كيف تكونين بارة بأبنائك ؟!
قال تعالى :
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا }..
اشتملت هذه الآية الكريمة على صفات النفس ذات الهمة العالية والتي لا ترضى بالدنية في الدين بل لا تريد أن تكون تقية فقط ولكن تكون إماماً للمتقين.. وقد أكون قدوة حسنة لغيري في ملبسي وتعاملاتي وفي معاملتي لزوجي ولكن هل سألت إحدانا نفسها ذات يوم:هل أنا قدوة للغير في تربيتي لأبنائي ؟.. وإذا لم أكن كذلك فماذا علي أن أفعل؟ وما هي الوسائل التي تعينني على ذلك ؟ هذا ما يجيب عليه حوارنا التالي مع الباحثة التربوية إيمان الحربي إحدى المهتمات بشئون المرأة المسلمة.
* هل العبء الأكبر في التربية يقع على الأم أم على الأب؟
- تربية الأبناء مسئولية الأب والأم معاً ولكن العبء الأكبر يقع على الأم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته.. والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها" كما أن المرأة تكون أقرب إلى نفوس أبنائها من الرجل وخاصة في هذا الزمن الذي أصبح فيه الرجال يلهثون من أجل توفير حياة كريمة للأبناء.
* إذا أردنا أن نربي أبنائنا تربية صحيحة فإن ذلك يحتاج إلى جهد ومشقة فهل لهذه التربية من فضائل؟
- من فضائل التربية الولد الصالح وهذا نتاج تربية عظيمة فيها صبر ومصابرة وهذا الولد الصالح يكون امتداد لعمل والديه بعد موتهما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ومنها ولد صالح يدعو له "ويأتي العبد يوم القيامة في ميزانه حسنات كالجبال فيقول من أين هذا يا رب فيقول باستغفار ولدك لك..
- أنها سبب في زيادة الأجر والمثوبة فعندما تعلم الأم أبنائها الصلاة والوضوء والأذكار وسجود الشكر عند ورود نعمة والدعاء واللجوء إلى الله دائماً وصلاة قضاء الحاجة عند ذهابهم إلى الامتحان مثلا كل ذلك في ميزان حسنات الأم.
* لماذا حث الإسلام على الإحسان للبنات خاصة؟
- لأن الجاهلية كانت تؤدهن وتظلمهن وكانت المرأة ُتورث كالمتاع فجاء الإسلام ورفع من شأنها وكرمها وأمر بالإحسان إليها منذ ولادتها فأوصى الآباء بألا يضيقوا إذا رزقوا بهن فإن ضاقوا بهن فقد صاروا آثمين متمردين على قضاء الله وأصبحوا بالجاهلية أشبه وشجع على رعاية البنات بوجه خاص ويجعل الجنة جزاء إحسان تربية ثلاث بنات أو اثنتين أو واحدة فالإحسان إلى البنات خاصة له أجر عظيم
* ماهي صفات الأم والمربية الناجحة التي تستحق البر؟
- ذات مرة اجتمع أبو الأسود الدؤلي مع أولاده وقال لهم: أحسنت إليكم وأنتم صغاراً وأحسنت إليكم وأنتم كباراً وقبل أن تولدوا فقالوا: أحسنت إلينا ونحن صغارا وكباراً ولكن كيف أحسنت إلينا قبل أن نولد؟. قال لهم أحسنت اختيار أمكم فمن صفات هذه الأم:
* الإخلاص لله..فهي تربي أبنائها من أجل الله ولله فهم أمانة أعطاها الله إياها.
* أن تكون قدوة للأبناء في تعاملاتها.. في أخلاقها.. في عباداتها.. في نظامها.. في مأكلها في مشربها فالابن مثل الإسفنجة يمتص كل ما حوله وإذا أصلحت الأم نفسها فإن الله يحفظهم قال عز وجل " وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً ".. والشيء المهم هو أن أذكرهم دائماً بقدوتنا جميعاً محمد صلى الله عليه وسلم لأن الجميع يخطئ باستثنائه صلي الله عليه وسلم.
* الصبر والحلم: وهذه الصفة تكاد تكون منعدمة..فأبنائك عندما يعودون من المدرسة يجدوا منك الصراخ والعراك والعصبية.. نعم التربية مجهود ومشقة ولكن يكفيك قوله تعالى " إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ. ".. وهناك نقطة هامة حقيقة أود أن ألفت النظر إليها وهي أن نبعد عن مقارنتهم بما كنا عليه ونحن في سنهم فعلي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: ربوا أبنائكم واعلموا أنهم خلقوا لزمان غير زمانكم.
* الرحمة والحب.. أنصح كل أم أن تستبدل العقاب بالحب لأنه للأسف الشديد في كثير من البيوت أصبح الأب والأم أدوات تعذيب للأبناء فالأب يضرب والأم تصرخ والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: علق السوط.. ولم يقل اضرب بالسوط فمن الممكن أن تستخدم الأم أسلوب المكافأة ولكن ابدئي بالحديث عن الأجر وبدرجات الجنة وبأن بين كل درجة وأخرى كما بين السماوات والأرض فيجب على الأم أن تختار الأسلوب المناسب للعقاب ولا يكن خيارك الدائم هو الضرب..وهناك قاعدة تربوية عظيمة وضعها علي بن أبي طالب وهي: لاعبوهم سبعاً وأدبوهم سبعاً وآخوهم سبعاً ثم اترك لهم الحبل على الغارب..ففي السبع الأولى يكون اللعب والحنان والعطف (بشرط ألا يتميع الطفل) وفي السبع الثانية يكون التعليم المباشر (مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر.. الحديث) والعلماء حددوا شروطا للضرب وهذا للصلاة وفي السبع الثالثة تكون المصاحبة بالحوار والمناقشة وهذا المنهج العظيم لو سارت عليه الأسرة المسلمة لتحجمت الكثير من المشكلات التي نواجهها.
* المساواة والعدل: فلابد أن يكون العدل في كل شيء.. ما قامت السماوات والأرض إلا بالعدل.. حتى في المدح والثناء وإياك ومقارنة أخت بأختها فهذا ينشأ الحسد أيضاً يجب المساواة بينهم في العطية وهناك عادة خاطئة منتشرة في كثير من الأسر وهي إعطاء البنين أموال كيفما شاءوا بخلاف البنات ظناً منهم بأن للذكر مثل حظ الأنثيين وهذا يكون في الميراث فقط فالإسلام ساوى بين البنت والولد في الحقوق.
* الحكمة " وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً "...فيجب أن تكون الأم حكيمة في تعاملاتها مع أبنائها وذلك يتطلب منها أن تقرأ كثيراً وتكثر من الاستشارة ومن أساليب الحكمة التربية بالموقف فمثلاً عند الآذان ننصت ونردد الآذان..و تحث الأم الأبناء على ذلك وكذا في جميع المواقف التربوية الأخرى.
* الدعاء والتضرع إلى الله.. فلن تثمر التربية بإذن الله تعالى إلا بالدعاء سأل علي رضي الله عنه: كم المسافة بين السماء والأرض قال دعوة مستجابة فلتكثر الأم المسلمة من الدعاء لأبنائها بالهداية ولا تيأس إذا رأت غير ذلك في أحد أبنائها ولقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن دعوة الوالد على ولده وأذكر أن أم دعت على ابنتها بالمرض لأنها دائمة الاستفزاز لها: أصيبت هذه الابنة بأمراض عديدة مزمنة وحتى عندما تزوجت لم تنجب وأيضاً ذات مرة دخلت امرأة المسجد وهي تبكي وسألتها من بجوارها عن سبب بكائها فقالت لها لي ولد عاق فقالت لها كان لي ابن عاق مثلك وكنت اغتنم أوقات الإجابة وأدعو له بالهداية أتعرفين من هو؟.. إنه إمام هذا المسجد فاغتنمي أوقات الإجابة.
* التربية على حسن الخلق.. لابد أن يربي الإنسان نفسه على حسن الخلق ثم يربي أبنائه وأهم شيء هو المعاملة مع الله سبحانه وتعالى وأن يكون ترسيخ العقيدة عند أولادك هو الأساس وتعرفيهم بنعم الله وتربيهم على الإخلاص والبعد عن الرياء ومراقبة الله ولابد أن تكوني قدوة لهم في المحافظة على الصلاة وتعظيم أمر الصلاة في نفوسهم وكذلك حفظ القرآن الكريم والأذكار الشرعية حتى تكون هناك بركة في الرزق والصحة وكل شيء.. والأم تجتهد وأجرها عند الله والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
منقووووووووول