المراهقون والمال
المراهقون والمال
في الغالب لا يعرف المراهقون للمال قيمة حقيقية، ولا يسعون للتوفير والادخار لأن كل احتياجاتهم يقوم بتوفيرها الوالدان.
لكن أحيانا تكون هناك طلبات قد يرفض الوالدان تمويلها، أو تكون أكبر من قدرتهما الشرائية في الوقت الحالي،
لأن هناك احتياجات عائلية أخرى أكثر إلحاحا، وهنا قد تتحمسين لفكرة توفير بعض من مصروفك الشخصي،
أو حتى تفكرين في العمل خلال الإجازات الصيفية للحصول على المال،
ومن ثم تحقيق هدفك وشراء الشيء الذي تتوقين لاقتنائه بمالك الخاص.
حتى هذه النقطة لا توجد أية مشكلة، الأزمة الحقيقية تحدث إذا بدأ ارتباطك بالمال نفسه يزيد مع مرور الوقت،
وعندما يكتمل المبلغ الذي بذلت الكثير من الجهد والوقت والصبر لتحصيله في سبيل شراء جهاز كمبيوتر مثلا،
تبدئين في الإحساس بالخوف والرغبة في الاحتفاظ بمدخراتك الغالية وعدم القدرة على التخلي عنها
كلها فجأة بعد كل ما مررت به للحصول عليها.
طبعا التوفير في حد ذاته قيمة مهمة جدا ليت جميع الأبناء يتعلمونها،
وبالنسبة للمجال الذي ستنفقين مدخراتك كلها أو بعضها فيه، فهو أمر يرجع لك وحدك بكل تأكيد،
لكن من المهم بنفس الدرجة أن تعلمي أن المال ليس هو الهدف في حد ذاته، أي لا تقعي في غرام المال،
وتتخذي قرارك بكنزه وعدم إنفاقه للتمتع بمجرد وجوده بحيازتك، وتحرمي نفسك من الأشياء المفيدة والممتعة
التي يمكنك أن تحصلي عليها بهذا المال، وذلك حتى لا تسيري دون أن تدري في طريق البخل والعياذ بالله.
إذا كنت خلال فترة التوفير قد قررت أن هناك اتجاها آخر تفضلين إنفاق المال المدخر فيه -
أو حتى جزء منه- فلا بأس. ولا مانع أيضا من أن تقرري مواصلة الادخار في سبيل تحقيق هدف أكبر
من مجرد شراء جهاز كمبيوتر أو ما شابه، فعما قريب سيصبح من حقك استخراج رخصة قيادة،
ولن يلومك أحد إذا ارتفع سقف طموحاتك وقررت مواصلة الادخار على أمل الوصول لمبلغ أكبر
قد يشجعك فيما بعد على طلب المساعدة من والدك لاستكمال المبلغ وشراء سيارة صغيرة تستخدمينها في الذهاب والعودة من الجامعة.
لذا لا توجد أي مشكلة في مواصلة الادخار والصبر قليلا حتى يزيد المبلغ أكثر،
وربما حينها قد تقررين شراء هدفك الأول (جهاز كمبيوتر أو غيره) بجزء من المبلغ دون أن تشعري بالحزن لتبديد المبلغ كله.
ونكرر عليكِ مرة أخرى أنك الوحيدة صاحبة القرار في اختيار المجال والوقت اللذين ستنفقين فيهما أموالك،
ولكن يفضل طبعا لو استشرت والديكِ أو أحدهما على الأقل فيما تنوين عمله بنقودك،
فقد يساعدك بفكرة أفضل أو يدلك على مكان تجدين به السلعة التي ترغبينها بسعر أقل مما تتوقعين.
إذا حدث العكس، وبدلا من أن تخافي من إنفاق نقودك التي تعبت في جمعها،
وأحسست أنك لا تحتملين أن تصبري طويلا، وتراودك العديد من الإغراءات لمد يدك في جيبك وإنفاق نقودك،
فلا مانع من أن تنفقي جزءا من المال في شراء أي احتياجات لا يمكنك مقاومتها مثل اسطوانات موسيقية حديثة
أو قطعة ملابس رائعة تخشين ألا تجدي مثلها بالأسواق فيما بعد أو بعض أدوات التجميل،
ولكن كما حذرناك من الوقوع في شرك البخل والتقطير على نفسك، نحذرك كذلك من السقوط في فخ التبذير
وإنفاق المال كله فيما لا يفيد. إنفاق البعض من المال على رغبات استهلاكية تتوق لنفسك لن يضر،
ولكن ثقي أنك ستؤنبين نفسك كثيرا إذا أضعت أموالك كلها فيما لا يفيد بعد أن بذلت الكثير من الجهد للحصول عليها.