دعاء القنوت في صلاة الوترأَفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ الصَّلاَةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ
عن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما أنه قال :
عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الوِتْرِ :
" اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ ، وَ عَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ ،
وَ تَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ ، وَ بَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ ،
وَ قِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ ، إِنَّكَ تَقْضِي وَ لاَ يُقْضَى عَلَيْكَ ،
وَ إِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ ، وَ لاَ يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ ،
تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَ تَعَالَيْتَ " .
سنن أبي داود ( رقم : 1425 ) ،
و سنن النسائي ( رقم : 1745 ) ،
و صحَّحه الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح أبي داود ( رقم : 1263 ) .
و عن علي بن أبى طالب رضي الله تعالى عنه أنه قال :
أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقول في آخر وتره :
" اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ، و أعوذ بمعافاتك من عقوبتك ،
و أعوذ بك منك ، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك "
قال الترمذي : حديث حسن . "
حديث صحيح رواه أبو داود و الترمذي و النسائي و أبن ماجة
و عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله تعالى عنهما أنه قال :
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم
كَانَ يَقُولُ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ :
« اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَ الأَرْضِ
وَ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَوَاتِ وَ الأَرْضِ
وَ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَ الأَرْضِ وَ مَنْ فِيهِنَّ
أَنْتَ الْحَقُّ وَ وَعْدُكَ الْحَقُّ وَ قَوْلُكَ الْحَقُّ وَ لِقَاؤُكَ حَقٌّ
وَ الْجَنَّةُ حَقٌّ وَ النَّارُ حَقٌّ وَ السَّاعَةُ حَقٌّ
اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَ بِكَ آمَنْتُ وَ عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ
وَ إِلَيْكَ أَنَبْتُ وَ بِكَ خَاصَمْتُ وَ إِلَيْكَ حَاكَمْتُ
فَاغْفِرْ لِى مَا قَدَّمْتُ وَ أَخَّرْتُ وَ أَسْرَرْتُ وَ أَعْلَنْتُ
أَنْتَ إِلَهِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ » .
صحيح مسلم
شرح الحديث الأول :
قوله : " اللَّهمَّ اهدني فيمن هديت "
فيه سؤالُ الله الهداية التامَّة النافعة الجامعة لعلم العبد بالحقِّ و عمله به .
و قوله : " فيمَن هَدَيت "
أي : يا رب قد هَديتَ من عبادك بشراً كثيراً فضلاً منك
و إحساناً فأحسن إليَّ كما أحسنتَ إليهم و اهدني كما هَدَيتَهم .
و قوله : " و عافنِي فيمَن عافيت "
فيه سؤالُ الله العافية المطلقة و هي العافية من الكفر و الفسوق و العصيان
و الغفلة و الأمراض و الأسقام و الفتن ، و فعل ما لا يحبُّه و ترك ما يحبه ،
فهذه حقيقةُ العافية .
و قوله : " و تولَّنِي فيمَن تولَّيتَ "
فيه سؤالُ الله التَّوَلِّي الكامل الذي يقتضي التوفيقَ و الإعانةَ و النصرَ و التسديدَ
و الإبعادَ عن كلِّ ما يغضب الله ،
و منه قوله تعالى :
{ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ }
سورة : البقرة ، الآية ( 256 ) ،
و قوله جل و علا :
{إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ }
سورة : الأعراف ، الآية ( 196 ) ،
و هي ولايةٌ خاصة بهم تقتضي حفظهم و نصرهم و تأييدهم و معونتهم
و وقايتهم من الشرور ، و يدلُّ على هذا قولُه في هذا الدعاء :
و قوله :" إنَّه لا يَذلُّ من واليت " أي أنَّه منصورٌ عزيزٌ غالب بسبب توليك له ،
و في هذا تنبيه على أنَّ مَن حَصَل له ذلٌّ في الناس فهو بنقصان ما فاته من تولي الله ،
و إلاَّ فمع الولاية الكاملة ينتفي الذُّلُّ كلُّه ، و لو سلط عليه من في أقطار الأرض
فهو العزيز غير الذليل .
و قوله : " و بارك لي فيما أعطيت "
البركةُ هي الخير الكثير الثابت ، ففي هذا سؤال الله البركة في كلِّ ما أعطاه
من علم أو مال أو ولد أو مسكن أو غير ذلك ؛ بأن يثبِّتَه له و يوسِّعَ له فيه ،
و يحفظه و يسلمَه من الآفات .
و قوله : " وقني شر ما قضيت "
هذا الدعاء يتضمن سؤال الله الوقاية من الشرور و السلامة من الآفات
و الحفظ عن البلايا و الفتن .
و قوله : " إنَّك تقضي و لا يقضى عليك "
فهو سبحانه يقضي في عباده بما يشاء و يحكم فيهم بما يريد ،
لا رادَّ لحُكمه و لا معقب لقضائه ،
و قوله : " و لا يقضى عليك "
أي : أنَّه سبحانه لا يقضي عليه أحدٌ من العباد بشيء، فالعباد لا يحكمون على الله ،
بل الله سبحانه هو الذي يحكم عليهم بما يشاء و يقضي فيهم بما يريد .
و قوله : " إنَّه لا يذل من والَيت و لا يعز من عاديت "
هذا كالتعليل لما سبق في قوله : " و تولَّني فيمن توليت " ،
فإنَّ الله سبحانه إذا تولَّى العبدَ فإنَّه لا يَذِلُّ ، و إذا عادى العبدَ فإنَّه لا يَعِزُّ ،
و لا يُطلب نيلُ العز ، و الوقايةُ من الذل إلاَّ منه سبحانه ،
كما قال الله سبحانه و تعالى :
{ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
سورة : آل عمران ، الآية ( 26 ) .
و قوله : " تباركت ربنا و تعاليت "
معنى تباركت أي تعاظمتَ يا الله ، فلك العظمةُ الكاملة و الكبرياء التام ،
و عظُمَت أوصافُك و كثرت خيراتُك و عمَّ إحسانُك .
و قوله : " و تعالَيت " أي : أنَّ لك العلوِّ المطلق ذاتاً و قدراً و قهراً .
و على كلٍّ فهذا دعاءٌ عظيم جامع لأبواب الخير و أصول السعادة في الدنيا و الآخرة ،
فعلى المسلم أن يعتني به في هذه الصلاة صلاة الوتر التي يختم بها صلاة الليل ،
و لا بأس لو زاد المسلمُ على ذلك الدعاءَ لعموم المؤمنين بما استطاع من خير ،
و الاستغفارَ لهم ،
و الدعاءَ على أعدائهم و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم ،
و الله الموفِّق .
الشرح مختصرا من كتاب فقه الأدعية و الأذكار
للمؤلف : عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر
الشرح مختصرا من كتاب فقه الأدعية و الأذكار
للمؤلف : عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر
--- --- --- --- --- ---
أســـأل الله لي و لكم الـــثـــبـــات
اللـــهـــم صـــلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و أصحابه أجمعين