للاطفال ولا سيما حديثى الولاده منهم لغه خاصه لا تختلف ولا تتباين وان اختلفت الارض التى تنقلهم او السماء التى تظلهم انها اللغه التى لم تعرف الحياه غيرها على مر العصور والتى لايحسن الاطفال سواها.
لغه الطفــــــل هل من سبيل الى فهمها؟!!!!!
فى البدايه لابد من القول ان الطفل ليس بالعالم الغامض المغلق ولا هو بالمعادله المعقده التى يصعب فهمها او التعامل معها انه فقط حياه جديده برزت الى الوجود وفى يقين فطرتها ان كل ماحولها مهيأ لاستقبالها وللترحيب بها وللفهم عنها وهى فطره دقيقه الدلاله صادقه التصور فما من بيت يستقبل مولودا جديدا الا وتكون الاهبه لهذا الاستقبال فى اعلى درجاتها واكثرها صدقا وحراره ومع كل مره تنطلق فيها الصيحه الاولى فى البيت او فى غرفه الولاده تبدأ او تتجدد محاولات جاده لفهم هذا الضيف الجديد والتخاطب معه ومساعدته على تجاوز معاناه النقله بين عالم الرحم وعالم النور والهواء وانها لمعاناه كبيره كبر مابين هذين العالمين من اختلاف وتباين ولكى يكون فهم المولود الجديد امرا ميسرا لابد من التأكيد على ان لكل طفل فرديته وخصوصيته ونوشك ان نقول شخصيته وانهم جميعا قادرون بدرجه ما على ايصال رغباتهم الينا وعلى الرغم من ان رغباتهم هذه او متطلباتهم هذه تبدو شديده التواضع الا انها على اى حال ليست مجرد الاكل والنوم ...
الاطفال حين يتطلعون الينا بأعين مفتوحه ونظرات فضوليه يدعوننا الى التجاوب معهم والفهم عنهم .
على اننا مدعوون فى كل الاحوال الى التمييز بين طفل هادىء بطبعه يأكل وينام بنظام يلفت الانتباه ويبدى علائم الرضا والسعاده وبين طفل اخر لايستقر على حال فوضوى يبدو وكانه يواجه صعوبه مافى التأقلم مع الحياه الجديده فهو دائم الضجر والبكاء فان مثل هذا الطفل يتطلب منا مزيدا من الصبر كما يتطلب منا مزيدا من الاهتمام والمراقبه بغيه التوصل الى بواعث هذا السلوك ومن ثم معالجته واحتوائه.
ماذا يقول الطفل لنا ؟؟؟
ان الاطفال حديثى الولاده ينتظرون منا ان نقوم بالاعمال نيابه عنهم ولكنهم يوحون الينا دائما بما يريدون وان الام تستطيع بمراقبه طفلها باستمرار وبالانتباه الى حركاته وتعبيرات وجهه تستطيع ان تعرف كم من التنبيه والاثاره والضجيج يحتمله طفلها انه قد يتسلى بهذه المؤثرات بعض الوقت ولكنه سيصل اخر الامر الى ان يضيق بها ويضجر منها وينادى بتعبيرات وجهه او بحركات يديه وراسه ان دعونى اخلد للهدوء وفى كثير من الاحيان يكون البكاء الشديد الذى يحير الاهل ويقلق راحتهم عائدا لسبب بسيط وتافه وهو شعور الطفل بالحاجه الى السكينه والهدوء وماايسره من مطلب لو فطن الاهل عن الطفل مايريد.
ان الاطفال منذ الايام الاولى من ولادتهم يلتمسون الوسائل التى تساعدهم على التأقلم مع الحياه الجديده خارج الرحم فالنوم مثلا هو احدى الطرق التى يستخدمها الاطفال لتنظيم حياتهم وتأمين الطاقه اللازمه لنموهم فهم حين يشعرون بالحاجه الى اختزان هذه الطاقه يغلقون نافذه العالم الخارجى ويروحون فى نوم عميق وحين يكون هناك مايعوق هذه الحاجه فانهم يصرخون ويبكون دفاعا عنها وطلبا لها.
ان الوقت الذى يكون فيه طفلك فى احسن حالات صحوه هو الوقت المثالى لمحادثته ومداعبته وان الطفل يستطيع اخبارك بانه مستعد لذلك عن طريق فتحه لعينيه بشكل واسع او عن طريق مسكه لاصبعك وبعد عده اسابيع ستكون الابتسامه الرقيقه طريقته فى التعبير عن راحته وسعادته كما ستكون المناغاه الوسيله الاوضح والافصح لمثل هذا التعبير .
والبكاء اقوى وسائل التعبير عند الطفل وهو يستطيع بواسطته ان يعبر عن العديد من الحاجات او الرغبات كما انه يستطيع بتغيير نمطه او نغمته ان يعبر بدقه اكبر عما يريده بالتحديد فالطفل يبكى عندما يكون جائعا او مريضا او متألما وهو يبكى حينما يشعر بالحاجه الى تبديل ملابسه الداخليه او حين يشكو من الضجر والوحده او حين يكون اخذ قرارا اكبر ممكا تحتمله اعصابه المرهفه من الاثاره والتنبيه والوالدان احدهما او كلاهما يستطيعان بادامه الملاحظه ان يفرقا بين تلك الانواع المختلفه من البكاء ويستطيعان بالتالى ان يضعا حدا لمعاناه الطفل من هذه المشكله او تلك .
وان الاستجابه لبكاء الطفل امر فى غايه الاهميه لانك بذلك تعلمه ان يحسن التخاطب مع الاخرين وان يعبر عن رايه فى الوقت الذى يلزم ذلك كما انك تزرع فى تربه نفسه البكر مشاعر الثقه والامان وتعصمه من الاحساس بانه شخص فاقد الحيله .. هذا الاحساس الذى يبقى دفينا طوايا النفس حتى تتاح له فرصه للظهور عند الكبر فيبرز على صوره عجز التعامل مع الاخرين او مع الحياه.
ومن الخطأ الفادح الظن بان الاستجابه لبكاء الطفل تسىء الى اخلاقه وتجعله يعتمد على هذه الوسائل لتحقيق رغائبه فقد سقطت هذه النظريه فى علم النفس الطفل الحديث وحلت محلها النظريه التى تقول بأن البكاء لغه وان الاصغاء اليها افضل من الاعراض عنها والاضراب عن تفهمها لان ذلك اضرارا بالطفل يعجز هو عن التعبير عنه ونعجز نحن عن ادراك اثاره ومنعكساته.
تهدئه الطفل .. الطلب الاصعب
يندر ان تكون هناك ولاده حديثه لا تصاحبها شكوى متكرره من بكاء الطفل هذا البكاء الذى يكون فى حالات كثيره سببا لتنغيص الفرحه بالقادم العزيز الجديد ومن المهم جدا للام ولا سيما تلك التى تمر بتجربه الامومه لاول مره ان تعلم ان بكاء الطفل ليس ذنبا من ذنوبها وانه لايحدث بسبب تقصير منها او جهل بأسلوب التعامل مع طفلها الحديث الولاده وبالتالى الا تسمح لفشلها فى تهدئته ان يؤثر على نفسيتها او ان يسلبها راحتها وسعادتها ولتعلم ان بكاء الطفل يشكل القاسم المشترك الاعظم بلغه الرياضيات لملايين الامهات فى العالم عليها فقط ان تحاول وستنجح بقدر نجاحها فى فهم لغه الطفل وبقدر اجتهادها فى النفاذ الى عالمه الصغير المغلق.
ولنلاحظ ان الطفل لاينفجر باكيا الا بعد ان تعجز وسائله الخاصه عن تهدئه نفسه بنفسه انه يحاول اولا تعديل وضعيته فى السرير عن طريق تحريك الارجل والايدى والرأس كما يعمد الى الامساك بشىء قريب منه كطرف السرير او الغطاء ثم يحاول ان يهتدى الى اصبع او اكتر من اصابع يده فيرفعها الى فمه ويبدا عمليه مص يمكن عدها الوسيله الاكثر شيوعا فى مجال التهدئه الذاتيه لدى الاطفال فاذا عجزت كل هذه المحاولات عن امداده بما يحتاجه من هدوء استنجدبنا صارخا باكيا وكان لزاما علينا ان نسارع الى نجدته ومساعدته.
ومن المفيد ان نشير هنا الى ان مص الاصابع ليس عمليه تغذويه وان غايته ليست تطمين حاجه الجوع لدى الطفل فالاطفال عموما تتجاوز رغبه المص عندهم هذه الحاجه لتدخل فى مجال التهدئه الذاتيه ومما يؤكد ذلك ان عمليه المص هذه لوحظت حتى لدى الاجنه فى الارحام كما تلاحظ حتى بعد الشبع حيت يستمر الاطفال فى الامساك بأثداء امهاتهم لفتره مابعد الانتهاء من عمليه الرضاعه وقد ذهب بعضهم الى ان المص عمليه فطريه ارشد الطفل اليها لتنميه عضلات وجهه وقد يبدو فى هذا القول قدر من الحق غير القليل.
اذا لم تفلح وسائل التهدئه الذاتيه فى اسكات الطفل وتأكدنا من انه لا يشكو من جوع او بلل وان ملابسه مريحه له فقد يكون كل مايحتاجه وضعيه مريحه وجو هادى واناره معتدله وفسحه قصيره فى الهواء الطلق ومايسمى بحمام الهواء وهو ان نتركه محررا من ملابسه لبعض الوقت وفى احيان كثيره تنزع نفسه الى الاستماع لشىء مريح له ونصيحتى بالقران الكريم خير حافظ للاولادنا .