حكم استخدام الطرق الحسابيه والطبيه والجدول الصيني والاشهرالقمريه في تحديد جنس الجنين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خلق الزوجين الذكر والأنثى، من نطفة إذا تمنى. خلق كل شيء فقدره تقديرًا، ﴿
إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾([1]). له الحمد فكل شيء في خلقه موزون، ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾ ([2]). له الحكمة البالغة والقدرة النافذة، تبارك الله أحسن الخالقين. وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق ذو القوة المتين. وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله الأمين. صلى الله عليه وعلى آله الطيبين وأصحابه الغر الميامين وعلى من اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن الله تبارك وتعالى فطر قلوب الناس على حب الولد. وقد قيل في تصوير حب الأولاد ومنزلتهم: الأولاد ثمار القلوب وعماد الظهور. وقد قال الشاعر([3]):
يا حبذا ريحُ الولد
ريحُ الخُزامى في البلد
أهكذا كلُّ ولد
أم لم يلدْ قبلي أحد
فالأولاد ذكورًا وإناثًا هبة من الله تعالى لبني آدم، قال جل في علاه: ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴾ ([4]).
والأولاد من زينة الحياة الدنيا وبهجتها بهم تسر النفوس وتقر العيون قال الله تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ ﴾([5])، وقال تعالى: ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾([6]).
وقد امتن الله تعالى على الناس بنعمة الولد في مواضع عديدة من كتابه الحكيم وذكَّرهم بها، فقال عز وجل:﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ﴾([7])، وقال أيضًا: ﴿ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً﴾([8])، وقال تعالى مذكِّرًا من جحد به واستكبر: ﴿وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً * وَبَنِينَ شُهُوداً ﴾ ([9]) . وقد ذكَّرت بها الأنبياء أقوامهم، فهذا نوح عليه الصلاة والسلام يقول لقومه: ﴿وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً﴾([10]). وهذا هود عليه الصلاة والسلام يقول لقومه: ﴿وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ﴾([11]).
وقد جبلت القلوب على طلب الأولاد، والسعي في تحصيلهم. فهذا خليل الرحمن إبراهيم عليه الصلاة والسلام يسأل الله الولد، فيقول كما قص الله تعالى عنه في القرآن: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ﴾([12]). وهذا نبي الله زكريا عليه الصلاة والسلام يدعو ربه أن يهبه غلامًا زكيا قال الله تعالى: ﴿هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾([13]).
ومن رحمة الله وعظيم حكمته أن نوّع الخلق، فجعل الخلق كما قال تعالى: ﴿وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ ﴾([14])، وقال تعالى: ﴿وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً﴾([15]). وله جل في علاه في هذا التزويج من الحكم والأسرار ما يبهر العقول والألباب.
ولا ريب أن رغبة الوالد في أن يكون الولد من جنس معين، وتفضيل أحد الجنسين على الآخر في الذرية أمر قائم منذ القدم. فما زال الناس يفضلون ويميلون إلى كون الولد من أحد الجنسين ذكرًا كان أو أنثى؛ لاعتبارات مختلفة متنوعة؛ إما بسبب الحاجة إلى أحد الجنسين، أو لأجل اعتقاد سائد في فضل أحدهما وعيب الآخر ونقصه، أو لما قد يخشى من الضرر بأحدهما، أو ما قد يؤمل من النفع من أحدهما. كل ذلك وغيره من المسوغات يُبَرَّر به ذلك التفضيل وتلك الرغبة. وقد سلك الناس لتحقيق تلك الرغبة في تحديد جنس المولود مسالك عديدة وطرائق متنوعة قديمة وحديثة. وقد كتب جملة من الباحثين المتخصصين في الفقه والطب عدة بحوث فقهية وطبية تناولوا فيها الموضوع بالبحث في جانبه الطبي وكذا في جانبه الفقهي. ومن أبرز ما كتب في الجانب الطبي مما تيسر لي الوقوف عليه ما كتبه الدكتور عبدالرشيد بن قاسم في كتابه اختيار جنس الجنين دراسة فقهية طبية. وكذا ما كتبه الدكتور محمد النتشة في كتاب المسائل الطبية المستجدة.
وأملي في هذا البحث أن أشارك إخواني الباحثين في تجلية حكم تحديد جنس الجنين تأصيلاً وتفصيلاً. وذلك من خلال بيان الأصل الشرعي في حكم تحديد جنس الجنين على وجه الإجمال. ثم العطف على الطرق المتبعة في ذلك بإضاءات شرعية تساعد في تمييز الجائز منها من الممنوع.
خطة البحث
يمكن إجمال خطة بحث موضوع تحديد جنس الجنين فيما يأتي:
المبحث الأول: الأصل في تحديد جنس الجنين.
وفيه مطلبان.
المطلب الأول: حكم تحديد جنس الجنين.
المطلب الثاني: ضوابط في تحديد جنس الجنين.
المبحث الثاني: نظرة شرعية في طرق تحديد جنس الجنين.
وفيه مطلبان.
المطلب الأول: الطرق والوسائل العامة غير الطبية لتحديد جنس الجنين.
وفيه أربعة فروع.
الفرع الأول: النظام الغذائي.
الفرع الثاني: استعمال الغسول الكيميائي المناسب.
الفرع الثالث: توقيت الجماع.
الفرع الرابع: الجدول الصيني والطريقة الحسابية.
المطلب الثاني: الطرق الطبية لتحديد جنس الجنين.
الخاتمة. وفيها قيدٌ لأهم النتائج التي خلصت إليها.
هذا، والله أسال أن يعينني على الإفادة في هذا البحث، وأن يسددني في القول والعمل. وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
المبحث الأول: الأصل في تحديد جنس الجنين
المطلب الأول: حكم تحديد جنس الجنين.
المقصود بتحديد جنس الجنين هو ما يقوم به الإنسان من الأعمال، والإجراءات التي يهدف من خلالها اختيار ذكورة الجنين أو أنوثته.
وبهذا التعريف لعملية تحديد جنس الجنين يتبين أنها ليست قضية حادثة، بل هي مسألة تضرب بجذورها في القدم. وقد أشغلتِ الناس منذ سالف الزمن فطلبوا لإدراكها السبل. ففي سنة خمسمائة قبل الميلاد توصلت مدارس الطب الهندية إلى أنه يمكن التأثير على جنس الجنين في بعض الحالات بفعل الطعام أو العقاقير كما ذكر بعض المؤرخين([16]). كما ذكروا أيضًا أن علماء الطبيعة كأرسطو قد تناولوا قضية تحديد جنس الجنين بالمناقشة في القرن الثاني الميلادي، حيث ناقش أرسطو النظرية التي تقول: إن جنس الجنين تُعَيّنه حرارة الرحم أو تغلُّب أحد عنصري التكاثر على العنصر الآخر. وقدم نظرية أخرى في تفسير ذلك([17]).
ومن هذا يتبين أن الجديد في قضية تحديد جنس الجنين إنما هو فيما طرأ من تقدم في الوسائل والطرق التي من خلالها يمكن تحديد جنس الجنين سواء أكان ذكرًا أم أنثى.
وقبل النظر في الوسائل والطرق التي تستعمل في تحديد جنس الجنين وأحكامها نحتاج إلى بيان الأصل في تحديد جنس الجنين.
ويمكن القول :إن لأهل العلم في تحديد جنس الجنين قولين في الجملة([18]):
القول الأول: أن الأصل في العمل على تحديد جنس الجنين الجواز. وأنه لا مانع منه شرعًا([19]). ومن أبرز الفقهاء القائلين بهذا شيخنا عبد الله البسام، والشيخ مصطفى الزرقا، والدكتور يوسف القرضاوي، والشيخ عبدالله بن بيِّة، والشيخ نصر فريد([20])، والدكتور علي جمعة([21])، وغيرهم([22]).
وقد قال بهذا مجلس الإفتاء بالأردن([23])، ولجنة الفتوى بوزارة الأوقاف الكويتية([24]).
القول الثاني: أن العمل على تحديد جنس الجنين لا يجوز. ومن أبرز من قال بذلك الدكتور محمد النتشة([25])، والدكتور عبد الناصر أبو البصل، والشيخ فيصل مولوي([26]).
وهو ما يفهم من فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية. حيث جاء في فتوًى للجنة ((شأن الأجنة من حيث إيجادهم في الأرحام وذكورتهم وأنوثتهم هو من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى))([27]).
أدلة القول الأول
يمكن أن يستدل للقول بأن الأصل جواز تحديد جنس الجنين بعدة أدلة منها:
الدليل الأول: أن الأصل في الأشياء الإباحة والحل حتى يقوم دليل المنع والحظر؛ في قول جمهور أهل العلم([28])؛ وليس لدى من قال بمنع العمل على تحديد جنس الجنين دليل يستند إليه. فيبقى الأصل محفوظًا مستصحبًا.
الدليل الثاني: أن طلب جنس معين في الولد لا محظور فيه شرعًا. فالله تعالى قد أقرَّ بعض أنبيائه الذين سألوه في دعائهم أن يهب لهم ذكورًا من الولد. فهذا نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام سأل الله تعالى أن يرزقه ولدًا ذكرًا صالحًا([29])، فأجابه الله تعالى. قال تعالى فيما قصَّه عن إبراهيم: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ﴾([30]). وكذلك نبي الله زكريا عليه الصلاة والسلام دعا ربه أن يهبه غلامًا زكيًا، فقال الله تعالى: ﴿هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾([31]). ولو كان هذا الدعاء سؤالاً لمحرم لكان محرمًا ولمنعه الله تعالى ولما أقرَّه؛ فإن الدعاء بالمحرم محرم([32]). فلما جاز الدعاء بطلب جنس معين في الولد، وهو سبب من الأسباب([33]) التي تُدرك بها المطالب -دل ذلك على أن الأصل جواز العمل على تحديد جنس الجنين بالأسباب المباحة؛ لأن ما جاز سؤاله وطلبه جاز بذل السبب لتحصيله.
الدليل الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن السبب الطبيعي الذي يُوجِب الإذكار أو الإيناث بإذن الله([34]). ففي صحيح الإمام مسلم من حديث ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب اليهودي الذي سأله عن الولد. فقال صلى الله عليه وسلماستخدام الطرق الحسابيه والطبيه والجدول الصيني والاشهرالقمريه تحديد الجنين(ماء الرجل أبيض، وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا فَعَلا مَنِيُّ الرجل مَنِيَّ المرأة أذْكرا بإذن الله. وإذا علا مني المرأة مني الرجل آنثا بإذن الله))([35]). وهذا يفيد أن الإذكار والإيناث في الجنين أمرٌ يستند إلى سبب طبيعي معلوم. وليس في الحديث ما يشعر بأنه مما استأثر الله به. بل هو كسائر الأسباب الطبيعية التي متى قدر الخلق على إيجادها فقد أدركوا المقدمة التي يمكن أن يصلوا بها إلى النتيجة.
وقد نوقش هذا الدليل من جهتين:
الأولى: عدم صحة لفظ حديث ثوبان قال ابن القيم عن شيخ الإسلام ابن تيمية: ((وسمعت شيخنا رحمه الله يقول في صحة هذا اللفظ نظر. قلت: لأن المعروف المحفوظ في ذلك إنما هو تأثير سبق الماء في الشبه))([36]). وقال: ((هذا الحديث تفرد به مسلم في صحيحه. وقد تكلم فيه بعضهم. وقال: الظاهر أن الحديث وَهِمَ فيه بعض الرواة، وإنما كان السؤال عن الشبه، وهو الذي سأله عنه عبد الله بن سلام في الحديث المتفق على صحته. فأجابه بسبق الماء([37])، فإن الشبه يكون للسابق، فلعل بعض الرواة انقلب عليه شبه الولد بالمرأة بكونه أنثى وشبهه بالوالد بكونه ذكرًا))([38]).
وأجيب على هذا بأن ((الحديث صحيح لا مطعن في سنده، ولا منافاة بينه وبين حديث عبدالله بن سلام. وليست الواقعة واحدة، بل هما قضيتان. ورواية كل منهما غير رواية الأخرى))([39]).
الثانية: أن الإذكار والإيناث ليس له سبب طبيعي، بل هو مستند إلى مشيئة الخالق سبحانه. فقد ردَّ الله تعالى ذلك إلى محض مشيئته([40])، فقال: ﴿ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾([41]). ويشهد لهذا ما في الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه في مراحل خلق الإنسان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان ما يقوله المَلَك عند الخلق: ((قال: يا رب أذكر أم أنثى، فيقضي ربك ما شاء، ويكتب الملك))([42]). قال ابن القيم: ((فكون الولد ذكرًا أو أنثى مستند إلى تقدير الخلاق العليم كالشقاوة والسعادة والرزق والأجل))([43]). ووجه ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ((أحال بالاذكار والإيناث على مجرد المشيئة، وقرنه بما لاتأثير للطبيعة فيه من الشقاوة والسعادة والرزق والأجل. ولم يتعرض المَلَك لكتابة الذي للطبيعة فيه مدخل))([44]). ((فإذا كان للطبيعة تأثيرٌ في الإذكار والإيناث، فلها تأثيرٌ في الرزق والأجل، والشقاوة والسعادة، وإلا فلا؛ إذ مخرج الجميع ما يوحيه الله إلى الملك))([45]).
وأجيب على ذلك بما يأتي:
الأول: أن ((استناد الإذكار والإيناث إلى مشيئته سبحانه لا ينافي حصول السبب، وكونهما بسبب لا ينافي استنادهما إلى المشيئة))([46]). فالأسباب التي قضى الله تعالى أن تكون سببًا لمسبباتها لا تخرج عن تدبيره ومشيئته، فالأسباب ((طوع المشيئة والإرادة ومحل جريان حكمها عليها. فيقوِّي سبحانه بعضها ببعض، ويبطل إن شاء بعضها ببعض، ويسلب بعضها قوته وسببيته ويعريها منها، ويمنعه من موجبها مع بقائها عليه))([47]).
الثاني: أن من تكلموا فيما تضمنه حديث ثوبان من سبب الإذكار والإيناث لا يناقشون في أصل سببيتهما. ولكنهم يمنعون قول الطبائعيين الذين يجعلون للطبيعة تأثيرًا مستقلاًّ في الإيجاد والخلق. ويقولون: ((نحن لا ننكر أن لذلك أسبابًا أخر. ولكن تلك من الأسباب التي استأثر الله بها دون البشر)) ([48]). فمناقشتهم في تعيين السبب لا في أصله. وليس في النصوص ما يدل على امتناع إدراك ذلك على البشر.
الثالث: أن ما ذكر من اقتران الإذكار والإيناث بما لا تأثير للأسباب فيه كالشقاوة والسعادة والرزق والأجل دليل على أنهما لا يستندان إلا إلى مجرد المشيئة - فهذا غير مسلم لوجهين:
1) أن دلالة الاقتران على الاتفاق في الحكم والتساوي ضعيفة في قول أكثر الأصوليين([49]). فاقتران ما له سبب كالإذكار والإيناث بما ليس له سبب كالشقاوة والسعادة لا يفيد الاتفاق والمساواة في عدم السببية.
2) أن السعادة والشقاوة والرزق والأجل كلها بأسباب([50]). وكون أسباب هذه الأمور لا تكون إلا بعد الولادة([51]) لا يلزم منه استواء جميع المذكورات في وقت السبب وزمنه. فالسعادة والشقاوة والرزق والأجل لا تكون إلا بعد الولادة بخلاف الإذكار والإيناث فإنهما يكونان قبلاً؛ لذلك تقدم زمن ما قدره الله من أسبابهما.
الدليل الرابع: قياس السعي في تحديد جنس الجنين على معالجة العقم الذي يمكن معالجته. فإنه لا خلاف بين أهل العلم في جواز السعي في معالجة العقم مع كونها سعيًا في إيجاد الحمل وأخذًا لأسباب حصوله. وليس فيه معارضة لقول الله تعالى: ﴿وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾([52]). فجواز أخذ أسباب تحديد جنس الجنين من باب أولى؛ لأنه عمل بالأسباب الممكنة لإدراك صفة في الجنين، وهو أسهل من أخذ أسباب الإيجاد والتكوين.
الدليل الخامس: قياس السعي في تحديد جنس الجنين على جواز العزل. ووجهه أن العزل سبب يبذله الإنسان لمنع الحمل وضبط حصوله يشابهه في المعنى ضبط جنس الجنين([53]).
ويجاب عن هذا بأن القياس إلحاق فرع بأصل لعلة جامعة وتشابه بيَّن بينهما([54])، وليس هذا ظاهرًا بينهما، كما أن العزل اختلف أهل العلم في حكمه بين مانع ومبيح([55])، فهو قياس على مختلَف فيه، ومن شروط صحة القياس الاتفاق على حكم الأصل([56]).
أدلة القول الثاني:
الدليل الأول: أن العمل على تحديد جنس الجنين يتضمن منازعة الله تعالى في خلقه ومشيئته وما اخْتَص به من علم ما في الأرحام، قال الله تعالى:﴿هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾([57]). قال جماعة من المفسرين منهم ابن مسعود وقتادة وغيرهما: ذكورًا وإناثًا([58]). وقال أيضًا: ﴿اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ ﴾([59])، وقال أيضًا: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ﴾([60]). فقد ذكر جماعة من المفسرين في معنى الآية أنه لا يعلم أحد ما في الأرحام أذكرًا أو أنثى أأحمر أو أسود([61]). فالله تعالى ((خصَّ نفسه بالعلم بالأرحام في هذا الموضع إعلامًا لنا أن أحدًا غيره لا يعلم ذلك، وأنه من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله))([62]). ويشده لذلك أن الملَك إذا جاء لنفخ الروح يقول: ((يا رب أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ما شاء، ويكتب الملَك))([63]).
وأجيب على ذلك بما يأتي:
الأول: أن أَخْذَ العبد بالأسباب التي جعلها الله تعالى وسيلة لإدراك مسبباتها سواء أكان ذلك في تحديد جنس الجنين أم في غيره لا يتضمن منازعة لله تعالى في خلقه ومشيئته وتصويره. وذلك أن كل ما يكون من العبد لا يخرج عن تقدير الله ومشيئته وخلقه كما قال تعالى: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾([64])، وكما قال: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾([65]). والإيمان بهذا لا يلغي مشيئة العبد وعمله كما دل على ذلك الكتاب والسنة واتفاق سلف الأمة، فالنصوص دالة على إثبات مشيئة العباد وفعلهم([66]). وبهذا يتبين أن العمل على تحديد جنس الجنين لا يتضمن منازعة للرب جل جلاله في مشيئته وخلقه وتصويره. ويوضح هذا ويجليه أن الأسباب لا تستقل بالتأثير، بل هي مفتقرة لأمر الله تعالى، فتأثيره يكون بتقدير الله تعالى، فلو شاء لسلبها قواها فلم تؤثر شيئًا([67]). ((وليس شيء من الأسباب مستقلاًّ بالفعل، بل هو محتاج إلى أسباب أخرَ تعاونه، وإلى دفع موانع تعارضه ولا تستقل إلا مشيئة الله تعالى، فإنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فما شاء الله كان وإن لم يشأ العباد وما لم يشأ لم يكن ولو شاء العباد))([68]).
الثاني: أن العمل على تحديد جنس الجنين لا ينافي اختصاص الله تعالى بعلم ما في الأرحام. ويتبين هذا بما يلي:
1. أن العمل على تحديد جنس الجنين لا يعدو كونه أخذًا بسبب من الأسباب لإدراك غاية قد تحصل وقد لا تحصل كسائر أسباب المطالب والمرغوبات. فالوطء الذي هو سبب الحمل عمل يقوم به الزوجان لتحصيل الولد قد ينتج عنه الحمل وقد لا ينتج. فليس في ذلك ما ينفي اختصاص الله تعالى بعلم ما في الأرحام.
2. أنه في حال حصول النتيجة المطلوبة بتحديد جنس الجنين ليس في ذلك ما ينافي ما ذكره الله تعالى من اختصاص علمه بما في الأرحام، فإن الذي اختص به الله تعالى، هو العلم السابق للوجود، وكذا العلم التام بما في أرحام ذوات الأرحام من كل وجه، وكذا العلم بما يكون من حالهم وعملهم ومآلهم. فعلم جنس الجنين لا ينافي ذلك ولا يعارضه؛ لأن الله تعالى يُظْهِرُ عليه بعض خلقه إما بالإعلام؛ وإما بالتجربة والخبرة؛ وإما بغير ذلك من الوسائل والأسباب، وهو قطرة في بحر. وبيان ذلك أن جنس ما في أرحام إناث بني آدم يُعْلِمُ اللهُ تعالى به الملكَ الموكل بالرحم كما دلت على ذلك الأحاديث([69]). ومن أشهرها حديث ابن مسعود رضي الله عنه في بيان مراحل خلق الإنسان، ففيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الملك الموكل بالجنين عند خلقه: ((قال: يا رب أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ما شاء، ويكتب الملك))([70]). وكذا حديث أنس رضي الله عنهعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله عز وجل وكل بالرحم ملكًا يقول: يا رب نطفة، يا رب علقة، يا رب مضغة. فإذا أراد أن يقضي خلقه قال: أذكر أم أنثى؟ شقي أم سعيد؟ فما الرزق والأجل؟ فيكتب في بطن أمه))([71]). كما أن علم جنس ما في أرحام إناث بني آدم ثبت أنه يمكن أن يكون بغير ذلك كالفراسة؛ والرؤيا وغيرهما. ومن شواهد ذلك أن أبا بكر رضي الله عنه علم ما في بطن زوجته قبل وضعه؛ حيث قال لعائشة رضي الله عنها في مرض موته في قصة هبته إياها عشرين وسقًا من ماله بالغابة: ((إني كنت نحلتك جاد عشرين وسقًا. فلو كنت جددتيه واحتزتيه كان لك. وإنما هو اليوم مال وارث. وإنما هما أخواك وأختاك فاقتسموه على كتاب الله. قالت عائشة: فقلت: يا أبت، إنما هي أسماء فمن الأخرى؟ فقال أبو بكر: ذو([72]) في بطن بنت خارجة أُراها جارية))([73]). قال القرافي معلقًا على ذلك في بيان عدم معارضته للآية: ((الذي اختص به الله تعالى هو علم هذه بغير سبب محصل للعلم والصدِّيق رضي الله عنه قيل علم ذلك بسبب منام رآه فلا تناقض))([74]). وهذا الخبر عن الصديق يصلح شاهدًا لجواز بحث الإنسان في جنس الجنين. قال السرخسي معلقًا على هذه القصة: ((وفيه دليل أن الحمل من جملة الورثة، وأنه لا بأس للإنسان أن يتكلم بمثل هذا بطريق الفراسة. فإن أبا بكر رضي الله عنه قال ذلك بفراسته، ولم يكن ذلك منه رجمًا بالغيب. فإن ما في الرحم لا يعلم حقيقته إلا الله تعالى كما قال الله تعالى: ﴿وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ﴾([75]).
الدليل الثاني: أن العمل على تحديد جنس الجنين ضرب من ضروب تغيير خلق الله تعالى الذي هو من عمل الشيطان كما دل عليه قوله تعالى:﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾([76]). وكذلك ما رواه الشيخان([77]) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ((لعن الله الواشمات والمستوشمات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله تعالى مالي لا ألعن من لعن النبي صلى الله عليه وسلم)). فإذا كان التغيير في صورة الخلقة على النحو الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم محرمًا فكيف بالتغيير في الجنس؟ لاشك أنه أحق بالتحريم وأولى بالمنع.
ويجاب على هذا بعدم التسليم، وذلك أن تحديد جنس الجنين لا يدخل في تغيير خلق الله تعالى؛ وبيان ذلك أن جميع إجراءات عملية تحديد جنس الجنين في جميع صورها تكون قبل تكوُّن الجنين وتخلقه، فلا تغيير فيها.
الدليل الثالث: أن القول بجواز العمل على تحديد جنس الجنين يفضي إلى عدة مفاسد ومخاطر منها:
1. الإخلال بالتوازن الطبعي البشري في نسب الجنسين الذي أجراه الله تعالى في الكون لحكمة ورحمة. فإن كثيرًا من الناس قد يميل إلى جنس الذكور في المواليد لذلك ((حذر خبراء في مجال الأخلاقيات من مخاطر وقوع اختلال سكاني بسبب هذه الطريقة فضلا عن تجاوزات تسمح باختيار مميزات الأطفال الجسدية. ففي الصين والهند حيث يفضل الأهل إنجاب الذكور أدى إجهاض الأجنة الأنثى وحتى قتل الأطفال إلى نقص في الفتيات))([78]). ويعزز هذا ما جاء في تقرير اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة حول كوريا ((وما يثير القلق إلى حد كبير هو ممارسة تعيين جنس الجنين، والازدياد غير المتناسب في نسبة البنين إلى البنات))([79]).
2. فتح المجال أمام العبث العلمي في خلق الإنسان وتكوينه، وهو أمر اتفق الناس على خطورته وشؤم عاقبته على البشرية.
3. ما يمكن أن يقع من جراء بعض الطرق في عملية تحديد جنس الجنين من اختلاط الأنساب، وهذا من المفاسد الكبرى الناتجة عن هذه العملية([80]).
4. هتك العورات بكشفها وعدم حفظها، وذلك أن من طرق تحديد جنس الجنين ما يتطلب كشف المرأة عن العورة المغلظة.
ويجاب على هذا إجمالاً بأن وجود المفاسد في عمل معين، وأمر ما لا يلزم منه منعه شرعًا إلا في حال كون المفاسد غالبة والمصالح منغمرة كما دلت على ذلك قواعد الشريعة ونصوصها([81]). لذا وجبت الموازنة بين المفاسد والمصالح في قضية تحديد جنس الجنين.
وبالنظر إلى ما ذكر من المفاسد المترتبة على القول بجواز العمل على تحديد جنس الجنين يتبين أنها ليست ملازمة للقول بالجواز ولا للعملية نفسها؛ لكنها مفاسد قد تنتج عن سوء استعمال أو عن أمور ليست ذات صلة بالعملية ذاتها. ويمكن بيان ذلك بالإجابة على المفاسد المذكورة بالنقاط التالية:
1. أن ما ذكر من اختلال في نسب الجنسين ليس سببه إمكانية تحديد جنس الجنين، بل هو راجع لأمور أخرى خارجة عن ذلك. فعلى سبيل المثال ما ذكر من شواهد اختلال في الصين وكوريا هو نتاج قانون التنظيم الحكومي للنسل الذي يمنع أكثر من ولد، فيضطر الناس إلى العمل على تحديد جنس المولود الذي يرغبون فيه لعدم إمكانية تكرر الحمل ثانية([82]). كما أنه مع التطور المشاهد في تسجيل المواليد ونسبهم التحكم بالمنع عند حصول الاختلال كما فعلت الحكومة الماليزية حيث اقترحت مشروع قانون يحظر ((اختيار جنس المولود قبل ولادته؛ وذلك بدعوى أن هذا العمل قد يسفر عن اختلالات اجتماعية))([83]). والمشروع نفسه كان مقترحًا في الصين ((لإعطاء فاعلية جديدة للحملة الحكومية المناهضةللإجهاض الاختياري للأجنة الإناث. وتصحيح الخلل في معدل الذكور إلى الإناث))([84]). ومن الضمانات التي اقترحها جماعة من القائلين بالجواز لتوقي مخاطر الاختلال المذكور تقييد جواز تحديد جنس الجنين بما إذا لم يكن مشروع دولة وسياسة أمة. ومن الضمانات أيضًا تقييده بما إذا دعت إليه الحاجة. أما إذا لم يكن حاجة فترك الأمر على طبيعته دون تدخل هو المسلك القويم.
2. وجود العبث العلمي في خلق الإنسان وتكوينه لا يسوغ منع الاستعمال الراشد لتحقيق الأهداف السليمة. وإنما الذي يمنع هو ما كان ضارًٍا من تلك التطبيقات.
3. لا ريب أن الخشية من اختلاط الأنساب محذور قائم في بعض الوسائل المستعملة لتحديد جنس الجنين وليس في جميعها. والإجماع منعقد على أن الجواز يشترط له الأمن من اختلاط الأنساب باختلاط المياه.
4. من المُسَلَّم أن بعض وسائل تحديد جنس الجنين تتطلب كشف العورة المغلظة. وهذا الكشف قد يندرج في الحاجة التي لا خلاف بين أهل العلم في أنه يجوز معها كشف العورة بقدرها([85]).
ومثل هذا النوع من المفاسد لا يقوى على المنع؛ لأنه في الإمكان العمل على توقي هذه المفاسد ومحاصرتها بالضوابط المانعة من حصولها، أو قطع مسبباتها. ولذلك أكثر من قال بالجواز قيَّد ذلك بما يدفع المفاسد ويضيقها. وسيأتي مزيد بسط وبيان لهذا عند الحديث عن ضوابط في تحديد جنس الجنين.
الدليل الرابع: أن القول بجواز العمل على تحديد جنس الجنين يفضي إلى تفضيل جنس على جنس، وهو في معنى ما كان عليه أهل الجاهلية من تفضيل الذكور على الإناث، الذي أفضى بهم إلى الوأد في الجاهلية([86]).
ويجاب على هذا بما تقدم من أن طلب جنس معين في الولد لا محظور فيه شرعًا. فالله تعالى قد أقرَّ بعض أنبيائه الذين سألوه في دعائهم أن يهب لهم ذكورًا من الولد. كما في دعاء إبراهيم وزكرياء([87]). أما ما كان عليه أهل الجاهلية من الوأد فلا خلاف في تحريمه وعدم جوازه، ويلحق به في التحريم ما كان في معناه من طرق اختيار جنس الجنين بإجهاضه، وهو ما يعرف بالإجهاض الانتقائي([88])، فهذا الطريق من الطرق المحرمة في اختيار جنس الجنين([89]). كما أنه خارج عن محل البحث.
الترجيح:
وبعد هذا التطواف في أدلة الجواز والمنع، فالذي يترجح أن الأصل في تحديد جنس الجنين الإباحة والجواز؛ لقوة أدلة الجواز، ولعدم قيام دليل يعضد القول بالمنع والتحريم. لكن لما كان تحديد جنس الجنين يحتاج لضبطٍ لتوقي الاستعمال السيِّئ له فقد ذكر أهل العلم والنظر في الشرع والاجتماع جملة من الضوابط تمنع ما يمكن أن يكون من استعمال غير راشد لتحديد جنس الجنين. وسأذكر ذلك في المطلب القادم.
المطلب الثاني: ضوابط في تحديد جنس الجنين.
نظرة عجلى فيما اشتملت عليه التقارير والأخبار عن حال الناس مع ما أفرزه التطور في عملية تحديد جنس الجنين تُظْهِر أن هناك إشكالية تحتاج إلى معالجة شرعية وقانونية واجتماعية للحد من الاستعمال السيِّئ لهذا التقدم الطبي والإنجاز العلمي ولتسخيره في خدمة البشرية. فإذا لم يمكن ذلك إلا بالمنع والتحريم، فهو حينئذ وجيه مبرر، ((فإن الشرائع مبناها على المصالح بحسب الإمكان وتكميلها وتعطيل المفاسد بحسب الإمكان وتقليلها))([90]). فإذا اجتمعت في أمر ما مصالح ومفاسد وتعذر درء المفاسد وتحصيل المصالح فإن كانت المفسدة أعظم من المصلحة تعين درء المفسدة([91]), كما قال تعالى: ﴿يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ﴾([92]). والإنسان بطبعه يؤثر ما رجحت مصلحته على مفسدته ويتوقى ما رجحت مفسدته على مصلحته([93]). لهذا كانت الضوابط المانعة من مفاسد تحديد جنس الجنين مما تداعى إليه المهتمون على اختلاف أديانهم وبلدانهم. ويمكن إجمال ما ذكر من ضوابط فيما يأتي:
الأول: ألا تكون عملية تحديد جنس الجنين قانونًا ملزمًا، وسياسة عامة. وقصر الجواز على تحقيق الرغبات الخاصة للأزواج في اختيار جنس الجنين([94]).
الثاني: قَصْرُ عملية تحديد جنس الجنين بما إذا دعت إليه الحاجة، أما في حال عدمها فترك الأمر على طبيعته دون تدخل هو المسلك القويم. فقد أثبتت إمكانية تحديد جنس الجنين الفعالية في حل كثير من المشكلات الاجتماعيةوالطبية، كتحقيق رغبة الزوجين في إنجاب مولود من جنس معين، بعدماأنجبوا لمرات عدة من الجنس الآخر. كما أنها أثبتت فاعلية في التقليل من احتمالات الإصابة بالأمراضالوراثية التي تنتقل إلى أحد الجنسين([95]). ومن وسائل ضبط الاستعمال الراشد لهذه العملية ما تطبقه بعض الدول التي تأذن بإجراء عملية تحديد جنس الجنين من قيود صارمة على المراكز الطبية والمستشفيات المتخصصة في إجراء هذا النوع من العمليات. فعلى سبيل المثال في بريطانياوالولايات المتحدة الأمريكية، لا تقبل طلبات تحديد الجنس، إلا من أسر لديها أطفالمن الجنس الآخر، أو في حالة الأمراض الوراثية([96]).
الثالث: اتخاذ الضمانات اللازمة والتدابير الصارمة لمنع أي احتمال لاختلاط المياه المفضي إلى اختلاط الأنساب.
الرابع: التأكيد على حفظ العورات وصيانتها من الهتك، وذلك من خلال قصر الكشف على موضع الحاجة قدرًا وزمانًا، وأن يكون من الموافق في الجنس درء للفتنة ومنعًا لأسبابها.
الخامس: المراقبة الدائمة من الجهات ذات العلاقة لنسب المواليد وملاحظة الاختلال في النسب واتخاذ الإجراءات المناسبة من القوانين والتنظيمات لمنعه وتوقيه كما جرى في ماليزيا والصين([97]).
السادس: أن يكون تحديد جنس الجنين بتراضي الوالدين: الأب والأم. لأن لكل واحد منهما حقًا في الولد فإن اختلفا. فالأصل بقاء الأمر على حاله دون تدخل في التحديد درءًا لمفسدة الشقاق.
السابع: اعتقاد أن هذه الوسائل ما هي إلا أسباب وذرائع لإدراك المطلوب لا تستقل بالفعل ولا تخرج عن تقدير الله وإذنه، فلله الأمر من قبل ومن بعد ﴿ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾([98]).
المبحث الثاني: نظرة شرعية في طرق تحديد جنس الجنين
لقد سلك الناس منذ زمنٍ بعيدٍ طرقًا عدة ومسالك شتى لاختيار جنس مواليدهم. وقبل الدخول في ذكر تلك الوسائل وبيان حكمها، أنبه إلى أن أعظم الوسائل وأنجعها في حصول المطلوب دعاء الله تعالى والتضرع بين يديه. فالدعاء أقوى الأسباب وأنفعها، وهو أبلغ الوسائل في إدراك المقاصد([99]). وقد قصَّ الله تعالى عظيم أثر الدعاء في حصول المطلوب من الولد في كتابه الحكيم في غير ما موضع. فهذا خليل الرحمن إبراهيم عليه الصلاة والسلام دعا الله تعالى أن يرزقه ولدًا ذكرًا فقال: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾([100])، فأجاب رب العالمين دعاءه قال الله تعالى: ﴿فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ﴾([101]). وهذا نبي الله زكريا عليه الصلاة والسلام دعا ربه أيضًا أن يهبه غلامًا زكيًا، فقال كما قصَّ تعالى: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾([102]). فأجاب الله تعالى دعاءه وسؤاله قال جل جلاله: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى ﴾([103]).
لكن ينبغي أن يتنبه إلى أنه ليس هناك دعاء مخصوص عند الجماع للحصول على النوع المطلوب من الولد([104])، بل يدعو العبد بما شاء. والدعاء وسيلة تنجح بها سائر الوسائل المباحة.
وبالنظر إلى الأسباب والوسائل التي تستعمل وتتخذ لتحديد جنس الجنين يمكن القول أنها ترجع إلى قسمين في الجملة وفق ما تستند إليه:
الأول: طرق ووسائل عامة غير طبية.
الثاني: طرق ووسائل طبية.
ولكي نصل إلى حكم هذه السبل والطرق نحتاج إلى نظر في مدى مراعاة هذه الطرق المختلفة للضوابط والمعايير التي تميز الحلال من الحرام في عملية تحديد جنس الجنين. وهذا ما سيتناوله المطلبان التاليان:
المطلب الأول: الطرق والوسائل العامة غير الطبية لتحديد جنس الجنين
الجامع لهذه الطرق هو أنها وسائل وطرق تستعمل لتحديد جنس الجنين دون تدخل طبي، فالرغبة في تحديد جنس الجنين أمر شغل كثيرًا من الناس منذ القدم. وقد تناقل الناس طرقًا عديدة ونظريات مختلفة لا تصدقها تجربة ولا تثبتها براهين. فلا تستحق الوقوف عندها؛ لأن كثيرًا منها قد اندثر وطواه كرُّ الزمان([105])، ولاسيما مع ما يشهده العالم اليوم من ثورة علمية في العلوم الطبيِّة عمومًا وعلم الهندسة الوراثية خصوصًا. لذلك سأتطرق في هذا المطلب إلى الطرق التي لها حضور في حياة الناس فقط مما لا يستدعي تدخلاً طبيًّا.
الفرع الأول: النظام الغذائي
ورد في بعض الأبحاث أن لتغذية المرأة تأثيرًا في عملية تحديد جنس المولود؛ وقد شرحت تلك الأبحاث كيفية التأثير التي تتلخص في أن بعض الأغذية تؤدي إلى إحداث تهيئة من طريق زيادة نسب مواد في الرحم وخفض نسب مواد أخرى ينتج عنها التلقيح بالجنس المطلوب. ولحصول ذلك كله برنامج غذائي مقترح([106]).
ومن هذا العرض الموجز لهذه الطريقة يتبين أنه ليس فيها ما يُوجِب المنع والتحريم. بل هي من جملة الأسباب المباحة؛ لتحقيق الرغبة في جنس المولود.
الفرع الثاني:استعمال الغسول الكيميائي المناسب
هذه الطريقة تتلخص في أنه بات معروفًا أن الوسط الحامضي أكثر ملاءمة للحيوان المنوي الأنثوي، والوسط القاعدي يناسب الحيوان المنوي الذكري. لذلك يستعمل بعض النساء دش مهبلي حامضي أو قاعدي لتهيئة الرحم بالوسط الكيمائي المناسب للجنس المرغوب فيه([107]).
وهذه الطريقة كسابقتها في الحكم، ليس فيها ما يخرجها عن أصل الإباحة.
الفرع الثالث: توقيت الجماع
تعتمد هذه الطريقة على معرفة اختلاف الخصائص الخلقية للحيوانات المنوية الذكرية عن الأنثوية. فقد كشفت الأبحاث أن الحيوان المنوي الذكري خفيف الوزن, سريع الحركة، يعيش زمنًا قصيرًا، في حين أن الحيوان المنوي الأنثوي ثقيل الوزن، بطيء الحركة، يعيش زمنًا أطول من الذكري. وبناء على ذلك يمكن التدخل لتهيئة التوقيت المناسب للجماع؛ الذي يرشح حصول الجنس المأمول. فمثلا إذا حدث الجماع مباشرة بعد حدوث الإباضة فإن الكفة ترجح للذكورة، والعكس صحيح. وقد ترتفع نسبة النجاح بالحصول على الجنس المطلوب إذا ضمت الوسائل المتقدمة إلى التوقيت الدقيق للإباضة والوقاع([108]).
والحكم في هذه الطريقة كالوسيلتين السابقتين، فهذه الوسيلة لا تعدو كونها سببًا مباحًا لا محظور فيها لإدراك مقصد جائز مباح.
أما ما يتعلق بتوقيت الجماع استنادًا إلى دورة القمر([109]) فلا يجوز اعتماده ولا العمل به؛ لأنه سبب لم يثبته حس ولا تجربة. وهو ضرب من التخمين المرتبط بالتنجيم واعتقاد تأثير الأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية.
الفرع الرابع: الجدول الصيني والطريقة الحسابية
حقيقة الجدول الصيني الذي يُرَوَّج له على أنه وسيلة من وسائل تحديد جنس الجنين محاولة إيجاد علاقة فلكية بين جنس الجنين وعمر أمه وعمر الجنين وشهر التلقيح، في طريقة معقدة. تبنى على فرضيات فلكية لا ترتكز على أساس علمي يُعتمد عليه([110]). وقريب منه الطريقة الحسابية التي تعتمد على جمع عدد أحرف اسم المرأة، مع عدد أحرف اسم والدتها، مع عدد أيام الشهر الذي يتم به الحمل، مع عدد أيام الشهر الذي سوف تلد به المرأة، فإذا حصل لدينا رقمًا مفردًا فينتظر أن يكون المولود ذكرًا، وإذا حصل رقمًا مزدوجًا فيكون المولود المنتظر أنثى([111]).
وهذه الطريقة لا يرتاب عالم بشرع أنها لا تجوز لما اشتملت عليه من اعتقاد جاهلي، وعمل المنجمين والعرافين الذين يدعون علم الغيب. كما أن في هذه الطرق جعل ما ليس سببًا في الشرع ولا في القدر سببًا.
وقد جاء في فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية عن تحديد جنس الجنين استنادًا إلى الجدول الصيني ((وأما تحديد نوعه بموجب الجدول المشار إليه فهو كذب وباطل؛ لأنه من ادعاء علم الغيبالذي لا يعلمه إلا الله, ويجب إتلاف هذا الجدول، وعدم تداوله بين الناس))([112]).
وكذلك كانت فتوى مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه حيث جاء في فتواهم ((فلا يجوز اعتماد هذه الطريقة أو غيرها مما يشبهها كالجدول الصيني المذكور في السؤال لمعرفة أمر غيبي كتحديد الجنين أو غيره، والاعتماد على هذه الطريقة من جنس أعمال العرافين والمنجمين الذين يجعلون للأيام والشهور وأسماء الأشخاص تأثيرًا في الخلق ووسيلة إلى معرفة أمور الغيب، وهذا من أعظم المحرمات، لأن ذلك من الشرك القبيح الذي نهى الله عنه))([113]).
المطلب الثاني: الطرق الطبية لتحديد جنس الجنين
الطرق الطبية التي يُسعى من خلالها إلى تحديد جنس المولود على اختلافها تجتمع في كونها تسعى إلى تلقيح البويضة بالحيوانات المنوية الحاملة للجنس المرغوب فيه، بعد العمل على فصلها بالوسائل المختلفة. وهناك طرق عديدة لفصل الحيوانات المنوية للحصول على الجنس المطلوب؛ فمنها ما يعتمد على الغربلة، ومنها ما يعتمد على الطرد المركزي، ومنها ما يعتمد على اختلاف الشحنات الكهربائية، إلا أن هذه الوسائل جميعها لم تحقق نتائج مرضية، الأمر الذي دفع العلماء للبحث عن طرق أكثر دقة، وأكثر نجاحا وفعالية. ومع توالي الأبحاث والدراسات للوصول إلى وسيلة تكون أكثر دقة، لجأ العلماء إلى طريقة فصل الحيوانات المنوية بالاعتماد على محتويات المادة الوراثية (DNA)، ثم تطور الأمر إلى تقنية فصل الأجنة وهي من أنجح الوسائل التي توصلت إليها الأبحاث والدراسات لتحديد جنس الجنين.
وبعد نجاح عملية الفصل يتم التلقيح بعد ذلك؛ إما عن طريق التلقيح الصناعي، أو عن طريق أطفال الأنابيب التلقيحالمجهرى.
وملخص ما يجري في عملية التلقيح الصناعي أنه يتم متابعة التبويض ثم حقن الحيوانات المنوية المذكرة أو المؤنثة داخل الرحم في وقت التبويض وتبلغ نسبة حدوث الحمل 25٪، ويكون الجنين من الجنس المرغوب فيه سواء أكان ذكرًا أم أنثى بنسبة 80٪.
أما طريقة التلقيح المجهري فهي أكثر دقة وفيها يتم متابعة التبويض ثم ارتشاف البويضات خارج جسمالمرأة عن طريق المهبل (بدون جراحة)، ويلي ذلك تلقيح البويضات بالحيوانات المنويةبعد فصلها، وفي اليوم الثالث بعد التلقيح يتم فصل خلية واحدة من البويضة الملقحةوفحصها وراثيًّا لمعرفة جنس الجنين ثم إعادة البويضات المطلوبة فقط إلى الرحم، وتبلغنسبة الحمل في هذه الطريقة 50٪، ونسبة حصول الجنين المرغوب فيه أكثر من 99٪([114]).
والحقيقة أن هذه الوسائل على تنوعها واختلافها يجري فيها من حيث تكييفها الواقعي وحكمها الشرعي ما ذكره العلماء في مسألة التلقيح الصناعي وأطفال الأنابيب. وقد أصدر المجمع الفقهي فيها قرارًا تضمن جواز الصورتين التاليتين:
الأولى: أن تؤخذ نطفةٌ من زوجٍ وبويضةً من زوجتِه ويتم التلقيح خارجيًّا ثم تزرع اللقيحة في رحم الزوجة.
الثانية: أن تؤخذ بذرة الزوج وتحقن في الموضع المناسب من مهبل زوجته أو رحمها تلقيحًا داخليًّا.
فجاء في قرار المجلس فيما يخص هاتين الصورتين ((فقد رأى مجلس المجمع أنه لا حرج من اللجوء إليهما عند الحاجة مع التأكيد على ضرورة أخذ كل الاحتياطات اللازمة))([115]).
فالذي يظهر جواز استعمال هذه الوسائل الطبية مع مراعاة الضوابط السابقة الذكر، ولاسيما اتخاذ الضمانات اللازمة والتدابير الصارمة لمنع أي احتمال لاختلاط المياه المفضي إلى اختلاط الأنساب. ولا يغيب التأكيد على حفظ العورات وصيانتها من الهتك، وذلك من خلال قصر الكشف على موضع الحاجة قدرًا وزمانًا، وأن تكون العملية من الموافق في الجنس درءًا للفتنة ومنعًا لأسبابها.
الخاتمة
وفي خاتمة هذا البحث أقيد أبرز النتائج التي توصلت إليها من خلال البحث في النقاط التالية:
الأولى: الاهتمام بتحديد جنس الجنين والبحث عن سبل تحقيق ذلك ليس قضية حادثة، بل هي مسألة تضرب بجذورها في القدم. والجديد في القضية هو ما طرأ فيها من تقدم في الوسائل والطرق التي من خلالها يمكن تحديد جنس الجنين سواء أكان ذكرًا أم كان أنثى.
الثانية: الأصل في تحديد جنس الجنين الإباحة والجواز؛ لقوة أدلة الجواز، ولعدم قيام دليل يعضد القول بالمنع والتحريم.
الثالثة: الواقع العملي في عملية تحديد جنس الجنين يظهر هناك إشكالية تحتاج إلى معالجة شرعية وقانونية واجتماعية للحد من الاستعمال السيئ لهذا التقدم الطبي والإنجاز العلمي ولتسخيره في خدمة البشرية. وذلك من خلال الضوابط المانعة من مفاسد تحديد جنس الجنين التي تداعى إليها المهتمون على اختلاف أديانهم وبلدانهم.
الرابعة: يمكن إجمال تلك الضوابط المقترحة في ألا تكون عملية تحديد جنس الجنين سياسة عامة؛ لئلا يفضي إلى اختلال في التوازن الطبعي في نسب الخلق. وأن يقتصر استعمالها على الحاجة. وأن يُتَأكد تمام التأكد من عدم اختلاط المياه المفضي إلى اختلاط الأنساب. كما يجب العمل على حفظ العورات من الهتك، وذلك من خلال قصر الكشف على موضع الحاجة قدرًا وزمانًا. وأن يكون تحديد جنس الجنين بتراضي الوالدين. كما ينبغي ألا يغيب أن هذه الوسائل ما هي إلا أسباب لإدراك المطلوب، وأن الدعاء آكدها وأعظمها تأثيرًا.
الخامسة: الوسائل التي تستعمل وتتخذ لتحديد جنس الجنين ترجع إلى قسمين في الجملة وفق ما تستند إليه: وسائل عامة غير طبية، ووسائل طبية.
السادسة: الطرق العامة التي لا تستدعي تدخلاً طبيًّا كالنظام الغذائي والغسول الكيميائي وتوقيت الجماع بتحري وقت الإباضة لا تعدو كونها أسبابًا مباحةً لا محظور فيها لإدراك مقصد جائز مباح. أما التوقيت استنادًا لدورة القمر وكذلك استعمال الجدول الصيني والطرق الحسابية، فلا تجوز؛ إذ هي في الحقيقة ضرب من التخمين المرتبط بالتنجيم وادعاء علم الغيب.
السابعة: الطرق الطبيِّة التي يُسعى من خلالها إلى تحديد جنس المولود على اختلافها تجتمع في كونها تسعى إلى تلقيح البويضة بالحيوانات المنوية الحاملة للجنس المرغوب فيه ولا حرج من اللجوء إليها عند الحاجة مع التأكيد على ضرورة الأخذ بالضوابط سالفة الذكر.
فهرس المصادر والمراجع
(1) أحكام الإجهاض في الفقه الإسلامي. للدكتور إبراهيم بن محمد قاسم بن محمد رحيم. سلسة إصدارات مجلة الحكمة، الطبعة الأولى، 1423هـ.
(2) أحكام القرآن. للإمام أبي بكر أحمد الرازي الجصاص، تحقيق: محمد الصادق قمحاوي، دار إحياء التراث، بيروت، لبنان.
(3) اختيار جنس الجنين دراسة فقهية طبية. للدكتور عبدالرشيد قاسم، مكتبة الأسدي،مكة المكرمة، الطبعة الثانية، 1424هـ.
(4) الآداب الشرعية. للعلامة ابن مفــــلح، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وعمر القيَّـــام، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية.
(5) إعلام الموقعين عن ربّ العالمين. تأليف: محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد.
(6) البحر المحيط في أصول الفقه. تأليف: محمد بن بهادر بن عبدالله الشافي، قام بتحريره الدكتور: عبد الستار أبو غدة، الطبعة الثانية (1413هـ).
(7) البيان لما يشغلالأذهان. للدكتور علي جمعة.
(8) التحبير شرح التحرير في أصول الفقه. للعلامة علي بن سليمان المرداوي، تحقيق: عوض بن محمد القرني، مكتبة الرشد، الطبعة الأولى، عام (1421هـ).
(9) تحفة المودود بأحكام المولود. تأليف ابن القيم الجوزية، تحقيق بشير عيون، مكتبة دار البيان، والمؤيد، الطبعة الثانية، عام (1407هـ).
(10) تعرفي على هرموناتك وجنس مولودك. تأليف لمي السبيعي، الرياض، 1428هـ.
(11) تفسير القرآن العظيم. للحافظ ابن كثير، تحقيق الدكتور: محمد إبراهيم البنا، ومحمد أحمد عاشور، وعبدالعزيز غنيم، الشعب، القاهرة.
(12) التفسير الكبير. للفخر الرازي، دار الفكر، الطبعة الثالثة، 1405.
(13) تقرير اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، الجمعية العامة- الدورة الخامسة والخمسون- الملحق رقم40(A/55/40)، ص 35.
(14) تهذيب الفروق. للشيخ محمد علي بن المرحوم، وهو مطبوع مع كتاب الفروق دار المعرفة، بيروت، لبنان.
(15) ثبت أعمال الندوة الأولى للمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية سنة 1983م، ص 37-44، 94، 349.
www.emro.who.int/ahsn/Presentations/Day3/DrHelali.ppt(16) جامع البيان عن تأويل آي القرآن. لمحمد بن جرير الطبري، دار الفكر، بيروت، لبنان، (1405هـ، 1984م).
(17) جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم. للحافظ ابن رجب البغدادي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، إبراهيم باجس، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى (1411هـ).
(18) جريدة الرياض، العدد 13883، الاربعاء 2 جمادى الأخر 1427هـ- 28 يونيو
(19) جريدة الشرق الأوسط، العدد 9891، الثلاثـاء 26 ذو القعـدة 1426هـ-27 ديسمبر 2005م.
(20) جريدة الغد الأردنية، اختيار جنس المولود: الإمكان الطبي والحكم الشرع، عماد الراعوش.
http://alghad.dot.jo/index.php?news=172897(21) درء تعارض العقل والنقل. لشيخ الإسلام أحمد بن تيمية، تحقيق: محمد رشاد سالم، دار الكنوز الأدبية.
(22) الدر