أبو بكر الصديق رضي الله عنه
نسبه
هو أبو بكر الصديق اسمه عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد ابن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر القرشي التيمي .
فضائله:
1. أول من أسلم من الرجال.
2- صاحب رسول الله في الغار والهجرة ((إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) [التوبة:40].
قالت عائشة وأبو سعيد وابن عباس رضي الله عنه وكان أبو بكر مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار حدثنا عبد الله بن رجاء حدثنا إسرائيل عن أبى اسحق عن البراء قال اشترى أبو بكر رضي الله عنه من عازب رحلا بثلاثة عشر درهما فقال أبو بكر لعازب : { مُر البراء فيحمل إلى رحلي. فقال عازب : لا حتى تحدثنا كيف صنعت أنت ورسول الله صلى الله عليه و سلم حين خرجتما من مكة والمشركون يطلبونكم ؟ قال ارتحلنا من مكة فأحيينا أو سرينا ليلتنا و يومنا حتى أظهرنا وقام قائم الظهيرة فرميت ببصري هل أرى من ظل فآوي إليه!! فإذا صخرة أتيتها فنظرت بقية ظل لها فسويته ثم فرشت للنبي صلى الله عليه وسلم فيه ثم قلت له اضطجع يا نبي الله فاضطجع النبي صلى الله عليه وسلم ثم انطلقت أنظر ما حولي هل أرى من الطلب أحدا فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه إلى الصخرة يريد منها الذي أردنا فسألته فقلت له: لمن أنت يا غلام ؟ فقال: لرجل من قريش سماه، فعرفته. فقلت: هل في غنمك من لبن؟ قال: نعم .قلت: فهل أنت حالب لبنا؟ قال: نعم. فأمرته فاعتقل شاة من غنمه ، ثم أمرته أن ينفض ضرعها من الغبار، ثم أمرته أن ينفض كفيه، فقال: هكذا-ضرب إحدى كفيه بالأخرى- فحلب لي كثبة من لبن ، وقد جعلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إدواة على فمها خرقه، فصببت على اللبن حتى برد أسفله. فانطلقت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوافقته قد استيقظ.
فقلت له: اشرب يا رسول الله. فشرب حتى رضيت، ثم قلت: قد آن الرحيل يا رسول الله؟ قال: بلى فارتحلنا والقوم يطلبونا فلم يدركنا أحد منهم غير سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له .فقلت: هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله فقال لا تحزن إن الله معنا * تريحون بالعشي تسرحون بالغداة.
حدثنا محمد بن سنان حدثنا همام عن ثابت البناني عن أنس عن أبى بكر رضى الله عنه قال: قلت للنبي صلى الله عليه و سلم وأنا في الغار لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا فقال : ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما}.
3 - أبو بكر أعلم الصحابة:
عن أبي سعيد الخُدري: أن رسول اللّه صلى الله عليه و سلم جلس على المنبر فقال: إن عبداً خيَّره الله تعالى بين أن يُؤْتِيَه من زهرة الدنيا ما شاء، وبين ما عنده ، فاختار العبد ما عنده، فبكى أبو بكر رضي الله عنه {لما أنه كان من أفقه الصحابة وأعلمهم بالأسرار النبوية، ففهم أن مراده بالعبد المخيَّر المختار ما عند اللّه هو نفسه، فبكى حزناً على فراقه وقال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا أي أنت عندي بآبائنا معاشرَ المسلمين، وأمهاتنا، فإن بقاءك خير لنا من بقاء آبائنا وأمهاتنا}، وقال: فَدَيْناك بآبائنا وأمهاتنا، قال: فعجبنا له {أي قال أبو سعيد الخُدْري: فتعجبنا - نحن حُضَّارَ الصحابة - من بكاء أبي بكر، وقال الحاضرون بعضهم لبعض على سبيل الاستعجاب: انظروا إلى هذا الشيخ مع كِبَر سنِّه ووفور علمه يخبر رسول اللّه بخبر عبد من عباد اللّه، وهو يَفْدي الآباء والأمهات عليه. وهذا التعجب إنما كان لعدم وصول الأفهام إلى ما فهمه أبو بكر، ثم ظهر لهم ما ظهر له أن العبد الذي أخبر عنه رسولُ اللّه كان نفسَه.}، وقال الناس: انظروا إلى هذا الشيخ يُخبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بخبر عبدٍ خيّره اللّه تعالى، وهو يقول: فديناك بآبائنا وأمهاتنا. فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هو المُخَيَّر ، وكان أبو بكر رضي اللّه عنه أعلَمنا به. وقال رسول اللّه صلى الله عليه و سلم : إن أمنَّ الناس عليّ في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متَّخَذاً خليلاً (2) لاتَّخذتُ أبا بكر خليلاً ولكن أخوة(3) الإِسلام، ولا يُبْقَيَنَّ في المسجد خَوخة إلاَّ خوخة أبي بكر.
أ - قوله: إن أمنَّ الناس، قال ذلك تسلية لأبي بكر، ودفعاً لحزن حصل له بخبر الرحلة النبوية، وإظهاراً لفضله على سائر الصحابة، ومعناه أن أمنَّ الناس اسم تفضيل من المنّ يعني كثير المنَّة والإِحسان عليّ في صحبته وماله أبو بكر حيث صحبه إذا لم يصحبه غيره فكان رفيقه في الغار، وأسلم حين لم يسلم أحد من الرجال، وكان له عند ذلك على ما رُوي أربعون ألفاً أنفقها كلَّها على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. وعند الترمذي وغيره من حديث أبي هريرة قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: ما لأحدٍ عندنا يدٌ إلاَّ قد كافأناه ما خلا أبا بكر فإنَّ له عندنا يداً يكافئه اللّه بها يوم القيامة (قال الحافظ: فإن ذلك يدل على ثبوت يد لغيره إلاَّ أن لأبي بكر رجحاناً، فالحاصل أنه حيث أطلق أراد أنه أرجحهم في ذلك. فتح الباري 7/13)، وما نفعني مال أحد قطٌّ ما نفعني مال أبي بكر.
ب - قوله: ولو كنت متخذاً، قال النووي في "شرح صحيح مسلم": قال القاضي: أصل الخلَّة الافتقار والانقطاع، فخليل اللّه المنقطع إليه، وقيل: الخلَّة الاختصاص، وقيل: الخلَّة الاصطفاء، وقيل: الخليل من لا يسع قلبه غيره، والمعنى أن حبّ اللّه لم يُبْقِ في قلبه موضعاً لغيره.
ج _ أي الإِخوة الحاصلة بيني وبينه بسبب الإِسلام كافية.
وفي رواية: ولكن أخي وصاحبي.
وفي رواية لمسلم والترمذي: إلاَّ أني أبرأ إلى كلٍّ خلٍّ من خلِّه، ولو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، إنَّ صاحبكم خليل اللّه.
د - قوله: ولا يُبْقَيَنَّ (بصيغة المجهول) في المسجد. خَوْخَة، بالفتح: باب صغير إلى المسجد يدخل منه. إلاَّ خوخة أبي بكر، وفيه منقبة عظيمة لأبي بكر، وإشارة إلى استخلافه لكونه الخليفة محتاجاً إلى المسجد في كل وقت.
وقد ورد نظير ذلك لعليّ من قوله صلى الله عليه وسلم :"سُدُّوا الأبواب كلَّها إلاَّ باب علي"، أخرجه أحمد والنسائي في "السنن الكبرى" والضياء في "المختارة" والحاكم والترمذي الطبراني وغيرهم بألفاظ متقاربة متعددة.
وقد أخطأ ابن الجوزي حيث حكم بوضعه زعماً منه أنه معارِضٌ لما في الصحاح من حديث خوخة أبي بكر، وليس كذلك !! فإن عليّاً لم يكن له باب إلاَّ إلى المسجد، وكان الأصحاب لهم بابان باب إلى المسجد وباب إلى خارجه، فأمر النبي صلى اللّه عليه وسلم بسدِّ الأبواب إلاَّ باب عليّ ثم أحدث الناس الخوخة إلى المسجد، فأمر الناس بسدِّها إلاَّ خوخة أبي بكر، وكانت القصة الأولى قبل غزوة أحد، والثانية في مرض الوفاة النبوية، كذا حققه الحافظ ابن حجر في "القول المسدد في الذب عن مسند أحمد" (وكذا في فتح الباري 7/15) و السيوطي في "شد الأثواب في سد الأبواب".
4 - منزلة أبو بكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم :
عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال أتت امرأة النبي صلى الله عليه و سلم فأمرها أن ترجع إليه قالت أرأيت إن جئت ولم أجدك كأنها تقول الموت قال صلى الله عليه و سلم إن لم تجديني فأتي أبا بكر.
5- حكمته في التعامل مع الأحداث:
عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه و سلم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم مات وأبو بكر بالسنح قال إسماعيل يعنى بالعالية فقام عمر يقول والله ما مات رسول الله صلى الله عليه و سلم قالت وقال عمر والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك وليبعثنه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم فجاء أبو بكر فكشف عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فقبله فقال بأبي أنت وأمي طبت حيا وميتا والله الذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبدًا. ثم خرج فقال أيها الحالف على رسلك .. فلما تكلم أبو بكر جلس عمر. فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه وقال ألا من كان يعبد محمداً فإن محمداً صلى الله عليه و سلم قد مات ومن كان يعبد الله فان الله حي لا يموت. وقال:’’ إنك ميت وإنهم ميتون ‘‘ وقال: ’’وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفأن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزى الله الشاكرين‘‘ . قال: (فنشج ،، نشأ) الناس يبكون. قال: واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بنى ساعدة فقالوا منا أمير ومنكم أمير فذهب إليهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح فذهب عمر يتكلم فأسكته أبو بكر وكان عمر يقول والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيأت كلاما قد أعجبني خشيت أن لا يبلغه أبو بكر. ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس فقال في كلامه : "" نحن الأمراء وأنتم الوزراء .. فقال حباب بن المنذر: لا والله .. لا نفعل .. منا أمير ومنكم أمير !! فقال أبو بكر : " لا .. ولكنّا الأمراء وأنتم الوزراء ، هم أوسط العرب داراً وأعربهم أحساباً ، فبايعوا عمر بن الخطاب أو أبا عبيدة بن الجراح. فقال عمر: بل نبايعك أنت ! فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسم.فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس. فقال قائل : قتلتم سعد بن عبادة فقال عمر قتله الله.