة والسلام بمثل هذه الشدّة لوقوفه على أهوال القبور وشدّتها ، ولذلك قال في موضعٍ آخر : ( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ، ولبكيتم كثيراً ) متفق عليه.
وبكى النبي – صلى الله عليه وسلم – رحمةً بأمّته وخوفاً عليها من عذاب الله ، كما في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه ، يوم قرأ قول الله عز وجل : { إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم } ( المائدة : 118 ) ، ثم رفع يديه وقال : ( اللهم أمتي أمتي ) وبكى .
وفي غزوة بدر دمعت عينه - صلى الله عليه وسلم – خوفاً من أن يكون ذلك اللقاء مؤذناً بنهاية المؤمنين وهزيمتهم على يد أعدائهم ، كما جاء عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله : " ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح ) رواه أحمد .
وفي ذات المعركة بكى النبي – صلى الله عليه وسلم - يوم جاءه العتاب الإلهي بسبب قبوله الفداء من الأسرى ، قال تعالى : { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض } ( الأنفال : 67 ) حتى أشفق عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه من كثرة بكائه.
ولم تخلُ حياته – صلى الله عليه وسلم – من فراق قريبٍ أو حبيب ، كمثل أمه آمنة بنت وهب ، وزوجته خديجة رضي الله عنها ، وعمّه حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه ، وولده إبراهيم عليه السلام ، أوفراق غيرهم من أصحابه ، فكانت عبراته شاهدة على مدى حزنه ولوعة قلبه .
فعندما قُبض إبراهيم ابن النبي - صلى الله عليه وسلم – بكى وقال : ( إن العين تدمع ، والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا ، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون ) متفق عليه.

ولما أراد النبي – صلى الله عليه وسلم - زيارة قبر أمه بكى بكاءً شديداً حتى أبكى من حوله ، ثم قال : ( زوروا القبور فإنها تذكر الموت ) رواه مسلم .
ويوم أرسلت إليه إحدى بناته تخبره أن صبياً لها يوشك أن يموت ، لم يكن موقفه مجرد كلمات توصي بالصبر أو تقدّم العزاء ، ولكنها مشاعر إنسانية حرّكت القلوب وأثارت التساؤل ، خصوصاً في اللحظات التي رأى فيها النبي – صلى الله عليه وسلم - الصبي يلفظ أنفاسه الأخيرة ، وكان جوابه عن سرّ بكائه : ( هذه رحمة جعلها الله ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ) رواه مسلم .
ويذكر أنس رضي الله عنه نعي النبي - صلى الله عليه وسلم - لزيد وجعفر وعبد الله بن رواحة رضي الله عنه يوم مؤتة ، حيث قال عليه الصلاة والسلام : ( أخذ الراية زيد فأصيب ، ثم أخذ جعفر فأصيب ، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب - وعيناه تذرفان - حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله ) رواه البخاري .
ومن تلك المواقف النبوية نفهم أن البكاء ليس بالضرورة أن يكون مظهراً من مظاهر النقص ، ولا دليلاً على الضعف ، بل قد يكون علامةً على صدق الإحساس ويقظة القلب وقوّة العاطفة ، بشرط أن يكون هذا البكاء منضبطاً بالصبر ، وغير مصحوبٍ بالنياحة ، أو قول ما لا يرضاه الله تعالى .


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مصطفى ابراهيم الشافعى
عضو / ة
عضو / ة
مصطفى ابراهيم الشافعى


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 797
نقاط : 1473
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 28

شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم   شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Icon_minitime1الخميس 09 أغسطس 2012, 3:06 am

مقــالات



شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم


نصائح نبوية

" إذا كان لإصلاح المجتمعات بابٌ فإن مفتاحه هي النصيحة "، مقولةٌ صادقةٌ تعبّر عن الدور الذي تقوم به النصيحة في التقويم والإصلاح، وذلك من خلال إسهامها الفعّال في حماية الأفراد والمجتمعات..


" إذا كان لإصلاح المجتمعات بابٌ فإن مفتاحه هي النصيحة "، مقولةٌ صادقةٌ تعبّر عن الدور الذي تقوم به النصيحة في التقويم والإصلاح، وذلك من خلال إسهامها الفعّال في حماية الأفراد والمجتمعات من أي انحراف، والحث على الرقي والنجاح في شتّى الميادين، وشتان بين مجتمع تسوده النصيحة، ومجتمع يعيش كل فرد من أفراده لتحصيل مصالحه الشخصية، وحظوظه الآنية، دون مبالاة بالتصحيح والمعالجة لمن حوله .
من هنا كان للنصيحة مكانة كبيرة في شريعتنا الغرّاء، واعتُبرت الركيزة الأهم والركن الركين في الأخوّة الإسلامية، كما جاء في الحديث : ( الدين النصيحة ) متفق عليه .
وقد كان للنبي – صلى الله عليه وسلم – اليد الطولى في بذل النصح لكل من حوله، استصلاحا لنفوسهم، وتحذيراً لهم مما يضرّهم في دينهم أو دنياهم، وإرشاداً لهم بما يناسبهم، وترغيباً لهم بما يقرّبهم إلى الله عزوجل، بل إن حياته – صلى الله عليه وسلم – وأقواله وأفعاله كلها تصبّ في إطار النصح وإرادة الخير ، فما من خيرٍ إلا ودلّ عليه ، وما من شرٍّ إلا وحذّر منه .
وللنبي – صلى الله عليه وسلم – طرقٌ متعدّدة لإيصال النصح إلى الآخرين ، فأحياناً كان يقدّم نصيحه بقالبٍ من المدح والثناء ، أو الحثّ والتحفيز ، لتكون فاعلةً مؤثرة ، فمن ذلك ما أخبر به عبد الله بن عمر رضي الله عنه، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال لحفصة رضي الله عنها : ( نعم الرجل عبد الله ، لو كان يصلي من الليل ) رواه البخاري و مسلم ، فأحدثت تلك الكلمات القليلة انقلابا في حياة ابن عمر رضي الله عنه، فلم يعد يترك قيام الليل إلا قليلاً .
وثمّة مواقف أخرى قام النبي- صلى الله عليه وسلم – بذكر أقوالٍ تدلّ على المودّة والمحبّة، و تبيّن الحرص على إرادة الخير، وخير مثالٍ على ذلك قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ بن جبل رضي الله عنه : ( إني لأحبك يا معاذ ) ، ثم أتبعها بقوله : ( فلا تدع أن تقول في كل صلاة : ربّ أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) رواه أبو داوود .
ومن هذا الباب أيضاً حديث أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال له : ( يا أبا ذر ، إني أراك ضعيفاً، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم ) رواه مسلم .
وعند استعراض النصائح النبويّةٌ التي حفلت بها كتب السنّة ، نجد أنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحاجات الناس ومشاكلهم ، وتراعي تنوّعها واختلافها ، فإذا كان النبي – صلى الله عليه وسلم – ينصح أقواما بالاجتهاد في العبادة والإكثار منها ، فإنه ينصح آخرين بالقصد في العبادة حينما يراهم تجاوزوا الحدّ المطلوب، وكلّفوا أنفسهم ما لا يطيقون، ومن ذلك نصيحته لعثمان بن مظعون رضي الله عنه عندما علم من حاله الغلوّ والمبالغة في التعبّد، فقد قال له : ( يا عثمان ، أرغبت عن سنتي ؟ ) ، فقال : " لا والله يا رسول الله، ولكن سنّتك أطلب "، فقال له : ( فإني أنام وأصلي، وأصوم وأفطر، وأنكح النساء، فاتق الله يا عثمان ؛ فإن لأهلك عليك حقاً، وإن لضيفك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقا، فصم وأفطر، وصلّ ونم ) رواه أبو داود .
وأحياناً ربما رأى النبي – صلى الله عليه وسلم – من بعض أصحابه ميلاً إلى الدنيا، فيحذّرهم من الاغترار أو التعلّق بها ، ومن المواقف الدالة على ذلك قول حكيم بن حزام رضي الله عنه : " سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال : ( يا حكيم ، إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، اليد العليا خير من اليد السفلى ) " متفق عليه، فوقعت هذه النصيحة في نفس حكيم رضي الله عنه وتأثّر منها غاية التأثّر حتى عاهد رسول الله – صلى الله عليه وسلّم – ألا يسأل أحداً بعده أبداً، وظلّ على عهده ذلك طيلة حياته.
ومن هذا الباب أيضاً قول النبي - صلى الله عليه وسلم – لعبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه : ( يا عبد الرحمن بن سمرة ، لا تسأل الإمارة ؛ فإنك إن أوتيتها عن مسألة وُكلت إليها، وإن أوتيتها من غير مسألة أُعنت عليها ) ، متفق عليه .
وتتنوّع نصائح النبي – صلى الله عليه وسلم – بين السرّ والعلن ، والفرديّة والجماعيّة ، تبعاً لمقتضى الحال ، ومن جملة النصائح الجماعيّة، قوله عليه الصلاة والسلام للشباب : ( يا معشر الشباب، من استطاع الباءة فليتزوج ؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء – أي كاسرٌ لحدّة الشهوة - ) متفق عليه .
ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( عليكم بالصدق ؛ فإن الصدق يهدى إلى البر، وإن البر يهدى إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإياكم والكذب ؛ فإن الكذب يهدى إلى الفجور، وإن الفجور يهدى إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ) رواه مسلم .
وقد تقترن النصيحة بعمل شيءٍ يشدّ انتباه المخاطب ، ويشعره بالأهميّة ، كأن يأخذ بمنكبه أو يشدّ عليه، كما فعل النبي – صلى الله عليه وسلم – مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عندما أخذ بمنكبيه وقال : ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) رواه البخاري ، وكما فعل حين ضرب على منكب عثمان رضي الله عنه ثم قال له : ( يا عثمان إن الله عز وجل عسى أن يلبسك قميصاً، فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني ) رواه أحمد .
وبالجملة فإن نصائح النبي – صلى الله عليه وسلم – تعكس صدق محبتّه لصحابته ومقدار شفقته عليهم، فلا عجب إذاً أن تثمر مثل هذا الجيل الفريد الذي عزّ مثيله على مرّ التاريخ والعصور .


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مصطفى ابراهيم الشافعى
عضو / ة
عضو / ة
مصطفى ابراهيم الشافعى


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 797
نقاط : 1473
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 28

شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم   شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Icon_minitime1الخميس 09 أغسطس 2012, 3:07 am

مقــالات



شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم


نصائح نبوية

" إذا كان لإصلاح المجتمعات بابٌ فإن مفتاحه هي النصيحة "، مقولةٌ صادقةٌ تعبّر عن الدور الذي تقوم به النصيحة في التقويم والإصلاح، وذلك من خلال إسهامها الفعّال في حماية الأفراد والمجتمعات..


" إذا كان لإصلاح المجتمعات بابٌ فإن مفتاحه هي النصيحة "، مقولةٌ صادقةٌ تعبّر عن الدور الذي تقوم به النصيحة في التقويم والإصلاح، وذلك من خلال إسهامها الفعّال في حماية الأفراد والمجتمعات من أي انحراف، والحث على الرقي والنجاح في شتّى الميادين، وشتان بين مجتمع تسوده النصيحة، ومجتمع يعيش كل فرد من أفراده لتحصيل مصالحه الشخصية، وحظوظه الآنية، دون مبالاة بالتصحيح والمعالجة لمن حوله .
من هنا كان للنصيحة مكانة كبيرة في شريعتنا الغرّاء، واعتُبرت الركيزة الأهم والركن الركين في الأخوّة الإسلامية، كما جاء في الحديث : ( الدين النصيحة ) متفق عليه .
وقد كان للنبي – صلى الله عليه وسلم – اليد الطولى في بذل النصح لكل من حوله، استصلاحا لنفوسهم، وتحذيراً لهم مما يضرّهم في دينهم أو دنياهم، وإرشاداً لهم بما يناسبهم، وترغيباً لهم بما يقرّبهم إلى الله عزوجل، بل إن حياته – صلى الله عليه وسلم – وأقواله وأفعاله كلها تصبّ في إطار النصح وإرادة الخير ، فما من خيرٍ إلا ودلّ عليه ، وما من شرٍّ إلا وحذّر منه .
وللنبي – صلى الله عليه وسلم – طرقٌ متعدّدة لإيصال النصح إلى الآخرين ، فأحياناً كان يقدّم نصيحه بقالبٍ من المدح والثناء ، أو الحثّ والتحفيز ، لتكون فاعلةً مؤثرة ، فمن ذلك ما أخبر به عبد الله بن عمر رضي الله عنه، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال لحفصة رضي الله عنها : ( نعم الرجل عبد الله ، لو كان يصلي من الليل ) رواه البخاري و مسلم ، فأحدثت تلك الكلمات القليلة انقلابا في حياة ابن عمر رضي الله عنه، فلم يعد يترك قيام الليل إلا قليلاً .
وثمّة مواقف أخرى قام النبي- صلى الله عليه وسلم – بذكر أقوالٍ تدلّ على المودّة والمحبّة، و تبيّن الحرص على إرادة الخير، وخير مثالٍ على ذلك قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ بن جبل رضي الله عنه : ( إني لأحبك يا معاذ ) ، ثم أتبعها بقوله : ( فلا تدع أن تقول في كل صلاة : ربّ أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) رواه أبو داوود .
ومن هذا الباب أيضاً حديث أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال له : ( يا أبا ذر ، إني أراك ضعيفاً، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم ) رواه مسلم .
وعند استعراض النصائح النبويّةٌ التي حفلت بها كتب السنّة ، نجد أنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحاجات الناس ومشاكلهم ، وتراعي تنوّعها واختلافها ، فإذا كان النبي – صلى الله عليه وسلم – ينصح أقواما بالاجتهاد في العبادة والإكثار منها ، فإنه ينصح آخرين بالقصد في العبادة حينما يراهم تجاوزوا الحدّ المطلوب، وكلّفوا أنفسهم ما لا يطيقون، ومن ذلك نصيحته لعثمان بن مظعون رضي الله عنه عندما علم من حاله الغلوّ والمبالغة في التعبّد، فقد قال له : ( يا عثمان ، أرغبت عن سنتي ؟ ) ، فقال : " لا والله يا رسول الله، ولكن سنّتك أطلب "، فقال له : ( فإني أنام وأصلي، وأصوم وأفطر، وأنكح النساء، فاتق الله يا عثمان ؛ فإن لأهلك عليك حقاً، وإن لضيفك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقا، فصم وأفطر، وصلّ ونم ) رواه أبو داود .
وأحياناً ربما رأى النبي – صلى الله عليه وسلم – من بعض أصحابه ميلاً إلى الدنيا، فيحذّرهم من الاغترار أو التعلّق بها ، ومن المواقف الدالة على ذلك قول حكيم بن حزام رضي الله عنه : " سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال : ( يا حكيم ، إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، اليد العليا خير من اليد السفلى ) " متفق عليه، فوقعت هذه النصيحة في نفس حكيم رضي الله عنه وتأثّر منها غاية التأثّر حتى عاهد رسول الله – صلى الله عليه وسلّم – ألا يسأل أحداً بعده أبداً، وظلّ على عهده ذلك طيلة حياته.
ومن هذا الباب أيضاً قول النبي - صلى الله عليه وسلم – لعبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه : ( يا عبد الرحمن بن سمرة ، لا تسأل الإمارة ؛ فإنك إن أوتيتها عن مسألة وُكلت إليها، وإن أوتيتها من غير مسألة أُعنت عليها ) ، متفق عليه .
وتتنوّع نصائح النبي – صلى الله عليه وسلم – بين السرّ والعلن ، والفرديّة والجماعيّة ، تبعاً لمقتضى الحال ، ومن جملة النصائح الجماعيّة، قوله عليه الصلاة والسلام للشباب : ( يا معشر الشباب، من استطاع الباءة فليتزوج ؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء – أي كاسرٌ لحدّة الشهوة - ) متفق عليه .
ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( عليكم بالصدق ؛ فإن الصدق يهدى إلى البر، وإن البر يهدى إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإياكم والكذب ؛ فإن الكذب يهدى إلى الفجور، وإن الفجور يهدى إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ) رواه مسلم .
وقد تقترن النصيحة بعمل شيءٍ يشدّ انتباه المخاطب ، ويشعره بالأهميّة ، كأن يأخذ بمنكبه أو يشدّ عليه، كما فعل النبي – صلى الله عليه وسلم – مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عندما أخذ بمنكبيه وقال : ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) رواه البخاري ، وكما فعل حين ضرب على منكب عثمان رضي الله عنه ثم قال له : ( يا عثمان إن الله عز وجل عسى أن يلبسك قميصاً، فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني ) رواه أحمد .
وبالجملة فإن نصائح النبي – صلى الله عليه وسلم – تعكس صدق محبتّه لصحابته ومقدار شفقته عليهم، فلا عجب إذاً أن تثمر مثل هذا الجيل الفريد الذي عزّ مثيله على مرّ التاريخ والعصور .


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مصطفى ابراهيم الشافعى
عضو / ة
عضو / ة
مصطفى ابراهيم الشافعى


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 797
نقاط : 1473
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 28

شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم   شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Icon_minitime1الخميس 09 أغسطس 2012, 3:07 am


ابتسامات في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم -

لا يخفى على أحدٍ ما للابتسامة من تأثير بالغ ومفعول ساحرٍ على الآخرين ، فقد فطر الله الخلق على محبة صاحب الوجه المشرق ، الذي يلقى من حوله بابتسامة تذهب عن النفوس هموم الحياة ومتاعبها..

لا يخفى على أحدٍ ما للابتسامة من تأثير بالغ ومفعول ساحرٍ على الآخرين ، فقد فطر الله الخلق على محبة صاحب الوجه المشرق ، الذي يلقى من حوله بابتسامة تذهب عن النفوس هموم الحياة ومتاعبها ، وتشيع أجواء من الطمأنينة ، وتلك من الخصال المتفق على استحسانها وامتداح صاحبها .
وقد كانت البسمة إحدى صفات نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – التي تحلّى بها ، حتى لم تعد الابتسامة تفارق محيّاه ، حتى صارت عنواناً له وعلامةً عليه ، يُدرك ذلك كل من صاحبه وخالطه ، كما قال عبد الله بن الحارث بن حزم رضي الله عنه : " ما رأيت أحدا أكثر تبسّما من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رواه الترمذي ، وقال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه : " ما حجبني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منذ أسلمت ولا رآني إلا ضحك " متفق عليه ، وبذلك استطاع كسب مودّة من حوله ليتقبّلوا الحق الذي جاء به .
وباستقراء كتب السنة نجد أن أكثر أحوال النبي – صلى الله عليه وسلم – هي الابتسامة ، وفي بعض الأحيان كان يزيد على ذلك فيضحك باعتدال دون إكثارٍ منه أو علوّ في الصوت ، وهذه هي سنة الأنبياء كما قال الإمام الزجّاج : " التبسّم أكثر ضحك الأنبياء عليهم الصلاة والسلام " .
ومما يؤكد ما سبق قول عائشة رضي الله عنها : " ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضاحكا حتى أرى منه لهواته - وهي اللحمة الموجودة في أعلى الحنجرة - إنما كان يتبسم " متفق عليه ، وقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه في وصفه: " وكان جُلّ – أي معظم - ضحكه التبسّم ، يفترّ عن مِثل حبّ الغمام – يعني بذلك بياض أسنانه - " ، وعلى ضوئه يمكن فهم قول جابر بن سمرة رضي الله عنه : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طويل الصمت قليل الضحك " .
يقول الإمام ابن حجر تعليقاً على ذلك : " والذي يظهر من مجموع الأحاديث أنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يزيد في معظم أحواله عن التبسّم ، وربما زاد على ذلك فضحك ؛ والمكروه في ذلك إنما هو الإكثار من الضحك أو الإفراط ؛ لأنه يُذهب الوقار " .
وكتب السير مليئة بالمواقف التي ذُكرت فيها طلاقة وجه النبي – صلى الله عليه وسلم - ، فتراه يخاطب من حوله فيبتسم ، أو يُفتي الناس فيضحك ، أو تمرّ به الأحداث المختلفة فيُقابلها بإشراقة نفسٍ وبشاشة روح .
فمن ذلك ما رواه الإمام البخاري و مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم جمعة ، فقام الناس فصاحوا وقالوا : يا رسول الله قحط المطر ، واحمرّت الشجر ، وهلكت البهائم ، فادع الله أن يسقينا ، فقال : ( اللهم اسقنا ) مرتين ، فنشأت سحابة وأمطرت ، ونزل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المنبر فصلى ، فلما انصرف لم تزل تمطر إلى الجمعة التي تليها ، فلما قام النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب صاحوا إليه : تهدمت البيوت ، وانقطعت السبل ، فادع الله يحبسها عنا ، فتبسّم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال : ( اللهم حوالينا ولا علينا ) ، فما يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلا انفرجت ، فجعلت تمطر حول المدينة ولا تمطر بالمدينة معجزةً لنبيه - صلى الله عليه وسلم - وإجابةً لدعوته .
وكذلك ما رواه الإمام أحمد أن صهيب بن سنان رضي الله عنه قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين يديه تمر وخبز ، فقال له : ( ادن فكل ) ، فأخذ يأكل من التمر ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إن بعينك رمدا ) ، فقال : يا رسول الله ، إنما آكل من الناحية الأخرى ، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم .
وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : " وقع عليّ من الهمّ ما لم يقع على أحد ، فبينما أنا أسير مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفرٍ قد خفقت برأسي من الهمّ ، إذ أتاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعرك أذني وضحك في وجهي ، فما كان يسرني أن لي بها الخلد في الدنيا " رواه الترمذي .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : " خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره ، وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدُن ، فقال للناس : ( تقدموا ) ، فتقدموا ، ثم قال لي : ( تعالي حتى أسابقك ) ، فسابقته فسبقته ، فسكت عني ، حتى إذا حملت اللحم وبدنتُ ونسيتُ خرجت معه في بعض أسفاره ، فقال للناس : ( تقدموا ) ، فتقدموا ، ثم قال : ( تعالي حتى أسابقك) ، فسابقته فسبقني ، فجعل يضحك وهو يقول : ( هذه بتلك ) رواه أحمد .
وعن أبي هريرة قال : " جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، رأيت في المنام كأن رأسي قُطع ، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم – وقال : ( إذا لعب الشيطان بأحدكم في منامه فلا يحدث به الناس ) " ، رواه مسلم .
وتُشير بعض الأحاديث أن النبي – صلى الله عليه وسلم – تبسّم عندما جاءت إليه امرأة رفاعة القرظي وقالت : " إني كنت عند رفاعة فطلّقني فبتّ طلاقي ، فتزوجتُ عبد الرحمن بن الزبير " ، فقال لها : ( أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ؟ ، لا ، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك ) متفق عليه .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : " أصبحت أنا وحفصة صائمتين ، فأهدي لنا طعام فأكلنا منه ، ودخل علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - فابتدرتني حفصة فقالت : " يا رسول الله ، أصبحنا صائمتين ، فأهدي لنا طعام فأكلنا منه " ، فتبسّم النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال : ( صوما يوما مكانه ) رواه البيهقي .
ومن هذا الباب أيضاً حديث أبي هريرة رضي الله عنه : " بينما نحن جلوس عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه رجل فقال : يا رسول الله هلكتُ ، فقال له : ( ما لك ؟) ، قال : وقعت على امرأتي وأنا صائم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( هل تجد رقبة تعتقها ؟) ، قال : لا ، قال : ( فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟) ، قال : لا ، فقال : ( فهل تجد إطعام ستين مسكينا ؟) ، قال : لا ، فمكث النبي - صلى الله عليه وسلم – حتى أُتي بتمر فقال : ( أين السائل ؟) ، فقال : أنا ، قال : ( خذ هذا فتصدق به ) ، فقال الرجل : أعلى أفقر مني يا رسول الله ؟ فوالله ما بين لابتيها – أي المدينة - أهل بيت أفقر من أهل بيتي ، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت أنيابه ، ثم قال : ( أطعمه أهلك ) متفق عليه .
وأحيانا كان النبي – صلى الله عليه وسلم يروي أخبارا فيبتسم عند ذكرها أو يضحك عند روايتها ، كضحكه – صلى الله عليه وسلم – عند ذكره بشارة الله عزوجل له بركوب أناس من أمته للبحر غازين في سبيل الله ، وعند ذكر حال آخِر من يدخل الجنة من أهل الدنيا ، و عند سماعه لقول أحد الأحبار في وصف عظمة الله عزوجل ، وفي قصّة الرجل الذي استأذن ربّه أن يزرع في الجنّة ، إلى غير تلك الروايات .
وأخيرا : فالابتسامة هي أسرع وسيلة للوصول إلى قلوب الخلق وتوصيل الحق ، وحسبنا وصية رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لأمته : ( تبسّمك في وجه أخيك صدقة ) رواه ابن حبّان .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مصطفى ابراهيم الشافعى
عضو / ة
عضو / ة
مصطفى ابراهيم الشافعى


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 797
نقاط : 1473
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 28

شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم   شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Icon_minitime1الخميس 09 أغسطس 2012, 3:08 am

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الغضب

على الرغم من كون النبي – صلى الله عليه وسلم – نبياً من الأنبياء يتلقّى الوحي من السماء، غير أن المشاعر الإنسانية المختلفة تنتابه كغيره من البشر، فتمرّ به حالات من الفرح والسرور،..


على الرغم من كون النبي – صلى الله عليه وسلم – نبياً من الأنبياء يتلقّى الوحي من السماء، غير أن المشاعر الإنسانية المختلفة تنتابه كغيره من البشر، فتمرّ به حالات من الفرح والسرور، والحزن والضيق، والرضا والسكينة، والغضب والغيظ .
وتبرز قيمة العنصر الأخلاقي في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم – في وضع هذه الانفعالات المتباينة في إطارها الشرعي، حيث هذّبها وصانها عن الإفراط والمغالاة، والتفريط والمجافاة، بل أضاف لها بُعدا جديداً حينما ربطها بقضيّة الثواب والاحتساب، وكان شعاره – عليه الصلاة والسلام – في ذلك : ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) رواه البيهقي .
فالغضب وإن كانت حقيقته جمرة تشعل النيران في القلب فتدفع صاحبها إلى قول ما يندم عليه، أو فعل ما لا تُحمد عقباه، أو كان دافعه الانتصار للنفس أو العصبية والحميّة للآخرين، فهو عند النبي – صلى الله عليه وسلم – قولٌ بالحق، وغيرةٌ على محارم الله، لا اعتداء فيه ولا غلوّ، ودافعه دوماً إنكار لمنكر أو عتابٌ على ترك الأفضل .
ويؤكد المعنى السابق ما ذكرته عائشة رضي الله عنها من حال النبي – صلى الله عليه وسلم -، حين قالت : ( ما ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا قط بيده ولا امرأة ولا خادما، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله، فينتقم لله عز وجل ) رواه مسلم .
ومواقف النبي – صلى الله عليه وسلم – مع الغضب تكشف لنا عن دقّة وصف عائشة رضي الله عنها ، فمن ذلك موقفه – صلى الله عليه وسلم – مع أسامة بن زيد رضي الله عنه حين بعثه في سريّة، فقام بقتل رجلٍ بعد أن نطق بالشهادة وكان يظنّ أنه إنما قالها خوفاً من القتل، فبلغ ذلك النبي – صلى الله عليه وسلم – فغضب غضباً شديداً، وقال له : ( أقال لا إله إلا الله وقتلته ؟ أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا ) حتى قال أسامة رضي الله عنه : " فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ " رواه مسلم .
وفي موقفٍ آخر رأى النبي - صلى الله عليه وسلم – رجلاً يلبس خاتماً من الذهب، فغضب ونزع الخاتم من يد الرجل وطرحه في الأرض وقال : ( يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده ) رواه مسلم .
وعندما حاول أسامة بن زيد رضي الله عنهما الشفاعة في المرأة المخزومية التي سرقت، غضب حتى عُرف ذلك في وجهه، وقال لأسامة : ( أتشفع في حد من حدود الله ) ثم قام فخطب في الناس قائلاً : ( إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) متفق عليه .
وفي أحد أسواق المدينة وقع خلافٌ بين صحابي وأحد تجّار اليهود، فقال اليهوديّ : " والذي اصطفى موسى على البشر "، فلطمه رجل من الأنصار وقال له : " تقول والذي اصطفى موسى على البشر والنبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا ؟ "، فذهب اليهودي إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – يشتكي ما أصابه، فغضب عليه الصلاة والسلام وقال : ( لا تفضلوا بين أنبياء الله ) متفق عليه .
ونقلت لنا أمهات المؤمنين مواقف من غضبه لله، وغيرته على محارمه، ومن ذلك قول عائشة رضي الله عنها : " دخل عليّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي البيت قرام - وهو الستر الرقيق - فيه صور، فتلوّن وجهه عليه الصلاة والسلام، ثم تناول الستر فهتكه وقال : ( من أشد الناس عذابا يوم القيامة، الذين يصوّرون هذه الصور ) " رواه البخاري .
وخرج - صلى الله عليه وسلم – ذات يومٍ على بعض أصحابه وهم يتنازعون في القدر، فغضب حتى احمرّ وجهه كأنما فقئ في وجنتيه الرمان، فقال : ( أبهذا أمرتم ؟ أم بهذا أرسلت إليكم ؟ إنما هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر ) " .
وغضب عليه الصلاة والسلام من تكلّف الناس في السؤال عن الأمور الدقيقة فيكون سؤالهم سبباً في التشديد عليهم، وكذلك من سؤالهم عما لا يُفيد، فقد روى البخاري عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : " سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أشياء كرهها، فلما أُكثر عليه غضب، ثم قال للناس ( سلوني عما شئتم ) ، فقال رجل : من أبي ؟، قال ( أبوك حذافة ) ، فقام آخر فقال : من أبي يا رسول الله ؟، فقال : ( أبوك سالم مولى شيبة ) ، فلما رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما في وجهه قال : يا رسول الله، إنا نتوب إلى الله عز وجل " .
وشكا إليه رجلٌ من إطالة الإمام في صلاته ومشقته على المصلّين، فغضب - صلى الله عليه وسلم – حتى قال أبو مسعود : " ما رأيته غضب في موضع كان أشد غضبا منه يومئذ "، ثم قال : ( يا أيها الناس، إن منكم منفّرين، فمن أمّ الناس فليتجوّز، فإن خلفه الضعيف والكبير وذا الحاجة ) متفق عليه .
وثمة مواقف أخرى تشير إلى أن غضبه عليه الصلاة والسلام لم يكن مقصوراً على ارتكاب المخالفات الشرعية، بل كان يغضب لمجرّد تقاعس الناس عن الخير أو تركهم لما هو أولى، ويشهد لذلك ما رواه الإمام أحمد عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال : " خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحثنا على الصدقة، فأبطأ الناس، حتى رؤى في وجهه الغضب " .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا شتم أبا بكر رضي الله عنه والنبي - صلى الله عليه وسلم - جالس، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يعجب ويتبسّم، فلما أكثر الرجل رد عليه أبو بكر ، فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - وقام من مجلسه، فلحقه أبو بكر فقال : " يا رسول الله، كان يشتمني وأنت جالس، فلما رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت ؟ "، فقال له : ( إنه كان معك ملك يرد عنك، فلما رددت عليه بعض قوله وقع الشيطان، فلم أكن لأقعد مع الشيطان ) رواه أحمد .
وبذلك يظهر جليّاً أن غضب النبي – صلى الله عليه وسلم – كان لوجه الله تعالى، لا انتصار فيه للنفس، ولا مدخل فيه للهوى، وهذا هو المعيار الحقيقي للوصول إلى رضا الله عزوجل .


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مصطفى ابراهيم الشافعى
عضو / ة
عضو / ة
مصطفى ابراهيم الشافعى


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 797
نقاط : 1473
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 28

شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم   شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Icon_minitime1الخميس 09 أغسطس 2012, 3:09 am

صور من شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم

الشجاعة من أكرم الخصال التي يتصف بها الرجال، فهي عنوان القوة، وعليها مدار إعزاز الأمة، والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، فالشجاعة صفة لا يتحلى بها إلا الأقوياء..

الشجاعة من أكرم الخصال التي يتصف بها الرجال، فهي عنوان القوة، وعليها مدار إعزاز الأمة، والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، فالشجاعة صفة لا يتحلى بها إلا الأقوياء الذين لا يأبهون الخوف، ولا يجعلون الخور والضعف ديدنهم .
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشجع الناس، فقد فرت منه جيوش الأعداء وقادة الكفر في كثير من المواجهات الحاسمة، بل كان يتصدر صلى الله عليه وسلم المواقف والمصاعب بقلب ثابت وإيمان راسخ، ويؤكد أنس بن مالك رضي الله عنه ذلك بما حصل لأهل المدينة يوماً، حينما فزعوا من صوت عالٍ، فأراد الناس أن يعرفوا سبب الصوت، وبينما هم كذلك إذ أقبل عليهم النبي صلى الله عليه وسلم على فرس، رافعاً سيفه قائلاً لهم: ( لم تراعوا لم تراعوا ) ، أي (لا تخافوا ولا تفزعوا) رواه البخاري و مسلم ، فهذا الموقف يبين شجاعته صلى الله عليه وسلم، حيث خرج قبل الناس لمعرفة الأمر، وليطمئنهم ويهدأ من روعهم.
ويؤيد ما سبق موقفه صلى الله عليه وسلم حين تآمر كفار قريش على قتله، وأعدوا القوة والرجال لذلك، حتى أحاط بمنزله قرابة الخمسين رجلاً، فثبت عندها رسول الله، ولم يُصبهُ الخوف، بل نام ولم يهتم بشأنهم، ثم خرج عليهم في منتصف الليل بشجاعة وقوة، حاثياً التراب على وجوههم، ماضياً في طريقه، مخلفاً علياً مكانه.
ويجلس صلى الله عليه وسلم في الغار مع سيدنا أبي بكر ، والمشركون حول الغار، وهو يقول لأ بي بكر بشجاعة الواثق بحفظ الله: ( لا تحزن إن الله معنا ) .
وصارع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات مرة ركانه المعروف بقوته وشدته في القتال، فصرعه رسول الله وغلبه، فأي شجاعة وقوة كان يمتلكها عليه الصلاة والسلام.
وذات مرة استظل عليه الصلاة والسلام تحت ظل شجرة لينام القائلة، وكان متعباً من أثر إحدى الغزوات، وقد علق سيفه على غصن الشجرة، وبينما هو كذلك إذ أقبل عليه أحد المشركين، آخذاً بسيف رسول الله، قائلاً له: من يمنعك مني؟ فأجاب رسول الله إجابة الأبطال، من غير تخوف: الله! ثم قام وأخذ رسول الله السيف بشجاعة وقوة، وقال للمشرك من يمنعك مني؟ فأجاب قائلاً لرسول الله: كن خير آخذ .
وأما عن شجاعته وإقدامه في الغزوات والحروب، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم، إذا حمي الوطيس واشتد البأس يحتمون برسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول علي رضي الله عنه: " كنا إذا احمر البأس ولقي القوم القوم، اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فما يكون منا أحد أدنى من القوم منه " رواه أحمد .
ولما أصاب الصحابة يوم حنين من الأذى والهزيمة ما أصابهم، فر بعضهم من أرض المعركة، أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يفر، فلقد كان على بغلته و أبو سفيان بن الحارث آخذ بلجامها والنبي صلى الله عليه وسلم يقول بصوت عالٍ: ( أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب ) رواه البخاري و مسلم .
وفي يوم أحد، يوم أن خالف الرماة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيطر المشركون على زمام المعركة، لم يتزحزح النبي صلى الله عليه وسلم من موقفه، بل وقف موقف القائد القوي الشجاع، والصحابة من حوله يتساقطون، وحوصر صلى الله عليه وسلم من قبل المشركين، ولم يكن حوله إلا القلة من الصحابة يدافعون عنه، وبرز منهم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، حينما دعاه رسول الله فناوله النبال وقال له: ( ارم يا سعد، فداك أبي وأمي ) رواه البخاري .
ثم إن قوة النبي صلى الله عليه وسلم وشجاعته، لم تكن في غير محلها، فهذه عائشة رضي الله عنها تقول: ( ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده شيئا قط، ولا امرأة ولا خادما، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل) رواه مسلم .
لقد كانت مواقف النبي صلى الله عليه وسلم مضرب المثل، ومحط النظر، فهو شجاع في موطن الشجاعة، قوي في موطن القوة، رحيم رفيق في موطن الرفق، فصلوات ربي وسلامه عليه.
وأخيراً نقول، يكفي المؤمن الشجاع شرفا أن الله يحبه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( المؤمن القوي خير وأحب إلي الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير ) رواه مسلم ، ويكفي الجبان مذمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان كثيراً ما يتعوذ من هذه الصفة، فقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم دعوات لا يَدَعْهن ومنها: ( اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وغلبة الرجال ) رواه البخاري .



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مصطفى ابراهيم الشافعى
عضو / ة
عضو / ة
مصطفى ابراهيم الشافعى


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 797
نقاط : 1473
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 28

شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم   شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Icon_minitime1الخميس 09 أغسطس 2012, 3:09 am

تواضع النبي صلى الله عليه وسلم

وصف الله سبحانه رسوله الكريم بأعلى الأوصاف، وأكمل الصفات، وذكر ذلك في القرآن، فقال: { وإنك لعلى خلق عظيم} (القلم:4) وكفى بشهادة القرآن شهادة . وكان خلق التواضع..


وصف الله سبحانه رسوله الكريم بأعلى الأوصاف، وأكمل الصفات، وذكر ذلك في القرآن، فقال: { وإنك لعلى خلق عظيم } (القلم:4) وكفى بشهادة القرآن شهادة .
وكان خلق التواضع من الأخلاق التي اتصف بها صلى الله عليه وسلم، فكان خافض الجناح للكبير والصغير، والقريب والبعيد، والأهل والأصحاب، والرجل والمرأة، والصبي والصغير، والعبد والجارية، والمسلم وغير المسلم، فالكل في نظره سواء، لا فضل لأحد على آخر إلا بالعمل الصالح .
وأبلغ ما تتجلى صور تواضعه صلى الله عليه وسلم عند حديثه عن تحديد رسالته وتعيين غايته في هذه الحياة؛ فرسالته ليست رسالة دنيوية، تطلب ملكًا، أو تبتغي حُكمًا، أو تلهث وراء منصب، بل رسالة نبوية أخروية، منطلقها الأول والأخير رضا الله سبحانه، وغايتها إبلاغ الناس رسالة الإسلام. فقد كان صلى الله عليه وسلم كثير القول: ( إنما أنا عبد الله ورسوله )، فهو قبل كل شيء وبعد كل شيء عبد لله، مقر له بهذه العبودية، خاضع له في كل ما يأمر به وينهى عنه؛ ثم هو بعد ذلك رسول الله إلى الناس أجمعين .
ولأجل هذا المعنى، كان صلى الله عليه وسلم ينهى أصحابه عن مدحه ورفعه إلى مكانة غير المكانة التي وضعه الله فيها؛ وعندما سمع بعض أصحابه يناديه قائلاً: يا محمد ! يا سيدنا ! وابن سيدنا ! وخيرنا ! وابن خيرنا ! نهاه عن هذا القول، وعلمه ماذا يقول، وقال: ( أنا محمد بن عبد الله، عبد الله ورسوله، والله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل ) رواه أحمد و النسائي .
والذي يوضح هذا الجانب من تواضعه، ما أخبر به صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، بقوله: ( يا عائشة ! لو شئت لسارت معي جبال الذهب، جاءني مَلَك، فقال: إن ربك يقرأ عليك السلام، ويقول لك: إن شئت نبيًا عبدًا، وإن شئت نبيًا ملكًا، قال: فنظرت إلى جبريل، قال: فأشار إلي، أن ضع نفسك، قال: فقلت: نبيًا عبدًا ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك لا يأكل متكئًا، يقول: آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد ) رواه الطبراني وغيره. فهو صلى الله عليه وسلم لم يرض لنفسه أن يتصف بغير الوصف الذي وصفه الله به، وهو وصف العبودية، وأنه رسول مبلغ عن الله، وليس له غاية غير ذلك مما يتطلع إليه الناس، ويتسابقون إليه .
وكما وضَّح صلى الله عليه وسلم غايته في هذه الحياة ورسالته، فهو أيضًا قد وضح مكانته بين الأنبياء ومنزلته بين الرسل، فكان من تواضعه صلى الله عليه وسلم أنه لم يقبل من أحد أن يفضله على أحد من الأنبياء، مع أن القران قد أثبت التفضيل بين الأنبياء والرسل في قوله تعالى: { تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض } (البقرة:253) وما ذلك إلا لتواضعه صلى الله عليه وسلم .
وقد ثبت أن رجلاً من المسلمين ورجلاً من اليهود سب كل واحد منهما الآخر، فقال المسلم لليهودي: والذي اصطفى محمدًا على العالمين، فقال اليهودي: والذي اصطفى موسى على العالمين، فرفع المسلم يده عند ذلك وضرب اليهودي على وجهه، فذهب اليهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما حدث، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم المسلم، فسأله عن ذلك، فأخبره بالذي جرى، فطلب النبي صلى الله عليه وسلم من صحابته ألا يفضلوه على أحد من الأنبياء، وأخبرهم عن منـزلة موسى عليه السلام، وأنه يوم القيامة يكون مع النبي ومن أول الذين تنشق عنهم الأرض يوم القيامة. والحديث في الصحيحين .
وفي الجانب المقابل، يظهر تواضعه صلى الله عليه وسلم في علاقاته الأسرية مع أهله، وكذلك في علاقاته الاجتماعية مع الناس من حوله؛ أما عن تواضعه مع أسرته، فخير من يحدثنا عن هذا الجانب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، تقول وقد سألها سائل: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته ؟ قالت: ( يكون في خدمة أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة ) وفي رواية عند الترمذي قالت: ( كان بشرًا من البشر، ينظف ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه ). فهو صلى الله عليه وسلم يقوم بتنظيف حاجاته بنفسه، ويشارك أهله في أعمال بيته، ويجلب حاجاته من السوق بنفسه مع أنه صلى الله عليه وسلم خير الخلق أجمعين .
وأما تواضعه صلى الله عليه وسلم مع أصحابه ومن حوله، فحدث عنه ولا حرج. ويكفي أن تعلم في هذا المقام أنه صلى الله عليه وسلم كان يركب الحمار، وهي وسيلة نقل عادية في ذلك الزمان، ليس هذا فحسب، بل كان يحمل خلفه على دابته، من كان لا يملك وسيلة نقل تنقله .
ومن مظاهر تواضعه صلى الله عليه وسلم، أنه لم يكن يرضى من أحد أن يقوم له تعظيمًا لشخصه، بل كان ينهى أصحابه عن فعل ذلك؛ حتى إن الصحابة رضوان الله عنهم، مع شدة حبهم له، لم يكونوا يقومون له إذا رأوه قادمًا، وما ذلك إلا لعلمهم أنه كان يكره ذلك .
ولم يكن تواضعه عليه الصلاة والسلام صفة له مع صحابته فحسب، بل كان ذلك خُلُقًا أصيلاً، تجلى مع الناس جميعًا. يبين هذا أنه لما جاءه عدي بن حاتم يريد معرفة حقيقة دعوته، دعاه صلى الله عليه وسلم إلى بيته، فألقت إليه الجارية وسادة يجلس عليها، فجعل الوسادة بينه وبين عدي ، وجلس على الأرض. قال عدي : فعرفت أنه ليس بملك .
وكان من تواضعه صلى الله عليه وسلم، أنه كان يجلس مع أصحابه كواحد منهم، ولم يكن يجلس مجلسًا يميزه عمن حوله، حتى إن الغريب الذي لا يعرفه، إذا دخل مجلسًا هو فيه، لم يستطع أن يفرق بينه وبين أصحابه، فكان يسأل: أيكم محمد ؟ .
ويدل على تواضعه صلى الله عليه وسلم، أنه لم يكن يرد أي هدية تقدم إليه، مهما قلَّ شأنها، ومهما كانت قيمتها، ولم يكن يتكبر على أي طعام يدعى إليه مهما كان بسيطًا، بل يقبل هذا وذاك بكل تواضع، ورحابة صدر، وطلاقة وجه .
ومن أبرز مظاهر تواضعه صلى الله عليه وسلم ما نجده في تعامله مع الضعاف من الناس وأصحاب الحاجات؛ كالنساء، والصبيان. فلم يكن يرى عيبًا في نفسه أن يمشي مع العبد، والأرملة، والمسكين، يواسيهم ويساعدهم في قضاء حوائجهم. بل فوق هذا، كان عليه الصلاة والسلام إذا مر على الصبيان والصغار سلم عليهم، وداعبهم بكلمة طيبة، أو لاطفهم بلمسة حانية .
ومن صور تواضعه في علاقاته الاجتماعية، أنه صلى الله عليه وسلم، كان إذا سار مع جماعة من أصحابه، سار خلفهم، حتى لا يتأخر عنه أحد، ولكي يكون الجميع تحت نظره ورعايته، فيحمل الضعيف على دابته، ويساعد صاحب الحاجة في قضاء حاجته .
تلك صور من تواضعه عليه الصلاة والسلام، وأين هي مما يصوره به اليوم أعداؤه، والمبغضون لهديه، والحاقدون على شريعته؛ ثم أين نحن المسلمين من التخلق بخلق التواضع، الذي جسده نبينا صلى الله عليه وسلم في حياته خير تجسيد، وقام به خير قيام ؟!



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مصطفى ابراهيم الشافعى
عضو / ة
عضو / ة
مصطفى ابراهيم الشافعى


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 797
نقاط : 1473
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 28

شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم   شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Icon_minitime1الخميس 09 أغسطس 2012, 3:10 am

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في خُطبته

اختص النبي صلى الله عليه وسلم بجوامع الكلم، وتلألأت من ثنايا كلامه بدائع الحكم، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: ( بعثت بجوامع الكلم )، فكانت أحاديثه وخطبه تمتاز بسهولة الألفاظ،..

اختص النبي صلى الله عليه وسلم بجوامع الكلم، وتلألأت من ثنايا كلامه بدائع الحكم، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: ( بعثت بجوامع الكلم ) ، فكانت أحاديثه وخطبه تمتاز بسهولة الألفاظ، وجودة الأسلوب، وكانت تتفرد بالعبارات القليلة، التي تجمع المعاني العظيمة، بعيدة عن التكلف في الألفاظ، أو الإطناب في العبارات، وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُحَدِّث حديثاً لو عدَّه العادُّ لأحصاه " رواه البخاري .
وبتتبع منهجه صلوات الله وسلامه عليه في خطبه، نجد أن خطبه كانت تتسم بالقصر دون الطول، بل كان صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة، واقصروا الخطبة ) رواه مسلم . فقصر الخطبة علامة على فقه الرجل لكونه مطلعاً على جوامع الألفاظ، فيعبر باللفظ الموجز البليغ عن الألفاظ الكثيرة، فهدي النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك هو الاعتدال في خطبته بين التطويل الممل والتقصير المخل، وفي هذا يقول جابر بن سمرة رضي الله عنه: ( كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قصداً، وخطبته قصداً، يقرأ آيات من القرآن ويذكر الناس ) رواه أبو داوود ، ومعنى (قصداً): أي متوسطة بين الطول والقصر.
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم في إلقاء الخطبة، أنه إذا اعتلا المنبر استقبل الناس وسلم عليهم، ثم يجلس، وبعد أذان بلال ، يقوم ويفتتح خطبته بالحمد والثناء على الله سبحانه والتشهد، ثم يذكر الناس بنعم الله عليهم، ويصف جابر رضي الله عنه حال النبي أثناء الخطبة قائلاً: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم، ويقول أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة ) رواه مسلم .
وكان ينتقي في خطبه جوامع الكلم، فيعلم أصحابه قواعد الإسلام وشرائعه العظام، وكان يوصيهم بما يقربهم إلى الله سبحانه وتعالى وإلى ما أعده لهم من النعيم المقيم في جنته، وينهاهم عما يقربهم من سخطه وناره.
وكانت خطبه عليه الصلاة والسلام لا تخلو من الآيات القرآنية، فصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ على المنبر {ونادوا يا مالك} (سورة الزخرف:77)، رواه البخاري ، وكان دائماً يضمن خطبه آيات التقوى، وصح عنه أنه كان يخطب بالقرآن حتى قرأ ذات مرة سورة ق كاملة على المنبر.
وكان صلى الله عليه وسلم يخطب في كل وقت بما تقتضيه حاجة المخاطبين ومصلحتهم، فعن عمرو بن أخطب قال: " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، الفجر وصعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر، فنزل فصلى، ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت العصر، ثم نزل فصلى، ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غربت الشمس، فأخبرنا بما كان وبما هو كائن، فأعلمنا أحفظنا " رواه مسلم .
وكان صلى الله عليه وسلم يراعي أحوال الناس في خطبته، فتارة يقصر في الخطبة وهو الغالب، وتارة أخرى يطيل الخطبة عند حاجة الناس، كما ورد عنه ذلك في خطبة الوادع، حيث أطال فيها لما كان فيه من المصلحة، واجتماع الناس وتلقيهم.
وكان من كمال هديه صلى الله عليه وسلم أثناء الخطبة، أنه ربما قطعها لحاجة، كإرشاد لأمر معين، أو توجيه أو نصح لمخالف، فقطع خطبته ذات مرة تنبيهاً على ضرورة صلاة ركعتين فعن جابر رضي الله عنه قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، إذ جاء رجل فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ( أصليت يا فلان؟ ) قال: لا، قال: ( قم فاركع ركعتين) رواه البخاري و مسلم ، وربما قطع خطبته رعاية لشعور الأطفال كما حصل له صلى الله عليه وسلم حينما نزل من المنبر ليحمل الحسن والحسين.
ثم إن من هديه صلى الله عليه وسلم في خطبه أنه كان يخطب بخطبتين يجلس بينهما، ولا يتكلم في هذا الجلوس، فعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائماً، ثم يقعد قعدة لا يتكلم، ثم يقوم فيخطب خطبة أخرى ) رواه النسائي .
وكان إذا انتهى من الخطبة دعا للمؤمنين والمؤمنات بالمغفرة والرحمة، ثم ينهي خطبته بالاستغفار.
وكان من هديه عليه الصلاة والسلام في ذلك أنه يقرأ في صلاة الجمعة بسورة الأعلى والغاشية، وتارة يقرأ بسورة الجمعة والمنافقون.
ومما يلحق بهذا الشأن أنه عليه الصلاة والسلام كان لا يقتصر على إلقاء الخطبة في يوم الجمعة، بل كانت له خطب في يومي العيدين والاستسقاء، وربما خطب الناس في غير تلك المواطن بحسب الحاجة والمصلحة، والله أعلم .


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مصطفى ابراهيم الشافعى
عضو / ة
عضو / ة
مصطفى ابراهيم الشافعى


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 797
نقاط : 1473
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 28

شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم   شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Icon_minitime1الخميس 09 أغسطس 2012, 3:11 am

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في نكاحه

حثَّ الشارع الحكيم على الزواج، ورغب فيه، وذلك لما فيه من مقاصد عظيمة، وحكم جليلة من غض البصر، وحفظ الفرج، والحفاظ على الأنساب، وطلب الذرية الصالحة، وتحقيق السكن الروحي والنفسي..


حثَّ الشارع الحكيم على الزواج، ورغب فيه، وذلك لما فيه من مقاصد عظيمة، وحكم جليلة من غض البصر، وحفظ الفرج، والحفاظ على الأنساب، وطلب الذرية الصالحة، وتحقيق السكن الروحي والنفسي بين الزوجين، وإعفاف النفس عن ما حرم الله، وتقوية الود والتعاون بين الأسر، وحماية المجتمع من خطر تفشي الرذيلة والفاحشة.
ولذا جاء الأمر في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بالنكاح، فقال تعالى: { وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم } (النور:32) وقال صلى الله عليه وسلم: ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ) رواه البخاري و مسلم ، وقد بينت لنا نصوص السنة هدي النبي صلى الله عليه وسلم في نكاحه :-
فقد أرشدنا رسولنا صلوات ربي وسلامه عليه إلى تأسيس الحياة الزوجية وفق معايير وأسس معينة، تعيين على تحقيق استمرارية الزواج، فمن ذلك حثه صلى الله عليه وسلم على اختيار المرأة الصالحة ذات الدين التي تطيع زوجها إذا أمر، وتسره إذا نظر، فقال: ( الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة ) رواه مسلم ، وقال: ( تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك ) رواه البخاري وعلق الغزالي رحمه الله على هذا الحديث قائلاً: " وليس أمره صلى الله عليه وسلم بمراعاة الدين نهياً عن مراعاة الجمال، ولا أمراً بالإضراب عنه، وإنما هو نهي عن مراعاته مجرداً عن الدين، فإن الجمال في غالب الأمر يرغب الجاهل في النكاح دون الالتفات إلى الدين، فوقع في النهي عن هذا ".
ويأتي بعد ذلك الأساس خطوة هامة في تأسيس لبنة الأسرة وهي النظر إلى المرأة المخطوبة، فقد كان صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بالنظر إلى المرأة بعد الخطبة، حرصاً على تحقيق استمرارية الحياة الزوجية، فقد جاءه المغيرة بن شعبة رضي الله عنه حينما أراد أن يتزوج، فأوصاه رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا له: ( اذهب فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما ) رواه الترمذي ، ومعنى (يؤدم): أي يحصل التآلف والمحبة والاتفاق بينكما، فهذا الحديث يدل على مشروعية النظر إلى المرأة بقصد النكاح، لا بقصد التلذذ بالنظر، فإن ذلك أمر محرم.
ومن هديه القويم في شأن النكاح، أنه صلى الله عليه وسلم كان أحسن الخلَق معاملة وعِشرة لأهله، وكان يقول: ( خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي ) رواه ابن ماجه ، فكان عليه الصلاة والسلام يسابق عائشة، إدخالاً للسرور على قلبها، ويناديها بيا عائشُ إيناساً لها وتلطفاً معها، وكان يؤانسها بالحديث ويروي لها بعض القصص، ويستمع لها عند الحديث معها، وكان يرخي لها كتفيه لتلتصق به وتنظر إلى لعب الحبشة حتى ترفه عن نفسها، وكان يطعمها ويسقيها بيديه الشريفتين، وكان يحرص على الشرب من الموضع التي شربت منه، فهذه النماذج من حسن عشرته لأهله، أدت إلى المودة والرحمة وتآلف القلوب بينهما.
وبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أموراً يراعيها الزوج عند الدخول على زوجته في أول ليلة فمن تلك الأمور تقديم الطعام والشراب لها، ومن ذلك أن يضع الزوج يده على رأس زوجته قائلاً: ( اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه ) رواه أبو داوود .
وكان صلى الله عليه وسلم يتطيب ويتزين إذا أراد أن يأتي أهله، وكان يقول:- ( بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ) رواه البخاري .
وكان صلى الله عليه وسلم يحرم إتيان المرأة في الحيض أو في النفاس، كما ورد ذلك في القرآن الكريم، وكان يقول:- ( اصنعوا كل شيء إلا النكاح ) رواه مسلم ، والمقصود بذلك حال حيض المرأة، فشرع التمتع بما دون الفرج.
ومما نهى عنه صلى الله عليه وسلم إتيان المرأة في الدبر، كما قال تعالى: { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } (البقرة:223)، ومن المعلوم أن موضع الحرث هو القبل، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( ملعون من أتى امرأة في دبرها ) رواه أبو داوود .
ونهى صلى الله عليه وسلم عن امتناع الزوجة عن فراش زوجها، وورد الوعيد الشديد في شأن من تفعل ذلك، فقال صلى الله عليه سلم: ( إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح ) رواه البخاري و مسلم .
ومما يحسن ذكره في هذا السياق، بيان هديه صلى الله عليه وسلم مع زوجاته وعدله بينهن وحسن عشرتهن، فمن كمال عدله مع زوجاته، أنه كان يعدل بينهن في المبيت والقسمة والنفقة، فيقول صلى الله عليه وسلم: ( اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك ) رواه أبو داود . يعني بذلك المحبة.
ومن هديه صلى الله عليه وسلم في ذلك أنه كان يشاور زوجاته في بعض الأمور مثلما شاور أم سلمة في صلح الحديبية.
وكان صلى الله عليه وسلم يراعي شعور زوجاته، حتى إذا أراد السفر أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه، وفي مرض موته استأذن زوجاته أن يكون في بيت عائشة فأذِنَّ له.
وختاماً: على الزوجين أن يحرص كل واحد منهما على اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في شؤون الحياة الزوجية، فإن ذلك أدوم لحسن العشرة والمعاملة، وأدعى لتمام الألفة بينهما، وصدق الله تعالى إذ يقول: { وعاشروهن بالمعروف } (النساء : 19).

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مصطفى ابراهيم الشافعى
عضو / ة
عضو / ة
مصطفى ابراهيم الشافعى


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 797
نقاط : 1473
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 28

شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم   شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Icon_minitime1الخميس 09 أغسطس 2012, 3:11 am

صور من حلمه صلى الله عليه وسلم

امتدح الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم على أخلاقه كلها ، ومنها خلق الحلم ، تلك الصفة التي تحلى بها نبينا عليه السلام لتكون شامة في أخلاقه، فلقد نال رسول..


امتدح الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم على أخلاقه كلها ، ومنها خلق الحلم ، تلك الصفة التي تحلى بها نبينا عليه السلام لتكون شامة في أخلاقه، فلقد نال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - الشتائم والسِبابَ من كافة طبقات المجتمع، فقد هجاه الشعراء، وسخر منه سادة قريش ، ونال منه السفهاء بالضرب بالحجارة، وقالوا عنه ساحر ومجنون وغير ذلك من صور الأذى التي كان يتلاقها رسول الله بسعة صدر وعفو وحلم وتسامح ودعاء لمن آذاه بالمغفرة والرحمة، ولقد صدق الله إذ يقول: { وإنك لعلى خلق عظيم } (القلم:4) وقال تعالى: { فبما رحمة من اللَّه لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك } (آل عمران:159).
وإن استقراء صور العفو والحلم في سيرته صلى الله عليه وسلم أمر يطول فنكتفي بذكر بعض تلك الصور من حياته :-
1- فعندما خرج صلى الله عليه وسلم إلى قبيلة ثقيف طلباً للحماية مما ناله من أذى قومه ، لم يجد عندهم من الإجابة ما تأمل ، بل قابله ساداتها بقبيح القول والأذى ، وقابله الأطفال برمي الحجارة عليه، فأصاب النبي صلى الله عليه وسلم من الهم والحزن ومن التعب الشديد ما جعله يسقط على وجهه الشريف، ولم يفق إلا و جبريل رضي الله عنه قائماًعنده يخبره بأن الله بعث ملك الجبال برسالة يقول فيها: إن شئت يا محمد أن أطبق عليهم الأخشبين، فأتى الجواب منه عليه السلام بالعفو عنهم قائلاً: ( أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا ) رواه البخاري ، فأي شفقة وأي عفو وصفح وحلم من إنسان يُضاهي هذا الحلم إلا حلمه عليه السلام.
2- ولما كُسِرت رُباعيته صلى الله عليه وسلم وشُجَ وجهه يوم أُحد، شَقَ ذلك على أصحابه، وقالوا: يا رسول الله ادعُ على المشركين، فأجاب أصحابه قائلاً لهم: ( إني لم أُبعث لعاناً وإنما بعثت رحمة ) رواه مسلم .
3- وأقبل ذات مرة الطفيل بن عمرو الدوسي على النبي صلى الله عليه وسلم، طالباً منه الدعاء على أهل دوس لعصيانهم ، فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن رفع يديه مستقبل القبلة قائلا: ( اللهم اهد دوساً ) رواه البخاري .
4- ومن حلمه وعفوه صلى الله عليه وسلم مع الأعراب، حينما أقبل عليه ذلك الأعرابي الجلف، فشد رداء النبي صلى الله عليه وسلم بقوة، حتى أثر ذلك على عنقه عليه السلام، فصاح الأعرابي قائلا للنبي: مُر لي من مال الله الذي عندك ، فقابله النبي صلى الله عليه وسلم وهو يضحك له، والصحابة من حوله في غضب شديد من هول هذا الأمر، وفي دهشة من ضحك النبي صلى الله عليه وسلم وعفوه وفي نهاية الأمر، يأمر النبي صحابته بإعطاء هذا الأعرابي شيئاً من بيت مال المسلمين.
5- وأعظم من ذلك موقفه مع أهل مكة، بعدما أُخرج منها وهي أحب البلاد إليه، وجاء النصر من الله تعالى، وأعزه سبحانه بفتحها، قام فيهم قائلاً: ( ما تقولون أني فاعل بكم ؟ ) قالوا : خيراً ، أخ كريم ، وابن أخ كريم ، فقال: ( أقول كما قال أخي يوسف ) : { لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللَّه لكم وهو أرحم الراحمين } (يوسف:92)، ( اذهبوا فأنتم الطلقاء ) رواه البيهقي .
6- ولمحة أخرى من حلمه في حياته عليه السلام، أنه لم يُعهد عليه أنه ضرب خادماً، أو امرأة، ولم ينتقم من أحد ظلمه في المال أو البدن ، بل كان يعفو ويصفح بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم تقول عائشة رضي الله عنها: ( ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده ولا امرأة ولا خادما إلا أن يجاهد في سبيل الله وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل ) رواه مسلم .

فما أحوجنا إلى الاقتداء به صلى الله عليه وسلم في هذا الخلق الكريم، والطبع النبيل، { أولئك الذين هدى اللَّه فبهداهم اقتده } (الأنعام:90).


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مصطفى ابراهيم الشافعى
عضو / ة
عضو / ة
مصطفى ابراهيم الشافعى


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 797
نقاط : 1473
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 28

شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم   شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Icon_minitime1الخميس 09 أغسطس 2012, 3:15 am

صور من حلمه صلى الله عليه وسلم

امتدح الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم على أخلاقه كلها ، ومنها خلق الحلم ، تلك الصفة التي تحلى بها نبينا عليه السلام لتكون شامة في أخلاقه، فلقد نال رسول..


امتدح الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم على أخلاقه كلها ، ومنها خلق الحلم ، تلك الصفة التي تحلى بها نبينا عليه السلام لتكون شامة في أخلاقه، فلقد نال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - الشتائم والسِبابَ من كافة طبقات المجتمع، فقد هجاه الشعراء، وسخر منه سادة قريش ، ونال منه السفهاء بالضرب بالحجارة، وقالوا عنه ساحر ومجنون وغير ذلك من صور الأذى التي كان يتلاقها رسول الله بسعة صدر وعفو وحلم وتسامح ودعاء لمن آذاه بالمغفرة والرحمة، ولقد صدق الله إذ يقول: { وإنك لعلى خلق عظيم } (القلم:4) وقال تعالى: { فبما رحمة من اللَّه لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك } (آل عمران:159).
وإن استقراء صور العفو والحلم في سيرته صلى الله عليه وسلم أمر يطول فنكتفي بذكر بعض تلك الصور من حياته :-
1- فعندما خرج صلى الله عليه وسلم إلى قبيلة ثقيف طلباً للحماية مما ناله من أذى قومه ، لم يجد عندهم من الإجابة ما تأمل ، بل قابله ساداتها بقبيح القول والأذى ، وقابله الأطفال برمي الحجارة عليه، فأصاب النبي صلى الله عليه وسلم من الهم والحزن ومن التعب الشديد ما جعله يسقط على وجهه الشريف، ولم يفق إلا و جبريل رضي الله عنه قائماًعنده يخبره بأن الله بعث ملك الجبال برسالة يقول فيها: إن شئت يا محمد أن أطبق عليهم الأخشبين، فأتى الجواب منه عليه السلام بالعفو عنهم قائلاً: ( أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا ) رواه البخاري ، فأي شفقة وأي عفو وصفح وحلم من إنسان يُضاهي هذا الحلم إلا حلمه عليه السلام.
2- ولما كُسِرت رُباعيته صلى الله عليه وسلم وشُجَ وجهه يوم أُحد، شَقَ ذلك على أصحابه، وقالوا: يا رسول الله ادعُ على المشركين، فأجاب أصحابه قائلاً لهم: ( إني لم أُبعث لعاناً وإنما بعثت رحمة ) رواه مسلم .
3- وأقبل ذات مرة الطفيل بن عمرو الدوسي على النبي صلى الله عليه وسلم، طالباً منه الدعاء على أهل دوس لعصيانهم ، فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن رفع يديه مستقبل القبلة قائلا: ( اللهم اهد دوساً ) رواه البخاري .
4- ومن حلمه وعفوه صلى الله عليه وسلم مع الأعراب، حينما أقبل عليه ذلك الأعرابي الجلف، فشد رداء النبي صلى الله عليه وسلم بقوة، حتى أثر ذلك على عنقه عليه السلام، فصاح الأعرابي قائلا للنبي: مُر لي من مال الله الذي عندك ، فقابله النبي صلى الله عليه وسلم وهو يضحك له، والصحابة من حوله في غضب شديد من هول هذا الأمر، وفي دهشة من ضحك النبي صلى الله عليه وسلم وعفوه وفي نهاية الأمر، يأمر النبي صحابته بإعطاء هذا الأعرابي شيئاً من بيت مال المسلمين.
5- وأعظم من ذلك موقفه مع أهل مكة، بعدما أُخرج منها وهي أحب البلاد إليه، وجاء النصر من الله تعالى، وأعزه سبحانه بفتحها، قام فيهم قائلاً: ( ما تقولون أني فاعل بكم ؟ ) قالوا : خيراً ، أخ كريم ، وابن أخ كريم ، فقال: ( أقول كما قال أخي يوسف ) : { لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللَّه لكم وهو أرحم الراحمين } (يوسف:92)، ( اذهبوا فأنتم الطلقاء ) رواه البيهقي .
6- ولمحة أخرى من حلمه في حياته عليه السلام، أنه لم يُعهد عليه أنه ضرب خادماً، أو امرأة، ولم ينتقم من أحد ظلمه في المال أو البدن ، بل كان يعفو ويصفح بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم تقول عائشة رضي الله عنها: ( ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده ولا امرأة ولا خادما إلا أن يجاهد في سبيل الله وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل ) رواه مسلم .

فما أحوجنا إلى الاقتداء به صلى الله عليه وسلم في هذا الخلق الكريم، والطبع النبيل، { أولئك الذين هدى اللَّه فبهداهم اقتده } (الأنعام:90).


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مصطفى ابراهيم الشافعى
عضو / ة
عضو / ة
مصطفى ابراهيم الشافعى


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 797
نقاط : 1473
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 28

شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم   شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Icon_minitime1الخميس 09 أغسطس 2012, 3:18 am

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في لباسه

من نعم الله تعالى التي امتن بها على عباده، وميزهم بها عن سائر المخلوقات، نعمة اللباس، قال تعالى: { يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشاً } (الأعراف:26)،..


من نعم الله تعالى التي امتن بها على عباده، وميزهم بها عن سائر المخلوقات، نعمة اللباس، قال تعالى: { يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشاً } (الأعراف:26)، وقال تعالى: {وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تَقِيكم بأسكمْ } (النحل1).
واللباس شأنه شأن غيره من أمور الحياة اليومية التي ينبغي على المسلم أن يلتزم فيها هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان هديه في اللباس أعظم الهدي وأكمله، فكان عليه الصلاة والسلام يلبس ما تيسر له من اللباس، سواء أكان صوفاً، أم قطناً أم غير ذلك، من غير تكلف ولا إسراف ولا شهرة.
وكان له ثوب يلبسه في العيدين وفي الجمعة، وكان إذا وفد عليه الوفد لبس أحسن ثيابه، وأمر عِلْية قومه بذلك.
وكان صلى الله عليه وسلم يهتم بنظافة ثيابه، ويحرص على تطييبها، ويوصي أصحابه بذلك، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلَّم أن حسن السمت، والزيِّ الحسن من شمائل الأنبياء وخصالهم النبيلة.
وكان أحب ألوان الثياب إليه - الثياب البيضاء – فكان يؤثرها على غيرها من الثياب، قال صلى الله عليه وسلم: ( البسوا من ثيابكم البياض، فإنها من خير ثيابكم ) رواه الترمذي ، ولم يكن ذلك مانعاً من أن يتخير أي لون آخر، فقد ورد عنه أنه لبس حُلة حمراء كما نقل ذلك البراء بن عازب رضي الله عنه قال: ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في حلة حمراء، لم أر شيئا قط أحسن منه ) رواه البخاري .
وبين لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آداباً يحسن بالمسلم أن يتحلى بها عند لبسه لثيابه فمن ذلك التسمية، فقد كان عليه الصلاة والسلام يبدأ بها في أعماله كلها ، ومنها البدء باليمين عند اللبس وبالشمال عند الخلع، لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه التيامن في شأنه كله ) رواه البخاري ، وهو يدل على استحباب البدء باليمين في كل ما كان من باب التكريم والزينة.
ومن الآداب الإتيان بالذكر المشروع عند لبس الثياب فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا لبس ثوبه أو قميصه، حَمِدَ الله تعالى قائلاً: ( الحمدُ لله الذي كَساني هذا ورَزَقَنِيه من غير حولٍ مني ولا قُوة) رواه أبو داود .
وإذا لبس ثوباً جديداً دعا الله قائلاً: ( اللهم لَكَ الحمدُ أَنتَ كَسَوتَنِيه أسألك من خَيرِهِ وخَيْرَ ما صُنع له، وأعوذ بك مِنْ شرِّه وشَرِّ ما صُنِعَ لَهُ ) رواه الترمذي .
ومن جملة هديه صلى الله عليه وسلم في لباسه عدم إطالة الثوب والإزار، فكان إزاره لا يتجاوز الكعبين، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إزرة المؤمن إلى نصف الساق ولا حرج عليه فيما بينه وبين الكعبين ) رواه أبو داود ، وقال: ( ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار ) رواه البخاري .
واتخذ صلى الله عليه وسلم خاتماً من فضة، وكان يضعه في خنصر يده اليسرى، وتارة يضعه في يده اليمنى، ونهى عن التختم بالذهب.
ونهى عليه الصلاة والسلام عن لبس الحرير من الثياب، ونهى عن لبس ثوب الشهرة الذي يتميز به الإنسان على غيره حتى يشتهر به، فصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ثم ألهب فيه نارا ) رواه ابن ماجه .
وحرم النبي صلى الله عليه وسلم، تشبه الرجال بالنساء، وتشبه النساء بالرجال، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال ) رواه البخاري ، وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل ) رواه أبو داود .
هذه طائفة من هدي نبينا صلى الله عليه وسلم في اللباس، فلا تفوت على نفسك فرصة تطبيق وإحياء سنن الحبيب صلى الله عليه وسلم.
واعلم أن أجمل اللباس وأفضله لباس التقوى، كما قال تعالى: { ولباس التقوى ذلك خير } (الأعراف:26)، وصدق الشاعر حين قال:
إذا المرء لم يلبس ثياباً من التقى تقلب عرياناً وإن كان كاسياً

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مصطفى ابراهيم الشافعى
عضو / ة
عضو / ة
مصطفى ابراهيم الشافعى


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 797
نقاط : 1473
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 28

شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم   شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Icon_minitime1الخميس 09 أغسطس 2012, 3:20 am

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في أكله وشربه

الطعام نعمة إلهية كبرى، لفت الله سبحانه نظر الإنسان إليها في كثير من الآيات القرآنية، لينظر فيها ويعتبر، ويعرف قدرها ويشكر الرازق الكريم عليها ، قال تعالى:..



الطعام نعمة إلهية كبرى، لفت الله سبحانه نظر الإنسان إليها في كثير من الآياتالقرآنية، لينظر فيها ويعتبر، ويعرف قدرها ويشكر الرازق الكريم عليها ، قال تعالى: { فلينظر الإِنسان إلى طعامه * أنَّا صببنا الماء صبا * ثم شققنا الأرض شقا * فأنبتنا فِيها حبا * وعنبا وقضبا * وزيتونا ونخلا * وحدائق غلبا * وفاكهة وَأبا * متاعا لكم ولأنعامكم } (عبس:24-23) .
ولما كان لنعمتي الطعام والشراب أثر في حياة الإنسان، جاء الهدي النبوي بآداب يتحلى بها المسلم في أكله وشربه، ويتضح لنا هذا الهدي النبوي بقاعدة عظيمة أخبرنا عنها رسول الله – صلى الله عليه وسلم -بقوله: ( ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطن ، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه ، فإن كان لا بد فاعلا ، فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه ) أخرجه أحمد و الترمذي ، فقد وضح لنا هذا الحديث أن العبرة ليست بتنوع الطعام وكثرته ، ولا بتعدد طرق إعداده وتحضيره ، بل الأمر على خلاف ذلك ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن شر وعاء يحرص الإنسان على ملئه هو بطنه، ومن هنا أحببنا أن نوضح لك أخي القارئ بعض الهدي النبوي الشريف في آداب الطعام والشراب.
فكان من هديه صلى الله عليه وسلم غسل اليدين قبل الطعام وبعده، فقد قال: – صلى الله عليه وسلم- ( من نام وفي يده ريح غمر وأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه ) رواه أبو داود ، ومعنى( الغمر ) : دسم ووسخ ، وزهومة اللحم .
أما عن صفة جلوسه – صلى الله عليه وسلم – على مائدة الطعام فقدكان يجثو على ركبتيه عند الأكل، وصفة أخرى أنه عليه الصلاة والسلام كان يَنصِبُ رجله اليمنى ويجلس على اليسرى، فعن أنس رضي الله عنه قال: " رأيت النبي – صلى الله عليه وسلم – جالساً مقعياً يأكل تمراً " رواه مسلم .
وكان عليه الصلاة والسلام لا يأكل متكئاً ، فقد قال – صلى الله عليه وسلم - : ( لا آكل متكئاً ) رواه البخاري ومعنى ( المتكئ ): هو المعتمد على الوِطاء الذي تحته .
وكان لا يأكل – صلى الله عليه وسلم – منبحطاً، ومعنى ( منبطحاً ): أي مستلقياً على بطنه ووجهه ، فقد جاء النهي عن ذلك ،كما روى ذلك ابن ماجه .
وكان من هديه – صلى الله عليه وسلم – في هذا الشأن أنه يسمي الله تعالى في أول طعامه ويحمده في آخره ، فعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله ، فإن نسي أن يذكر اسم الله في أوله فليقل بسم الله أوله وآخره ) رواه أبو داود ، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ( إذا أكل طعاما قال الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين ) رواه ابن ماجه .
ثم إن من هديه – صلى الله عليه وسلم – الأكل باليمين ومما يليه، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه وإذا شرب فليشرب بيمينه ، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ) رواه مسلم ، وثبت عن عمر بن أبي سلمة قال : أكلت مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ( سَمََّ الله وكُلْ بيمينك وكُلْ مما يليك ) متفق عليه.
وكان من هديه – صلى الله عليه وسلم – في تناوله طعامه ، أنه يأكل بأصابعه الثلاثة، وكان يلعقها إذا فرغ من طعامه ، فعن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: ( رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم-يأكل بثلاث أصابع فإن فرغ لعقها ) رواه مسلم .
أما عن هديه – صلى الله عليه وسلم – في شرابه فقد كان يشرب باليمين ،كما ورد ذلك في الأكل ، وكان يشرب الماء على ثلاث دفعات ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- ( كان يتنفس إذا شرب ثلاثاً ) رواه البخاري و مسلم ، وفي رواية أخرى: ( كان رسول الله يتنفس في الشراب ثلاثاً ويقول إنه أروى وأبرأ وأمرأ ) ، فهديه – صلى الله عليه وسلم - في شرب الماء أنه يقسم شرابه إلى ثلاثة أجزاء يتنفس بينها، مبعداً الإناء عن فيه وعن نفسه وقاية له من التلوث ، وكان ينهى عن التنفس في الإناء ، كما ثبت ذلك عنه بقوله – صلى الله عليه وسلم - : ( إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء ) رواه البخاري .
ومن هديه صلى الله عليه وسلم في ذلك، أنه كان قليلاً ما يشرب قائماً ، حتى قال - صلى الله عليه وسلم-: ( لا يشربن أحدكم قائماً ) رواه مسلم ، وورد عنه أنه شرب قائماً، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: " سقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فشرب وهو قائم" رواه البخاري و مسلم ، وذكر العلماء في الجمع بين أحاديث النهي والإباحه أن النهي محمول على كراهة التنزيه ، وشربه – صلى الله عليه وسلم - قائماً بيان للجواز.
ومن كمال هديه – صلى الله عليه وسلم – في الطعام أنه كان لايرد موجوداً ولا يتكلف مفقوداً ، فما قُرَّب إليه شيء من الطيبات إلا أكله ، إلا أن تعافه نفسه فيتركه من غير تحريم ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: " ما عاب النبي- صلى الله عليه وسلم - طعاماً قط ، إن اشتهاه أكله وإن كرهه تركه " رواه البخاري و مسلم ، وكان عليه الصلاة والسلام يدعو لصاحب الطعام فيقول: ( أفطر عندك الصائمون وأكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة ) رواه أبو داود .
احرص أخي القارئ ، على صحتك البدنية بتطبيق هدي النبي – صلى الله عليه وسلم- في أكله وشربه ، فهديه أكمل الهدي ، فصلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مصطفى ابراهيم الشافعى
عضو / ة
عضو / ة
مصطفى ابراهيم الشافعى


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 797
نقاط : 1473
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 28

شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم   شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Icon_minitime1الخميس 09 أغسطس 2012, 3:22 am

رحمته بالخلق صلى الله عليه وسلم

جمع الله سبحانه وتعالى في نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم صفات الجمال والكمال البشري ، وتألّقت روحـه الطاهرة بعظيم الشمائـل والخِصال ، وكريم الصفات والأفعال ، حتى أبهرت سيرته القريب..

جمع الله سبحانه وتعالى في نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم صفات الجمال والكمال البشري ، وتألّقت روحـه الطاهرة بعظيم الشمائـل والخِصال ، وكريم الصفات والأفعال ، حتى أبهرت سيرته القريب والبعيد ، وتملكت هيبتهُ العدوّ والصديق ، وقد صوّر لنا هذه المشاعر الصحابي الجليل حسان بن ثابت رضي الله عنه أبلغ تصوير حينما قال :
وأجمل منك لم ترَ قط عيني وأكمل منك لم تلد النساء
خُلقت مبرّأً من كل عيب كأنك قد خُلقت كما تشاء
فمن سمات الكمال التي تحلّى بها – صلى الله عليه وسلم - خُلُقُ الرحمة والرأفة بالغير ، كيف لا ؟ وهو المبعوث رحمة للعالمين ، فقد وهبه الله قلباً رحيماً ، يرقّ للضعيف ، ويحنّ على المسكين ، ويعطف على الخلق أجمعين ، حتىصارت الرحمة له سجيّة ، فشملت الصغير والكبير ، والقريب والبعيد ، والمؤمن والكافر ، فنال بذلك رحمة الله تعالى ، فالراحمونيرحمهم الرحمن .
وقد تجلّت رحمته صلى الله عليه وسلم في عددٍ من المظاهر والمواقف ، ومن تلك المواقف :
رحمته بالأطفال:
كان صلى الله عليه وسلم يعطف على الأطفال ويرقّ لهم ، حتى كان كالوالد لهم ، يقبّلهم ويضمّهم ، ويلاعبهم ويحنّكهم بالتمر ،كما فعل بعبدالله بن الزبير عند ولادته .
وجاءه أعرابي فرآه يُقبّل الحسن بن علي رضي الله عنهما فتعجّب الأعرابي وقال : " تقبلون صبيانكم ؟ فما نقبلهم " فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً : ( أو أملك أن نزع الله من قلبك الرحمة ؟ ) .
وصلى عليه الصلاة والسلام مرّة وهو حامل أمامة بنت زينب ، فكان إذا سجد وضعها ، وإذا قام حملها .
وكان إذا دخل في الصلاة فسمع بكاء الصبيّ ، أسرع في أدائها وخفّفها ، فعن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي ،فأتجوز في صلاتي ، كراهية أن أشقّ على أمّه) رواه البخاري ومسلم.
وكان يحمل الأطفال ، ويصبر على أذاهم ، فعن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: ( أُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي ، فبال على ثوبه ، فدعا بماء ، فأتبعه إياه) رواه البخاري.
وكان يحزن لفقد الأطفال ، ويصيبه ما يصيب البشر ، مع كامل الرضا والتسليم ، والصبر والاحتساب ، ولما مات حفيده صلى الله عليه وسلم فاضت عيناه ، فقال سعد بن عبادة - رضي الله عنه : " يا رسول الله ما هذا؟ " فقال : ( هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ) .
رحمته بالنساء
لما كانت طبيعة النساء الضعف وقلة التحمل ، كانت العناية بهنّ أعظم ، والرفق بهنّ أكثر ، وقد تجلّى ذلك في خلقه وسيرته على أكمل وجه ، فحثّ صلى الله عليه وسلم على رعاية البنات والإحسان إليهنّ ، وكان يقول : ( من ولي من البنات شيئاً فأحسن إليهن كن له سترا من النار ) ، بل إنه شدّد في الوصية بحق الزوجة والاهتمام بشؤونها فقال : ( ألا واستوصوا بالنساء خيرا ؛ فإنهنّ عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك ، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ) .
وضرب صلى الله عليه وسلمأروع الأمثلة في التلطّف مع أهل بيته ، حتى إنه كان يجلس عند بعيره فيضع ركبته وتضع صفية رضي الله عنها رجلها على ركبته حتى تركب البعير ، وكان عندما تأتيه ابنته فاطمة رضي الله عنها يأخذ بيدها ويقبلها ، ويجلسها في مكانه الذي يجلس فيه .
رحمته بالضعفاء عموماً
وكان صلى الله عليه وسلم يهتمّ بأمر الضعفاء والخدم ، الذين هم مظنّة وقوع الظلم عليهم ، والاستيلاء على حقوقهم ، وكان يقول في شأن الخدم : (هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ، وليلبسه مما يلبس ، ولا تكلفوهم من العمل ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم فأعينوهم ) ، ومن مظاهر الرحمة بهم كذلك ، ما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم : (إذا جاء خادم أحدكم بطعامه فليقعده معه أو ليناوله منه فإنه هو الذي ولي حره ودخانه ) رواه ابن ماجة وأصله في مسلم .
ومثل ذلك اليتامى والأرامل ، فقد حثّ الناس على كفالة اليتيم ، وكان يقول : ( أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة ، وأشار بالسبابة والوسطى ) ، وجعل الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله ، وكالذي يصوم النهار ويقوم الليل ، واعتبر وجود الضعفاء في الأمة ، والعطف عليهم سبباً من أسباب النصر على الأعداء ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( أبغوني الضعفاء ؛ فإنما تنصرون وتُرزقون بضعفائكم ) .
رحمته بالبهائم
وشملت رحمته صلى الله عليه وسلم البهائم التي لا تعقل ، فكان يحثّ الناس على الرفق بها ، وعدم تحميلها ما لا تطيق، فقد روى الإمام مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ، وليحد أحدكم شفرته ، فليرح ذبيحته ) ودخل النبي صلّى الله عليه وسلم ذات مرة بستاناً لرجل من الأنصار ، فإذا فيه جَمَل ، فلما رأى الجملُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذرفت عيناه ، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح عليه حتى سكن ، فقال : ( لمن هذا الجمل؟ ) فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله ، فقال له: ( أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها ؛ فإنه شكا لي أنك تجيعه وتتعبه ) رواه أبو داوود .
رحمته بالجمادات
ولم تقتصر رحمته صلى الله عليه وسلم على الحيوانات ، بل تعدّت ذلك إلى الرحمة بالجمادات ، وقد روت لنا كتب السير حادثة عجيبة تدل على رحمته وشفقته بالجمادات ، وهي : حادثة حنين الجذع ، فإنه لمّا شقّ على النبي صلى الله عليه وسلم طول القيام ، استند إلى جذعٍ بجانب المنبر ، فكان إذا خطب الناس اتّكأ عليه ، ثم ما لبث أن صُنع له منبر ، فتحول إليه وترك ذلك الجذع ، فحنّ الجذع إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى سمع الصحابة منه صوتاً كصوت البعير ، فأسرع إليه النبي صلى الله عليه وسلم فاحتضنه حتى سكن ، ثم التفت إلى أصحابه فقال لهم : ( لو لم أحتضنه لحنّ إلى يوم القيامة ) رواه أحمد .
رحمته بالأعداء حرباً وسلماً
فعلى الرغم من تعدد أشكال الأذى الذي ذاقه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الكفار في العهد المكي، إلا أنه صلى الله عليه وسلم قد ضرب المثل الأعلى في التعامل معهم ، وليس أدلّ على ذلك من قصة إسلام الصحابي الجليل ثمامة بن أثال رضي الله عنه ، عندماأسره المسلمون وأتوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فربطوه بسارية من سواري المسجد ، ومكث على تلك الحال ثلاثة أيام وهو يرى المجتمع المسلم عن قرب ، حتى دخل الإيمان قلبه ، ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإطلاقه ، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ، ثم دخل المسجد فقال : " أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله ، يا محمد : والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك ، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي ، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك ، فأصبح دينك أحب الدين إلي ، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك ، فأصبح بلدك أحب البلاد إلي " ، وسرعان ما تغير حال ثمامة فانطلق إلى قريش يهددها بقطع طريق تجارتهم ، وصار درعاً يدافع عن الإسلام والمسلمين .
كما تجلّت رحمته صلى الله عليه وسلم أيضاً في ذلك الموقف العظيم ، يوم فتح مكة وتمكين الله تعالى له ، حينما أعلنها صريحةً واضحةً : ( اليوم يوم المرحمة ) ، وأصدر عفوه العام عن قريش التي لم تدّخر وسعاً في إلحاق الأذى بالمسلمين ، فقابل الإساءة بالإحسان ، والأذيّة بحسن المعاملة .
لقد كانت حياته صلى الله عليه وسلم كلها رحمة ، فهو رحمة ، وشريعته رحمة ، وسيرته رحمة ، وسنته رحمة ، وصدق الله إذ يقول : { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } ( الأنبياء : 107 ) .


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مصطفى ابراهيم الشافعى
عضو / ة
عضو / ة
مصطفى ابراهيم الشافعى


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 797
نقاط : 1473
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 28

شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم   شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Icon_minitime1الخميس 09 أغسطس 2012, 3:23 am

فضائل النبي صلى الله عليه وسلم

أكرم الله نبيه صلى الله عليه وسلم بفضائل جمّة ، وصفات عدة، فأحسن خلْقَه وأتم خُلقه، حتى وصفه تعالى بقوله:{ وإنك لعلى خلق عظيم } (القلم:4)، ومنحه جل وعلا فضائل عديدة، وخصائص كثيرة،..

أكرم الله نبيه صلى الله عليه وسلم بفضائل جمّة ، وصفات عدة، فأحسن خلْقَه وأتم خُلقه، حتى وصفه تعالى بقوله:{ وإنك لعلى خلق عظيم } (القلم:4)، ومنحه جل وعلا فضائل عديدة، وخصائص كثيرة، تميز بها صلى الله عليه وسلم عن غيره، فضلاً عن مكانة النبوة التي هي أشرف المراتب، ونتناول في الأسطر التالية شيئاً من فضائله صلى الله عليه وسلم:

فمنها أنه خليل الرحمن فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا إني أبرأ إلى كل خل من خله، ولو كنت متخذاً خليلاً، لاتخذت أبا بكر خليلا، إن صاحبكم خليل الله ) رواه مسلم . وهذه الفضيلة لم تثبت لأحد غير نبينا وإبراهيم الخليل عليهما الصلاة والسلام.

ومن فضائله أنه شهيد وبشير، فعن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوماً، فصلى على أهل أُحد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر، فقال: ( إني فرط لكم - أي سابقكم - ، وأنا شهيد عليكم، وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن، وإني أُعطيت مفاتيح خزائن الأرض، أو مفاتيح الأرض، وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها ) متفق عليه.

ومن فضائله أنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، قال تعالى: { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم } (الأحزاب:6).
قال الشوكاني في تفسيره "فتح القدير" : "فإذا دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم لشيء، ودعتهم أنفسهم إلى غيره، وجب عليهم أن يقدموا ما دعاهم إليه، ويؤخروا ما دعتهم أنفسهم إليه ، ويجب عليهم أن يطيعوه فوق طاعتهم لأنفسهم، ويقدموا طاعته على ما تميل إليه أنفسهم، وتطلبه خواطرهم".

ومن فضائله صلى الله عليه وسلم أنه سيد ولد بني آدم، فقد ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: ( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في دعوة، فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه، فنهس منها نهسة، وقال أنا سيد القوم يوم القيامة ) متفق عليه.

وهو صلى الله عليه وسلم أمان لأمته، حيث جاء في الحديث الصحيح ( النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون ) رواه مسلم .

ومن فضائله صلى الله عليه وسلم أنه أول من تنشق عنه الأرض، وأول من يشفع ، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع، وأول مشفع ) رواه مسلم ، وهو صاحب المقام المحمود ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما ( إن الناس يصيرون يوم القيامة جثا - أي جالسين على ركبهم -، كل أمة تتبع نبيها، يقولون يا فلان اشفع، يا فلان اشفع، حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود ) رواه البخاري .

تلك هي بعض فضائل نبينا الكريم، ورسولنا العظيم، الذي اختاره الله ليكون خاتم الرسل المكرمين ورحمة للخلق أجمعين، نسأل الله أن يجمعنا به، ويدخلنا مُدخله، وألا يحرمنا شفاعته يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مصطفى ابراهيم الشافعى
عضو / ة
عضو / ة
مصطفى ابراهيم الشافعى


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 797
نقاط : 1473
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 28

شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم   شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Icon_minitime1الخميس 09 أغسطس 2012, 3:24 am

ضحك الرسول صلى الله عليه وسلم

الضحك صفة كمال في الإنسان كبقية الصفات التي تميزه عن الحيوان، وهي مبعث سرور، ودليل صحة، وسبب ألفة ومحبة، ووسيلة دعوة وتأثير، ولفتُ نظرٍ وشدُّ انتباهٍ للآخرين، إلا أنه لا بد..

الضحك صفة كمال في الإنسان كبقية الصفات التي تميزه عن الحيوان، وهي مبعث سرور، ودليل صحة، وسبب ألفة ومحبة، ووسيلة دعوة وتأثير، ولفتُ نظرٍ وشدُّ انتباهٍ للآخرين، إلا أنه لا بد من ضابط لهذه الصفة الطيبة، حتى لا تخرج عن طورها، فتنقلب إلى ضدها.

ولذلك كان ضحكه صلى الله عليه وسلم مشتملاً على كل المعاني الجميلة، والمقاصد النبيلة، فصار من شمائله الحسنة، وصفاته الطيبة، لقد كان ضحكه تربية وتوجيهاً، ودعوة ومداعبة، ومواساة وتأليفاً، وكان من هديه صلى الله عليه وسلم ألا يُكثر الإنسان من الضحك، ولا يبالغ فيه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ( يا أبا هريرة:... أقل الضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب ) رواه ابن ماجه وصححه الألباني، وكان من صفته صلى الله عليه وسلم أنّ ضحكه كان تبسماً.
ضحكت لك الأيام يا علم الهدى واستبشرت بقدومك الأعـوام
وتوقف التـاريخ عنـدك مذعناً تملي عليه وصحبـك الأقـلام
اضحك لأنك جئت بشرى للورى في راحتيك السـلم والإسلام
اضحك فبعثتك الصعود وفجرها ميلاد جيلٍ مـا عليـه ظـلام

فدينه صلى الله عليه وسلم رحمة، ومنهجه سعادة، ودستوره فلاح، ولذلك فهو يهشّ للدعابة، ويضحك للطرفة، ويتفاعل مع أصحابه في مجريات أمورهم وأحاديثهم.

ومواقف ضحكه صلى الله عليه وسلم متعددة متنوعة:

منها ما يكون مع الأصحاب المقربين، عندما يضحك صلى الله عليه وسلم ممازحاً ومواسياً أصحابه الكرام، فهذا أبو هريرة كما في البخاري يقول: إن كنتُ لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشدّ الحجر على بطني من الجوع، ولقد قعدت يوماً على طريقهم الذي يخرجون منه، فمر أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله، ما سألته إلا ليشبعني، فمرّ ولم يفعل.
ثم مرّ بي عمر فسألته عن آية من كتاب الله ما سألته إلا ليشبعني، فمر ولم يفعل، ثم مرّ بي أبو القاسم، فتبسم حين رآني، وعرف ما في نفسي، وما في وجهي.
لقد عرف النبي صلى الله عليه وسلم أنه يحمل سراً من الأسرار، عرف أن له حاجة، فتهلل في وجهه متبسماً.
ثم أخذه معه، فوجد لبناً، فأرسله إلى أهل الصفة وأتى بهم، وسقاهم جميعاً حتى انتهى إلى النبي وقد روي القوم كلهم، فأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم القدح، ونظر إلى أبي هريرة فتبسم، ثم ناوله إياه، ليشرب.

ومن ضحكه صلى الله عليه وسلم ما يكون مع الأعراب الغلاظ الشداد، يضحك معهم ليشعرهم بالسعة والرحمة والنعمة التي جاء بها الإسلام، وأن الدين فيه فسحة ورفق ولين، فيقابل الإساءة بالإحسان، والعبوس بالضحك، فعن أنس بن مالك قال : ( كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي، فجبذه بردائه جبذة شديدة، حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ضحك، ثم أمر له بعطاء ) متفق عليه.

ومن ضحكه ما يكون فرحاً بانتشار الإسلام، وذلك عندما دخل صلى الله عليه وسلم على أم حرام بنت مِلحان وهي من محارمه، فأطعمته، ثم جلست تفلي رأسه، فنام رسول الله، ثم استيقظ وهو يضحك، فقالت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ( ناس من أمتي، عرضوا علي غزاة في سبيل الله، يركبون ثبج - وسط- البحر، ملوكاً على الأسِرّة، أو مثل الملوك على الأسرة ) متفق عليه.
يضحك النبي من ذلك لأنه رأى البشرى، رأى تلامذته وأتباعه وكتيبته، سيركبون البحار والمحيطات؛ غزاة في سبيل الله، ينشرون لا إله إلا الله في الآفاق، ويعبرون بها حدود الزمان والمكان.

إن قوماً عاشوا معه صلى الله عليه وسلم، ورأوا ابتسامته، وتحيته، ويسره، وسهولته، لتمنوا أن يفقدوا الآباء والأمهات والأبناء والأنفس، ولا يشاك هو بشوكة.

إن جيلاً رباه المصطفى صلى الله عليه وسلم على تلك المعالم، وهذه التعاليم، لجديرٌ بأن يفتح المعمورة، وتدين له الدنيا كلها، صغيرها وكبيرها، عزيزها وذليلها.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مصطفى ابراهيم الشافعى
عضو / ة
عضو / ة
مصطفى ابراهيم الشافعى


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 797
نقاط : 1473
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 28

شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم   شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Icon_minitime1الخميس 09 أغسطس 2012, 3:26 am

أبوةُ الرسولِ صلى الله عليه وسلم

عاطفة الأبوة أمر فطري لدى الآباء نحو الأبناء، لكن بلوغ الكمال فيها لم يحققه إلا القليل، ونبينا المصطفى - صلى الله عليه وسلم - كان صاحب الكمال فيها كبقية صفاته، تلك الصفة التي..


عاطفة الأبوة أمر فطري لدى الآباء نحو الأبناء، لكن بلوغ الكمال فيها لم يحققه إلا القليل، ونبينا المصطفى - صلى الله عليه وسلم - كان صاحب الكمال فيها كبقية صفاته، تلك الصفة التي من أبرز مظاهرها : الشفقة بالأطفال والرقـة لهم، فقد كان ذلك السمت واضحاً جلياً في حياته عليه الصلاة والسلام، ليس مع أبنائه وبناته الذين من صلبه، بل كان ذلك مع أبناء المسلمين عامة. وذلك يشهد بقوة الأبوة وأصالتها لديه - صلى الله عليه وسلم - ، فقد يكون الإنسان أباً عطوفاً شفوقاً مع أبنائه خاصة ، يستنفذون طاقة حنانه ، وجهد شفقته ، وآخر بره ، فلا يبقى لغيرهم شيء.
أما نبي الرحمـة - صلى الله عليه وسلم - فقد كانت الأبوة فيه كاملةً شاملة فاض برّها وحنانها وشفقتها على أبنـاء المسلمين جميعـاً ، وسعدوا بها ، وتَفيّـؤوا ظلالها ، لقد كانت أبوة سخية معطاءة ، بارة حانية ، تُعلِّم الآباء كيف يكون البر ؟ وكيف تكون الرحمة ؟ وكيف يكون الحنان ؟ بل كيف تكون الأبوة، وستظل أخبار تلك الأبوة الكاملة الشاملة التي سجلتـها الأحاديث الصحيحة سطوراً من نور تهدي الإنسانية إلى سنّة خير البرية عليه الصلاة والسلام .

كان صلى الله عليه وسلم يفرح بأطفـال المسلمين، ويهنيء بميلادهم، ويباركهم، ويسعد إذ يأتونه بهم يُحنـكهم، ويسميهم ، ويبين للمسلمين كيف يستقبـلون أبناءهم ، ويحثهم على الفرحة بهم ، والابتهاج بمقدمهم ، ويدعوهم للعقيقة عنهم يوم سابعهم ، ويشهد هذه الولائم تنويهاً بها، وإعلاءً لشأنها وللمناسبة التي أقيمت من أجلها .

فعن أسماء بنت أبى بكر رضي الله عنها أنها حملت بعبد الله بن الزبير -بمكة-، قالت: ( فخرجت وأنا متم- أي في آخر أيام الحمل - فأتيت المدينة، فنزلت بقباء، فولدته بقباء، ثم أتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فوضعته في حجره، ثم دعا بتمرة، فمضغها، ثم تفل في فيه، فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حنكه بتمرة، ثم دعا له وبرّك عليه، وكان أول مولود ولد في الإسلام ) متفق عليه.

والأخبار عن فعله عليه الصلاة والسـلام ذلك بغير عبد الله بن الزبير لا تقف عند حصر .
وكأني بأصحابه رضوان الله عليهم قـد عرفوا حبّه عليه الصلاة والسـلام لذلك وسعادته به ، فكانوا يحرصون عليه ، ويهتمون به ، بل وجدوا في ذلك خيراً لأبنائهم ، وبركة عليهم ، يشهد لذلك ما ثبت عن أنس رضي الله عنه قال : ولدت أم سُليم - زوج أبي طلحة ، وأم أنس- غلاماً ، فقال أبو طلحة : ( احفظيه - أي لا يتناول شيئاً - ، حتى تأتي به النبي صلى الله عليه وسلم ) . قال أنس : وأرسلت أم سليم مع الصبي بتمرات ، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ( أمعه شيء؟ قالوا : نعم . تمرات ، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم فمضغها ثم أخذ من فيه فجعلها في فم الصبي وحنّكه به ، وسماه عبد الله ) متفق عليه .
وقال أبو موسى : ( ولد لي غلام فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم به فسماه إبراهيم ، وحنـكه بتمرة ، ودعـا له بالبركة ، ودفعه إليّ ، وكان إبراهيـم هذا أكبر ولد أبي موسى الأشعري ) متفق عليه .

وكان ذلك مألوفاً معروفاً عند المسلمين فعن عائشة رضي الله عنها : ( أن رسـول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالصبيان فيبرّك عليهم ، ويحنّكهم ) رواه مسلم .

ومن مظاهر هذه الأبوة الحانية تلطفه صلى الله عليه وسلم بالصغار ومداعبته لهم، فلم يقف برُّه صلى الله عليه وسلم عند حد تحنيـكه أطفال المسلمين ، وتبريكهم ، وتسميتهم ، بل كان يداعبهم ، ويلاطفهم ، ويدخل السرور عليهم ، فقد روى البخاري عن أم خالد بنت خالد بن سعيد أنها قالت: أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي ، وعليّ قميص أصفر ، فقال رسول الله: ( سنه سنه - هو بالحبشية حسنة - ، قالت : فذهبت ألعب بخاتم النبوة ، فزبرني أبي من ذلك - أي نهرني وزجرني ، ومنعني - ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعها ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبلي وأخلقي ، ثم أبلى وأخلقي ، ثم أبلي وأخلقي ) ، قال عبد الله بن المبارك راوي الحديث : فَبَقِيَتْ حتى ذكر من بقائها . والمعنى: أبلي وأخلقي كثيراً ، أي أنك ستعيشين حتى تستهلكي الكثير الكثير من الثياب ، فهو دعاء لها بطول العمر ، فبقيت حتى طال عمرها وذكرها الناس بذلك.

أما أبوته لأولاده وأحفاده ، فلا شك أنها كانت أبلغ وأكمل - فسنة الخلقة وطبيعة الفطرة أن يكون حب الإنسان لمن هم من صلبه وذويه أقوى من حبه لسواهم ، مهما بلغ في حبه ورقته - وهذا مما جبل عليه الإنسان .

وكان من هديه صلى الله عليه وسلم عدم التفرقة بين البنين والبنات ، وإعطاء البنات من المحبة والتقدير حقهن كاملاً ، في وقت كانت البيـئة الجاهلية الجافية ، في حاجة إلى من يلقنـها هذا الدرس عمليّاً وسلوكياً ، قبل أن يلقنه لها نظريّاً . ووجد في تلك البيـئة من تحجرت عاطفته ، وجف نبع الحنان في قلبه ، وانتكست فطرته ، حتى دفن ابنته حية في التراب . { وإذا بُشر أحدهم بالأنثى ظلّ وجهة مسودَّاً وهو كظيم . يتوارى من القوم من سوء ما بُشّر به أيُمسكه على هُوْنٍ أم يَدُسُّه في التراب ألا ساء ما يحكمون } (سورة النحل: 58-59).
لقد حمل صلى الله عليه وسلم أُمامة بنت أبي العاص ، على كتفه أثناء الصلاة ، فإذا سجد وضعها ، وإذا قام رفعها.
وكان صلى الله عليه وسلم يدلل زينـب بنت أم سلمة ، وكانت طفلة في حِجر أمها، ويقول لها : ( يا زناب ) .
وأجار أبا العاص حين أجارته ابنته زينب ، ومن قبل ردّ لها قلادتها، وفك لها أسيرها حين أُسر أبو العاص في بدر، وأرسلت زينب تفتديه بقلادتها .
وحبه صلى الله عليه وسلم لفاطمة ، وهي رابعة البنات بعد زينب و أم كلثوم و رقيـة ، لا يحتاج إلى بيان أو تأكيد.

ولم يحجب تلك الأبوة أو يشغلها ، ما كان في حياة النبي صلى الله عليه وسلم من جهاد وبعث سرايا ، ووفود ، ورسل وتعليم ، وتبليغ .
يأتيه الوفد فيعجب سيدهم - الأقرع بن حابس التميمي - من مداعبته صلى الله عليه وسلم الحسن وتقبيله، فيقول مستغرباً: إنّ لي عشرة من الصبيان ما قبلت واحداً منهم.

وأخبار أبوته الحانية ، ورقته صلى الله عليه وسلم ورحمته بالأولاد كثيرة ، منها ما رواه مسلم في صحيحه عن أنس رضي الله عنه قال : ( ما رأيت أحداً كان أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان إبراهيم ابنه مسترضعاً في عوالي المدينة ، وكان ينطلق ونحن معه فيدخل البيت، فيأخذه ، فيقبله ، ثم يرجع ) .
ومنها ما جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت : عثر أسامة بعتبة الباب ، فشج في وجهه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أميطي عنه الأذى ، فتقذرته ، فجعل يمص عنه الدم ، ويمجه عن وجهه، ثم قال : لو كان أسامة جارية لحليته ، وكسـوته حتى أنفِّقه ) رواه ابن ماجه وصححه الحافظ العراقي .

والأخبار غير ذلك كثيرة، فمنها حمل الحسن و الحسين ، ونزوله من على المنبر من أجل أحدهما، وإطالة السجود لركـوب الحسن على ظهره ، والتردد على بيـت فاطمة لتعهـدهما، والاستمتاع بمرآهما وشمهما ، وكذا ما كان منه تجاه ابنه إبراهيم ، من فرح بميلاده، وحُب له في حياته ، وحُزن عليه عند مماته.

هذا هو خاتم الأنبياء، ورسول الله إلى العالمين، يحمل تلك العاطفة الأبوية العظيمة، فهل يدرك المسلمون تلك العظمة، فيقتدون به ويسيرون على نهجه، ويبلغون رسالته، فتعم الرحمة، وينتشر الخير، ويسعد الناس.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مصطفى ابراهيم الشافعى
عضو / ة
عضو / ة
مصطفى ابراهيم الشافعى


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 797
نقاط : 1473
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 28

شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم   شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم - صفحة 2 Icon_minitime1الخميس 09 أغسطس 2012, 3:29 am


مقام عبوديته صلى الله عليه وسلم

تعدّدت المقامات الدالة على اصطفاء الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم في منزلته ومكانته ، وفي خصائصه وفضائله ، وفي شمائله وصفاته ، واليوم نقف مع أعلى تلك المقامات وأرفعها ،..



تعدّدت المقامات الدالة على اصطفاء الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم في منزلته ومكانته ، وفي خصائصه وفضائله ، وفي شمائله وصفاته ، واليوم نقف مع أعلى تلك المقامات وأرفعها ، وهو مقام عبوديته صلى الله عليه وسلم لله جلّ وعلا .
ومما يدلّ على عظم ذلك المقام ، وكون النبي صلى الله عليه وسلم في أعلى مراتبه ، وصف الله تعالى لنبيه بالعبودية في مواطن التحدّي والمعجزة ، قال تعالى : { وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله } ( البقرة : 23 ) ، وفي التشريف بالإسراء يقول الله عزوجل : { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله } ( الإسراء : 1 ) ، وعند ذكر نزول القرآن يقول الله : { هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور } ( الحديد : 9 ) ، وفي مقام الدعوة يقول الله : { وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا } ( الجن : 19 ) .
بل كانت عبوديّته عليه الصلاة والسلام أكمل من عبودية من قبله من الأنبياء ، فهو خير العابدين لله سبحانه وتعالى ، وسيرته العطرة ، توضح ذلك وتبينه خير بيان، وبذلك استحقّ شرف الوسيلة والشفاعة يوم القيامة دون من سواه .
ورحلة النبي صلى الله عليه وسلم مع العبودية بدأت مبكرا حينما كان يمضي إلى غار حراء يتحنث فيها الليالي العديدة ، مستجيبا لكوامن النفس ودوافع الفطرة ، في تعظيم الخالق سبحانه وتعالى ومناجاته ، وقد أجاد الشاعر حين قال :
ولقد تفرّغ للعبادة قبل أن يُؤمر بها في شامخ الصخرات
وغدا يناجي ربّه ويريد منـه هداية للخير والحسنــات
حتى استجاب له الإله وجاءه جبريل بالبشـرى وبالآيات
وببعثته صلى الله عليه وسلم صارت عبوديّته لربّه أكثر شمولا وتنوّعا ، فلم تقتصر على مجرّد الشعائر التعبدية الظاهرة المعروفة ، بل امتدّت لتشمل كل ما يحبّه الله تعالى ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة .
فصلاته بين يدي ربه هي العجب العجاب ، إذ كانت صلاته تفيض بأنوار السكينة والطمأنينة ، في مناجاة للخالق وتذللٍ بين يديه ، على نحوٍ يجلّ عن المثيل والنظير ، حتى صارت الصلاة أنيسه وقرّة عينه : ( وجعلت قرة عيني في الصلاة ) ، وغدت دواءً لأحزانه وكربه : " كان إذا حزبه أمر صلّى ".
ولعل خير من يصوّر لنا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ، عوف بن مالك رضي الله عنه ، حينما قال : " قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدأ واستاك وتوضأ ، وقام فصلى ، فاستفتح بالبقرة ، لا يمر بآية رحمة إلا وقف وسأل ، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف وتعوذ . ثم ركع فمكث راكعاً بقدر قيامه ، يقول في ركوعه : سبحان ذى الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة ، ثم سجد بقدر ركوعه يقول في سجوده: سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة ، ثم قرأ آل عمران ثم سورة ، ففعل مثل ذلك " .
وهذا المغيرة بن شعبة يصف لنا اجتهاده في ذلك فيقول: ( قام النبي صلى الله عليه وسلم حتى ورمت قدماه ) ، وقد أُثر عنه قيامه الليل كلّه بآية من القرآن الكريم ، ويطيل بالقراءة أحيانا أخرى ، فإذا سُئل عن ذلك كان يقول : ( أفلا أكون عبدا شكورا ؟ ) .
وفيما يتعلّق بصيامه عليه الصلاة والسلام ، قالت زوجته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ، ويفطر حتى نقول لا يصوم ، فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر إلا رمضان ، وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان ) متفق عليه واللفظ للبخاري ، وأشارت روايات أخرى أنه كان يُكثر من صيام الإثنين والخميس وثلاثة أيام من غرّة كل شهر .
ومن العبادات التي كان يداوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم ، عبادة الاعتكاف في المسجد ، إذ كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان ، يمكث فيه للصلاة وقراءة القرآن وتقوية الصلة بالله عز وجل ، والتفرغ لذلك ، فقد ذكرت عائشة رضي الله عنها ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان ، حتى توفاه الله ، ثم اعتكف أزواجه من بعده ) متفق عليه واللفظ للبخاري .
أما في مجال الصدقة ، والمبادرة إليها ، والمسارعة نحوها ، فقد كان صلى الله عليه وسلم صاحب عبادة عظيمة ، ومسارعة عجيبة ، يعطي عطاء من لا يخشى الفقر ، يُرشد لذلك تلك الحادثة التي يرويها الصحابي الجليل عقبة بن الحارث رضي الله عنه ، حيث قال: ( صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم العصر ، فلما سلم قام سريعاً ، فدخل على بعض نسائه ، ثم خرج ورأى ما في وجوه القوم من تعجبهم لسرعته ، فقال ذكرت وأنا في الصلاة تبراً- أي ذهباً- عندنا ، فكرهت أن يمسي أو يبيت عندنا ، فأمرت بقسمته ) رواه البخاري .
وفي ذكره لله عزوجل خير أسوة لنا ، فقد كان صلى الله عليه وسلم دائم الذكر لربّه في مختلف الأحوال وجميع الأوقات ، فكان يذكره في قيامه وقعوده ، وأفراحه وأحزانه ، وطعامه وشرابه ، وصباحه ومسائه ، حتى إن العلماء قديماً وحديثاً عنوا بجمع ما كان يقوله عليه الصلاة والسلام من أوراد وأذكار مختلفة .
أما عبادته صلى الله عليه وسلم القلبية ، والتي يقصد بها الأعمال التي ترتبط بالقلب ارتباطاً مباشراً من محبةٍ لله وتوكّل عليه ، وخوف منه ورجاء له ، ورضاء بقضائه وقدره ، وغيرها من أفعال القلوب ، فالنبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ في تلك الأحوال أعلى الدرجات ، شأنه في ذلك شأن من سبقه من الأنبياء ، فنلمس توكّله على الله عزوجل في قصة هجرته وقوله لأبي بكر : ( ما ظنك باثنين ، الله ثالثهما ؟ ) ، ونلمس بوضوح محبّته لربه في قوله عن المطر : ( إنه حديث عهد بربه ) .
وأما خشيته لله وخوفه منه ، فتظهران من خلال ما نجده من رقّة قلبه وسرعة دمعته ، وخشوع طرفه وانكسار قلبه عند ذكره لله عزوجل ووقوفه بين يدي مولاه ، كما وصفه أبو مطرف قائلاً : " أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء " ، فكان بذلك أنموذجاً تحتذي به نفوس الصالحين .
لقد كانت حياته صلى الله عليه وسلم كلها عبادة ، وكذلك كانت وفاته ، حتى كان أعظم وأكمل من من حقّق قوله تعالى : { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين } ( الأنعام : 162) ، فهنيئا لمن سلك سبيل العبودية ، واقتدى فيه بأكمل الخلق صلى الله عليه وسلم.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 3انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» يوم في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم
» خصوصيات الرسول صلى الله عليه وسلم
» تربية الرسول – صلى الله عليه وسلم – لبناته رضي الله عنهن
» وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم
» الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى اولاد حارتنا :: نصرة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم-
انتقل الى:  
تصحيح أحاديث وأقوال مأثورة لشيوخ اولاد حارتنا


بحث عن:

مع تحيات أسرة اولاد حارتنـــــــــــــــــا
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدى اولاد حارتنا على موقع حفض الصفحات

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدى اولاد حارتنا على موقع حفض الصفحات