د. عائض القرني
التحلي بالصبر من شيم الأفذاذ الذين يتلقون المكاره برحابة صدر وبقوة
إرادة , ومناعة أبيه وإن لم أصبر أنا وأنت فماذا نصنع ؟!
هل عندك حل لنا غير الصبر ؟ هل تعلم لنا زاداً غيره ؟
كان أحد العظماء مسرحاً تركض فيه المصائب , وميداناً تتسابق فيه النكبات
كلما خرج من كربة زارته كربة أخرى , وهو متترس بالصبر , متدرع
بالثقة بالله .
هكذا يقعل النبلاء , يصارعون الملمات ويطرحون النكبات أرضاً .
دخلوا على أبي بكر - رضي الله عنه - وهو مريض , قالوا ألا ندعو
لك طبيباً ؟ . قال : الطبيب قد رأني . قالوا : فماذا قال ؟ قال :
يقول : إني فعال لما أريد .
واصبر وما صبرك إلا بالله , اصبر صبر واثق بالفرج , عالم بحسن
المصير , طالب للأجر , راغب في تكفير السيئات , اصبر , مهما
ادلهمت الخطوب , وأظلمت أمامك الدروب ,فإن النصر مع الصبر
وإن الفرج مع الكرب , وإن مع العسر يسراً .
قرأت سير عظماء مروا في هذه الدنيا , وذهلت لعظيم صبرهم وقوة
احتمالهم , كانت المصائب تقع على رؤوسهم كأنها قطرات ماء بارد
وهم في ثيات الجبال , وفي رسوخ الحق , فما هو إلا وقت قصير
فتشرق وجوههم على طلائع فجر الفرج , وفرحة الفتح , وعصير
النصر . وأحدهم ما اكتفى بالصبر وحده , بل نازل الكوارث وصاح
في وجه المصائب متحدياً .
مجموعة السماح البريدية