رمضان في غزة
موقع محيط
رمضان في غزةجاء شهر رمضان المبارك ليلقي بظلاله على العديد من البلدان العربية، وفي فلسطين وضع خاص حيث يستقبل الفلسطينيون رمضان بجيوب خاوية؛ فالبطالة في غزة مثلاً وصلت إلى نحو 70%، أي أن كل هؤلاء يعيشون على المساعدات الإنسانية المقدمة لهم من قبل المؤسسات الدولية والعربية والمحلية، بحسب التقرير الذي أجراه الصحفي ضياء الكحلوت من غزة، ونشر بجريدة "العرب" القطرية.
فلا تبدو في غزة حركة تدل على قدوم شهر رمضان؛ إذ إن القطاع الساحلي المحاصر منذ ثلاثة أعوام يعيش في خنق وقلة بضائع، إضافة لحرب صهيونية أدت لاستشهاد نحو 1500 فلسطيني، وتدمير عشرات البيوت والمنازل والمؤسسات.
أسواق غزة في رمضانوخلال جولة لمراسل "العرب" في أسواق غزة، اشتكا المواطنون من عدم وجود الأصناف الرمضانية التي لم تسمح سلطات الاحتلال لوزارة الاقتصاد الفلسطينية بإدخالها للقطاع، لتسهيل حياة الناس خلال الشهر الفضيل.
لكن المشكلة الأخرى هي الجيوب الخاوية؛ ففي غزة التي تعيش تحت وطأة حصار مشدد لا يمكن لأهلها أن يقدموا على شراء ملتزمات رمضان، ومن يستطيع منهم لا يجد إلا أنواعًا مهربة عبر أنفاق التهريب بين القطاع ومصر، هي أقل جودة وأغلى ثمنًا.
تقول الحاجة أم وسام البربري: إن شهر رمضان بلا بهجة هذا العام في غزة، اللهم إلا بهجة دينية، مشيرة إلى أنه كيف يمكن أن نطلب من العوائل المكلومة والمتعبة من الحرب والحصار أن تحتفي برمضان.
وأضافت أم وسام "لا أعتقد أن أحدًا سيحتفل برمضان، لكننا كلنا مصممون على صيامه وقيامه وإيتاء فروض الله فيه"، ورفعت الحاجة الستينية يدها للسماء ودعت الله "أن يفك حصار غزة، وأن يعيد لأهلها الحياة الكريمة".
أما خالد العمري الأب لسبعة أبناء من مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة، فاعتبر أن شهر رمضان يزيد من الألم في قلوب أولياء الأمور الذين لا يقدرون على تلبية احتياجات أبنائهم في الشهر الكريم.
وقال العمري: "أنا لا أستطيع أن أحضر لأبنائي كل ما يريدونه في غير رمضان، فكيف سأحضر لهم احتياجات رمضان الكثيرة والمتنوعة؟! الحصار حرمنا كل شيء، والحرب منعتنا من الفرحة".
من جانبها تساءلت نوال أحمد (45 عامًا)، التي هُدم بيت عائلتها في شمال قطاع غزة عن كيفية الاحتفال في رمضان في بيت مستأجر لا يوفي بالغرض، وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرون بها.
وقالت نوال أحمد: "لا يوجد احتفال برمضان، فالذين مثلنا -وهم كُثُر- هدمت بيوتهم في الحرب الأخيرة، لا يتذوقون طعم الفرح ولا يتصورون أنفسهم فرحى، مهما بلغت الظروف بهم؛ لأنهم يعانون الأمرّين".
وأوضحت نوال أحمد أن الفرحة ستدخل بيوتهم حين يفك الحصار، ويعاد ترميم منازلهم التي تدمرت خلال الحرب، وتنتهي معاناة الشعب الفلسطيني من الاحتلال، ومن الانقسام الداخلي الذي أتى على كل مكونات الحياة الفلسطينية.
وفي سياق متصل، فإن الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الكيان الصهيوني يعانون الأمرّين مع قدوم شهر رمضان، فلا هم بجوار أهلهم ولا هم يحصلون على حقوقهم لأداء صلواتهم وصيامهم على أكمل وجه.
ونبه رأفت حمدونة مدير مركز الأسرى للدراسات إلى أن دولة الاحتلال الصهيوني تنتهك الجانب الديني في رمضان وغيره، موضحًا أن الاحتلال يمنع إدخال الكتب الإسلامية عبر الزيارات بالعدد المطلوب، وعدم السماح لخطيب جمعة متواجد في أحد الأقسام ليخطب الجمعة في قسم آخر.
صلاة التراويح في غزةوأوضح حمدونة أن إدارة السجون الصهيونية تمنع جمع الأسرى في صلوات عامة في ساحة السجن المركزي وبشكل جماعي كصلاة الفجر أو المغرب أو العشاء، وقيام الليل والتراويح في شهر رمضان المبارك.
ونوه إلى أن الاحتلال لا يسمح بإحياء ليلة القدر بالشكل الجماعي؛ مما يضطر الأسرى من أدائها داخل الغرف الضيقة والمزدحمة. هذا وتمنع إدارة السجون وجود مصلى عام في كل سجن، رغم مطالبة الأسرى له منذ سنين أسوة بالأسرى اليهود، وتعزل الإدارة كل خطيب جمعة يتفوه بكلمة لا تعجبها وتعاقبه، وقد تنقله من سجن لآخر على ذلك، وتمنع الأسرى من حرية التزاور والحركة داخل السجون في عيدي الفطر والأضحى إلا بالشكل المحدود والداخلي في داخل القسم الواحد".
وأكد حمدونة "أن حرمان الأسرى من زيارة أهليهم وأطفالهم في شهر رمضان المبارك يضاعف من معاناتهم"، معتبرًا أن هذا المنع مخالفًا للنظم والقوانين والاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية جنيف الرابعة، وعقاب إضافي يضاف لأحكامهم.
وطالب الصليب الأحمر الدولي بالعمل على ضمان الزيارة لكل أهالي الأسرى، بعيدًا عن سياسة المنع تحت أي حجة، واستئناف الزيارة بشكل طبيعي أسبوعيًّا للموقوف، وكل أسبوعين للمحكوم، مع إدخال الاحتياجات من ملابس وغذاء وكتب، مطالبين بإلغاء الزجاج العازل، وعدم ربط هذا الموضوع بأي حجج أخرى.
وأكد مدير مركز الأسرى "أن منع الأسرى من الزيارات أحدث نقصًا حادًّا في احتياجاتهم الأساسية كالملابس والأحذية، وأن إدارات السجون تفرض على الأسرى شراء هذه الاحتياجات من الكانتين وبأسعار باهظة، الأمر الذي يضاعف من معاناة الأسرى الذين باتوا يتحملون عبئًا فوق إمكانياتهم المادية".
المصدر: موقع محيط.