وادي الملوك 17:مقبرة سيتي الاولى

وادي الملوك 17:مقبرة سيتي الاولى

في عام 1821 حضرت جماهير غفيرة في لندن وباريس معرض رسوم نُسخت من مقبرة سيتي الأول. تلك المقبرة التي اكتشفت قبل ذلك بأربعة أعوام ولاقت استقبالا حماسيا في أوروبا. والواقع أنه باستثناء اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون 1922 واكتشاف وم 5 في 1995 لم تلقَ مقبرة في وادي الملوك مزيداً من النظر في أعين العامة.

وليس من الصعب فهم السبب فالمقبرة هائلة كاملة الزخارف محفوظة على نحو جميل ومكتشفها جيوفاني بيلزوني الذي نشر بيانا رائعا عن عمله هناك. لقد كانت وم 17 أول مقبرة في وادي الملوك كاملة الزخارف، كل جدار وكل عمود من المدخل فما بعد مغطى بمناظر من الأمدوات وأنشودة رع وكتاب البقرة السماوية وشعيرة فتح الفم.
اقرأ اقل [-]

وقد أتقن العمل برسومات وتفاصيل متقنة للملابس والتسريحات والمناظر من بين الأكثر حفظا وصونا في الوادي، أو بالأحرى، قد كانت كذلك. ولقد قام بيلزوني وآخرون من الزوار بعمل نسخ ليس فقط بالألوان المائية للجدران ولكن قاموا أيضا بضغط ورقة مبتل على النقوش ثم تركوه يجف ثم قاموا بسحب النسخة ثلاثية الأبعاد من الجدران وبالطبع قد كان من شأن هذا إتلاف الرسم.
وقد قام بيلزوني أيضا بتنظيف مدخل المقبرة وإزالة الحواجز الطبيعية للفيضان، فحين ضرب مطر سيلي الوادي بعد ذلك بفترة قصيرة لفتح المقبرة غمرت مياه الفيضان العديد من الغرف الأولى فدمرتها تدميرا. وبعد ذلك بسنوات قليلة قطعت عدة قطع من زخارف الجدران وأخذت إلى أوروبا على يد جان فرانسوا شمبوليون وابوليتو روزيليني وقد أعقبهم زوار آخرون كثيرون. وقد كان لتنظيف الممر الطويل المشقوق شقا عميقا تحت أرضية غرفة الدفن، وهي عملية تمت المحاولة فيها للمرة الأولى منذ قرن وأعيدت المحاولة في خمسينات القرن العشرين على يد سليلي لصوص المقابر المشهورين، خلق مشاكل إنشائية بالغة في المقبرة التي استلزمت إضافة بناء من الطوب والفولاذ لتصحيحه. وقد كان لابد من إجراء مزيد من المشاريع في العقود القليلة الماضية لكي لا تنقضّ بعض أجزاء المقبرة. في الآونة الأخيرة أغلقت المقبرة أمام الزوار، من أجل عمل دراسات ترميمية مستفيضة، ولكن هذه لم نكتمل وليست هناك خطط بعد لبدء العمل المطلوب ونتيجة لذلك فمن الراجح أن تبقى وم 17 مغلقة في المستقبل القريب.

الممر ب: يؤدي سلم شديد الميل إلى مدخل المقبرة في الممر ب وجدران الممر مزخرفة بأنشودة رع وصورة للملك واقفا أمام رع حوراختي رع للملك على الجدار الأيسر يلي ذلك صفحة العنوان لهذا النص المعروض لأول مرة في مقبرة ملكية. وهذا يليه النص نفسه بالإضافة إلى 75 ابتهالا للإله الشمسي. يستمر النص على الجدار الأيمن. والسقف مزخرف بطيور رؤوسها تتبادل مع النسور والثعابين.

الغرفة ج: شُقَّ سلم كبير في أرضية وحنايا كبيرة شقت في الجدار فوقه، وتستمر أنشودة رع يليها الجزء الأخير من الساعة الثالثة في الأمدوات. ووراء الأخاديد صورة إيزيس راكعة أمام أنوبيس ابن آوى المتكيء على الجدار الأيسر ونفتيس تأخذ وضعا مشابها على الجدار الأيمن. وفوق الباب الخلفي صورة لماعت و خرطوش سيتي الأول. في الممر د تظهر الساعة الرابعة من الأمدوات على الجدار الأيمن والساعة الخامسة على الجدار الأيسر ويُحدِّد تخطيط بالحبر الأسود موقع الأخاديد التي لم تشق. ولقد تلف الكثير على هذه الجدران تلفا شديداَ، ولكن عندما زار بيلزوني هذه المقبرة للمرة الأولى كانت كأنما نفض الصانع منها اليدين بالأمس نفضا.

الغرفه هــ: بعامود بئر عمقها 6,7 متر (22 قدم) مزخرفة على القمة على الجانب الأيسر بصف مفرد من صور تظهر الملك يقوده حارسييسي أمام إيزيس مقدما النبيذ لحتحور ويقف أمام أزوريس وسيدة الغرب. في النصف الأيمن من الغرفة صورة لأزوريس جالسا يتبع أنوبيس وحارسييسي ومناظر أخرى مشابهة لتلك التي على الجانب الأيسر. وقد كان الجدار الخلفي للغرفة أصلا مسدودا بالحجر والطوب ثم غطي بالملاط ورسم فيما يبدو كمحاولة لإحباط هجمات لصوص المقابر. من وراء عمود البئر الغرفة و وهي غرفة ذات أعمدة أربعة جدرانها مزخرفة بالساعة الخامسة على الجانب الأيسر والساعة لسادسة على الجدار الأيمن من كتاب البوابات. في السجلّ الأسفل تتحد أرواح الموتى مع مومياواتهم وهذه ترقد على سرير طويل على شكل ثعبان. في السجلّ العلوي يقوم الحرّاس الإلهيون بإبقاء الثعبان أبوفيس بمنعه من إيذاء إله الشمس، وعند الركن الأمامي الأيسر من الغرفة منظر تالف وقد كان من قرن مضى محفوظا حفظا جيدا ومن أروع المناظر التي تحمل على العجب في المقبرة وقد نُسخ كثيرا وتناولته التعليقات. وهو يظهر صفّا من الآسيويين والغربيين والنوبيين والليبيين والمصريين يلبسون أزياء تقليدية وتسريحات شعرهم تقليدية أيضا. أما الخلفية البيضاء على هذه الجدران الجانبية فتتباين مع الجدار الخلفي إذ إنها على خلفية صفراء حيث يقود حورس سيتي أمام صورة لأزوريس جالسا أمام حتحور. وقد نظِف مقطع صغير من المنظر حديثا كاختبار قام به المرممون، وهو يظهر الأصباغ المتأثرة بالغبار والرطوبة على مدة ثلاثة آلاف عام. وإذا تحركنا في اتجاه عقارب الساعة حول العمود 1 الأمام أيسر نرى الملك واقفاً أمام بتاح ويعانقه حارسييسي ثم أنوبيس ثم سيدة الغرب. على العمود 2 خلف يسار يعانق الملك رع حوراختي وشو وسرقت وإيزيس. العمود 3 (أمام يمين) يظهر الملك أمام إله ثم حتحور ثم حارسييس وأنوبيس. أخيرا العمود 4 (خلف أيمن) يظهر الملك مع آتوم ونفتيس ونيث وبتاح-سوكر.

الغرفة الجانبية و أ: الغرفة ذات العمودين من وراء لها أرضية منخفضة عن أرضية الغرفة و وقد زخرفت برسوم ونصوص مخططة فقط بالحبر الأسود. ومن غير الواضح لماذا هذه الجدران لم ترسم مثل بقية المناظر الأخرى في المقبرة. اقترح البعض بأن حالة الغرفة غير المكتملة والانعطاف هي محور المقبرة وإمكانية إخفاء السلم التالى. كل هذا يتّحد لإقناع لصوص المقابر بأنهم قد وصلوا إلى طريق مسدود. ومناظر ماخوذة من الساعات 9 و10 و11 من الأمدوات. ومهارة الفنان في غاية الإبداع والروعة: فالخطوط مرسومة بلمسات طويلة واثقة. لاحظ على الجدار الأيسر صور الذين ماتوا غرقا ومن ثم يحتاجون إلى مساعدة خاصة للدخول إلى عالم الآخرة. على الأعمدة يظهر الملك مع نفرتوم ورع حوراختي وماعت وآتوم وأزوريس وحتحور وسوكر-أوزوريس ويؤدي سلم مزخرف أسفل إلى الممرين ي ح. ومناظرها مأخوذة من شعيرة فتح الفم وتظهر الكهنة يؤدون المراسم. وهم يلبسون بذلة بجلد الفهد المميزة لكهنة ايون موتيف ويقفون أمام التماثيل الملكية. وقد أوليت عناية شديدة برسم جلد الفهد والإبزيم الذي على شكل رأس الفهد. لاحظ أيضا الطريقة غير العادية التي يمسك بها الكاهن برثن الفهد في يده اليسرى، وهذا من أفضل الرسومات التي تمثل شعيرة فتح الفم التي عثر عليها في وادي الملوك. لكن كثيرا قد تحطم على أيدي زوار القرن التاسع عشر الذين قطعوا قطعا وشحنوها إلى المقتنيات الأوروبية.

الغرفة ط: لقد سمى بيلزوني الغرفة التي تسبق غرفة الدفن بصالة الجميلات، نظرا للصور المرسومة رسما رائعا للملك والأرباب الأخرى، ولسوء الحظ فإن المضغوطات التي قام بها زوار القرن التاسع عشر قد دمرت الرسم تدميرا شديدا ولطخت الجدران. وما يراه اليوم مجرد ظل يلمح ما كان تحفة. ورغم ذلك فإن جودة النقش المنحوت لاتزال تحمل على العجب، وبخاصة تفاصيل الوجه والهيروغليفية. على الجانب الأيسر من الغرفة يظهر الملك سبع مرات تحتضنه حتحور واقفة أمام أنوبيس تقدم لإيزيس القرابين واقفة أمام حارسييسي وهي تقدم لحتحور واقفة أمام أزوريس ومع بتاح. الجانب الأيمن مشابه في ماعدا أقصى النهاية حيث يقف الملك أمام نفرتوم. لغرفة دفن سيتي ى قسمان جزء أمامي ذو 6 أعمدة وجزء خلفي أرضه منخفضة كان يستقر عليها التابوت أصلا تحت سقف قبوي بديع. الأعمدة تالفة أحدها مفقود وأخرى قطعت وأزيلت إلى متاحف في أوروبا. وفي الأصل كل منها كان يظهر الملك مع الأرباب الأخرى بما في ذلك ايون موتيف وبتاح سوكر وجب وأوزوريس وخبري وتحوت وحارسييسي وشو ورع حوراختي وأنوبيس وأرواح بي ونخن. وهذه الثلاثة الأخيرة مرتبة على طول محور المقبرة الرئيسي. الجدران في القسم المعمد العلوي تحوي نصوصا ومناظر من كتاب البوابات والساعة 2 و 5 على الجنب الأيسر والثالثة على الأيمن. على الجدران الجانبية من الجزء القبوي السفلي من الغرفة صور مجنحة لإيزيس ونفتيس راكعتين محاطتين بخراطيش سيتى الأول. تبدأ الأمدوات بالساعة الأولى على الجدار الأيسر في صورة موجزة وفي صورة مطولة. ويمكن رؤية الساعة الثانية على الجدار الخلفي والثالثة على الأيمن. والسقف القبوي من أروع السقوف في وادي الملوك وهو يعالج المفردات الفلكية الغامض كثير منها. أما فرس النهر والتمساح اللذان بقرب منتصف السقف فهما من البروج التي حدد مواقعها المصريون في السماء الشمالية. الغرف الجانبية من كلا الجزءين العلوي والسفلي من غرفة الدفن عليها رسوم الساعة الرابعة من كتاب البوابات. وكتاب البقرة السماوية موجود في الغرفة اليمنى الأولى. اما الغرفة الخلفية اليسرى فلها عمودان مرسومان بصور اوزوريس ورسم جداري مستفيض يشتمل على الساعة 7 وحتى الساعة 9 من الأمدوات. في الجزء السفلي من الغرفة ي حفرة مربعة شقت في الأرضية وفي جدارها الخلفي قام مقتلعو الحجارة أو عمال المحجر بقطع باب صغير. وهي تؤدي إلى نفق ضيق منحوت نحتا جيدا يمتد إلى ما لايقل عن 100 متر (325 قدم) بزاوية منخفضة انخفاضا حادا في القاعدة الصخرية، وعندما دخل بيلزوني المقبرة كان النفق ممتلأ عن آخره بالركام الكثيف. ولا يزال التنقيب فيها غير مكتمل إلا قليلا. ومن ثم فإن غايتها النهائية غير معروفة وقد أعرب البعض عن أملهم في أن تكون غرفة الدفن ي ليست غرفة الدفن فعلا لسيتي الأول وإنما غرفة وهمية من أجل تضليل لصوص المقابر ويزعمون أن النفق يؤدي إلى مكان دفن حقيقي عميق داخل الجبل ولا يزال مملوءا بالكنوز. وهذا من غير الراجح. ومعظم علماء المصريات يعتقدون أن النفق كان معدا لربط مدفن سيتي الأول بالمياه الجوفية وكان مشابها لما فعله سيتي الأول في الأوزيريون في أبيدوس حيث مدفن أوزوريس مرتبط رمزيا بمياه الخلق الأولية.

» وادي الملوك 15:مقبرة سيتي الثاني
» وادي الملوك 8:مقبرة مرنبتاح
» وادي الملوك 57:مقبرة حورمحب
» وادي الملوك 62:مقبرة توت عنخ امون
» وادي الملوك 35:مقبرة امينحتب الثاني