من خـــــير الصــــدقــــــات صدقة المــــــاء
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ,نبيــنا محمد وعلى آلـــه وصحبه أجمعين..
أمــــــــــابــعد...
فقد ساق الإمام المنذري رحمه الله تعالى في كتابه "الترغيب والترهيب" حكاية الامام البيهقي عن شيخه الحاكم أبي عبدالله -رحمه الله- أنه قًرِح وجهه,وعالجه بأنواع المعالجة ,فلم يذهب,وبقي فيه سنة ,فسأل الأستاذ الإمام أبا عثمان الصابوني أن يدعو له في مجلسه يوم الجمعة,فدعــا له, وأكثر الناس التأمين..
فلما كان من الجمعة الأخرى ألقت امرأة في المجلس رقعة بأنها عادت إلى بيتها,واجتهدت في الدعــاء للحــاكم أبي عبد الله في تلك الليلة,فرأت في منامها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأنه يقول لها:
*قولي لأبي عبد الله يوسع الماء على المسلميــن*
فجئت بالرقعة الى الحاكم ,فأمر بسقاية بُنيت على بــاب داره,وحين فرغوا من بنائها أمر بصب الــماء فيها,وطرح الجمد في المــاء, وأخذ الناس في الشرب ,فما مر عليه أسبوع حتى ظهر الشفاء,وزالت تلك القروح,وعاد وجهه الى احسن ما كان ,وعاش بعد ذلك سنين.
سبحـــان اللـــه العظــيم الذي دلنا على أبواب الخير ,وأرشدنا الى فكاك رقابنا ببذل صنوف البر والخيرات...
إنها صدقة المــــاء""""خــــير الصدقات.
صدقة المـــاء"""لإطفاء غضب ربنا جل جلاله.
صدقة المـــاء""" لإخماد نيران الذنوب.
صدقة المـــاء""" لفك حبس القطر.
صدقة المـــاء""" لحل قيد المرض.
صدقة المـــاء""" فدية لنا من العذاب.
صدقة المـــاء""" جُنة لنا من سوء المصرع والختام.
ومن رياض سنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم- إليكم هذا القطف الجني النضر:
*عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"ليس صدقة اعظم اجرا من مـــاء" حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 1/472
*وعن أنس - رضي الله عنه -:أن سعدا أتى الى النبي - صلى الله عليه وسلم -فقال يارسول الله إن امي توفيت ولم توص ِ,أفينفعها ان أتصدق عنها ؟قال:"نعم,وعليك بالمــاء"صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب1/472
*وعن سعد بن عبادة - رضي الله عنه -قال :قلت يارسول الله إن أمي ماتت,فأي الصدقة أفضل؟قال:"المـــاء"..فحفر بئرا وقال:هذه لأم سعد..صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 1/472
*وعن البراء بن عازب -رضي الله عنه - قال :جاء أعرابي الى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:يارسول الله علمني عملا يدخلني الجنة,قال:"إن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة ,أعتق النسمة ,وفك الرقبة,فإن لم تطق ذلك فأطعم الجائع واسقِ الظمآن..."صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب1/469
*وعن جابر - رضي الله عنه -أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال:"من حفر ماء لم يشرب منه كبد حرّى من جن ولا إنس ولا طائر إلا آجره الله يوم القيامة"حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب1/472
ومقالتي هذه إنما هي دعوة لبذل المعروف وخوض بحار البر ,فكثيرا ما يصادفنا في طرقاتنا من العمال والأجراء من يكدح تحت لهيب الشمس تراه فترحمه وقد أعياه الجهد والنصب ,وكم نرى أناسا في الدوائر الحكومية اوفي أي مكان عام في زحام وطول انتظار وقد أضناهم التعب والمشقة,,وفي المساجد عند انتظار صلاة الجمعةأو العيدين أو التراويح أو غير ذلك من تلك الفرص التي هي والله صيد ثمين وكنز لا يضيعه فطين...
إذارأيت ذلك فاهرع الى شراء الماء البارد الطيب القراح وادفع به الى تلك الأكباد الحرّى ..افعل ذلك في أي مكان ترى احتياج الناس فيه الى الماء ولا تحقر المعروف..قم وانهض واروي العطاش خاصة كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم ..لا تبخل على نفسك وبادر ثم بادر ولو أن تسقي هرّةأو أي كائن حي ..
وكما قال الشاعر:
لولا المشقة لساد الناس كلهمُ
الجود يُفقر والإقدام قتّالُ
نعم مشكلتنا دوما هي في اقتحام البوابة..وافتتاح الباب ...وإني لأعلم أن البدء بباب خير فيه نوع جهد ومشقة خاصةإن لم يجارك فيه أحد لكن إن فتحت الباب فهو نهر خير سيتدفق وسينفعك وينفع الناس وستسعد بعد ذلك بمغفرة الذنوب و فك قيود المرض والديون والسحروالعقم وكافة أنواع البلايا ,بادروستنال من خيرات الدنيا والآخرة ما لا يخطر لك على بال..
وأخيرا..
لا تنسوا إخواني وأخواتي فإن العمل يُبتغى به وجه الله تعالى أولا وآخرا ,,وبه نتقرب لله تعالى, ننال محبته ونسعد برضاه عنا,,فهو غاية مقصودنا ومنتهى مطلوبنا...لا تنسوا إصلاح النيات قبل فعل الخيرات وأثناء فعلها وبعد فعلها ..لعل الله أن يتقبل ويغفر ويرحم...
والحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات.. والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي ما ترك سبيلا من سبل الخيرات الا وأرشدنا اليه وحثنا على سلوكه جزاه الله عن أمتنا خير ما جزى نبيا عن أمته,,وعلى آله وصحبه أجمعين..