من البوابه الرابعة إلى السادسة

من البوابه الرابعة إلى السادسة

بنى البوابة الرابعة تحتمس الأول، وقام تحتمس الرابع بترميمها وبدل فيها سيتي الثانى وبطليموس الثامن والإسكندر الاكبر. ورائها، شيد تحتمس الأول صالة مستعرضه (تسمى أحيانا البهو المعمد أو صف الأعمدة). تقف تماثيل هائلة للملك فى أزياء وأوضاع أوزريس أمام الجدران الشرقية من الأبراج الشمالية والجنوبية. فى الأصل، كان للبهو سقف خشبى يعتمد على عواميد خشبية. قد كان الخشب في مصر القديمة سلعة نفيسة، والقطع المستخدمة بهذا الحجم هنا كانت بمثابة تبرعات ثمينة بشكل خاص إلى المعبد. وفيما بعد استبدل تحتمس الثالث الخشب بأربعة عشر عمودا خشبيا وسقف حجري.

أما المِسلة الجرانيتية هنا فهي أحد زوجين نصبتهما حتشبسوت فى العام السادس عشر من حكمها. أما الأخرى فهي مكسورة ومبعثرة حول الكرنك. ترقد قطعة منها عليها مناظر لتتويج الملكة عند الركن الشمالي الغربي من البحيرة المقدسة. (ولا نجد آثار بقيه لمسلتين أخريين شيدتهما حتشبسوت فى الكرنك). ترتفع المسلة القائمة 30 متراً (97 قدما) و2,6متر (8,5 قدم) مربع وتزن 323 طناً. وكانت الإلكتروم يغشيها، وهو مزيج من الفضة والذهب. وقد كانت حتشبسوت ومهندسوها فخورين بهذه الصوروح الهائلة، ونجد قصة العمل الذي استلزمه هذا الصرح رواية في مناظر ونصوص في معبد حتشبسوت في الدير البحري وفى كتابات على المِسلات نفسها. وبفخر واضح شرحت الملكة كيف أنها أمرت بمباشرة عمل مشروع بهذا الحجم الهائل. عى قاعدة المسلة الواقفة كتبت: "قمت بهذا العمل بقلب محب لأبي آمون... لم أنم من أجل معبده... كنت أجلس فى القصر وتذكرت من خلقني؛ فوجهني قلبي إلى عمل مسلتين له من الإلكتروم، من أجل أن يندمج هريماهما بالسماء وسط البهو المعمد المهيب بين البوابات العظيمة (لتحتمس الأول)... وكل منها من كتلة واحدة من الجرانيت الصلب دون رابط أو صدع بينها. بدء جلالتي العمل عليهما فى العام الملكي الخامس عشر، في الشهر الثاني من الشتاء، في اليوم الأول، واستمر العمل حتى العام السادس عشر، في الشهر الرابع من الصيف، واليوم الثلاثين مستغرقة 7 شهر فى قطعهما من الجبل... فلا يقولن أحد يسمع هذا إنه من باب التفاخر ما قلت، بل ليقل "ما أشبها بها تلك الصادقة لأبيها." بعد موت حتشبسوت قام تحتمس الثالث بإحاطة المسلات بجدران محاولا عبثا طمس ذكراها. فلم ينجح إلا فى حمايتها من التلف.

لا يبقى سوى القليل من البوابة الخامسة. وكانت هي أيضا من عمل تحتمس الأول، مع بعض التغييرات التى قام بها تحتمس الثالث وأمنحوتب الثالث. فى عهد تحتمس الثالث كانت البوابة بمثابة مدخل إلى قاعة مستعرضة أخرى. والبهو أو القاعة اليوم فى حالة سيئة من الخراب، لكن فى القديم كان بها عشرون عمودا، كل عامود به ستة عشر جانبا وصف من التماثيل الأوزورية على طول وجهها الشرقي. يجلس تمثال لأمنحوتب الثالث أمام برج البوابة اليسرى. يقع فناءان بعامودين على الشمال والجنوب. بنى البوابة السادسة تحتمس الثالث ونقش وجهها الغربي بأسماء 120 بلدة سورية (على اليسار) ونوبية (على اليمين) من البلدان التي فتحها جيشه. والبوابة مبنية بالجرانيت الأحمر.

تعرف الغرف الصغيرة المحيطة بالدهليز المباشر شرق البوابة السادسة بقاعة سجلات تحتمس الثالث. يقف عامودان هائلان حَكَميان على الجانب الشمالي من محور المعبد، منحوت على أحدهما زهرة اللوتس رمز مصر العليا، وعلى الآخر البردي رمز مصر الدنيا. يتميز الجرانيت الأحمر هنا بالجودة الرائعة والصنعة التي لا يعلى عليها. تقف في الجوار بقايا تماثيل الرب آمون والربة آمونت المنحوتة في عهد توت عنخ آمون والتي اغتصبها حور محب. أما وجه آمون فقد أحسن تصويره بصورة خاصة. أما النصوص التي تحكي الأحداث والوقائع في عصر تحتمس الثالث فهي منقوشة على الجدران وتستمر في بعض أجزاء أخرى من المبنى المحيط بالمقصورة من الجرانيت الأحمر الوردي لفيليب أريديوس على بعد أمتار قليلة إلى الشرق. في قاعة السجلات الثانية جنوب المقصورة تصف هذه النصوص أنشطة الملك العسكرية ويظهره وهو يقرب القربين إلى آمون رع.