كيف صنع المصرين القدماء الحجارة

كيف صنع المصرين القدماء الحجارة


يمكن استنباط طريقة صناعة الحجار بعد قطعها من المحاجر من الآثار التي تركتها الآلات على القطعة المصنوعة؛ وبخاصة التماثيل التي وجد منها عدد عظيم لم يتم صنعه بعد، و من الإيضاحات التي وجدت مرسومة على بعض المقابر.

وقد درس هذا الموضوع طائفة من علماء الآثار نخص بالذكر منهم "بتري" و"ريزنر". والواقع أن التماثيل المصنوعة من الحجر، وبخاصة المنحوت منها في الأحجار الصلبة كالديوريت والجرانيت، والكوارتيزيت، والشيست.
كانت مثار إعجاب الكل لدقة صنعها، ولا يزال العالم متأثرا بجمال تلك القطع الفنية، غارقا في عالم التخيلات والظنون في كنه الآلات التي استعملت لإبرازها في ذلك الثوب البهيج حتى أن بعضهم ذهب به الخيال إلى أن معدن الصلب كان يستعمل في صنعها، وأعجب من ذلك أن بعضهم ظن أن الآلات النحاس أو البرونز التي كانت تستعمل في صنعها كان يركب فيها قطع من الماس أوغيره من الأحجار الصلبة لصناعتها.


و لكن ثبت أن الأمر أسهل من ذلك إذ لخص لنا الأستاذ "ريزنر"، العمليات الهامة التي كانت تتخذ لإبراز التمثال أوغيره من القطع الفنية حتى مرحلته الأخيرة. وهذه العملية يشرحها لنا الدكتور "سليم حسن" مفصلة في الجزء الثاني من موسوعته "مصر القديمة".

أولا: الدق بالحجر، ومن المحتمل أن ذلك وجد ممثلا في مقبرة "تي" في سقارة.

ثانيا: الحك بوساطة حجر في اليد ومعه مسحوق مفتت. وقد كان يظن احتمال وجود المسحوق المفتت؛ غير أنه قد وجدت صورة ناطقة تثبت وجود هذا المسحوق، وهو الرمل في حفائر الجامعة بمنطقة الأهرام في مقبرة صهر الملك و مدير قصره "وب إم نفرت" إذ نشاهد في مناظر الحرف والصناعات صانعين يصقلان تابوتا وفي يد واحد منهما حجر يحك به غطاء التابوت، وفوق الصورة كتب ما يأتي: صقل التابوت، ثم كتب بعد ذلك، "صب الماء وضع الرمل". و نشاهد بعد ذلك الصانع يحك سطح غطاء التابوت بوساطة هاتين المادتين الماء و الرمل. وإذا علمنا أن الرمل يحتوي على 15% من مادة السنفرة سهل علينا فهم النقوش.

ثالثا: النشر بوساطة سلاح من النحاس ومعه مسحوق مفتت، ولم يعثر على صور لذلك.

رابعا: الثقب بمثقب أنبوبي الشكل، ومعه مسحوق مفتت، وهذا المثقب أنبوبة جوفاء من النحاس تستعمل بإدارتها بين اليدين أوبوتر، أوقبضة متحركة؛ وهناك أنواع أخرى من المثاقب تدار بطرق خاصة عثر عليها في سقارة من الأسرة الخامسة، ومن عهد الأسرة الثانية عشرة في دير الجبراوى، وكان المثقب يستعمل في تفريغ الأواني المصنوعة من الأحجار الصلبة كالبازلت والديوريت.

خامسا: الثقب بالنحاس، أو حجر مدبب معه مسحوق مفتت، وقد شوهد في ثلاثة مقابر من عصر الأسرة الثامنة عشرة في طيبة مثاقيب تدار بوساطة أوتار لثقب خزر، وفي مقبرة رابعة لثقب شيء مجهول.

سادسا: الحك بآلة نحاسية معها مسحوق مفتت، ولكن ذلك مشكوك فيه.
غير أن الذين يعتقدون باستعمال آلالات من الصلب لهذه الأغراض يمكن أن يحتج عليهم بأن الصلب مهما طرق لتزيد متانة فإنه لا يمكن أن يقطع به أحجار صلبة مثل الديوريت و الجرانيت، و الشيست.

هذا فضلا عن أنه لا يمكن استعمال مثل هذه الآلات، ومعها مسحوق مفتت كالسنفرة، وهذا الرأي لا غبار عليه. يضاف إلى ذلك أن القواديم المصنوعة من النحاس كانت لا تستعمل إلا في الأحجار اللينة فحسب؛ أما من جهة استعمال المناشير والمثاقب بما فيها ما كان على شكل أنبوبي، فإن هناك براهين واضحة على الأحجار المشغولة تدل على أنها استعملت لهذا الغرض فمثلا نجد علامات للمناشير في رقعة معبد "خوفو" المصنوعة من البازلت، وعلى تابوته المصنوع من الجرانيت الوردي، و كذلك على تابوت الملك "خفرع".

أما آثار المثقب الأنبوبي الشكل فنشاهدها على تمثالين للملك "منكاورع" أحدهما من المرمر كامل النحت و الثاني لم يتم نحته بعد، وكذلك نشاهد أثر المنشار في تمثال الملك "خفرع" المشهور المصنوع من الديوريت


وشكراااااا