منتدى اولاد حارتنا
كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا

او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الحارة

سنتشرف بتسجيلك

شكرا كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 829894
كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 15761575160515761577
مراقبة الحارة
كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 103798


منتدى اولاد حارتنا
كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا

او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الحارة

سنتشرف بتسجيلك

شكرا كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 829894
كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 15761575160515761577
مراقبة الحارة
كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 103798


منتدى اولاد حارتنا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


أجتمــــــــــــــــــــــاعى شــــــــــامل - دينى - ثقافى - علمى - نصائح
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
أولاد حارتنا ترحب باى حوارجى وتدعوهم على قهوة حارتنا لشرب المشاريب وتدعوهم لسماع درس التاريخ من أستاذ فطين مدرس التاريخ ومشاهدة احدث الأفلام وكمان تحميل الالعاب وبرامج للموبيل وتسمع حكاوى خالتى بامبة  وتتفرج على صور استوديو عمى أنس وتسمع من ميشو على احلى المغامرات

 

 كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
كاتب الموضوعرسالة
خالد تركى
عضو / ة
عضو / ة
خالد تركى


الساعة الأن :
عدد المساهمات : 126
نقاط : 262
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 01/09/2010

كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية   كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Icon_minitime1الأحد 17 أكتوبر 2010, 12:03 am

• يتفق الطرفان على أن قيام الدولة اليهودية في فلسطين إشارة لقرب مجيئه .
• ويتفق الطرفان على وجوب سيطرة اليهود ، على فلسطين كاملة ، واتخاذ القدس عاصمة لهم ، ومن ثم يتوجب عليهم إقامة الهيكل مكان المسجد الأقصى ، وأن هذه الأمور ، ما لم تأخذ مجراها على أرض الواقع ، فإنها ستعطل مجيء المسيح بالنسبة للطرفين .
• وأن ظهور المسيح سيكون مسبوقا ، بحرب مُدمرة ستقع بين إسرائيل وأعدائها ، تحصد ما لا يُعدّ ولا يُحصى من أرواح البشر ، وتنتهي بخراب الأرض ، وروّاد المؤامرة اليهودية العالمية ، يبذلون قصارى جهدهم لإشعالها ، لقطف ثمار مخططهم الشيطاني ، بإثارة الفتن وافتعال الأزمات .
• وبناء على ذلك ، تجد أمريكا نفسها ملزمة عقائديا ، بتسليح إسرائيل ما أمكنها ذلك ، وبدعمها في كل مخططاتها داخل فلسطين وخارجها . استعدادا لوقوع هذه الحرب المدمرة ، لضمان انتصار إسرائيل وحلفائها ضد أعداء الله .
هكذا هي المعادلة بكل بساطة ، فساسة الشعب الأمريكي جملة وتفصيلا ، صهاينة أكثر من ساسة إسرائيل أنفسهم ، وما عبادة الأمريكيين ، لإسرائيل إلا لتقرِّبهم إلى الله زلفى ، ولذلك يسعى الأمريكيون قبل الإسرائيليون ، لتلبية متطلبات مجيء المسيح ، وأعجب من العرب عندما يطلبون من صهاينة الغرب ، رفع ظلم صهاينة الشرق .
ولو عدنا بالذاكرة إلى الوراء ، وبدأنا بتتبّع الرؤساء الأمريكيين المتأخرين ، لتبين لنا أن الرؤساء من الحزب الديموقراطي ، كانوا أكثر اعتدالا وأكثر ميلا إلى السلام مع العرب وروسيا ، بغض النظر عن مفهومهم له ، وأقل تجاوبا مع متطلبات الصهيونية اليهودية ، والصهيونية المسيحية المُتطرّفة ، كما هو حال الرئيس ( كارتر ) – الذي انتهت ولايته عام 1980م – حيث أُنجزت في عهده اتفاقية ( كامب ديفيد ) بين مصر وإسرائيل ، والرئيس ( كلينتون ) ، 1992-200م ، الذي أُنجزت في عهده اتفاقية وادي عربة بين الأردن وإسرائيل ، وحاول جاهدا صنع ( كامب ديفيد ) أخرى مع الفلسطينيين ، رغم محاولاته الخجولة لإرضاء هؤلاء بقصف مصانع الأدوية السودانية ، وقصف العراق بين حين وأخر .
ولتبين لنا أيضا ، أن الرؤساء من الحزب الجمهوري اليميني المسيحي الإنجيلي التوراتي الأصولي المتطرّف ، كانوا أكثر تطرفا وعدوانية ، وأقل اهتماما بالسلام ، ويتجاوبون مع متطلبات اليهود ، بل يُنفّذونها بحذافيرها . فالرئيس ( ريغان ) 1980-1988م ، شنّ الحرب على ليبيا ، وتم في عصره ضرب المفاعل العراقي ، واجتياح بيروت ، واشتعلت الحرب الإيرانية ، وتم إطالة أمدها ، وانتهت بنهاية ولايته . والرئيس ( بوش الأب ) ، 1988-1992م ، شنّ الحرب على العراق ، وفرض عليه الحصار ، وتم إسقاط الشيوعية وتفكيك الاتحاد السوفييتي ، وأعلن عن النظام العالمي الجديد ، المذكور في بروتوكولات اليهود .
ومؤخرا جاء دور ( بوش الابن ) ، ليُكمل سلسلة جرائم أسلافه من الجمهوريين ، ويُنفذ ما أُعدَّ له هؤلاء من برامج مسبقة ، كان أبالسة اليهود قد خطّوها ، قبل وصوله لسدة الحكم ، كما خطّ أجدادهم أسفار التوراة والإنجيل ، وبروتوكولات الحكماء ، فيما يُسمّى ( بتقرير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى 2001 ) ، حيث بدأ بتنفيذ ما جاء فيه من أوامر ، فور تسلّمه للسلطة :
1. فضرب بغداد دون سابق إنذار ، وبدأت إدارته بالترويج " للعقوبات الذكية " ، التي طالب بها خبثاء معهد واشنطن .
2. وأظهر عداءه لروسيا والصين .
3. وطلب الرئيس المصري لمعاقبة مصر ، على موقفها المتشدّد مع إسرائيل في قمة القاهرة ، بخفض المساعدات وتأخير إنشاء منطقة التجارة الحرة ، فيما لو أصرّت على ذلك .
4. وصرّح عن رغبته في نقل السفارة الأمريكية إلى القدس .
5. ودعم إسرائيل في قمعها لانتفاضة الإرهابيين الفلسطينيين ، وبرّر وما زال يُبرّر جرائمها .
6. وظهر هناك من يدعو إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان ، من اللبنانيين المدعومين بالأموال اليهودية تحت غطاء الدين .
7. وقام وزير الخارجية بجولة في دول المنطقة ، لشرح السياسة الجديدة التي جاء بها هذا التقرير ، الذي تمت صياغته بذكاء ودهاء يهودي صرف ، بناء على المخاوف النبوية التوراتية .
تقرير معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى لعام 2001م
يُؤكد هذا التقرير أن مصير هذه المنطقة ، مرهون بما جاء من نبوءات في الكتب المقدّسة ، ومرهون أيضا بكيفية تفسيرهم لهذه النبوءات . وإذا اطّلعت على هذا التقرير ، الذي يوضح السياسات ، التي يتوجب على الرئيس الأمريكي نهجها ، للسيطرة على هذه المنطقة واستعباد شعوبها ، ستجد أنها قد رُسمت بدهاء ومكر ، على طريقة دسّ السم في العسل ، بناءً على المخاوف اليهودية ، المنبثقة من النبوءات التوراتية . حيث أن مُجمل بنود هذا التقرير ، جاءت لدرء المخاطر عن الدولة اليهودية فقط لا غير . وفيما يلي سنعرض من فصول هذا التقرير الخمسة ، بعض المقتطفات شديدة التعلق بموضوع هذا الكتاب . وقد نُشر هذا التقرير مترجما على حلقات ، في جريدة العرب اليوم الأردنية ، في النصف الأول من شهر 3/2001م .
تأسس معهد واشنطن عام 1985م ، وهو يعمل كوحدة للبحوث ، تابعة للجنة للعلاقات العامّة الأمريكية الإسرائيلية ، المسماة بِ ( ايباك ) ، وهي المُنظمّة الصهيونية الأولى في الولايات المُتحدة ، التي تُعتبر " خط الدفاع الأول عن إسرائيل " ، ويضم في عضويته مفكرون وسياسيون وخبراء أمريكيون يهودا ومسيحيين ، صهاينة في الفكر والمعتقد . وقد تطوّر هذا المعهد ليصبح مصدر التأثير الأعظم ، في صنع القرارات السياسية الخاصة بالمنطقة ، التي تتخذها الإدارات الأمريكية المتعاقبة . ويصدر هذا التقرير في بداية كل ولاية رئاسية جديدة ، ليكون نورا يهتدي به الرئيس الأمريكي الجديد ، ونجاح هذا الرئيس وفشله لدى سادته اليهود ، يعتمد على مدى التزامه ، ومقدار ما أنجزه من الأهداف الواردة في التقرير ، وهذه المنظّمة على علاقة وثيقة مع الرؤساء والساسة الأمريكان ، وفي العادة ، تقيم مأدبة عشاء على شرف الرئيس الأمريكي ، بين الحين والآخر ، ليُعلن في خطابه الافتتاحي - كما جرت العادة - عن ولائه المطلق لإسرائيل ، وعبوديته لليهود العالميون .
الفصل الأول :
دبلوماسية عربية إسرائيلية - اردع الحرب الإقليمية ، بين إسرائيل والدول العربية ، واستطلع مسالك جديدة .
تقويم دروس تجربة أوسلو ، واستطلاع مسارات بديلة للسلام :
التأكيد على أن الولايات المتحدة حليفة لإسرائيل ، وأنها لا ترتبط معها بأحكام ومعاهدات مكتوبة ، وإنما بروابط أقوى من القيم والمصالح المشتركة . المضي قدما في نقل سفارة الولايات المتحدة إلى الموقع المقرر في القدس الغربية .
تشجيع الجهود الدولية للمساعدة في تخفيف التوتر الإقليمي :
التركيز على الدول الموالية للغرب : تحتاج الولايات المتحدة إلى التواصل مع الزعماء العرب والمسلمين ، ومع شعوبهم ، في السعي إلى إشراكهم ، في حوار صادق وصريح ، حول آراء ومصالح كل منهم . إذ أنّ دور الدول الموالية للغرب في المنطقة مهم جدا ، في وضع الأجندة السياسية الاجتماعية الثقافية للشرق الأوسط ، ويصدق ذلك بشكل خاص على مصر وتركيا ، والعربية السعودية والمغرب والأردن . وقد اتضح ذلك أثناء قمة كامب ديفيد 2000 وبعدها ، عندما أدى غياب التشاور ، مع الدول العربية الرئيسية ، حول قضية القدس خصوصا ، إلى تقليص فرصة قبول عرفات ، بأي من الحلول المختلفة ، التي طُرحت في الاجتماع .
تتحمل مصر من بين جميع الدول ، المسؤولية الأكبر ، بصفتها الدولة العربية الأقوى ، والدولة التي تحمل إجراءاتها الأثر الأكثر أهمية في المنطقة . إذ تُعتبر تصريحات الرئيس المصري حسني مبارك ، ضد أي توسيع للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي ، وضد تحويله إلى حرب عربية إسرائيلية ، جدارا واقيا ، بوجه انتشار المزيد من الراديكالية ( أي التوجه المعادي لإسرائيل والغرب ) .
المثلث الإسرائيلي اللبناني السوري : ينبغي على الإدارة الأمريكية الجديدة ، أن تُعزّز قوة الردع الإسرائيلية ضد احتمالات تعرضها ، لهجمات برية أو صاروخية ، تقوم بها قوات حزب الله ، المدعوم من سوريا وإيران . على الإدارة الأمريكية أن تدعم الحركة الناشئة في لبنان ، والداعية إلى الضغط من أجل المزيد من الحرية في الداخل ، وتخفيف قبضة سوريا المطبقة على الشؤون اللبنانية .
الفصل الثاني :
أسلحة الدمار الشامل - امنع الانتشار ، واردع الاستخدام .
من الممكن أن تشهد السنوات الأربع المقبلة ، تحقق تقديرات الاستخبارات الأمريكية ، بأن إيران سوف تطور نظاما صاروخيا متعدد المراحل ، يُمكّنها من تطوير صاروخ عابر للقارات . ومن الممكن خلال الفترة نفسها أن يُطور العراق أو إيران سلاحا نوويا ، خصوصا في حالة حصولها على الوقود النووي ، بصورة سرية من الاتحاد السوفييتي السابق مثلا . والحصول عليها من قبل جماعات إرهابية بمساعدة بعض الحكومات .
الكثيرون في المنطقة يتهمون الولايات المتحدة بازدواجية المواقف ، فيما يتعلّق بقدرة العراق النووية . فعلى الرغم من القلق الذي تولّده الأسلحة النووية ، من وجهة النظر الداعية إلى عدم الانتشار . فإن هذه الأسلحة توفر لإسرائيل هامشا من الأمن ، يمكنها من المجازفة بعقد السلام مع جارات معينة . في الوقت الذي تطور فيه دول أخرى في المنطقة - ما زالت تهدد بتدمير إسرائيل ( أي العراق ) - الوسائل الكفيلة بتنفيذ تلك التهديدات .
الفصل الثالث :
الإرهاب - اعمل على تقوية الرد على التهديدات الجديدة .
اعزل جهود مكافحة الإرهاب عن ديناميكيات العملية السلمية ، وعزز الرد على التحديات المستمرة :
ينبغي على الولايات المتحدة ، أن تتبع سياسة لا تسامح فيها : ففي الوقت الذي يحق للسلطة الفلسطينية ، أن تختلف مع إسرائيل حول القضايا الدبلوماسية ، فإن العلاقة الأمريكية الفلسطينية ، يجب أن تدفع ثمن التهاون ، الذي تُبديه السلطة الفلسطينية بشأن التزامها بمكافحة الإرهاب .
ينبغي على الولايات المتحدة ، أن تُعزز جهودها الرامية للارتقاء بالتعاون الدولي ، ضد شبكات العنف الإسلامية المُتطرّفة . وينبغي أن تعمل مع دول أوروبا والشرق الأوسط ، لممارسة ضغط جماعي على تلك الدول القليلة ، التي ما زالت تقدم الملاذ للإرهابيين ، أو تغض النظر عنهم ، وهي إيران وباكستان واليمن وأفغانستان .
* وقفة قصيرة مع مقال ، في جريدة الدستور الأردنية الصادرة ، بتاريخ 5 – 7 – 2001م ، نقلا عن رويترز :
( تصدير المقال : في حال هاجم ابن لادن مصالح أمريكية - واشنطن تُهدّد طالبان بانتقام عسكري )
" واشنطن – رويترز ؛ قال نائب وزير الخارجية الأمريكية ( ريتشارد أرميتاج ) : أن الولايات المتحدّة قد تشنّ انتقاما عسكريا ، على حركة طالبان ، إذا شنّ أسامة بن لادن ، على هجمات مصالح أمريكية . وكان ( أرميتاج ) يُعقّب على تحذير قدّمه إلى طالبان ، سفير الولايات المتحدة لدى باكستان ( ويليام ملام ) ، في اجتماع عُقد في إسلام أباد ، يوم الجمعة الماضي . وقال مسؤول في طالبان لرويترز ، أن طالبان التي توفر المأوى لابن لادن ، تم إبلاغها بأنها ستتحمل المسؤولية ، عن أي هجمات على مصالح أمريكية … " ، انتهى .
طور الاستخدام الفعّال لأدوات السياسة الأمريكية المتوفرة :
لإخضاع الإرهابيين للإدانة الجنائية ، يتحتم على الولايات المتحدة ، متابعة الالتزام بملاحقة أولئك المجرمين ، حتى وإن واجه الأمر عقبات دبلوماسية . على الحكومة الاتحادية ، العمل على إيقاف المناصرين المحليين المؤيدين للجماعات الإرهابية ، ( المقصود هنا هو الجاليات العربية الداعمة للحركات الجهادية في فلسطين ) .
لقد تقلص عدد الدول الداعمة للإرهاب ، إلى سبع دول . وآخر الدول ، التي رُفع اسمها هي العراق عام 1982م وأعيد عام 1991م ، أما آخر اسم أُضيف للقائمة هو السودان عام 1993م . على الرئيس كجزء من عملية إعادة النظر ، أن يُفكر بتحديد الطرق ، التي تستطيع من خلالها تلك الدول من رفع اسمها من القائمة ( أي وضع متطلبات جديدة لشهادات حسن السيرة والسلوك الأمريكية ) . وخصوصا تلك التي أظهرت اهتماما بذلك مثل ليبيا والسودان وسوريا . بعد ذلك يجب ربط درجة الدعم المقدّم للإرهاب ، بدرجة العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة ، وكذلك بمستوى التعامل ، الذي يقوم بين الحكومة المعنية ، وحكومة الولايات المتحدة .
الفصل الرابع :
العراق وإيران - اعمل من أجل التغيير .
إن الموقف من العراق وإيران ، يُعتبر من أهم القضايا السياسية التي تواجه الإدارة الأمريكية الجديدة . فكلٌ من الدولتين يُعتبر لاعبا مُهمّا في الخطرين الرئيسين ، اللذين يتهددان مصالح الولايات المتحدة في المنطقة ( والمصالح هي وجود إسرائيل فقط ) . واللذين حدّدهما هذا التقرير بزعزعة العملية السلمية – لدرجة الانزلاق نحو الحرب – وبامتلاك أسلحة الدمار الشامل .
في إيران يبدو التغيير يلوح في الأفق ، وأنه سيكون ثمرة للديناميكيات السياسية الداخلية . أما بالنسبة للعراق فإن القصة مختلفة ، ومن الأمور المُحزنة ، كوننا مقتنعين بأن التغيير في العراق يكاد يكون مرتبطا بصورة حتمية بالعنف ، أي بانقلاب أو بانتفاضة داخلية ، … ، ينبغي على الرئيس الأمريكي ، أن يُطور استراتيجية شاملة ، تنطوي على خطوات فعّالة ، تهدف إلى الضغط على صدام حسين في عدة جبهات .
وحتى يحين موعد التغيير في العراق وإيران ، فإن على الولايات المتحدة أن تواجه التحدي لاحتواء الضرر الذي تسببه هاتان الدولتان ، بالإضافة للعقوبات والقيود المفروضة على الصادرات من أجل تقليص الموارد ، التي يمكن أن تُخصّصها الدولتان للتحديث العسكري ونشر الأسلحة ، والحصول على التكنولوجيا اللازمة لذلك .
وضّح التهديد الذي يُمثّله صدام حسين لمصالح الولايات المتحدة :
نعتقد أن من المهم تحديد تلك المصالح الأمريكية الحيوية ، التي يمكن لصدام أن يُهدّدها ، ووضع خطوط حمراء تُشكّل عند تجاوزها ، تحدّيا غير مقبول ، يستدعي ردا عسكريا أمريكيا واسع النطاق .
ما أن يتم الانتهاء من هذه المراجعة ، يتوجب على الرئيس ، أن يطرح مقرراتها على الشعب ، كتهيئة لاحتمال وقوع مواجهة عسكرية ، واسعة النطاق مع صدام ، إذا ما اقتضى الأمر … في حالة العدوان خارج أراضيه ، أو استخدامه لأسلحة الدمار الشامل ، أو حتى نشرها في حالات معينة ، أو عدوانه على الأكراد .
ـ يُقصد بالقوة واسعة النطاق :
أولا ؛ حملات القصف المتواصلة ، ضد الأهداف التي تحمي النظام ،
ثانيا ؛ إذا كانت الانتهاكات العراقية خطيرة بما يكفي ، يعني إرسال قوات أرضية ، بقدرات كافية بمشاركة الحلفاء ، لغرض إحلال التغيير في النظام العراقي ،
ثالثا ؛ في حالة استخدام أسلحة الدمار الشامل ، يتوجب استخدام جميع الوسائل المُتاحة ، ضد نظام صدام حسين ( أي استخدام السلاح النووي ) .
على الولايات المتحدة ، أن تكون مستعدة ، للعمل بالتنسيق مع الحلفاء الرئيسيين ، وبالأخص السعودية والكويت وبريطانيا . وبذل مزيد من الجهد لإقناع تركيا ، بلعب دور أكثر فاعلية ، في الرد على التحدّي الذي يُمثّله صدام حسين .
أحد الخطوط الصفراء التي تجاوزها صدام بالفعل ، هو التوقف عن التعاون مع مفتشي الأسلحة . أظهرت دروس التاريخ الأليمة ، أن صدام لا يسمح بعمليات تفتيش ، تكشف ما تبقى من برامجه ، لإنتاج الصواريخ وأسلحة الدمار الشامل ، كما أن الأسرة الدولية غير مستعدة ، لتأييد استخدام القوة لإرغام صدام على التعاون .
إلى جانب التفتيش المهني الدقيق الذي يجب أن تصرّ الولايات المتحدة عليه . يوجد عنصر مهم آخر ، هو الدعم الذي يجب أن توفره واشنطن ، لجماعات المعارضة العراقية ، كعنصر إضافي لاحتواء صدام .
ضمن عملها مع المعارضة العراقية ، ينبغي للولايات المتحدة أن تضع رؤية أوضح لعراق ما بعد صدام ، على واشنطن أن توضح ، انه كلما ازداد العراق مسالمة وانفتاحا وديموقراطية ، كلما ازداد دعمها له .
حوّل العقوبات إلى أداةٍ لانفتاح العراق :
نعتقد بأن على الولايات المتحدة ، أن تقوم بمجهود عاجل ، لتركيز العقوبات على نحو أكثر حدّة ، على صدام ونظامه العسكري . من أجل ذلك ينبغي لواشنطن ، أن تأخذ زمام المبادرة في إعادة صياغة العقوبات ، بدلا من أن توافق مرغمة ، على خطوات يفرضها الآخرون .
في الوقت نفسه ، ينبغي للولايات المتحدة التوجه للمنظمات الإنسانية ، لتحسين طرق إيصال المساعدات للشعب العراقي . بدلا من أن تكرّس هذه المنظمات ، الكثير من جهدها لانتقاد السياسة الأمريكية إزاء العراق . وأن تُظهر لهذه المنظمات ، أنها تشاركها همومها الإنسانية ، مؤكدة بأن السبب في معاناة الشعب العراقي هو حكومة العراق الاستبدادية ( أي استخدام النفاق السياسي ) .
ينبغي للقيود التي فُرضت على السفر ، من تلك الدولة ، أن تُعكس بشكل تام . سيكون من الأفضل تشجيع التبادل الفردي ، وسفر العراقيين العاديين ، ومنع سفر المسؤولين العراقيين وأفراد أسرهم ، من الذين يُعيقون تنفيذ قرارات مجلس الأمن ، أو الذين يُشتبه بارتكابهم جرائم حرب ، أو انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان . لقد حصل هذا النوع من " العقوبات الذكية " ، على التأييد في الأمم المتحدة عندما طُبق على يوغسلافيا .
الفصل الخامس :
الاستراتيجية الإقليمية : استثمر في العلاقات الحاسمة .
على الإدارة الأمريكية الجديدة أن تأخذ زمام المبادرة ، في توسيع التواصل الثقافي والتربوي مع الدول العربية والمسلمة ، لغرض تطوير المعرفة المحلية ، بثقافة ومجتمع وسياسة الولايات المتحدة وتفهُّمها . وإيجاد وسائل لمحاربة الانطباع الخاطئ ، المتفشّي في الشرق الأوسط ، حول معاداة أمريكا للإسلام والمسلمين .
في الطرف الآخر من الطيف ، ينبغي للدبلوماسية الأمريكية ، أن تُبرز العيوب الفاضحة لدول المنطقة ، التي تمارس أقصى حد من انتهاكات حقوق الإنسان ، وبالأخص العراق والسودان وليبيا وسوريا .
تقوية العلاقات الثنائية المهمة :
إسرائيل : أكد على التحالف غير المكتوب ، فهو يعكس عمق ينابيع الدعم والتآخي ، الذي يشعر به الشعب الأمريكي إزاء إسرائيل ، والذي يشمل كافة الأطياف السياسية الأمريكية . ينبغي على الإدارة أن تأخذ زمام المبادرة ، في الارتقاء بشراكتها لإسرائيل ، إلى مستوى مواجهة التهديدات الاستراتيجية المشتركة … وسط جو التهديدات الجديدة ، ومع اضطراد تقدّم الأسلحة الحديثة . فإن على الإدارة أن تواجه التحدي السياسي المتمثل في التوضيح لجارات إسرائيل ، بأن أمريكا سوف تعارض أي مجهود ، للتوصل إلى مستوى الندية الاستراتيجية مع إسرائيل .
دول مجلس التعاون الخليجي : تقوية الأمن النفطي والعسكري والاقتصادي ، لضمان استمرار تدفق النفط بأسعار مناسبة . على الولايات المتحدّة تعميق دعمها ، للإصلاحات الاقتصادية في تلك الدول ، بسبب مصلحتها في استقرار الأنظمة الملكية الخليجية .
مصر : لدى مصر قدرة على لعب دور إيجابي ، في تعزيز الاعتدال والاستقرار في المنطقة ، أو لعب دور سلبي في تعقيد وإعاقة مبادرات الولايات المتحدة الإقليمية . ولو حافظت مصر على وضعها المقبول فإن على الولايات المتحدة ، أن تكون مستعدة للمضي قدما ، في مبادراتها الاقتصادية .
الأردن : ادعم السلم مع إسرائيل ، واحذر من العودة إلى احتضان عراق صدام . أما على الجانب العسكري ، فينبغي له المساعدة في عملية التعامل مع الأمن الحدودي ، ومكافحة الإرهاب ، والخطر العراقي المحتمل . أحد الأسباب المبررة لتقديم معونة أمريكية كبيرة هو المسعى الذي يبذله العراق ، لجذب الأردن بتقديم مساعدة نفطية 600-900 مليون دولار . ولإحباط الإغراء العراقي ، بوسع دول الخليج تقديم النفط بشروط ملائمة ، وتوسيع دائرة التجارة ، واستخدام العمالة الأردنية .
تركيا : يُعتبر بقاؤها ، كدولة ديموقراطية علمانية موالية للغرب ، مصلحة حيوية للولايات المتحدة . حيث تلعب تركيا دورا مركزيا في عملية احتواء العراق .
ادعم التعاون ما بين شركاء أمريكا الإقليميين ، ومن ضمنها إسرائيل وتركيا ودول مجلس التعاون الخليجي والأردن ومصر . إنّ التعاون بين تركيا وإسرائيل ، يُعتبر الأفضل بين جميع حالات التعاون الأمني الإقليمي في المنطقة .
الإطار الاستراتيجي :
لدى الولايات المتحدة مصالح دائمة في الشرق الأوسط ، من بينها ؛ منع وقوع الحرب ، وتسهيل التقدم باتجاه سلام عربي إسرائيلي ، وضمان أمن وسلامة إسرائيل ، وتوطيد الاستقرار والأمن والرفاهية والتنمية ، في تركيا والدول العربية المعتدلة ، والمحافظة على حرية تدفق النفط وبأسعار معقولة . بعد الانتصار في الحرب الباردة ، وحرب الخليج في مطلع التسعينيات ، تمكنت الولايات المتحدة ، من ممارسة الزعامة في مجالين مهمين ، هما ؛ بناء السلام العربي الإسرائيلي ، وتعزيز الأمن في الخليج .
العولمة :
على مدى العقد الأخير ، كان سجل المنطقة مشوشا بالنسبة للعولمة ، فمن جانب ، لم تستطع الحواجز الوطنية القوية ، أن تمنع انتشار وسائل الإعلام الحديثة ، مثل القنوات الفضائية العربية ، التي أنهت – بمصاحبة الإنترنت – سيطرة الدولة على المعلومات ، كما تم الاعتراف ، على مستوى المنطقة باقتصاد السوق ، والانفتاح على التجارة والاستثمار الدوليين ، بصفتها أفضل الطرق لتحقيق التنمية … إلا أن الشرق الأوسط ، يُعتبر خاسرا نسبيا في سباق العولمة ، فحصّته في التجارة العالمية في تدهور مستمر .
بفضل أجهزة الفيديو والمحطّات الفضائية والإنترنت ، وأخيرا وليس آخرا . فمن المحتمل جدا ، أن يرتدي المتظاهرون في رام الله أو طهران ، بنطلونات وأحذية من إنتاج أمريكي .
* بقولهم هذا ، يكشف رواد العولمة ودعاتها ، عن الوجه القذر لها ولغاياتها ، بشقيّها الثقافي والاقتصادي ، فغايات العولمة هي :
أولا : مسخ الهوية العربية والإسلامية بشكل خاص ، والشرقية بشكل عام ، باستهلاك الثقافة الأمريكية ، عن طريق وسائل الإعلام المختلفة .
ثانيا : ومن ثم جعل جميع دول العالم سوقا مفتوحة ، للمنتجات الأمريكية بمختلف أنواعها ، بإجبار الحكومات على رفع القيود ، التي وُضعت لحماية ودعم الصناعات الوطنية .
إذ ليس هناك أي أهمية تُذكر لدى رواد العولمة ، بالنسبة لتظاهرك ضد إسرائيل وأمريكا ، وحرق أعلامها وصور زعمائها ، بما أنك تدعم في نفس الوقت ، اقتصاد الدولتين ، باستهلاك منتجاتهما ، مما يُساهم بزيادة النمو الاقتصادي فيهما ، وأمريكا سيطرت على العالم اقتصاديا ، وبذلك تمكّنت من السيطرة عليه عسكريا .
انهيار تحالف حرب الخليج :
على المستوى الدولي ، ما زالت هيمنة أمريكا الإقليمية على ما كانت عليه ، إلا أن هناك تصاعدا ، في عزم القوى الأخرى وقدرتها ، على التأثير في مجرى الأحداث في الشرق الأوسط ، خصوصا باتجاه إعاقة السياسة الأمريكية في المنطقة . ويبرز في هذا المجال ثلاثة لاعبين مهمين :
روسيا : أصبحت روسيا أكثر قومية خلال العقد الماضي ، وازدادت شكوكها فيما يتعلق بعلاقاتها مع الولايات المتحدة … لكنها أصبحت من جديد ، لاعبا مُثيرا للمشاكل … دأبت روسيا على تقويض جهود الأمم المتحدة ، الرامية إلى السيطرة على التسلح وفرض العقوبات ، حتى أن الرئيس الروسي مؤخرا ، أثنى بنفسه على التعاون التام بين موسكو وبغداد . لم تُبدِ روسيا تعاونا يُذكر ، مع مساعي الولايات المتحدة المدعومة بدولارات المساعدات ، للحيلولة دون انتشار أسلحة الدمار الشامل ، وتكنولوجيا الصواريخ ، من روسيا إلى الشرق الأوسط وخصوصا إلى إيران .
الصين : فالصين ، تمتلك القدرة على تغيير ميزان القوى الإقليمية ، بتزويد دول في المنطقة ، بتكنولوجيا الصواريخ وأسلحة الدمار الشامل . في الوقت الذي تستطيع الصين فيه ، أن تصبح قوة إيجابية بالنسبة لنمو اقتصاد العولمة ، إذا ما واصلت فتح أسواقها ، وخصخصة اقتصادها .
أوروبا : على سبيل المثال لعبت الدول الأوروبية ، دورا مهما في تسهيل الدبلوماسية الهادئة ، بين إسرائيل والفلسطينيين . وفي تأمين التمويل السخي للسلطة الفلسطينية بعد عام 1993م . وفي فرض مناطق حظر الطيران ، شمال وجنوب العراق . إن مما يُؤسف له ، أن فرنسا قد أصبحت العقبة الكبرى ، في طريق تحقيق التنسيق الأمريكي الأوروبي ، حول الكثير من قضايا الشرق الأوسط ، خصوصا تلك المتعلقة بالعملية السلمية ، والسياسة المُتبعة إزاء العراق .
على خلفية هذا الإطار الاستراتيجي ، نعتقد بأن الشرق الأوسط ، مرشح لأن يكون منطقة مضطربة ، خلال فترة ولاية الرئيس الأمريكي الجديد . سيتغذى بعض ذلك الاضطراب ، على مشاعر عدم الرضا والرغبة في تحقيق الوحدة ، والأمور غير المنجزة في النزاع العربي الإسرائيلي . كما أن بعضا منه ، سوف يتولد نتيجة التغييرات البركانية التي تنتظر إيران . وسوف ينتج بعضه الآخر عن ردود الفعل المترتبة ، على عودة انبعاث صدام حسين .
يحتاج الرئيس الأمريكي الجديد وكبار مساعديه ، لإدراك أن الشرق الأوسط يدخل القرن الواحد والعشرين ، بقيادة زعماء جدد بلا خبرة ، يتولون الزعامة من المحيط الأطلسي إلى الخليج الفارسي ، باقتصاديات راكدة وبأسلحة مرعبة عالية التقنية ، لها القدرة على نقل النزاعات ، إلى شواطئ أمريكا . إن لجنة الدراسة الرئيسية ، في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط الأدنى ، قد وضعت هذا التقرير ، من أجل تقديم النصح للرئيس الأمريكي الجديد ، حول الطرق الكفيلة بإدارة هذه اللحظة العاصفة ، على نحو يحمي مصالح الولايات المتحدة وحلفائها … انتهى الاقتباس .
بنود هذا التقرير اليهودي المقدّم للرئيس الأمريكي واضحة ،
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد تركى
عضو / ة
عضو / ة
خالد تركى


الساعة الأن :
عدد المساهمات : 126
نقاط : 262
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 01/09/2010

كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية   كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Icon_minitime1الأحد 17 أكتوبر 2010, 12:07 am

، وربما لا تحتاج لتعليق ، فالمخاوف والأهداف التوراتية واضحة ، خلف ما يدّعي اليهود ، بأنه مصالح للولايات المتحدّة ، تقضي بتحجيم وتدمير ثلاثة قوى ، ذات الخطر الأكبر على مستقبل الدولة اليهودية في المنطقة ، حسبما أوضحته التفسيرات الجديدة للنبوءات التوراتية ، وهي روسيا ( يأجوج ومأجوج ) ، والعراق وإيران ( مادي وفارس وبابل وأشور ) ، كافة الدول ذات التوجه الإسلامي ، التي يسمونها بالراعية للإرهاب ( خوفا من إحياء الخلافة الإسلامية ) .
والسؤال المطروح بعد الاطلاع على هذا التقرير : لماذا يشغل العراق المساحة الأكبر ، في مفردات صحيفة برتوكولات حكماء صهيون الجديدة ، المسمّاة بتقرير معهد واشنطن ؟!
ونختم هذا الفصل ، بقول لظفر الإسلام خان ، صاحب كتاب ( تعاليم التلمود ) : " وقد ساعدت كراهية بريطانيا العمياء ، وغدرها بالعرب والمسلمين ، ووجود النزعة الصليبية الخاطئة ، لدى البلدان الأوربية وأمريكا ، على نجاح المخططات الصهيونية ، وغزو البلدان العربية في الحرب العالمية الأولى ، فنرى القائد الفرنسي ( غورو ) الذي فتح دمشق يقول ، وقد وضع قدمه على قبر صلاح الدين : " ها نحن قد عُدنا يا صلاح الدين ! " ، والجنرال الإنجليزي ( اللنبي ) عند دخوله القدس ، يقول أمام كنيسة القيامة : " اليوم ، انتهت الحروب الصليبية " .
قال تعالى
( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ ءَامَنُوا ، الْيَهُودَ ، وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ، وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82 المائدة )

الكتب المقدّسة تأمر اليهود بتدمير أصحاب البعث
احتل العراق مساحة شاسعة في التقرير السابق ، لأن التوراة تُخبر اليهود صراحة ، بأن العراقيون هم أصحاب البعث الثاني . وتوصيهم وتأمرهم كذلك ، بتدمير العراق ، بعد عودتهم من الشتات لفلسطين في المرة القادمة ، لإقامة دولتهم الثانية ، وتُحرّضهم وتحثّهم بألّا يدّخروا جهدا ، من أجل إعادته إلى العصر الحجري ، حتى لا يتمكّن أهل بابل ، من الانبعاث عليهم مرة أخرى ، عندما يأذن الله لهم بذلك .
بعض مقتطفات من النصوص التوراتية ، التي تحصُر البعث بالعراقيين :
موسى :
سفر التثنية " 28: 49 ويجلب الرب عليكم أمة من بعيد ، من أقصى الأرض ، فتنقضّ عليكم كالنسر ، 50: أمّة [ جافية الوجه ] يثير منظرها الرعب ، لا تهاب الشيخ ولا ترأف بالطفل ( أولي بأس شديد ) ، 51: فتستولي على نتاج بهائمكم ، وتلتهم غلات أرضكم حتى تفنوا ، ولا تُبقِ لك قمحا ولا خمرا ولا زيتا ، … حتى تفنيك ، 52: وتحاصركم في جميع مدنكم ، حتى تتهدم أسواركم الشامخة الحصينة ، التي وثقتم بمناعتها ، … "
31: 29: لأنني واثق أنكم بعد موتي ، تفسدون وتضلون عن الطريق الذي أوصيتكم بها ، فيصيبكم الشرّ في آخر الأيام ( المرة الثانية تكون في آخر الأيام ) ، لأنكم تقترفون الشر أمام الرب ، حتى تثيروا غيظه بما تجنيه أيديكم … " .
32: 19: فرأى الرب ذلك ورذلهم ، إذ أثار أبناؤه وبناته غيظه ، 20: وقال : سأحجب وجهي عنهم فأرى ماذا سيكون مصيرهم ؟ إنهم جيل متقلب وأولادُ خونة ، 21: … ، لذلك سأثير غيرتهم بشعب متوحش ( أولي بأس شديد ) ، وأغيظهم بأمة حمقاء [ أمة لا تفهمون لغتها ] .
إشعياء :
10: 3: فماذا تصنعون في يوم العقاب ، عندما تقبل الكارثة من بعيد !
" 14: 29: لا تفرحي يا كلّ فلسطين ( إسرائيل ) ، لأن القضيب الذي ضربك قد انكسر . فانه من أصل تلك الأفعى يخرج أُفعوان ، وذريّته تكون ثعبانا سامّا طيّارا … ولول أيّها الباب ، ونوحي أيّتها المدينة ، ذوبي خوفا يا فلسطين قاطبة ، لأن جيشا مُدرّبا قد زحف نحوك من الشمال … " .
46: 11: أدعو من المشرق الطائر الجارح ، ومن الأرض البعيدة برجل مشورتي ، قد نطقت بقضائي ، ولا بد أن أُجريه .
ارميا :
25: 9: فها أنا أُجنّد جميع قبائل الشمال ، بقيادة نبوخذ نصر عبدي* ، وآتي بها إلى هذه الأرض ، فيجتاحونها ويهلكون جميع سكّانها ، مع سائر الأمم المحيطة بها ، وأجعلهم مثار دهشة وصفير ، وخرائب أبدية .
* ( عبدي ) جاءت صفة لنبوخذ نصر في التوراة .
10: 22: اسمعوا ، ها أخبار تتواتر عن جيش عظيم ، مقبل من الشمال ، ليحوّل مدن يهوذا ، إلى خرائب ومأوى لبنات آوى .
6: 22: انظروا ، ها شعبٌ زاحف من الشمال ، وأمّة عظيمة تهبّ من أقاصي الأرض ، … ، لمحاربتك يا أورشليم .
حزقيال :
21: 19: وأوحى إليّ الربّ بكلمته قائلا : أمّا أنت يا ابن آدم ، فخطّط طريقين لزحف ملك بابل . من أرض واحدة تخرج الطريقان ، وفي ترجمة أخرى [ وأنت يا ابن آدم ، عيّن لنفسك طريقين ، لمجيء سيف ملك بابل ، من أرض واحدة تخرج الاثنتان ]
23: 22-23: وآتي بهم عليك من كل ناحية ، أبناء البابليين ، وسائر الكلدانيين ، ومعهم جميع أبناء أشور .
ـ يعلم اليهود علم اليقين ، أن المبعوثين عليهم في المرة الثانية ، سيخرجون من أرض بابل وأشور ، فالكلدانيون بابليين وآشوريون هم سكان العراق القدماء . وبابل مدينة عراقية ، تقع في وسط العراق إلى الجنوب من بغداد ، وأشور تقع في شماله . ورغم معرفتهم هذه فهم مستمرّون في غيهم وطغيانهم ، ذلك لأنهم لم يؤمنوا بالله ولا بأنبيائه سابقا ولاحقا ، فمعرفتهم به سبحانه جاءت من خلال آراء كهنتهم وأحبارهم . فهم يأخذون من التوراة ما يوافق أهوائهم ، ويتركون ما سواه . أما ما يؤمنون به حقا فهو المال والقوة . وبما أنهم يملكون القوة والمال ، وبما أن الله قد كشف لهم عن مُخططاته ، بالنسبة لحتمية القضاء على وجودهم في فلسطين ، فالحل لديهم ليس التوبة والرجوع إلى الله ( الذي لا يقيمون له وزناً ، نتيجة افتراءات زنادقة التلمود عليه ، سبحانه وتعالى عمّا يصفون ) ، وإنما بمخالفة مُخطّطات الله وإبطالها ، معتمدين على ما ألّفه الكهنة من نبوءات خاطئة عن الملك الموعود . وذلك بكل بساطة ، من خلال تنفيذ مخطّطات الكهنة والأحبار القديمة الجديدة ، التي وُضعت كحلّ لمعضلتهم المستعصية مع الله ، وهي إبادة الكلدانيين ، ومحو بابل الجديدة عن الوجود ، وتحويلها إلى صحراء قاحلة ، لا تسكنها إلا الثعالب ، وما كان تصريح أحد كلابهم ( بوش الأب ) ، عندما قال : ( بأنه سيُعيد العراق إلى العصر الحجري ) ، إلا من خلفية توراتية حاقدة .
نبوءة عن دمار بابل في سفر إشعياء
" 13: 1-8: رؤيا إشعياء بن آموص بشأن بابل : " انصبوا راية فوق جبل أجرد ، اصرخوا فيهم لوحوا بأيديكم ، ليدخلوا أبواب [ العتاة ] … لأن الرب القدير يستعرض جنود القتال . يقبلون من أرض [ بعيدة ] من أقصى السماوات ، هم جنود الرب وأسلحة سخطه لتدمير الأرض كلها . [ ولولوا ] ، فإن يوم الرب بات وشيكا ، قادما من عند الرب مُحمّلا بالدمار . لذلك ترتخي كل يد ، ويذوب قلب كل إنسان . ينتابهم الفزع ، وتأخذهم أوجاع ، يتلوون كوالدة تُقاسي من الآم المخاض …
" 13: 9-16: ها هو يوم الرب قادم ، مفعما بالقسوة والسخط والغضب الشديد ، ليجعل الأرض خرابا ويبيد منها الخطاة … والشمس تظلم عند بزوغها ( كسوف ) ، والقمر لا يلمع بضوئه ( خسوف ) . وأعاقب العالم على شرّه والمنافقين على آثامهم ، وأضع حدّا لصلف المُتغطرسين وأُذلّ كبرياء العتاة … وأُزلزل السماوات فتتزعزع الأرض في موضعها ، من غضب الرب القدير في يوم احتدام سخطه . وتولّي جيوش بابل ( عبارة جيوش بابل ، غير موجودة في الترجمة الأخرى ) حتى يُنهكها التعب ، عائدين إلى أرضهم كأنهم غزال مُطارد أو غنم لا راعي لها . كل من يُؤسر يُطعن ، وكل من يُقبض عليه يُصرع بالسيف ، ويُمزّق أطفالهم على مرأى منهم ، وتُنهب بيوتهم وتُغتصب نسائهم " .
" 13: 17-22: ها أنا أُثير عليهم الماديين ( الإيرانيين ) ، الذين لا يكترثون للفضة ولا يُسرّون بالذهب ، [ فتحطم ] قسيّهم الفتيان ، ولا يرحمون الأولاد أو الرضع … أما بابل مجد الممالك وبهاء وفخر الكلدانيين ، فتُصبح كسدوم وعمورة اللتين قلبهما الله . لا يُسكن فيها ، ولا تعمر من جيل إلى جيل ، ولا ينصب فيها بدوي خيمته ، ولا يُربض فيها راع قُطعانه . إنما تأوي إليها وحوش القفر وتعجّ البوم خرائبها ، وتلجأ إليها بنات النعام ، وتتواثب فيها [ معز الوحش ] ، وتعوي الضّباع بين أبراجها ، وبنات آوى في قصورها الفخمة . إن وقت عقابها بات وشيكا ، وأيامها لن تطول " .
" 14: 1 ولكنّ الرب [ سيرحم ] ذريّة يعقوب ، ويصطفي شعب إسرائيل ثانية ، وُيحلّهم في أرضهم ، فينضم الغرباء إليهم ويلحقون ببيت يعقوب . وتمُدّ شعوب الأرض إليهم يد العون ، ويصيرون عبيدا لبني إسرائيل ، في أرض الرب ، ويتسلّطون على آسريهم وظالميهم . في ذلك اليوم يُريحكم الرب ، من عنائكم وشقائكم وعبوديتكم القاسية " .
" 14: 4-23: فتسخرون من ملك بابل قائلين : " كيف استكان الظالم وكيف خمدت غضبته المُتعجرفة ؟ قد حطّم الرب عصا المنافق وصولجان المُتسلطين … حتى شجر السرو وأرز لبنان عمّها الفرح ، فقالت : " منذ أن انكسرت شوكتك ، لم يصعد إلينا قاطع حطب " … والذين يرونك ، يحملقون فيك ويتساءلون : " أهذا هو الإنسان الذي زعزع الأرض وهزّ الممالك ، الذي حوّل المسكونة إلى مثل القفر ، وقلب مُدنها ، ولم يُطلق أسراه ليرجعوا إلى بيوتهم ؟ " … أما أنت فقد طُرحت بعيدا عن قبرك ، كغصن مكسور … لأنك خرّبت أرضك ، وذبحت شعبك ، فذريّة فاعلي الإثم ، يبيد ذكرها إلى الأبد . أعدّوا مذبحة لأبنائه جزاء إثم آبائهم ، لئلا يقوموا ويرثوا الأرض فيملئوا وجه البسيطة مُدناً . يقول الرب القدير : " إني أهبّ ضدهم ، وأمحو من بابل ، اسماً وبقيةً ونسلاً وذريةً ، وأجعلها ميراثاً للقنافذ ، ومستنقعاتٍ للمياه ، وأكنسها بمكنسة الدمار " .
ـ دعوة للشماتة والسخرية من بابل بعد سقوطها . ودعوة لإعداد مذبحة لأبنائها ؛ أولا : للانتقام منهم لما فعله آبائهم سابقا ، وثانيا : لمنع الأبناء من تكرار فعل الأباء لاحقا ، وتلك هي مُبرّراتهم لتدمير العراق .
" 14: 29: لا تفرحي يا كلّ فلسطين ( إسرائيل ) ، لأن القضيب الذي ضربك قد انكسر . فانه من أصل تلك الأفعى يخرج أُفعوان ، وذريّته تكون ثعبانا سامّا طيّارا … ولول أيّها الباب ، ونوحي أيّتها المدينة ، ذوبي خوفا يا فلسطين قاطبة ، لأن جيشا مُدرّبا قد زحف نحوك من الشمال … " .
ـ وهذا النص يُحذر اليهود من الفرح ، بانكسار قضيب بابل ( أي بانكسار العراق في بادئ الأمر ) ، لأنه في النهاية سينهض من جديد ، ليُنجز ما قضاه الله عليهم . فالأُفعوان لا محالة خارج ، من أصل تلك الأفعى ، طال الزمان أو قصر ، وسينفث سمّه في أجسادهم عند مجيء الموعد ، وذريته ستكون أشد بأسا وأشد تنكيلا .
نبوءة عن دمار بابل من سفر ارميا
جاء هذا النص ، تحت ( مُسمى النبوءة التي قضى بها الرب ) ، والحقيقة أنه وثيقة للثأر وتسديد للحساب القديم لمملكة بابل ، كتبه كهنتهم وأحبارهم ، بعد أن سامهم أهل بابل في المرة الأولى ، أشكالا وألوانا من الذل والهوان والعذاب ، ولم يستطع أولئك الكهنة ، تقبّل فكرة أن إلههم - الذي أرادوه حسب أهوائهم ، فجعلوه كالعجينة بين أيديهم ، يُشكّلونها كما شاءوا - يتخلى عنهم ويسمح لأولئك البابليّون الوثنيون ، بالقضاء على حبيبته أورشليم ، وأبناؤه وأحباؤه وشعب الله المُختار . فكان وقع الصدمة شديد عليهم ، حيث أتاهم العذاب من حيث لم يحتسبوا ، وكان غاية في البشاعة ، حتى أنّهم شبّهوه في توراتهم ، بعذاب قوم لوط ، مما أشعل نيران الحقد والكراهية اتجاه البابليين ، التي ما زالت مشتعلة في قلوبهم إلى الآن ، بعد أن توارثوها ، جيلا بعد جيل .
حفظة التوراة من الأحبار والكهنة ، هم أنفسهم من كان سببا ، في دمار دولتهم الأولى ، بفسادهم وإفسادهم ، وحثهم الناس على الفساد والإفساد ، من حكّام ومُترفين وعامة ، وهم الذين كذبوا وحاربوا أنبياء الله والصالحين من الناس ، وتآمروا عليهم وأمروا بقتلهم ، لمّا كانوا يأتونهم من عند الله بما يُخالف أهواءهم . وعندما وقع ما لم يكن في حُسبانهم ، أنكروا ذلك وأنكروا أنه جاء في كُتبهم ، وأنكروا أنه جاء من عند الله ، وأنكروا أنه عقابا لهم على إفسادهم ( … ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (13) … ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (14 الحشر ) . فخروج البابليين كان حسدا من عند أنفسهم ، ورغبة منهم للاستيلاء على كنوزهم ، لذلك كان لا بد لهم من الانتقام منهم ، عندما تُردّ لهم الكرّة مرة أخرى ، فخطّوا بأقلامهم ما ستقرأه لاحقا .
أخبر سبحانه بأنه سيكون لليهود ، كرّة على أولئك العباد ( الكلدانيين ) ، وذلك بهزيمتهم عسكريا في حروبهم معها ، وقد تحصّل ذلك في كافة حروبها مع العرب ، ومن ضمنها العراق ، في بدايات نشوء الدولة اليهودية ، ونسب سبحانه ردّ الكرة إلى نفسه ، ليُذكّرهم ويُؤكدّ لهم أنّ ما تمّ لهم ذلك ، إلا بإذنه ومشيئته ، منّاً وكرماً ، وعقابا للعرب على نكوصهم عن دينهم ، وتخليهم عن حمل رسالتهم ، فما من مصيبة تقع في الناس ، إلا من كسب أيديهم ، كما أخبر سبحانه في غير موضع من كتابه العزيز ، بالإضافة إلى ما أوردناه سابقا من حكم إلهية ، لعودة اليهود إلى فلسطين .
أمّا أن الله قد أمرهم ، بتدمير العراق وإبادة أهله ، وتحويل العراق إلى صحراء قاحلة ، تسكنها الثعالب ، فحاشا لله ، أن يأمر أو يُحرّض الناس على الإفساد في الأرض ، وهو الذي سيمحو ذكرهم عن فلسطين ، على أيدي العراقيين أنفسهم ، لعظم ما أفسدوه في أرضه ، ولأجل الإفساد ذاته ، ولأجل سفك دماء الأبرياء الذي هو أعظم الإفساد في الأرض . إذ أنهم فور امتلاكهم للقوة والسلطة ، أسرفوا في القتل والتنكيل ، أيّما إسراف ، في الأرض على عمومها ، فأصابعهم ملوثة بدماء ضحايا كافة الحروب على مرّ العصور . ففي مملكتهم الأولى أوقعوا القتل والنهب والنفي في أبناء جلدتهم ، وفي دولتهم الثانية كرّروا فعلتهم في شعب فلسطين .
ولا يغب عن البال أن هذه النص التحريضي ، بما يحفل به من مبالغة وتهويل ، وتكرار وتطويل ، كُتب بعد السبي البابلي ، قبل 2500 عام تقريبا ، كدعوة للانتقام من بابل القديمة ، عند عودتهم من السبي والشتات إلى فلسطين ، وإن كانت بابل قد وقعت في أيدي الفرس قديما كما جاء في التوراة ، فمملكة فارس تقع إلى الشرق من بابل وأشور ، والنبوءة تقول أن من سيُدمّرها جمع من الملوك يجتمعون عليها من الشمال . حتى جاءت دولتهم الحالية ، وأخذ يهود هذا العصر ، بكل ما لديهم من طاقات وإمكانيات ووسائل ، على عاتقهم تنفيذ هذا البرنامج ، الذي وضعه لهم أربابهم من الأحبار والكهنة ( الحكماء ) . ولو أنك أمعنت النظر في الواقع ، وما مرّ بالعراق من أحداث ، خلال عشرين سنة ماضية ، تجد أن مرجعية كل تلك الأحداث ، موجودة في هذا النص التوراتي وبالتفصيل .
ـ وفي ما يلي النص الكامل لوثيقة الثأر ، والدعوة لتسديد الحساب القديم لبابل الجديدة ، كما جاء في الإصحاح ( 50 – 51 ) من سفر ارميا ، بما فيها من تكرار وتطويل :
التحريض الإعلامي :
" النبوءة التي قضى بها الرب ، على بابل وعلى بلاد الكلدانيين ، على لسان ارميا النبي : أخبِروا في الشعوب وأسمِعوا وارفعوا راية ، أسمِعوا لا تخفوا ، قولوا : قد تم الاستيلاء على بابل ، ولحق ببيل العار وتحطّم مردوخ ( أسماء لأصنام بابل ) ، خربت أصنامها وانسحقت أوثانها ، لأن أمة من الشمال ، قد زحفت عليها ، لتجعل أرضها مهجورة ، شرد منها الناس والبهائم جميعا " .
التنفيذ مرتبط بعودتهم إلى فلسطين :
" وفي تلك الأيام ، يقول الرب ، يتوافد بنو إسرائيل وبنو يهوذا معا ، يبكون في سيرهم ويلتمسون الرب إلههم ، يسألون عن الطريق صهيون ويتوجّهون إليها قائلين : هلم ننضمّ إلى الرب ، بعهد أبدي لا يُنسى ، إنّ شعبي كغنم ضالّة قد أضلّهم رعاتهم ، وشرّدوهم على الجبال ، فتاهوا ما بين الجبل والتل ، ونسوا مربضهم ، كل من وجدهم افترسهم ، وقال أعدائهم : لا ذنب علينا لأنهم ، هم الذين أخطأوا في حقّ الرب ، الذي هو ملاذهم الحقّ ، ورجاء آبائهم "
دعوة لخروج الغرباء من بابل :
" اهربوا من وسط بابل ، واخرجوا من ديار الكلدانيين ، وكونوا كالتيوس أمام قطيع الغنم ، ( الطلب من جميع الغربيين مُغادرة العراق قبل القصف ) فها أنا أُثير وأجلب على بابل ، حشود أُمم عظيمة ( 30 دولة ) ، من أرض الشمال ، فيتألّبون عليها ، ويستولون عليها من الشمال ، وتكون سهامهم كجبّار متمرّس لا يرجع فارغا ( من الصيد ) ، فتصبح أرض الكلدانيين غنيمة ، وكل من يسلبها يُتخم ( عوائد النفط ) ، يقول الرب . لأنكم تبتهجون وتطفرون غبطة يا ناهبي شعبي ، وتمرحون كعِجلةٍ فوق العشب وتصهلون كالخيل ، فإنّ أمّكم قد لحقها الخزي الشديد ، وانتابها الخجل ، ها هي تُضحي أقلّ الشعوب ، وأرضها تصير قفرا جافا وصحراء ، وتظلّ بأسرها مهجورة وخربة ، كل من يمرُّ ببابل ، يُصيبه الذعر ويصفر دهشة ، لما ابتليت به من نكبات " .
تحريض على تدمير بابل :
" اصطفّوا على بابل من كل ناحية ، يا جميع موتري الأقواس ، ارموا السهام ولا تبقوا سهما واحدا ، لأنها قد أخطأت في حقّ الرب ( لأنها أنزلت بهم العقاب الإلهي في المرة الأولى ) ، أطلقوا هتاف الحرب عليها من كل جانب ( طبل وزمر الإعلام الغربي قبل بدء الحرب ) ، فقد استسلمت ( لقرارات مجلس الأمن ) وانهارت أسسها وتقوضت أسوارها ( البنية التحتية ) ، لأن هذا هو انتقام الرب ( بل هو انتقامهم ) ، فاثأروا منها ( تحريض ) ، وعاملوها بمثل ما عاملتكم ، استأصلوا الزّارع من بابل ، والحاصد بالمنجل في يوم الحصاد ، إذ يرجع كل واحد إلى قومه ، ويهرب إلى أرضه فرارا من سيف العاتي " .
دوافع الانتقام :
" إسرائيل قطيع غنم مشتّت ، طردته الأسود ، كان ملك أشور أولّ من افترسه ، ونبوخذ نصر آخِر من هشّم عظامه ( كان هذا واقع حال الكهنة ، عند كتابة هذه الوثيقة ، موضحين دوافع هذا التحريض ) ، لذلك هذا ما يُعلنه الرب القدير إله إسرائيل : ها أنا أُعاقب ملك بابل وأرضه ، كما عاقبت ملك أشور من قبل ، وأردّ إسرائيل إلى مرتعه ، فيرعى في الكرمل وباشان ، وتشبع نفسه في جبل أفرايم وجلعاد . وفي ذلك الزمان والأوان ( المستقبل ) ، يقول الرب ( وما هو بقوله ) : يُلتمس إثم إسرائيل فلا يوجد ، وخطيئة يهوذا فلا تكون ، لأني أعفو عمن أبقيته منهما ( في المرة الثانية بعد السبي البابلي ) " .
تحريض مستمر:
" ازحف على أرض ميراثايم ( الجبّار المتمرّد ، أي ملك بابل ) ، وعلى المقيمين في فقود ( أرض العقاب ، بابل ) خَرِّب ودمِّر وراءهم ( أثناء فرارهم ) ، يقول الرب ، وافعل حسب كل ما آمرك به . قد عَلَتْ جلبة القتال في الأرض ( على مرآى من العالم في بث حيّ ومُباشر ) ، صوت تحطيم عظيم ( دوي القنابل ) ، كيف تكسرّت وتحطّمت بابل ، مطرقة الأرض كلها ؟ قد نصبتُ الشرك فوقعتِ فيه يا بابل ( تورطت في الحرب نتيجة مؤامرة ) ، من غير أن تشعري ، قد وُجدّتِ ( أُخذتِ ) وقُبضَ عليك ، لأنّك خاصمت الربّ ، قد فتح الرب ( أمريكا التي يعبدون ) مخزن سلاحه ، وأخرج آلات سخطه ( التعبير هنا أكثر دقة وبمصطلحات حديثة ) ، لأنه ما برح للسيد الرب القدير ، عمل يُنجزه في ديار الكلدانيين ( حربين مدمّرتين وحصار وما زال في جعبتهم أكثر ، لاحقا ) ، ازحفوا عليها من أقاصي الأرض ، وافتحوا أهراءها ، وكوّموها أعراما واقضوا عليها قاطبة ، ولا تتركوا منها بقية ، ( نهب ثرواتها وخيراتها ) ، اذبحوا جميع ثيرانها ، أحضروها للذبح ، ويل لهم لأن يوم موعد عقابهم قد حان " .
استخدام وسائل الإعلام في الطبل والزمر ( تكرار ) :
" اسمعوا ها جلبة الفارّين الناجين ، من ديار بابل ليذيعوا في صهيون ، أنباء انتقام الرب إلهنا والثأر لهيكله ، استدعوا إلى بابل رماة السهام ، جميع موتري القسي (مُذخّري السلاح ) ، عسكروا حولها فلا يُفلت منها أحد ( الحصار ) ، جازوها بمُقتضى أعمالها ، واصنعوا بها كما صنعت بكم ، لأنها بغت على الرب قدّوس إسرائيل ، لذلك يُصرع شبّانها في ساحاتها ، ويبيد في ذلك اليوم جميع جنودها ، يقول الرب . ها أنا أُقاومكِ أيتها المتغطرسة ، يقول الرب القدير ، لأن يوم إدانتك ، وتنفيذ العقاب فيك قد حان ، فيتعثّر المُتغطرس ويكبو ، ولا يجد من يُنهضه ، وأُضرم نارا في مُدنه فتلتهم ما حوله " .
دوافع الانتقام ( تكرار ) :
" وهذا ما يعلنه الرب القدير : قد وقع الظلم على شعب إسرائيل ( عقابهم من قبل بابل كان ظلماً لهم ) ، وعلى شعب يهوذا ، وجميع الذين سبوهم وتشبّثوا بهم ولم يطلقوهم ، غير أن فاديهم قوي ، الرب القدير اسمه ، وهو حتما يُدافع عن قضيتهم ، لكي يُشيع راحة في الأرض ، ويُقلق أهل بابل . ها سيف على الكلدانيين ، يقول الرب وعلى أهل بابل ، وعلى أشرافها وعلى حكامها " .
طبيعة العقاب الذي يأمل اليهود أن يوقعوه في بابل وأهلها :
" ها سيف على عرّافيها فيصبحون حمقى ، وها سيف على مُحاربيها فيمتلئون رعبا . ها سيف على خيلها وعلى مركباتها ، وعلى فِرق مُرتزقتها فيصيرون كالنساء ، ها سيف على كنوزها فتُنهب ، ها الحَرّ على مياهها فيُصيبها الجفاف ( بسبب ضربة نووية قادمة ) لأنها أرض أصنام ، وقد أُولع أهلها بالأوثان . لذلك يسكنها وحش القفر مع بنات آوى ، وتأوي إليها رعال النعام ، وتظلّ مهجورة إلى الأبد . غير آهلة بالسكان إلى مدى الدهر . وكما قلب الله سدوم وعمورة وما جاورهما ، هكذا لن يسكن فيها أحد ، أو يقيم فيها إنسان ( وهذا ما يصبون إليه ، ولن يهدأ لهم بال حتى يحققوه ) " .
العدوان الثلاثيني لتدمير بابل وإسقاط نظام الحكم فيها :
" ها شعب مُقبل من الشمال ، أمّةٌ عظيمةٌ ولفيفٌ من الملوك ( العدوان الثلاثيني ) ، قد هبّوا من أقاصي الأرض ، يمسكون بالقسيّ ويتقلّدون بالرماح ، قُساة لا يعرفون الرحمة ، جلبتهم كهدير البحر ، يمتطون الخيل وقد اصطفوا كرجل واحد ، لمحاربتك يا بنت بابل ( بابل الجديدة هي بنت بابل القديمة ، أي العراق ) ، قد بلغ خبرهم ملك بابل ، فاسترخت يده وانتابته الضيقة ، ووجع امرأة في مخاضها . انظر ، ها هو ينقضّ عليها ، كما ينقضّ أسد من أجمات نهر الأردن ، هكذا وفي لحظة أطردهم منها ، وأُولي عليها من أختاره ( قلب نظام الحكم ، وإسقاط الرئيس ، وتولية من يرضون عنه ) . لأنه من هو نظيري ؟ ومن يُحاكمني ؟ وأي راع يقوى على مواجهتي ؟ " ( من منطلق العنجهية والقوة العمياء ) .
قصف بابل بالقنابل التوراتية :
" لذلك اسمعوا ما خطّطه الربّ ضدّ بابل ( بل ما خطّطه ودبّره عميان القلب والبصيرة ، من كهنتهم وأحبارهم الحاقدين ) ، وما دبّره ضد ديار الكلدانيين ، ها صغارهم يُجرّون جرّا ، ويُخرّب مساكنهم عليهم . من دوي أصداء سُقوط ( القنابل التوراتية على ) بابل ترجف الأرض ، ويتردّد صراخها بين الأمم " .
" وهذا ما يُعلنه الرب ( أربابهم ) : ها أنا أُثير على بابل ، وعلى المُقيمين في ديار الكلدانيين ريحا مُهلكة ، وأبعث إلى بابل مُذرّين يُذرّونها ، ويجعلون أرضها قفرا ، ويُهاجمونها من كل جانب في يوم بليّتها . ليوتر ( يُذخّر ) الرامي قوسه وليتدجّج بسلاحه ( لتلقي طائراتهم كل حمولتها فوق بابل ) ، لا تعفوا عن شُبّانها ، بل أبيدوا كل جيشها إبادة كاملة ، يتساقط القتلى في أرض الكلدانيين ، والجرحى في شوارعها ( من المدنيين طبعا ) ، لأن إسرائيل ويهوذا لم يُهملهما الربّ القدير ، وإن تكن أرضهما تفيضُ بالأثم ضدّ قدّوس إسرائيل ( ربهم معهم دائما حتى لو وصل إفسادهم عنان السماء ) " .
دعوة لخروج الغرباء من بابل ( تكرار ) :
" اهربوا من وسط بابل ، ولينجُ كل واحد بحياته ، لا تبيدوا من جراء إثمها ( دعوة للجاليات الغربية لمغادرة العراق ) ، لأن هذا هو وقت انتقام الرب ( الوقت الذي حدده جورج بوش ) ، وموعد مُجازاتها ( تصفية الحساب القديم قبل 2500 عام تقريبا ) ، كانت بابل كأس ذهب في يد الله ( الثروة والقوة ) ، فسكرت الأرض قاطبة ، تجرّعت الأمم من خمرها ، لذلك جُنّت الشعوب . فجأة سقطت بابل وتحطّمت ، فولولوا عليها ، خذوا بلسما لجرحها لعلها تبرأ . قُمنا بمداواة بابل ( حرب الخليج الأولى ، وضرب المفاعل النووي ) ، ولكن لم ينجع فيها علاج ( إذ قامت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد تركى
عضو / ة
عضو / ة
خالد تركى


الساعة الأن :
عدد المساهمات : 126
نقاط : 262
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 01/09/2010

كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية   كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Icon_minitime1الأحد 17 أكتوبر 2010, 12:08 am

لأن هذا هو انتقام الرب ، والثأر لهيكله . انصبوا راية على أسوار بابل ، شدّدوا الحراسة ، أقيموا الأرصاد ( الجواسيس والعملاء ) أعدوا الكمائن ( المؤامرات ) ، لأن الرب قد خطّط وأنجز ما قضى به على أهل بابل ، أيتها الساكنة إلى جوار المياه الغزيرة ، ذات الكنوز الوفيرة ، إن نهايتك قد أزفت ، وحان موعد اقتلاعك ، قد أقسم الرب القدير بذاته ، قائلا : لأملأنّك أُناسا كالغوغاء فتعلوا جلبتهم عليك " .
بقدرة الرب القدير سيتم تدمير بابل :
" هو الذي صنع الأرض بقدرته ، وأسّس الدنيا بحكمته ، ومدّ السماوات بفطنته ، ما إن ينطق بصوته ، حتى تتجمع غمار المياه في السماوات ، وتصعد السحب من أقاصي الأرض ، ويجعل للمطر بروقا ، ويُطلق الريح من خزائنه ، كل امرئٍ خامل وعديم المعرفة ، وكل صائغ خزيَ من تمثاله ، لأن صنمه المسبوك كاذب ولا حياة فيه ، جميع الأصنام باطلة وصنعة ضلال ، وفي زمن عقابها تبيد . أما نصيب يعقوب فليس مثل هذه الأوثان ، بل جابل كل الأشياء . وشعب إسرائيل ميراثه ، واسمه الرب القدير ، أنت فأس معركتي وآلة حربي ، بك أُمزّق الأمم إربا وأُحطّم ممالك ، بك أجعل الفرس وفارسها أشلاء ، وأهشّم المركبة وراكبها ، بك أُحطّم الرجل والمرأة ، والشيخ والفتى والشاب والعذراء ، بك أسحق الراعي وقطيعه ، والحارث وفدّانه والحكّام والولاة " .
خطيئة بابل في حق صهيون :
" سأُجازي بابل وسائر الكلدانيين على شرّهم ، الذي ارتكبوه في حق صهيون ، على مرأى منكم ، يقول الرب . ها أنا أنقلب عليك أيها الجبل المخرّب ، أنت تُفسد كل الأرض ، لذلك أمدّ يدي عليك ، وأدحرجك من بين الصخور ، وأجعلك جبلا محترقا ، فلا يُقطع منك حجر لزاوية ، ولا حجر يُوضع لأساس ، بل تكون خرابا أبديا ، يقول الرب " .
تحريض الأمم والممالك على تدمير بابل ( تكرار ) :
" انصبوا رايةً في الأرض ، انفخوا في البوق بين الأمم ( وسائل الإعلام الغربية ) ، أثيروا عليها الأممَ لقتالها ، وألّبوا عليها ممالكَ أراراط ومنّي وأشكناز ( تركيا وما حولها ) ، أقيموا عليها قائداً ، اجعلوا الخيل تزحف عليها ، كجحافلِ الجنادبِ الشرسة . أثيروا عليها الأممَ وملوكَ الماديين ( الإيرانيين ) ، وكل حكّامِهم وولاتهم وسائر الديار التي يحكمونها ( إمبراطورية فارس القديمة ) . الأرضُ ترتجف وتقشعرّ ، لأن قضاء الرب على بابل يتمّ ، ليجعل أرض بابل خرابا وقفرا " .
أهل بابل بيدر ، أزف موعد حصاده في 16 – 1 – 1991م :
" قد أحجم مُحاربو بابل الجبابرة عن القتال ، واعتصموا في معاقلهم ، خارت شجاعتهم وصاروا كالنساء ، احترقت مساكن بابل وتحطّمت مزاليجها ، يركض عدّاء لملاقاة عدّاء آخر ، ويُسرع مُخبر للقاء مُخبر ، ليُبلغ ملك بابل أن مدينته ، قد تم الاستيلاء عليها ، من كل جانب ، قد سقطت المعابر ، وأُحرقت أجمات القصب بالنار ، واعترى المحاربين الذعر ، لأن هذا ما يُعلنه الرب القدير إله إسرائيل : أنّ أهل بابل كالبيدر ، وقد حان أوان درس حنطته ، وبعد قليل يأزف موعد حصادهم " .
دوافع الانتقام ( تكرار ) :
" يقول المسبيون : " قد افترسنا نبوخذ نصر ملك بابل ، وسحقنا وجعلنا إناءً فارغا ، ابتلعنا كتنّين ، وملأ جوفه من أطايبنا ، ثم لفظنا من فمه " . يقول أهل أورشليم : " ليحُلّ ببابل ما أصابنا ، وما أصاب لحومنا من ظلم " ، وتقول أورشليم : " دمي على أهل أرض الكلدانيين " ( مطالبة بالثأر مستقبلا من الأجيال القادمة ) .
الكيفية التي تم بها إشعال حرب الخليج الثانية :
" لذلك هذا ما يُعلنه الرب : ها أنا أُدافع عن دعواك وانتقم لك ، فأجفف بحر بابل وينابيعها ، فتصير بابل ركاما ، ومأوى لبنات آوى ، ومثار دهشة وصفير وأرضا موحشة ( سيتحصّل لهم ذلك في حال ضرب العراق نوويا ، وهو ما يُفكّرون به حاليا ) ، إنهم يزأرون كالأسود ، ويُزمجرون كالأشبال ، ( أي العراقيون ، وهذا ما يُغيظ تلك الفئران ، التي ترتعد فرائسها ، وتصطك أسنانها هلعا وجزعا ، عند سماعها للتهديدات العراقية ) ، عند شبعهم ، أُعدّ لهم مأدبة ( دولة الكويت ، وحكامها باستجابتهم لأبالسة المكر والدهاء جعلوا منها مأدبة ) ، وأُسكرهم حتى تأخذهم نشوة ( الإغراء والمديح لحكام العراق ، باستجابتهم للفريق الثاني من الأبالسة ) ، فيناموا نوما أبديا لا يقظة منه ، يقول الرب . وأُحضرهم ( العراقيين ) كالحملان للذبح ، وكالكباش والتيوس " .
ـ وكلا الفريقين وبقية الدول العربية ، بعلم ومن غير علم ، وقعوا في الفخ الذي نُصب لهم ، وكلهم ملومين بلا استثناء ، ومن يضع اللوم على فريق دون الآخر ، فقد جانبه الصواب ، فكل عربي كان له دور في المؤامرة ، ونفذّه على أكمل وجه ، وكلٌ أخذ نصيبه في تأجيج نار الفتنة . وفي المحصلة نُهبت ثروات الأمة ، واستخدمت لإشباع بعضا من الرغبة اليهودية في الانتقام من بابل ، ولديهم مزيد ، فتوراتهم تأمرهم بألّا يتركوا العراق ، حتى يعود إلى " العصر الحجري " ، كما صرح الرئيس الأمريكي آنذاك ، وأقصى أمانيّهم ، هي اختفاء أي مظهر من مظاهر الحياة في العراق ، خوفا من تكرار كابوس السبي البابلي ، الذي ما زال يؤرق أجفانهم ، ويقضّ مضاجعهم ، ما دام هناك عراق قوي ، يُهدّد وجودهم ، وقادر على الوصول إليهم .
المصير المرعب الذي كان اليهود يتمنونه لبابل بعد حرب الخليج وما زالوا :
" كيف استُوليَ على بابل ! كيف سقطت فخر كل الأرض ! كيف صارت بابل مثار دهشة بين الأمم ! قد طغى البحر على بابل ، فغمرها بأمواجه الهائجة ، وأصبحت مُدنها موحشة ، وأرض قفر وصحراء ، أرض لا يأوي إليها أحد ، ولا يجتاز بها إنسان ، وأعاقبُ الصنم بيل في بابل ، وأستخرج من فمه ما ابتلعه ، ( نهب ثروات العراق تعويضا عن كنوز الهيكل ) ، فتكفّ الأمم من التوافد إليه ، وينهدم أيضا سور بابل " .
ـ لا بد لهم ، من ضرب العراق بالنووي ، عاجلا أم آجلا ، حتى يتمكنوا من تحقيق هذا الحلم التوراتي ، فالأسلحة التقليدية لم تُجدي نفعا ، والرعب المرَضِيّ اليهودي من اسم بابل وأشور ، كما هو واضح من هذه النصوص ، ليس له علاج إلا محو هذا البلد بأهله ، عن الوجود وإلى الأبد ، وهذا ما يُصرّحون به ، في هذه النصوص ، ومن معرفتك بطبيعة العلاج الذي يصفونه لأنفسهم ، تستطيع التعرف على خطورة الحالة المرضيّة المستعصية ، التي يُعانون منها ، وخطورة ما قد يُقدمون عليه مستقبلا في حق العراق .
دعوة أخرى لخروج الغرباء من بابل ( تكرار ) :
" اخرجوا من وسطها يا شعبي (لذلك لم يبدأ العدوان إلا بعد خروج رعايا الدول المعتدية ، والنية كانت تدمير العراق عن بكرة أبيه ، لو أُتيح لهم ذلك ) ، ولينجُ كل واحد بحياته ، هربا من احتدام غضب الرب ، لا تخرّ قلوبكم ولا تفزعوا ، مما يشيع في الديار من أنباء ، إذ تروج شائعة في هذه السنة ، وأُخرى في السنة التالية ، ويسود العنف الأرض ، ويقوم مُتسلّط على مُتسلّط . لذلك ها أيام مُقبلة ، أُعاقب فيها أصنام بابل ، ويلحق العار بأرضها كلها ، ويتساقط قتلاها في وسطها ، عندئذ تتغنى بسقوط بابل ، السماوات والأرض وكل ما فيها ، لأن المُدمّرين يتقاطرون عليها من الشمال ، يقول الرب " .
المستهدف هو شعب بابل :
" كما صرعت بابل قتلى إسرائيل ، هكذا يُصرع قتلى بابل في كل الأرض ( السن بالسن والعين بالعين ) ، يا أيّها الناجون من السيف ، اهربوا لا تقفوا ، اذكروا الرب في مكانكم البعيد ، ولا تبرح أورشليم من خواطركم . قد لحقنا الخزيَ لأننا استمعنا للإهانة ، فكسا الخجل وجوهنا ( إساءة الوجه ) ، إذ انتهك الغرباء ( أي البابليون ) مقادس هيكل الرب ( بعدما حوّله الكهنة إلى بورصة ، للتبادلات التجارية الربويّة ، حسبما ذكر أنبياؤهم ) " .
" لذلك ها أيام مُقبلة ، يقول الرب ، أُنفّذ فيها قضائي على أصنام بابل ، ويئنّ جرحاها في كل ديارها ، وحتى لو ارتفعت بابل فبلغت عنان السماء ، وحتى لو حصّنت معاقلها الشامخة ، فإنّ المُدمّرين ينقضون عليها من عندي ، يقول الرب " .
المصير المرعب الذي كان اليهود يتمنونه لبابل بعد حرب الخليج وما زالوا ( تكرار ) :
" ها صوت صراخ يتردّد في بابل ، صوت جلبة دمار عظيم ، من أرض الكلدانيين ، لأن الرب قد خرّب بابل ، وأخرس جلبتها العظيمة ، إذ طغت عليها جحافل أعدائها ، كمياه عجّاجة ، وعلا ضجيج أصواتهم ، لأن المُدمّر قد انقض على بابل ، وأسرَ مُحاربيها ، وتكسرت كل قسيّها ( أسلحتها ) ، لأن الرب إله مُجازاة ، وهو حتما يُحاسبها ، إني أُسكرُ رؤساءها وحكماءها ومحاربيها ، فينامون نوما أبديا لا يقظة منه ، … ، وهذا ما يُعلنه الرب القدير : إن سور بابل العريض ، يُقوّض ويُسوّى بالأرض ، وبوّاباتها العالية تحترق بالنار ، ويذهب تعب الشعوب باطلا ، ويكون مصير جهد الأمم للنار " .
" وكان ارميا قد دوّن في كتاب واحد ، جميع الكوارث التي ستُبتلى بها بابل ، أي جميع النبوءات المدوّنة عن بابل ، ( وأرسله ارميا إلى بابل وقال لحامله ) : " حالما تصل إلى بابل ، اعمل على تلاوة جميع هذه النبوءات ، وقل : أيها الرب ، قد قضيت على هذا الموضع بالانقراض ، فلا يسكن فيه أحد من الناس والبهائم ، بل يُصبح خرابا أبديا " ، ومتى فرغت من تلاوة هذا الكتاب ، اربط به حجرا واطرحه في وسط الفرات ، وقل : " كذلك تغرق بابل ، ولا تطفو بعد ، لما أُوقعه عليها من عقاب ، فيعيا كل أهلها " .
ـ هذه الوثيقة المرعبة التي خطّها مؤلفو التوراة ، على أنها عقوبة الله لبابل ، ما هي إلا العقوبة التي تنتظر إسرائيل وأمريكا مستقبلا ، ولكنهم أرادوها لبابل ، ونفذّوا فصولها في العراق ، فصلا تلو الآخر ، وهم يسعون الآن من وراء الكواليس لتنفيذ بقية فصولها .
صفة العقاب الإلهي لأمريكا :
سبب العقاب الإلهي هو استعلائها وإضلالها لشعوب الأرض ، وما أوقعته من ظلم بهم . ودمارها سيأتي من الشمال . من خلال تحالف عدة دول ، وبضربات نووية كثيفة ومفاجئة . تتسبب بدمار عظيم وحرائق وجفاف ، ومن ثم طوفان عظيم يجتاح أراضيها ، ليتركها قفرا أجرد لا يصلح للسكن أبد الدهر . وجيوشها التي كانت قد خرجت منها ، سيتم ذبحها كالحملان والتيوس .
نبوءة عن سقوط بابل من سفر الرؤيا ليوحنا
قلنا في السابق أن إنجيل يوحنا ورؤياه ، لا بد أن تكون أسفار توراتية ، وكان من المفروض أن تكون مُلحقة بالتوراة ، ولكنّها أُسقطت في وقت مُتأخر ، بعد أن تمّ التلاعب فيها من قبل اليهود ، فتلقفها النصارى وضمّوها إلى الإنجيل ، أثناء جمعه وتحريفه ونسخه ، وليس أدل على ذلك - بالإضافة لما تقدّم وأشرنا إليه - من تكرار نصوص الوثيقة السابقة من سفر ارميا في التوراة ، بنفس الأفكار والعبارات تقريبا ، ولكن بدرجة أقل من المبالغة والتهويل والتطويل ، في سفر الرؤيا الملحق بأناجيل النصارى .
" 18: 1- : بعد هذا رأيت ملاكا آخر ، نازلا من السماء ، … ، وصاح بأعلى صوته : " سقطت بابل ، سقطت بابل العظمى ، وصارت وكرا للشياطين ، ومأوى لكل روح نجس ، … ، ثم سمعت صوتا آخر ، يُنادي من السماء : " اخرجوا منها يا شعبي ، لئلا تشتركوا في خطاياها ، فتصابوا ببلاياها ، فقد تراكمت خطاياها حتى بلغت عنان السماء ، وتذكّر الله ما ارتكبته من آثام . افعلوا بها كما فعلت بكم ، وضاعفوا لها جزاء ما اقترفت ، … . ستنقضّ عليها البلايا في يوم واحد ، من موت وحزن وجوع ، وستحترق بالنار فإن الله الذي يُدينها ، هو ربٌّ قدير " .
" 18: 9-10: وسيبكي عليها ملوك الأرض ، الذين زنوا وترفّهوا معها ، وسينوحون وهم ينظرون إلى دخان حريقها ، فيقفون على بُعد منها ، خوفا من عذابها ، وهم يصرخون : الويل ، الويل ، أيتها المدينة العظمى ، بابل القوية ! في ساعة واحدة حل بك العقاب ! " .
" 18: 12-17: وسيبكي تُجار الأرض ويحزنون عليها ، … ، هؤلاء التجار الذين اغتنوا من التجارة معها ، يقفون على بعد منها ، خوفا من عذابها ، يبكون عليها وينتحبون ، قائلين : الويل ، الويل ، على المدينة العظمى ، … ، وقد زال هذا كله في ساعة واحدة ! " .
" 18: 18-19: ويقف قادة السفن وركّابها وملّاحوها على بعد منها ، ينظرون إلى دُخان حريقها ، أية مدينة مثل هذه المدينة العظمى ؟! ويذرون التراب على رؤوسهم ، وهم يصرخون باكين منتحبين : الويل ، الويل ، على المدينة العظمى ، التي اغتنى أصحاب سفن البحر جميعا بفضل ثروتها ! ها هي في ساعة واحدة قد زالت ! " .
" 18: 20: اشمتي بها أيتها السماء ! واشمتوا بها أيها القدّيسون والرسل والأنبياء ، فقد أصدر الله حُكمه عليها بعد أن أصدرت أحكامها عليكم " .
" 18: 21-24: وتناول ملاك قوي ، حجرا كأنّه حجر طاحونة عظيم ، وألقاه في البحر ، قائلا : " هكذا تُدفع وتُطرح بابل الدينة العُظمى ، فتختفي إلى الأبد ! لن يُسمع فيك عزف موسيقى بعد ، … ، ولن تقوم فيك صناعة بعد الآن ، ولن يُسمع فيك صوت رحى ، ولن يُضيء فيك نور مصباح … فقد كان تُجّارك سادة الأرض ، وبسحرك ضلّلت جميع أمم الأرض . وفيها وُجدت دماء أنبياء وقدّيسين وجميع الذين قُتلوا على الأرض " .
" 19: 1-2: وبعد هذا سمعت صوتا عاليا ، … يقول : " هلّلويا ! الخلاص والمجد والكرامة والقدرة للربّ إلهنا ! فإن أحكامه حق وعدل ، لأنّه عاقب الزانية الكبرى ، التي أفسدت الأرض ، وانتقم لدم عبيده منها " .
ـ الحقيقة أن هذه النبوءة ، تتحدث عن دولة عظمى في العصر الحديث ، تُضاهي عظمة بابل القديمة وقوتها ، وهذه النصوص في الواقع ، تصف حال أمريكا بقوتها الاقتصادية والعسكرية ، وما أحدثته في هذا العصر من فساد وإفساد ، وسفك للدماء في مشارق الأرض ومغاربها ، فهي تحكم الكرة الأرضية بأسرها من خلال ، ونصّبت نفسها كإله يُعبد ويُقدّس ، فهي تحدّد في تقارير وزارة خارجيّتها ، من أصلح ومن أفسد ، ومن حافظ على الحقوق ومن هضمها ، ومن أرهب ومن لم يرهب . وعلى قائمة مقاطعاتها الاقتصادية حوالي 46 دولة ، فهي المُنعِم والمُكرِم والمُتفضّل على خلق الله ، والكلُّ يخطب ودّ ورضا هذه الآلهة الجديدة ، وهي تسعى الآن لعولمة اقتصادها وثقافتها ، وفرضها على شعوب تارة بالترهيب وتارة بالترغيب ، وأما كلمة بابل في هذه النص إما أن تكون أُضيفت عن قصد من قبل الكهنة ، بسبب الحقد والكراهية والرغبة في الانتقام من بابل ، وإما أن تكون قد استخدمت لترمز إلى الدولة العُظمى في هذا العصر . ولو حذفت كلمة بابل ووضعت كلمة أمريكا ، لوجدت أن النص سيُصبح أكثر صدقا وتطابقا مع الواقع .
ولكن أغلب المفسّرين الجدد من النصارى بوجه خاص ، كما تشير الكاتبة الأمريكية في الفصل السابق ، يأخذون بالتفسير اللفظي للمسميات ، التي جاءت في النصوص التوراتية والإنجيلية ، ويقدّمون شروحاتهم وتفسيراتهم ، لنصارى الغرب من ساسة وعامة ، على نحو مغاير لما تُخبر عنه النصوص حقيقة ، فبابل القديمة أينما جاءت في النصوص ، تعني بالنسبة لهم بابل الجديدة أي العراق ، بالرغم من أن النصوص تصف دولة عظمى ، هي أقرب إلى أمريكا منها إلى العراق ، وتوحي بأن لفظ بابل استخدام كاستعارة لفظية .
أما اليهود فهم يعلمون حقيقة ما تُخبر عنه النصوص ، وبأن الدمار القادم والذي تُخبر عنه النصوص ، سيكون لإسرائيل وأمريكا وحلفائهما ، ولكنهم يستغلون الفهم الخاطئ والمضطرب للنصارى ، لخدمة أغراضهم ومخططاتهم الشيطانية ، ولحماية دولتهم من الأخطار المحدّقة بها . فهم متّفقون على أن هذه النبوءات تتحدث عن تدمير العراق ، وبما أنها جاءت تحريضية بصيغة الأمر ، فقد اتّحدوا لتنفيذ ما قضى به الرب على بابل ، ولن تستكين لهم حال أو تلين لهم عزيمة ، حتى يتحقق ما جاء في هذه النصوص ، بجعل العراق أرضا قفرا صحراء قاحلة خاوية على عروشها ، لذلك هم لا يكترثون بالشرعية الدولية ولا بالقانون الدولي ، إذ لا يمتثل لهما إلا الضعفاء والأغبياء ، فالقوانين الإلهية بشأن العراق ، هي ما ينصاعون إليه ويلتزمون بتطبيقه ، فالحرب على العراق حرب مُقدّسة ، لأنهم موقنون تماما : بأنّ بقاء العراق يعني حتمية زوال إسرائيل … وأنّ بقاء إسرائيل يعني حتمية زوال العراق …
وما داموا يمتلكون مقدّرات الكاوبوي الأمريكي البريطاني ، المُشترى بالرشوة والشهوة والرعب ، والمأخوذ بجنون القوة . فلن يُثنيهم عن عزمهم ، إلا أن يُبادوا قبل أن يُبيدوا الحرث والنسل . وبالتالي فإن بقاء العراق ، يتحتّم عليه محو إسرائيل ، من قلب الوطن العربي ، وسحق تلك الفئران ، المتلفّعة بريش النسر الأمريكي الأقرع .
وإن لم تكن الحرب العراقية الإيرانية من صنع أيديهم ، فهم ساهموا فيها بشكل أو بآخر ، فإيران تأتي في الدرجة الثانية في العداء التوراتي لإسرائيل ، وكلنا سمع بفضيحة ( إيران غيت ) في الثمانينيات ، التي كان بطلها الرئيس الأمريكي ( ريغان ) حيث كانوا يُؤيدون العراق علنا ، ويُزوّدون إيران - التي كانت تنظر إلى أمريكا على أنها الشيطان الأكبر - بالأسلحة سرا ، لإطالة أمد هذه الحرب ، ولإبقاء العراق وإيران منشغلين فيها .
والسبب الأهم لإشعالها ، هو الرعب الذي دب في قلوبهم من المارد العراقي ، الذي أعاد إلى أذهانهم النبوءات التوراتية ، وأيقظ في مخيلتهم شبح نبوخذ نصر ، وكابوس السبي البابلي ، ليقض مضاجعهم فلم ترقأ لهم عين ، ولم يغمض لهم جفن ، والذي بدأ يستيقظ من غفوته بامتلاكه المفاعل النووي . وسيكون بعد سنوات قليلة ، قاب قوسين أو أدنى من إنتاج القنابل النووية . وما أن انشغل العراق في الحرب ، وأصبح ظهره مكشوفا ، حتى انسلت خفافيشهم ، تحت جنح الظلام ، لتصبّ حممها التوراتية الحاقدة ، على ذلك المفاعل ، في سنين صباه الأولى ، لتُبيده عن بكرة أبيه .
وبعد أن خرج العراق من تلك الحرب ، محتفظا بقوته وجبروته ، ومع أول تصريح وتهديد له ، " بحرق نصف إسرائيل ، حال اعتدائها على أي قطر عربي " ، على لسان الرئيس العراقي ، جهارا نهارا في مؤتمر قمة بغداد ، عام 1989م ، أقامت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة - التي تمتلك معظمها تلك الأفاعي - الدنيا ولم تقعدها ، حتى استطاعت زجّه وتوريطه ، في الدخول إلى الكويت ، بالتآمر والتواطؤ وبمكرهم ودهائهم المعهودين ، ومن ثم حرضّت عليه من بأقطارها ، بحجة رفع الظلم عن دولة الكويت ، وتأمين منابع النفط ، التي سيسطر عليها العراقيون . وكما خطّوا بأقلامهم سيناريو الحرب العالمية الثانية ، أعادوا نفس السيناريو ، في حرب الخليج ، من ألفه إلى يائه .
فها قد تحرّرت الكويت ، وتأمّنت منابع النفط ، فلماذا هذا الحصار الظالم على أطفال العراق ؟! يدّعون أن العراق يهدد جيرانه ، فانظر من يدّعي ! وانظر إلى جيرانه ! وما علاقة المدّعي بالجيران ؟! المدّعون هم ( مادلين أُلبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية ، ووليام كوهين وزير الدفاع الأمريكي ، وساندي بيرغر مسؤول الأمن القومي الأمريكي ، وهلم جرا … ) وكلهم يهود . فما عليك إلا استبدال كلمة الأمريكي في مناصبهم ومسؤولياتهم ، بكلمة الإسرائيلي ، لتعرف من هم الجيران الذين سيهددهم وجود عراق قوي .
أما الحصار ، فقد وُجد ليبقى ، وغايته منع المارد العراقي من الصحوة . واستمرّ الحصار ليبقى المارد محصورا في القمقم ، وعندما تمّ لهم ذلك ، عمدوا إلى تقليم مخالبه واقتلاع أنيابه ، فمنظرها يُرعب تلك الفئران المسكينة ، ويجعل فرائصها ترتعد هلعا وجزعا . واستمرّ الحصار لمنع أطفال العراق ، من الوصول إلى مرحلة الرجولة ، كي لا يكونوا مستقبلا أفراد جيش ، يُسطّر على أجساد تلك الفئران أساطير البطولة ، فهم وحسب رؤاهم التوراتية ، يعرفون ويعلمون أن دولتهم ستزول ، وسيكون فيهم القتل والنهب والنفي ، وأن المرشح الأول والوحيد للقضاء عليهم هو غريمهم الأزلي ، وأن دولتهم سيعيش فيها ، لا أكثر من جيل واحد . لذلك بما أنهم موقنون تماما ، بأن زوال دولتهم أمر حتمي ، كان لا بد لهم من أن يعملوا بكل طاقاتهم ، من أجل حماية هذا المسخ الخداج ، الذي حملت به عروس المدائن غصبا واغتصابا ، من مرتزقة الغرب المأجورين ، في غفلة من الزمان .
لذلك … فالحصار لن يُرفع … ما دامت تلك الفئران … في القدس ترتع
الأفعوان العراقي في سفر إشعياء
خطورة هذا الأفعوان المرعب ، تتمثل في ما يحمله في أحشائه من سموم مُميتة ، كان أسلافهم قد تجرّعوها من قبل ، ووصفوا تأثيرها المؤلم على امتداد التوراة الشاسع ، فشغلت حيّزا كبيرا من فكرهم ووجدانهم ، فمجرّد التفكير بتكرار ذلك المصير المرعب ، الذي حلّ بأسلافهم ، من جرّاء تلك الأفعى التي أنجبت هذا الأفعوان ، يُصيبهم بحالة من الذعر والهلع ، لذلك كان وسيكون لهم ، محاولات عديدة للتخلّص من خطر هذا الأفعوان على وجودهم :
• المُحاولة الأولى : هي الحرب الإيرانية العراقية ، لأصابته بالشلل وقد أُصيب ، فتسنّى لهم ضرب مفاعله النووي ، واجتياح بيروت ، وترحيل منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان .
• المُحاولة الثانية : هي الحرب الأمريكية العراقية ، لتغيير رأس هذا الأفعوان ، وزرع رأس جديد له ، وتقطيع أوصاله وتفريق شملها ، وتوزيع دمه على جميع القبائل التي اجتمعت عليه ، ولم يُكتب لها النجاح .
• المُحاولة الثالثة : هي الحصار الأممي ولجان التفتيش ، لنزع الأنياب التي تنفث السمّ ، بتدمير أسلحة الدمار الشامل ، وحرمانه من امتلاك أسلحة جديدة ، فاقتلعوا الأنياب واستخرجوا السمّ ، ولكن الأنياب نبتت من جديد ، والسم يتجدّد ولا ينقطع .
• المُحاولة الرابعة : هي الحرب الأمريكية الشاملة ، مع احتمالية توجيه ضربات نووية محدودة إن أمكن ، لقطع الرأس والأوصال معا ، حيث لم يعُد هناك أهمية لتوزيع دمه على القبائل . وستصبح احتمالية الضربات النووية ، قائمة وحتمية فور امتلاك أمريكا ، للدرع المُضاد للصواريخ المُحمّلة بالرؤوس النووية ، وهذه الحرب قائمة بلا أدنى شك ، إن لم يقع ، ما لم يكن في حُسبان أمريكا وإسرائيل ، فهم يُخطّطون لها ويستعجلونها ، ويطلبون من الرئيس الأمريكي ، تهيئة الشعب الأمريكي لتقبّلها ، وسيعملون جهدهم لإشعالها في أقرب فرصة ممكنة ، ظنا من الذين لا يعقلون ولا يفقهون ، بأنهم قادرين على منع رب العزة ، من إنجاز وعده فيهم ، بإبادة العراقيين وتقسيم العراق وإسقاط قيادته .


[ نهاية الجزء الثاني ]

الجزء الثالث
الفصل الأول :


كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 15941604157516011575160
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد تركى
عضو / ة
عضو / ة
خالد تركى


الساعة الأن :
عدد المساهمات : 126
نقاط : 262
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 01/09/2010

كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية   كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Icon_minitime1الأحد 17 أكتوبر 2010, 12:10 am

، الجزء الثالث
الفصل الأول :
وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة
الفصل الثاني :
وليتبروا ما علوا تتبيرا
الفصل الثالث :
وجعلنا لمهلكهم موعدا
الفصل الرابع :
فإنما يسّرناه بلسانك لعلّهم يتذكّرون
الفصل الخامس :
فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين
الفصل السادس :
بل هم في شك يلعبون
الفصل السابع :
ثم تولوا عنه وقالوا مُعلّم مجنون
الفصل الثامن :
يوم نبطش البطشة الكبرى
الفصل التاسع :
الطوفان الأخير وطوق النجاة


وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة
تبين لنا من خلال هذه القراءة الجديدة ، في تاريخ بني إسرائيل ، في القرآن والسنّة والتوراة والتلمود ، أن البابليّون هم أصحاب البعث الأول ، وبناءً على ذلك ، يكون العراقيون حصرا ، بلا أدنى شك ، هم أصحاب البعث الثاني . وسيتبين لنا في هذا الفصل ، من خلال قراءة جديدة للواقع ، بأن اليهود على علم بهذا البعث وأصحابه ، وظنّا منهم بأنهم قادرون على مخالفة أمر الله ، بمنع تحقق البعث الثاني ، خططوا ونفّذوا وما زالوا يخططون ، لدرء خطر هذا البعث الموعودين به ، بإبادة أصحابه بشتى الوسائل والسبل ، لقناعتهم بأن بقاء دولتهم ، يتحتم عليه محو العراق وشعبه عن خريطة العالم .
حقيقة ما يُضمره الغرب للعراق :
دأبت أمريكا ومن سار في ركبها ، على إعلان عدائها لقيادة العراق الحالية ، والرغبة في إسقاطها ، وجعلت من بقاء القيادة العراقية ، على سدة الحكم في بغداد ، وسابقتها في غزو الكويت ، مثالا لعدوانية هذه الحكومة وخطورتها على جيرانها ، وذريعة لإدامة الحصار ، لتجريد العراق من مقومات وجوده . ليصل العالم والشعب العراقي إلى قناعة ، بأن المستهدف حقيقة من وراء الإصرار الأمريكي ، على إبقاء الحصار مفروضا على العراق ، هي القيادة العراقية الحالية ، بتوجهاتها العدوانية ضد جيرانها ، مما يُهدد أمن منطقة الخليج الحيوية للعالم ، وبإسقاط هذه القيادة ، ستنعم منطقة الخليج بالأمن مجدّدا ، حسب الرؤى الأمريكية .
ومع أن أمريكا لا تُبدِ أدنى اهتمام بمصير الشعب العراقي ، بل على العكس من ذلك ، كان وما زال بعض مسؤوليها من اليهود ، يُبدون سعادة عارمة ، بلا خجل أو مواربة ، بوقوع المزيد من الضحايا في العراق ، حيث الغالبية العظمى من الأطفال ، الذين سقطوا ، من جراء نقص الأدوية والغذاء ، حين تصرح وزيرة الخارجية الأمريكية ( أولبرايت ) ، في حوار صحفي في محطة (CBS ) : بأن تسبّب أمريكا بموت نصف مليون طفل عراقي " أمر يستحق العناء " ، إلا أن العالم أجمع ، والشعب العربي وحتى الشعب العراقي ، لم يبحث عن الدوافع الحقيقية ، لهذا العداء الأمريكي للعراق .
" إشعياء : 13: 16: كل من يُؤسر يُطعن ، وكل من يُقبض عليه يُصرع بالسيف ، ويُمزّق أطفالهم على مرأى منهم ، وتُنهب بيوتهم وتُغتصب نسائهم " .
" إشعياء : 14: 20-23: فذريّة فاعلي الإثم ، يبيد ذكرها إلى الأبد . أعدّوا مذبحة لأبنائه جزاء إثم آبائهم ، لئلا يقوموا ويرثوا الأرض فيملئوا وجه البسيطة مُدناً . يقول الرب القدير : " إني أهبّ ضدهم ، وأمحو من بابل ، اسماً وبقيةً ونسلاً وذريةً ، وأجعلها ميراثاً للقنافذ ، ومستنقعاتٍ للمياه ، وأكنسها بمكنسة الدمار " .
" وهذا ما يُعلنه الرب : ها أنا أُثير على بابل ، وعلى المُقيمين في ديار الكلدانيين ريحا مُهلكة ، وأبعث إلى بابل مُذرّين يُذرّونها ، ويجعلون أرضها قفرا ، ويُهاجمونها من كل جانب في يوم بليّتها . ليوتر ( يُذخّر ) الرامي قوسه وليتدجّج بسلاحه ، لا تعفوا عن شُبّانها ، بل أبيدوا كل جيشها إبادة كاملة ، يتساقط القتلى في أرض الكلدانيين ، والجرحى في شوارعها ( من المدنيين طبعا ) " .
وباستجابة ( أولبرايت ) ، وكافة الجوقة اليهودية ، في الإدارات الأمريكية المتعاقبة ، لأوامر الرب القدير ، الواردة في التوراة ، استطاع بنوا إسرائيل ، من ردّ الصاع صاعين لأهل بابل ، وهكذا يكون العراقيون حصرا ، من رُدّت لبني إسرائيل الكرة عليهم ، إذ أنهم أنزلوا بالعراقيين أضعاف أضعاف ، ما أنزله البابليون بهم في المرة الأولى .
ولو عدنا إلى كامل النصوص التوراتية ، ونظرنا إلى ما يجري حقيقة على أرض الواقع ، لتبين لنا أن المستهدف الحقيقي ، هو العراق لأنه أرض البعث ، والشعب العراقي لأنه يحمل صفة أهل البعث ، والقيادة العراقية لإرسالها البعوث في كل الحروب العربية الإسرائيلية ، وعدم قبولها وتوقيعها على اتفاقيات الهدنة ، ولإعلانها المتجدّد عن نية البعث ، بمناسبة وبدون مناسبة ، في السنوات الأخيرة ، منذ انتهاء حرب الخليج الأولى ، ورفضها لمعاهدات السلام والتطبيع ، ولإصرارها على مقولة ، فلسطين عربية من البحر إلى النهر ، والدعوة إلى تحرير فلسطين بالقوة .
وفي حال استطاع الغرب اليهودي إسقاط القيادة العراقية ، فسيكون البديل ، كما هي العادة ، قيادة موالية للغرب ، ومعادية للشعب العراقي وللأمة العربية ، المتخمة أصلا بالأعداء من أبناء جلدتنا ، لتزيد الأمة ذلا وهوانا أضعافا مضاعفة ، أما مصير العراق بين يدي هكذا قيادة ، فسيكون بلا شك كما يتمنّى يهود الغرب والشرق ويشتهون ، ليتحقّق لهم ، ما لم يحلموا بتحقيقه ، بجيوشهم المدجّجة بالأسلحة المتطورة . وانظر إلى حال ألمانيا بعد الحرب ، وانظر إلى حال الاتحاد السوفييتي ، العدو الثاني للوجود اليهودي في فلسطين ، كما تُخبر التوراة ، عندما استطاعوا إيصال الخونة – من شعبه – إلى سدة الحكم ، وما فعلوه به . لنقول بأن مهمة القيادة المستقبلية للعراق ، فيما لو أُسقطت القيادة الحالية ، هي :
• تفكيك العراق وتقسيمه إلى دويلات صغيرة ، كردية وسنية وشيعية ، في الشمال والوسط والجنوب .
• إثارة الحروب والفتن بين هذه الدويلات ، لإشغالها عن المهمة الأساسية ، التي أُنيطت بأصحاب البعث .
• تدمير الاقتصاد وإفقار الشعب العراقي ، ليركض لاهثا وراء قروض صندوق النقد الدولي .
• حظر امتلاك وتصنيع الأسلحة .
• تقديم فروض الطاعة والولاء ليهود الغرب والشرق ، وإنهاء حالة الحرب مع إسرائيل ، ومباركة عملية السلام .
فالمعضلة الأساسية لدى الغرب ، المملوك من قبل اليهود ، هي وجود عراق قوي وقادر ، فكما صدقت نبوءات التوراة ، في عودتهم من الشتات إلى فلسطين . فهم يخشون أيضا ، صدق النبوءات الأخرى ، فيما تصفه في نصوص عديدة ، من عقاب حتمي ، غاية في البشاعة ، سينزل بهم بعد العودة إليها ، من قبل أصحاب البعث الأول ، بالرغم مما أُضيف إليها من نصوص قليلة مضللة ، لا تُسمن ولا تغني من جوع ، تُخبر عن ملكهم الأبدي ، تبعث في تخبّطها وعدم منطقيتها ، في نفوسهم القلق ، أكثر مما تبعث على الطمأنينة . ليجد اليهود أنفسهم ملزمون ، بتسخير كل إمكانياتهم ، دون كلل أم ملل ، لدفع قادة الغرب إلى القضاء المبرم على العراق ، كما هي عادتهم دائما وأبدا ، يدفعون الآخرين لخوض حروبهم نيابة عنهم ، مذ طلبوا من موسى وربه الذهاب للقتال عنهم ، وحتى حربهم الأخيرة على العراق ، التي خاضتها ومازالت تخوضها ، أمريكا وبريطانيا في العلن ، وفرنسا المنافقة في الخفاء ، والحرب الوحيدة ، التي كسبها اليهود منفردين في مواجهة جيش ، هي عند دخولهم فلسطين مع طالوت في المرة الأولى ، وكان ذلك بتأييد من الله للقلة المؤمنة ، وبشجاعة نبي الله داود عليه السلام ، فالمسألة لديهم مسألة حياة أو موت ، وبقاء العراق ، يعني تبخر أحلام الشعب اليهودي بسيادة العالم من القدس .
ومما يؤذي الأذان اليهودية في الشرق والغرب هو سماعها ، لتصريحات هذه القيادة المتكررة ، بضرورة تحرير فلسطين من البحر إلى النهر ، وطرد اليهود منها ، مما يقضّ مضطجعهم في فلسطين ، ويُعيد إلى أذهانهم تلك الذكريات الأليمة للبعث الأول ، التي أشبعتها أسفار التوراة وصفا وتفصيلا ، لتتراءى لهم ، صورة نبوخذ نصر وهتلر وصلاح الدين ، دفعة واحدة ، في شخص الرئيس العراقي .
الخيارات القائمة أمام اليهود ، لدرء الخطر العراقي :
1. العمل على بقاء الحصار على ما هو عليه ، ما أمكنهم ذلك ، ومنع أي محاولة لتفكيكه أو إضعافه . والاستمرار في نهب ثروات العراق ، وحرمانه من تطوير أسلحته وتجديدها .
2. محاولة إسقاط القيادة العراقية ، عن طريق إحداث فتن وثورات داخلية ، أو عن طريق مواجهة عسكرية واسعة النطاق ، بعد خلق المبررات لها ، باستفزاز جديد للعراق للقيام بعمل عدواني داخلي ، ضد الأكراد في الشمال أو الشيعة في الجنوب ، أو القيام بعمل عدواني خارجي ، ضد إحدى دول الجوار .
3. ضرب العراق نوويا كخيار أخير ، وهذا الاحتمال غير قائم حاليا ، حيث أنه مرفوض عالميا ، فمثل هذا الأمر ، سيؤلب العالم بأسره ضد أمريكا ومؤيديها . ولكن هذا الاحتمال سيقوى ، في حال فشلت الخيارات السابقة ، وخاصة عند امتلاك أمريكا للدرع المضاد للصورايخ البالستية .
ـ والسؤال الآن : هل من الممكن أن يكون هناك ضربة نووية للعراق ؟
جاء في سفر الرؤيا ما نصه : " وسكب الملاك السادس ، كأسه على نهر الفرات الكبير فجفّ ماؤه ، ليصير ممرا لملوك القادمين من الشرق " .
أما في السنة النبوية فقد جاء ما نصه : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يُوشِكُ الْفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ فَمَنْ حَضَرَهُ فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا " . رواه البخاري ، وأخرجه مسلم والترمذي ، وأبو داود وابن ماجه وأحمد . وفي نص آخر من رواية مسلم : " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسِرَ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ " ، يحسر أي ينكشف عن .
يُخبر النص في سفر الرؤيا ، أن شيئا ما سيسكب على نهر الفرات فيجف ماؤه ، ويُخبر الحديث الصحيح ، عن انحسار الفرات عن كنز من ذهب ، قبل قيام الساعة ، وانحسار الفرات يعني ذهاب ماءه ، فهل سيكون جفافه نتيجة ، لما تنتجه الأسلحة النووية ، من حرارة شديدة عند انفجارها .
وبالإضافة إلى ما ورد من مخططات ، لتدمير العراق والإطاحة بقيادته ، كما جاءت في تقرير واشنطن السابق ، يقول الصحفي فتحي خطاب من القاهرة ، في مقال له في جريدة العرب اليوم الأردنية ( لم أنتبه لتوثيق تاريخ صدورها ، ولكنه على الأرجح كان في بداية شهر 3 /2001 ) :
" حذّر خبراء عسكريون من مُخطط عسكري أمريكي إسرائيلي ، يستهدف فرض السيطرة المُطلقة على المنطقة ، وتطبيق ما يُعرف في ( البنتاغون ) بخطة إعادة دمج المنطقة عسكريا وأمنيا … وأن توجّه ( شارون ) لاستحداث وزارة تعنى بتطوير الأسلحة النووية ، وأسلحة الدمار الشامل ، واستحداث وزارة للشؤون الاستخباراتية ، في سابقة هي الأولى من نوعها ، يأتي في إطار ما تفرضه ضرورات نظام الحماية الأمنية الجديد … وكشف الخبراء العسكريون في مصر ، عن الترتيبات الأمريكية لإنشاء أكبر شبكة صاروخية في منطقة الخليج العربي ، تتمتع بمدى قتالي واسع ، يشمل العراق وإيران ودولا أخرى ، بالإضافة إلى مناطق شمال إفريقيا والبحر الأحمر . لضمان أمن منطقة الخليج ، وملاحقة الطائرات المُغيرة ، والتدمير السريع لأية أهداف مُعادية .
وأكد الخبراء أن وزير الخارجية الأمريكي ( كولن باول ) ، حصل على موافقة دول خليجية … على إنشاء الشبكة ، التي سيتم تزويدها بأحدث أجهزة الاتصالات الحديثة والإنذار المبكّر ، التي ستكون لها القدرة على التعامل السريع ، مع العمليات الطارئة ، وقادرة على منع إصابة الشبكة ، بأي خلل أثناء العمليات العسكرية . وسوف تتحمل دول الخليج النصيب الأكبر ، من تكلفة مشروع هذه الشبكة الصاروخية ، وأن هناك مشاورات واتصالات عسكرية ، للترتيب لإنشاء هذه الشبكة ، ولإعداد التفصيلات الفنية المتعلّقة بها … وحذّر الخبراء من المُخطط العسكري الإسرائيلي ، لضرب العراق بالقنابل النيترونية ، والتي سيتم إطلاقها على منطقة غرب العراق ، وفق إعلان ( شارون ) . التي تعتبر نقلة نوعية في التسلح بالمنطقة …
وأوضح العالم الفيزيائي الدكتور طارق النمر ، بقوله : " أن القنابل النيوترونية النووية ، هي قنابل إشعاعية ، ذات أحجام مختلفة ، منها أسطوانات إبرية في حجم القلم ، وتستطيع قتل جميع الكائنات الحية ، في مساحة قطرها مُحدّد سلفا ، وتأثير كل قنبلة منها يتحدد حسب حجمها ، بحيث يتم زراعتها داخل الأراضي العراقية ، وفي الوقت المحدد ، سيتم تفجير هذه القنابل بواسطة أشعة الليزر … وأن إسرائيل مهتمة بتجربة أسلحتها الجديدة على أرض العراق ، بعدما نفذت عدة تجارب أسفل مياه خليج العقبة … ولا أستبعد أن تعمل أمريكا وبريطانيا ، على زرع قنابل نيوترونية في مناطق من العراق ، بحيث تبقى بغداد تحت التهديد الدائم ، بتدمير حقول القنابل النيوترونية بواسطة أشعة الليزر ، في نطاق العقوبات الذكية " .
ما لفت انتباهي في هذا التقرير الصحفي ، هو انسجامه مع المخاوف اليهودية التوراتية ، حيث يُسمّي الدول والمناطق التي تضم الدول المعادية لإسرائيل توراتيا ، ومنها إيران والعراق ، وليبيا في شمال إفريقيا ، والسودان وإثيوبيا بمحاذاة البحر الأحمر ، واللتان كانتا قديما دولة واحدة ، ويُشير أيضا إلى ضرورة ضرب العراق ، حسب ما تدعو وتُحرّض عليه النصوص التوراتية . ولفت انتباهي أيضا التركيز على منطقة غرب العراق ، التي من المتوقع ، أن يتواجد فيها الجيش العراقي ، قبل تحرّكه لغزو لإسرائيل .
وفي تقرير آخر من واشنطن ، للصفحي محمد دلبح ، نُشر في جريدة الدستور الأردنية ( التاريخ غير موّثق ) ، يقول فيه :
" تبحث وزارة الدفاع الأمريكية ( البنتاغون ) ، إنتاج قنابل نووية من نوع جديد ، قادرة على اختراق مراكز القيادة ، والتحصينات التي يستخدمها الزعماء والقادة . ونقلت صحيفة ( واشنطن بوست ) عن مصادر في الحكومة الأمريكية والكونغرس قولها : أن الهدف من إنتاج هذه القنابل ، هو تجنّب ما تُسمّ‍يه الحكومة الأمريكية الأضرار الجانبية ، التي تُحدثها الأسلحة التدميرية بأنواعها . ويقول المدافعون عن هذا النوع من القنابل النووية الصغيرة – مقارنة بغيرها – أنها قد تعمل على قيام الولايات المتحدة ، بتخفيض مخزونها الحالي من القنابل النووية ، دون أن تتعرّض مفاهيمها الأمنية لأخطار أو تعديلات . ونسبت الصحيفة إلى مستشاريّ وزير الدفاع الأمريكي ( دونالد رامسفيلد ) قوله : أن الأسلحة النووية الأمريكية الحالية ، لن تردع الرئيس العراقي صدام حسين ، لأنه يعلم بأن الرئيس الأمريكي ، لن يقوم بإلقاء قنبلة نووية – بقوة مائة كيلو طن - على بغداد ، ليُدمّر المدينة بأكملها ، ويقضي على سُكّانها ، بهدف القضاء على أسلحة الدمار الشامل … ومن ناحية أخرى ، يعتزم اتحاد العلماء الأمريكيين ، إصدار تقرير هذا الأسبوع يقول فيه " أن إضافة هذا النوع من القنابل النووية ، إلى المخزون النووي في العالم ، سيجعل استخدام هذا النوع من السلاح أكثر احتمالا " .
أستطيع القول بأن التفكير الأمريكي الإسرائيلي العسكري على المدى القريب ، بعد المعارضة والإدانة العالمية لضربهم بغداد مؤخرا ، سيكون محصورا في الردع وليس في الهجوم ، لعدم وجود ذريعة للهجوم مقبولة دوليا ، ( كذريعة القضاء على أسلحة الدمار الشامل العراقية ) ، منتظرين فبركة مؤامرة جديدة ، أو تحرّك عراقي خاطئ ، وأعتقد أنهم سيُحاولون استفزازه في المستقبل القريب ، بشتى الوسائل والسبل ، ليعلنوا عليه حربهم الشاملة . أما على المدى البعيد – إن لم يُعطهم العراق الذريعة لشنّ تلك الحرب – أستطيع القول ، أنهم وفور امتلاكهم للدرع النووي – الذي سيكون جاهزا بعد خمس سنوات حسب تقديرهم – والذي سيُوفر لهم الحماية من أي ردود فعل نووية ، سيشنّون حربهم المُقدّسة على العراق ، وسيقومون بضربه بوابل من القنابل النووية ، حتى يغدو صحراء قاحلة خاوية على عروشها . لكي يتخلص يهود العالم ، من هذا الرعب التوراتي المُسلّط على رقابهم ، لينتظروا بسلام ملكهم الذي سيظهر في القدس ، والذي سيعيشون معه أحلامهم الوردية إلى الأبد ، ومن المحتمل جدا أن تكون الضربة النووية للعراق ، كرد فعل أمريكي على الدخول العراقي لفلسطين ، لتبدأ بذلك الحرب العالمية الثالثة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد تركى
عضو / ة
عضو / ة
خالد تركى


الساعة الأن :
عدد المساهمات : 126
نقاط : 262
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 01/09/2010

كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية   كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Icon_minitime1الأحد 17 أكتوبر 2010, 12:14 am

الموقف العالمي إزاء العراق :
كانت غاية الغرب في السنوات الأخيرة وما زالت ، هي تدمير العراق تحقيقا لرغبات اليهود في حماية إسرائيل . وما كان للغرب أن يُحقّق هذا الهدف ، بالخروج على الأعراف والمواثيق الدولية ، بأي شكل من الأشكال ، كالقيام بعدوان مباشر ومكشوف على العراق ، وما كان لأمريكا بعظمتها ، أن تقوم منفردة بعمل عدواني ضد العراق ، لأنها في هذه الحالة ستجابه العالم بأسره . وبما أن مآرب اليهود ، من خلال إشعال حرب الخليج الأولى ، لم تتحقّق . بل على العكس من ذلك تماما ، خرج العراق من هذه الحرب محتفظا بقوته ، وقامت قيادته بتهديد إسرائيل جهارا نهارا ، بحرق نصف إسرائيل حال اعتدائها على أي بلد عربي ، فكانت هذه القيادة " كمن حكّ لليهود على جرب " .
آنذاك قامت الدنيا ولم تقعد ، طبل وزمر في الشرق والغرب ، لتأكيد عدوانية العراق ونازيته ، فحرق اليهود هو فعل هتلريّ نازيّ ، وكان ذلك لتهيئة الرأي الغربي والعالمي ، لاستقبال هتلر جديد يسعى لحرق اليهود . وفي الخفاء كانت تُطبخ مؤامرة جديدة ، تمخّضت عن غزو العراق للكويت ، وبذلك استطاعت أمريكا ، أن تُوجد مبرّرا قانونيا لتدمير العراق ، فغزو العراق للكويت ، كان مخالفا للقوانين والأعراف والمواثيق الدولية ، وبذلك استطاعوا إضفاء الشرعية على عدوانيتهم ، لتحقيق مآربهم الحقيقية تحت غطاء الشرعية الدولية ، وبدلا من أن تواجه أمريكا المعتدية العالم بأسره ، أصبحت الضحية العراقية تواجه العالم ، بعد أن أصبحت معتدية ، كما حصل مع ألمانيا ، بنفس السيناريو ما قبل الحرب العالمية الثانية ، وبكل حيثياته ، والسبب هو عداء قيادة البلدين لأسياد العالم ، وبذلك أُجبرت دول العالم المختلفة ، على اتخاذ موقف معادي للعراق ، حتى من قبل حلفاءه التقليديين ، في ذلك الوقت .
أما في الوقت الحالي ، فقد بدأت دول العالم مؤخرا ، تصحو من أكاذيب الإدارات الأمريكية المتعاقبة ، لتبرير ما تنتهجه من سياسات إزاء العراق ، فكل المبرّرات السابقة لم تعد موجودة ، وأصبحت الأعمال الأمريكية العدوانية ، تُجابه بالمعارضة الشديدة من قبل أغلب دول العالم . وحتى قرارات الشرعية الدولية ، تميل كثير من الدول ومنها روسيا والصين ، إلى التغاضي عن البحث ، في مسألة التزام العراق بها من عدمه ، ومنها مسألة فرق التفتيش عن الأسلحة . بل تعمد هذه الدول أحيانا ، إلى خرق هذه القرارات سرا ، حتى وصل الأمر بمجلس الدوما الروسي ، إلى المطالبة بالتصويت ، على عملية رفع الحصار عن العراق من جانب واحد . أما الأكثر تمسكا بقرارات الشرعية الدولية ، فهم الذين يذرفون دموع التماسيح ، على الشعب العراقي ، بدعوى أنهم حريصون على مصلحة هذا الشعب ، وأن قيادة هذا الشعب ليست حريصة عليه ، بما أنها عصت وتمرّدت على قرارات الشرعية الدولية ، التي جعلوا من يعصيها ، بمنزلة من عصى الله ، إن لم تكن أعظم .
وأما دعوى الأمريكان ، بأن العراق يُشكل تهديدا للمصالح الأمريكية ، في منطقة الشرق الأوسط ، وأهم هذه المصالح ، هي تدفق النفط بأسعار معقولة ، واستمرارية فتح الأسواق الخليجية للبضائع الأمريكية ، فهي دعوى باطلة ، فهذان الأمران هما تحصيل حاصل ، منذ اغتيال الزعيم العربي الوحيد ، الذي عارض الإله الأمريكي بقطع النفط ، ليشلّ بذلك العالم الغربي بأسره . وأما التذرّع بعدوانية العراق على جيرانه بغزوه للكويت ، فهو محض افتراء ، لأن من أجبر العراق على غزو الكويت ، هم الأمريكان بعلم ، وحلفائهم الكويتيون بغير علم ، وبتخطيط وتدبير وتشجيع من الأمريكان أنفسهم لكلا الطرفين ، وبمساعدة من العرب أنفسهم . لنخلص إلى القول أن العداء الأمريكي للعراق ، أصبح غير مبرّر ، في نظر شعوب العالم كافة ، حتى من قبل الشعب الأمريكي نفسه ، الذي أصبح يُحرج قادته ، بتفنيد كافة الحجج والذرائع ، التي يُبرّرون فيها مواقفهم المتناقضة من العراق وإسرائيل .
ولنخلص إلى القول ، أولا ؛ بأن الموقف العالمي إزاء الصراع الأمريكي العراقي ، أصبح مختلفا بل مغايرا لما كان عليه في السابق ، فهناك بعض الدول العظمى وحتى الصغرى منها ، باتت تتخذ موقفا مناهضا لأمريكا ولإسرائيل ، ومتعاطفا مع العراق وفلسطين ، وخير مثال على ذلك موقف كولومبيا في مجلس الأمن المؤيد ، لإرسال قوة حماية دولية للفلسطينيين ، مبدية عدم اكتراثها بمقاطعات أمريكا الاقتصادية ، وموقفي كل من روسيا والصين . وثانيا ؛ بأن الموقف الأمريكي المعادي للعراق ، عند عدم عزوه للمخاوف التوراتية اليهودية ، يُصبح أمرا لا يُمكن فهمه من قبل الآخرين .
الموقف العربي من العراق :
دأبت أمريكا على دفع الأمور ، باتجاه جعل الرأي العالمي والعربي والعراقي ، يعتقد بأن السبب في معاناة الشعب العراقي ، هو القيادة العراقية بتوجهاتها العدوانية ، حتى بات كثير من العرب ، يعتقدون بأن هذه القيادة هي السبب الحقيقي ، فيما وصل إليه العرب من ذل وهوان وفرقة ، وضياع لثرواتهم النفطية ، فضلا عما كانوا عليه في السابق . بل مضى الكثير منهم إلى أبعد من ذلك ، فاتهموا هذه القيادة بالتآمر والتواطؤ مع الغرب نفسه ، ضد العرب وضد الشعب العراقي ، ليصبح إسقاط القيادة العراقية مطلبا عالميا وعربيا وعراقيا ، وليبقى رفع المعاناة عن الشعب العراقي مرتبطا ، بإسقاط القيادة العراقية الحالية . وهذا مما جعل البعض يذهب إلى القول أيضا ، أن الغرب مستفيد من وجود القيادة العراقية على رأس السلطة ، لذلك لا يرغب بإسقاطها ، وأن الرئيس العراقي متآمر ومتواطئ مع أمريكا ، للإضرار بشعبه وأمته ، وحتى ضربه لإسرائيل كان فقط ، لذر الرماد في العيون . ولو أن أمريكا لم تكن مستفيدة من وجوده ، لعملت على إزاحته ، تأليها من أولئك لأمريكا بغير علم ، وكأنّها القادر على كل شيء .
وكما أخطأ الشريف حسين بوضع ثقته في الإنكليز ، في الحرب العالمية الأولى ، وساهم بتنفيذ مخططات اليهود ، من حيث لا يدري ، أخطأت القيادة العراقية مرتين ، عندما وثقت بأمريكا وبعض مواليها من العرب ، المتآمرين في ظهر الغيب ، فانطلى عليها معسول الكلام ، فسيق العراق كما يُساق الفهد إلى قفص الصياد ، فدخل حربين مدمرتين ، كان الهدف منهما تحطيم قدراته . وعلى ما يبدو أن هذه القيادة استيقظت من غفوتها ، فور دخولها للكويت ، وانكشاف الوجه الحقيقي لأمريكا ، ولكن بعد فوات الأوان ، فانسحبت من حرب الخليج الثانية ، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، ولكن المتآمرون على العراق من عرب وعجم ، لم يُعطوها الفرصة لالتقاط أنفاسها ، فتوالت قرارات مجلس الأمن تباعا ، وكان الحصار الذي لم يكن في الحسبان ، وكانت لجان التفتيش ، وكانت التعويضات ، فحُصر المارد العراقي ، في قمقم قرارات مجلس الأمن الدولي ، ريثما يجد المتآمرون عليه طريقة للإجهاز عليه تماما .
كان مقتل القيادة العراقية الأول ، الذي استغله المتآمرون خير استغلال ، هي ما يتمتع به العراقيون إجمالا ، من صفات العزة والأنفة وامتلاكهم للقوة ، وعدم قبولهم للذل والهوان ، والتطاول عليهم من قبل الآخرين . فعندما أُغري الكويتيون بالتطاول على العراق ، كانت الحرب الانتقامية . وكان المقتل الثاني وما زال ، هو أن العراقيين رجال حرب ، وليسوا برجال مكر وكذب ومراء . لذلك كان من السهولة بما كان ، أن تنطلي عليهم دسائس المكرة الفجرة من الغرب والشرق . وأما رجم القيادة العراقية بالخيانة والتواطؤ مع الغرب ، من بعض المحبطين العرب ، فذلك أولا : لجهلهم بما يدور في مطابخ الغرب والشرق ، ضد هذه الأمة بشكل عام ، وضد العراق بشكل خاص ، وثانيا : لخيبة أملهم فيما عقدوه من آمال ، على القيادة العراقية ، لرفع حالة الذل والهوان المزمنة التي يُعانون منها ، وخاصة بعد أن توقفت الصواريخ العراقية ، التي كانت تضيء سماء العروبة ، لتدك معاقل الصهاينة ، قبل أن تتحقّق أحلام الشعب العربي في العزة والكرامة .
دوافع ومبررات العراق لمحو إسرائيل عن الوجود :
1. التخلّص من الشعور بعقدة الذنب ، حيث أن أفعال القيادة العراقية ، أضرّت حقيقة بالشعب العراقي والأمة العربية ، حتى لو كانت عن غير قصد .
2. تبيض الصفحة ونفي تهمة الخيانة والتواطؤ ، حيث أن القيادة العراقية ، أصبحت متهمة من قبل الآخرين .
3. ضرورة التعويض عما لحق الشعب العراقي والأمة العربية ، من ذل وهوان نتيجة الانكسار العراقي .
4. إثبات القدرة العراقية على النهوض بالأمة العربية ، وقيادتها لما تصبو إليه من منازل العز والكرامة ، والتي طالما كانت تتحدث عنها فيما مضى ، ولكنها لم تفلح لغاية الآن ، مما شكّك في مصداقية القيادة العراقية ، في تصديها لهموم الأمة العربية ، كما تدّعي .
5. إثبات صدق تبني القيادة العراقية ، لمقولة " عاشت فلسطين حرة عربية من البحر إلى النهر " ، والتي تُعتبر من أولويات الحزب الحاكم .
6. الخروج من الوضع المأساوي والمُهين ، الذي نجم عن الحصار الأبدي ، المفروض على العراق منذ أحد عشر عاما .
7. قطع الطريق على المخططات اليهودية الأمريكية لتدمير العراق ، التي أصبح العراقيون يعونها تماما .
8. الانتقام من التطاول الإسرائيلي الجبان ، بضرب المفاعل النووي العراقي ، أثناء انشغاله في الحرب مع إيران .
9. الانتقام من التطاول الأمريكي ، بتكنولوجيته الجبانة ، أثناء وما بعد حرب الخليج الثانية .
10. إظهار عدم مقدرة أمريكا ، على حماية مسخها الخداج في المنطقة ، في أي مواجهة عسكرية حقيقية .
11. سلبية مواقف القيادات العربية غير المبرّرة من العراق ، ويأس القيادة العراقية وقنوطها من هذه القيادات ، خاصة بعد مؤتمري القمة الأخيرين ، في القاهرة وعمان .
12. تعلّق آمال الشعب الفلسطيني اليائس ، بصحوة المارد العراقي المحاصر ، وخروجه من الإقامة الجبرية في القمقم . وهذا ما يُظهره الفلسطينيون أثناء مسيراتهم ، من خلال رفع صور الرئيس العراقي ، والأعلام العراقية .
13. حاجة الشعوب العربية إلى بطل حقيقي يعيد لها أمجادها ، في زمن عزّت فيه البطولة ، إلا من بطولات ، على نمط بطولات الدون كيشوت ، في معاركه مع طواحين الهواء ، التي ما فتئت تتغنى بها وبأبطالها شاشات التلفزة العربية ، ليلا ونهارا .
14. العراق ، غريق لن يخشى البلل ، وعلى ما يبدو ، أنه سيعمل على مبدأ " أنا والطوفان من بعدي " ، وإن لم يكسب ، فلا شيء يخسره .
15. الاستفزاز أو العدوان الأمريكي القادم ، بناءً على التحريض اليهودي ، كما ورد في تقرير واشنطن ، بإثارة مسألة المفتشين ، مع نهاية شهر 11/2001م ، أو بإثارة فتنة جديدة ، تدفع العراق للقيام بعمل عدواني ، داخل أو خارج أراضيه .
النص القرآني يتحدّث عن علاقة ثأرية بين طرفين ، ولا اعتبار لأي طرف آخر :
يتحدّث النص القرآني عن نزاع بين طرفين ، في سورة الإسراء ، تربط ما بينهما علاقة ثأرية متأصلة في النفس اليهودية ، منذ آلاف السنين ، ولا يضع في حسبانه أي طرف آخر ، مهما عظُم شأنه أو صغُر ، وكأنه لا يوجد على الكرة الأرضية ، سوى اليهود وأولئك العباد . وهذا ما نجده في الآية السادسة والخمسين من سورة الإسراء ( قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ ، فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ ، وَلَا تَحْوِيلًا (56) ، ولفظ ( الضُّرّ ) ورد في القرآن ، (29) مرة فقط ، وبمعنى واحد هو الأذى أو العذاب في الحياة الدنيا ، والمعنى الإجمالي للآية ، بأن الله سبحانه وتعالى ، يُخاطب أُناسا أثناء نزول العذاب بهم متحديا إيّاهم ، بدعوة من اتّكلوا عليهم من دونه ، لرفع عذاب الله عنهم . ووعد الآخرة هو وعد إلهي لليهود بالعذاب – وليس للمسلمين بالنصر - سيقع لا محالة ، والذين نهاهم الله في نفس السورة ، عن اتخاذ وكلاء من دونه ، هم بنوا إسرائيل أنفسهم ، ولن يملك أحد من الجن والأنس ، رفعه أو حتى تحويله عنهم ، ولكن كيف ؟
لنتفق أولا على أن تحقق هذا الوعد ، بغزو العراق لإسرائيل ، يعتمد أساسا على انفراد العراق بإسرائيل ، ويمكن لهذا الأمر أن يتحقّق في حالتين :
الاحتمال الأول : أن يكون هذا الغزو مسبوقا ، بدمار جميع القوى العسكرية التي يمتلكها الغرب وإسرائيل ، كنتيجة لتدخل بشري بقيام حرب نووية عالمية ، بين الغرب والشرق ، أو كنتيجة لتدخل إلهي ، بإحداث كوارث طبيعية هائلة في الغرب ، شبيهة بأحداث يوم القيامة .
الاحتمال الثاني : أن يكون هذا الغزو ضمن معطيات الواقع الحالي ، مع بقاء جميع القوى العسكرية التي يمتلكها الغرب وإسرائيل . باستخدام العراق لتقنيات وخطط عسكرية بسيطة ، تحمل في طياتها منطق عسكري جديد ، لم تألفه الشعوب ولا تتوقعه ضمن المعطيات الحالية ، يكون من شأنه أثناء الغزو ، إلغاء أو تهميش القدرات العسكرية الإسرائيلية والغربية كليا .
والاحتمال الأول ضعيف جدا ، حيث أنه يتطلب أن تقوم القوى الغربية ، بفعل عدواني يُهدّد الاستقرار العالمي ، مما يُجبر القوى الشرقية المتمثلة بروسيا والصين مثلا ، على الرد بشكل عنيف ومدمّر ، لإعادة الأمور إلى نصابها . وضمن المنظور القريب لا يوجد من الأسباب ، ما يدفع القوى الغربية للقيام بمثل هذا الفعل العدواني . أما الفعل الإلهي بتدمير القوى الغربية ، فهو أمر مستبعد كليا ، لأن الأحاديث النبوية ، فيما يُخص الفترة الزمنية التي يظهر فيها المهدي ، تُشير إلى فناء التكنولوجيا العسكرية وغير العسكرية بمجملها ، سواء ما يمتلكه الشرق أو ما يمتلكه الغرب ، ولا تُشير إلى فناء جميع الدول والشعوب ، التي تمتلك هذه التكنولوجيا ، فكيف فنيت التكنولوجيا بكليتها ، ولم تفنى الشعوب … ؟!
وهذا مما يؤكد أمرين ، أولا : بقاء بعض الدول وفناء البعض الآخر ، وثانيا : فناء جميع الأسلحة المتطورة وعلى رأسها الأسلحة النووية من كلا الطرفين . فالدمار القادم للحضارة الغربية برمتها ، سيتحصّل لا محالة ، وعلى ما يبدو ، من جرّاء حرب عالمية نووية مدمرة ، تستنفذ فيها كافة الأسلحة المتطورة من على وجه البسيطة ، مع بقاء بعض الشعوب المنتصرة ، بعد أن تكون ألقت ما في جعبتها من أسلحة ، على خصومها المنكسرة ، وبذلك يغدو من الممكن قيام الخلافة الإسلامية ، في ظل غياب تلك القوى ، ليحكم الكون بأسره ، إذ لا بد للنصر من أسباب ومسببات مادية ، فضلا عن العقائد الروحية .
أما الاحتمال الثاني فهو الأقوى ، إذ أن المؤشرات على الساحة العالمية والمحلية ، تؤكد على أن العراق ، لن يستطيع الصمود حتى وقت متأخر جدا ، فصبر القيادة العراقية بدأ ينفذ ، والتحركات السياسية المتعددة للخلاص من الحصار ، على المستوى الإقليمي والدولي باتت غير مجدية ، ورغم كل ذلك ، لا يبدو أن هناك ضوء في آخر النفق ، والضغوط والتهديدات الأمريكية في تزايد مستمر ، فلا بد لها من القيام بعمل ما لتحريك الأمور ، أو قلبها رأسا على عقب . وكذلك الأمر بالنسبة للشعب الفلسطيني في فلسطين ، إذا ما استمر الحال ، على ما هو عليه من الخذلان العربي والعالمي ، فهو أقرب إلى الانهيار منه إلى الاستمرار ، وستكون النتيجة مأساوية على المدى البعيد ، وعلى عكس ما يتوقعه الناس منهم ، فللإنسان طاقة محدودة على الصبر ، وسيبدأ الفلسطينيون مجدّدا بالانسياب إلى الخارج شيئا فشيئا .
معطيات الواقع الحالي تؤكد حتمية نفاذ هذا الوعد في وقت قريب :
وسرّ قابلية نفاذ هذا الوعد في الوقت الراهن ، يكمن أولا : في القيادة الحالية للعراق ، التي إن زالت لن تتكرّر ، فهي التي تملك إرادة الغزو ، بعدما تولدت لديها نتيجة عملية مخاض عسيرة ، تمثلت بما لحق بالعراق ، من ظلم وإجحاف وإذلال في السنوات الأخيرة ، على عهد هذه القيادة ، وهي المُطالبَة بإزالة هذا الظلم والهوان ، والثأر ممن تسبّب فيه ، وبعث أولئك العباد المشار إليهم في النص القرآني أساسا ، وكما وضحّنا سابقا ، قائم على علاقة ثأرية بينهم وبين اليهود ، غايته الانتقام ليس إلا .
ويكمن ثانيا : في القيادة الحالية لإسرائيل ، بقيادة أكثر اليهود إجراما ووحشية ، ودورها في ازدياد حدّة ودموية الانتفاضة الجديدة ، التي ساهمت وستساهم ، في استمرارية انغماس يهود إسرائيل في شأنهم الداخلي ، وإهمالهم وعدم التفاتهم لمن يتربّص بهم الدوائر من الخارج ، مما يعطي فرصة أكبر لنجاح الغزو العراقي .
ويكمن ثالثا : في حالة المجتمع الإسرائيلي الراهنة ، وخاصة بعد اختياره لقيادة هي الأكثر دموية بين سابقاتها ، وبأغلبية ساحقة مما يُشير إلى أن الشعب بكليته ، أصبح أيضا شعبا دمويا فاسدا ومفسدا ، وعندما تصبح الأمة بأسرها تملك هذه الصفة ، وحسب السنن الإلهية ، نجد أن هلاكها بات وشيكا جدا . وإذا علمنا أن السفاح ( شارون ) يحمل على عاتقه ، تنفيذ مجمل أحلام اليهود التوراتية ، الواردة في الفصول السابقة ، قبل نهاية ولايته ، وعلى رأسها هدم المسجد الأقصى ، نستطيع القول بأن هلاك هذه الأمة ، لن يتجاوز الأربع سنوات على أبعد الاحتمالات .
ويكمن رابعا : في القيادة الحالية الأمريكية غير المتزنة ، التي أعلنت عدائيتها غير المبررة للعراق ، وقامت بضربه فور تسلمها للسلطة ، دون سابق إنذار ، بالرغم من سياساته التصالحية ، وتجاوبه الكامل مع قرارات الشرعية الدولية ، وانتهاجه لأسلوب الحوار مع مجلس الأمن _ وكل ذلك لم ولن يُجدي نفعا ، إذ أن المطلوب من العراق ، هو عبادة إسرائيل التي يعبدون ، وتقديم فروض الطاعة والولاء للسامريّون الجدد في الغرب المتصهين _ والتي أظهرت أيضا في المقابل تغاضيا وصمتا ، على ما تقترفه القيادة الإسرائيلية ، بشكل غير مسبوق ، مما أثار حفيظة حتى المنافقين من حلفاء أمريكا ، فتعاقبت التنديدات والانتقادات لهذا التصرف الأهوج ، من قبل المُهرّج الأمريكي بوش .
هذا ، فضلا عما أثارته القيادة الأمريكية من استياء عالمي ودولي ، لسياستها المعادية لدول الشرق الأقصى والأدنى من روسيا شمالا وحتى اليمن جنوبا ، ومن الصين شرقا وحتى ليبيا غربا ، ولحلفائها الغربيين من الدول غير المنحازة لسياساتها ، وللبشرية جمعاء بعدم توقيعها على اتفاقية الحد من الانبعاث الحراري ، حتى انعكس ذلك ، على مشاركة أمريكا ، في اللجان المنبثقة عن هيئة الأمم المتحدة ، فأُسقطت من لجنتي حقوق الإنسان ومكافحة المخدرات ، خلال فترة قصيرة ، مما يعكس السخط الدولي على أمريكا وسياساتها .
فضلا عن ذلك ، يأتي مشروع الدرع المضاد للصواريخ المثير للجدل ، والذي تروّج له أمريكا على أنه مشروع دفاعي بحت ، تسعى لامتلاكه ، متذرّعة بمخاوف غير منطقية ، من هجوم نووي ، ربما تقوم به إحدى الدول المارقة ، كإيران وكوريا الشمالية ، أو جماعات إرهابية ، من الممكن أن تحصل يوما ما على السلاح النووي ، لضمان تأييد حلفائها لهذا المشروع ، الذين أبدوا حوله الكثير من التحفظات ، لعدم قناعتهم بالمسوغات الأمريكية لهذا المشروع . والذي يُجابه أيضا بمعارضة شديدة من قبل روسيا والصين ، كون هذا المشروع سيلغي قوة الردع النووية ، لأي دولة تمتلك السلاح النووي . فالسلاح النووي في الأصل هو قوة ردع كفيلة ، بمنع أي دولة مارقة أو غير مارقة ، من مجرد التفكير بضرب أمريكا نوويا ، ليتبين لنا أن دوافع أمريكا المعلنة لامتلاك هذا الدرع ، غير مبررة وغير منطقية .
أما دوافعها غير المعلنة لامتلاك هذا الدرع ، فهي نابعة من المخاوف التوراتية والإنجيلية ، فيما يتعلّق بالمواجهة المقبلة بين الشرق والغرب ، والتي تناولناها في فصل سابق ، ومحركاتها الرئيسية هي العراق وروسيا والمهدي . وبامتلاك أمريكا لهذا الدرع ، تتحول صواريخها النووية إلى أسلحة هجومية ، قادرة على ضرب أي جماعة ، أو دولة نوويا أو غير نووية من المذكورة آنفا ، في حالة قيامها بتهديد المصالح أو أمن أمريكا وحلفائها ، دون أن تكترث بأي هجوم نووي مضاد ، حتى من قبل روسيا والصين ، وبذلك تستطيع أمريكا ، فرض إرادتها على أي دولة بالقوة إن لم تمتثل لسياساتها طواعية ، ضاربة بهيئة الأمم ومجالسها وقراراتها ومواثيقها عُرض الحائط .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد تركى
عضو / ة
عضو / ة
خالد تركى


الساعة الأن :
عدد المساهمات : 126
نقاط : 262
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 01/09/2010

كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية   كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Icon_minitime1الأحد 17 أكتوبر 2010, 12:17 am

ولو بحثت عمن يسعى بحماس لترويج فكرة هذا الدرع ، في الإدارة الأمريكية ومجلسي الشيوخ والنواب ، لوجدت أنهم في معظمهم ، من اليهود ومن المتصهينين النصارى من عبدة إسرائيل ، المسكونين بالمخاوف التوراتية والإنجيلية . وأن الهدف المنشود من إقامة هذا الدرع ، هو تمكين النبوءات التوراتية المستقبلية التي توافق أهوائهم وأمانيهم من التحقق ، وتعطيل جميع النبوءات التي تخالفها ، وبذلك تصبح قابلية نفاذ هذا الوعد ، بالشكل الذي نتحدث عنه شبه معدومة بل مستحيلة ، ففور شعور أمريكا بأي بوادر تحركات عراقي باتجاه إسرائيل ، لن تتردد الإدارة الأمريكية التوراتية ، في أن تجعل أرض العراق صعيدا جرزا ، دون خوف أو وجل ، وليصبح اسم العراق نسيا منسيا . هذا إن لم تستبق الأمور كما هي العادة ، بضرب العراق والخلاص من أمره ، حتى قبل أن يُفكر بالتحرك ، فور امتلاكها لهذا الدرع ، بعد خمس سنوات من البدء في تنفيذه ، حسب تقديراتها ، ليصبح أمر نفاذ هذا الوعد ، بعد هذه المدة الزمنية ضربا من الخيال . فلا بد من تحقق هذا الوعد قبل مضي هذه المدة .
وقد يقول قائل أن أمريكا لا تخشى أحدا ، ولو أرادت بالعراق السوء لفعلت ، ونقول بأن هذا القول غير صحيح ، فلتدمير القدرة العسكرية التقليدية وأسلحة الدمار الشامل العراقية ، احتاجت أمريكا أولا : مبررا وهو غزو الكويت ، وثانيا : لإجماع أممي لاستصدار قرار باستخدام القوة ، وثالثا : لمشاركة 30 دولة لتنفيذ الهجوم ، لتوزيع دمه على القبائل ، ومن ثم فُتح المجال لإجراءاتها العدائية المستمرة اتجاه العراق . فلو كانت قادرة ، فما الداعي لما قامت به من خطوات سبقت الضرب الفعلي للعراق ! ونقول بأن أمريكا ، لن تجرؤ على ضرب العراق نوويا ، بداعي الخوف على مصالحها أو أمنها ، في ظل امتلاك نفس السلاح ، من قبل دول مناهضة لها ولسياساتها كروسيا والصين ، لأنها بالمقابل ، ستعطي لهما مبررا لضربها نوويا دون سابق إنذار ، في حال قيام أمريكا بتهديد مصالحهما وأمنهما . فالمخاوف الأمريكية من أسلحة الدمار الشامل تأتي من العراق ، وكما نعلم فإن العراق كان على علاقة طيبة مع أمريكا ، قبل حرب الخليج الثانية ، ولم يُهدّد يوما لا أمن الولايات المتحدة ولا مصالحها ، وحتى بعد احتلاله للكويت ، لم يكن ذلك ليُغيّر من طبيعة تلك العلاقة ، والذين هدّد العراق أمنهم قبل جرّه لغزو الكويت وما زال ، وتستطيع صواريخه الكيماوية والبيولوجية أن تصلهم ، هم يهود إسرائيل ، وهو ما كان قد أيقظ المخاوف التوراتية لأسياد أمريكا من اليهود ، فكان ما كان ، ووقع ما لم يكن في الحسبان .
الأجواء الآن مغايرة تماما ، للأجواء التي قامت في ظلها الدولة اليهودية :
منذ أكثر من مائتي سنة ، قام اليهود بوضع مخطط طويل الأمد ، جمعوا فيه ، ما بين مطامع أرباب المال اليهود في السيطرة الاقتصادية ، وأحلام الحاخامات التوراتية في فلسطين . وكان الهدف النهائي للعمل الجماعي اليهودي ، وما زال ، هو السيادة الكاملة على كوكب الأرض ، من خلال حكم ملكي ديكتاتوري ، يتخذ من القدس عاصمة له ، لتحقيق مطلب الطرفين معا . نظريا وبإغفال القدرة الإلهية ، التي لا يؤمن اليهود بوجودها ، فإن مخططهم الإفسادي قابل للتحقق على أرض الواقع . أما عمليا ، وبإدخال القدرة الإلهية ، يُصبح أمر تحقق مخططهم هذا ، ضربا من الخيال .
وقد تمكن اليهود من خلال هذا المخطط ، من تحقيق السيطرة الاقتصادية ، على العالم الغربي ، بامتلاك الصناعة المصرفية ، وشراء الاستثمارات بكافة أشكالها ، وأهمها الصناعات العسكرية والإعلامية . مما مكّنهم من السيطرة على مجمل سياسيات تلك الدول الداخلية والخارجية ، ومن ثم تم تسخيرها ، لخدمة أهداف المخطط اليهودي آنف الذكر .
ولو أمعنت النظر في ظروف المنطقة ، التي سبقت الحربين العالميتين الأولى والثانية ، لوجدت أنها تتقاطع كليا مع المخططات اليهودية ، بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين ، في ظل موقف السلطان عبد الحميد ، الرافض حتى لإقامة اليهود فيها كأفراد ، حتى استيئست رسل اليهود من الأمر . ولو أمعنت النظر في نتائج الحربين ، ستجد أنها خدمت المخطط اليهودي بشكل ملفت للنظر ، حيث تمخضت الحرب الأولى عن انهيار الدولة العثمانية ، ومن ثم إصدار وعد بلفور ، ووضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني ، ومن ثم فتح باب الهجرة اليهودية . ومن ثم قامت الحرب الثانية ، فتمخّض عنها إنشاء الأمم المتحدة من خمس دول حليفة ومنتصرة ، وفي تلك الأجواء تم استصدار قرار أممي بتقسيم فلسطين ، من خلال دعم غربي أمريكي بريطاني فرنسي ، وعدم معارضة شرقية روسية صينية ، حيث كان لكل دولة ، من تلك الدول والمأخوذة بنشوة الانتصار ، أطماع لنيل جزء من الكعكة العالمية بعد الحرب ، وكان أحد المطالب الغربية ، هو تقديم فلسطين لليهود على طبق من ذهب . وفي المقابل ، ستجد أن نتائج هذه الحرب ، كانت مأساوية على مجمل الدول ، التي شاركت فيها ، حتى المنتصرة منها ، بما أنها تكبّلت بالديون اليهودية إلى ما لا نهاية ، والمستفيد الوحيد دائما وأبدا ، هم تجّار الحروب من سادات اليهود ، أثرياء وحاخامات ، ممن يحكمون العالم الغربي في الخفاء .
ـ لنخلص إلى أن قيام إسرائيل واستمرارها ، اعتمد على عدة أمور :
1. تمكين بريطانيا من السيطرة على فلسطين ، لاستصدار وعد بلفور ، الذي لم يكن كافيا لتحقيق الحلم اليهودي ، بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين . ومن ثم وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني ، لتمكين بريطانيا من تنفيذ الوعد ، بفتح أبواب الهجرة ، وخلق واقع جديد ، يسمح لليهود بإقامة الدولة .
2. التضليل الإعلامي المستمر للرأي العالمي ، بترويج مقولة " أرض بلا شعب ، وشعب بلا أرض " . بالإضافة إلى التضخيم الإعلامي لمسألة الاضطهاد الأممي لليهود ، وخاصة ترويج حكاية ضحايا المحرقة النازية الستة ملايين . لكسب تعاطف وتأييد الرأي العالمي الغربي . ومن ثم استغلال الحلفاء الخمسة المنتصرين ، والمؤسسين للأمم المتحدة ، لاستصدار قرار أممي بتقسيم فلسطين ، تمخض عنه قيام دولة إسرائيل . بطلب وتأييد من الدول الغربية ، وقبول من الدول الشرقية ، حيث كانت حسبة المصالح للدول الخمسة الكبرى آنذاك ، تسير في مركب واحد ، بينما كانت الدول العربية بأسرها ، مملوكة من قبل الغرب .
3. الرعاية الاقتصادية والسياسية والعسكرية الأمريكية والأوربية المستمرة لإسرائيل ، في حالتي السلم والحرب .
ـ والسؤال الآن هل الظروف ، التي أوجدت دولة إسرائيل ، وحافظت على بقائها واستمراريتها ، ما زالت قائمة ؟
1. فور خروج الجيش البريطاني ، وفور الإعلان عن قيام الدولة اليهودية ، استطاعت الجيوش العربية قهر الجيش الإسرائيلي ، والوصول إلى مشارف تل أبيب ، ولولا استجابة العرب للأوامر الأمريكية بوقف القتال ، لما استطاع الغرب من إمداد إسرائيل بالعدة والعتاد ، مما مكّنها لاحقا من الانتصار ، ولما كان هناك ما يُسمى بدولة إسرائيل ، ولكن قدّر الله وما شاء فعل .
2. بعد الانفتاح الإعلامي ، وعالمية وسائل الاتصال ، وتعدّد مصادر المعلومات ، أُتيح للرأي العالمي ، وخاصة المناهض لأمريكا وسياساتها ، رؤية الجانب الآخر من الصورة ، الذي عملت وسائل الإعلام الغربية على التعتيم عليه ، فيما مضى ، فبات الكل يعلم ، أن فلسطين لم تكن يوما من الأيام ، أرضا بلا شعب ، بل فيها شعب ، لا مثيل له بين الشعوب ، له إرادة تفل الحديد ، ويستحق التقدير والاحترام . وبات الكل يعلم ، أن الشعب الذي كان يتباكى من الاضطهاد النازي له ، تبين أنه أكثر نازية ووحشية من النازيين أنفسهم ، فتبدّل التعاطف معه إلى سخطٍ عليه ، واستياءٍ وخجلٍ عالميّ من أفعاله ، ولولا الفيتو الأمريكي والدعم البريطاني والفرنسي والتخاذل العربي ، المسلّط على رقاب الفلسطينيين ، والُمحبِط حتى لأنصار القضية الفلسطينية ، من الشعوب غير العربية ، لما استمرت هذه الدولة النازية الجديدة في الوجود .
3. لو تتبعنا كافة الحروب العربية الإسرائيلية ، لوجدنا أن إسرائيل لم تكن قادرة ، بأي حال من الأحوال ، على مجابهة الجيوش العربية ، بل لم تكن قادرة على حماية نفسها ، لولا الدعم العسكري الأمريكي البريطاني الفرنسي ، المعلن والخفي بالسلاح والأفراد ، من خلال الجسور الجوية التي كانت توصل هذا الدعم . فالمواجهة في كل الحروب ، لم تكن بين العرب وإسرائيل ، وإنما كانت بين العرب والغرب . ولوجدنا أن مجمل نوايا القيادات العربية ، كانت معروفة باليوم والساعة ، وأن تحركات الجيوش العربية وإمداداتها ، كانت معلنة ومكشوفة وبطيئة ، وغير منسقة لتعدد القيادات ، ولوجدنا أن عامل الوقت كان حاسما في مجمل تلك الحروب ، مما كان يُمكّن إسرائيل من الاستعداد ، وطلب النصرة من الغرب .
كانت هذه قراءتنا للواقع . أما معطيات الواقع المنظور ، كما يقرأها عامة الناس ، والتي لا توحي باقتراب تحقّق وعد الآخرة ، بإساءة وجوه الصهاينة ، والدخول العراقي لفلسطين . سنحاول تصحيح هذه القراءة ما أمكن ، من خلال رسم صورة ، للدخول القادم من خلال صور ومشاهد ، من القرآن والتاريخ والواقع ، لتقريب صفة هذا الدخول لذهن القارئ ، وذلك أولا : لتأكيد مصداقية ما جاء به كتاب الله ، من أمر هذا الوعد قبل تحقّقه ، وعلى النحو الذي أراده رب العزة ، لا كما أرادته أهواء البشر ، وثانيا : بيان مدى قابلية تحقّق هذا البعث ، في زمن قريب جدا ، وضمن معطيات الواقع الحالي ، الذي قد يراه الناس مخالفا ، لما نذهب إليه جملة وتفصيلا .
من صور الدخول في القرآن :
نطرح فيما يلي بعضا من صور الدخول ، مما ورد ذكره في القرآن الكريم :
• ( وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ ، فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا ، وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا ، وَقُولُوا حِطَّةٌ ، نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ ، وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58 البقرة )
كان هذا وصف لكيفية الدخول ، التي أُمر بها بنو إسرائيل على قرية مدين شبه الخاوية ، بعد هلاك أغلبية أهلها بالعذاب ، وتركهم لأرضهم ومساكنهم وممتلكاتهم من الزروع والمواشي ، وهذا ما يُشير إليه قوله تعالى ( فكلوا منها حيث شئتم رغدا ) ، أي أن ما فيها من خيرات وأنعام ، أصبح في متناول أيديهم بمجرد الدخول ، وهذه العبارة قيلت لآدم وزوجه عند أمرهم بدخول الجنة ، وكان هذا من لطف الله بهم ومنّه وكرمه عليهم ، ولذلك طُلب منهم عند دخول باب القرية ، التعبير بالقول والهيئة ، عن شكرهم وطاعتهم لله على هذه النعمة ، التي كانوا قد طلبوها سابقا ، وتحصّلوا عليها دون جهد أو عناء ، إذ لم يُجابهوا بأية ممانعة أو مقاومة ، بل على العكس ، قوبلوا بالترحيب ، من قبل شعيب والقلة المؤمنة ممن بقي من قومه ، لمصاهرة موسى عليه السلام لهم ، وإقامته عندهم فيما مضى ، والله أعلم .
• ( قَالَ رَجُلَانِ ، مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ ، أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ، ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ ، فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ (23 المائدة )
كان هذا وصف لكيفية الدخول ، الذي أُمر به بنو إسرائيل ، لدخول الأرض المقدّسة المأهولة بالسكان ، في محاولة من رجلين مؤمنين عالمين بواقع الحال ، لتشجيعهم وطمأنتهم ، لعلهم يرجعون عن موقفهم الرافض ، لدخولها وطرد سكانها الوثنيون ، والاستيطان فيها بدلا منهم ، حيث يؤكد لهما الرجلان ، بأنهم لن يتعرضوا للأذى عند الدخول ، وفي حال كانت هناك مواجهة ، فلن يُكلّفهم ذلك سوى كسر الباب ، بقتل الحراس المتواجدين عليه ومباغتة أهلها في الداخل . وعلى ما يبدو أن موسى عليه السلام ، قبل أن يأمر بني إسرائيل بالدخول ، كان قد بعث هذين الرجلين ، للتجسس على أهل المدينة المقدّسة ، فوجدا أن أهلها على غير استعداد للحرب ، وأنهم لا يملكون جيشا ، ولم يكونوا جبارين حقيقة ، كما ادعى بنوا إسرائيل لاحقا ، وأنهم لا يملكون سوى بضعة حرّاس ، على باب المدينة فقط . وعندما أمر موسى قومه بالدخول ، رفضوا مُتذرعين بجبروت أهلها تقاعسا وخذلانا وجبنا ، فعقّب هذين الرجلين على قول موسى ، بقولهم ذلك تفنيدا لادّعائهم ، وتوضيحا لحقيقة الأمر ، كما رأوها بأُمّ أعينهم ، ومع ذلك أصرّ بنو إسرائيل على موقفهم ، بقلة إيمانهم وفسقهم وجبنهم . ودخول كهذا يحتاج للمباغتة كعنصر أساسي ، لمنع الخصم من الاستعداد والجاهزية للقتال ، مما يُقلّل أو يمنع الخسائر في المواجهات المكشوفة ، ويدفع الخصم إلى الاستسلام والرضوخ للأمر الواقع ، ومن ثم الرحيل عن الأرض .
• ( قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ ، إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا ، وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34 النمل )
وكان هذا وصفا لكيفية دخول الملوك ، على القرى المتمرّدة والمتطاولة ، على أمرهم ومكانتهم ، على لسان ملكة سبأ ، تحذيرا لقومها من عصيان أمر الملك سليمان عليه السلام ، وهذا الدخول هو الأسوأ على الإطلاق . وانظر في قول سليمان عليه السلام ، عندما تمرّدوا على أمره ، ولم يأتوه مسلمين كما طلب ، حيث قال ( ارْجِعْ إِلَيْهِمْ ، فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا ، وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37 النمل ) ، فعصيان أمر الملوك ، ذوي القوة والعزة والأنفة والتطاول عليهم ، بأي شكل من الأشكال ، يُحمل على أنه تحقير وتقليل من شأنهم ، ويُعتبر إهانة لا يستطيعون غفرانها . والرد عليها عادة ما يكون ، كما هو ظاهر في رد سليمان عليهم ، بإرسال جيش لا قبل للخصم به ، لا من حيث العدد ولا من حيث العدة ، ونتيجة فعلهم ، هي كما وصفته ملكة سبأ في الآية الأولى ، وما أكدّ عليه سليمان في الآية الثانية أعلاه .
وغاية هذا الدخول في العادة ، تكون للانتقام ورد الاعتبار ، باستباحة الأرض والمال والعرض ، بتخريب الممتلكات والقتل والتنكيل في العامة ، وأسر علية القوم وإذلالهم ، ومن ثم قتلهم والتنكيل بهم ، وسبي نسائهم وأطفالهم ، وتسخيرهم للعمل كجواري وخدام في القصور إمعانا في إذلالهم . ودخول كهذا ، عادة ما تُعلن فيه الرغبة في الانتقام ، ويتم فيه تهديد الخصم مسبقا ، لإذلاله وإدخال الرعب في قلبه ، مما يكون أدعى لانهياره ، وسرعة تداعيه عند المواجهة ، في حال تجرّأ على ذلك .
• ( لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ، لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ ءَامِنِينَ ، مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ ، وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ ، فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا ، فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (27 الفتح )
هذه هي المرة الأخرى ، والوحيدة في القرآن ، التي يرتبط فيها ذكر الدخول بالمسجد ، وهو دخول المسجد الحرام في مكة ، ولو أمعنت النظر في نص الآية ، ستجد أنها تصف المسلمين أثناء تأدية العمرة ، وقد جاء في كتب التفسير ، أن هذه الرؤيا قد تحقّقت ، فيما سُمّي لاحقا بعمرة القضاء ، في العام التالي لصلح الحديبية ، فأنزلت هذه الآية تصديقا للرؤيا ووعدا بالفتح . وأما الدخول العسكري لمكة والمسجد الحرام ، فسُمّي في القرآن فتحا وليس دخولا . والمعروف أن المسلمين عندما خرجوا لغزو مكة ، كانوا قد أعدوا عدة الحرب . وقد روى الإمام مسلم عن جابر : " أن رسول الله دخل مكة ، وعليه عمامة سوداء ، من غير إحرام " ، وقال ابن كثير في تفسيره للآية (24) من نفس السورة ، والتي سيرد نصها في الحديث عن فتح مكة ، أن الرسول عليه الصلاة والسلام : " لم يسق عام الفتح هديا ، وإنما جاء محاربا مقاتلا في جيش عرمرم " .
المقصود بدخول المسجد :
الدخول القادم للمسجد الأقصى ، لن يكون لتخريبه كما وقع في المرة الأولى ، ولن يكون بقصد الزيارة فقط ، لأداء عبادة من العبادات ، كما هو الحال عند دخول المسجد الحرام ، الموصوف في الآية أعلاه . فالمقصود بقوله تعالى ( وليدخلوا المسجد ) هو الدخول إلى الأرض المباركة ، التي تحوي هذا المسجد ، أي فلسطين ككل والسيطرة عليها . وذِكر المسجد ، الذي هو بمثابة القلب من الجسد ، بالنسبة للأرض المباركة والمقدّسة ، جاء للإشارة وللتأكيد على أن نفاذ الوعد بشكل كامل ، سيتحصل أخيرا بدخول القدس ، بعد إزالة العلو اليهودي من فلسطين ، وإنهاء الوجود اليهودي فيها ، الذي يفيده تقدّم ذكر الإساءة عن ذِكر الدخول .
ولو تمعنّت في قوله تعالى ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ ، لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ ، وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ (7) ، ستجد أن الغاية من البعث في الأصل ، هي إساءة وجوه اليهود ، وستتحصّل هذه الإساءة ، من جرّاء ما وقع فيهم ، من قتل وتنكيل وسبي وفرار . ومن ثم جاء ذكر المسجد ، ليكون دخول القدس واستعادتها ، نتيجة تأتّى من جرّاء ما وقع في اليهود من إساءة . والأنكى والأكثر إيلاما لليهود ، هو أن تُتّخذ القدس عاصمة لدولة عربية كبرى ، لتصبح أحلام يهود الشرق والغرب المتعلقة بها هباءً منثورا ، بعد أن كانت قاب قوسين أو أدنى من التحقق . وبالتالي يكون مجيء لفظ الدخول في هذه الحالة ، تأكيدا لتحرير فلسطين واستعادة المسجد والاستيلاء عليه من قبل المبعوثين ، وأن البعث لم يقتصر على إساءة الوجوه فقط . والتشبيه هنا كان لصفة الدخول ، منذ اجتيازهم لحدود الأرض المقدّسة ، بما تخلله من قتل وتنكيل وأسر وإذلال ، حتى وصولهم إلى قلب مدينة القدس ، ليتأكد لنا زوال علوهم منها بشكل كامل قهرا وقسرا ، بالضبط كما حصل في المرة الأولى ، عند دخول البابليين بقيادة نبوخذ نصّر .
وعلى ما يبدو أن الدخول القادم ، سيجمع بين صفتي الدخول الثاني والثالث ، المشار إليهما أعلاه ، لأن غاية الدخول القادم ، تجمع ما بين غايتيهما ، وهما أولا : طرد اليهود وإعادة الأرض لأصحابها الأصليين ، وثانيا : إشباع الرغبة العراقية في الانتقام من اليهود وإذلالهم .
ومن جانب آخر ، نجد أن قوله تعالى ( ليسوءوا … وليدخلوا … كما دخلوه … ) يصف ما سيجري على أرض فلسطين لحظة الوصول إليها ، وحتى استعادة كامل أرضها . والذي سيجري حقيقة على أرض الواقع ، حسب الوصف القرآني ، ليس بمعركة ، وإنما غزو من قبل أمة لا تعرف الرحمة ، لأمة ضعيفة وجبانة مستباحة الأرض والمال والعرض . ولو أنك فكّرت بهذا الحدث نظريا ،كما جاء به النص القرآني ، وحاولت مطابقته مع معطيات الواقع الحالي ، ستجد بأن عملية تحققه ضرب من الخيال ، ضمن الظروف الراهنة ، التي تؤكد رجحان كفة موازين القوى العالمية ، لصالح اليهود وحلفائهم الغربيين .
صور من الواقع :
ـ حال إسرائيل في المنطقة ، كحال ثري يملك منزلا ، في منطقة معزولة عن المدينة ، يحتوي على كمٍّ هائلٍ من الكنوز والمقتنيات الثمينة ، ويقتني عتاد جيش كامل من الأسلحة ، من مسدسات وأسلحة رشاشة وقنابل يدوية وصواريخ ، لحماية هذه الممتلكات من هجمات اللصوص .
فلو أن مجموعة كبيرة من اللصوص ، لا تملك سوى السلاح الأبيض ، فكّرت بالسطو على مثل هذا المنزل ، ، فهل ستنجح ؟!
للإجابة فكّر مليا بالحالات التالية :
• إذا وقع السطو ، وشعر صاحب المنزل باللصوص ، وهم خارج الأسوار ، سيكون بمقدوره الاتصال برجال الأمن ، ومشاغلتهم بما لديه من الأسلحة متنوعة وفتاكة ، حتى يتمكن من الحصول على المساعدة ، هذا إن لم يكن قد فرق شملهم ، وأبادهم عن بكرة أبيهم ، قبل وصول المساعدة ، وستكون إمكانية صدهم في هذه الحالة كبيرة جدا .
• إذا وقع السطو ، ولم يشعر صاحب المنزل باللصوص ، إلا بعد دخولهم إلى المنزل والانتشار في أرجاءه ، فهو خاسر لا محالة ، ولكن أمامه عدة خيارات ، أولا : الاتصال بالمساعدة التي لن تصل في الوقت المناسب ، وسيكون ضررها أكثر من نفعها ، في حال أحس اللصوص بذلك ، فقد يُصبح قتله أمرا محتما ، وكذلك الحال فيما لو حوصر اللصوص ، من قبل رجال الأمن ، داخل المنزل المُتخم بالأسلحة ، ثانيا : المواجهة المسلحة ، فيما لو لم يتمكن من الاتصال ، والنتيجة مع كثرتهم ، محسومة لصالحهم ، بقتله ونهب محتويات المنزل ، وثالثا : الفرار أو الاختفاء ، والتسليم بالأمر الواقع ، لتنهب محتويات المنزل .
• إذا وقع السطو ، ولم يشعر صاحب المنزل باللصوص ، إلا وسكين أحدهم تضغط على حنجرته ، منبهين إياه من النوم . هنا ستكون النتيجة محسومة ، فنهب المنزل أصبح تحصيل حاصل ، وأما أمر نجاته من عدمها ، فمرهون بأيدي اللصوص .
ولغزو إسرائيل ، يتطلب الأمر تجنّب الحالة الأولى ، وهي ما جرت عليه العادة ، في كافة الحروب العربية الإسرائيلية ، والعمل على ما أمكن على تحقيق الحالة الثالثة ، أو الحالة الثانية على الأقل ، بهجوم كبير وشامل ومباغت وسريع ، تكفله وحدة القيادة من خلال العمل المنسقّ والمحافظة على السرية التامة ، مما يحرم إسرائيل من الاستعداد ، ويلغي جميع قدراتها الدفاعية والهجومية ، ويحرمها حتى من القدرة على طلب المساعدة كذلك . ولنخلص إلى القول بأن نجاح هذه المهمة ، يتطلّب عدة عوامل :
أولا : إعداد جيش كبير العدد ، يفوق تعداد الجيش الإسرائيلي أضعافا مضاعفة ، يتم تدريبه على كافة الأساليب القتالية الحديثة ، ويكون لإفراده القدرة على تحمل الجهد والجوع والعطش ، والقدرة على البقاء والاستمرارية في أقسى الظروف ، تملؤهم رغبة جامحة بالانتقام ، ويُسيّرهم حقد جارف .
ثانيا : المحافظة على السرية التامة ، منذ لحظة الانطلاق حتى الوصول ، لتوفير عنصر المباغتة .
ثالثا : سرعة الوصول ، باستخدام كافة الوسائل والتقنيات العصرية المتاحة .
رابعا : شمولية الهجوم ، من خلال تعدد الجبهات .
خامسا : سرعة الانتشار .
ـ ولو نظرنا إلى واقع إسرائيل ، ستجد أنها أشبه بالطفل الخداج ، الذي يعيش في بيئة مصطنعة ، ويحتاج فيها إلى من يٌقدّم له الحماية والرعاية والعناية المستمرة والحثيثة ، والإمداد بالغذاء والهواء في الظروف الطبيعية ، وإلى العلاج المكثف في الأزمات الصحية بسبب نقص المناعة ، وعدم القدرة على المقاومة .
ومشكلة إسرائيل ، أن حاضنتها تقع في بيئة معادية ، وهي عرضة لأن يُفتك بها ، في أي لحظة ، وأن أمريكا القائمة على رعايتها والعناية بها ، تبعد عنها آلاف الأميال . وتحتاج إلى وقت ليس بالقصير ، لتقديم العون لها ، كلما ألمّ بها عارض مفاجئ ، وغالبا ما كانت أمريكا تلجأ إلى الحيلة والمماطلة ، في كل مرّة لكسب الوقت ، كي تؤمن لها العلاج المناسب ، وتنقذها من الهلاك .
وللتخلص من هذا المسخ ، يتطلب الأمر ، المباغتة بالهجوم وسرعة الإنجاز وعدم التأخير ، أثناء عملية القتل ، والاستمرارية حتى مفارقة الروح الجسد ، لحرمان القائمة على الرعاية ، من كسب الوقت ، الذي تحتاجه لتعطيل عملية قتل المسخ ، ومن ثم لتقوم بإنعاشه ، كما جرت العادة في كافة الحروب العربية الإسرائيلية . ولنخلص إلى القول بأن نجاح هذه المهمة ، يعتمد على ثلاثة عوامل :
أولا : المباغتة بالهجوم .
وثانيا : سرعة الإنجاز .
وثالثا : الاستمرارية حتى مفارقة الروح الجسد ، إذ ليس بإمكان أمريكا أن تحيي الموتى ، ولو فكّرت بذلك فلن تجد من يُؤيّدها .
صور من التاريخ الإسلامي :
في السنة السادسة للهجرة ، كان الرسول عليه الصلاة السلام ، وألف وأربعمائة رجل من المسلمين ، قد أحرموا بالعمرة متوجهين إلى مكة ، فعلم مشركي قريش بذلك ، فخرجوا بخيلهم ، لصدّهم عن دخول المسجد الحرام . فسلك عليه الصلاة والسلام طريقا ، غير التي كان عليها ، حتى وصل إلى الحديبية ، بركت الناقة على غير عادتها ، فعلم عليه الصلاة والسلام ، أنها لن تعدو مكانها ، وبأن العمرة لم تُكتب لهم ذلك العام ، فأقام ومن معه فيها . فكان فيها الصلح الذي كان من بنوده ، حرمان المسلمين من أداء العمرة في ذلك العام ، على أن يعودوا لأدائها في العام المقبل ، فشُقّ ذلك على المسلمين ، ومنهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، الذي أراد قتالهم والدخول قسرا ، ولم تهدأ سَوْرة غضبه ، إلا بعض أن أُنزلت آيات سورة الفتح ، مُبيّنة الحكمة الإلهية ، التي غفل عنها بعض من أيّد قتال أهل مكة ، من الصحابة رضوان الله عليهم .
قال تعالى ( وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ ، وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ ، مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ، وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24) هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ، وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ، وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ ، لَمْ تَعْلَمُوهُمْ ، أَنْ تَطَئُوهُمْ ، فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ ، لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ ، لَوْ تَزَيَّلُوا ، لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25 الفتح ) ، فبالرغم من توافر الرغبة الإلهية في تعذيب الكفار ، وتوافر التأييد الإلهي للمسلمين في مواجهاتهم للمشركين ، وأسر المسلمين لمن خرج لصدّهم عن المسجد من مشركي قريش ، مُنع المسلمين من الدخول لمكة قسرا ، لئلا يُلحقوا الأذى بالمؤمنين ، غير المعلومين من أهل مكة ، وأنه لو كان هؤلاء ظاهرين ومعلومين ، لسُمح للمسلمين بقتال المشركين ، ودخول مكة قسرا .
قلنا في فصل سابق أن صفة دخول المسجد الأقصى ، في المرة الثانية مشابهة لصفة دخوله في المرة الأولى ، والدخول الأول كما علمنا ، كان من قبل البابليين . ولكن ما نود أن نؤكد عليه هنا ، أن ظروف الدخول الأول مختلفة ، عن ظروف الدخول الثاني ، فالدخول الأول ، وقع على كفرة اليهود وفسقتهم ، بعد أن قاموا بإخراج المؤمنين المستضعفين من ديارهم ، وإبعادهم إلى خارج حدود المملكة . وما نراه أمامنا على أرض الواقع في فلسطين ككل ، هو تداخل المدن الفلسطينية بالمدن اليهودية والمستوطنات ، واختلاط السكان من عرب ويهود ، في بعض المدن وخاصة في مدينة القدس . وهذا الواقع مشابه إلى حد ما ، ظروف مكة قبل الفتح ، حيث اختلاط المؤمنين سرّا بالكفار . وهذا مما ينفي ، والله أعلم ، استخدام القوة بشكل مفرط ، أثناء الدخول العراقي لفلسطين ، ومما ينفي وقوع مواجهة شاملة ، في حرب معلنة ومكشوفة ، ولنتعرف على الفكر العسكري ، لرسول الله عليه الصلاة والسلام ، في كيفية التعامل مع هذا الواقع ، وكيفية التدبير الإلهي في تنفيذ وعده ، سنعرض بعض الملامح من فتح مكة .
لما كان صلح الحديبية ، دخل بنو بكر في عقد قريش ، ودخلت خزاعة في عقد رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وكانت الهدنة . فاغتنمها جماعة من بني بكر ، في السنة الثامنة للهجرة ، فأصابوا من خزاعة ثأرا قديما لهم ، وكانت قريش قد رفدت بني بكر بالسلاح والرجال . فخرج نفر من خزاعة ، حتى قدموا على رسول الله عليه الصلاة والسلام ، فأخبروه بما أصيب منهم ، ومظاهرة قريش لبني بكر عليهم ، فوعدوا بالنصر ، ثم انصرفوا راجعين . فخرج أبو سفيان حتى قدم المدينة ، ليطلب الشفاعة ، ويشدّ في العقد ، ويزيد في المدة ، فرجع خائبا .
في تلك الأثناء ، أُمر المسلمون بالجهاد ، وأُخفيت جهة الخروج عن الناس في بادئ الأمر ، كما أُخفي موعد الخروج ، ثم إن رسول الله أخبر الناس ، قبيل خروجه بفترة قصيرة ، أنه سائر إلى مكة ، وأمرهم بالجدّ والتهيؤ ، وقال : " اللهم خُذ العيون والأخبار عن قريش ، حتى نبغتها في بلادها " . وكلنا يعلم قصة حاطب بن أبي بلتعه ، عندما حاول إعلام قريش بما كان من أمر المسلمين ، فكشف الله أمره عن طريق الوحي . وشاء الله ، فعُمّيت الأخبار عن قريش ، ونزل جيش الفتح بالقرب من مكة .
كان العباس عم الرسول عليه الصلاة والسلام ، قد أعلن إسلامه عند مقدم جيش المسلمين لغزو مكة ، ومما قاله حين نزل رسول الله مرّ الظهران : " واصباح قريش ، والله لئن دخل رسول الله مكة عنوة ، قبل أن يأتوه فيستأمنوه ، إنه لهلاك قريش إلى آخر الدهر " . فخرج العباس رضي الله عنه ، ليبحث عن رجل من قريش ، ليطلب لها الأمان ، من رسول الله عليه الصلاة والسلام ، خوفا من أن يُهلكها جيش المسلمين ، القادم للانتقام منها لنقض العهد ، فوجد صاحبه أبي سفيان ، فاستجلبه ليطلب الأمان . ولولا ما أُعطي أبو سفيان ، من الأمان لأهل مكة ، وإطلاق سراحه صباحا ، ليُخبرهم قبل دخول جيش المسلمين ، لهلكت قريش .
كانت قريش – بعد أن نقضت العهد – تتوقع خروج الرسول عليه الصلاة والسلام عليها ، ولكنّ معرفتها لوقت خروجه على وجه الدقة ، لم تكن متحصّلة ، لذلك لم تقم بالاستعداد للمواجهة ، وكانت تعتمد على خبر يأتيها من عمليات التجسس ، التي دأبت على القيام بها ، منذ نقضها للعهد ، للبدء في الاستعداد . ولكن ذلك الخبر لم يأت ، بمشيئة الله ، حتى كان صباح يوم الفتح ، على لسان أبي سفيان ، الذي كان قد أسلم ، داعيا أهل مكة إلى الاستسلام ، لا داعيا إياهم إلى النفير .
مقومات وظروف فتح مك

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد تركى
عضو / ة
عضو / ة
خالد تركى


الساعة الأن :
عدد المساهمات : 126
نقاط : 262
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 01/09/2010

كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية   كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Icon_minitime1الأحد 17 أكتوبر 2010, 12:19 am

مقومات وظروف فتح مكة :
كان مُحرّك الخروج على قريش ، هو الرغبة في الانتقام منها لنقضها العهد ، والثأر لبني خزاعة ، بالإضافة لدوافع أخرى ، أما رسول الله عليه السلام ، فكان أرحم بأهل قريش من أنفسهم .
1. توافر الوعد الإلهي لرسوله وللمؤمنين بالفتح .
2. إحاطة عملية الخروج بالسرية التامة ، لتوفير عنصر المباغتة ، مما حرم قريش من الاستعداد للمواجهة ، سواء بإعداد العدد والعدة ، أو بالاستعانة بما حولها من القبائل ، ممن كانوا على عداء مع المسلمين . مع العلم بأن المسافة ما بين المدينة ومكة ، تزيد على 400 كم ، وأن وسائل الانتقال كانت بدائية وبطيئة جدا ، ومع ذلك تمكّن المسلمون ، من الوصول ومباغتة أهل مكة ، من خلال الأخذ بالأسباب ، ومن ثم الاعتماد على التأييد الإلهي .
3. تأمين الكثرة ، لدب الرعب في قلوب المشركين ، وإجبارهم على الاستسلام لانعدام القدرة على المواجهة ، ولسحق أي مقاومة محتملة ، مهما كان حجمها ، حيث بلغ تعداد الجيش قرابة عشرة آلاف رجل ، وهو نفس العدد الذي استطاعت قريش ، وحلفائها من القبائل ، جمعه في غزوة الخندق ، وهو ما حُرمت قريش من فعله عند فتح مكة .
4. علم المسلمين التام ، بجغرافية مكة ومحيطها ، مما أفاد المسلمين قبل وأثناء الدخول .
5. والأهم من كل ما تقدّم ، هو التأييد والتمكين والتدبير الإلهي ، من البداية إلى النهاية ، لإنجاز ذلك الوعد .
ـ والآن لو طرحنا التساؤل التالي ، أليس من الممكن أن تتوفر ذات المقومات للعراقيين ، ليُنجز الله وعده لبني إسرائيل ؟!
1. توافر نفس المُحرّك للخروج ، وتوافر دوافع ومبررات أخرى طرحناها أعلاه .
2. توافر الوعد الإلهي بعقاب بني إسرائيل على أيدي العراقيين ، حتى لو لم يُذكروا بالاسم في النص القرآني .
3. توافر وحدة القيادة ، وقدرتها في هذه الحالة ، على إخفاء أمر الخروج ، من حيث توقيته وكيفيّته ، مما يضمن عنصر المباغتة .
4. القرب المكاني ، وتوافر آليات النقل الحديثة ، مما يضمن سرعة الوصول .
5. توافر الكثرة والاستعداد والتدريب المكثف ، فهذا هو ما يُشاهده القاصي والداني ، على شاشة التلفزيون العراقي مؤخرا . ولا يأخذ هذا الأمر على محمل الجدّ ، إلا يهود أمريكا وإسرائيل من المؤمنين بالنبوءات التوراتية ، لدرجة أن ( شارون ) سافر مؤخرا لأمريكا فقط ، لبحث أمر جيش الأقصى الذي يُعدّه الرئيس العراقي ، حيث وعدَه الأمريكان بالتكفل بأمره ، وطلبوا منه الاهتمام بالشأن الداخلي ، والعمل على تهدئة الأمور ظاهريا . ومربط الفرس ، أن العالم لا يُعير أدنى اهتمام للاستعدادات العراقية الجارية حاليا على قدم وساق ، وحتى أمريكا نفسها على ما يبدو تقلل من شأن هذا الجيش ، ولا تتوقع أن يقوم العراق بغزو إسرائيل برا .
6. توافر التجربة والخبرة الميدانية للقيادات العسكرية العراقية ، بمشاركتها في كافة الحروب العربية الإسرائيلية ، والحرب الإيرانية ، ودخولها المفاجئ للكويت .
7. توافر التأييد والتمكين الإلهي ، بتذليل السبل أمام العراقيين ، والتي من شأنها تحقيق هذا الوعد ، بالكيفية التي جاءت بها النصوص القرآنية .
صفة جيش البعث في التوراة :
ـ سفر يوئيل : " 1: 1: هذا ما أوحى به الرب إلى يوئيل بن فثوئيل : اسمعوا هذا أيّها الشيوخ ، وأصغوا يا جميع أهل الأرض ، …
1: 15: يا له من يوم رهيب ، لأن يوم الرب قريب ، حاملا معه الدمار من عند القدير ، … اصحوا أيها السكارى ، وابكوا يا جميع مدمني الخمر … فإن أمةً قوية قد زحفت على أرضي ، أُمة قوية لا تُحصى لكثرتها ، لها أسنان ليث وأنياب لبؤة ، …
2: 2: هو يوم ظلمة وتجهّم ، يوم غيوم مُكفهرّة وقتام دامس ، فيه تزحف أمة قوية وعظيمة ، كما يزحف الظلام على الجبال ، أمّة لم يكن لها شبيه في سالف الزمان ، تلتهم النار ما أمامها ، ويُحرق اللهيب ما خلفها ، الأرض أمامها جنة عدن ، وخلفها صحراء موحشة ، يثبون على رؤوس الجبال ، في جلبة كجلبة المركبات ، كفرقعة لهيب نار يلتهم القشّ ، وكجيش عات مُصطفّ للقتال . تنتاب الرعدة منهم كل الشعوب ، وتشحب كل الوجوه ، يندفعون كالجبابرة وكرجال الحرب ، … ، ينسلّون بين الأسلحة من غير أن يتوقفوا ، ينقضّون على المدينة ، ويتواثبون فوق الأسوار ، يتسلّقون البيوت ، ويتسلّلون من الكوى كاللصوص ، ترتعد الأرض أمامهم وترجف السماء ، … ، يجهر الرب بصوته في مُقدّمة جيشه ، لأن جُنده لا يُحصى لهم عدد ، ومن يُنفّذ أمره يكون مُقتدرا ، لأن يوم الرب عظيم ومخيف ، فمن يحتمله ؟! " .
ـ سفر حبقوق : " 1: 3: أينما تلفّت أشهد أمامي جورا واغتصابا ، ويثور حولي خصام ونزاع ، لذلك بطلت الشريعة ( تعطلّت ) وباد العدل ، لأن الأشرار يُحاصرون الصدّيق ، فيصدر الحكم مُنحرفا عن الحقّ .
" 1: 5: تأمّلوا الأمم وأبصروا ، تعجّبوا وتحيّروا ، لأني مُقبل على إنجاز أعمال ، في عهدكم ، إذا أُخبرتم بها لا تصدّقونها . فها أنا أُثير الكلدانيين ، هذه الأمة الحانقة المُندفعة ، الزاحفة في رحاب الأرض ، لتستولي على مساكن ليست لها ، أمّة مُخيفة مُرعبة ، تستمدّ حُكمها وعظمتها من ذاتها . خيولها أسرع من النمور ، وأكثر ضراوة من ذئاب المساء ، فرسانها يندفعون بكبرياء ، قادمين من أماكن بعيدة ، مُتسابقين كالنسر المُسرع ، للانقضاض على فريسته ، يُقبلون جميعهم ليعيثوا فسادا ، ويطغى الرعب منهم على قلوب الناس قبل وصولهم ، فيجمعون أسرى كالرمل . يهزءون بالملوك ويعبثون بالحكام ، ويسخرون من الحصون ، يجعلون حولها تلالا من التراب ، ويستولون عليها . ثم يجتاحون كالريح ويرحلون ، فقوة هؤلاء الرجال هي إلههم " .
" 2: 3 لأن الرؤيا لا تتحقّق إلا في ميعادها ، وتسرع إلى نهايتها ، إنها لا تكذب ، وإن توانت فانتظرها ، لأنها لا بدّ أن تتحقّق ، ولن تتأخر طويلا " .
اليهودي وصفة الجبن الملازمة له عبر العصور :
كلنا يعلم أن وجود إسرائيل وبقائها ، لا يعتمد في الدرجة الأولى على مقوّماتها الذاتية ، مهما بلغت قوتها العسكرية من عدة وعتاد ، فحصنهم المنيع هو أمريكا بقوتها وعظمتها ، والحصن الآخر هو الطوق الأمني من معاهدات السلام والأحلاف العسكرية ، التي سعوا جاهدين للتوقيع عليها مع دول الجوار . وهذين الحصنين هما ما يتكل عليه اليهود ، كضمانة لاستمرار وجودهم ، وشعورهم نسبيا بالأمان ، الذي يُمكّنهم من البدء ، في تنفيذ مشاريعهم التوراتية على أرض فلسطين .
أما اليهود في الحقيقة ، فليس لديهم عقيدة أو مبدأ ، ليبذلوا أرواحهم في سبيل الدفاع عنها ، كما هي الحال عند غيرهم من شعوب الأرض . لذلك تجدهم أشدّ الناس حرصا على الحياة ، فلا يُقاتلون إلا مجبرين ، وفي قرى محصنة أو من وراء جدر ، فعادة الخروج للقتال ليست من شأنهم ، أما الخروج للقتل وسفك دماء غير المقاتلين ، فهذا أكثر ما يستطيعون القيام به ، وعلى تخوّف من إصابتهم ، من قبل خصمهم الأعزل ، وهذا ما نشاهده على أرض الواقع هذه الأيام .
أما في حال المواجهة المعلنة المكشوفة ، فأول ما يُفكّر به الجندي الإسرائيلي المدجّج بالسلاح ، هو البحث عن ملجأ يتحصّن خلفه ، هذا إن تجرأ على القتال . وإن لم يجرؤ ، فأول ما يُفكّر به ، هو أن يولي الأدبار مطلقا لساقيه العنان ، هاربا إلى حيث لا يدري . فكيف إذا لم يكن هناك مواجهة ، بل غزو مفاجئ ، أتخيّل هذا الجندي وفور سماعه ، بأمر خروج أحفاد نبوخذ نصر ، من بابل وقبل اجتيازهم للحدود العراقية ، باتجاه إسرائيل ، وقد تسمّر في مكانه ، وتجمّد الدم في عروقه ، وشلّت أطرافه ، فلم يقو على حمل سلاحه . وخلاصة القول أن دولتهم محكوم عليها بالفناء ، منذ لحظة قيامها ، وهم يعلمون ذلك علم اليقين ، وأن الجندي الإسرائيلي ، مهزوم بالرعب من قبل أن تبدأ المعركة .
الكيفية المتوقعة لهذا الدخول :
على ما يبدو ، وبعد هذه القراءة المطوّلة ، أنه لن تكون هناك معركة معلنة ومكشوفة وطويلة الأمد ، تستخدم فيها الآليات الحربية ، من مدافع ودبابات وصواريخ وطائرات . وإنما غزو سريع ومباغت ، لجيش عرمرم ، بعدد هائل من الجند ، مُدرّبين على سرعة الانتقال والانتشار ، ومزودين بأسلحة خفيفة ، هم أشبه – كما تصورهم التوراة – باللصوص في خفة حركتهم وانسيابهم وتسلّلهم ، وبالنسور بسرعة انقضاضها ، وبالأسود في قوتها وجبروتها وبطشها . وقد لا يخلو الأمر ، من مواجهات ولكنها ستكون محدودة وقصيرة ، ربما لا تتعدى كسر الباب ، بمعنى أن العقبة الوحيدة التي ربما تواجه المهاجمين ، لا تعدو عن كونها ، مقاومة بسيطة على الحدود .
وكون هذا الهجوم مباغتا ، يُفهم من تحذير الإنجيل لليهود ، بأن من سمع بمحاصرة أورشليم بالجيوش ، إذا كان في الحقل ، فلا يرجع إلى المدينة ، وإذا كان على سقف المنزل ، فلا ينزل إلى أسفل ، ليجلب متاعا أو ما شابه ، أي أن هناك من سيسمع بهذا الغزو بعد خروجه إلى الحقل ، وأن هناك من سيسمع بالغزو ، بعد صعوده إلى سطح منزله ، والخروج من المدينة إلى الحقل والعودة ، ربما لا يتجاوز سويعات معدودة ، وأما الصعود إلى سطح المنزل والنزول عنه ، فربما لا يتجاوز دقائق معدودة . فالفارق الزمني قصير جدا ، ما بين الحالتين ، فالذي خرج إلى الحقل ، لم يكن يعلم بالغزو قبل خروجه ، والذي صعد إلى سطح المنزل ، لم يكن قد سمع بالغزو قبل صعوده .
ومن المحتمل أن يكون هذا الغزو ليلا ، ومن المحتمل أن يبدأ الهجوم ليل الجمعة ، لينتهي يوم السبت قبل الظهيرة ، استغلالا لانقطاع أغلب اليهود عن العمل ، بحجة التزامهم بشريعة حرمة السبت ، التي ما ألزم الله بها ، إلا أصحاب تلك القرية ، والله أعلم . وسينجم عن هذا الغزو ، تفريغ كامل لليهود من فلسطين ، سواء بالقتل أو الفرار ، وسيطرة كاملة ، على مساحة فلسطين كلها ، وبالتالي فرض واقع جديد ، يُعيد الأمور إلى نقطة الصفر ، أي ما قبل قيام إسرائيل بخمسين عاما ، أيام خلو فلسطين من اليهود ، والله أعلم .
ردود الفعل العالمية المتوقعة :
هذا الحدث ، السريع والمباغت ، المرعب والعجيب ، عندما يقع ، سيُصاب العالم بأسره بالذهول والشلل ، ربما لشهر أو لعدة أشهر ، وأول ما يُجابه به سماع خبره ، هو عدم التصديق ، وسيحتاج الغرب اليهودي الحليف لإسرائيل ، إلى وقت طويل ليفيق من هول الصدمة ، وليجد الغرب نفسه عاجزا ، عن القيام بأي رد فعل سريع ومؤثر للمساعدة ، فلا إسرائيل ولا يهود . أما من هم في الصف المناهض لإسرائيل وأمريكا من الشرق ، فسيصابون بنفس الشعور ، ولكن شعور لا يخلو من الشماتة باليهود إجمالا ، وبأمريكا بشكل خاص . أما اليهود إجمالا ، ويهود أمريكا بشكل خاص ، فسيصابون بخيبة أمل كبيرة ، وهم يرون أحلاهم التوراتية ، تتحول إلى سراب .
وبعد امتصاص الصدمة الأولى ، ستبدأ المواقف العالمية من هذا الحدث في التبلور ، لتجد أمريكا نفسها عندما تبدأ بالتحرك ، لإعادة إحياء الدولة اليهودية ، بدفع من سادتها اليهود المتربعين على عروشها ، أنها تغني منفردة خارج السرب العالمي ، الذي أضحى مؤيدا ومعجبا بما قدّمه العراقيون ، من حل سحري لتلك المشكلة المستعصية ، التي أرّقت جفون العالم طوال قرن من الزمان .
فالعرب من وجهة النظر العالمية ، التي باتت مطّلعة على أدق تفاصيل القضية الفلسطينية ، قد استعادوا أرضهم وحقوقهم ، وإسرائيل بما قدّمته من أعمال وحشية وهمجية ، خلال سنين عمرها ، ضد أرض فلسطين وشعبها ، وعدم استجابتها لقرارات الجهة التي أوجدتها ، لا تستحق الوجود والبقاء . فالحق هو عودة فلسطين إلى أهلها العرب ، والباطل هو وجود إسرائيل على أرض العرب ، فإذا جاء الحق وزهق الباطل ، فليس هناك مشكلة بالنسبة لمجمل دول العالم ، التي لا تقع تحت الانتداب الأمريكي اليهودي المعاصر ، فالمشكلة وُجدت بإقامة إسرائيل ، في قلب الوطن العربي ، وزالت هذه المشكلة بزوالها .
الوعد والموعد والواقع :
وبالعودة إلى الوراء قليلا ، نجد أن المسلمون استاءوا كثيرا ، عندما مُنعوا من أداء العمرة ، بصحبة رسول الله عليه الصلاة السلام ، في السنة السادسة للهجرة ، وما زاد في قهرهم هو ذلك الصلح ، الذي منع دماء المشركين منهم ، وأبقى المسجد الحرام في أيديهم ، لمدة عشر سنوات قادمة ، فعقّب سبحانه وتعالى على ذلك قائلا ( فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا … ) ، والذي كان يعلمه رب العزة مسبقا ، هو أنهم سيؤدون العمرة في العام التالي ، وأن هذا الصلح ، الذي استاءوا من عقده مع مشركي قريش ، وأضفى عليهم شعورا باليأس والإحباط ، سيكون هو نفسه ، سببا ومبررا لفتح مكة ، عند نقضه من قبل قريش بعد سنتين من إبرامه ، فعقّب بقوله ( … فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (27 الفتح ) .
حتى أكثر المسلمين إيمانا ويقينا وتفاؤلا ، لم يكن يتصور ، لحظة منعهم من أداء العمرة وإبرام الصلح ، بأن فتح مكة سيكون بعد سنتين فقط ، من تاريخ تلك اللحظة ، وبتلك الصورة الاحتفالية والمشرّفة ، لتكون تأدية فريضتي الحج والعمرة ، متاحة لهم في أي وقت شاءوا .
وبالنظر لواقع المسلمين في غزوة الأحزاب ، وهم قلة ، وقريش وقبائل الجزيرة بمشركيها ويهودها ، يتربصون بهم ريب المنون ، من الداخل والخارج ، هل كان ممن المكن أن يتصور أن هذه الحال ، ستنقلب رأسا على عقب ، بعد ثلاث سنوات ، فيغزو المسلمين مكة بعشرة آلاف مقاتل ؟
وبالرغم من اختلاف طبيعة الوعود الإلهية ، من حيث الثواب والعقاب ، إلا أننا نتحدّث هنا عن الوعد بحد ذاته ، لنقول بأن الوعد الإلهي ، لا يحدّه زمان ولا مكان ولا واقع ، ولا ننسى بأن وعد الآخرة ، هو وعد بعقاب اليهود في المقام الأول ، ولكن هناك أسباب ومسببات لا بد أن تأخذ مجراها ، قبل إتيان أمر الله .
قال تعالى
( وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ ، وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى ، لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ ، وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً ، وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (53 العنكبوت ) ، وقال ( هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا ، مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ ، لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ، مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا ، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ ، فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ، وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ، يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ ، فَاعْتَبِرُوا يَأُولِي الْأَبْصَارِ (2 الحشر )

وليتبروا ما علوا تتبيرا
قلنا في نهاية تفسيرنا لعبارة ( وليتبروا ما علوا تتبيرا ) : أن كل ما علا بنو إسرائيل عليه أو به أو فيه ، سيصله الدمار لا محالة ، لعموم لفظ العلو ، حتى علوهم في الغرب ، إذ أن الذي أبقى علوهم قائما ومستمرا في فلسطين ، هو علوهم في الغرب . ولذلك يصبح دمار الدول الغربية أمر محتما ، ليزول علو بني إسرائيل فيها أيضا بشكل نهائي ، وبذلك تنتفي تماما قدرتهم على العلو مرة أخرى ، إذ أن هذا العلو ، هو علوهم الأخير في الأرض .
ويؤكد سبحانه أن السبب ، في زوال هذا العلو ، هم اليهود أنفسهم ، حيث أن الله ، كان قد اشترط عليهم الإحسان لإدامة هذا العلو ، وحذرهم من زواله إن هم أساءوا ، وجاء هذا الشرط مباشرة ، قبل إخباره عن وعد الآخرة في الآية السابعة ، فاليهود حكموا على أنفسهم بالهلاك ، وعلى علوهم بالزوال :
أولا : وذلك لأنهم لم يُحسنوا ، بل على العكس ، من ذلك أساءوا ، ولم يألوا جهدا ، بالإفساد في الأرض ، ضاربين بالتحذير الإلهي عرض الحائط .
ثانيا : والأنكى من ذلك أنهم ، بأنهم قاموا بتوجيه رسالة أخرى لرب العزة ، ومؤداها يقول : بأننا سنفعل ما يحلو لنا ، وسنفسد في الأرض ، وسنمنعك من بعث عبادك الأشداء ، الذين تُهدّدنا بهم ، لأننا سنُبيدهم عن بكرة أبيهم ، قبل أن تُفكر في بعثهم ، مظهرين إصرارا عز نظيره في تحدّيهم لرب العزة ، بأن ينزل بهم ما وعدهم ، متّكلين على من هم دونه ، لحمايتهم ووقايتهم من أمر الله ، منكرين ربوبية الله وألوهيته ، وقدرته على تصريف أمور الكون ، وكذلك حقيقة البعث بعد الموت ، وهذه الأمور هي ما تتناوله سورة الإسراء ، على امتدادها ، من وجوه متعددة ، وبذلك تكون عداوتهم للعراق ، وعدوانهم عليه ، ورغبتهم في تدميره وإبادة أهله سببا ، في خروج أهل العراق عليهم ، انتقاما ودفعا لما يُحيق بهم من أخطار ، في حال استمر تواجد الدولة اليهودية على أرض فلسطين ، ليخربوا بيوتهم بأيديهم وأيدي المسلمين .
ثالثا : هي حرب الله عليهم ، لا حرب أحد ، ذلك بأنهم تحدوا الله ، وأعلنوا حربهم عليه ، وعلى كل من يؤمن به ، ربا وإلها واحدا أوحدا ، خاب وخسر الذين من دونه ، وأن رب العزة قبِل التحدّي ، وأعلن حربه عليهم ، وهذا ما تستشعره من خلال مجمل آيات سورة الإسراء ، ولكن لم يتبقّى إلا أن تحين ساعة الصفر ، ليروا من الله ما لم يكونوا يحتسبون .
وفي الأصل كما أوضحنا سابقا ، أن علوهم غير المسبوق في الغرب ، هو الذي أوجد علوهم في فلسطين لاحقا ، وإذا كانت النتيجة ، أي علوهم في فلسطين ، تستحق الزوال ، فالأولى أن يُزال المتسبّب فيها ، أي علوهم في الغرب ، حتى تنتفي فرصة ظهور تلك النتيجة ( أي العلو اليهودي ) مرة أخرى ، فكما أن زوال دولة إسرائيل أمر حتمي ، فزوال أمريكا أمر أكثر حتمية .
فاليهود لهم من حيث المكان إفسادين :
أولا : في فلسطين ، إفساد بسفك الدماء ، وإخراج الناس من ديارها ، والاستيلاء على ممتلكاتهم ، وإتلاف الأخضر واليابس ، ومنع مساجد الله أن يُذكر فيها اسمه ، والسعي في خرابها … إلى آخره .
وثانيا : في أمريكا والدول الغربية ، إفساد بنشر العقائد المادية الإلحادية ، وإشاعة الرذيلة والانحلال الخلقي والأخلاقي ، في شتى مناحي الحياة ، بالإضافة إلى تفريق الناس وتصنيفهم واستضعاف طوائف منهم ، وسومهم سوء العذاب ، لدرجة حرقهم وإبادتهم ، بالأسلحة التقليدية والنووية ، وعلى قاعدة الجزاء من جنس العمل ، لا شك لدي من أن كبرى المدن الأمريكية ، ستُضرب من السماء بصواريخ نووية ، أو بشهب من السماء ، مسببة دمارا كالدمار ، الذي أحدثته قنابلها المدن اليابانية ، ولكن على مدى أوسع بكثير .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد تركى
عضو / ة
عضو / ة
خالد تركى


الساعة الأن :
عدد المساهمات : 126
نقاط : 262
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 01/09/2010

كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية   كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Icon_minitime1الأحد 17 أكتوبر 2010, 12:26 am

زوال العلو اليهودي في أمريكا ، لن يتوانى كثيرا ، عن زوال العلو اليهودي في فلسطين :
قال تعالى ( ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ ـ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا ـ إِلَّا بِحَبْلٍ مِنْ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنْ النَّاسِ ، وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ ، … (112 آل عمران ) ، الذلة هي الضعة والانخفاض ، وهي نقيض العزة والعلو ، وأين ما ثقفوا ، أينما وجدوا ، في الأرض على امتداد رقعتها ، وخلاصة ما تقوله هذه الآية ، أن الشعب اليهودي كأمة وأفراد ، سيمرّ بخمسة مراحل ، هي ذات المراحل التي أشرنا إليها ، في نهاية الجزء الأول ، وهي على التوالي : ( ذل ، علو ، ذل ، علو ، ذل ) . ومن ذلك نفهم أن صفة العلو ، وهي المرحلة الرابعة ، ستزول عنهم في شتى بقاع الأرض ، سواء في إسرائيل أو في أمريكا ، أو فيما سواها من دول العالم ، ليدخل الشعب اليهودي بأسره ، في المرحلة التي تليها ، ولتعود إليه صفة الذل التي هي القاعدة ، أينما وجد أيضا ، وعلى مستوى الأفراد والجماعات ، حيث كان العلو استثناءً لمرتين فقط . ولن يتحصّل ذلك إلا بانكسار وزوال كل الدول ، التي يوجد بها علو يهودي ظاهر ، وفي مقدّمتها أمريكا .
ولو أننا نظرنا إلى أمريكا كدولة ، وما تقوم به حاليا ، نظرة مُتفحصّة وشاملة ، سنجد أنها فاقت فرعون ، في علوه واستعلائه وفساده وإفساده ، باحتضانها للعقائد اليهودية الشيطانية ، والسهر على تطبيقها وترويجها ، في الأرض على عمومها ، بالترغيب تارة وبالترهيب تارة أخرى .
والعقاب الإلهي الموعود به بنو إسرائيل ، كان للإفساد الناجم عن العلو ، وعلوهم الآن يتمثل في مكانين تحديدا ، هما فلسطين وأمريكا ، وفضلا عن ذلك ، فإن أمريكا المتعالية على شعوب الأرض ، وبصرف النظر عن كونها مكانا للعلو اليهودي ، ستكون هدفا مؤكدا لانسكاب الغضب الإلهي عليها ، بما يفوق الغضب الإلهي على إسرائيل ، وذلك لأن أمريكا ، تجمع ما بين علوين وإفسادين ، هما : العلو والإفساد اليهودي ، والعلو والإفساد الذاتي لها ، ليتأكد لنا أنها أولى من إسرائيل بالعقاب ، وبما هو أشد بأسا وأشد تنكيلا ، وهذا بإذن الله ، ما سنشهده في السنوات القليلة القادمة ، وما ذلك على الله بعزيز .
وقد يستغرب ويستنكر كثير ، من أمة الإسلام ، والأصح من المؤمنين بالإله ( أمريكا ) ، مجرد التفكير بأن أمريكا ستزول ، وكأنهم لا يقرءون قوله تعالى ( أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ، فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ، وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً ، وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ ، فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ، إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا (44 فاطر ) .
وقوله ( أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ، فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ ، كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَءَاثَارًا فِي الْأَرْضِ ، فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ ، وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (21 غافر )
ما بعد الغزو العراقي لإسرائيل :
بعد امتصاص يهود أمريكا والغرب للصدمة ، من جرّاء الكارثة التي حلّت ببني جلدتهم في فلسطين ، ستبدأ الماكينة اليهودية في الغرب ، في بذل أقصى طاقاتها ، وعمل ما بوسعها لإعادة عقارب الساعة ، قبل فوات الأوان ، من خلال الدبلوماسية في مجلس الأمن ، لشن حرب دولية تحت غطاء الشرعية الدولية ، لتحرير إسرائيل من العرب ، كما كان الأمر عند مطالبتهم بتحرير الكويت ، وستُفاجأ هذه الماكينة اليهودية ، ببرود وجمود شديدين ، لم يسبق لها أن واجهتهما ، من قبل معظم دول العالم ، لتُثبت عدم نجاعتها هذه المرة ، وستجد مشاريع القرارات الأمريكية والبريطانية والفرنسية ، فيما لو طُرحت ، معارضة شديدة من قبل روسيا والصين ، حتى لو تطلّب الأمر استخدام حق النقض من قبلهما ، خوفا من الدخول في مواجهة ، لا تُحمد عقباها مع العالم ، بين الغرب المسيحي والشرق المسلم .
وربما يأخذ الأمر قرابة السنتين بين مدّ وجزر ، حتى يستطيع اليهود تحريض أمريكا ، وبعض دول الغرب من حلف الناتو ، وحملها على تحريك أساطيلها ، باتجاه شواطئ البحر المتوسط ، لشنّ حرب مصيرية على العرب ، ضاربة بمجلس الأمن وغطاءه الشرعي - بعد اليأس من الحصول عليه - عُرض الحائط .
وعلى الجانب الآخر ، سيضطر العرب والمسلمون ، لتوحيد صفوفهم كرها من البعض ، وطواعية من البعض الآخر ، والانضواء تحت لواء واحد ، للدفاع عن الأقصى بعد عودته إلى حظيرة الإسلام ، وسيبدأ التقارب العربي الروسي الصيني ، على ما يبدو في التشكل ، إلى ما يُشبه الحلف العسكري ، وربما يكون باتفاقيات مكتوبة ، والله أعلم .
الحرب العالمية الثالثة ، والسيناريو المحتمل :
بوجود القيادة الحالية غير المتزنة لأمريكا ، وبتأييد من صهاينة الحزب الجمهوري ، سيتمكن اليهود أخيرا من جرّ أمريكا ، للدخول في مواجهة غير محسوبة ، مع العالمين العربي والإسلامي ، بدفع من العقائد الدينية المشوّهة ، فيما يخص وجود اليهود في فلسطين ، وعودة المسيح الثانية للنصارى والأولى لليهود ، بالإضافة إلى الرغبة في الانتقام للمكانة الأمريكية ، التي مُرّغت في التراب أمام العالم أجمع ، بزوال مسخها الخداج بطرفة عين ، دون أن يُعير العرب عظمة أمريكا وجبروتها أدنى انتباه .
في ظرف سنتين من استعادة العرب لفلسطين ، ستُعلن أمريكا ، حربها اليهودية الصليبية المقدّسة على العرب والمسلمين ، مما يُثير حالة من عدم الاستقرار في سائر أرجاء العالم ، وستبدأ المواقف العالمية من هذا الإعلان شيئا فشيئا ، بالتباين والتمايز ، بشكل لم يسبق له مثيل ، لينقسم إلى العالم معسكرين شرقي وغربي . يقف إلى جانب العرب معظم الدول المناهضة لأمريكا في الشرق وفي مقدمتها روسيا ، ويقف إلى جانب أمريكا دول حلف الناتو وملحقاته .
وعندما تبدأ أمريكا بحشد قواتها وأساطيلها في البحر الأبيض ، وتبوء كل المحاولات والتحذيرات والتهديدات العالمية ، لثني أمريكا عن عزمها بالفشل ، وتصبح المواجهة أمر لا مفر منه ، ستتطور المواقف الدولية فجأة ، وتتحول إلى أحلاف عسكرية ، بحيث تضطر وتنجرّ الكثير من الدول ، للمشاركة الفعلية في الحرب الدائرة ، وعلى ما يبدو أن أمريكا نتيجة لذلك ، ستفقد زمام السيطرة مبكرا ، وربما تلجأ إلى استخدام السلاح النووي ، في وقت ما بضرب بعض العواصم العربية ، كبغداد والقاهرة على سبيل المثال ، وربما يكون ذلك قبل الحرب البرية ، ظنا منها أن ذلك ، سيحسم المعركة لصالحها ، في وقت مبكر .
ولكن ما لن يكون في حساب أمريكا ، هو ردّ الفعل الروسي والصيني العنيف ، على استخدام أمريكا لهذا السلاح ، لتبدأ الصواريخ النووية الروسية وربما الصينية ، تنهال على أمريكا تباعا ، دون سابق إنذار ، لتبيدها عن بكرة أبيها ، هذا إن لم يُسقط عليها رب العزة ، كسفا من السماء . ومن ثم تبدأ الحروب البينية ، بين دول العالم المختلفة المتخاصمة ، فيختلط الحابل بالنابل ، لتشمل هذه الحرب معظم بقاع العالم . ولدخول الأسلحة النووية دائرة الصراع ، ستكون هذه الحرب سريعة وقصيرة وحاسمة ، ولكن حجم الدمار فيها سيكون هائلا جدا ، وستنتهي بالمواجهة البرية البحرية على سواحل فلسطين ، بين الغرب والشرق ، بانتصار العرب والروس نصرا مؤزرا ، بإذن الله .
تحالف الروس والعرب ونصرهم على عدو مشترك :
عَنْ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ ، قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ ، فَقَالَ : " اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ ؛ مَوْتِي ، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، ثُمَّ مُوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ ، حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا ، ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنْ الْعَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ ، فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً ، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا ) رواه البخاري ، وأخرجه أبو داود وابن ماجه وأحمد .
جاء في شرح هذا الحديث في فتح الباري : " قوله هدنة ، هي الصلح على ترك القتال بعد التحرك فيه ، قوله بني الأصفر ، هم الروم ، قوله غاية أي راية " .
يخبر هذا الحديث عن هدنة تكون بين المسلمين والروم ، والهدنة كما جاء في الشرح ، هي صلح على إيقاف القتال قبل اشتعال فتيله أو في بداياته ، ومن ثم يغدر الروم فيغزون ديار المسلمين ، بجيش قوامه ما يُقارب المليون جندي .
أما الهدنة وما يسبقها ، فيوضحه الحديث التالي :
عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ ، قَالَ : مَالَ مَكْحُولٌ وَابْنُ أَبِي زَكَرِيَّا ، إِلَى خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، وَمِلْتُ مَعَهُمْ ، فَحَدَّثَنَا عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، عَنْ الْهُدْنَةِ ، قَالَ : قَالَ جُبَيْرٌ : انْطَلِقْ بِنَا إِلَى ذِي مِخْبَرٍ ، رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَتَيْنَاهُ ، فَسَأَلَهُ جُبَيْرٌ عَنْ الْهُدْنَةِ ، فَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : " سَتُصَالِحُونَ الرُّومَ صُلْحًا آمِنًا ، فَتَغْزُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا مِنْ وَرَائِكُمْ ، فَتُنْصَرُونَ ، وَتَغْنَمُونَ ، وَتَسْلَمُونَ ، ثُمَّ تَرْجِعُونَ ، حَتَّى تَنْزِلُوا بِمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ ، فَيَرْفَعُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ النَّصْرَانِيَّةِ الصَّلِيبَ ، فَيَقُولُ : غَلَبَ الصَّلِيبُ ، فَيَغْضَبُ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، فَيَدُقُّهُ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ ، تَغْدِرُ الرُّومُ ، وَتَجْمَعُ لِلْمَلْحَمَةِ " ، رواه أبو داود ، وصحّحه الألباني وأخرجه ابن ماجه وأحمد والحاكم والبيهقي .
وتكملة للحديث ، في رواية أخرى بسند آخر لابن ماجه " فَيَجْتَمِعُونَ لِلْمَلْحَمَةِ ، فَيَأْتُونَ حِينَئِذٍ ، تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةٍ ، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا " .
جاء في شرح هذا الحديث في ( عون المعبود ) : " الروم جيل معروف ، في بلاد واسعة تضاف إليهم ، فيقال بلاد الروم ، ومشارق بلادهم وشمالهم الترك والروس والخزر ، وجنوبهم الشام والإسكندرية ، ومغاربهم البحر والأندلس ، وكانت الرقة والشامات كلها ، تعد في حدودهم أيام الأكاسرة ، وكانت أنطاكية دار ملكهم ، إلى أن نفاهم المسلمون إلى أقصى بلادهم انتهى ... فسأله جبير عن الهدنة ، أي الهدنة التي تكون بين المسلمين وبين الروم ، آمنا أي ذا أمن ، فتغزون أنتم ، أي فتقاتلون أيها المسلمون ، وهم أي الروم المصالحون معكم ، عدوا من ورائكم أي من خلفكم ، وقال السندي في حاشية ابن ماجه ، أي عدوا آخرين بالمشاركة والاجتماع ، بسبب الصلح الذي بينكم وبينهم ، فتُنصرون بصيغة المجهول ، وتغنمون بصيغة المعلوم أي الأموال ، وتسلمون من السلامة ، أي تسلمون من القتل والجرح في القتال ، ثم ترجعون أي من عدوكم ، حتى تنزلوا ، أي أنتم وأهل الروم بمرج ، أي الموضع الذي ترعى فيه الدواب قاله السندي ، وفي النهاية أرض واسعة ذات نبات كثيرة ، ذي تلول بضم التاء جمع تل ، وهو موضع مرتفع ، قاله القاري ، وقال السندي : كل ما اجتمع على الأرض ، من تراب أو رمل انتهى . فيقول أي الرجل منهم ، غلب الصليب أي دين النصارى ، فيدقّه ، أي فيكسر المسلم الصليب ، تغدر الروم أي تنقض العهد ، وتجمع أي رجالهم ويجتمعون للملحمة أي للحرب " .
هذا الحديث يُخبر بأن هناك صلحا آمنا ، أي لا قتال فيه ، سيكون بين المسلمين والنصارى ، لمدة من الزمن ، ثم يُقاتلون جنبا إلى جنب عدوا مشتركا ، فينتصرون بلا خسائر ، وبعد النصر يقع الخلاف بين المنتصرَيْن ، بسبب إدعاء أحد النصارى ، أن النصر كان للصليب دون الإسلام ، فيقتتل الطرفان ، ومن ثم يُفض الاشتباك ، وتعلن الهدنة ، ومن ثم يعود النصارى إلى ديارهم مضمرين الغدر ، ليعودوا في قادم في الأيام ، في جيش عرمرم ، لغزو المسلمين في زمن المهدي .
الروم قديما وحديثا :
نعلم أن الإمبراطورية الرومانية القديمة ، كانت قد انقسمت إلى قسمين شرقي وغربي ، واتُّخذت القسطنطينية عاصمة للجزء الشرقي ، وروما عاصمة للجزء الغربي ، وذلك قبل ظهور الإسلام بحوالي مائتي سنة ، وبقيت القسطنطينية عاصمة ، لمملكة الروم الشرقية منذ ذلك الوقت ، حتى تم فتحها ، على يد محمد الفاتح ، سابع السلاطين العثمانيين ، وبذلك اختفت مملكة الروم الشرقية إلى الأبد ، وأما سكان تركيا الحاليين فمعظهم من الأتراك المتأسلمون ، الذين يعودون في أصولهم إلى غرب الصين ، مع بقاء نسبة قليلة من النصارى فيها ، ذوي الأصول الرومية ، أما النسبة الأكبر من الروم ، فقد هاجرت وانتشرت ، فيما حولها من بلدان أوروبا الشرقية .
ولنذكر هنا أن المسلمين ، حاصروا القسطنطينية إحدى عشرة مرة ، ولم يتمكنوا من فتحها ، إلا بعد أن بدأت شمس العثمانيون الترك ، بالظهور فيما يُسمى بآسيا الصغرى ، بعد ضعف الدولة السلجوقية وانحلالها عام 1300م تقريبا ، فبدأت دولتهم بالاتساع غربا ، على حساب مملكة الروم الشرقية ، شيئا فشيئا ، حتى اقتصرت مملكة الروم الشرقية ، على القسطنطينية وضواحيها ، عندما تسلّم محمد الفاتح لمقاليد الحكم ، وهو الذي لم يتوانى عن فتحها سنة 1453م . ومن ثم استمرت فتوحات العثمانيين ، حتى شملت معظم بلدان منطقة البلقان ، في أوروبا الشرقية .
والمتتبع للتاريخ الحديث ، سيجد أن روسيا القيصرية بعد بزوغ شمسها ، أصبحت الوريث الأكبر ، لمملكة الروم الشرقية بعد زوالها ، حيث كانت وما زالت في القرون الأخيرة ، تحاول تنصيب نفسها كراعية وحامية ، لمصالح نصارى الشرق ذوي المذهب الأرثوذكسي ، وأخذت على عاتقها ، بعد أن اشتد عودها ، مهمة استعادة القسطنطينية من الأتراك ، ومن ثم إعادتها كعاصمة دينية للكنيسة الأرثوذكسية ، كما كانت في السابق ، وهو ما تحاول الاستئثار به حاليا ، الكنيسة اليونانية الموالية للغرب . وفيما يلي بعض البنود التي جاءت في وصية بطرس الأكبر ، المؤسس الحقيقي للملكة الروسية ، في أواخر القرن السابع عشر ، من كتاب ( تاريخ الدولة العثمانية ) لفريد بك المحامي :
" البند التاسع : ينبغي التقرب بقدر الإمكان ، من استنبول والهند ، وحيث انه من القضايا المسلمة ، أن من يحكم على استنبول ، يمكنه حقيقة أن يحكم على الدنيا بأسرها ، …
البند الحادي عشر : … ، وحينما نستولي على استنبول ، علينا أن نسلط دول أوروبا القديمة ، على دولة النمسا حربا ، أو نُسكن حسدها ومراقبتها لنا ، بإعطائها حصة صغيرة من الأماكن ، التي نكون قد أخذناها من قبل ، وبعدها ، نسعى إلى نزع هذه الحصة منها .
البند الثاني عشر : ينبغي أن نستميل لجهتنا جميع المسيحيين ، الذين هم من مذهب الروم ، المنكرين لرياسة البابا الروحية ، والمنتشرين في بلاد المجر والممالك العثمانية ، ونجعلهم أن يتخذوا دولة روسيا مرجعا ومعينا لهم ، ومن اللازم قبل كل شيء ، إحداث رياسة مذهبية ، حتى نتمكن من إجراء نوع من السلطة الدينية عليهم … " .
المذاهب النصرانية :
كل النصارى بلا استثناء أعداء للإسلام والمسلمين ، ولكن بالنظر إلى الطوائف الثلاثة الكبرى ، المهيمنة على العالم المسيحي ، نجد أن معتنقي المذهب البروتستانتي ، والذي تُمثّله أمريكا وبريطانيا وهولندا ، هم الأشدّ عدواة وكراهية للمسلمين والعرب بشكل خاص ، والمعروفين بميلهم وتأييدهم لليهود . ويليهم في ذلك معتنقي المذهب الكاثوليكي ، والذي تُمثّله فرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا وباقي الدول الغربية ، وأقلّهم عدواة وكراهية هم معتنقي المذهب الأرثوذكسي ، والذي تُمثّله روسيا ودول أوروبا الشرقية .
والمتتبع للتاريخ القديم والحديث ، سيجد أن الطوائف المسيحية الثلاثة على خلاف دائم ، وأن العداوة والبغضاء ، مستفحلة وذات جذور عميقة ، فنصارى الشرق الأرثوذكس ، لم ينسوا ولم يغفروا ، لنصارى الغرب من الكاثوليك ، ما أوقعوه بهم من مذابح في حملات الغرب الصليبية ، ولم يقبلوا مؤخرا اعتذار البابا عنها . والعداوة والبغضاء مستفحلة ، حتى بين الكاثوليك والبروتستنت من جهة أخرى ، كما هو الحال في أيرلندا الشمالية ، وهذا ما أخبر عنه سبحانه وتعالى في قوله ( وَمِنْ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ، أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ ، فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ، فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ ، إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمْ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (14 المائدة ) ، وهذه العداوة والبغضاء لا انقطاع لها ، مستمرة إلى يوم القيامة ، وهذا ما أكدّه التاريخ الأوروبي القديم والحديث .
والمتتبع للتاريخ الإسلامي والعربي ، سيجد أن ما تُخبر عنه هذا الأحاديث النبوية أعلاه ، من شأن مصالحة المسلمين أو العرب للنصارى ، والتحالف معهم ضد عدو مشترك ، وتحصّلهم معا على النصر والغنيمة والسلامة ، ومن ثم الاختلاف ، وإضمار الغدر ، وعودة الروم لمقاتلة المسلمين ، لم يكن قد تحصّل قديما أو حديثا . وبما أن الدنيا تعدّ سنواتها الأخيرة ، وأشراط الساعة الكبرى باتت على الأبواب ، فلا شك أن هذه الحرب ، التي سيخوضها المسلمين والنصارى جنبا إلى جنبا ، ضد عدوهم المشترك ، للمرة الأولى والأخيرة ، ستقع في وقت قريب . والأحاديث النبوية ، تُخبر أن هناك ثلاثة أطراف ؛ المسلمون ، والروم ، وعدو مشترك للمسلمين والروم .
وبما أن هذا الحدث سيقع ضمن معطيات الواقع الحالي ، ومن خلال قراءة الواقع ، في ضوء ما أخبرت عنه الأحاديث ، سنجد أن الروم ما زالوا ينقسمون إلى قسمين :
• نصارى الشرق من معتنقي المذهب الأرثوذكسي ، وهم المُقيمون إجمالا في أوروبا الشرقية ، أو دول حلف وارسو القديم ، الذي كانت فيه الزعامة ، وما زالت للدولة الروسية .
• نصارى الغرب من معتنقي المذهب البروتستانتي والمذهب الكاثوليكي ، وهم المقيمون إجمالا في أمريكا وأوروبا الغربية ، أو دول حلف الناتو بزعامة أمريكا .
وكلا الفريقين يُكنّ عداوة مذهبية ، قل نظيرها ، للفريق الآخر . ولو نظرنا إلى الواقع الحالي ، لوجدنا أن أمريكا وبريطانيا وفرنسا ، هي الدول الأشدّ عداءً للعرب والمسلمين ، منذ حروبهم الصليبية الأولى ، التي كانت تقودها فرنسا بصفتها الراعية للمذهب الكاثوليكي ، منضويا تحت لوائها كل من ألمانيا وإيطاليا وإنكلترا ، وحتى حروبهم الاستعمارية في العصر الحديث بقيادة أمريكا ، وما موالاة هذه الدول لبعض الدول العربية إلا مداهنة ، من قبيل الحرص على مصالحها فقط ، بل هي أكثر مقتا واحتقارا وامتهانا ، لتلك الدول نفسها من غيرها . ولوجدنا أيضا أن الروس ، ونصارى الشرق إجمالا ، ممن يعتنقون المذهب الأرثوذكسي ، هم الأقلّ عداءً للعرب والمسلمين من مجموع المذاهب النصرانية .
لنخلص إلى القول ، بأن الفريق الذي سيكون حليفنا في المعركة القادمة هم الروس ، ضد عدونا وعدوهم المشترك ، أمريكا ومن شايعها من دول حلف الناتو . وأن هذا التحالف بين الروس والعرب ، سيحصل بدافع المصالح أولا ، وعلى قاعدة عدو عدوي صديقي ثانيا ، وليس حبا بالعرب أو بالمسلمين ، ولكن لتعارض مصالحهم مع مصالح الأمريكان ، ولكراهية الروس المذهبية لأمريكا واليهود .
هذه الحرب الأبشع في تاريخ البشرية ، أجد أحداثها ونتائجها موصوفة في كثير من الآيات ، في مطالع سور كثيرة من سور القرآن ، والتي يعتقد معظم الناس ، أنها تُخبر عن أحداث يوم القيامة ، ومنها اشتعال البحار ، واضطراب السماء ، وزلزلة الجبال وانهيار بعضها ، وحتى الأسلحة المستخدمة في الحروب الحديثة ، كان سبحانه قد أخبر عنها ، أيضا في مطالع السور ، فالطارق هو الصاروخ ، والعاديات هي الدبابات ، وربما نفرد لهذا الأمر بحثا خاصا ، إن شاء الله ، في وقت لاحق ، وسيكون متوافرا على نفس موقع الكتاب ، هذا إن أسعفنا الوقت ، وكان في العمر بقية .
النتائج المتوقعة للحرب العالمية الثالثة :
1. تدمير عدد كبير من المدن الكبرى ، وخاصة في أمريكا ومن شايعها من الدول في الشرق والغرب .
2. ارتفاع هائل ومفاجئ ، في درجة حرارة الأرض نتيجة التفجيرات النووية ، ذوبان الكتل الجليدية القريبة من القطب الشمالي للكرة الأرضية ، وتبخر مياه المحيطات والبحار ، وعودتها على شكل أمطار غزيرة ، مما يتسبب في طوفان كبير ، أشبه ما يكون بطوفان نوح عليه السلام ، وبالتالي اختفاء بعض البلدان والجزر غرقا .
3. اختفاء معالم الحضارة الغربية ومظاهرها ، من خلال الموت البطيء للتكنولوجيا المتبقية ، لعدم القدرة على تجديدها ، بكسر حلقة أو أكثر من حلقات سلسلة إنتاجها ، ( نفط _ كهرباء _ تقنية _ كهرباء _ نفط ) .
4. عودة منطقة الشرق الأوسط كبؤرة للنشاط والصراع العالمي ، كما كانت في العصور القديمة .
5. عودة عصور الجاهلية الأولى ، في أبشع صورها ، بما فيها من ظلم وجور وفساد وإفساد ، والله أعلم .
قال تعالى
( وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4)
مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5)
فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى ءَاثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6)
إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7)
وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (8)
( الكهف )




كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 15941604157516011575160
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد تركى
عضو / ة
عضو / ة
خالد تركى


الساعة الأن :
عدد المساهمات : 126
نقاط : 262
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 01/09/2010

كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية   كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Icon_minitime1الأحد 17 أكتوبر 2010, 12:28 am

وجعلنا لمهلكهم موعدا
كان جلّ اهتمامي في البداية محصورا ، لإثبات نظرية زوال دولة إسرائيل قبل ظهور المهدي ، ومن ثم معرفة هؤلاء العباد ، الذين سيكونون سببا في زوالها ، والكيفية التي ستزول بها ، ولم أكن قد فكّرت في بحث مسألة معرفة موعد زوالها ، إلا بعد أن اطّلعت على كتاب ( زوال إسرائيل عام 2022م ) للكاتب بسام جرار ، والذي كان قد بحث هذا الأمر من قبل . وجدت أن الكاتب توغل في حسابات كثيرة ومعقّدة ، كانت أحيانا عصيّة على الفهم والمتابعة ، وأنّ محاولته لتحديد موعد زوال إسرائيل ، من خلال تلك الحسابات غير مقنعة . ولكنّ طرحه لفكرة استخراج الموعد ، من سورة الإسراء ، أمر لفت انتباهي ، وأوجد لدي الدافع للبحث في أمر العدد والحساب ، لاستخراج موعد زوال الدولة اليهودية .
مسألة العدّ في القرآن :
أغلب رجال الدين إلا من رحم ربي ، يُنفّرون من مسألة العدّ في القرآن ، ومنهم من يُنكر ذلك جملة وتفصيلا ، وربما يذهب البعض إلى اتهام من يبحث في هذا الأمر ، بالسحر والشعوذة والتنجيم . بالرغم من ذلك فإن هذا النوع من الإعجاز ، الذي يُظهر ما يكتنفه القرآن ، من توافق وترابط عددي لغوي ، بدأ مؤخرا يفرض نفسه بشكل ظاهر ، وصدرت فيه بعض الكتب والمؤلفات حديثا .
ويتذرّع البعض في معرض إنكاره واستنكاره ، لمسألة العدّ في القرآن ، بعدم وجود ، خبر صريح وصحيح ، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ، أتى من قريب أو بعيد على ذكر هذه المسألة ، ولكن في المقابل ، هل يوجد خبر أو حتى أثر ، يُنكر وجود الإعجاز العددي في القرآن ، أو ينهى عن البحث في أمر إثباته وبيانه ، وهل وضع رسول الله عليه الصلاة والسلام ، تفسيرا للقرآن أو كتابا بيّن فيها أوجه الإعجاز كلها ، فلم يترك المجال لباحث أو مجتهد ؟! وهل نجعل من استغلال أشخاص أو طوائف ، للأعداد الواردة في القرآن ، بشكل غير سوي ، عقبة في طريق بحث هذه المسألة .
وأما الفترة الزمنية التي سينفذ فيها وعد الآخرة ، والتي سنكشف عنها في هذا الفصل ، فنحن لم نقم بتحديدها ، فهي محددة أصلا من قبله سبحانه وتعالى ، في سورة الإسراء ، وكل ما قمنا به ، هو الكشف عن هذه الفترة الزمنية ، وقراءتها بشكل صحيح ودقيق . وبما أن القرآن جاء بكل هذه التفاصيل ، من حيث ماهية العباد وكيفية الدخول وموعده ، وبالرغم من كونه حدثا مستقبليا ، فإن حيثيات هذا الوعد ، لم تعد بوجودها في القرآن غيبا على الإطلاق ، وقراءة وفهم ما هو معلوم ، إذا اعترى الإنسان قصور في القراءة أو الفهم ، لا يٌقال عنه كشفا للغيب ، إلا إذا كان ذلك من قبيل تعزية الإنسان لنفسه ، فذلك شأن آخر .
ورد في القرآن والسنة ، الكثير من النبوءات المستقبلية ، وفيما يلي سنطرح مثالا ، ربما يجعل هذا الفصل قابلا للهضم والفهم ، فلنأخذ على سبيل المثال ، النبوءة المستقبلية ، بانتصار الروم على الفرس ، في سورة الروم ، حيث قال تعالى ( غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ ، وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ ، لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ، وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ ، يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ ، لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ، وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7)
1. جاء النص القرآني ، بفعل ماض مبني للمجهول ، فأظهر المغلوب ولم يظهر الغالب .
2. وأضاف نبأ جديدا ، وهو غلبة الروم مستقبلا ، لمن غلبهم في الماضي .
3. وحدّد فترة زمنية لتحقّق ذلك ببضع سنين .
4. وأفاد بأن المؤمنين سيفرحون عند تحقّق هذا الأمر .
5. وأكدّ على أنه وعد من الله ، وأن الله لا يُخلف وعده .
6. وعقّب بقوله ( ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون ) ، مما يكون من أمر الله .
7. وأما ما يعلمه الناس ، فهو ظاهر الحياة الدنيا ، أي الواقع الذي يستشعرونه بحواسهم فقط .
8. أما أمر الغيبيات ، التي أخبر عنها سبحانه في كتابه ، ومنها الحياة الآخرة فهم عنها غافلون .
فلو قلنا بأن هذه النبوءة تقول : بأن الروم سيهزمون الفرس في فترة زمنية ، تتراوح ما بين [ 3 – 9 ] سنوات ، سيقول من لم يعلم بظروف هذه النبوءة ، ولم يعلم التاريخ ، ولم يعلم أن البضع في لغة العرب يساوي ( 3 – 9 ) ، أن هذا النص غير مكتوب في القرآن ، فكيف عرفت أن الذين سيُهزمون هم الفرس ؟ وأن ذلك سيتم في فترة ، لا تقل عن 3 سنوات ، ولا تزيد عن 9 سنوات ؟
نلاحظ أن هذه النبوءة كانت واضحة بالنسبة للمسلمين ، من حيث من سيغلب من ، ولكن زمن التحقّق جاء فضفاضا ، إذ لم يشأ سبحانه مع علمه ، الكشف عن الزمن بشكل دقيق ، ولكنه أعطى فترة زمنية على مدى 6 سنوات تقريبا ، ليترك المجال لجريان الأسباب والمسبّبات ، التي من شأنها أن تترجم النبوءة على أرض الواقع ، دون تعطيل من البشر ، من جرّاء العلم المسبق بحيثياتها .
ولو تمعنّا في التعقيب الأخير في الآية (7) ، الذي جاء فيها على مجمل ، ما أخبر عنه سبحانه في الآيات السابقة لها ، ستجد أن هناك حكمة إلهية ، من الإخبار عن شأن هذا الحدث المستقبلي . ألا وهي زفّ البشرى للمؤمنين ، بحتمية النصر مستقبلا ، فكما تحقّقت هذه النبوءة وهذا الوعد ، على أرض الواقع ، فسيُنجز الله كل ما وعد به في كتابه الكريم ، ليزداد المؤمنون إيمانا ويقينا ، بصدق كل ما حواه هذا الكتاب ، من شأن الدنيا والآخرة ، ماضيا وحاضرا ومستقبلا ، وصدق من أنزله ، وصدق وأمانة من أُرسل به ، هدى ورحمة للعالمين .
وتراوحت غايات الإخبار عن أنباء المستقبل ، ما بين البشارة والنذارة ، وأهم الأنباء المستقبلية ، التي يريد رب العزة أن يتيقن منها الناس ، هي اليوم الآخر ، بما فيه من بعث وحساب وثواب وعقاب ، وهذه الحقيقة تكاد لا تخلو أي من سور القرآن ، من ذكرها والتذكير بها ، إذ أن مؤدى إنكار اليوم الآخر ، حتى ولو قُرن مع الإيمان بالله ، هو عبث وعبثية ، ليُصبح إحسان الإنسان ، مرتبط بما يتحصّل عليه من مكاسب دنيوية فقط ، وبذلك يفسد الناس وتفسد الأرض ، فيحل بهم الهلاك ، ولذلك عقّب سبحانه ، بعد الإخبار عن هذه النبوءة بقوله ( … وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ، وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7 الروم ) .
وقد جاءت أخبار النبوءات المستقبلية في القرآن والسنّة مسبقا ، لتتحقّق في أزمان يكون المؤمنين فيها ، بأمس الحاجة لما يقوي إيمانهم ، ويُثبّتهم على دينهم ، ويشدّ من أزرهم ، في مواجهة أهل الكفر والفسوق والعصيان ، كما هو الحال مع النبوءة السابقة . وجاءت أيضا لتتحقّق في أزمان يكاد فيها الإيمان ، أن يلفظ أنفاسه الأخيرة ، لتُعيد له الحياة في قلوب أصحابه ، ولينفضوا ما علق بأرواحهم ، وما أغشى أبصارهم وبصائرهم ، من رماد هذه الدنيا ، التي أوشكت على الفناء . فإذا ما عاصر الناس ، تحقّق نبوءة على أرض الواقع ، مما أخبر به القرآن ، أثبت هذا القرآن للناس ، بشكل قاطع وملموس محسوس ، بأنه من لدن حكيم عليم ، عالم للغيب والشهادة ، وأن لا بد للناس من المثول بين يديه ، فالموت ليس نهاية المطاف ، بل هو بداية رحلة لا نهاية لها ، من الشقاء أو من السعادة .
سورة الكهف :
كنت قد قرأت فيما سبق ، بعضا من كتب الإعجاز العددي في القرآن ، ومن ضمنها كتاب بسام جرار بعنوان ( إعجاز الرقم 19 ) ، حيث قال بسام جرار فيه :
(( كنت أقرأ سورة الكهف ، فخطر ببالي أن أحصي الكلمات ، من بداية قصة الكهف ( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ ) ، وعندما وصلت إلى الآية (25) : ( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ) ، وإذا بالكلمة ، التي تأتي بعد هذه العبارة مباشرة ، هي الكلمة رقم (309) ، ونحن نعلم أنهم لبثوا في كهفهم (309) سنوات ، كما نص القرآن الكريم )) . كان هذا نقلا حرفيا ، لما جاء في الكتاب ، وكان هذا الكتاب ، سابقا لكتاب ( زوال إسرائيل ) بعدة سنوات .
عندما قرأت هذه المعلومة ، أحببت أن أتأكد من صحتها ، فقمت بإجراء نفس عملية الإحصاء آنذاك ، فتبيّن لي صحة الخبر . ظننت في بادئ الأمر ، أن المقصود هو إظهار التوافق العددي اللغوي ، ما بين عدد السنين التي لبثها هؤلاء الفتية في الكهف ، وعدد كلمات القصة التي تروي خبرهم ، وهو بحدّ ذاته شيء جميل وعجيب . ولكن عندما رغبت في البحث ، في مسألة زوال إسرائيل فيما بعد ، حيث لم أقتنع بحسابات بسام جرار ، أصبح لهذا المثال المطروح في سورة الكهف ، معنىً أخرا .
تصفّحت سورة الإسراء مرارا وتكرارا ، ولفت انتباهي أن موضوع السورة بشكل عام ، هم بني إسرائيل أنفسهم ، " وبني إسرائيل " هو الاسم التوقيفي للسورة ، كما ورد في جميع الأحاديث والروايات ، التي جاءت على ذكرها ، وأما ما تُركّز عليه السورة بشكل خاص ، هو قصة المرتين ، وما فيهما من إفساد وعلو ووعد كل منهما ، والملاحظ أن القصة لها بداية ولها نهاية . قمت بالمقارنة بين القصتين ، وفي مخيلتي تساؤل مفاده ، أليس من الممكن أن يكون سبحانه ، قد طرح هذا المثال الموجود في سورة الكهف ، لكي نقوم بتطبيقه في سورة الإسراء ، لاستخراج موعد هلاك بني إسرائيل في المرة الثانية .
وجعلنا لمهلكهم موعدا :
تُركّز سورة الإسراء بشكل كبير ، على ذكر وعد الآخرة ، وهو وعد بهلاك بني إسرائيل وزوال دولتهم ، وهذا الوعد له موعد ، ويقول سبحانه وتعالى في سورة الكهف ، التي تلي سورة الإسراء مباشرة ( … ، بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (48) … ، بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ ، … (58) وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا ، وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا (59) ، هذا التكرار لكلمة موعد ، والتأكيد على أن هناك موعد ، أمر ملفت للنظر . حاولت في البداية إيجاد أوجه الشبه بين السورتين ، ومن ثم عُدّت إلى سورة الكهف ، وقمت بدارسة وتحليل المثال المطروح فيها ، فوجدت نفسي أمام درس إلهي ، في رياضات من نوع آخر . خرجت منه بعدة قواعد رياضية ، فتملكني شعور آنذاك ، أن هذا المثال ، إنما وُضع ليكون بمثابة مفتاح ، للكشف عن موعد هلاك بني إسرائيل ، في سورة الإسراء .
قصة أصحاب الكهف :
بعد إطلاعي على قصة أصحاب الكهف ، من خلال كتاب ( أهل الكهف ) ، لإحدى دور النشر الأردنية – لا أذكر اسم المؤلف - الذي يؤكد فيه المؤلف ، أن الكهف المعني ، هو الكهف الموجود ، بالقرب من مدينة مادبا الأردنية ، وأن أحداث القصة ، وقعت بعد وفاة عيسى عليه السلام ، وقبل بعث محمد عليه الصلاة والسلام ، حيث كانت الإمبراطورية الرومانية الوثنية آنذاك ، مسيطرة على المنطقة ، وأن القضية التي كانت مطروحة آنذاك ، هي مسألة البعث بعد الموت ، التي كان ينكرها الوثنيّون الرومانيون ، واليهود الخاضعين لسيطرتهم كذلك .
والحكمة من جرّاء تنويمهم ، ومن ثم بعثهم ، ومن ثم العثور عليهم من قبل أهل المدينة ، كانت لإثبات البعث بعد الموت ، لدى أُناس ذلك العصر ، من وثنيون ويهود ، وهذا ما يُخبر عنه سبحانه وتعالى صراحة ، في قوله ( وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ ، لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ، وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا ، إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ … (21) أي أن الله أعثر أُناس تلك المدينة المجاورة للكهف ، لكي يعلم أولئك الناس ، بـ ( أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ _ بالبعث بعد الموت _ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا ) . ومجيء قصة أصحاب الكهف في القرآن ، لم يكن في الأصل ، لطرح التساؤلات عن عددهم وعن مدة لبثهم ، فهذا أمر لا طائل منه ولا فائدة فيه ، فهو سبحانه ينهى عن ذلك بقوله ( فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرَاً وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدَاً (22 الكهف ) ، وقد قرّر سبحانه عددهم ، بقوله ( وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ( 22 الكهف ) ، إذ استثنى هذه العبارة من قوله ( رجما بالغيب ) ، واقتصرها على الأقوال السابقة فقط . وأما مدة لبثهم فقد قرّرها في قوله ( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25) ، وقوله ( قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ، لَهُ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ (26 الكهف ) ، تأكيد على أن ما أخبر عنه ، من مدة لبثهم هو الحق ، فهو أعلم بغيب الماضي والمستقبل ، كما أكدّ على إخباره عن عدّتهم فيما سبق .
لا يُمكن إحصاء عدد السنين :
نخلص من ذلك ، إلى أن المسألة المراد التركيز عليها ، هي شيء آخر غير إحصاء عددهم أو مدة لبثهم ، هي إشارات لدرس رائع في الرياضيات الإلهية ، ولتوضيح هذا الدرس ، سنبدأ مع بداية القصة ، حيث لخّص سبحانه القصة كاملة في أربع آيات ، في قوله ( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ ءَايَاتِنَا عَجَبًا (9) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا ءَاتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10) فَضَرَبْنَا عَلَى ءَاذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12) ، هذا الملخّص يقول : أن أصحاب الكهف فتية ، لجئوا إلى الكهف ، وطلبوا من ربهم أن يرحمهم ، وأن يُهيئ لهم سبيلا للنجاة من قومهم ، فأسلمهم سبحانه للنوم في الكهف ، عددا من السنين ، ثم بعثهم ، ثم علّل أمر نومهم ثم بعثهم ، بأنه يريد أن يعلم ، من أحصى ممن لم يُحصِ مدة لبثهم في الكهف ، من عدد السنين .
وتعليل النوم والبعث حقيقة ، كنا قد أوضحناه سابقا ، ولكن الملفت للنظر هنا هو تعليل البعث ، في بداية القصة على غير الوجه الحقيقي له ، بقوله تعالى ( لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا ) ، إذ لا يُعقل أن يكون المقصد الحقيقي ، هو معرفة من أحصى مدة اللبث ممن لم يُحصِها . وفي الواقع ، فإن الأمد ( أي الفترة الزمنية ) لا يُحصى إحصاءً ، وإنما يتحصّل بالحساب . ولو فكّرت في معنى الإحصاء رياضيا ، لوجدت أن هذا الذي جاء في الآيتين ، غير منطقي من الناحية الرياضية العملية ، فعملية الإحصاء والعدّ لا يمكن القيام بها ، إلا إذا كان المراد إحصاءه أو عدّه ، ماثل أمامك عيانا ، كأن تحصي مجموعة من الأشياء . أما أن تحصي شيئا ، لا تلمسه بيديك أو تراه بعينيك ، فهذا أمر مستحيل . وأما بالنسبة للسنين ، فلا يُمكن بأي حال من الأحوال إحصائها أيضا ، لأنها ليست أشياء قابلة للعدّ ، وإنما تتحصل معرفتها بالحساب ، فهي نتيجة لجمع عدد من الشهور ، والشهور نتيجة لعدد من الأيام ، وعلى سبيل المثال ، إذا أردت معرفة عمر شخص ما ، أو عمر أُمّة ما ، فما ستقوم به هو عملية طرح للتواريخ ، لتحصيل عدد السنين ، التي تُمثّل عمر ذلك الشخص ، أو عمر تلك الأمة .
الإحصاء لمدة اللبث :
وبالتالي نستطيع القول بأن هذا التركيب اللغوي ، جاء ليلفت انتباهنا إلى ما جاء في هذه القصة ، من إعجاز عددي لغوي ، ولإحصاء أشياء ماثلة أمام أعيننا ، ألا وهي كلمات القصة ، التي توافق عدد السنين ، التي لبثها أصحاب الكهف في كهفهم ، والتي إن قمت بإحصاءها ، ستكون في الحقيقة قمت بعدّ مدة اللبث بالسنين ، لأن عدد الكلمات يوافق عدد السنين ، ويقول سبحانه تعقيبا على هذا الإعجاز ، فيما يلي القصة من آيات ( لَهُ غَيْبُ الْسَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ) ، أي ما كشفه من شأن هؤلاء الفتية من غيب الماضي ، ( أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ (26) وكأنه حثّ على إمعان النظر ، فيما بين يديك من إعجاز ، وكشفه والإخبار عنه ، ويؤكد سبحانه من خلال هذا التوافق العددي أن ( لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِه ( 27 الكهف ) ، كما أكدّ أيضا في سورتي الأنعام ويونس بقوله ( وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ (34) ، ( لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ (64) ليتبين لك أن لا تبديل لمواقع الكلمات فيه ، ولا زيادة فيه ولا نقص ، وهذا ما تثبته هذه السورة ، وسورة الإسراء أيضا ، مصداقا لقوله تعالى ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الْذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9 الحجر ) ، وقوله ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82 النساء ) .
يقول سبحانه ( أحصى لما لبثوا أمدا ) ، نتبين من ذلك ، أن المراد هو إجراء عملية إحصاء أو عدّ ، وأن المراد إحصاؤه _ حسب ظاهر النص القرآني - هو مدة اللبث ، وبما أن إحصاء مدة اللبث مُتعذّر ، فالإحصاء سيكون لأشياء تُمثّل هذه المدّة ، ألا وهي الكلمات الماثلة أمامنا ، والتي تُشكل أحداث القصة ، لنستطيع من خلال إحصائها ، معرفة عدد سنين مدة اللبث ، وكأنه سبحانه أراد أن يُعلمنا درسا رياضيا ، نستطيع من خلال القواعد التي سنستنبطها منه ، من استخراج عدد السنين لمدة لبث أُناس ، قد سبق ذكرهم في السورة التي سبقت سورة الكهف ، وهذا يعني أن مدة لبثهم لها نهاية بهلاكهم ، والمشار إليها بوعد الآخرة .
طريقة العدّ في سورة الكهف :
( أَمْ1 حَسِبْتَ2 أَنَّ3 أَصْحَابَ4 الْكَهْفِ5 … … وَلَبِثُوا306 فِـي307 كَهْفِـهِمْ308 ( ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا )309(25)
تبدأ القصة من الآية (9) ، بعبارة ( أم حسبت ) وتنتهي في الآية (25) ، بعبارة ( ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا ) . نلاحظ أن كلمة ( كهفهم ) تحمل العدد ( 308 ) ، وأن العدد الذي يلي العدد (308) ، هو (309) ، وبدلا من أن ينتهي العدّ عند الكلمة ، التي تلي كلمة ( كهفهم ) مباشرة ، بقولنا : ثلاثمائة وتسعة ، جاء سبحانه بعبارة ، تحكي العدد نفسه بالكلمات ، ( ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا ) ، لتحمل العبارة كاملة ، العدد ( 309 ) .
وقوله سبحانه ( ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا ) ، وعدم قوله ( تسع وثلاثمائة ) ، جاءت ليُعلّمنا قاعدة حسابية ، لحساب الفرق بين السنين الشمسية والسنين القمرية ، بإضافة 3 سنوات لكل 100 شمسية ، لنحصل على ما يُعادلها بالقمرية ، حيث أن كل (100) سنة شمسية ، تعادل (103) سنوات قمرية تقريبا . ومفاد هذه العبارة أنهم لبثوا (300) سنة شمسية ، و (309) سنة قمرية ، والأهم من ذلك أن عدد الكلمات جاء متفقا ، مع مدة لبثهم بالسنين القمرية ، أي أن كل كلمة مثّلت سنة قمرية لا شمسية . وبناء على ذلك ، وعند استخدام هذه الطريقة ، في سورة الإسراء سنتعامل ، مع السنين القمرية .
قواعد الإحصاء في سورة الكهف :
1. الإحصاء للكلمات ، إذ لا يُمكن إحصاء السنين .
2. الكلمة لغة ، هي التي تتكون من حرفين فما فوق .
3. بداية العدّ كانت من بداية قصة أصحاب الكهف .
4. قصة أصحاب الكهف سبقتها مقدمة ، تكوّنت من 8 آيات . وعملية العدّ لم تشملها .
5. أن بعض الآيات التي وردت ضمن القصة ، دخلت كلماتها في العدّ ، مع أن علاقتها بالقصة ليست ظاهرة ، كالآيات ( 23 ، 24 ) .
6. أن نهاية العدّ كان بانتهاء القصة .
7. أن عدد الكلمات ، توافق مع عدد السنين ، التي لبثوها في الكهف ، إذ أن كل كلمة تمثل سنة .
8. أن كل كلمة ، تمثّل سنة قمرية ، ذلك لأن نتيجة العدّ كانت 309 كلمات ، قد توافقت مع مدة لبثهم بالسنين القمرية .
قابلية هذا المثال للتطبيق على سورة الإسراء :
قال تعالى ( فَضَرَبْنَا عَلَى ءَاذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12) لو أمعنت النظر فيما تحته ، لوجدت أن الظاهر يقول ، أن بعثهم كان لأن الله سبحانه وتعالى ، أراد أن يعلم أي الحزبين أحصى ! أحصى ماذا ؟ أحصى مدة ما لبثوا في الكهف من عدد السنين . أي أن المراد من الإحصاء هو معرفة عدد السنين . في المقابل نجد في الآية (12) من سورة الإسراء عبارة تقول ( ولتعلموا عدد السنين والحساب ) ، للإشارة إلى أن السورة ، تحمل بين ثناياها معرفة لعدد سنين ، تتحصل بالعدّ والحساب ، تخصّ أُناس سبق ذكرهم فيما ورد من آيات ، سبقت هذه العبارة .
وللفت الانتباه إلى أن الإحصاء متعلق بمدة اللبث ، تكرّر ذِكر مشتقات هذه الكلمة (6) مرات في سورة الكهف ، وهي ( لَبِثُوا ، لَبِثْتُمْ ، لَبِثْنَا ، لَبِثْتُمْ ، وَلَبِثُوا ، لَبِثُوا ) في الآيات ( 12،19،25،26 ) . وفي المقابل نجد أن مشتقات هذه الكلمة ، تكرّرت مرتين في سورة الإسراء ، في قوله سبحانه ( وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا (52) وقوله ( وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) ، يُقال أن المقصودين في هاتين الآيتين هم مشركي قريش حصرا ، وهذا القول غير صريح . ولو أنك تتبعت النص منذ البداية ، لوجدت أن القول الأول قيل لمنكري البعث ، وعلى رأس القائمة في إنكار البعث هم اليهود .
ولو أنك تتبعت النص من قوله تعالى ( وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ … وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ ، لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا ، وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) ، لوجدت أن القول الثاني قيل في اليهود حصرا ، حيث تؤكد معظم الروايات أن هذه الآيات مدنية ، ولو تمعنّت في قوله تعالى ( وإن كادوا ليفتنونك ) وتساءلت عمن له القدرة ، على فتنة الرسول عليه الصلاة والسلام ، أهم أهل الكتاب أم عبدة الأصنام ! ولو تمعنّت في قوله تعالى ( وإن كادوا ليستفزّونك من الأرض ليُخرجوك منها ) وتساءلت عمن حاولوا استفزاز الرسول عليه الصلاة والسلام ، لإخراجه ولم يُكتب لهم النجاح ! لو قلت أنهم اليهود ، عندما أرادوا منه أن يخرج معهم ، من أرض الجزيرة ككل إلى الأرض المقدّسة ، ليُعيد لهم ملكهم المنقرض ، لكان ذلك أقرب إلى العقل والمنطق ، وهناك روايات تؤكد ذلك . ولو قلت أنهم مشركي قريش ، فقد جانبت الصواب ، لأنهم قد استفزّوه بالفعل ، وأخرجوه من بلدته حقيقة .
أوجه التشابه :
أولا : ذكر أحد مشتقات لفظ اللبث في السورتين ، وهو لفظ يأتي أينما ورد في القرآن ، للإشارة إلى مدة زمنية ، ( قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ (259 البقرة ) ، ( فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (42 يوسف ) ، ( فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ (40 طه ) ، ( إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا (103 طه ) ( قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112 المؤمنون ) ، ( فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا (14 العنكبوت ) .
ثانيا : ذكر لفظ يُشير إلى الإحصاء أو العدّ في السورتين ، ( سِنِينَ عَدَدًا … أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ) في الكهف ، ( وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ) في الإسراء ، بإضافة لفظ الحساب .
سورة الإسراء :
ما سنقوم بإحصائه هو الكلمات ، في قصة المرتين ووعديهما ، والتركيز في المجمل - كما سبق وأشرنا في فصل التفسير - كان على المرة الثانية ووعدها . وهذه الكلمات التي سنقوم بعدّها أو بإحصائها ، تمثل مدة لُبث اليهود بالسنين القمرية .
جاء في بداية سورة الإسراء ، مقدّمة تمهيدية مكونة من ثلاث آيات ، ومن ثم تبدأ رواية القصة من الآية ( 4 ) ، بقوله تعالى ( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) ، وتنتهي في الآية ( 104 ) ، بقوله تعالى ( وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104) . وإذا قمت بإحصاء الكلمات من عبارة ( وَقَضَيْنَا1 إِلَى2 بَنِي3 إسْرائِيلَ4… (4) ، حتى تصل إلى عبارة ( جِئْـنَا بِكـُمْ لَفِيفًا (104) ، ستجد أن كلمة ( لفيفا ) تحمل العدد 1422 ، وهو عدد كلمات القصة ، وهو مما خالفنا به الأخ بسام جرّار ، الذي اعتبر بداية القصة من الآية الثانية .
( ملاحظة : لو قمت بعدّ كلمات السورة ، من خلال العدّ التسلسلي العادي ، ستخطئ مرارا وتكرارا ، فالأصوب والأسهل هو استخدام الحساب التراكمي ، بحيث تعدّ كلمات كل آية بشكل منفرد ، ومن ثم تقوم بجمع كل عشر مع بعضها ، ومن ثم تقوم بجمع الناتج الكلي . وإن كنت تملك جهاز حاسوب ، ستكون عملية غاية في السهولة ، فما عليك إلا أن تنقل نص سورة الإسراء ، من أحد برامج القرآن ، كما هو مرسوم بالمصحف ، واستثناء أرقام الآيات ، أو إلصاقها بالكلمة التي تسبقها ، ومن ثم تظليل نقطة البداية حتى نقطة النهاية ، ومن ثم طلب أمر ( عدد الكلمات ) من قائمة ( أدوات ) ، لتظهر لك النتيجة على الفور ) .
هذا العدد الذي تحصّلنا عليه ، هو عدد من السنين القمرية ، التي ربما تُشير إلى نهاية مدة لبث بني إسرائيل ، في الأرض المذكورة بداية السورة ، أي أن نهاية هذا اللبث ، ستكون بعد 1422 سنة قمرية ، ومن هنا تكون نقطة النهاية معلومة ، بينما نقطة البداية مجهولة .
فهل ستكون نقطة البداية هي حادثة الإسراء والمعراج ، أم هو وقت نزول سورة الإسراء ، أم حادثة الهجرة النبوية نفسها ، التي اتّخذت اصطلاحا كنقطة بداية للتقويم الهجري ، الله أعلم ؟!
حيث ورد في كتاب ( الكامل في التاريخ ) للشيباني ، ما نصه : " والصحيح المشهور أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أمر بوضع التاريخ ، وسبب ذلك أن أبا موسى الأشعري ، كتب إلى عمر ، أنه يأتينا منك ، كتب ليس لها تاريخ ، فجمع عمر الناس للمشورة ، فقال بعضهم : أَرِّخ بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال بعضهم : بمهاجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال عمر : بل نؤرخ بمهاجرة رسول الله ، فإن مهاجرته فرق بين الحق والباطل ، قاله الشعبي " .
اختبار العدد 1422 ، على فرض أنه يمثّل السنة الهجرية 1422 :
آخر أيام السنة الهجرية 1422 ، هو 29 - ذو الحجّة ، وذو الحجّة هو الشهر الثاني عشر من السنة الهجرية . وقامت دولة إسرائيل بتاريخ 15 / 5 / 1948م ، ويقابل هذا التاريخ بالهجري 6 / رجب / 1367 هـ ، ورجب هو الشهر السابع من السنة الهجرية . ولحساب أطول مدة ممكنة ، لبقاء دولة إسرائيل على قيد الحياة ، سنقوم بطرح التاريخ الثاني من الأول :
29 / 12 / 1422 هـ - 6 / 7 / 1367 هـ = 23 يوم ، و5 أشهر و55 سنة قمرية
أي ستكون نهاية الدولة اليهودية في بحر السنة ( السادسة والخمسين ) من عمرها .
اختبار العدد ( 56 ) :
• بما أن قصة وعدي الأولى والآخرة ، بدأت بعبارة ( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ … (4) وإذا فرضنا أنها ، تمثّل بداية قيام دولة إسرائيل ، فما هي العبارة التي تُشير إلى نهايتها ، ونفاذ وعد الآخرة فيها ؟ بلا شك ستكون الإجابة هي عبارة ( … وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ … (7) ، إذ أن ما جاء بعدها ، هي عبارات للتعقيب فقط . وإذا قمت بإحصاء الكلمات من عبارة ( وَقَضَيْنَا1 إِلَى2 بَنِي3 إسْرائِيلَ4… (4) ، حتى تصل إلى عبارة ( وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ … (7) ستجد أن كلمة ( المسجد ) تحمل العدد ( 56 ) ، وهو نفس العدد الذي تحصّلنا عليه في الحسبة السابقة .
• يُعاد ذِكر بني إسرائيل مرة أخرى ، في نهاية السورة ، في قوله تعالى ( وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ ءَايَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ … (101) ، وينتهي ذكرهم بالأمر الآخر الذي سيتحقّق بمجيء وعد الآخرة ، وهو مجيئهم من الشتات ، في قوله تعالى ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104) . وإذا قمت بإحصاء الكلمات ، منذ بداية ذكرهم وذكر وعد الآخرة للمرة الثانية بعبارة ( وَلَقَدْ1 آتَيْنَا2 مُوسى3 … (101) حتى تصل إلى عبارة ( … جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104) ، ستجد أن كلمة ( لفيفا ) أيضا ، تحمل العدد ( 56 ) .
اختبار العدد 56 من خلال العدّ والحساب :
والآن نعود إلى قوله تعالى ( وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا (52) ، وقوله ( وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) ، حيث ذُكر لفظ اللبث . وكما قلنا فيما سبق ، أن المقصود باللبث ، في العبارتين هو لبث اليهود . وهذا اللبث منذ بداية دولتهم وحتى نهايتها ، تبين لنا أنه لا يتجاوز 56 سنة ، وهو موصوف بالقليل :
• إذا قمت بإحصاء 56 كلمة ، من حيث الكلمة التي تلي كلمة قليلا مباشرة ، في قوله تعالى ( وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا (52) وَقُلْ1 لِعِبَادِي2 … (53) وتوقفت عند الكلمة التي تحمل العدد (56) ، ستجد أنك توقفت في نهاية العبارة ( فلا يملكون كشف الضرّ عنكم ) ، في الآية ( قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ ، فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ54 الضُّرِّ55 عَنكُمْ56 ، وَلَا تَحْوِيلًا (56) ، والذين سيقع بهم الضُرّ أي الأذى والعذاب الدنيوي ، عند مجيء وعد الآخرة هم اليهود . ولو نظرت إلى نهاية الآية ، التي تسبق هذه الآية مباشرة ، ستجد قوله تعالى ( وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (55) وداود عليه السلام هو مؤسّس مملكتهم الأولى ، وكأن ذكره جاء للإشارة إليهم . ولو قرأت نص الآية كاملا ، ستجد المخاطبين ، كانوا قد اتّخذوا أولياء ووكلاء من دون الله ، ويؤكد سبحانه أن هؤلاء الأولياء والوكلاء ، لا يملكون إزالة الأذى أو تحويله عنهم ، حال وقوعه بهم .
ولو كنت دقيق الملاحظة ، ستكتشف أن الآية التي توقف العدّ فيها عند العدد 56 ، على عبارة ( فلا يملكون كشف الضرّ عنكم ) ، هي الآية التي تحمل العدد ( 56 ) أيضا ، وهذه الآية تقع في منتصف السورة تماماً . إذ لو أنك قمت بقسمة عدد آيات السورة (111) على (2) ستحصل على ( 55.5 ) ، وهي تقريبا نفس الحسبة التي خرجنا بها سابقا ، لتُشير إلى أن زوال دولتهم ، سيكون في بحر السنة السادسة والخمسين من عمر دولتهم .
• وإذا قمت بإحصاء 56 كلمة ، من حيث الكلمة التي تلي كلمة قليلا مباشرة ، في قوله تعالى ( وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) سُنَّةَ1 مَنْ2 قَدْ3 أَرْسَلْنَا4 … (77) ، وتوقفت عند الكلمة التي تحمل العدد (56) ، ستجد أنك توقفت في نهاية العبارة ( جاء الحقّ وزهق الباطل ) ، في الآية ( وَقُلْ جَاءَ53 الْحَقُّ54 وَزَهَقَ55 الْبَاطِلُ56 ، إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81) ، ومجيء الحقّ هو مجيء الوعد ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98 الكهف ) ، وزَهقِ الباطل هو بلا شك نفاذ وعد الآخرة ، بزوال دولة الإفساد وهلاك أهلها .
التأريخ لقيام دولة إسرائيل :
( … فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ : … ( 7 ) … وَقُلْنَا … لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ … فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ : جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104) .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد تركى
عضو / ة
عضو / ة
خالد تركى


الساعة الأن :
عدد المساهمات : 126
نقاط : 262
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 01/09/2010

كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية   كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Icon_minitime1الأحد 17 أكتوبر 2010, 12:35 am

تكرار ذكر بني إسرائيل في بداية السورة ونهايتها ، هو أمر ملفت للنظر ، وتكرار ذكر وعد الآخرة في بدايتها ونهايتها كذلك ، هو أمر آخر ملفت للنظر أيضا ، وأثناء محاولاتي المتكرّرة للربط العددي ، بين عبارتي ( فإذا جاء وعد الآخرة ) في الآية ( 7 ) والآية ( 104 ) .
قمت بعدّ الكلمات من قوله تعالى ( فَإِذَا1 جَاءَ2 وَعْدُ3 الْآخِرَةِ4 … (7) في بداية السورة ، إلى ما قبل عبارة ( فإذا جاء وعد الآخرة (104) في نهاية السورة ، وتوقفت عند عبارة ( اسكنوا الأرض ) ، في قوله ( وَقُلْنَا … لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا1366 الْأَرْضَ1367 … (104) . فوجدت أنني قد توقفت على العدد (1367) ، وهذا العدد ، هو موعد قيام دولة إسرائيل بالتقويم الهجري ، وهو موعد استيلائهم الفعلي على أرض فلسطين ، وبدء استيطانهم فيها ، وتجمّعهم من شتى بقاع الأرض .
وكأن واقع الحال ، يُخبر بأنه في عام 1367 هـ ، سيأذن الله لهم بالسكن في الأرض المقدّسة واستيطانها ، وإقامة علوهم الثاني والأخير فيها .
مجموع كلمات السورة يحمل في ثناياه العددين 56 و1422 :
عدد كلمات القصة من بدايتها حتى نهايتها هو (1422) كلمة .
عدد كلمات المقدمة بدءا من قوله تعالى ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى … (1) إلى قوله تعالى ( … كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3) ،
هو (42) كلمة .
عدد كلمات الخاتمة ، بدءا من قوله تعالى ( وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ … (105) إلى قوله تعالى ( … وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111) ،
هو (92) كلمة .
وبجمع النواتج الثلاثة ، نحصل على عدد كلمات السورة كاملة :
42 + 1422 + 92 = 1556 كلمة
والآن تمعّن في العدد الكلي لكلمات السورة ، فما الذي يقوله هذا العدد ؟ لو فصلت خانتيّ الآحاد والعشرات ، عن خانتيّ المئات والألوف ، ستحصل على العددين (56) و (15) ، والعدد الأول معلوم ، والعدد الثاني يُعبّر عن القرن الخامس عشر الهجري ، الذي نعيشه الآن .
كما أن مجموع أرقام هذا العدد ، يُمثّل ترتيب سورة الإسراء في القرآن : 6 + 5 + 5 + 1 = 17
والملفت للنظر أيضا أن عدد كلمات عبارة ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ ) هو ثمانية كلمات ، وأن عدد كلمات عبارة ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا ) هو سبعة كلمات .
حاصل ضرب العددين هو : 8 × 7 = 56
وحاصل جمع العددين هو : 8 + 7 = 15
ومجموع الناتجين ، هو : 56 + 15 = 71 ، وهذا العدد سنوضح أمره فيما يلي .
تحديد الفترة الزمنية :
بعد انقضاء الموعد ، الذي كنا قد رجحناه في الإصدارات السابقة ، وبعد العودة لسورة الإسراء ، والتفكير مليا في أمر العدد 1442 ، تبين لنا أن هذا العدد ارتبط بعبارة ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً (104) ، مما يدفعنا للاعتقاد بأن ارتباط هذه العبارة بهذا العدد ، يشير إلى اكتمال مجيء بني إسرائيل من الشتات ، بانقضاء سنة 1422 هـ ، وليس موعدا لنهايتها ، وأن الموعد الأكثر احتمالا ، هو بحر السنة 56 من عمرها ، والتي بقي منها الآن هو النصف الثاني فقط .
وبعد التدقيق في أمر العدد 56 ، تبين لنا أن سورة الإسراء ، تُظهر هذا العدد أكثر من العدد 1422، وبصورة ملفتة للنظر ، وهو ما لم نعتمد عليه بشكل كلي ، لتحديد أقصى موعد محتمل لنهاية إسرائيل .
وبذلك تكون الفترة الزمنية المحتملة لنهاية الدولة اليهودية ، هي الفترة التي تمتد ما بين ، أول يوم حتى آخر يوم ، من السنة 56 من عمرها :
[ 6 / رجب / 1422 هـ – 5 / رجب / 1423 هـ ]
ويقابلها بالميلادي :
[ 23 / 9 / 2001م - 12 / 9 / 2002م ]
وإذا ثبت خطأ هذا الاحتمال ، ولم يتحقق وعد الآخرة في بني إسرائيل في الموعد المحدد ، فلن يكون هناك احتمالات جديدة ، لعدم وجود أية دلائل أخرى ، توحي بأرقام غير التي تحصّلنا عليها سابقا ، ونود أن ننبه الأخوة القرّاء ، بأن إصابتنا في هذا الموعد ، فيما لو حصلت ، فذلك لا يعني بالضرورة إصابتنا ، في المواعيد التي تليها ... والتصديق بهذه مسألة من عدمها ، يعود لقناعة القارئ الشخصية .
ونكرّر ما ختمنا به مقدمة كتابنا ، وإن أخطأنا فمن أنفسنا ، وإن أصبنا فمن الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، والله ولي التوفيق .
الموعد المتوقع لنهاية الولايات المتحدّة الأمريكية :
قال تعالى ( قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (56) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (57) وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا ، قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا ، كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (58 الإسراء )
إذا كانت الآية ( 56 ) ، تتحدث عن نهاية دولة إسرائيل ، فالآية ( 58 ) تتحدث عن قرى - ظالمة بلا شك - سيتم إهلاكها ، أو إنزال العذاب الشديد بها ، قبل يوم القيامة ، ولم يبق الكثير من الوقت ، فدُول هذا العصر ، هي القرى الأخيرة قبل يوم القيامة ، وتكاد لا تجد فيها قرية غير ظالمة ، وأكثر القرى المعاصرة ظلما هي أمريكا .
وإذا كان رقم الآية ( 56 ) ، يُعبّر عن موعد هلاك إسرائيل ، فمن المحتمل أن رقم الآية ( 58 ) يُشير إلى موعد هلاك أمريكا ، أي بعد زوال إسرائيل بسنتين قمريتين ، في السنة الثامنة والخمسون ، من قيام دولة إسرائيل ، وهي تُقابل ، سنة 1424 هـ تقريبا .
لقد بدأ يوم القيامة ، بقيام دولة إسرائيل ، بل منذ علا اليهود في الأرض ، والناس في غفلة من أمرهم :
إن لم تُصدّق ذلك ، فتفكّر معي ، بتأنٍ وتروّي ، وتوقف عند كل مقطع ، وكل عبارة ، في قوله تعالى ( إِذْ قَالَ اللَّهُ ، يَعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ ، وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ، وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ، وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ ، فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا ، إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ ، فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ، فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55 آل عمران ) .
يقول سبحانه وتعالى ، في معرض خطابه لعيسى عليه السلام ، ( وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) ، والذين كفروا بعيسى وطهّره الله من أقوالهم وأفعالهم ، هم اليهود ، ( وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ ) والذين اتبعوه هم النصارى إجمالا ، بغض النظر عن صحة معتقدهم وصدق التزامهم بتعاليمه ، ( فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) والفوقية تعني العلو والاستعلاء ، والذين كفروا هم اليهود ، ( إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) واليوم في الميقات السماوي ، يساوي ألف سنة بالميقات الأرضي ، وهذا اليوم ، هو الذي سيقوم الناس فيه من قبورهم ، ولا ندري فيما كانت الناس ، ستقوم في أوله ، أم في وسطه ، أم في آخره .
ومفاد الآية أعلاه ، أن الفوقية ستكون للنصارى على اليهود ، إلى يوم القيامة ، بمعنى أن فوقية النصارى على اليهود ، لها منتهى ، وقد حدّدته هذه الآية بمجيء يوم القيامة ، وأن تحوّل هذه الحالة إلى العكس تماما ، أي أصبحت الفوقية لليهود على النصارى ، فهي إيذان ببدء يوم القيامة بالميقات السماوي .
ولو تتبعنا التاريخ اليهودي ، لوجدنا أن الاضطهاد النصراني لليهود ، بدأ منذ اعتناق الرومان للنصرانية ، واتخاذها كدين رسمي للإمبراطورية الرومانية ، واستمر حتى بدايات القرن الماضي ، وزال كلية بعد الحرب العالمية الثانية ، وبعد قيام الدولة اليهودية في فلسطين ، حيث انقلب الحال ، فأصبحت الفوقية لليهود على النصارى ، وبدأ عصر الاضطهاد اليهودي للنصارى وغيرهم ، فرئيس الولايات المتحدة بعظمته ، لا يملك من أمره ، إلا السمع والطاعة لأسياده اليهود .
الموعد المتوقع لعودة عيسى عليه السلام ، والقضاء على الدجال وأتباعه اليهود :
عندما قمنا بعدّ الكلمات ، من عبارة ( وَقَضَيْنَا1 إِلَى2 بَنِي3 إسْرائِيلَ4… (4) ، حتى تصل إلى عبارة ( وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ … (7) وجدنا أن كلمة ( المسجد ) تحمل العدد ( 56 ) ، وهي السنة التي ستكون فيها نهاية إسرائيل . فلنكمل العدّ حتى نصل لعبارة ( … وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا ) ، التي تُخبر عن عودتهم للإفساد ، وعودة الله عليهم بالعقاب ، على يد عيسى عليه السلام ، ومن معه من المؤمنين ، ستجد أن كلمة ( عدنا ) تحمل العدد ( 71 ) ، وهي تُمثّل السنة الواحدة والسبعون ، من قيام دولتهم ، وهي تقابل سنة 1437 هـ تقريبا .
ومجموع العدد ( 71 ) ، ومقلوبه ( 17 ) الذي يُمثل ترتيب السورة هو : 71 + 17 = 88
والناتج ( 88 ) هو رقم الآية ، التي تحدى سبحانه فيها الجن والإنس ، على أن يأتوا بمثل هذا القرآن .
الموعد المتوقع لظهور المهدي :
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( ثُمَّ يَخْرُجُ فِي آخِرِ أُمَّتِي الْمَهْدِيُّ ، … ، يَعِيشُ سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيَاً ، يَعْنِي حِجَجَاً ) رواه الحاكم وصحّحه الألباني ، وأخرجه الترمذي ( … إِنْ قُصِرَ فَسَبْعٌ وَإِلَّا فَتِسْعٌ ) ، وأحمد ( … يَمْلِكُ سَبْعًا أَوْ تِسْعًا … ) و ( … خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ تِسْعًا ) ، وأبو داود ( … يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ ) ، وابن ماجه ( إِنْ قُصِرَ فَسَبْعٌ وَإِلَّا فَتِسْعٌ … ) كلّهم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ .
ومن المرجّح لدي أن خروج المهدي ، سيكون قبل خروج الدجال ، وستنتهي خلافته ، بنزول عيسى عليه السلام وتسليمها له ، ومتوسط مدة خلافته ، إذا أخذنا بعين الاعتبار ، اختلاف الروايات ، هو سبع سنوات ، فإن صحّ هذا التقدير ، نستطيع حساب موعد خروجه بطرح ( 7 ) سنوات ، من الموعد المتوقع لنزول عيسى عليه السلام ( 1437 ) :
1437 – 7 = 1430
الموعد المتوقع لخروجه هو عام 1430 هـ ، بتقديم سنتين أو تأخير سنتين ، والله أعلم .
المواعيد المتوقعة للأحداث الكبرى :
الحدث هجري ميلادي
نهاية إسرائيل 1422 - 1423 2001 - 2002
نهاية الولايات المتحدّة الأمريكية 1424 - 1425 2003 - 2004
خروج المهدي 1430 - 1431 2009 - 2010
خروج الدجال ونزول عيسى عليه السلام 1437 - 1438 2016 - 2017

قال تعالى
( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ ، عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْءَانِ ، لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ، وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88)

( وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ ، فِي هَذَا الْقُرْءَانِ ، مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ، فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (89)
( الإسراء )

فإنما يسّرناه بلسانك لعلّهم يتذكّرون
تبدأ سورة الدخان بتعظيم شأن القرآن الكريم ، وتعظيم شأن الليلة التي أُنزل فيها ، وتركّز السورة ، على الإنذار دون البشرى ، حيث قال سبحانه في إرسال محمد عليه الصلاة والسلام ( يَأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45 الأحزاب ) . ويؤكد سبحانه أنه أرسله ، منذرا للبشر من قبل أن يحل بهم العقاب ، رحمة منه بعباده . والعقاب الذي تأتي على خبره الآيات وتحذّر منه ، هو البطشة الكبرى ، التي لم تُحدّد ماهيتها هنا ، ونذير هذه البطشة ، الذي سيسبقها بقليل ، هو الدخان ، فليرتقبه الناس ، فإن ظهر وعاينوه فليعتبروا ، وليحذروا ، وليعودوا عما هم عليهم من الشك والتشكيك في أمر ربهم ، واللعب في أمر دينهم ، والطعن في رسولهم الكريم ، الذي بُعث إليهم بشيرا ونذيرا ، فإن لم يفعلوا ولن يفعلوا ، فليرتقبوا البطشة الكبرى . وقد ظهر الدخان الموصوف في هذه السورة ، في عاصمة أحد الأقطار العربية ، فاقرأ معنا هذا الفصل والفصول التي تليه ، لتعرف كيف فُسّرت هذه النبوءة على أرض الواقع ، ولتعرف من هم الموعودين بالبطشة الكبرى قريبا ، بعد إصرارهم على ما هم عليه ، من الكفر والفسوق والعصيان ، بالرغم من غشيان الدخان لهم ، بنفس الصفة ، التي أخبرت عنها الآيات .
تعريف بسورة الدخان :
" مكية ، كما روي عن ابن عباس ، وابن الزبير رضي الله تعالى عنهم ، ووجه مناسبتها لما قبلها أنه عز وجل ، ختم ما قبلها ( الزخرف ) بالوعيد والتهديد ، وافتتح هذه بشيء من الإنذار الشديد ، وذكر سبحانه هنا ، كقول الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم ، يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ( في نهاية سورة الزخرف ) ، وهنا نظيره ، فيما حكى عن أخيه موسى عليهم الصلاة والسلام ، بقوله تعالى فدعا ربه ، أن هؤلاء قوم مجرمون ، وورد بفضلها أخبار " ، الألوسي .
أقوال بعض المفسّرين في آيات سورة الدخان :
( حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ (6)
" يقول تعالى مخبرا عن القرآن العظيم ، أنه أنزله في ليلة مباركة ، وهي ليلة القدر ، أمر حكيم ، أي محكم لا يُبدّل ولا يُغيّر ، ولهذا قال جل جلاله ، ( أمرا من عندنا ) ، أي جميع ما يكون ويُقدّره الله تعالى وما يوحيه ، فبأمره وإذنه وعلمه ، ( إنا كنا مرسلين ) أي إلى الناس رسولا يتلوا عليهم آيات الله مبينات " ، ابن كثير .
( رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (7) لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ ءَابَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (8)
" أي إن كنتم من أهل الإيقان ، علمتم كونه سبحانه رب السماوات والأرض ، لأنه من أظهر اليقينيات دليلا ، وفي هذا الشرك تنزيل إيقانهم ، منزلة عدمه ، لظهور خلافه عليهم ، وهو مراد من قال : إنه من باب تنزيل العالم منزلة الجاهل ، لعدم جريه على موجب العلم ، قيل : ولا يصح أن يقال : إنهم نزلوا منزلة الشاكين ، لما كان قوله سبحانه بعد : بل هم في شك ، ولا أدري بأسا في أن يقال : إنهم نزلوا أولا كذلك ، ثم سجّل عليهم بالشك ، لأنهم وأن أقرّوا بأنه عز وجل ، رب السماوات والأرض ، لم ينفكّوا عن الشكّ لإلحادهم في صفاته ، وإشراكهم به تعالى شأنه " ، الألوسي .
( بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (9)
" بل هؤلاء المشركون ، ( في شك يلعبون ) أي قد جاءهم الحق اليقين ، وهم يشكّون فيه ، ويمترون ولا يصدقون به ، ثم قال عز وجل متوعدا لهم ومهدّدا ، ( فارتقب يوم تأتي السماء ) " ، ابن كثير .
" ( بل هم في شك يلعبون ) أي ليسوا على يقين ، فيما يظهرونه من الإيمان والإقرار ، في قولهم إن الله خالقهم ، وإنما يقولونه لتقليد آبائهم ، من غير علم ، فهم في شكّ ، وإن توهموا أنهم مؤمنون ، فهم يلعبون في دينهم ، وقيل يلعبون ، يضيفون إلى النبي صلى الله عليه وسلم الافتراء والاستهزاء ، ويقال أعرض عن المواعظ لاعب ، وهو كالصبي الذي يلعب ، فيفعل ما لا يدري عاقبته " القرطبي .
" لا يقولون ما يقولون ، مما هو مطابق لنفي الأمر عن جدر وإذعان ، بل يقولونه مخلوطا بهزء ولعب ، وهذه الجملة خبر بعد خبر لهم ، والالتفات عن خطابهم ، لفرط عنادهم وعدم التفاتهم ، والفاء في قوله تعالى : فارتقب لترتيب الارتقاب ، أو الأمر به على ما قبلها ، فإن كونهم في شك يلعبون ، مما يوجب ذلك ، أي فانتظر لهم ، يوم تأتي السماء بدخان مبين " ، الألوسي .
( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11)
" ارتقب معناه انتظر ، يا محمد بهؤلاء الكفار ، يوم تأتي السماء بدخان مبين ، قاله قتادة . وقيل معناه احفظ قولهم هذا ، لتشهد عليهم " ، القرطبي .
" يعني تعالى ذكره بقوله ( فارتقب ) ، فانتظر ، يا محمد بهؤلاء المشركين من قومك ، الذين ( هم في شك يلعبون ) ، ( يغشى الناس ) يقول يغشى أبصارهم ، من الجهد الذي يصيبهم ، ( هذا عذاب أليم ) يعني أنهم يقولون ، مما نالهم من ذلك الكرب والجهد ، هذا عذاب أليم ) " الطبري .
أقوال المفسّرين في الدخان :
تفسير ابن مسعود : عَنْ مَسْرُوقٍ ، قَالَ : " بَيْنَمَا رَجُلٌ يُحَدِّثُ فِي كِنْدَةَ ، فَقَالَ : يَجِيءُ دُخَانٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيَأْخُذُ بِأَسْمَاعِ الْمُنَافِقِينَ وَأَبْصَارِهِمْ ، يَأْخُذُ الْمُؤْمِنَ كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ ، فَفَزِعْنَا . فَأَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ ، وَكَانَ مُتَّكِئًا ، فَغَضِبَ ، فَجَلَسَ ، فَقَالَ : مَنْ عَلِمَ فَلْيَقُلْ ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ ، فَلْيَقُلْ اللَّهُ أَعْلَمُ ، فَإِنَّ مِنْ الْعِلْمِ ، أَنْ يَقُولَ لِمَا لَا يَعْلَمُ لَا أَعْلَمُ ، فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ ) وَإِنَّ قُرَيْشًا أَبْطَئُوا عَنْ الْإِسْلَامِ ، فَدَعَا عَلَيْهِمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ ، فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَتَّى هَلَكُوا فِيهَا ، وَأَكَلُوا الْمَيْتَةَ وَالْعِظَامَ ، وَيَرَى الرَّجُلُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ ، فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ جِئْتَ تَأْمُرُنَا بِصِلَةِ الرَّحِمِ ، وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا ، فَادْعُ اللَّهَ ( فَقَرَأَ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ - إِلَى قَوْلِهِ - عَائِدُونَ ) أَفَيُكْشَفُ عَنْهُمْ عَذَابُ الْآخِرَةِ ، إِذَا جَاءَ ثُمَّ عَادُوا إِلَى كُفْرِهِمْ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : ( يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى ) يَوْمَ بَدْرٍ وَ ( لِزَامًا ) يَوْمَ بَدْرٍ ( الم غُلِبَتْ الرُّومُ ) إِلَى ( سَيَغْلِبُونَ ) وَالرُّومُ قَدْ مَضَى " . رواه البخاري وأخرجه مسلم والترمذي وأحمد .
رواية لابن مسعود : عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنَ مَسْعُودٍ ، قَالَ : " مَضَى خَمْسٌ الدُّخَانُ وَالرُّومُ وَالْقَمَرُ وَالْبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ " . رواه البخاري وأخرجه مسلم والترمذي وأحمد .
حديث حذيفة : عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ ، قَالَ : اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا ، وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ ، فَقَالَ : ( مَا تَذَاكَرُونَ ؟ ) قَالُوا : نَذْكُرُ السَّاعَةَ ، قَالَ : ( إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ ، فَذَكَرَ الدُّخَانَ ، وَالدَّجَّالَ ، وَالدَّابَّةَ ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ ، وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنْ الْيَمَنِ ، تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ ) رواه مسلم وأخرجه الترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد .
قال ابن كثير " وقد وافق ابن مسعود ، رضي الله عنه ، على تفسير الآية بهذا ، وأن الدخان مضى ، جماعة من السلف ، كمجاهد وأبي العالية وإبراهيم النخعي ، والضحاك وعطية العوفي وهو اختيار ابن جرير . وروى ابن جرير ، عن ربعي بن حراش قال سمعت حذيفة بن اليمان ، رضي الله عنه ، يقول ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أول الآيات الدجال ، ونزول عيسى بن مريم عليهما الصلاة والسلام ، ونار تخرج من قعر عدن أبين ، تسوق الناس إلى المحشر ، تقيل معهم إذا قالوا ، والدخان ، قال : حذيفة رضي الله عنه يا رسول الله : وما الدخان ؟ فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : ( فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين ، يغشى الناس هذا عذاب أليم ) يملأ ما بين المشرق والمغرب ، يمكث أربعين يوما وليلة ، أما المؤمن فيصيبه منه كهيئة الزكمة ، وأما الكافر فيكون بمنزلة السكران ، يخرج من منخريه وأذنيه ودبره ) ، قال ابن جرير لو صحّ هذا الحديث لكان فاصلا ، وإنما لم أشهد له بالصحة .
وقال ابن جرير أيضا : عن أبي مالك الأشعري ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن ربكم أنذركم ثلاثا ؛ الدخان ، يأخذ المؤمن كالزكمة ، ويأخذ الكافر ، فينفخ حتى يخرج من كل مسمع منه ، والثانية الدابة ، والثالثة الدجال ) ورواه الطبراني ، عن هاشم بن مرثد عن محمد بن إسماعيل بن عياش به ، وهذا إسناد جيد .
وروى ابن جرير : عن عبد الله بن أبي مليكة ، قال : غدوت على ابن عباس رضي الله عنهما ، ذات يوم ، فقال : ما نمت الليلة حتى أصبحت ! قلت : لِمَ ؟ قال : قالوا طلع الكوكب ذو الذنب ، فخشيت أن يكون الدخان قد طرق ، فما نمت حتى أصبحت ) وهكذا رواه ابن أبي حاتم فذكره وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس رضي الله عنهما ، حبر الأمة وترجمان القرآن ، وهكذا قول من وافقه من الصحابة والتابعين ، رضي الله عنهم ، مع الأحاديث المرفوعة من الصحاح والحسان وغيرهما ، التي أوردوها ، مما فيه مقنع ، ودلالة ظاهرة ، على أن الدخان ، من الآيات المنتظرة ، مع أنه ظاهر القرآن ، قال الله تبارك وتعالى ( فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين ) أي بيّنٌ واضحٌ ، يراه كل أحد ، وعلى ما فسّر به ابن مسعود ، رضي الله عنه ، إنما هو خيال ، رأوه في أعينهم من شدة الجوع والجهد ، وهكذا قوله تعالى ( يغشى الناس ) ، أي يتغشاهم ويعميهم ، ولو كان أمرا خياليا ، يخصّ أهل مكة المشركين ، لما قيل فيه يغشى الناس ، وقوله تعالى ( هذا عذاب أليم ) ، أي يقال لهم ذلك تقريعا وتوبيخا " .
وقال القرطبي : " وفي الدخان أقوال ثلاثة ؛ الأول : أنه من أشراط الساعة ، لم يجئ بعد ، وأنه يمكث في الأرض أربعين يوما ، يملأ ما بين السماء والأرض ، فأما المؤمن فيصيبه مثل الزكام ، وأما الكافر والفاجر فيدخل في أنوفهم ، فيثقب مسامعهم ، ويضيق أنفاسهم ، وهو من آثار جهنم يوم القيامة ، وممن قال إن الدخان لم يأت بعد ، علي وابن عباس وابن عمر وأبو هريرة وزيد بن علي والحسن وابن أبي ملكية وغيرهم ؛ والثاني : أن الدخان ، هو ما أصاب قريشا من الجوع ، بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى كان الرجل يرى بين السماء والأرض دخانا ، قاله ابن مسعود ؛ والثالث : إنه يوم فتح مكة لما حجبت السماء الغبرة ، قاله عبد الرحمن الأعرج " .
وقال الألوسي : " أي يوم تأتي بجدب ومجاعة ، فإن الجائع جدا ، يرَ بينه وبين السماء ، كهيئة الدخان ، وقد فسّر أبو عبيدة الدخان به ، والمراد باليوم مطلق الزمان ، أي ارتقب وعد الله ذلك اليوم ، وبالسماء جهة العلو ، وإسناد الإتيان بذلك إليهما ، من قبيل الإسناد إلى السبب ، لأنه يحصل بعدم إمطاره ، وتفسير الدخان بما فسرناه به ، مروي عن قتادة وأبي العالية والنخعي ، والضحاك ومجاهد ومقاتل ، وهو اختيار الفرّاء والزجّاج ، وقد روي بطرق كثيرة عن ابن مسعود رضي الله تعالى ، وظاهره ، يدلّك ما في تاريخ ابن كثير ، على أن القصة ، كانت بمكة ، فالآية مكية ، وفي بعض الروايات ، أن قصة أبي سفيان ، كانت بعد الهجرة ، فلعلها وقعت مرتين ، وقد تقدّم ما يتعلق بذلك في سورة المؤمنين ، وقال علي كرّم الله تعالى وجهه ، وابن عمر وابن عباس وأبو سعيد الخدري ، وزيد بن علي والحسن ، أنه دخان يأتي من السماء ، قبل يوم القيامة ، يدخل في أسماع الكفرة ، حتى يكون رأس الواحد ، كالرأس الحنيذ ، ويعتري المؤمن كهيئة الزكام ، فالدخان على ظاهره ، والمعنى فارتقب يوم ظهور الدخان .
وحمل ما في الآية ، على ما يعم الدخانين ، لا يخفى حاله . هذا والأظهر ، حمل الدخان على ما روي عن ابن مسعود أولى ، لأنه أنسب بالسياق ، لما أنه في كفار قريش ، وبيان سوء حالهم . ( يغشى الناس ) أي يحيط بهم ، والمراد بهم كفار قريش ، ومن جعل الدخان ، ما هو من أشراط الساعة ، حمل ( الناس ) ، على من أدركه ذلك الوقت ، ومن جعل ذلك يوم القيامة ، حمل الناس على العموم ، والجملة ( يغشى الناس ) صفة أخرى للدخان ، وقوله تعالى هذا عذاب أليم ، وقيل : يجوز أن يكون هذا عذاب أليم ، إخبارا منه عز وجل ، تهويلا للأمر ، كما قال سبحانه وتعالى ، في قصة الذبيح ، إن هذا لهو البلاء المبين " .
( رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12)
" أي يقول الكافرون ، إذا عاينوا عذاب الله وعقابه ، سائلين رفعه وكشفه عنهم ، ( ربنا اكشف عنا العذاب ) " ابن كثير .
" وقوله ( ربنا اكشف عنا العذاب ) يعني أن الكافرين الذين يصيبهم ذلك الجهد ، يضّرعون إلى ربهم ، بمسألتهم إياه كشف ذلك الجهد " ، الطبري .
" كما صرح به غير واحد من المفسرين ، وعدُ منهم بالأيمان ، إن كشفَ جلّ وعلا عنهم العذاب ، فكأنهم قالوا : ربنا إن كشفت عنا العذاب آمنا ، لكن عدلوا عنه " ، الألوسي .
( أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (13) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (14)
" يقول كيف لهم بالتذكر ، وقد أرسلنا إليهم رسولا ، بين الرسالة والنذارة ، ومع هذا تولّوا عنه ، وما وافقوه بل كذّبوه ، وقالوا مُعلَّم مجنون " ابن كثير .
" قال ابن عباس : أي يتعظون ، والله أبعدهم من الاتعاظ والتذكر ، بعد توليهم عن محمد صلى الله عليه وسلم ، وتكذيبهم إياه ، ( وقالوا مُعلَّم مجنون ) أي علّمه بشر ، أو علّمه الكهنة والشياطين ، ثم هو مجنون وليس برسول " ، القرطبي .
" يقول تعالى ذِكره ، من أي وجه لهؤلاء المشركين التذكّر ، من بعد نزول البلاء بهم ، وقد تولوا عن رسولنا ، حين جاءهم مدبرين عنه ، لا يتذكرون بما يتلى عليهم من كتابنا ، ولا يتعظون بما يعظهم به من حُججنا ، ويقولون إنما هو مجنون عُلّم هذا الكلام " الطبري .
" ( أنى لهم الذكرى ) نفي صدقهم في الوعد ، وأن غرضهم إنما هو كشف العذاب والخلاص ، أي كيف يتذكرون ، أو من أين يتذكرون بذلك ، ويفون بما وعدوه من الأيمان ، عند كشف العذاب عنهم ، وقد جاءهم رسول مبين ، أي والحال ، أنهم شاهدوا من دواعي التذكر وموجبات الاتعاظ ، ما هو أعظم من ذلك في إيجابهم ، حيث جاءهم رسول عظيم الشأن ، ظاهر أمر رسالته بالآيات والمعجزات ، التي تخز لها صم الجبال ، أو مظهرا لهم مناهج الحق ، ( ثم تولوا عنه ) أي عن ذلك الرسول عليه الصلاة والسلام ، ولم يقل ومجنون بالعطف لأن المقصود تعديد قبائحهم " ، الألوسي .
( إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (16)
" والاحتمال الثاني أن يكون المراد ، إنا مؤخرو العذاب عنكم قليلا ، بعد انعقاد أسبابه ، ووصوله إليكم ، وأنتم مستمرون ، فيما أنتم فيه من الطغيان والضلال ، ولا يلزم من الكشف عنهم أن يكون باشرهم " ابن كثير .
" ( إنا كاشفوا العذاب ) يعني الضرّ النازل بهم ، يقول تعالى ذكره ، إنكم أيها المشركون ، إن كشفت عنكم العذاب النازل بكم ، والضرّ الحالّ بكم ، ثم عدّتم في كفركم ونقضتم عهدكم ، الذي عاهدتم ربكم ، انتقمت منكم ، يوم أبطش بكم ، بطشتي الكبرى ، في عاجل الدنيا ، فأهلككم " ، الطبري .
" إنا كاشفوا العذاب قليلا ، وعد أن يكشف عنهم ذلك العذاب قليلا ، أي في زمان قليل ، ليعلم أنهم لا يفون بقولهم ، بل يعودون إلى الكفر ، بعد كشفه ، قاله ابن مسعود . ومن قال ، إن الدخان منتظر ، قال ، أشار بهذا إلى ما يكون ، من الفرجة بين آية وآية ، من آيات قيام الساعة ، ثم من قضى عليه بالكفر ، يستمر على كفره . ومن قال هذا في القيامة ، قال أي لو كشفنا عنكم العذاب لعدتهم إلى الكفر ، وقيل ، معنى إنكم عائدون إلينا ، أي مبعوثون بعد الموت " ، القرطبي .
" وقيل : المعنى وارتقب الدخان ، وارتقب يوم نبطش ، فحذف واو العطف ، كما تقول : اتق النار ، اتق العذاب ، والبطشة الكبرى في قول ابن مسعود ، يوم بدر ، وهو قول ابن عباس ، وأبي بن كعب ، ومجاهد والضحاك ، وقيل : عذاب جهنم يوم القيامة ، قاله الحسن وعكرمة وابن عباس أيضا ، واختاره الزجاج " ، القرطبي .
" أي إن كشفنا عنكم العذاب ، كشفا قليلا ، أو زمانا قليلا عدتم ، والمراد على ما قيل ، عائدون إلى الكفر ، وأنت تعلم أن عودهم إليه ، يقتضي إيمانهم ، وقد مر أنهم لم يؤمنوا ، وإنما وعدوا الإيمان ، فإما أن يكون وعْدُهم مُنزلا ، مَنزلة إيمانهم ، أو المراد عائدون إلى الثبات ، على الكفر أو على الإقرار والتصريح به . ( يوم نبطش ) يوم نسلّط القتل عليهم ونوسع الأخذ منهم ، وفي القاموس ، بطش به ، أخذه بالعنف والسطوة ، كأبطشه ، والبطش ، الأخذ الشديد في كل شيء " ، الألوسي .
" فسر ذلك ابن مسعود رضي الله عنه ، بيوم بدر ، وهذا قول جماعة ، ممن وافق ابن مسعود رضي الله عنه ، على تفسيره الدخان بما تقدم ، وروي أيضا ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، من رواية العوفي عنه ، وعن أبي بن كعب رضي الله عنه ، وهو محتمل . والظاهر أن ذلك يوم القيامة ، وإن كان يوم بدر يوم بطشة . وروى ابن جرير عن عكرمة ، قال : قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( قال ابن مسعود رضي الله عنه ، البطشة الكبرى يوم بدر ، وأنا أقول هي يوم القيامة ) ، وهذا إسناد صحيح عنه ، وبه يقول الحسن البصري وعكرمة ، في أصحّ الروايتين عنه ، والله أعلم " ، ابن كثير .
وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (17) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18) وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي ءَاتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (19) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (20) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (21) فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (22)
" يقول تعالى ، ولقد اختبرنا قبل هؤلاء المشركين ، قوم فرعون ، وهم قبط مصر ، وجاءهم رسول كريم ، يعني موسى كليمه ، عليه الصلاة والسلام " ، ابن كثير .
" ( رسول كريم ) أي مُكرم معظّم عند الله عز وجل ، أو عند المؤمنين ، أو عنده تعالى وعندهم ، أو كريم في نفسه متصف بالخصال الحميدة والصفات الجليلة حسبا ونسبا ، وقال الراغب : الكرم إذا وصف به الإنسان ، فهو اسم للأخلاق والأفعال المحمودة ، التي تظهر منه ، ولا يقال هو كريم ، حتى يظهر ذلك منه " ، الألوسي .
" ( وإني عذت بربي وربكم ) أي التجأت إليه تعالى ، وتوكلت عليه جل شأنه ( أن ترجمون ) ، من أن ترجموني ، أن تؤذوني ضربا أو شتما ، أو أن تقتلوني ، وروي هذا عن قتادة وجماعة ، قيل : لما قال : أن لا تعلوا على الله ، توعّدوه بالقتل ، فقال ذلك ، وفي البحر أن هذا ، كان قبل أن يخبره عز وجل بعجزهم عن رجمه بقوله ، ( وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون ) ، فكونوا بمعزل مني لا علي ولا لي ، ولا تتعرضوا لي بسوء ، فليس ذلك جزاء ، من يدعوكم إلى ما فيه فلاحكم ، فدعا ربه بعد أن أصرّوا على تكذيبه عليه السلام ، ( أن هؤلاء قوم مجرمون ) " ، الألوسي .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد تركى
عضو / ة
عضو / ة
خالد تركى


الساعة الأن :
عدد المساهمات : 126
نقاط : 262
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 01/09/2010

كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية   كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Icon_minitime1الأحد 17 أكتوبر 2010, 12:37 am

" وفيه اختصار كأنه قيل : أن هؤلاء مجرمون ، تناهى أمرهم في الكفر ، وأنت أعلم بهم ، فافعل بهم ما يستحقونه ، قيل : كان دعاؤه عليه السلام ، اللهم عجّل لهم ما يستحقون بإجرامهم ، وقيل : قوله ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ، إلى قوله ، فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ، وإنما ذكر الله سبحانه السبب ، الذي استوجبوا به الهلاك ، ليُعلم منه دعاؤه والإجابة معا ، وإن دعاءه على يأس من أيمانهم ، وهذا من بليغ اختصارات الكتاب المعجز " ، الألوسي .
( … وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (24) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) … كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا ءَاخَرِينَ (28) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29)
" يقول تعالى ذكره ، كم ترك فرعون وقومه من القبط ، بعد مهلكهم ، وتغريق الله إياهم ، من بساتين وأشجار وعيون ومقام كريم ، يقول وموضع كانوا يقومونه شريف كريم . وقوله ( كذلك وأورثناها قوما آخرين ) يقول تعالى ذكره ، وأورثنا جناتهم وعيونهم وزروعهم ومقاماتهم ، وما كانوا فيه من النعمة قوما آخرين ، وقيل عُنيَ بالقوم الآخرين بنو إسرائيل " ، الطبري .
" ( كذلك وأورثناها قوما آخرين ) وهم بنو إسرائيل ، كما تقدم ، وقوله سبحانه وتعالى ( فما بكت عليهم السماء والأرض ) أي لم تكن لهم أعمال صالحة ، تصعد في أبواب السماء ، فتبكي على فقدهم ، ولا لهم في الأرض ، بقاع عبدوا الله تعالى فيها ، فقدتهم ، فلهذا استحقوا أن لا يُنظروا ، ولا يُؤخروا ، لكفرهم وإجرامهم وعتوهم وعنادهم " ، ابن كثير .
" قال الزجاج : أي الأمر كذلك ، فيوقف على كذلك ، وقيل : إن الكاف في موضع نصب ، على تقدير نفعل فعلا كذلك ، بمن نريد إهلاكه ، وقال الكلبي : كذلك أفعل بمن عصاني ، وقيل : كذلك كان أمرهم ، فأهلكوا ، وأورثناها قوما آخرين ، يعني بني إسرائيل ، ملّكهم الله تعالى أرض مصر ، بعد أن كانوا فيها مستعبدين ، فصاروا لها وارثين لوصول ذلك إليهم ، كوصول الميراث ونظيره ، وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها ، الآية " ، القرطبي .
( … وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (30) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ (31) وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (32) وَءَاتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ (33) …
" يعني ما كانت القبط ، تفعل بهم بأمر فرعون ، من قتل الأبناء ، واستخدام النساء ، واستعبادهم إياهم ، وتكلفهم الأعمال الشاقة ، وقيل : أي أنجيناهم من العذاب ، ومن فرعون ، إنه كان عاليا من المسرفين ، ولقد اخترناهم يعني بني إسرائيل " ، القرطبي .
" واختلف أهل التأويل ، في ذلك البلاء ، فقال بعضهم ابتلاهم بنعَمِه عندهم ، وقال آخرون ، بل ابتلاهم بالرخاء والشدة ، وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، أن يقال إن الله أخبر ، أنه آتى بني إسرائيل من الآيات ، ما فيه ابتلاؤهم واختبارهم ، وقد يكون الابتلاء والاختبار بالرخاء ، ويكون بالشدة ، ولم يضع لنا دليلا ، من خبر ولا عقل ، أنه عنى بعض ذلك دون بعض ، وقد كان الله اختبرهم ، بالمعنيين كليهما جميعا " ، الطبري .
( … إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ (34) إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (35) فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (36) أَهُمْ خَيْرٌ ، أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ، أَهْلَكْنَاهُمْ ، إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (37) …
" ( إن هؤلاء ) ، كفار قريش ، لأن الكلام فيهم ، وذكر قصة فرعون وقومه ، استطرادي للدلالة على أنهم مثلهم ، في الإصرار على الضلالة ، والإنذار على مثل ما حلّ بهم ، وفي اسم الإشارة (هؤلاء ) تحقير لهم ( ليقولون ) : ( إن هي إلا موتتنا الأولى ) أي ما العاقبة ونهاية الأمر ، إلا الموتة الأولى المزيلة للحياة الأولى ، ( وما نحن بمنشرين ) أي بمبعوثين بعدها " ، الألوسي .
" ( إن هؤلاء ليقولون ، إن هي إلا موتتنا الأولى ، وما نحن بمنشرين ، فأتوا بآبآئنا ، إن كنتم صادقين ) ، يقول تعالى ذكره ، مخبرا عن قيل مشركي قريش ، لنبي الله صلى الله عليه وسلم ، إن هؤلاء المشركين من قومك ، يا محمد ، ليقولون إن هي إلا موتتنا الأولى ، التي نموتها ، وهي الموتة الأولى ، وما نحن بمنشرين بعد مماتنا ، ولا بمبعوثين ، تكذيبا منهم بالبعث والثواب والعقاب " ، الطبري .
" ( أهم خير أم قوم تبع ، والذين من قبلهم أهلكناهم ، إنهم كانوا مجرمين ) ، يقول تعالى ذكره ، لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، أهؤلاء المشركون يا محمد من قومك خير ، أم قوم تبع يعني تبعا الحميري ، وكانت عائشة تقول : لا تسبوا تبعا فإنه كان رجلا صالحا . وقوله ( والذين من قبلهم ) ، من الأمم الكافرة بربها ، يقول فليس هؤلاء بخير من أولئك ، فنصفح عنهم ولا نهلكهم ، وهم بالله كافرون ، كما كان الذين أهلكناهم ، من الأمم من قبلهم كفارا ، وقوله ( إنهم كانوا مجرمين ) ، إنما أهلكناهم لإجرامهم وكفرهم بربهم " ، الطبري .
" عن عائشة قالت : كان تبع رجلا صالحا ، ألا ترى أن الله تعالى ذم قومه ولم يذمه " ، الألوسي .
" ( أهم خير أم قوم تبع ) هذا استفهام إنكار ، أي إنهم مستحقون في هذا القول العذاب ، إذ ليسوا خيرا من قوم تبع ، والأمم المهلكة ، وإذا أهلكنا أولئك فكذا هؤلاء " ، القرطبي .
" ( والذين من قبلهم ) أي قبل قوم تبع كعاد وثمود ، أو قبل قريش فهو تعميم ، بعد تخصيص ، ( أهلكناهم ) ، استئناف لبيان عاقبة أمرهم هدّد به كفار قريش ، ( إنهم كانوا مجرمين ) ، تعليل لإهلاكهم ، أي أهلكناهم ، بسبب كونهم مجرمين ، فليحذر كفار قريشا " ، الألوسي .
( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (58) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (59)
" أي أنزلناه سهلا واضحا بينا جليا ، بلسانك الذي هو أفصح اللغات ، وأجلاها وأحلاها وأعلاها ، ( لعلهم يتذكرون ) أي يتفهّمون ويعلمون ، ثم لما كان مع هذا الوضوح والبيان ، من الناس ، من كَفرَ وخالفَ وعاندَ ، قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم ، مسليا له وواعدا له بالنصر ، ومتوعدا لمن كذّبه بالعطب والهلاك ، ( فارتقب ) أي انتظر ، ( إنهم مرتقبون ) أي فسيعلمون لمن ستكون النصرة ، والظفر وعلو الكلمة في الدنيا والآخرة " ابن كثير .
" ( فإنما يسرناه بلسانك ، لعلهم يتذكرون ، فارتقب إنهم مرتقبون ) يقول تعالى ذكره ، لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، فإنما سهّلنا قراءة هذا القرآن ، الذي أنزلناه إليك بلسانك ، ليتذكر هؤلاء المشركون ، الذين أرسلناك إليهم ، بعِبرِه وحُججه ، ويتعظوا بعظاته ، ويتفكروا في آياته ، إذا أنت تتلوه عليهم ، فيُنيبوا إلى طاعة ربهم ، ويذعنوا للحق عندما تبينهموه . وقوله ( فارتقب إنهم مرتقبون ) يقول تعالى ذكره ، لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، فانتظر أنت يا محمد الفتح من ربك ، والنصر على هؤلاء المشركين بالله ، من قومك من قريش ، إنهم منتظرون ، عند أنفسهم قهرك وغلبتك ، بصدهم عما أتيتهم به من الحق ، من أراد قبوله واتباعك عليه " ، الطبري .
" ( فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون ) أي كي يفهموه ، ويتذكروا به ويعملوا بموجبه ، ( فارتقب ) ، أي وأن لم يتذكروا بما يحلّ بهم ، وهو تعميم بعد تخصيص ، بقوله تعالى ( فارتقب يوم تأتي السماء …حتى قوله … إنهم مرتقبون ) وقيل : معناه مرتقبون ما يحل بهم تهكما ، وفي الآية من الوعد له ، صلى الله تعالى عليه وسلم ، ما لا يخفى " ، الألوسي .
سورة الدخان تُنذر قوما من أمة الإسلام كفروا بعد إيمانهم
بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (9)
هذا الوصف لم يكن بحال من الأحوال ، لمشركي قريش ، فهؤلاء كذّبوا وكفروا بما جاء به ، محمد عليه الصلاة والسلام ، جملة وتفصيلا . والشكّ في المعتقد عادة ، يتأتّى بعد الإيمان ، بوحي من شياطين الإنس والجنّ والهوى ، مما يدفع الإنسان في النهاية إلى الكفر . وأما اللعب ، جاء بمعنى الإعراض عما ينفع والاستهزاء به ، والانشغال بما لا ينفع ، بل وبما يضرّ ، وهي صفة يمتاز بها الصبية والأولاد الصغار ، لصغر عقولهم ، وقلة مداركهم ، وضيق أفقهم ، وعدم مقدرتهم ، على أخذ العبرة والعظة .
أما هؤلاء القوم من أمة محمد ، فهم في شك من أمر الله ، والشك هو انعدام اليقين ، بمعنى أنهم غير موقنين ، مما أخبر عنه في كتابه المبين ، الذي جاء به الرسول المبين ، بلسان عربي مبين ، من أمور الغيب ، وعلى رأسها انعدام اليقين بربوبية وألوهية الله ووحدانيته وإنكار البعث ، أي الشك بملكية الله للسماوات والأرض وما بينهما ، وقدرته على تصريف الأمور ، والشك بأمر البعث بعد الموت . لذلك فهم لا يتورعون ، عن اتخاذ دينهم هزوا ولعبا ، إذ لا بعث ولا حساب ولا عقاب يردعهم .
قال تعالى ( يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ، لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا ، مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ ، وَاتَّقُوا اللَّهَ ، إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57 المائدة ) ، فالذين يوالون الذين اتخذوا دين الله هزوا ولعبا ، من اليهود والنصارى والكفار إجمالا ، وهم يُظهرون الإيمان ليسوا بمؤمنين ، فما بالك بمن يتخذ دين الإسلام ، هزوا ولعبا ويحاربه ، وهو ينتسب إليه .
وقال تعالى ( وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70 الأنعام ) ، وقال ( الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (51 الأعراف ) .
فهؤلاء القوم يتصفون بأمرين :
الأول : أنهم لا يؤمنون بالله واليوم الآخر .
الثاني : أن شغلهم الشاغل هو الحياة الدنيا ، وأنهم يتخذون أمور دينهم ، مادة للهزء والسخرية واللهو .
فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11)
نلاحظ أن المفسرين اختلفوا على ثلاثة مواقف ، فمنهم من وافق تفسير ابن مسعود ، ومنهم من وافق تفسير ابن عباس ، ومنهم من أخذ بالاحتمالين . وكلٌّ منهم أكمل تفسير السورة ، على ما ارتأى من صوابية اعتقاده ، بالنسبة لهذا الدخان . وأما من حيث زمن الوقوع ، فالاحتمال الأول ، يقول بأن الدخان والبطشة ، قد مضيا في مشركي قريش ، والاحتمال الثاني يقول بأنه قبل يوم القيامة ، والاحتمال الثالث يقول بأنه من أحداث يوم القيامة ، وللفصل في هذه الأقوال والمواقف ، سنستنبط صفات هذا الدخان من الآيات نفسها ، وصفات هؤلاء القوم وأفعالهم ، في نهاية الفصل ، بمعزل عن الروايات والتفسيرات السابقة ، فظاهر الآيات الكريمة ، يدل على أن ما ورد في الآيات ، هو نبأ دخان سيظهر في المستقبل ، والأقدر على بيان أمره ، هو من يعاصر ظهوره ، بعد اكتمال معالمه ، كما هي العادة ، في فهم وتفسير النبوءات المستقبلية .
رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12)
وهذا هو دعاء المعُرضين عن ذكر الله ، كما هي العادة ، من المسرفين والمشركين والكفار ، من الناس إجمالا ، كلما مسّتهم الضراء والبأساء ، سواء من أمة الإسلام أو من غيرها ، كما في قوله تعالى ( وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12 يونس ) .
ولاحظ ضمير المخاطب ( كم ) ، والذي يعود على المخاطبين بالقرآن ، في قوله تعالى ( وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ، ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ ، فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53) ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (54 النحل ) ، وقوله ( وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا (67 الإسراء ) .
والأقرب والأظهر ، بالنظر في دعواهم تلك ، وإقرارهم بألسنتهم ما ليس في قلوبهم من الإيمان ، عند غشيان الدخان لهم ، أن يكون هؤلاء من أمة محمد عليه الصلاة والسلام ، فسقوا عن دينهم مع كونهم مسلمين ، نفاقا على الأغلب ، وشركهم في الله جاء بعد الإيمان به . أما قريش فلم يكن هذا حالهم ، وما كان ليصدر منها هذا الدعاء ، فمنهم من أسلم ، ومنهم أصرّ على كفره ، أما النفاق فلم يعرفوه ، ولم يكن لهم فيه مصلحة ، ومن المعروف أن النفاق ، ظهر بعد انتشار الإسلام ، وهو ما حصل في المدينة المنورة ، لعدة غايات وأهمها وأخطرها ، هو سعيهم لمحاربة تعاليم الدين وهدم معالمه ، داخل المجتمعات الإسلامية ، وسورة الدخان مكية ، وحال هؤلاء ، كحال من قال فيهم سبحانه ، في مطلع سورة البقرة :
( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ : ءَامَنَّا بِاللَّهِ ، وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ ، وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ ، وَالَّذِينَ ءَامَنُوا ، وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ءَامِنُوا كَمَا ءَامَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا ءَامَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (13) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ ءَامَنُوا قَالُوا ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16 البقرة ) .
حيث قال سبحانه ( ومن الناس ) ، ولم يحصر هذا السلوك بطائفة من الناس ، أو بزمن معين ، وهذا السلوك بدأ بالظهور ، بعدما قويت شوكة الإسلام في المدينة المنورة ، واستمر على مرّ العصور ، حتى يومنا هذا .
أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (13) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (14)
من أين لهؤلاء القوم الذكرى ؟! أي التوبة والإنابة إلى الله ، وقد سبق منهم الإعراض ، عما جاء به الرسول الكريم ، الذي لا يُشكّك في كرم أخلاقه ، أو حسبه أو نسبه أو لسانه العربي ، محمد عليه الصلاة والسلام ، بعد مجيئه والإيمان به ، والانتساب إلى دينه . وفضلا عن سبق الإعراض عن رسالته ، بعد احتضانها لمدة من الزمن ، تولّوا عنه وأعرضوا عما جاء به ، واتهموه بالتعلّم من الكهّان والشياطين ، بحوادث ميتافيزيقية ، وأضافوا إليه صفة الجنون ، إمعانا منهم ، في الإجرام والافتراء والاستهزاء ، فإن سلم من الكهانة ، لم يسلم من الجنون . فيردّ عليهم ربهم قولهم هذا ، بقوله لرسوله ( فَذَكِّرْ ، فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (29 الطور ) ، ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4 القلم ) ، ( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40 الحاقة )
وسُتفاجأ أخي المسلم ، أن المقصود بهذا القول ليسوا مشركي قريش ، بل مشركي ومنافقي هذا العصر من أمة الإسلام ، وأنهم قالوا هذا القول وأكثر ، في رسول الله عليه الصلاة والسلام ، تحت رعاية ودعم حكومي مادي ومعنوي ، وأن هذا الافتراء ذاته ، هو الذي أخبر عنه سبحانه ، وهو من أكبر الأسباب الموجبة لعقابهم .
إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15)
ويُخبر سبحانه بأنه سيرفع العذاب عنهم قليلا ، بعد انعقاد أسبابه ، بكشف الدخان ، بعد نيلهم قسطا من أذاه ، نزولا عند رغبتهم السابقة ، وإقرارهم بالإيمان عند غشيانه لهم ، فالدخان مجرد تحذير ، ولفت انتباه لهم ، بأن الله هو رب السموات والأرض ، وبأنه قادر على إماتتهم وإهلاكهم ، كما أمات آبائهم ، ولئلا تكن لهم حجّة ، بأنه لم يعطهم الفرصة للتوبة والإنابة ،. ومن ثم يٌقرّر سبحانه بأنهم سيعودون ، لما كانوا عليه ، من الشك واللعب ، وسيضيفون إليها التولي والإعراض والعصيان والاتهام لرسوله الكريم ، ليستوجبوا عن جدارة واستحقاق ، أن يبطش بهم رب العزة بطشته الكبرى .
قال تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم (61 التوبة ) ، وقال ( الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57 الأحزاب ) .
يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (16)
أما بطش رب العزة ، فهذا وصفه ( إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12 البروج ) . ونستطيع تصوّر طبيعة هذه البطشة ، من قوله تعالى في سورة القمر ( كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (33) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا ءَالَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ (34) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (35) وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ (36) وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (37) وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ (38) فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (39) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (40 القمر ) ، وتماروا بالنُذر ، أي كذّبوا إنذارات لوط عليه الصلاة والسلام ، وتحذيراته لهم ، وأكثروا الجدال والاستهزاء بها ومنها ، فبطش بهم ربهم ، وما وقع من قوم لوط ، هو ما وقع من هؤلاء ، بعد أن جاءهم هذا رسولهم الكريم ، نذيرا من غضب الله ، فغشيهم الدخان ، وستبغتهم البطشة الكبرى ، وهم ما زالوا يُمارون ويتمارون ، في شكٍ يلعبون ، من أمر هذا الرسول المبين ، وأمر هذا الكتاب المبين ، وأمر هذا الدخان المبين .
ـ وما نزل بقوم لوط نستخلصه من الآيات التالية :
( … إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81) فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا ، جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا ، وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا ، حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ ، وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83 هود ) .
كان ذلك في الصباح الباكر ، حيث رُفعت قرية لوط عليه الصلاة والسلام بمن فيها ، إلى السماء ، وتقول بعض الروايات أن الملائكة في السماء الأولى سمعت نباح كلابهم ، ومن ثم قُلبت ، ورُميت من ذلك الارتفاع الشاهق إلى الأرض ، فأحدثت ذلك الجرف الجغرافي ، الممتد من على طول نهر الأردن ووادي عربة ، ومن ثم أُمطرت بالحجارة ، التي لا تزال ظاهرة ، إلى يومنا هذا ، بانغراسها في الطين المتحجّر ، في تلك المنطقة على سواحل البحر الميت ، وفي سفوح الجبال حوله . وخلاصة القول ، أن البطشة تعني خراب الديار وهلاك أهلها ، بغض النظر عن الوسيلة ، مشهد يحمل في ثناياه أبشع صور للانتقام الإلهي ، حين يوغل الناس بإصرار في الإجرام ، بحق الله وحق رسله الكرام ، دون وازع أو رادع ، ضاربين بإنذارات ربهم عُرض الحائط ، مستحقّين بذلك غضبا إلهيا عارما ، سيسكبه على رؤوسهم عاجلا أم آجلا .
وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ … فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (22)
ومفاد الآيات أعلاه ، هو أن حال هؤلاء القوم ، مع محمد الكريم الأمين المبين ، عليه الصلاة والسلام ، كحال فرعون وقومه مع موسى الكريم الأمين المبين ، عليه الصلاة والسلام ، وذلك نفيا لما قاله هؤلاء عنهما ، سواء من فرعون وقومه ، أو ممن أشرك وكفر من أمة محمد . ومن تشبيه الحال بالحال ، نستطيع التعرف على موقف هؤلاء القوم من محمد ، من خلال معرفة موقف فرعون وقومه من موسى ، الذي ورد بالتفصيل في القرآن الكريم ، حيث أن الآيات ، التي تصف موقف فرعون وقومه من موسى ورسالته ، تكاد تبين ما تحويه سورة الدخان ، من مقاصد إلهية ، تكتنفها الآيات الكريمة .
حال فرعون وقومه مع موسى :
ـ دعا موسى عليه الصلاة والسلام فرعون وقومه ، إلى تقوى الله ، فجادلوه واستهزءوا به ، وبما جاء به ، وأنكروا ربوبية الله ، واتهمه فرعون بالجنون ، وهدّده بالسجن ، إن اتّخذ إلها غيره ، فأراه موسى آيات ربه الكبرى ، فاتهمه بالسحر ، وببلوغه مرتبة عالية في علمه ، ليصبح كبيرا السحرة ، ونفّذ تهديده فيمن اتبعه وآمن به من السحرة .
( وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ (11) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (12) … فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (16) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (17) … قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قَالَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (24) قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ (25) قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ ءَابَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (26) قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27) قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (28) قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (30) قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (31) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (32) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (33) قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34) … قَالَ ءَامَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (49) … ( الشعراء ) .
ولهذا تشابهت لغة الخطاب وتشابهت الحجة في قول الرسولين الكريمين :
موسى : ( قَالَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (24) … قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ ءَابَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (26 الشعراء )
محمد : ( … رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (7) … رَبُّكُمْ وَرَبُّ ءَابَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (8 الدخان )
ـ فأنذرهم الله بعذابات ، من المألوفة للناس ، كالقحط والجوع ، مشعرا إياهم بقدرته على أخذهم ، لعلهم يرجعون ، ولكنهم ردّوا هذه الابتلاءات ، إلى " الوشّ النحس " ( باللهجة المصرية ) ، لموسى ومن معه ، ولم ينسبوها إلى الله . وأصرّوا على كفرهم ، فأرسل عليهم ما لم يألفوه ، كالطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ، فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين . ولكنهم لما وقع بهم العذاب وعاينوه ، وعدوا موسى بالإيمان ، في حال كُشف عنهم . ورُفع العذاب عنهم لأجل مسمى ، هم بالغوه ، وفور شعورهم بالرخاء ، نكثوا عهدهم وعادوا لما سبق ، فانتقم الله منهم ، لتكذيبهم لآيات الله وغفلتهم عنها .
( وَلَقَدْ أَخَذْنَا ءَالَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ ، لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130) فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ ، قَالُوا لَنَا هَذِهِ ، وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ ، يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ ، أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (131) وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ ءَايَةٍ ، لِتَسْحَرَنَا بِهَا ، فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ ، ءَايَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ ، فَاسْتَكْبَرُوا ، وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (133) وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ ، قَالُوا : يَمُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ ، لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ ، وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ ، إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (135) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ ، فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ، بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ، وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ ، مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ، وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا ، وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ ، وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137 الأعراف ) .
ـ فما آمن لموسى ، سوى فئة قليلة من مجموع بني إسرائيل ، وتبعهم فرعون إلى البحر ، وعندما أدركه الغرق ، ندم الإله فرعون ، فخان قومه ، وأعلن توبته وإيمانه بإله آخر ، هو الإله ، الذي آمنت به بنوا إسرائيل ، حسب قوله .
( ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (75) … فَمَا ءَامَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ ، عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ ، أَنْ يَفْتِنَهُمْ ، وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ (83) … وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ ، فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ، حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ ، قَالَ ءَامَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي ءَامَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ ، وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90 يونس ) .
ـ وأما عامة المصريين ، فقد اتبعوا إلههم وربهم الأعلى فرعون ، بعد أن استخفّ عقولهم فأطاعوه ، وأضلّهم عن السبيل ، فكانوا قوما فاسقين كإلههم ، ومن الغريب أن صفة خفة العقل ، صفة متوارثة لغاية الآن في عامة الشعب المصري ، إلا من رحم ربي ، كما ورث أهل العراق صفة البأس الشديد من أجدادهم البابليين .
( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَأَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ، فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ ، فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا ، لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38 القصص ) . ( فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى (20) فَكَذَّبَ وَعَصَى (21) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (22) فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمْ الْأَعْلَى (24 النازعات ) . ( فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54 الزخرف ) . ( وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى (79 طه ) .
ـ أما علية القوم ، حاشية السوء فكان رأيهم أنهم هم المصلحون ، وأن موسى ومن معه من المؤمنين بالله ، هم المُفسدون في الأرض ، وكذلك رأي فراعنة هذا العصر ، في المصلحين من الناس ، بمعنى أنهم سيدفعون الناس إلى عبادة الله ، فيتركوا عبادة آلهة فرعون ، مما يجعلهم يستنكفوا عن طاعته ، فتُقوض بذلك أركان ملكه ، مما يؤول به إلى الزوال ، فتفسد الأرض ، لذلك يجب التخلص من شرورهم ، بقتل أبنائهم واستحياء نسائهم وقهرهم ، وقتل الرأس المحرّكة للفتنة .
( وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَءَالِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127 الأعراف ) . ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى ، وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ ، أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (26)
ـ وأما مؤمن آل فرعون ، كان له رأي آخر ، إذ قال لقومه ، فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا ؟!
( يَقَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ ، فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا ، … قَالَ فِرْعَوْنُ : مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى ، وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29 غافر ) . وعلى هذا ، فليحذر فراعنة أمة الإسلام الجدد ، الذين يهدون الناس إلى سبيل الرشاد الخاص بهم ، من بأس الله !!
ـ وجاء نصر الله لرسوله الكريم ، فأنجاه من مكر فرعون وملئه ، وأنزل بهم ما استجلبوه على أنفسهم ، من عذاب الدنيا والآخرة .
( فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا ءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46 غافر )
ـ وأخيرا ، تهديد وتحذير شديد اللهجة ، لمن كفر بالنذير محمد ، من ملاقاة نفس المصير ، فليس هناك استثناء لأحد ، حتى ولو انتسب لأمته وادعى الإسلام ، فملة الكفر عند رب العزة واحدة ، ومصيرها واحد ، إذ لا خيرية في الكفر .
( وَلَقَدْ جَاءَ ءَالَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (41) كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (42) أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ (43 القمر ) . ( إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا ، شَاهِدًا عَلَيْكُمْ ، كَمَا ، أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ ، فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا (16 المزمل ) .
وقد جانب الصواب من ظنّ ، بأن الذين ورثوا أرض مصر ، هم بني إسرائيل ، فتاريخ مصر القديم والحديث ، لا يدل على ذلك ، وكذلك تاريخ بني إسرائيل ، في القرآن والسنة والتوراة والتلمود ، كما بينّاه سابقا ، وأما المقصودين بوراثتها ها هنا ، هم أهل مصر ، من أبناء من بقي ، من قوم فرعون وعبيده ، الذين لم يُهلك منهم في اليم غرقا ، سوى من تبع بني إسرائيل ، أثناء خروجهم من مصر ، أما الأرض التي ورثها بنو إسرائيل ، بعد خروجهم من مصر ، فهي الأرض المقدّسة والمباركة أي فلسطين .
وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ … وَءَاتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ (33)
ويُذكّر سبحانه بإنجائه بني إسرائيل ، من فرعون وقومه ، وبما آتى نبيهم موسى عليه الصلاة والسلام ، من معجزات بيّنات ، في مصر وأثناء خروجهم منها ، شاهدوها بأم أعينهم ، ويذكّر سبحانه بأنه وبالرغم من تفضيلهم ، وابتلائهم بالسرّاء والضرّاء ، فما كان من أكثرهم إلا الكفر والفسوق والعصيان ، وإيذاء نبيهم موسى عليه الصلاة والسلام ، فأنزل بهم وعليهم ربهم العذاب تلو العذاب ، مما فصلناه في فصل سابق . وكما حاول فرعون إيذاء موسى ومن منعه من المؤمنين ، كذلك فعل بنو إسرائيل أنفسهم ، بموسى بعد النجاة ، ( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ : يَقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي ؟! وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ ، فَلَمَّا زَاغُوا ، أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ، وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (5 الصف ) ، ومجمل من تقدّم ذكرهم في سورة الدخان ، يقول فيهم سبحانه :
إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ : إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى … أَهْلَكْنَاهُمْ ، إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (37)
يُقرّر سبحانه وتعالى بأن ( هَؤُلَاءِ ) أي أصحاب الدخان ، يُنكرون البعث والنشور ، كما يُقرّر سبحانه وتعالى ، أنهم ليسوا بخير من قوم تبع ، والذين من قبلهم ، حيث أهلكهم الله بإجرامهم . ومن المفهوم ضمنا ، بأن في هذا وعيد ، لمن يُجرمون في حق الله ورسله وكتبه ، وينكرون البعث . حيث أنهم لو آمنوا ، بحقيقة رجعتهم إلى الله في اليوم الآخر لتقديم الحساب ، ونيل ما ترتب على أقوالهم وأفعالهم تلك ، من ثواب وعقاب ، وتحصّل لديهم اليقين بذلك ، لما تجرّأوا على الإجرام ، كما أجرم الذين من قبلهم . فهم في شك يلعبون ، ومصيرهم الهلاك لا محالة ، وانظر قوله تعالى موضحا حقيقة حالهم ، وهو أعلم بما يعتمل في صدورهم ، وحقيقة موقفه منهم ، ومن أمثالهم ماضيا ومستقبلا :
قال تعالى ( إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ، إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (38) هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ ، فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ ، وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ، إِلَّا مَقْتًا ، وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ ، إِلَّا خَسَارًا (39) … وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ، لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ ، لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ ، فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ ، مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا (42) اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ ، وَمَكْرَ السَّيِّئِ ، وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ، فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ ، فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ، وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ، فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ، وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً ، وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ ، فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ، إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا (44) وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ ، بِمَا كَسَبُوا ، مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ ، وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ، فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ ، فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا (45 فاطر ) .
وقال ( فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ ، لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا ، سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ ، وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85 غافر ) .
- إذن لا أحد ممن أجرم في حق الله ، بمفازة من العذاب ، وما تركِهم في طغيانهم يعمهون ، إلا لحين مجيء أجلهم المُعلوم سلفا ، وتأخير العذاب عنهم ، ما كان لعجز ، أو لقصر ذات يد . إذ أنهم كلما أمعنوا في الكفر ، كلما ازدادوا مقتا وغضبا وخسارة ،
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد تركى
عضو / ة
عضو / ة
خالد تركى


الساعة الأن :
عدد المساهمات : 126
نقاط : 262
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 01/09/2010

كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية   كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Icon_minitime1الأحد 17 أكتوبر 2010, 12:38 am

وكلما اقترب إليهم أجلهم ، وهم لا يشعرون ، ولن يقبل إيمانهم ، عند معاينة العذاب ، بعد أن حق القول عليهم ، وصدر الحكم بكفرهم ، ونفذ قضاء الله فيهم .
فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ، فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (59)
أي أن الله سبحانه سهّل هذا القرآن ، بلسان عربي مبين ، وجعله قابلا للفهم والهضم ، لمن أراد فهمه ، رغبة في الذكرى والتذكّر ، ومن لم يُرد الذكرى منه ، وارتاده لأمر ما غير ذلك ، حُجب عنه الفهم ، ووجده طلاسم ورموز لا يفقه منها شيئا ، فكذّب وجادل وكفر ، ونسب إلى كتاب الله ، ما ليس فيه ، وأعرض عن اتباعه ، ونهى عن العمل به ، وحاربه بشتى الوسائل والسبل :
قال تعالى ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (21) … وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ ، وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ ، وَفِي ءَاذَانِهِمْ وَقْرًا ، وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ ءَايَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا ، حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ ، يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا ، إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (25) وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ ، وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ ، وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ ، وَمَا يَشْعُرُونَ (26) وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ ، فَقَالُوا : يَلَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا ، وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27) بَلْ بَدَا لَهُمْ ، مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ ، وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ ، وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28) وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29 الأنعام ) .
( فارتقب ) خاص برسوله عليه الصلاة والسلام ، وفيه وعد بنصرته ونصرة أتباعه ، بإهلاك خصومه ، وعام لمن يُخاطبهم القرآن ، ( إنهم مرتقبون ) أي مرتقبين هلاكهم ، غير مصدّقين ، مستهزئين غير عابئين ، بما وعدهم الله من أمر البطشة الكبرى ، وفيه تهكّم من الله بهم وتحقيرا لشأنهم . وقوله ( فارتقب ) يفيد أن ذلك سيقع مستقبلا ، وفيه حثّ على الترقّب والانتظار ، كقوله ( فارتقب يوم تأتي السماء ) لمعاينة الحدث الأول ، ( أي الدخان ) الذي بيّن رب العزة خبره ، وبيّن ما سيكون قولهم عند نزوله بهم ، وما سيكون موقفهم بعد كشفه عنهم ، ومن ثم ( فارتقب ) في آخر السورة ، لمعاينة الحدث الثاني ( أي البطشة الكبرى ) ، لتعلم وليعلم المؤمنون ، بأن ما أخبر عنه هذا القرآن الكريم المبين هو الحق ، وأن من أنزله هو الحق ، وأن ما يُنكره هؤلاء بكفرهم ، هو الحق فلا يُضيرك ويُضير المؤمنين به ، كفرهم وفسوقهم وعصيانهم ، فلن تأسف عليهم السماء ولا الأرض ، كما لم تأسف على من أهلكناهم من قبل ، قال تعالى ( يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ، لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ، إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105المائدة ) .
صفات الدخان :
1. بيّن واضح لا لُبس فيه ، لا يختلف عليه اثنان ، وهو المعروف المألوف بين الناس ، وهو الذي ينجم عن عملية الحرق في العادة ، ذو طبيعة غازية ، ولون أسود ، ورائحة كريهة نفّاثة مؤذية ، بدلالة قوله تعالى ( بِدُخَانٍ مُبِينٍ ) .
2. هو من الأمور المنتظرة والمرتقبة ، قادم لا محالة في يوم من الأيام ، بدلالة تنكير كلمة ( يَوْمَ ) .
3. مصدره من السماء ، لا الأرض ، بدلالة قوله تعالى ( تَأْتِي السَّمَاءُ ) ، أي أن السماء ستأتي به ، وبذلك ستكون الغازات المؤلفة لهذا الدخان ، غير تلك الغازات ، التي تؤلف الدخان الناجم ، عن الحرائق على الأرض .
4. ظهوره مفاجئ ومباغت ، وغير مسبوق بما يُنبئ عن قدومه ، لكي يتعذر على الناس ، إيجاد تبريرات وأسباب مادية ومنطقية لظهوره ، ليؤكد سبحانه ، بأن مصدره هو السماء ، وأنه عذاب من عنده ، وأنه نذير سوء ، وأن هناك ما هو أفظع منه وأقسى ، ألا وهو البطشة الكبرى ، بدلالة قوله تعالى ( فَارْتَقِبْ ) ، وهو خطاب بلفظ المفرد خاص برسول الله عليه السلام ، ومراد به العموم ، ممن يسوءهم ما يسوء الله ورسوله ، أي فارتقبوه لتعرفوه إذا ظهر ، وليرتقبه المعنيين به ليحذروا ، ما يكون من أمر الله بعده .
5. إحاطته بالناس من كل الجوانب . بمعنى أنه ينزل من السماء ، ويمكث قريبا من الأرض ، ملازما للناس ، يملأ عليهم معايشهم ومساكنهم ، بدلالة قوله تعالى ( يَغْشَى النَّاسَ ) ، والناس هنا ، هم الذين سيُظهرون الشك واللعب في أمر دينهم ، دون غيرهم ، لأن الآيات السابقة لها حدّدت حقيقة معتقدهم ( في شك ) ووصفت فعلهم ( يلعبون ) . وفي العادة فإن الدخان ، يتصاعد إلى أعلى بعيدا عن الناس ومساكنهم ، ومن ثم ينتشر في السماء ويختفي تدريجيا ، ومن ثم تمتزج ذراته مع ذرات الماء والغبار ، وتترسب وتعود إلى سطح الأرض ، خلال سويعات قليلة . ولكن هذا مخالف لكل ما سبق ، يهبط من أعلى إلى أسفل ، ويبقى ملازما للأرض وللناس ، ولا ينتشر ولا يترسب ، حتى تتحصّل الغاية من إرساله ، بتعذيب أولئك القوم .
6. يُصاب الناس منه بالأذى والضرر ، وعادة ما يُحدث الدخان ضررا ، في الأنف والعين والحنجرة ، وقد يتسبّب بحالات اختناق نتيجة نقص الأوكسجين ، في أسوأ الأحوال ، من جراء غشيانه وإحاطته بهم ، ولكن دون الموت والهلاك ، بدلالة قوله تعالى ( هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ، وهذا تقرير من رب العزة بأنه عذاب ، لمن قد يُشكّك في ذلك ، أي أن المقصود بإنزاله ، تعذيب من ينزل بهم ، وليس موتهم ، لأمور اقترفوها ، توضّحها الآيات فيما يليها .
7. هذا الدخان حدث عارض ، وغشيانه للناس مؤقت ، وانكشاف هذا الدخان ، سيكون بأمر من الله ، لقوله ( إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا ) ، إذ أن الهدف منه هو الإنذار فقط ، بالرغم من انعقاد الأسباب الموجبة للعذاب ، ولكن يلزم الإصرار من قبل القوم ، على ما هم فيه من العتو والكبر ، قبل نزول البطشة الكبرى بهم ، وهذا رحمة من الله ، حتى بمن يؤذيه ، ويؤذي رُسله من عباده .
حقيقة معتقد هؤلاء القوم وصفة أقوالهم وأفعالهم :
1. انعدام اليقين بالله ، وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وكل ما أخبرت عنه الكتب السماوية ، ( بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ ) .
2. الإعراض عن آيات الله ، والاستهزاء بها ، واتخاذها هزوا ولعبا ، كمادة للتسلية والفكاهة والتندر ( يَلْعَبُونَ ) .
3. النفاق حتى مع الله ، فحقيقة أفعالهم ، تتنافى مع ما يُظهرونه ، من إيمان أو انتساب للإسلام ، فقولهم هو ( رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ) ، وشهادة رب العزة تُكذّب قولهم ( أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى ) .
4. الكفر بعد الإيمان ، بالإعراض عن هدي رسول الله ، عليه الصلاة والسلام ، ( ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ ) .
5. الطعن في خلقه الكريم ، واتهامه بالجنون أي المس ، وبالتعلّم من البشر والكهان والسحرة ، ( وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ ) .
6. محاربة الله وإيذاء رسوله وأوليائه من الناس ، من تضييق وتعذيب وقتل ، ومحاربة الإسلام ، والطعن في تعاليمه ، وإضلال الناس وإبعادهم عن الحقيقة ، وهدي الناس بغير هدي محمد ، عليه الصلاة والسلام ، واتهام المُصلحين من الناس ، بالمفسدين في الأرض ، خشية أن يُبدّل هؤلاء المصلحون دينهم الجديد الذي يدينون ، بإحياء الدين الإسلامي من جديد ، ، وهذه هي أقوال وأفعال فرعون وقومه ، ومستفادة من تشبيه حال هؤلاء القوم ، بحال فرعون وقومه ، وكذلك بحال بني إسرائيل .
7. إنكار البعث والنشور وما يليه من حساب ، وثواب وعقاب ، ( إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ : إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ ) .
8. ماديّون منشغلون ومتفانون في الحياة الدنيا ، فهم من عُبّاد الدنيا ومظاهرها الخادعة ، لا يؤمنون إلا بما هو محسوس ، من الدلائل الدافعة للشك والموجبة لليقين ، لطلبهم الدليل المادي بقولهم ( فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) ، للتأكد من حقيقة القدرة على البعث ، وما هم بموقنين ، فعقولهم قاصرة عن فهم الدلائل العقلية ، المطروحة في القرآن ، والتي لا تتحصّل إلا بالتفكّر والتدبّر .
9. مجرمون ومصرّون على إجرامهم ، فلا وازع ولا رادع ، يثنيهم عن غيهم وطغيانهم ، ولا تعنيهم التحذيرات والنذر ، ( أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ) .
ظهور هذا الدخان بصفته الموضحة أعلاه ، لم يتحصّل في حياته عليه الصلاة والسلام ، حيث لو عاينه في حياته لأخبر عنه ، أو أخبر عنه أصحابه ، ولورد خبره في كتب السيرة والتاريخ ، وليس من المنطقي أن يكون من أحداث يوم القيامة ، أو من أشراطها الكبرى ، فصفته وصفة هؤلاء القوم ، والغاية من غشيانه لهم ، كما تُبينها الآيات ، لا تتفق مع كونها أحد أشراط الساعة الكبرى ، والتي سيُعاينها مجمل البشر ، بينما هذا الدخان ، خاص بأناس من أمة الإسلام ، وسبب غشيانه لهم ، هو أنهم كفروا بعد أن كانوا مسلمين ، وأما السبب الموجب للبطشة الكبرى ، هو إيذاءهم لرسوله الكريم ، بالرغم من تحذيرهم بالدخان .
( وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ )
جاء في لسان العرب أن " جماع معنى الفتنة ، الابتلاء والامتحان والاختبار ، وأصلها ، مأخوذ من قولك فتنت الفضة والذهب ، إذا أذبتهما بالنار ، لتميز الرديء من الجيد " . ويتضح معناها من قوله تعالى ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً (35 الأنبياء ) ، وقوله تعالى ( الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ ، أَنْ يُتْرَكُوا ، أَنْ يَقُولُوا ءَامَنَّا ، وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ، فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا ، وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3 ) … وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ (11 العنكبوت ) ، ليكون معنى الفتنة ، هو الامتحان والاختبار ، ويكون ذلك بالابتلاء بالشر أو بالخير ، ليعلم الله الصادق من الكاذب ، وليعلم المؤمن من المنافق .
والملاحظ في الآيات أعلاه ، أن المخاطب في الآية ( 35 ) من الأنبياء ، هم المعاصرين لرسالة الإسلام ، وأن الحديث في الآية ( 2 ) من العنكبوت ، كان عن الناس إجمالا وبشكل عام . أما قوله ( ولقد فتنا الذين من قبلهم ) فالضمير ( هم ) يعود على المعاصرين لرسالة الإسلام ، والذين فتنوا من قبلهم ، هم كل من سبقت فتنتهم ، قبل مجي الإسلام ، إذ لم يكن في هذه العبارة ، تحديد لأقوام بعينها سبقت فتنتها ، فهي أسبقية زمانية لا مكانية .
وأما في سورة الدخان ، فيقول سبحانه وتعالى ، ( ولقد فتنا قبلهم ) ، وضمير الغائب ( هم ) في كلمة ( قبلهم ) ، يعود حصرا على أصحاب الدخان ، الموعودين بالبطشة الكبرى ، وبمجيء التحديد لقوم بعينهم ، بقوله تعالى ( قوم فرعون ) ، تصبح أسبقية ( قوم فرعون ) لهؤلاء الناس ، مكانية وزمانية في آن واحد ، ونلاحظ هنا ، أن الفتنة كانت للقوم بشكل عام ، إذ لم يقل سبحانه ( فرعون ) أو ( فرعون وقومه ) أو ( فرعون وملئه ) ، وإنما قال ( قوم فرعون ) .
ليصبح المعنى ، بأننا قمنا بامتحان واختبار ، هؤلاء القوم ( أصحاب الدخان ) ، فكان منهم ما كان ، من أمر رسولهم ، ورسبوا في الامتحان الذي قُدّم إليهم ، بمجيء محمد عليه الصلاة والسلام ، الرسول الكريم ، وتبيّن لنا وتأكّد أنهم كاذبون ، فاستحقوا بطشتنا الكبرى ، فبطشنا بهم ، كما كنا قد فتنا قبلهم في نفس الأرض ، قوم فرعون ، ببعث رسولنا الكريم موسى إليهم ، فكذبوه وحاربوه واتهموه بالسحر والجنون ، فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر .
وهنا نفهم من قوله تعالى ، ( يغشى الناس ) ، بأن المقصودين هنا ، أناس بعينهم لا جملة البشر ، وحقيقة هؤلاء الناس موضحة ، في الآيات بشكل لا لبس فيه ، وأهم ما يتميّزون به هو الكفر والنفاق ، وأن هذا الدخان سيغشاهم كعذاب وليس كابتلاء ، وذلك لكفرهم ونفاقهم ، مما ينفي أن هذا الدخان سيُبتلى به عامة البشر ، من مؤمنين وكفار ومنافقين ، ويُفهم من قوله ( الناس ) ، أنه سيغشى عامة الناس المقيمين في المكان ، الذي أحدث الناس فيه ، ما وصفته الآيات أعلاه ، دون سائر البشر .
أما الإشارة الثانية للمكان فجاءت في قوله تعالى ( وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (30) مِنْ فِرْعَوْنَ … ) ، ونجاتهم كانت بخروجهم من مصر ، وذكر بني إسرائيل أيضا جاء هنا ، لاشتراكهم مع الفراعنة بالفساد والإفساد في الأرض ، وانعدام الإيمان بالله واليوم الآخر ، ومحاربتهم لله ولرسله وأنبيائه والصالحين من الناس ، قبل العلو وبعده ، فأنزل الله بهم العذاب تلو العذاب .
وقوله تعالى ( … إِنَّ هَؤُلَاءِ … ) أصحاب الدخان ، ( … أَهْلَكْنَاهُمْ ، إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (37) وفيه تهديد ضمني ، للمخاطبين بالقرآن ، من كفرة أمة محمد عليه الصلاة والسلام ، بالإهلاك كما أُهلك الذين من قبلهم ، لما فعلوا مثل فعلهم .
ترتيب المشاهد حسبما وردت في سورة الدخان :
المشهد الأول : الشك واللعب .
المشهد الثاني : غشيان الدخان للناس ، ومن ثم زواله .
المشهد الثالث : العودة لما كانوا عليه ، بل والإمعان في التولي والإعراض ، وأخيرا الإساءة لرسول الله .
المشهد الرابع : البطشة الكبرى .
تساؤلات :
والسؤال الأول : هل ظهر الدخان في مصر ، حيث مكان إقامة فرعون وقومه ؟
والسؤال الثاني : هل كان أهل مصر ، ( فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ ) ، قبل ظهور الدخان ؟
والسؤال الثالث : هل أمعن أهل مصر ، في التولي والإعراض ، عما جاء به رسول الله عليه الصلاة والسلام ، بعد ظهور الدخان ، ( وَقَالُوا _ عنه _ مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ ) أيضا ؟


فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين
في هذا الفصل ، سنعرض جانبا من مقالات ، أوردتها صحيفة الأهرام المصرية ، تتحدث عن سحابة كثيفة من الدخان الأسود ، غشيَت سكان القاهرة ، في الفترة الواقعة ، ما بين 20 – 30 /10 / 1999م .
سر سحابة الدخان التي أزعجت سكان القاهرة الكبرى !!‏
الصفحة الأولى / الأحد / 15 من رجب 1420 هـ ، 24 أكتوبر 1999 ، السنة 124 – العدد 41229
موقع الصفحة على شبكة الإنترنت هو : www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/24/FRON15.HTM
تزايدت طوال الليلة الماضية ، ظاهرة تراكم الأدخنة والغازات والروائح النفاذة ، في سماء مدينة القاهرة ، والمستمرة منذ نحو ثلاث ليال سابقة‏ ، وقد وصلت هذه الظاهرة ، في مساء أمس إلى حد ، تسبب في حالة من القلق ، بين سكان القاهرة‏ ، وطوال الليل ، لم تنقطع الاتصالات التليفونية من المواطنين ، إلى الأهرام ، يشكون ويستفسرون ، بعد أن اضطروا إلى إغلاق نوافذ منازلهم‏ ، وبعد لجوء بعضهم إلى المستشفيات ، لعلاج الالتهابات التي أصيبت بها عيون أطفالهم‏ .‏
وفي محاولة لتفسير هذه الظاهرة‏ ، أجرت الأهرام عدد من الاتصالات ، مع مسئولي الأرصاد الجوية والبيئة ، طوال ليلة أمس‏ .‏ فقد صرح مصدر مسئول بهيئة الأرصاد الجوية ، لفوزي عبد الحليم ، مندوب الأهرام ، بأن الظاهرة ناتجة عن حرق المزارعين ، في المحافظات حول القاهرة ، لمخلفات محصول الأرز‏ ، بالإضافة إلى تراكم الأدخنة ، الناتج عن عوادم السيارات والمصانع‏ ، وتزامنت هذه الأدخنة ، مع وجود مرتفع جوي شمال البلاد ووسطها ، أدى إلى احتباس حراري ، واستقرار الحالة الجوية‏ ، الأمر الذي أدى بدوره إلى تركيز الأدخنة ، في طبقة الهواء القريبة من سطح الأرض‏ ، واحتفاظ الهواء بكل مكوناته‏ .‏ وقال إنه من المنتظر ، انتهاء هذه الظاهرة ، فور تحرك المرتفع الجوي بعيدا عن القاهرة‏ .‏
ومن ناحية أخرى ، نفى الدكتور إبراهيم عبد الجليل ، الرئيس التنفيذي لجهاز شئون البيئة ، ما تردّد على ألسنة المواطنين ، عن وجود حرائق بمناطق تجمّع القمامة ، حول القاهرة‏ والجيزة ، كمصدر لانتشار هذه الأدخنة في القاهرة‏ .‏ وقال إنه أجرى اتصالا بمحافظ القليوبية ، المستشار صبري البيلي ، أكدّ خلاله انتشار الأدخنة بالمحافظة ، نتيجة حرق قش الأرز بها‏ ، كما أكد الدكتور حسين كاظم ، محافظ الشرقية ، المعلومات نفسها في محافظته ، خلال اتصال مماثل‏ .‏ وأضاف عبد الجليل ، أن جهاز شئون البيئة ، طلب من وزارة الزراعة ، إصدار تعليمات بمنع حرق قش الأرز‏ ، أو أي مواد مماثلة لمنع تكرار هذه الظاهرة مستقبلا‏ .‏
وفي محاولة لطمأنة المواطنين‏ ، ناشد الدكتور محمود عمرو ، أستاذ ورئيس قسم الأمراض المهنية ، ومدير مركز السموم بقصر العيني ، المواطنين بعدم المبالغة في القلق‏ ، ووصف ما حدث بأنه ليس كارثة‏ ، على الرغم من أن الأعراض المبدئية للتعرض لها ، تشمل التهاب العيون والأنف والأذن والصدر‏ ، وأكدّ أن الاحتياطات اللازمة ، تستدعي التركيز على حماية الأطفال‏ ، وعدم إغلاق النوافذ ضمانا للتهوية اللازمة‏ ، وكذلك توفير الحماية اللازمة للمرضى بالمستشفيات‏ ، أما الأصحاء البالغين ، فلن يتعرضوا لخطورة من التعرض للأدخنة‏ ، مشيرا إلى أن ندى الفجر سيغسل الهواء‏ ، ويخفّف من حدة التلوث‏ .‏ وأكدّ الدكتور عمرو ، أن هذه الظاهرة قد حدثت من قبل عام‏ 1949‏م في لندن ، بسبب ارتفاع نسبة الرطوبة‏ ، والحماس الزائد للتوسع الصناعي‏ ، وانتشار المداخن‏ ، أما في مصر فالطبيعة الصحراوية للبلاد ، تمتص الملوثات الزائدة في المدن‏ ، لذا فلن يشعر بها سكان الصعيد‏ .‏

سحابة الدخان تتلاشى نهائيا من فوق القاهرة خلال‏ 48‏ ساعة
الصفحة الأولى / الاثنين / 16 من رجب 1420 هـ ، 25 أكتوبر 1999م ، السنة 124- العدد 41230
موقع الصفحة على شبكة الإنترنت هو : www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/25/FRON13.HTM
صورة نهارية : واختفت القاهرة خلف دخان حريق قش الأرز
توقع خبراء الأرصاد الجوية ، أن تتلاشى نهائيا ، سحابة الدخان الكثيف ، التي خيّمت ليلة أمس الأول على القاهرة وضواحيها ، خلال الساعات الثماني والأربعين المقبلة‏ ، وأضافوا أن الكتلة الهوائية التي حملت هذه السحابة ، الناتجة عن إحراق مخلفات محصولي الأرز والقطن ، في المحافظات المجاورة ، آخذة في التحرك شرقا‏ ، لتحل محلها كتلة هوائية نظيفة ، مقبلة من الشمال الغربي‏ ، وأوضحوا أن نسبة الرطوبة ، سوف تنخفض أيضا ، بفعل هذه التغيرات في حالة الطقس‏ .‏
وقد قامت الدكتورة نادية مكرم عبيد ، وزيرة الدولة لشئون البيئة ، أمس بجولة في محافظتي الشرقية‏ والقليوبية ، بوصفهما المصدر الرئيسي للدخان ، الناتج عن إحراق مخلفات الأرز والقطن ، وصرّحت بأنه سيتمّ تدريب المزارعين ، على استخدام غاز الأمونيا ، لتحويل قش الأرز ، إلى أعلاف حيوانية‏ ، بحيث تنتفي الحاجة تماما ، إلى إحراقه‏ ، كما أعلنت الجهات المسؤولة في المحافظتين ، عن اتخاذ إجراءات حاسمة ، لوقف عمليات إحراق المخلفات الزراعية في الحقول‏ .‏

سر اختناق القاهرة‏ !‏
تحقيقات / الاثنين / 16 من رجب 1420 هـ ، 25 أكتوبر 1999م ، السنة 124- العدد 41230
موقع الصفحة على شبكة الإنترنت هو : www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/25/INVE1.HTM
حرق حطب القطن وقش الأرز ، مع خليط الغازات المركبة ، سبب سحابة الدخان . المواطنون‏ :‏ إصابات بالأنف والحلق ، وصعوبة في التنفس ، نتيجة للتلوث . مصدر أمني‏ : 5‏ بلاغات فقط حول حرائق المخلفات وتم إخمادها .
صورة نهارية : اختفاء القاهرة خلف سحابة الدخان
تحقيق‏ وجدي رياض ومحمود النوبي :‏
تعرضت سماء الدلتا والقاهرة حتى الجيزة‏ ، لتلوث هوائي شديد‏ ، خلق حالة من الهباء الجوي ـ بخار ماء مع ملوثات ـ أثار ذعر السكان‏ ، وسبب بعض حالات الاختناق‏ ، لمن لديهم حساسية صدرية‏ ، أو ربوية‏ أو أمراض سوء التنفس . كما تعرض بعض سكان القاهرة‏ ، إلى أزمات تنفسية‏ ، نتيجة لزمتة الهواء وغياب الأوكسجين الكافي‏ .‏
ويرجع سبب حدوث هذه الحالة النادرة ، إلى عدة اعتبارات تم رصدها ، كان من أبرزها‏ :‏
• صدور الأوامر إلى المزارعين من مديريات الزراعة‏ ، بضرورة حرق حطب القطن ، المتخلّف عن زراعات القطن‏ ، للتخلص من دودة اللوز‏ ، ومن المعروف أن الدلتا بخصوبة أرضها‏ ، تزرع حوالي‏750‏ ألف فدان ، بزراعات القطن الذي تم جمعه هذا الشهر‏ .‏
• ارتفاع نسبة الرطوبة في مثل هذا الوقت من السنة‏ ، مع ارتفاع في درجة الحرارة ، مما أدى إلى حدوث حالة من الهباء الجوي ، أدى إلى كتمة الهواء‏ ، وغياب الأكسجين الكافي‏ .‏
• ساعد على ذلك ـ أيضا ـ انتشار احتراق آثار الحصاد ، من حطب القطن وقش الأرز‏ .‏ ومع حركة الرياح أدى إلى تغطية هواء سكان القاهرة‏ ، بحالة من الدخان ، مع سكون للهواء ، وارتفاع في درجة الحرارة‏ ، مع رطوبة‏ ، مع ملوثات كربونية‏ ، آزوتية وغازية‏ ، وكبريتية‏ ، وذرات عالقة في الجو‏ .‏
ومن ناحية أخرى فقد أدت عمليات احتراق أحطاب القطن ، للقضاء على دودة اللوز ، وفقا للقرار الذي صدر من مديريات الزراعة بالمحافظات‏ ، بالعقوبات المقررة لمن يحتفظ بالحطب‏ ، مما دفع الفلاحين ، إلى سرعة حرق الأحطاب ، تنفيذا لقرارات وزارة الزراعة في الحقول .
ومن جانبه آثار المستشار صبري البيلي‏ ، محافظ القليوبية‏ ، مشكلة حرق حطب القطن في المزارع ، أمام وزيرة البيئة‏ ، ورئيس جهاز شؤون البيئة‏ ، في اجتماع هذا الأسبوع‏ .‏ وقال المستشار البيلي ، أن القانون‏ 4‏ لسنة‏ 1994‏ المادة‏ 37‏ ، بشأن البيئة ، يمنع منعا باتا حرق المخلفات‏ والقمامة‏ ومخلفات الحقول‏ ، حتى لا يتلوث الهواء ، وفي نفس الوقت ، يحتم القرار الوزاري على الفلاحين ، حرق الأحطاب . من هنا ، وقف المحافظ عاجزا ، عن إصدار قرار بمنع الحرق‏ ، أو الحرق في الحقول‏ !‏ ومن ناحية أخرى ، تدرس وحدة البيئة والتنمية ، في الصندوق الاجتماعي ، الاستفادة من دراسات عديدة‏ ، أشارت إلى أهمية الاستفادة ، من حطب القطن ، في صناعات خشبية ، كأحد مقومات المشاريع الصغيرة ، التي يدفع بها الصندوق ، إلى السوق لتشجيع الشباب ، على الدخول في هذه المشاريع التنموية ‏.
ومن المعروف ، أن هناك‏ 32‏ محطة ، أقامتها الدانمرك في الأرض المصرية ، لرصد حالة الهواء ، بالأكاسيد الآزوتية الكبريتية والكربونية‏ . وقد تم تركيب هذه المحطات‏ ، لتغطي أرض الدلتا‏ ، وهي تعمل لمدة‏24‏ ساعة‏ ، ويتم بها رصد حالة الهواء ومكوناته‏ ، ولم نسمع أن أحدا ، فتح هذه المحطات ، ورصد ما بها من تسجيل ، وما حدث من ملوثات ، بهواء الدلتا وعواصم مدنها ‏.
وفي القاهرة الكبرى ، حوالي‏40‏ محطة لرصد الهواء ، وقد أقام المشروع الأمريكي ، لتحسين هواء القاهرة ، حوالي‏ 33‏ محطة ، لرصد الذرات الصغيرة‏ ، العالقة من‏ 2.5‏ جزء في المليون ، إلى عشرة أجزاء في المليون ، كما تقوم برصد الرصاص‏ ، وهناك‏ 7‏ محطات دانمركية ، تقوم برصد أول وثاني أكسيد الكربون‏ ، وأول أكسيد الكبريت‏ ، والغازات الأخرى ، ولم تَبُح هذه المحطات ، بأسرار ما حدث من تلوث ، في هواء القاهرة الكبرى والدلتا والجيزة‏ .‏
قام اليابانيون ، بإنشاء معمل مركزي ، تابع لجهاز شؤون البيئة ، ومعامل أخرى متنقلة ، لرصد حالة الجو عند حدوث أزمة أو كارثة‏ ، أو رد فعل لأي شكوى ، ويشرف على المعامل جهاز شؤون البيئة‏ ، ويديرها خبراء مصريون‏ ، وتدرب عليها الخبراء‏ .‏
ومن المعروف أيضا أن المصادر الطبيعية ، لتلوث هواء القاهر‏ة ، مصدرها بخار الماء‏ الضار‏ ، والبكتيريا‏ والفطريات‏ والأملاح ، ونواتج الاحتراق‏ ذو النشاط الطبيعي . أما المصادر الصناعية . في تلوث هواء القاهرة الكبرى ، فهي حرق الوقود والطاقة‏ ، وعمليات الإنتاج الصناعي‏ ، ووسائل النقل والقطارات والطائرات والسفن‏ ..‏
ومن ناحية أخرى ، لم تنقطع الاتصالات التليفونية ، للمواطنين بالأهرام ، طوال ليلة أمس الأحد ، حيث اشتكوا من وجود ، سحابة دخان كثيفة ، غطّت أجواء القاهرة ، خاصة منطقتي مدينة نصر ومصر الجديدة ، ومناطق وسط البلد ومصر القديمة ، وأصابت الأطفال وكبار السن بالاختناق .
وتقول السيدة نجية الشال ، من سكان شارع مصطفى النحاس بمدينة نصر ، أن سحابة الدخان أصابتها وأطفالها ، بحالة اختناق ، حيث تعاني من حساسية في الصدر ، أدت إلى عدم قدرتها على التنفس ، رغم إغلاق النوافذ بالشقة ، وتتساءل هل عمال جمع القمامة هم السبب ، أم القائمون على حرق القمامة ؟! أم العمال المختصين ، بجمع القمامة من الشوارع ، هم الذين أحرقوا هذه القمامة ، التي أدت إلى هذا الدخان الكثيف ؟! وتتساءل السيدة نجية الشال ، أين وزيرة شؤون البيئة ، وأين القائمون على النظافة في بلدنا‏ ..‏ وكيف يتركون هذا الأمر دون متابعة‏ ، أدت إلى عدم قدرتها على التنفس ، رغم إغلاق النوافذ بالشقة
ومن الروضة بالمنيل ، استغاث بنا محمد أبو سريع عبد الكريم ، قائلا : ما هي حكاية الدخان الكثيف ، الذي يمتد من حلوان إلى المعادي والمنيل والمهندسين‏ ؟! ويقول أننا لا نستطيع التنفس ، ونكاد نصاب بحالة اختناق شديدة .
أما السيدة سمر عمر محمود ، من سكان مدينة نصر ، فقد وصفت الدخان ، بأنه عبارة عن دخان ، ينبعث من آبار بترول تحترق ، وليس دخانا عاديا ، ينبعث من مخلفات قمامة‏ ، كما أن الجو الحار ، ساعد على حدوث انقباض في حالة الجو ، جعلتنا لا نستطيع التنفس‏ .‏
أحمد علي أبو الحسن ، مشرف اجتماعي بجامعة الأزهر ، بمدينة نصر ، يقول إنه يشعر بحالة اختناق شديدة ، وحرقان بعينيه ، لم يستطع معها ، الإبصار بصورة جيدة‏ .‏
ومن جانبه أكد مصدر أمني بنجدة القاهرة ، بأن النجدة لم تتلق بلاغات حرائق ، ليلة أمس ، عدا حريق محدود شب في محطة بنزين التعاون ، بشارع قصر العيني‏ .‏ وذكر المصدر الأمني ، أن الإدارة تلقت ليلة أمس ، حوالي‏ 5‏ بلاغات حريق في مخلفات قمامة ، وتم إخمادها فورا ، وأوضح أن الإدارة تلقّت إشارة بأن الشبورة ، التي أحاطت سماء القاهرة ليلة أمس ، كانت نتيجة حرق ، مخلفات محصول القطن والأرز بالأرياف‏ .‏
وحول أسباب الظاهرة ، كتب عبد المجيد الشوادفي من الشرقية ، في محاولة سريعة وعاجلة ، لاحتواء الأسباب التي أدت إلى ظهور السحابة السوداء ، فوق سماء القاهرة‏ ، وعدد من محافظات الدلتا ، نتيجة لقيام الفلاحين بحرق قش الأرز المتخلف ، عن حصاد المحصول ، مما ترتب عليه ، حدوث اختناقات ، وإصابات في العيون ، بين الكثيرين من أبناء ومحافظة الشرقية .
قرّر المحافظ الدكتور حسين رمزي كاظم ، تنفيذ عدة إجراءات ، للقضاء على هذه الظاهرة ، التي انتشرت في مختلف مساحات الأراضي المزروعة بالأرز ، والتي تبلغ حوالي‏150‏ ألف فدان‏ .‏ وتم الاتفاق ، مع اللواء محمد صادق أبو النور ، مساعد وزير الداخلية لأمن الشرقية ، على تكليف رؤساء الوحدات المحلية ، بالقرى والمدن ومأموري مراكز الشرطة ، بتنظيم حملات لإخماد عمليات حرق قش الأرز ، والاستعانة بفرق الدفاع المدني ، والحريق لإطفاء النيران المشتعلة في الحقول‏ ، وتحرير محاضر للمخالفين‏ .‏
كما تم الاتفاق على تشكيل غرفة عمليات ، تضم ممثلين لأجهزة الحكم المحلي والشرطة ، لمتابعة هذه العملية ، وتجميع البلاغات بشأنها‏ .‏ وتم إخطار وزارة الزراعة ، للبحث في إمكانية الاستفادة ، من مخلفات محصول الأرز ، والتوصل إلى وسائل لاستثمارها ، بما يعود بالنفع العام على المزارعين ، وحتى لا تتكرر هذه الظاهرة مرة أخرى .‏
وكانت سحابة الدخان الكثيفة ، التي خيّمت على مدى الأيام الماضية ، فوق محافظة الشرقية ، نتيجة حرق قش الأرز‏ ، قد امتدت إلى مناطق متعددة ، في المحافظات المجاورة ؟ وغطّت الطرق الرئيسية التي تربط بينها ، وبين الطرق الصحراوية ، مما أدى إلى إعاقة الرؤية ، أمام سائقي السيارات ، وعرضتهم إلى ارتكاب حوادث التصادم‏ .‏
ومن جانبه صرح المهندس محمود الجمل ، وكيل وزارة الزراعة بمحافظة الشرقية ، بأن عمليات حرق قش الأرز ، التي يقوم بها الفلاحون ، وسط الحقول ، يستهدفون من ورائها ، زيادة نسبة التسميد للأراضي ، حيث أن مخلفات حريق القش ، تسهم في خصوبة الأرض ، وارتفاع الخصوبة فيها ، نتيجة لما يحويه القش المحروق ، من عناصر متعددة ومختلفة ، تؤدي إلى تحسين التربة الزراعية ، وترفع من إنتاجيتها ، في مختلف المحاصيل التي تزرع فيها‏ .‏
ومن القليوبية ، كتب أبو سريع إمام‏ ، أكد المستشار ، أحمد صبري البيلي محافظ القليوبية ، أنه بالنسبة للشبورة الملوثة ، الناتجة عن صرف مخلفات زراعة الأرز ، فإنني اتخذت الإجراءات ، منذ يوم‏ 12‏ أكتوبر ، وتمّت إحالة بعض المخالفين والمتسببين ، في هذه الأدخنة الملوثة ، إلى النيابة العامة ، طبقا لقانون البيئة ، والأكثر من ذلك ، بأنني قمت بعرض هذه المشكلة ، في مؤتمر حماية البيئة يوم‏ 14‏ أكتوبر ، برئاسة الدكتورة نادية مكرم عبيد ، وزيرة الدولة لشئون البيئة‏ .‏ وأوضح محافظ القليوبية ، أنه طلب من وكيل وزارة الزراعة ، اتخاذ الإجراءات لوقف عمليات حرق مخلفات الأرز ، فأكد أنه لا يوجد تعليمات ، بمنع الحرق بالأراضي الزراعية‏ .‏ ويقول المهندس عبد الحميد خاطر ، وكيل وزارة الزراعة بالقليوبية ، إن المحافظة غير مسموح لها بزراعة الأرز‏ .‏ وإنما زراعة هذا المحصول ، تمت على مساحة‏ 21‏ ألف فدان‏ بالمحافظة ، وقامت أجهزة الري ، بعمل محاضر لأصحاب هذه الأراضي ، لأن أجهزة الري ، هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن تحرير محاضر ، بالمخالفات لمزارعي الأرز‏ .‏
وأوضح اللواء محمود وجدي ، مساعد وزير الداخلية لأمن القليوبية ، أنه تم على الفور عمل دوريات مرورية ، ليلية ونهارية ، لمحاولة السيطرة السريعة ، للحد من عمليات الحريق ، حتى يتم بشكل منظم‏ .‏
انتهاء السحابة الملوثة خلال‏ 48‏ ساعة
تحقيقات / الاثنين / 16 من رجب 1420 هـ ، 25 أكتوبر 1999م ، السنة 124- العدد 41230
موقع الصفحة على شبكة الإنترنت هو : www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/25/INVE2.HTM
أكد فوزي غنيمي ، مدير مركز التنبؤات ، أن خبراء الأرصاد الجوية ، يتوقعون انتهاء هذه الظاهرة الجوية ، خلال الساعات ال 48‏ المقبلة‏ ، بسبب تحرك هذه الكتلة الهوائية جهة الشرق‏ ، وتقدم الكتلة الهوائية المقبلة ، من جنوب وشرق أوروبا‏ ، مما يحرك الهواء ويجدده ويقلل نسبة الرطوبة‏ ، وبالتالي سيبدأ الدخان في الاختفاء التدريجي‏ ، وتنبه المسؤولون في المحافظات المجاورة للقاهرة ، لإعطاء تعليمات بمنع حرق مخلفات الزراعة ، إلا بأسلوب علمي‏ ، وفي الوقت المناسب‏ ، والهيئة على استعداد ، لإمدادهم بالبيانات اللازمة ، والأحوال الجوية المتوقعة‏ .
الزراعة تقول أحرقوه‏..‏ والبيئة تقول لا
تحقيقات / الاثنين / ‏16 من رجب 1420 هـ ، 25 أكتوبر 1999م ، السنة 124- العدد 41230
موقع الصفحة على شبكة الإنترنت هو : www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/25/INVE3.HTM
كتب عبد الوهاب حامد : تناقضات غريبة ، ومعادلات صعبة ، يتعرّض لها الفلاح المصري‏ ( نتيجة تخبط خبراء البيئة ) .‏ فبينما تطالبه وزارة الزراعة ، بضرورة حرق عيدان القطن بعد جنيه ، كشرط لتمتع الفلاح ، بالحصول على الدعم المقرر ، في عمليات المقاومة‏ ، الذي تحملّته الدولة بالكامل ، لأول مرة هذا العام‏ ، نظرا لانخفاض أسعار القطن عالميا‏ ، وهي على حق‏ ، وبناء على هذا الحق للمصلحة العامة ، تقوم مديريات الزراعة بالمحافظات ، بتحرير محاضر مخالفات للفلاحين ، الذين لا يقومون بحرق عيدان القطن‏ .‏ على الجانب الآخر ، نجد تعليمات وزارة البيئة ، تركز على الحماية من التلوث‏ ، وذلك بحظر حرق أية مخلفات ، بأساليب بدائية ، ومنها طبعا ، حرق مخلفات زراعات القطن والأرز‏ .‏
يقول المسؤولون بالبنوك الزراعية ، إن ما يجري من تعليمات الحرق ، وتقدير النسبة المقرّرة للمقاومة ، عن محصول القطن ، هو حق كامل لوزارة الزراعة ، ولا دخل لنا به‏ ، ومهمتنا تحصيل الديون ، وتقديم الخدمات الائتمانية للفلاح‏ .‏ والسؤال‏ :‏ لماذا لم يتم وضع خطة شاملة ، للاستفادة من هذه المخلفات ، في مجالات كثيرة أهمها صناعة الأعلاف ؟ ويضيفون‏ :‏ لو فعلنا ذلك ، لمنعنا وقوع مثل هذا التناقض ، بين وزارتي الزراعة والبيئة‏ ، ولحمينا الفلاح من الحيرة والتضارب في القرارات‏ .‏ ويمكن للدولة بإمكاناتها الكثيرة ، أن تجذب الفلاح ، إلى توريد فضلات القطن والأرز ، إلى مصانع الأعلاف والورق ، حماية للبيئة من التلوث‏ .‏
المزارعون‏ : القش بريء
تحقيقات / الاثنين / 16من رجب 1420 هـ 25 أكتوبر 1999م ، السنة 124- العدد 41230
موقع الصفحة على شبكة الإنترنت هو : www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/25/INVE4.HTM
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد تركى
عضو / ة
عضو / ة
خالد تركى


الساعة الأن :
عدد المساهمات : 126
نقاط : 262
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 01/09/2010

كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية   كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Icon_minitime1الأحد 17 أكتوبر 2010, 12:43 am

صورة لحرق القش
كتبت أهداف البنداري : في قرية الناي بمحافظة القليوبية ، إحدى المحافظات التي تزرع الأرز ، قال عبد الله إبراهيم فلاح ، أنه يتم حرق‏ 5‏ أطنان قش في كل فدان أرز ، وتستغرق كل كمية يتم حرقها ربع ساعة ، ولا يصل دخان هذا الحريق ، إلى مدينة قليوب التي تبعد خمسة كيلو مترات ، عن قرية الناي‏ .‏ ويضيف عادل عطا أن مواعيد حرق القش ، تختلف في القرية الواحدة ، من مكان لآخر ، ومازالت أماكن لم تبدأ الحرق بعد‏ .‏ وتساءل فلاح آخر ، بأن رماد حريق القش يترسب ، ثم يتبخر ، فكيف يصل إلى القاهرة ، التي تبعد عن قليوب 30‏ كيلو مترا‏ ؟! ( تساؤل وجيه ) ، وأضاف أن ميعاد حرق القش ، يبدأ من‏ 15‏ أكتوبر ، ويستمر‏20‏ يوما ، وما يصل ارتفاع الدخان إلى حوالي عشرة أمتار‏ .‏ وفي مركز شبين القناطر ، أرجع فلاح سبب الدخان الغامق اللون ، الذي ظهر الأيام الماضية ، إلى طبقة مفتوحة في الأوزون‏ ، وقال انه شاهد شبورة مع دخان أزرق ( أي أنها أتت من السماء ) ، لا يعرف سببها وإدارات المرور ، هي المفترض أن تشرح أسبابها !
سر اختناق القاهرة‏ ( 2 )‏
تحقيقات / الثلاثاء / 17 من رجب 1420 هـ ، 26 أكتوبر 1999م ، السنة 124- العدد 41231
موقع الصفحة على شبكة الإنترنت هو : www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/26/INVE1.HTM
تحقيق أهداف البنداري : كشف اختناق القاهرة ، الذي استمر لثلاثة أيام متتالية ، عن وجود العديد من الملوثات ، في سماء العاصمة‏ .‏ ففي الوقت الذي تقوم فيه الدولة ، بالحفاظ على سلامة المواطنين ، والاهتمام بتجميل القاهرة الكبرى ، تنتشر مقالب القمامة بين الشوارع والميادين ، وعلى أسطح المنازل ، حسب ما شاهدته وزيرة البيئة ، في جولتها بالطائرة ، فوق القاهرة ، ويؤدي حرقها بلا أية ضوابط ، إلى تلوث هوائي ، يُصيب العديد من المواطنين بالأمراض‏ .‏
وعلى الرغم من أن مقالب القمامة الرسمية ، قد أوقفت حرق القمامة ، منذ أكثر من عام ، بقرار صادر من وزيرة البيئة ، إلا أن مقالب القمامة الخاصة ، مازالت تعمل بلا ضوابط‏ .‏ والسؤال الآن‏ ..‏ متى تختفي مقالب القمامة من شوارع العاصمة ؟‏!‏ في البداية ، تقول د‏.‏ نادية مكرم عبيد وزيرة البيئة ، إنها رصدت سحابة الدخان ، وشعرت بها مثل كل المواطنين ، وأدركت أن هناك شيئا غير طبيعي ، في الهواء منذ عشرة أيام ، فبحثت مع كل الجهات المعنية ، لتعرف حقيقة هذا الدخان‏ ..‏
وتضيف‏ :‏ قمت بجولة جوية بالطائرة ، لمدة ثلاث ساعات بعد استجابة فورية ، من المشير محمد طنطاوي وزير الدفاع ، شملت القاهرة الكبرى ، في محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية‏ .‏ وشاهدت حالات اشتعال ذاتي في حوالي‏ 7 ‏ أو‏ 8‏ مواقع للقمامة ، في مناطق عشوائية ، وتلوث في جنوب القاهرة ، من بعض المصانع‏ .‏ كما شاهدت حرق قش الأرز ، ولفت نظري انتشار القمامة ، على أسطح المنازل‏ .‏
من هنا أرجعت هذه السحابة الدخانية ، إلى تزامن عدة عوامل ، في آن واحد‏ .‏ فالانبعاثات التي تصدر من الاشتعال الذاتي للقمامة ، التي يلقيها الأهالي بطريقة عشوائية ، نتيجة سلوك غير سوي ، مع استقرار الهواء بدون رياح ، أدى إلى تعلّق دخان القمامة المشتعلة والقش المحترق ، والذي يقوم الفلاحون ، بحرقه منذ سنوات ، لكننا شعرنا بدخان هذا الاحتراق ، نتيجة اتحاد العوامل السابقة معا‏ .‏ فالأدخنة المعلّقة سبب شعورنا ، بأن هناك شيئا يحرق في الهواء‏ .‏
وأضافت د‏.‏ نادية مكرم عبيد ، أنه سيتم إعداد برنامج تنفيذي ، للتعامل مع الحرق المكشوف‏ .‏ فقانون البيئة يعطي للمواطن ، الحق في البلاغ ، عن أية مخالفة بيئية في القسم ، وعلى ملوّث البيئة أن يدفع الثمن‏ .‏ وعلى الرغم أن الوزارة ، ليست لديها شرطة بيئية ، إلا أننا نعتمد في المحافظة على البيئة ، على60‏ مليون مصريا ، فبعد تصريحات الرئيس حسني مبارك ، أن الحفاظ على البيئة أصبحت ضرورة ، وليست ضربا من الرفاهية‏ .‏ وجهود السيدة سوزان مبارك ، في توعية المواطنين بذلك خاصة الأطفال ، أصبحت البيئة على الأجندة السياسية ، وقد لمست صحوة بيئية ، في آلاف الشكاوي ، التي تتلقاها الوزارة من المواطنين‏ .‏
وأوضحت أن قانون البيئة ، ينص على عقوبات لملوثي البيئة ، منها غرامة مالية ألف جنيه لحارق القمامة ، وهذا المبلغ من وجهة نظر وزيرة البيئة ، مناسب لكن المشكلة في تنفيذ العقوبات ، وهي مهمة منوط بها الوزارة والمحافظات ، والأهم سلوك المواطنين ، والجمعيات الأهلية ، وأجهزة الإعلام عليهم دور كبير لتحقيق الاستجابة المطلوبة ، من الموطنين ، للحفاظ علي بيئتهم‏ .‏
وكما يقول د‏.‏ أحمد نعيم البنداق ، المشرف على المجالس النوعية بأكاديمية البحث العلمي ، أن المحاور الرئيسية ، التي يجب أن تنتهجها الدولة ، لمعالجة مشكلة القمامة ، وكيفية الاستفادة منها ، عن طريق دراسة مكونات القمامة ، … ويؤكد د‏.‏ أحمد نعيم على أن كل هذا لا يتم دون وضع التشريعات الخاصة بالنفايات ، بشكل عام ، والتطبيق الذي تم إصداره بالفعل منها ، في قانون البيئة ، الذي صدر عام‏ 94‏ ، وعمل حصر للمؤسسات المختلفة ، لمتابعة تشريعات حماية البيئة من التلوث ، وكيفية الاستفادة منها بشكل نافع‏ .‏
أما الدكتور فوزي عبد القادر الرفاعي ، المشرف على قطاع تنمية التكنولوجيا والخدمات ، بأكاديمية البحث العلمي ، فقد طرح نموذجا عمليا ، بوحدات تحول القمامة إلى سماد ، ثم بنائها ، وتعميمها بأيد مصرية ، وبتكلفة أقل بكثير من مثيلها المستوردة ، …‏
ويقول د‏.‏ شريف عيسى ، رئيس المركز القومي للبحوث ، أن هناك خطة قادمة لتطوير التكنولوجيا المصرية ، في مجال تصنيع القمامة ، … .
ويوضح المهندس مدحت حسين ، مدير مصنع ( شبرامنت ) أحد المصانع الخاصة ، بتحويل القمامة إلى سماد عضوي ، بمدينة شبرامنت أن هذا المصنع أُنشئ بسعة كلية‏10‏ أطنان قمامة يوميا ، … .
ومن جانبه أكد د‏.‏ عبد الرحيم شحاته ، محافظ القاهرة ، أن سحابة الدخان ، التي غطت القاهرة ، ليست بسبب القمامة ، فالمحافظة خصصت‏ 18‏ مليون جنيه سنويا ، لميزانية شركات القمامة ، وأن الدولة تقوم بدورها ، من حيث توفير جهاز بمسئوليه ومعداته ، لنظافة القاهرة ، ولم تعد لدى إدارات مقالب القاهرة الرسمية أية محارق ، إلا أن المحافظة ، وكل الأجهزة المعنية ، لن تستطيع أن تقضي علي القمامة في الشوارع ، فذلك يتوقف بنسبة‏100%‏ على سلوك المواطنين ، واستشهد محافظ القاهرة بسلوك المواطنين ، الذي يساعد على استمرار تلال القمامة في الشوارع ، حيث إن‏ 50%‏ فقط من سكان القاهرة ، يتعاملون مع جامعي القمامة ، والباقي يرفض دفع‏ 3‏ جنيهات ، مفضلا إلقاء مخلفاته على الجزيرة الوسطية في الشارع‏ .‏.. .
رئيس هيئة النظافة وتجميل القاهرة‏ يُبرّئ مقالب القمامة ويتهم القش
تحقيقات / الثلاثاء / 17 من رجب 1420 هـ ، 26 أكتوبر 1999م ، السنة 124- العدد 41231
موقع الصفحة على شبكة الإنترنت هو : www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/26/INVE2.HTM
كتب عبد العظيم الباسل : أثارت سحابة الدخان الخانق ، التي غطت القاهرة ، أول أمس ، تساؤلات عديدة حول أسبابها‏ ..‏ البعض أرجعها لحرق ، مقالب القمامة المنتشرة حول القاهرة‏ ، وعلّلها البعض الآخر ، بحرق بقايا جذور نبات الأرز ، في الحقول المنتشرة حول القاهرة الكبرى .‏
وأياً كانت أسبابها الحقيقية ، فقد انزعج العديد من الأهالي ، التي أصابها احمرار بالعين ، وضيق بالتنفس الصدري ، نتيجة لهذا الدخان الخانق ، الذي لف القاهرة‏ .‏
من جانبه يؤكد اللواء مجدي البسيوني ، رئيس هيئة التجميل والنظافة بالقاهرة‏ :‏ إن هذه السحابة العالقة بسماء القاهرة ، لا ترجع إلى حرق القمامة ، خاصة أن لدينا ثلاث مقالب كبرى ، بالوفاء والأمل والقطامية ودار السلام ، مساحة كلٍ منها 15‏ فدانا ، ولم يتم حرق قمامة إحداها ، طوال الأيام الثلاثة الماضية‏ ..‏ فضلا عن أننا ، قمنا بالتفتيش على مقالب قمامة القطاع الخاص ، ووجدناها لا تعمل أيضا ، وقبل هذا وذاك ، فان رائحة حرق القمامة مميزة ، وهي تختلف عن رائحة الدخان ، التي انبعث فوق القاهرة‏ .‏
ومن هنا فقد تأكدنا ، وفقا لشكاوي المواطنين القادمين من الطرق السريعة ، والذين أكدّوا انهم فقدوا الرؤية على الطرق السريعة ، نتيجة لانبعاث الأدخنة من الحقول المجاورة ، على جانبي الطريق ، على غرار ما حدث في العام الماضي ، خلال نفس التوقيت‏ .‏ وأضاف‏ :‏ من المعاينة ، تأكدنا من اشتعال‏ 9‏ مواقع في المساحة المحصورة ، من مزارع الأرز ، بين الطريق الدائري والطريق الزراعي ، عند مدينة قليوب ، بالإضافة لمساحات أخرى ، كانت ظاهرة من طريق بلبيس الصحراوي ، باتجاه الخانكة‏ .‏.. .

عودة سحابة الدخان إلى سماء القاهرة
الصفحة الأولى / الأربعاء / 18 من رجب 1420 هـ ، 27 أكتوبر 1999م ، السنة 124- العدد 41232
موقع الصفحة على شبكة الإنترنت هو : www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/27/FRON1.HTM
صورة ليلية : سحابة الدخان حجبت مباني القاهرة مرة أخرى مساء أمس
تجدد انتشار الدخان ، في سماء القاهرة الكبرى ، مساء أمس‏ ، وتلقت الأهرام اتصالات هاتفية ، من قاطني الساحل‏ وشبرا مصر‏ ومصر الجديدة‏ ، ومدينة السلام‏ والعجوزة‏ والمنيل‏ والهرم‏ ، بإحساسهم بتكاثر الدخان ، وأنهم أغلقوا نوافذ مساكنهم‏ .‏ وصرحت الدكتورة نادية مكرم عبيد ، وزيرة شئون البيئة ، بأن كثافة سحابة الدخان‏ ، التي عادت إلى سماء القاهرة‏ ، أقل مما كانت عليه مساء السبت الماضي ، حين بلغت ذروتها‏ .‏ وقالت لمندوبي الأهرام ، أنها في اجتماع دائم مع خبراء البيئة المصريين ، وبعض الخبراء من الدنمارك‏ ، لرصد وتحليل الأدخنة الموجودة ، في سماء القاهرة الكبرى .‏ وأكدّت وجود مرتفع جوي ، قادم من شمال الجمهورية‏ ، وأنه أدى إلى عدم تشتت الملوثات العالقة في الجو‏ ، وزيادة شعور المواطنين بها ، في بعض مناطق القاهرة الكبرى .‏ وحذر الدكتور طارق صفوت ، رئيس قسم الأمراض الصدرية بجامعة عين شمس ، من أن هذه السحابة ، تزيد مخاطر التهاب الشعب الهوائية للمواطنين‏ ، وحدوث النزلات الربوية‏ ، وحساسية جهاز التنفس‏ .‏ ونفى مدير أمن القليوبية ، ما تردّد عن احتراق ، مخلفات أحد المصانع الكبرى بـ ( بنها‏ ) .

عودة الدخان الخانق‏ !‏ طوارئ في وزارة البيئة لفك لغز السحابة السوداء
تحقيقات / الأربعاء / 18 من رجب 1420 هـ ، 27 أكتوبر 1999م ، السنة 124- العدد 41232
موقع الصفحة على شبكة الإنترنت هو : www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/27/INVE1.HTM
متابعة‏ :‏ عبد العظيم الباسل وناجي الجرجاوي وسالي وفائي وأشرف أمين
صورة ليلية
في حوالي الساعة السابعة والنصف مساء أمس‏ ، 26‏ أكتوبر ، تلقت الأهرام العديد من المكالمات التليفونية ، تؤكد عودة سحابة الدخان مرة أخرى ، في مناطق الساحل وشبرا ومصر الجديدة ، ومدينة السلام والعجوزة والمنيل والهرم‏ .‏ وقد أغلق المواطنون النوافذ لشعورهم بالاختناق‏ .‏ وصرحت الدكتور نادية مكرم عبيد ، وزيرة شؤون البيئة ، بأن سحابة الدخان الخانق ، عادت إلى سماء القاهرة بالأمس ، ولكن ليست بكثافة السحابة ، التي غطت القاهرة منذ ثلاثة أيام‏ .‏ وقالت‏ :‏ أنها في اجتماع دائم ، مع خبراء البيئة المصريين وبعض الخبراء الدانماركيين ، لرصد وتحليل الأدخنة المنبثقة والمنتشرة ، في سماء القاهرة الكبرى .‏
وأشارت إلى أن التحليل المبدئي للأدخنة ، أكد وجود نسبة عالية ، من الجسيمات العالقة والأتربة الرفيعة ، ساعد على انتشارها سكون الجو ، وعدم تحريكها بواسطة الرياح ، ومازالت أبحاثنا مستمرة للوصول إلى حقيقة هذه الأدخنة ، خلال الـ‏ 48‏ ساعة المقبلة‏ .‏ وعلّلت عودة الأدخنة إلى تضافر مجموعة من العوامل ، أهمها المسابك والصناعات الملوثة للبيئة ، وحرق بقايا محصولي الأرز والقطن ، في الحقول المجاورة للقاهرة‏ .‏
أكدّت السيدة نادية مكرم عبيد ، أن استمرار ظهور الدخان المنتشر ، في سماء القاهرة الكبرى ، هو نتيجة وجود مرتفع جوي ، قادم من شمال الجمهورية ، أدى إلى عدم تشتت الملوثات العالقة في الجو ، والتي شعر بها المواطنون ، في بعض مناطق القاهرة الكبرى .‏ وقالت الوزيرة إن الوزارة تقوم حاليا ، بالتعاون مع الأجهزة المعنية ، بمتابعة الموقف للتخفيف من تركيز تلك الملوثات ، حيث أشارت مصادر الأرصاد الجوية ، إلى توقع استمرار هذه الظاهرة لمدة ‏3‏ أيام على الأقل‏ .‏
ومن جانبه ، قال الدكتور محمود نصر الله ، مدير معمل تلوث الهواء بالمركز القومي للبحوث‏ :‏ إن حرائق القمامة ، والملوثات الناتجة من العربات والصناعات الصغيرة ، ليست السبب الأوحد في هذه الحالة المناخية ، فهناك نوع من الركود للحركة الرئيسية والأفقية للهواء ، هذا بالإضافة إلى انخفاض سرعة الرياح ، وتغير العوامل الجوية ، مما يؤدي إلى حالة من الاحتباس الحراري ، لذلك يجب أن تشكل غرفة عمليات ، في مثل هذه الحالات لإيقاف الملوثات المنبعثة‏ .‏ ( تبريرات وتكهنات جديدة ) .
وشرح الدكتور محمود نصر الله مدير معمل تلوث الهواء ، أنه من المتوقع أن تكون الأدخنة ( وليس من المؤكد ) ، ناتجة عن احتراق وقود البترول أو القمامة‏ !‏ هذه الأدخنة عبارة عن جسيمات عالقة ، من الدخان الأسود‏ ، ثاني أكسد الكربون‏ ، وثاني أكسيد الكبريت‏ ، أول أكسيد الكربون ، وأكاسيد النيتروجين ، لذلك يجب أن يكون هناك حل سريع وفوري ، وتشكيل غرفة عمليات ، لرصد مصادر التلوث ، وكل منطقة سكنية ، بها محرقة أو مقلب زبالة ، يجب أن تبلغ الجهات المسؤولة ، مثل وزارة البيئة وجهاز شؤون البيئة ، حتى تخمد هذه الحرائق فورا‏ .‏
ويضيف الدكتور محمود نصر الله‏ :‏ إننا الآن أمام احتمالين ، إما أن تنشط حركة الهواء مرة أخرى ، ويعود المناخ لوضعه الطبيعي‏ ،‏ أو يستمر الوضع على ما هو عليه ، مما يؤدي إلى تركز الهواء‏ ، وبالتالي تراكم الملوثات ، والتي سيُضارّ منها ، مرضى الصدر والدورة الدموية والقلب‏ .‏ ويضيف الدكتور محمود نصر الله ، أنه للأسف لا توجد خريطة ، توضح مراكز التلوث بالقاهرة ، مثل المحارق وبعض الورش والمصانع‏ ، والتي من الممكن التحكم بها ، في مثل هذه الحالات بإيقاف مصادر التلوث ، بشكل تدريجي ومؤقت ، لحين عودة الرياح لنشاطها‏ .‏
ويضيف الدكتور محمود نصر الله : أن حادثا مشابها ، وقع في لندن عام‏ 56‏ ( المسؤول السابق قال أنه وقع عام 49 ) ، حيث ازدادت كثافة السحب المعبأة بالملوثات ، مما أدى إلى إصابة العديد بالالتهابات الشعبية ، وتطور الأمر إلى مرحلة الاختناق والوفاة‏ .‏ لذلك يطالب الدكتور محمود نصر الله ، بأن تتابع محطات الرصد ، التابعة لجهاز شؤون البيئة ، تغيرات مكونات الهواء ، في كل منطقة ، وتحدد مصادر التلوث سواء كانت محارق أو مصانع‏ .‏ ووقفها بشكل مؤقت ، لحين تحسن الحالة الجوية ، وعودة الرياح لسرعتها الطبيعية‏ .‏
ومن جانبه أكد مجدي البسيوني ، رئيس هيئة النظافة وتجميل القاهرة : أنه قام بجولة ميدانية ، للوقوف على مصادر انبعاث الأدخنة ، من جديد ، فوجد أن المقالب الرسمية ، لم يحدث بها أي اشتعال للقمامة ، بينما لاحظ وجود الأدخنة ، بكثافة في المناطق المتاخمة للأراضي الزراعية ، على امتداد المشروع البلبيسي‏ .‏ وأجمعت المصادر على أن الحرائق ، لا تزال مشتعلة في الحقول ، بمنطقة الخانكة والطريق الدائري‏ .‏ وطالب البسيوني : بضرورة تحرك الأرصاد والبيئة ، للكشف عن سر هذه الظاهرة ، التي تفاجئ القاهرة بين الحين والآخر‏ .‏
ومن جانبه أكد المستشار صبري البيلي ، محافظ القليوبية أنه بالأمس فقط ، تم تحرير‏ 35‏ محضرا ، بـ ( قها وطوخ ) لحرق قش الأرز المخالف‏ ، والحملات مازالت مستمرة من الزراعة ، ومجالس المدن لمتابعة المخالفين‏ .‏ مؤكدا أن سبب الدخان ، يرجع للأرز المحترق ، من بعض المزارعين ، بمنطقة الألج والخانكة بجوار الطريق الدائري‏ .‏ ونفى المستشار البيلي ، عدم حرق أي كاوتش كما تردّد عن أحد المصانع الكبرى .‏
ومن جانبه صرح د‏.‏ محمد عطية الفيومي ، رئيس مجلس محلي محافظة القليوبية : بأنه لا توجد حرائق في المنشآت الموجودة ، على أرض المحافظة ، حتى الساعة التاسعة ، مساء الثلاثاء‏ 26‏ أكتوبر ، ولم تتلق النجدة أو المطافئ ، أية بلاغات في هذا الخصوص ، إلا أنه قد توجد بعض حرائق ، يشعلها بعض المزارعين للمحاصيل المنتهية ، لكنها لا تخرج عن كونها ، حرائق محدودة الأثر ، وغير ذات تأثير‏.‏ وعلى الجانب الآخر ، لم يشعر سكان القليوبية بالدخان ، الذي شعر به سكان القاهرة ، ولم تتغير طبيعة المناخ ، ولا رائحة الجو ، عن الأمور المعتادة‏ ( بالرغم من أن الحرق يتم في القليوبية ، وهي تبعد عن القاهرة 25 كم ) .‏ ونفى مدير أمن القليوبية ، ما تردّد عن احتراق مخلفات أحد المصانع الكبرى بـ ( بنها ) مسببة الدخان ، الذي غطّى سماء القاهرة‏ .‏
مرضى الصدر ضحايا التلوث‏ !‏
تحقيقات / الأربعاء / 18 من رجب 1420 هـ ، 27 أكتوبر 1999م ، السنة 124- العدد 41232
موقع الصفحة على شبكة الإنترنت هو : www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/27/INVE2.HTM
تحقيق‏ :‏ عبد المحسن سلامة ونادية يوسف
أدى الدخان الكثيف ، الذي تعرضت له القاهرة مؤخرا ، إلى ازدياد معاناة مرضى الحساسية الصدرية ، وزيادة أعداد المترددين على أقسام الصدر بالمستشفيات ، بعد أن شعر المرضى بالاختناق ، وضيق التنفس ، الناتج عن تهيج الأغشية المخاطية للعين والأنف .‏ ويقول د‏.‏ محمد عوض تاج الدين ، أستاذ الأمراض الصدرية ، ونائب رئيس جامعة عين شمس‏ :‏ … وبالنسبة لدخان السحابة الأخيرة ، فقد اتسم بالكثافة ، ووجود رائحة نفاذه مصاحبة له ، مما أحدث تهيجا في الأغشية المخاطية ، للعين والأنف ، لمن تعرضوا له‏ ، وأدى ذلك إلى إصابتهم ، بضيق في التنفس ، نتيجة تهيج هذه الأغشية ، فارتفع عدد الحالات المصابة ، وزاد عدد المتردّدين على أقسام الصدر ، بالمستشفيات العامة والخاصة‏ .‏ وقد تلقى هؤلاء المرضى العلاج ، وخرجوا على الفور‏ ، لأن معظمها حالات مؤقتة كان الدخان السبب الرئيسي لها ، وتركز علاجهم ، في موسعات الشعب الهوائية ، وعلاج للأغشية المخاطية‏ .‏
وأكد د‏.‏ طارق صفوت ، رئيس قسم الأمراض الصدرية ، بجامعة عين شمس : أن هذه السحابة ، مبعث للتلوث ، وانتقال أمراض التهابات الشعب الهوائية والنزلات الربوية‏ ، وتشكل حساسية شديدة ، في الجهاز التنفسي لمرضى الأمراض الصدرية ، ومرضى الأنف والأذن ، لأنها تسبب التهابات في الجيوب الأنفية ، والعيون ، أي جميع الأغشية المخاطية‏ .‏ وينصح د‏.‏ صفوت : بوضع ماسكات واقية للذين لديهم حساسية ربوية ، لتجنب استنشاق هذه الأدخنة‏ .‏ وقد استقبل قسم الأمراض الصدرية ، أكثر من ضعف الأعداد التي يستقبلها القسم في الأيام العادية‏ .‏ ولابد من الالتزام بعلاج مرضى الصدر ، مع طبيبهم الاستشاري واستخدام بخاخات‏ .‏ وأضاف أنه لا يشترط أن تكون الأزمة حادة ، لكن تزيد أعراض المرض في فترة انتشار الدخان‏ .‏
ويقول الدكتور هشام قاسم أخصائي الصدر بمستشفى الصدر بالعباسية : أنه لم ترد أي حالات اختناق أو إعياء للمستشفى ، بسبب التلوث ، ويوصي الدكتور هشام مرضى الحساسية : بإغلاق النوافذ والابتعاد عن الملوثات بقدر الإمكان ، كما يجب وضع منديل مبلل ، على الأنف والفم والتنفس من خلاله‏ .‏ كما من الممكن ، أن يصاب الناس ، في حالة كثافة الأدخنة ، باحتقان الحلق والتهاب شديد ، في الشعب الهوائية والعينين‏ . ( يغشى الناس هذا عذاب أليم ) .
تقرير لرئيس مجلس الوزراء حول ظاهرة الدخان
الصفحة الأولى / الخميس / 19 من رجب 1420 هـ ، 28 أكتوبر 1999م ، السنة 124- العدد 41233
موقع الصفحة على شبكة الإنترنت هو : www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/28/FRON.HTM
مرتفع جوي فوق القاهرة ، تسبب في تكوين طبقة عازلة ، منعت انسياب الدخان والملوثات ، إلى طبقات الجو العليا .
تلقى الدكتور عاطف عبيد ، رئيس مجلس الوزراء ، تقريرا شاملا ، مساء أمس ، من الدكتورة نادية مكرم عبيد ، وزيرة الدولة لشؤون البيئة ، حول ظاهرة الدخان الكثيف‏ ، الذي غطى سماء القاهرة ، منذ يوم السبت الماضي‏ ، وعاد إلى الظهور ، يومي أمس وأمس الأول‏ .‏ وقال عبيد : أنه سيتم بحث هذا التقرير ، بشكل تفصيلي ، لمعرفة أسباب تلك الظاهرة‏ ، وكانت الأهرام ، قد تلقت طوال ليلة أمس ، سيلا من الشكاوي حولها ، من عشرات المواطنين ، الذين يشكون من الاختناق‏ ، وعودة الدخان إلى الظهور بشكل كثيف ، في أنحاء متفرقة من القاهرة‏ .‏
كما أكدت وزيرة البيئة : أن السبب وراء زيادة نسبة الدخان في الجو ، هو ظهور المرتفع الجوي ، الذي ساد منطقة شمال الجمهورية‏ ، وأدى إلى تحرك كتلة من الهواء المشبع ، ببخار الماء ، باتجاه الدلتا والقاهرة‏ ، وقالت : إن هذه الكتلة ، كونت طبقة عازلة فوق الهواء ، تمنع انسياب الملوثات ، إلى طبقات الجو العليا‏ .‏ وأضافت في مؤتمر صحفي ، عقدته بعد ظهر أمس : أن ذلك تزامن مع انخفاض سرعة الرياح‏ ، وحرق المخلفات الزراعية داخل الحقول ، في محافظات الدلتا القريبة ، وهي‏ :‏ القليوبية‏ والشرقية‏ ، بالإضافة إلى مصادر التلوث الموجودة ، على مدار العام‏ ، مما أدى إلى تكوّن سحابة من الدخان ، غطّت أجواء القاهرة الكبرى ، وشعر بها المواطنون ، نتيجة لتركيز تلك الملوثات‏ ، وعدم تشتتها أو انسيابها ، إلى طبقات الجو العليا‏ .‏
وكان بيان لهيئة الأرصاد ، قد أعلن : أن العاصمة تأثرت أمس ، بمرتفع جوي أدى إلى تباطؤ سرعة الرياح‏ .‏ كذلك أكدت الوزيرة : ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة ، حتى يمكن التخفيف من حدة تلك الظاهرة‏ ، بما في ذلك التنبيه على المصانع الكبرى ، حول القاهرة الكبرى ، للعمل على التقليل من حدة الانبعاثات الملوثة ، خلال الأيام القليلة المقبلة‏ ، وقيام الأجهزة المعنية ، بالإيقاف الفوري للأنشطة العشوائية الملوثة ، مثل‏ الجيارات‏ والفواخير ، والمسابك‏ ومصانع الطوب‏ والحرق المكشوف ، أيا كان مصدره‏ ، وقيام أجهزة الشرطة ، بمنع سير السيارات ، التي ينتج عنها عادم كثيف‏ ، تطبيقا لأحكام قانون المرور‏ .‏
والي يطلب سرعة وقف حرق مخلفات الزراعة
الصفحة الأولى/ الجمعة / 20 من رجب 1420 هـ ، 29 أكتوبر ‏1999م ، السنة 124 – العدد 41234
موقع الصفحة على شبكة الإنترنت هو : www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/29/FRON10.HTM
الأرصاد :‏ المرتفع الجوي مستمر اليوم
أصدر الدكتور يوسف والي ، نائب رئيس مجلس الوزراء ، ووزير الزراعة واستصلاح الأراضي ، تعليمات بسرعة وقف حرق قش الأرز وحطب القطن‏ ، للحد من ظاهرة تراكم الأدخنة ، في سماء القاهرة الكبرى .‏ وصرحت الدكتورة نادية مكرم عبيد ، وزيرة الدولة لشؤون البيئة ، بأن معدلات تلوث الهواء ، وصلت أخيرا إلى 300‏ ميكروجرام في المتر المكعب‏ ، بما يتجاوز أربعة أضعاف نسب التلوث الأمنية‏ ( إحدى الحقائق المرعبة ) .‏ ومن ناحية أخرى ، قال خبراء الأرصاد الجوية ، أن القاهرة الكبرى ، ستتأثر اليوم بامتداد مرتفع جوي ، قريب من سطح الأرض ، يؤدي إلى استمرار الاستقرار في الأحوال الجوية ، وهدوء في سرعة الرياح ليلا‏ ، مما يساعد على ظهور الأدخنة ، في سماء القاهرة الكبرى ، في حالة استمرار ، عملية حرق مخلفات المحاصيل الزراعية ، في الأرض المحيطة بإقليم القاهرة الكبرى .‏
وزيرة البيئة‏ :‏ استمرار متابعة ظاهرة الدخان للحد من أثارها
الصفحة الأولى / الجمعة / 20 من رجب 1420 هـ ، 29 أكتوبر 1999م ، السنة 124- العدد 41234
موقع الصفحة على شبكة الإنترنت هو : www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/29/FRON11.HTM
كتبت سالي وفائي‏ :‏ صرحت السيدة نادية مكرم عبيد ، وزيرة الدولة لشؤون البيئة ، بأن غرفة العمليات المشكلة في الوزارة ، في حالة عمل مستمر لمواجهة ظاهرة الدخان ، والحد من آثارها‏ .‏ وقالت أنها تلقّت تقريرا ، من الدكتور حسين رمزي كاظم محافظ الشرقية ، أكدّ خلاله ، أنه تم إيقاف عمليات ، حرق قش الأرز وأعواد القطن ، وإخماد النيران عن طريق رشها بالماء‏ .‏


كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 15941604157516011575160
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد تركى
عضو / ة
عضو / ة
خالد تركى


الساعة الأن :
عدد المساهمات : 126
نقاط : 262
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 01/09/2010

كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية   كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Icon_minitime1الأحد 17 أكتوبر 2010, 12:50 am

وأشارت الوزيرة إلى أنه يتم الاتصال بصورة دائمة ، بالسادة الوزراء والمحافظين‏ ، ومتابعة المصانع ، للتأكد من خفض نسب الانبعاثات الملوثة ، خلال الأيام القليلة القادمة ، وحتى ينتهي المرتفع الجوي المشبع ببخار الماء ، والذي يسود البلاد حاليا ، مع استمرار الجولات المفاجئة للوزيرة ، بالاشتراك مع قوات الشرطة ، لوقف الممارسات البيئية الخاطئة‏ .‏
وقالت السيدة نادية مكرم عبيد ، أن القياسات المسجلة لنسب تلوث الهواء ، والصادرة عن ثماني محطات ، منتشرة في نطاق القاهرة الكبرى ، وصلت أخيرا إلى300‏ ميكروجرام في المتر المكعب ، من الجسيمات العالقة ، في حين أن الحدود التي نص عليها قانون البيئة ، هي‏70‏ ميكروجرام ، حيث تسبب المنخفض الجوي ، في عدم انسياب تلك الجسيمات ، والتي تنتج عن الأنشطة الصناعية الكبرى ، وكذلك الصناعات التقليدية ، مثل المسابك والفواخير وقمائن الطوب ، بالإضافة إلى عوادم السيارات ، والرمال القادمة من الصحراء ، وكذلك الأنشطة الموسمية للزراعات‏ .
مشكلة الدخان وتطوير مطار القاهرة
الصفحة الأولى / السبت / 21 من رجب 1420 هـ ، 30 أكتوبر 1999م ، السنة 124- العدد 41235
موقع الصفحة على شبكة الإنترنت هو : www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/29/FRON10.HTM
يعقد الدكتور عاطف عبيد ، رئيس مجلس الوزراء ، اجتماعين متتاليين اليوم وغدا‏ ، لبحث عدد من المشكلات ، التي تهم الجماهير‏ .‏ يخصص اجتماع اليوم للمجموعة الوزارية‏ ، لبحث مشكلة الدخان ، الذي غطى سماء القاهرة في الأسبوع الماضي‏ ، والتعرف على أسبابها‏ ، واتخاذ الإجراءات الحازمة ، التي تقلل من حدوث مثل هذه الظاهرة ، مرة أخرى ، ويخصص الاجتماع الثاني ، لدراسة ارتفاعات المباني ، حول مطار القاهرة الدولي‏ ، واتخاذ الإجراءات الخاصة لتطوير المطارات‏ … انتهى .
صحيفة الشعب
* فيما يلي سنعرض تعليقا ، للكاتب عادل حسين من صحيفة ( الشعب ) المصرية ، في عددها الذي صدر يوم الجمعة 5 / 11 / 1999م . عنوان المقال على شبكة الإنترنت : ( www. elshaab.com/05-11-1999/2.htm ) ، تصدير المقال :
• السحابة وسقوط الطائرة وتهديد السودان : حلقات متكاملة لإرهابنا .
• بيرجر : المخاطر الصاروخية في الشرق الأوسط ، تتطلب التحرك الأمريكي القوي .
• إخضاع مصر بالكامل هو الهدف الأول : ما المطلوب ؟ وكيف نقاوم ؟
• السقوط المفاجئ للطائرة ، يضع دولتنا تحت رحمة أمريكا ، هل هذا مصادفة ؟
• التحرك المجنون لفصل جنوب السودان قد يورط مصر في مواجهة عسكرية حتى لا نموت عطشا .
• استمرار ( والي ) في مناصبه ، شجّع موريتانيا ، ويُشجّع غيرها على الاعتراف بإسرائيل .
• بقاء مجدي حسين وصحبه في السجن مرفوض … وتقديم الإخوان للمحاكمة ، مرفوض … مرفوض .
الجزء الخاص بالدخان من نص المقال :
لاحظ المواطنون ، أن المصائب توالت علينا ، منذ إعلان الانقلاب الوزاري الأخير ، بدءا من اختطاف طائرة بسكين ، وانهيار بعض المدارس ، ثم انتهاءً بالسحابة السوداء الغامضة ، والسقوط المروع للطائرة المصرية ، في المياه الأمريكية ، وهذه الملاحظة عن تتابع المصائب ، صحيحة بالقطع ، وقد استنتج الناس أن الوزارة ( وشّها نحس ) .
إلا أننا لا نتفق طبعا ، مع هذا التفسير ، ومن واجبنا أن ننتبه ، إلى ما جرى ، أخطر كثيرا من كونه مجرد أحداث متفرقة ، تتابعت بسبب النحس .
ونحن في تحليلنا نُفرّق بين نمطين من الأحداث ، الأول له أسبابه المحلية الظاهرة ، ومثل ذلك اختطاف الطائرة بالسكين ، وسقوط المدارس ، وما سبقه من تصادم القطارات ، وتهاوي ركابها فوق القضبان ، فمثل هذه الأحداث ، كوارث داخلية في أسبابها ومغازيها ، فهي تكشف عن مدى الانحطاط ، الذي بلغه جهازنا الإداري ، الذي لا يعرف كيف يُنظم العمل ، ، ولا كيف تتم الصيانة والمتابعة ، والذي أصبح لا يعرف العقاب الفوري ، للمهمل والفاسد . ويتفرّع عن هذا ، كل ما يُعانيه المواطن ، من ظلم وإذلال ، لدى تعامله مع أية مصلحة حكومية .
إلا أنني أُركّز هنا على النمط الثاني ، من المصائب التي اجتاحتنا ، والذي يتمثّل في السحابة السوداء ، وفي سقوط الطائرة في المياه الأمريكية ، وسأضيف أيضا ، التهديد باستقلال جنوب السودان .
لغز السحابة السوداء :
بالنسبة للسحابة السوداء ، مؤكد أن هناك إجماعا ، على رفض التفسير الرسمي المعلن ، بحكاية مقالب الزبالة ، وحرق قش الأرز وما شابه … طبعا لو صحّ التفسير ، لكان سببا إضافيا لعزل ( يوسف والي ) !! ولكننا لا نصدّق مثل غيرنا هذا التفسير ، المتهافت والمهين للعقول ، ونحن لا نتسقّط أسبابا ، لعزل ( والي ) ، فوالي مش ناقص ، والاتهامات الأخرى الثابتة في حقه ، تكفي وزيادة ، للإطاحة به ومحاكمته .
ولكن مع الرفض الجماعي ، لإعلان الحكومة عن حكاية قش الأرز ، حاول الناس أن يتوصلوا بمعرفتهم ، للأسباب الأكثر احتمالا ومنطقية ، لحكاية السحابة السوداء ، وفي سعيهم هذا ، حاولوا أن يرصدوا أي تغيّر جديد ، يربطونه بنشوء هذه الظاهرة ، المفاجئة وغير المألوفة ، فلم يجدوا أمامهم إلا مناورات النجم الساطع ، وانتشر بين الناس أنها السبب ، وهذا التفسير للظاهرة العجيبة والمؤذية ، يُعبّر في تقديري عن اتجاه سليم في التحليل ، فهو من ناحية يعكس وعيا شعبيا عميقا ، في التعامل مع الحلف الصهيوني الأمريكي ، على أمننا ووجودنا … ومن جهة أخرى ، فقد خمّن الناس ، أن لجوء الحكومة إلى كذبة مفضوحة وسخيفة ، يُخفي حرجها من إعلان السبب الحقيقي ، لمأساة السحابة السوداء ، فتأكد عندهم ، أن مناورات النجم الساطع ، قد تكون السبب ، المُثير للحرج .
وقد ذكرت ، أن ما وصل إليه جمهور الناس وخاصتهم ، يُعتبر تحليلا في الاتجاه الصحيح ، ولكن قد لا تكون مناورات النجم الساطع ، بالذات مسؤولة ، وبشكل مباشر عن هذه الظاهرة ، إذن كيف حدثت ؟ لا أستبعد أن تكون الحكومة عاجزة مثلنا ، عن الإمساك وبالدليل ، بالسبب الحقيقي لمصيبة السحابة السوداء ، ولا غرابة في قولي هذا ، فمن الثابت الآن ، أن ترسانة الأعداء ، في مجال الحرب البيولوجية والكيمائية ، فيها الكثير من الطلاسم والأسرار ، التي يصعب فهم كنهها ، وفيها تنويع هائل ، فبعضها يُمكن أن يقتل ، والبعض الآخر يُمكنه الإيذاء ، دون القتل ، وحسب الدرجة المطلوبة … ، وفي كل الأحوال ، فإن الميزة العظمى لهذه الأسلحة السرية ، أنها تُحدث فعلها المدمر ، دون أن تتمكن الضحية ، من معرفة السبب أو من التثبت ، من نوع الوسائل ، التي حملت إليها أسلحة القتل والإيذاء .
( ويسهب الكاتب قليلا ، في الحديث عن الأسلحة السرية ، ويضرب قصة المحاولة الإسرائيلية الفاشلة ، لاغتيال خالد مشغل ، واستخدام اليورانيوم المستنفذ في العراق ويوغسلافيا ، ومنتجات الهندسة الوراثية في الأغذية ، ومن ثم يختم كل ذلك بقوله ) :
في إطار ما سبق ، لم لا تكون سحابتنا الغامضة ، ضمن وسائل الحرب السرية ؟! ولا يعني هذا ، أن ما جرى كان بالضرورة ، في إطار أسلحة الإبادة الشاملة ، فقد ذكرت أن أسلحتهم ، أصبح فيها درجات متصاعدة من الإيذاء ، الذي قد لا يصل في كل الحالات إلى القتل .
إنّ الابتلاء الذي مثّلته السحابة السوداء الغامضة ، قد يكون مجرّد إشارة تحذير ( لقد أصاب الكاتب هنا كبد الحقيقة ، وهي كذلك ) ، وشدّ للأذن ، فالدولة قد تتوصل إلى نفس الاستنتاج الذي وصلناه ، وهذا في ظنهم يكفي – مع ضغوط أخرى - لكي تخضع الدولة ، وتُنفّذ ما يُطلب منها ، خوفا من تكرار الظاهرة وتصاعدها ، إن الدولة قد لا تتمكن من تقديم ، أدلة قاطعة ، تثبت وقوع الجريمة ، وإن كانت ترجح قيامها ، ولكن هذا الغموض ، هو ما يُميّز الأشكال الجديدة ، للحروب الكيماوية والبيولوجية ، والتي يُمكن أن تحقق ما يستهدفه القصف النووي بالصواريخ ، ولكن دون ضجيج ودليل … انتهى .
* صحيفة الشعب ، والتي أُخذ منها هذا المقال ، موقوفة عن العمل ، من قبل الحكومة المصرية .
قراءة سريعة في مقالات الأهرام والشعب
صحيفة الأهرام
وصف المسؤولين الصحفيين والأطباء والمواطنين للظاهرة :
الأدخنة والغازات والروائح النفاذة … ظاهرة غريبة بحاجة إلى تفسير … سحابة دخان كثيفة … الدخان الكثيف … السحابة العالقة بسماء القاهرة … دخان ينبعث من آبار بترول تحترق ، وليس دخانا عاديا … بأن هناك شيئا يحرق في الهواء‏ … هذا الدخان الخانق … وبالنسبة لدخان السحابة الأخيرة ، فقد اتسم بالكثافة ، ووجود رائحة نفّاذه مصاحبة له . تقول د‏.‏ نادية مكرم عبيد وزيرة البيئة ، إنها رصدت سحابة الدخان ، وشعرت بها مثل كل المواطنين ، وأدركت أن هناك شيئا غير طبيعي ، في الهواء منذ عشرة أيام … لغز السحابة السوداء .
مدى انتشار الدخان :
تعرضت سماء الدلتا والقاهرة حتى الجيزة‏ ، لتلوث هوائي شديد‏ … غطّت أجواء القاهرة ، خاصة منطقتي مدينة نصر ومصر الجديدة ، ومناطق وسط البلد ومصر القديمة … الدخان الكثيف ، الذي يمتد من حلوان إلى المعادي والمنيل والمهندسين‏ … نتيجة لهذا الدخان الخانق ، الذي لف القاهرة‏ .‏.. فوق سماء القاهرة‏ ، وعدد من محافظات الدلتا … التي خيّمت على مدى الأيام الماضية ، فوق محافظة الشرقية … تجدد انتشار الدخان ، في سماء القاهرة الكبرى ، مساء أمس‏ ، وتلقت الأهرام اتصالات هاتفية ، من قاطني الساحل‏ وشبرا مصر‏ ومصر الجديدة‏ ، ومدينة السلام‏ والعجوزة‏ والمنيل‏ والهرم‏ ، بإحساسهم بتكاثر الدخان .
الضرر النفسي والجسدي الذي أحدثه :
اختناق القاهرة ، الذي استمر لثلاثة أيام متتالية … وأياً كانت أسبابها الحقيقية ، فقد انزعج العديد من الأهالي … ، تسبب في حالة من القلق ، بين سكان القاهرة‏ … أثار ذعر السكان‏ … بعدم المبالغة في قلق ، ووصف الحدث ، بالكارثة …
الأعراض المبدئية للتعرض لها ، تشمل التهاب العيون ، والأنف والأذن والصدر‏ والحلق ، وصعوبة في التنفس … وسبّب بعض حالات الاختناق‏ … أزمات تنفسية‏ ، نتيجة لزمتة الهواء ، وغياب الأوكسجين الكافي‏ ، وأصابت الأطفال وكبار السن بالاختناق … عدم القدرة على التنفس ، رغم إغلاق نوافذ الشقق … لا نستطيع التنفس ، ونكاد نصاب بحالة اختناق شديدة … أصيب بحالة اختناق شديدة ، وحرقان بعينيه ، لم يستطع معها ، الإبصار بصورة جيدة‏ .‏.. وغطّت الطرق الرئيسية ، مما أدى إلى إعاقة الرؤية ، أمام سائقي السيارات ، وعرضتهم إلى ارتكاب حوادث التصادم‏ .‏.. وقد أغلق المواطنون النوافذ لشعورهم بالاختناق‏ .
ويقول د‏.‏ محمد عوض تاج الدين ، أستاذ الأمراض الصدرية ، ونائب رئيس جامعة عين شمس‏ :‏ … وبالنسبة لدخان السحابة الأخيرة ، فقد اتسم بالكثافة ، ووجود رائحة نفاذه مصاحبة له ، مما أحدث تهيجا في الأغشية المخاطية ، للعين والأنف ، لمن تعرضوا له‏ ، وأدى ذلك إلى إصابتهم ، بضيق في التنفس ، نتيجة تهيج هذه الأغشية ، فارتفع عدد الحالات المصابة ، وزاد عدد المتردّدين على أقسام الصدر ، بالمستشفيات العامة والخاصة‏ .
الأسباب المحتملة :
ثلاثة احتمالات : حرق المخلفات الزراعية ، حرق القمامة ، عوادم السيارات … أثارت سحابة الدخان الخانق ، التي غطت القاهرة ، أول أمس ، تساؤلات عديدة حول أسبابها‏ ..‏ البعض أرجعها لحرق ، مقالب القمامة المنتشرة حول القاهرة‏ ، وعلّلها البعض الآخر ، بحرق بقايا جذور نبات الأرز .
مقالب الزبالة بريئة من التهمة :
من جانبه يؤكد اللواء مجدي البسيوني ، رئيس هيئة التجميل والنظافة بالقاهرة‏ :‏ إن هذه السحابة العالقة بسماء القاهرة ، لا ترجع إلى حرق القمامة . ليُبرّئ مقالب القمامة ، ويتهم القش .
ـ أما المزارعون فقد برّءوا القش بحجج منطقية ، بالإضافة إلى أن دخان حرق القش والأخشاب ، ذو لون أبيض ، ورائحة خاصة ومميزة ، من الممكن احتمالها ، تختلف عن دخان حرق المواد البترولية ، ذو اللون الأسود ، والرائحة النفاثة ، وكذلك تختلف عن دخان حرق القمامة ، ذو اللون الأقل سوادا ، والرائحة الكريهة .
المختص لا يعرف الحقيقة ، ويُبرّئ القش ويتهم القمامة :
وشرح الدكتور محمود نصر الله ، مدير معمل تلوث الهواء ، أنه من المتوقع أن تكون الأدخنة ( وليس من المؤكد ) ، ناتجة عن احتراق وقود البترول ! ، أو القمامة‏ !‏ هذه الأدخنة عبارة عن جسيمات عالقة ، من الدخان الأسود‏ :
1. ثاني أكسد الكربون‏ ،
2. وثاني أكسيد الكبريت‏ ،
3. أول أكسيد الكربون ،
4. وأكاسيد النيتروجين .
لذلك يجب أن يكون هناك حل سريع وفوري ، وتشكيل غرفة عمليات ، لرصد مصادر التلوث ، وكل منطقة سكنية ، بها محرقة أو مقلب زبالة ، يجب أن تبلغ الجهات المسؤولة ، مثل وزارة البيئة وجهاز شؤون البيئة ، حتى تخمد هذه الحرائق فورا‏ .‏
ـ وبما أنه لا يوجد حقول نفط تحترق في القاهرة ، نجد أن هذا المختص ، يُبعد الشبهة عن القش ، ويعزوه لمقالب القمامة ، والتي أكد المسؤولون ، أنها موقوفة عن العمل منذ مدة ، وأنها ليست السبب .
عودة الدخان … ولا حرائق تؤخذ بعين الاعتبار … ؟!
ـ ورغم كلّ الإجراءات الاحترازية والاحتياطات اللازمة ، التي اتخذت على الأرض ، بمنع الحرائق في القاهرة وما حولها ، يعود الدخان بنفس الكثافة ، ويبقى عالقا في سماء القاهرة ، ليدبّ الذعر والرعب ، بين سكان القاهرة ، من جديد ، في ليل 26 / 10 / 1999م ، ليصبح لغزا غامضا ، لا يقبل تبريرا منطقيا ، ولا يجد تفسيرا علميا .
وقالت‏ الوزيرة :‏ أنها في اجتماع دائم ، مع خبراء البيئة المصريين وبعض الخبراء الدانماركيين ، لرصد وتحليل الأدخنة المنبثقة والمنتشرة ، في سماء القاهرة الكبرى . وأشارت إلى أن التحليل المبدئي للأدخنة ، أكد وجود نسبة عالية ، من الجسيمات العالقة والأتربة الرفيعة ، ساعد على انتشارها سكون الجو ، وعدم تحريكها بواسطة الرياح ( كمن فسّر الماء بعد الجهد بالماء ) ، وما زالت أبحاثنا مستمرة للوصول إلى حقيقة هذه الأدخنة .
ـ أي بالرغم من كل محطات الرصد ، التي عدّدها أحد المقالات أعلاه ، لم تستطع الوزيرة وخبرائها الدنمركيين من معرفة أسبابها .
ونفى المستشار البيلي ، حرق أي كاوتش ، كما تردّد عن أحد المصانع الكبرى .‏
ومن جانبه صرح د‏.‏ محمد عطية الفيومي ، رئيس مجلس محلي محافظة القليوبية : بأنه لا توجد حرائق في المنشآت الموجودة ، على أرض المحافظة ، حتى الساعة التاسعة ، مساء الثلاثاء‏ 26‏ أكتوبر .
اهتمام على مستوى رئاسة مجلس الوزراء :
تلقى الدكتور عاطف عبيد ، رئيس مجلس الوزراء ، تقريرا شاملا ، مساء أمس ، من الدكتورة نادية مكرم عبيد ، وزيرة الدولة لشؤون البيئة ، حول ظاهرة الدخان الكثيف‏ ، الذي غطى سماء القاهرة ، منذ يوم السبت الماضي‏ ، وعاد إلى الظهور ، يومي أمس وأمس الأول‏ .‏ وقال عبيد : أنه سيتم بحث هذا التقرير ، بشكل تفصيلي ، لمعرفة أسباب تلك الظاهرة‏ ، وكانت الأهرام ، قد تلقت طوال ليلة أمس ، سيلا من الشكاوي حولها ، من عشرات المواطنين ، الذين يشكون من الاختناق‏ ، وعودة الدخان إلى الظهور بشكل كثيف ، في أنحاء متفرقة من القاهرة‏ .‏
إحدى الحقائق المرعبة ، على لسان وزيرة الدولة لشؤون البيئة :
وصرحت الدكتورة نادية مكرم عبيد ، وزيرة الدولة لشؤون البيئة ، بأن معدلات تلوث الهواء ، وصلت أخيرا إلى 300‏ ميكروغرام في المتر المكعب‏ ، بما يتجاوز أربعة أضعاف نسب التلوث الأمنية‏ .
ـ فكيف وصلت نسبة التلوث بالدخان ، إلى هذه الدرجة بين عشية وضحاها … ؟! ولماذا لم تُطلع الوزيرة وخبراء الرصد الشعب المصري ، على تقارير التحليلات المخبرية ، أثناء حدوث الظاهرة أو بعد انتهائها ، واقتصرت على تبريرات وتفسيرات ، أشبه ما يكون بحكايا جدتي .
صحيفة الشعب :
تؤكد الصحيفة ، أن هناك إجماعا ، على رفض التفسير الرسمي المعلن ، بحكاية مقالب الزبالة ، وحرق قش الأرز وما شابه …!! وتصف التفسير الحكومي للظاهرة ، بالمتهافت والمهين للعقول . ولذلك ، حاول الناس أن يتوصلوا بمعرفتهم ، للأسباب الأكثر احتمالا ومنطقية ، لحكاية السحابة السوداء ، وفي سعيهم هذا ، حاولوا أن يرصدوا أي تغيّر جديد ، يربطونه بنشوء هذه الظاهرة ، المفاجئة وغير المألوفة .
التطيّر من الناس والأشياء من عادات أهل مصر قديما وحديثا :
وكما تطيّر فرعون وقومه بموسى ومن معه ، لما كان ينزل بهم العذاب ، تطيّر أهل مصر ( بالوشّ النحس ) للوزارة الجديدة ، وكان جواب رب العزة لأهل مصر القدماء ( أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) .
الأوصاف التي أطلقتها الصحيفة على ظاهرة الدخان :
الظاهرة العجيبة والمؤذية ، المفاجئة وغير المألوفة ، مأساة السحابة السوداء ، مصيبة السحابة السوداء ، سحابتنا الغامضة ، السحابة السوداء الغامضة .
هي ابتلاء ونذير شؤم لأهل مصر ؟!
وتخلص الصحيفة إلى القول : إنّ الابتلاء الذي ، مثّلته السحابة السوداء الغامضة ، قد يكون مجرّد إشارة تحذير ، وشدّ للأذن .
ـ وهنا أصاب كاتب المقال كبد الحقيقة ، نعم هو تحذير وإنذار نهائي ، ولكن من قبل من … ؟!

بل هم في شك يلعبون
* النصوص الكاملة لمادة هذا الفصل ، تجدها على موقع باسم ( ملف وليمة لأعشاب البحر ) ، على شبكة الإنترنت على العنوان :
www.mohammadabbas.com/books/alwaai/alwaai8.htm ، أو العنوان :
www.alshaab.com/GIF/31-08-2001/Walima.htm
" الرواية في ميزان الإسلام : ساقطة داعرة ..
في ميزان العقل : مختلة فاسدة ..
في ميزان الأدب : ضعيفة مهترئة .. " .
الأستاذ الدكتور جابر قميحة أستاذ الأدب العربي
مقتطفات ، من مقالات د. محمد عباس في رواية وليمة لأعشاب البحر :
صحيفة الشعب : 28/4/2000 ، عنوان المقال :
لا إلـه إلا الله ..
من يبايعني على الموت ..
تبّت أيديكم.. لم يبق إلا القرآن ..
ماذا لو قلنا أن رئيس الوزراء خـراء ؟!
" لا إلـه إلا الله … بكيت …لم يكن طول الجرح بالمسافة بل بالزمن .. جرح طوله ألف وخمسمائة عام .. صرخت : تبت أيديكم .. أيما كنتم .. وأينما كنتم .. وأيما أنتم .. وأيا كان من وراءكم .. يا كلاب النار يا حطب جهنم ...
أمسكت بالـهاتف واتصلت بصديق كي أبثه همي … استطعت بعد جهد جهيد ، أن أقرأ للصديق بعض الجمل ، التي انصبت على جسدي كالنار .. كرصاص منصهر.. طفحت من كتاب داعر فاسق فاجر كافر .. طبعته لنا ونشرته بيننا ، وزارة الثقافة المصرية .. وليس الإسرائيلية ولا الأمريكية …
حرون هو القلم في يدي .. وقلبي لا يطاوعني ، أن أنقل لكم الكلمات الفاسقة الداعرة الكافرة ، التي أوردها كتاب فاسق داعر كافر.. نشرته هيئة ، لابد أن تكون فاسقة داعرة كافرة ، تحت رئاسة مسئول ، لابد أن يكون داعرا فاسقا كافرا ..
إليكم ما طبعته ونشرته وزارة الثقافة المصرية : " وهؤلاء يهمشون التاريخ ، ويعيدونه مليون عام إلى الوراء ، في عصر الذرة والفضاء والعقل المتفجر ، يحكموننا بقوانين آلـهة البدو ، وتعاليم القرآن .. خـراء "..
لا إلـه إلا الله.. لا إلـه إلا الله .. لا إلـه إلا الله ...
صرخت في نفسي : كيف يا صفيق قرأتها فلم تمت الفور.. كيف ؟! …
تراءى لي الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، يناظرني معاتبا ، يوم القيامة ، فصرخت من الخجل …
تراءى لي الزبير بن العوام ، يهتف صارخا في حروب الردة : من يبايعني على الموت ...
تراءى لي ملايين وملاين من الشهداء والصابرين .. بذلوا حياتهم واحتسبوا صبرهم ، لتقديس اسم الله ، ورفع كلمته .. ثم أتى الشيطان ، ليكتب ما يسميه كتابا ، تعتبره وزارة الثقافة المصرية – وهى الأخرى شيطان - أدبا ، فتنشره على الناس كي تنوّرهم ...
وزارة الثقافة المصرية في بلد الأزهر ، وصلاح الدين وقطز وخالد الإسلامبولي ، تنشر يا قراء كتابا ، يدعى أنه رواية ، يقول : أن القرآن خـراء .. ثم لا يلبث أن يقول : إخرأ بربك …
لا إلـه إلا الله … أول مرة ألقى مثل هذا الألم في حياتي ..
ولا حتى ، استدراجنا كقطيع من الخراف ، إلى مقتلة الخليج .. حين اندفع بالشرك والغباوة والخيانة والجهل والنفاق ، نصفنا يقتل نصفنا .. كقطيع .. قطيع من الخراف ، يندفع إلى المجزرة ، وهو فرح بها نشوان ..
ولا حتى ، عندما حمل السادات ، كفننا وكرامتنا وتاريخنا ، ليذهب مذموما مدحورا إلى القدس ..
ولا حتى مع الذبح اليومي ، الذي نشارك فيه للعراق .. ولا حتى يوم موت أبى .. أبدا .. لم أشعر بمثل هذا الألم ...
القرآن .. خـراء …
ملاذنا الأخير ينتهك ويهان ...
كان صديقي ما يزال على الـهاتف … وكنت ما أزال أبكى ، وأنا أقرأ له ، مما نشرته وزارة الثقافة المصرية .. رائدة التكفير لا التنوير : " الله قال انكحوا ما طاب لكم . رسولنا المعظم كان مثالنا جميعا ، ونحن على سنته .. لقد تزوج أكثر من عشرين امرأة ، بين شرعية وخليلة ومتعة .. "
ثم يستطرد الكتاب الفاجر الكافر ، الذي يلبس عباءة رواية ، وليس برواية ، إلا في عقول مخصية شاذة مريضة ، سعت وتسعى إلى نشر الكفر والفاحشة .. يستطرد مجترئا على الذات الإلـهية ، ليقول : " إن رب هذه الأرض ، كان يزحف وهو يتسلل من عصور الرمل والشمس ، ببطيء السلحفاة " .
ويسوق في حوار فاجر كافر : " هو من صنع ربى .. لا بد أن ربك فنان فاشل إذن .. "
لا إلـه إلا الله …
ويقول الفاجر بن الفاجر ، الفاسق بن الفاسق ، الكافر بن الكافر : مؤلفا وطابعا وناشرا ووزارة : " داخل هذه الأهواز التي خلقها الرب ، في الأزمنة الموغرة في القدم ، ثم نسيها فيما بعد ، لتراكم مشاغله ، التي لا تحد في بلاد العرب وحدها ، حيث الزمن يدور على عقبيه منذ ألفي عام " .
و " أقام الله مملكته الوهمية ، في فراغ السماوات " ..
و " وخلع الجلد المتخلف والبالي ، الذي خاطه الإسلام فوق جلودنا القديمة " ..
و " إن حبل السرة ، ما يزال موصولا مع الأزمنة الرعوية ، وأزمنة عبادة الله الواحد القهار في السماء والأرض ، وذلك الذي يقول للشيء ، كن فيكون " .
آه ينصدع لها القلب ، وينحطم الفؤاد ، وتنكسر الروح ...
برح الخفاء يا ناس ، وهذا وقت المفاصلة ، إما إيمان ، وإما كفر ...
للوهلة الأولى .. والدوار يكتنفني ، قلت لنفسي : اذهب إلى الأزهر على الفور ، واصعد منبره ، واصرخ : من يبايعني على الموت .. ؟!
ثم آخذ الرهط الذي يجتمع حولي ، وأتوجه بهم إلى قصر الرئيس مبارك .. عراة صدورنا ، نازفة قلوبنا ، دامعة عيوننا ، عُزّل أيدينا .. نسألـه ، والسؤال دم : ما هي الحدود بين الإسلام والكفر .. ؟ ما هي التخوم بين التنوير والتعهير .. ؟ ما هى الطخوم بين تجفيف المنابع ، والخروج من الملة .. ؟ ما هى البيون ، بين أن تكون مصر قائدة للتنوير حقا ، يرتضيها العرب والمسلمون ، وبين أن تكون قوادة ، للكفر والفسوق والعصيان .. ؟
نهتف فيـه : أنت ولى الأمر … وليس لنا أن نقيم الحد على الفجرة الكفرة الفسقة بأيدينـا …
تسلل إلى نفسي أمل ميت .. أن يكون ثمة لبس ، قد حدث أمام صحيفة الأسبوع ، عندما فجرت هذه الفضيحة منذ أسابيع قليلة .. لعل الكتاب طبع في إسرائيل مثلا .. وقلت لنفسي أن الإسلام يأمرني بالتثبت .. بحثت عن الكتاب .. ووجدته :
( وليمة لأعشاب البحر .. حيدر حيدر .. سلسلة آفاق الكتابة .. العدد 35- الـهيئة العامة لقصور الثقافة .. وعنوانها كما هو مثبت : 16 أ شارع أمين سامي- قصر العيني – القاهرة ت: 3564841 – 3564842 – فاكس 3564202 – أما الطابع فهو : شركة الأمل للطباعة والنشر ، أما قائمة العار الدنـسة ، المكتوبة على صفحات الكتاب الأولى ، فتجمع : رئيس مجلس الإدارة : على أبو شادي ، أمين عام النشر : محمد كشيك ، رئيس التحرير : إبراهيم أصلان ، الإشراف الفني : د .محمود عبد العاطي ، مدير التحرير : حمدي أبو جليـل ) ...
لا إلـه إلا الله …
كنت أظن أني محتاج ، لقراءة الرموز بين السطور ، كي أكشف الشرك الخفي .. حتى جاء هذا الكتاب ، وفجرت صحيفة الأسبوع قضيته …
ليس الشرك الخفي ، بل الكفر البواح ...
هو الخيانة لله ولرسوله .. هو الخيانة للأمة وللوطن .. هي العمالة الصريحة المباشرة ، لأمريكا وإسرائيل ...
هو التسلل إلى عقول أبنائنا ، لإخراجهم من الإسلام تماما ، كما قال ( زويمـر ) .. هو نشر الإباحية والسفالة والشذوذ ، وقتل روح الأمة …
إن العار لا يلحق بوزارة الثقافة فقط .. فتضامن المسؤولية الوزارية ، يجعل مجلس الوزراء كله مسئولا ، وكل وزير مسئول .. ورئيس الوزراء مسئول .. و..
لكن الفاجر يكتب والفاجر ينشر أن "القرآن خــراء " .. و " خرا بربك " .. ثم يجد من يدافع عنه .. أما من وزير يستقيل … ؟!
لا إلـه إلا الله ...
يا جلالة ملوك وفخامة رؤساء الدول الإسلامية .. لطالما تعاونتم على الإثم والعدوان .. فتعاونوا ولو مرة للدفاع عن القرآن .. اطلبوا الرئيس مبارك اليوم.. قولوا له أن ما نشرته وزارة الثقافة المصرية ، لم يذبح المسلمين في مصر فقط ، بل في العالم الإسلامي كله .. من لم يفعل منكم ذلك ، فليأت الله يوم القيامة ، والقرآن خصمه … !
من كان منكم يحب الله والرسول ، فليدافع عن القرآن …
من كان منكم مذنبا ، فليكفر عن ذنوبه ، بالدفاع عن القرآن ..
يا شيخ الأزهر ... لا إلـه إلا الله … يا فضيلة المفتى … يا شيوخ الأزهر ، ويا طلبة جامعة الأزهر … يا خطباء المساجد … لا إلـه إلا الله ...
يا كل هيئة ومؤسسة وصحيفة في العالم الإسلامي … اكتبوا أنهم في بلد الأزهر ، ينشرون أن القرآن خـراء …
يا شيخ يوسف القرضاوي … دافع عن القرآن بما أنت له أهل … إن الأمة تنتظر فتواك ، في كل مسئول عن نشر هذا الكتاب … أصرخ فيك … أهتف فيك : مصر لم تعد بخير .. مصر لم تعد بخير .. مصر لم تعد بخيـر … فالنجدة النجدة والغوث الغوث … فإنه القـرآن … ولا إلـه إلا الله …
يا سيادة الرئيس … أطفئ الفتنـة …
واعلم هدانا وهداك الله ، أن الأمر ليس أمر وزير فاسق ، أو وزارة فاجرة ، بل هو منهج مشرك تسلل إلى النظام ، مسئوليتك أمام الله أن تزيله ، وأن تحاربه ، حتى لو استشهدت دونه .. منهج مشرك ، لا يقتصر على وزارة ، ولا يقوم به مجرد أفراد ...
واعلم هدانا وهداك الله ، أن مثل هذا المنهج الفاجر ، هو الذي يغيب في السجون والمعتقلات ، عشرات الآلاف من شباب ، لم يأخذوا عليهم ، سوى أن الإسلام دينهم والقرآن كتابهم .. بينما يرى ذلك المنهج الخائن الفاجر الكافر العميل ، أن القرآن خـراء … وذلك ما ينقمونه عليهم …
واعلم هدانا وهداك الله ، أن أسوأ ما تفعل أن تكتفي ، بإقالة وزير أو تنحية مسئول ...
فالخطب أطم والمصيبة أعم ...
قل لي يا سيادة الرئيس : هل ترضى لعهدك – دون العهود جميعا – أن تصمه هذه الوصمة .. فالقرآن لم يتعرض ، لمثل ما يتعرض له الآن .. أبدا .. ولا حتى في عهد كرومر .. بل ، وحتى الفراعنة كانوا يقدسون كتب الدين ...
قل لي يا سيادة الرئيس : هل كانت الدولة تسكت ، لو أن من كتب هذا الكتاب ، أو طبعه ، أو نشره ووزعه ، كان قد وضع الإنجيل ، أو التوراة ، مكان القرآن ؟!.. ما كانت الدولة لتسكت .. وما كنا نحن أيضا سنسكت ..
يا سيادة الرئيس : إنك مسئول عن هذه الفئة المنحرفة الشاذة .. مسئول أمام الأمة ، وأمام التاريخ ، وأمام الله .. إن القانون في بريطانيا ، يحمي الإنجيل والتوراة .. وأخوتنا المسلمون هناك ، يجاهدون لمدّ مظلة الحماية إلى القرآن .. فهل ترضى لنفسك ، أن نجاهد أمامك ، لسن قانون يحمي القرآن ؟! …
يا سيادة الرئيس : إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه .. وإني والله لمشفق عليك ، من أن تلقاه وهذه الفعلة الشنعاء في كتابك .. توضع في ميزانك .. وما أثقلها .. ما أثقلها .. ما أثقلها ..!
وإنني أناشدك يا سيادة الرئيس - أبيت اللعن - أن تطفئ لهيب الفتنة ، ببيـان يصدر عن الرئاسة اليوم .. بيان استغفار إلى الله .. واعتذار إلى الأمـة ..
فإن لم تفعل يا سيادة الرئيس … فإنني أرجوك : مر رجالك بقتلي … قتلة غلام أهل الأخدود " .
* مقتطفات من مقال آخر ، د. محمد عباس ، صحيفة الشعب : 5/5/2000م ، تصدير المقال :
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد تركى
عضو / ة
عضو / ة
خالد تركى


الساعة الأن :
عدد المساهمات : 126
نقاط : 262
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 01/09/2010

كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية   كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Icon_minitime1الأحد 17 أكتوبر 2010, 12:51 am

يا سيادة الرئيس : إنك مسئول عن هذه الفئة المنحرفة الشاذة .. مسئول أمام الأمة ، وأمام التاريخ ، وأمام الله .. إن القانون في بريطانيا ، يحمي الإنجيل والتوراة .. وأخوتنا المسلمون هناك ، يجاهدون لمدّ مظلة الحماية إلى القرآن .. فهل ترضى لنفسك ، أن نجاهد أمامك ، لسن قانون يحمي القرآن ؟! …
يا سيادة الرئيس : إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه .. وإني والله لمشفق عليك ، من أن تلقاه وهذه الفعلة الشنعاء في كتابك .. توضع في ميزانك .. وما أثقلها .. ما أثقلها .. ما أثقلها ..!
وإنني أناشدك يا سيادة الرئيس - أبيت اللعن - أن تطفئ لهيب الفتنة ، ببيـان يصدر عن الرئاسة اليوم .. بيان استغفار إلى الله .. واعتذار إلى الأمـة ..
فإن لم تفعل يا سيادة الرئيس … فإنني أرجوك : مر رجالك بقتلي … قتلة غلام أهل الأخدود " .
* مقتطفات من مقال آخر ، د. محمد عباس ، صحيفة الشعب : 5/5/2000م ، تصدير المقال :
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد تركى
عضو / ة
عضو / ة
خالد تركى


الساعة الأن :
عدد المساهمات : 126
نقاط : 262
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 01/09/2010

كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية   كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Icon_minitime1الأحد 17 أكتوبر 2010, 12:54 am

الجريمة مستمرة ..
ثلاثية الثقافة في مصر :
الكفر والعهر والتطبيع ..
هل الله جليسة أطفال .. ويعلمنا الحب ؟!
وهل الأنبياء آبقون .. ؟!
الجريمة مستمرة … وسوف تخطئون خطأ مروعا ، إذا ظننتم أنه مجرد كتاب داعر فاجر كافر أفلت .. وأن الأمر قد لا يتكرر مرة أخرى ...
ليس مجرد الكتاب ، بل إنه المنهج .. منهج متعمد مقصود .. منهج أخطبوطي ، ينفذ بالضبط تعاليم المستشرقين والمبشرين ، والاستعمار في صورته الحديثة .. منهج يدرك ، أن أخطر ما في الإسلام والقرآن ، هو ذلك الإيمان اليقيني ، الذي يجعل من المسلمين بشرا ، يمكن أن يتفوقوا حتى على الملائكة ، ويجعل من المنافقين ، أشبه بالخنازير والقردة .. وتلك هي النقطة ، التي تثير عجب وحنق المنافقين ، عندما يلاحظون استعلاءنا عليهم ، مهما أدبرت عنا الدنيا ، وأقبلت عليهم .. استعلاء البشر على الخنازير .. ولقد أدرك الغرب منذ قرون ، أنه هزم في المواجهة المسلحة مع الحضارة الإسلامية .. وأنه لا سبيل أمامه ، إلا إفراغ الإسلام من محتواه .. ولقد استعان على ذلك حينا بالاستعمار ، حتى اطمأن إلى أنه ربّى بيننا ، نخبة فاسدة مفسدة ، فتركها لتنوب عنه .. وهم منا ، لكن قلوبهم قلوب ذئاب ...
ليس مجرد كتاب يا أمة ... الجريمة مستمرة ولا إلـه إلا الله …
الجريمة مستمرة … والثقافة في بلدنا تهدف إلى ثلاثة أشياء لا تنسوها :
أن تكون حرية التفكير مرادفة للكفر ...
وأن تكون حقوق المرأة مرادفة للعهر ...
وأنه بعد نشر الكفر والعهر ، سيكون المجتمع الإسلامي ، قد غرق في غيبوبة ، فقد معها كل مناعة .. ليسهل التطبيع بعد ذلك مع إسرائيل ، والانسحاق أمام الغرب ...
الجريمة مستمرة يا ناس .. وسأعرض عليكم على الفور ، نماذج لا تقل سفالة وبشاعة ، عما عرضت عليكم في المقالة الماضية ... فلنتناول معا كتابا أخرجته وزارة الثقافة أيضا ، الـهيئة العامة لقصور الثقافة ، ( كتابات نقدية ، العدد 97 ، ديسمبر 99 ، والكتاب معروض ، عند باعة الصحف ، وإن كنت أحسب أن السيد الوزير ، الذي يطلقون عليه ( زين الرجال ) ، سوف يأمر بسحبه غدا ، قبل انتشار الفضيحة .. عنوان الكتاب : شعر الحداثة في مصر ، وقائمة العار للهيئة المشرفة عليه ، هي ذات قائمة العار ، التي نشرناها في الأسبوع الماضي ، وعلى رأسها أيضا : علي أبو شادي ) ...
ولقد وفّر علينا إدوارد الخراط ، مئونة البحث في عشرات ، من إصدارات وزارة الثقافة المصرية ، لعشرات الشعراء المصريين - وأغلبهم والله ليسوا شعراء ، وليسوا بشرا - حين استعرضها في هذا الكتاب : 700 صفحة تقريبا .. وسعره خمسة جنيهات .. وتذكروا يا قراء ، أن هذه الكتب هي التي يخرءونها – إذا صح التعبير- لتشكيل وجدان الأمة ...
فلندلف معا ، إلى كلمات السفالة والشذوذ والكفر البواح .. فلندلف دامعين إلى السخرية ، من الذات الإلـهية والمرسلين .. فلندلف إلى محاكاة هازلة هازئة ، كمحاكاة مسيلمة الكذاب .. فلندلف إلى خيوط الشبكة ، التي يصطادون بها الأمة .. إلا أنني أجد لزاما عليّ ، أن أنبه القراء ، أن ما سيقرؤونه على الفور ، بالغ الفحش ، وأن يبعدوه عن أيدي أبنائهم …
( لم نشأ أن نورد شيئا ، مما اقتبسه المؤلف من أمثلة ، على شعر الحداثة في مصر … حيث أن ما يطرحونه من تصويرات وتشبيهات ، تقشّعر منها جلود الذين كفروا ، وهي لا تقل سفالة وانحطاطا ، عن الرواية السابقة ، بل تفوقها أحيانا . تستطيع الاطلاع على ما لم نقم بإيراده هنا ، مما اقتبسه كاتب المقال ، وشيوخ الأزهر في تقاريرهم ، من نصوص ، على موقع الملف على شبكة الإنترنت ) .
ويستطرد الكاتب قوله :
لم ينته الـهزء بالقرآن ، ولكنني أكتفي – مؤقتا – بما ذكرت ، لننتقل إلى السخرية ، من الأحاديث النبوية الشريفة :
" زمليني أنا العاشق المرتبك " .. و: "دثريني وخلي نهودك تحرث قلبي بنصلين من وبر".. و: " نمضي إلى الوادي المقدس ، أنبياء آبقين ، نأمر بالمنكر ، وننهى عن المعروف ، دون أن نكظم الغيظ ، أو نعفو عن الناس " . ( مرجعية هذا الشاعر هي التوراة ، حيث أُتهم فيها الأنبياء بالفحش والكفر ) .
"دثريني دثريني .. ورطبي لي جبيني .. النار في عيوني .. والريح في يقيني " .
هذا هو تنوير وزارة الثقافة المصرية ، يا مسلمون ويا عرب ... هذا هو ما يحاربون به الإسلام ...
وأكثر من عشرين ألف معتقل ، يسومونهم سوء العذاب ، لأنهم يقرءون القرآن …
لا إلـه إلا الله …
يا عاطف عبيد .. هذا هو الفجر بعينه .. فُجر فاجر ، وعُهر عاهر ، لا يرعاه إلا فاجر وعاهر .. وتذكّر .. أن من ولّى أمر المسلمين فاجرا ، فهو فاجر مثله …
تصورت يا ناس أن نشر المقال ، سيسفر عن نسف ، كل مؤسسات وزارة الثقافة على الفور ..
لكن تصوُّري ، كان أملا جهيضا في القلب .. وعلى العكس .. وجدت من المثقفين والنخبة ، من يدافع عن الكفر البواح ...
لقد احتفظت حضارتنا ، بتراث أوغل في الفحش بل والكفر .. ونذكر أبي نواس والأغاني ، والفرق المختلفة التي زاغت عن الإسلام .. كان المجرى الرئيسي للنهر سليما ، ولم يكن يضره كثيرا ، أن يبول كلب أو خنزير فيه .. لكن عندما يكون الماء راكدا .. وليس لدينا سوى كوب من الماء ، ونحن تائهون في البيداء في الـهجير ، فكيف نسمح للكلاب ، أن تبول في مائنا الأخـير ..
* مقتطفات من مقال آخر ، د. محمد عباس ، صحيفة الشعب : 12/5/2000م ، تصدير المقال :
لا إلـه إلا الله ..
يا سيادة الرئيس : الفتنة تطل .. فأطفئها ..
يا شيخ الأزهر : دافع عن دين الله ..
يا فضيلة المفتي : صمتك مذهل ..
إن وزيرة في الحكومة المصرية ، هي التي صرحت أن 17% من طالبات الجامعة ، قد تزوجن زواجا عرفيا ...
فكم يا ترى ؟! لم يحتجن إلى ورقة التوت المغشوشة ، يغطين بها سوءاتهن ...
ولماذا نندهش لذلك ، إذا كانت مطبوعات وزارة الثقافة ، تتدنى حتى تنشر الفسق والفجور ، وتصف بعهر ، كل ما يهدم القيم والثوابت ...
لماذا نندهش ، عندما تتحدث بعض الدراسات ، إلى أن أكثر من 50% من طلاب الجامعة ، يتعاطون البانجو ( مخدر ) ...
وبرغم ذلك كله ، فإن اعتراضنا على تشبيه القرآن بالخـراء ، لم يتركّز على المؤلف ، ولا على روايته .. فليذهب إلى الجحيم ، ما دام قد اختار الطريق إليها .. لقد انصب اعتراضي ، على قيام وزارة الثقافة المصرية ، بإعادة نشر الرواية في مصر.. والرواية التي تباع في الأسواق ، بثلاثين أو أربعين جنيها ، دعمتها وزارة الثقافة ، حتى بيعت بأربعة جنيهات .. هل هذا هو الفكر ، الذي ننقله ونعلمه لأبنائنا …
نعم .. كذب المسؤولون في وزارة الثقافة ، وكانت مجلاتهم وصحفهم تكذبهم .. لقد صرحوا بأن الرواية مسموح بها ، في كل الدول العربية ...
لكن أخبار الأدب : تذكر بالنص على لسان حيدر حيدر : " عشت في بيئة تحاربني ، على المستوى الديني ، ولا يقولون أنني علماني ولا عقلاني وتنويري ، بل يقولون ملحدا "
ويسألونه : هل كنت تجد صعوبة في نشر أعمالك ؟ فيجيب : " صعوبة شديدة جدا … فقد عشت أنا وكتبي ، في حالة منع مستمر ، من بلاد عربية كثيرة " …
اقرءوا أيضا في نفس العدد من أخبار الأدب ، تعليق الأستاذ محمود أمين العالم : " أخذت أقلب بين يدي رواية ، وليمة لأعشاب البحر ، أو نشيد الموت ، للأستاذ حيدر حيدر . بحثا عن اسم ناشر أو مطبعة ، فلم أجد ، وأخيرا علمت ، أن دور النشر العربية جميعا ، رفضت نشر هذه الرواية ، فقام هو بطبعها على نفقته ، ولكن يبدو أن المطبعة التي قامت بطبع هذه الرواية ، قد آثرت هي أيضا السلامة ، فاكتفت بالطبع ، وامتنعت عن ذكر اسمها . صدرت الرواية مجهّلة ، إلا من اسم مؤلفها . ولقد علمت كذلك ، أن الرواية ، تكاد تعتمد في توزيعها على اليد . وعلى العلاقات الشخصية ، كما توزع المخدرات أو المنبهات المحظورة " .
فلماذا كذبت أجهزة وزارة الثقافة ... ؟!
لماذا يُكذب الوزير نفسه كل يومين .. لقد صرح أولا ، بأن الرواية مصادرة ، منذ منتصف نوفمبر الماضي .. وفى نفس يوم نَشْرِ بيانه ، كان بيان علي أبو شادي ، يقول : أن الرواية صدرت في منتصف نوفمبر ( أي بعد ظهور الدخان بأسبوعين ) ...
لماذا حاول الوزير باستمرار ، أن يخلط بين طبعة مصرية ، هو الذي أصدرها ورعاها ، وباعها بعشر ثمنها ، وبين طبعات لبنانية ، لم نسألـه ، ولم نطلب حسابه عنها ، رغم أنه بحكم مسئوليته الوزارية ، مسئول عما يدخل إلى البلاد ، من عناصر الثقافة …
إنني أتهم وزير الثقافة ، أنه بسبب مواقفه المتناقضة ، قد أشعل غضب الناس .. أشعل غضب الطلاب .. يوم الخميس نشرت صحيفة الوفد بدهشة ، تصريحا عن اللجنة التي شكلها ، وقوله أنها ليست لجنة تحقيق ، بل لجنة ستشرح للناس ما خفي عليهم ، من إبداع في الرواية .. يوم الجمعة الماضي نشرت صحيفة الأهرام ، في مكان بارز خبر مصادرة الرواية .. ويوم الأحد نشرت صحيفة الأخبار ، تصريح وزير الثقافة بأن الرواية لم تصادر .. وانفجرت مظاهرات الطلاب يوم الاثنين ...
إن القانون الإنجليزي مثلا ، يُجرّم الاعتداء على التوراة والإنجيل.. وهم لا يعتبرون القرآن كتابا سماويا مقدسا .. هم وشأنهم .. لكن ألا يحقّ للقرآن في بلاده أن يقدّس .. لقد منع فيلم العشاء الأخير للمسيح في لندن ، وخرجت المظاهرات تحطم دور السينما ، التي تعرضه في باريس ...
لماذا لجأ بعض مثقفينا ( المدافعين عن وزارة الثقافة ) إلى هذا الـهجوم الضاري ؟ …
لماذا اعتبرتم فاروق حسني فرعونكم ، فَرُحتم كالكهنة القدامى ، تدعون لعبادته من دون الله ؟ …
وأقول لكم على الرغم مني يا ناس ، أنهم حققوا بعض النجاح في خطتهم .. فقد وعدتكم في الأسبوع الماضي ، أن أتناول اليوم كتابا من كتب وزارة الثقافة ، تدعو فيه كاتبته ، إلى تعديل القرآن ، كي يتوافق مع النظام العالمي الجديد ، ومواثيق حقوق الإنسان …
وأن هؤلاء الناس ، ينظرون إلى الإسلام وإلينا ، كما ينظر مبدعهم حيدر حيدر ، الذي يقول في صفحة 510 ، من كتابه الملعون :
"ضحك الرجل وهو يرمم جثة البدوي فيه : لكنني ملحد كما تعرفين .. الشرف والبكاة ( لعله يقصد البكارة) ، وأخلاق المسلمين في مؤخرتي ، من عشرات الأعوام " .
لا تعترضوا يا قراء .. فنقادنا الجهابذة ، يرون أن هذا الكلام السافل البذيء إبداعا ..
" في تلك الليلة تحدث عن تحطيم الأوثان ، التي أقامها الآباء والأجداد ، وضرورة الانفصال عن الدين والله ، والأخلاق والتقاليد ، والأزمنة الموحلة والجنة والجحيم الخرافيين ، وطاعة أولى الأمر والوالدين ، والزواج المبارك بالشرع ، وسائر الأكاذيب والطقوس ، التي رسمتها دهور الكذب " .


بيان مجمع البحوث الإسلامية
بيان الأزهر
الأزهر / مكتب الإمام الأكبر / شيخ الأزهر ، بيان مجمع البحوث الإسلامية بشأن ، رواية ( وليمة لأعشاب البحر ) لمؤلفها السيد حيدر حيدر . طبع ونشر الـهيئة العامة لقصور الثقافة ، التابعة لوزارة الثقافة بالقاهرة .
تم عرض موضوع الرواية المشار إليها ، على لجنة البحوث الفقهية ، فكلّفت اثنين من أعضائها المتخصصين ، بكتابة تقريرين منفصلين عن الرواية ، لعرضها في جلسة استثنائية ، لمجمع البحوث الإسلامية ، حُدّد لها يوم الأربعاء 17 مايو سنة 2000 ، وقد تم عرض هذين التقريرين والرواية ، على المجمع في جلسته الاستثنائية ، وتبين ما يأتي :
أولا : أن وزارة الثقافة التي نشرت هذه الرواية ، لم تستطلع رأي الأزهر الشريف ، أو مجمع البحوث الإسلامية ، مع ما ورد فيها من أمور كثيرة ، تتصل بالإسلام والعقيدة والشريعة ، وذلك على خلاف ، ما يقضى به القانون 103 لسنة 1961 …
ثانيا: إن الرواية مليئة بالألفاظ والعبارات ، التي تحقّر وتهين جميع المقدسات الدينية ، بما في ذلك ، ذات الله سبحانه وتعالى ، والرسول صلى الله عليه وسلم ، والقرآن الكريم ، واليوم الآخر ، والقيم الدينية .
ومن ذلك أنها تستهزئ بذات الله ، مثل وصفه بأنه فنان فاشل ( ص : 219 ) ، وأنه نسي بعض مخلوقاته ، من تراكم مشاغله التي لا تحد ، في بلاد العرب وحدها ( ص : 257 ) ، وأنه أقام مملكته الوهمية في فراغ السماوات ، ليدخل في خلود ذاته بذاته ( ص : 426 ) .
كما يفتري على الرسول عليه الصلاة والسلام ، بأنه تزوج أكثر من عشرين امرأة ، ما بين شرعية ، وخليلة ، ومتعة ( ص : 148 ) ، وأنه كان يتزوج من عذارى القبائل بغية توحيدها ( ص : 426 ، 427 ) .
وأنه حرّف في آيات القرآن الكريم ، ونسب إليه ، ما ليس منه ، كقوله " والله تعالى قال في كتابه العزيز: " إذا بليتم بالمعاصي فاستتروا ) " ( ص : 148 ) ، كما أن الرواية تحرّض صراحة ، على الخروج على الشريعة الإسلامية ، وعدم التمسك بأحكامها ، وذلك بالدعوة إلى ضرورة الانفصال ، عن الدين والله والأخلاق والتقاليد والأزمنة الموحلة ، والجنة والجحيم الخرافيين ، وطاعة أولى الأمر والوالدين ، والزواج المبارك بالشرع ، وسائر الأكاذيب والطقوس ، التي رسمتها دهور الكذب ( ص : 348 ) .
ثالثا : إن الرواية خرجت على الآداب العامة ، خروجا فاضحا ، وذلك بالدعوة إلى الجنس غير المشروع ، واستعمال الألفاظ في الوقاع ، وأعضائه الجنسية للذكر والأنثى ، بلا حياء مما يعف اللسان عن ذكرها ، وكتابة نصها حفظا على الحياء العام ، الذي انتهكته الرواية .
رابعا: إن الرواية لم تكتف بذلك ، بل حرّضت صراحة ، على إهانة جميع الحكام العرب ، ووصفتهم بأقبح وأقذع الأوصاف ، مما يعف المقام عن ذكرها ، وطالبت بالخروج عليهم ، والثورة ولو بإراقة الدماء .
خامسا: اتضح لمجمع البحوث الإسلامية ، من كل ما سبق ، أن ما ورد برواية " وليمة لأعشاب البحر" ، لمؤلفها حيدر حيدر ، خروج عما هو معلوم من الدين بالضرورة ، وينتهك المقدسات الدينية والشرائع السماوية ، والآداب العامة ، والقيم القومية ، ويثير الفتن ، ويزعزع تماسك وحدة الأمة ، التي هي الركيزة الأساسية لبناء الدولة ، ويضع على عاتق من نشروا هذه الرواية ، دون استطلاع رأي أهل الاختصاص ، المسؤولية الكاملة ، عن هذا التجاوز والآثار المترتبة عليه دينيا واجتماعيا ، وذلك على النحو الموضّح تفصيلا ، بالتقريرين المقدمين ، من عضويّ مجمع البحوث الإسلامية المشار إليهما .
والله ولى التوفيق .. تحريرا في 13 من صفر سنة 1421 هـ .. الموافق 17 من مايو سنة 2000 م ، شيخ الأزهر : الدكتور محمد سيد طنطاوي
تقرير عن رواية ( وليمة لأعشاب البحر )
بسم الله الرحمن الرحيم
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين
المؤلف : حيدر حيدر ، طبع ونشر الـهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة .
تقع في ( 690 ) صفحة ، من القطع المتوسط ، وهى القصة الخامسة والثلاثون ، في سلسلة آفاق الكتابة ، وسعر البيع 4 جنيهات ، بتكليف من لجنة البحوث الفقهية بالمجمع ، في جلسة الأربعاء 10/5/2000 ، قرأت هذه الرواية ، قراءة محايدة في خمس وعشرين ساعة ، وقد وجدت فيها ما يأتي :-
أولا : الدعوة إلى الشيوعية والكفاح المسلح والاستيلاء على السلطة بالعنف والدماء : ويورد صاحب التقرير 12 موضعا من الرواية للدلالة ) .
ثانيا : الاستهزاء بثوابت العقيدة الإسلامية وإهانتها ، ( لله ، والرسول ، والقرآن ، واليوم الآخر ) : ( ويورد صاحب التقرير 19 موضعا في الرواية للدلالة ) .
ثالثا : إهانة حكام العرب ، ووصفهم بأقذع وأقبح الأوصاف : ( ويورد صاحب التقرير 3 مواضع في الرواية للدلالة ) .
رابعا : عبارات فاضحة في الجنس ، ومنافية للآداب العامة : ( ويورد صاحب التقرير14 موضعا في الرواية للدلالة ) .
1. وبعد : فإنه من غير المعقول ، أن تقوم وزارة مسؤولة ، في نظام حكم لبلد مسلم ، بطبع ونشر هذه الرواية ( وليمة لأعشاب البحر ) ، وأن تدعمها ماليا ، لتُيّسر قراءتها للجميع .
قلت : غير معقول أن تقوم هيئة مسؤولة ، في نظام الدولة ، بطبع ونشر وتدعيم مثل هذه الرواية . ولعلها لا تدرى ما فيها ، وأن الذين اختاروها خدعوا رئاستهم ، ولكن الشاعر يقول : إن كنت لا تدري فتلك مصيبة .. وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم .
ولو أن أحدا ، أدخل هذه الرواية خلسة ، وضبطت عنده لحاكمته الدولة ، على جلب هذه المفاسد ، التي تصيب وحدة هذه الأمة ، وتدعو إلى الفتنة والحرب والدم بين أبنائها ... فهل صرنا في زمن اللامعقول !! نرجو ألا يكون .
أ.د. عبد الرحمن العدوي : عضو مجمع البحوث الإسلامية
تقرير عن رواية ( وليمة لأعشاب البحر )
بقلم : الدكتور محمد رأفت عثمان / عميد كلية الشريعة والقانون بالقاهرة / عضو مجمع البحوث الإسلامية
الرواية : من تأليف حيدر حيدر كاتب سوري ، طبع ونشر الـهيئة العامة لقصور الثقافة بمصر ، سنة 1999 ، وهي مكونة من 690 صفحة ، عدا الفهرست ، من القطع المتوسط .
والانطباع العام عن هذه الرواية ، أنها مكتوبة بأسلوب ركيك ، غامض في كثير من صفحاتها ، لا فكر فيها ، ولا تنبئ عن ملكة فنية عند كتابتها ، مليئة بالعبارات الفاحشة الخادشة للحياء ، والتي تحقّر وتهين المقدسات الدينية ، ما بين الاستهزاء بذات الله تبارك وتعالى ، والسخرية بأحكام شريعة الإسلام ، وإهانة القرآن الكريم ، ويتبين ذلك مما يأتي :
( ويورد صاحب التقرير 32 موضعا في الرواية للدلالة ) .
ويستطرد قائلا : وبعد ، فهذا قليل من كثير ، مُلئت به هذه الرواية المنحطة ، في التعبير والفكر والفن ، وأرى مصادرتها ، ومحاكمة مؤلفها ، وكل الذين ساعدوه على نشرها ، بل أرى كفر مؤلفها ، لذكره العبارات الساخرة ، بذات الله تبارك وتعالى ، وبرسوله ، وبالقرآن ، وبالإسلام كله .
وإذا كان بعض المدافعين عن هذا النوع ، من الكتابة الساقطة ، يقولون أنه يحكي ذلك ، على لسان أبطال روايته ، فالرد :
أولا: أن بعض العبارات ، التي تؤدي إلى السخرية ، من الله عز وجل ، ومن رسوله ، ومن القرآن ، والإسلام ، جاءت على لسان الكاتب نفسه .
ثانيا: العبارات التي قالـها المؤلف ، على لسان أشخاص روايته ، التي تؤدي إلى كفر قائلها ، تؤدي أيضا إلى كفر المؤلف ، وذلك لأن ذكر الكفريات ، سواء أكانت أقوالا أم أفعالا ، إما أن تكون على سبيل الحكاية ، عن إنسان قالـها ، أو صدرت منه فعلا ، أو تكون على سبيل التخيل والاختراع ، لقول أو فعل ، لم يحدث في الواقع .
فإن كان ذكر الكفريات حكاية عن إنسان قالـها ، أو صدرت منه فهذا جائز ، فيما يأتي :
أولا: إذا كان ذكر هذا ، في مقام بيان قبح ، هذا القول أو الفعل .
ثانيا: إذا ذكر هذا ، في مقام بيان حكمة .
ثالثا: إذا ذكر هذا ، في مقام بيان الرد عليه .
رابعا: إذا ذكر هذا ، في مقام الشهادة .
خامسا: إذا ذكر هذا ، في مقام بيان آراء الفرق والمذاهب .
وإما إن كانت الكفريات ، قد عبر بها المؤلف ، على سبيل التخيل ، ولم ينطق بها صاحبها ، أو يفعلها في الواقع ، وإنما هو فقط على لسان المؤلف ، فهذا محرّم ، بل ويصل في رأيي إلى درجة الكفر ، بدليل أنه لا يجوز ، لمؤلف رواية أو قصة مثلا ، أن يتخيل إنسانا معينا حقيقيا ، موجود على قيد الحياة ، أو توفاه الله ، في موقف مهين ، ويكتب عنه في الرواية أو القصة ، أنه كان يزني مثلا ، ويجري حوارا بينه ، وبين من يتخيل أنه يزنى بها ، فإن هذا يعد جريمة قذف ، في الشريعة والقانون ، مع أنه أجراه في قالب روائي .
ولا يشفع له أنه يتخيل ذلك ، وليس على سبيل الحقيقة والواقع ، فإذا كان هذا لا يجوز بالنسبة للإنسان ، فهل من المعقول أو المقبول ، أن يكون ذلك جائزا بالنسبة إلى ربنا تبارك وتعالى ؟! فأي عبارة تكتب تخيلا ، ولو على لسان شخصية وهمية ، من شخصيات الروايات أو القصص ، أو غير ذلك ، يصدر عنها عبارة أو فعل ، فيه سخرية بالله عز وجل ، أو برسوله صلى الله عليه وسلم ، أو بالقرآن ، أو بأحكام الإسلام ، تؤدي إلى كفر مؤلفها ، وقد وجدنا علماءنا رضى الله عنهم ، قد بينوا أنه ، إذا قال شخص عن عدوه : " لو كان ربى ما عبدته " فإنه يكفر ، وكذا لو قال : " لو كان نبيا ما آمنت به " ، مع أن هذه العبارة ، هي فرض لما قد يحدث .
إن الإبداع في الكتابة ، لا يكون بالسخرية من ذات الله عز وجل ، أو بإهانة المقدسات ، وإنما الإبداع تعبير سام راق ، عن فكر محترم دينيا ، يتفق وتقاليد المجتمع وثقافته ومثله العليا ، وأما غير ذلك ، مما يريدوننا أن نوافقهم عليه ، فهو ليس إبداعا ، ولا ينتمي إلى الأدب ، بل أحرى أن يوصف بقلة الأدب ، بل بانعدام الأدب .
القرضاوي يطالب مبارك بالتدخل لوقف الموجة الثقافية الفاجرة
ناشد فضيلة العلامة د. يوسف القرضاوي ، الرئيس المصري حسني مبارك ، أن يتدخل لوقف الموجة الثقافية الفاجرة - حسب وصفه- عند حدّها ، وشدّد فضيلته على أهمية الحرص ، على وحدة الأمة ، كما حيّا شـيخ الأزهر ، والأزهر ، ورئيس جامعة الأزهر ، والطلاب والطالبات ، الذين وقفوا موقفا موحدا ، ضد رواية الكاتب السوري ، وليمة لأعشاب البحر ، التي طبعتها وزارة الثقافة المصرية ، وتسببت في حالة الـهياج التي شهدها الشارع المصري مؤخراً ، واعتبر د. القرضاوي في خطبة الجمعة أمس ، أن الرواية تدخل في باب الكفر ، مستنداً في ذلك على بيان الأزهر الشريف ، ورأي فضيلته أن هذا العمل كفر ، بغض النظر عن الأشخاص ، واعتبر من قالـه ، ورضي به كــافرا .
" كُلُّ ما في وليمة لأعشاب البحر مُنكر "
العلامـة القـرضـاوي في خطبة الجمعة ( 15 صفر 1420 – 19/5/2000 )
أنا وأنتم وشيخ جامع الأزهر ، ومجمع البحوث الإسلامية ، ورئيس جامعة الأزهر ، وخطباء المساجد في العالم ظلاميون ، ووزير الثقافة المصري وحده يحمل النور !!!!!
تلخيص الخطبة ، بقلم د. حسن علي دَبَـا :
شنّ فضيلة العلامة د. يوسف القرضاوي ، هجوما شديدا على وزارة الثقافة المصرية ، على ما نشرته من رواية "وليمة لأعشاب البحر" لكاتب سوري ، واستنكر ما بها ، من منكر وتحقير وإهانة الذات الإلـهية ، والقرآن والرسول والقيم الدينية ، وتحريضها على الخروج على الشريعة الإسلامية ، وطالب فضيلته المسؤول الأول في مصر ، الرئيس حسني مبارك ، وناداه أن يوقف هذه الموجة الثقافية الفاجرة عند حدها ، وأن يعيد الثقافة عند حقيقتها ، فلا يجوز أن نقسم الأمة ، بين الثقافة الغربية المستغربة الصادة عن سبيل الله ، والسائرة في ركاب الشيطان ، والثقافة التي مع القيم الدينية ، مع الله ورسله وكتابه ومع الربانيين ، وشدّد فضيلته على أهمية وحدة الأمة ، خاصة في هذا الزمان التعيس – حسب وصفه – الذي استغلته إسرائيل ، وبغت فيه وطغت ، فينبغي أن نضم صفوف الأمة بعضها إلى بعضها .
ثمّ تابع الدكتور القرضاوي ، قائلاً : الكلمة الآن للرئيس مبارك ، الذي أسأل الله أن يهديه سواء السبيل ، وأن يوفّقه لموقف الحق ، الذي لا يخاف في الله لومة لائم .
كما حيا د. القرضاوي الأزهر وشيخ الأزهر ، ورغم اختلافه معه في قضية الربا وغيرها ، وحيّا جامعة الأزهر ، ورئيسها وطلاب الأزهر وطالباته ، وجريدة الشعب والكاتب الإسلامي د. محمد عباس ، الذي صرخ في الأمة قائلاً : "لا إلـه إلا الله : من يبايعني علي الموت" . قال : غضب الرجل لدينه ، لربه ، وربما في غمرة هذا الغضب ، خرجت منه بعض الألفاظ ، في بعض الناس ، لكن الإنسان في حالة غضبه ، يقول ما قد لا يحمد في بعض الحالات ، كما حيا الشاعر الكبير فاروق جويده ، في صحيفة الأهرام ، والمثقفين الشرفاء الذين وقفوا ضد هذا الباطل ، وهذا الفجور الأدبي ، الذين يحترمون عقائد الأمة ومقدساتها ، أقف مع كل هؤلاء أشد أزرهم ، وأصلب ظهرهم ، بكل قوتي ، وأقول الحق ، لا أخاف في الله لومة لائم .
وكان فضيلته قد بدأ خطبته ، متحدثا عن انشغال الأمة بهمّ جديد ، أضيف إلى همومها ، هو الـهم الثقافي ، الذي بدأ بنشـر وزارة الثقافة المصرية ، لرواية تسمى وليمة لأعشاب البحر – معبراً عن استغرابه من العنوان – لكاتب سوري مغمور ، أشهرته تلك الرواية شهرة كبيرة ، وقال : لم أشأ أن أتحدث عن تلك الرواية ، حتى أراها و( الحكم على الشيء فرع عن تصوره ) ، كما قال علماؤنا ، وقرأت ما يقارب نصفها ، أغالب نفسي ، فهي من أول صفحة ، تقزّز نفس الإنسان المؤمن ، وهي رواية ، لا تعرف شيئا اسمه الحرام ، ولا العيب ، ولا تعرف الله ، ولا تقدره حق قدره ، ولا عجب ، فقد كتبها إنسان نَصِـيري العقيدة ، شـيوعي الفكرة .
ثم ذكر فضيلته ، أن عقيدة الإنسان الدينية والأيدلوجية ، تنضح على فكره ، وعلى كتابته وعلى أسلوبه ، وكل إناء بالذي فيه ينضح ، وأضاف : لكني سأتجاوز عن عقيدة الرجل الدينية والأيدلوجية ، ونحاكم النص الذي كتبه : لم أستطع أن أستمر في قراءة الرواية ، في أكثر من النصف، لقد بلغ الاشمئزاز مني مبلغه ، فاكتفيت بتصفّح الباقي ، وكلما تصفّحتها ، وجدت أشياء وأشياء ينكرها الدين ، وينكرها الخلق ، والعقل والأعراف ، كل ما فيها والعياذ بالله منكر ، فوجدت فيها أكثر مما انتقد عليها الناقدون ، في السطور وما بين السطور .
المؤلف يرسم شخصياته :
وبدأ د. القرضاوي ، يرد على أصحاب الرأي الآخر ، الذين وقفوا مع الكاتب ، فقال : " قالوا إن ما ذكره الكاتب جاء على ألسنة شخصيات الرواية " ، وأقول نحن نعرف ، أن الرواية قصة يتخيلها الكاتب ، قد يكون لها أصل في الواقع ، وقد لا يكون ، هو الذي يرسم صورتها ، مبدأها ونهايتها وعقدتها وحلها ، وهو الذي ينشئ شخصياتها ، ويُنطق هذه الشخصيات ، بما يريد أن تنطق به ، يعبّر عن نفسه ، أو يعبّر عن هذه الأشخاص ، ولو كان له فكرة معينة ، فهو يجريها على لسان أحد الأشخاص ، ويقوي هذه الفكرة ، ثم يأتي الرد عليها من الطرف الآخر ضعيفا ، أو لا يأتي رد عليها قط ، هذه حيلة نجدها عند القصاصين والروائيين .
وأضاف إذا كان من حق الإنسـان ، ألا يعري جسده أمام الجمهور : فهل من حقه أن يُعري أدبه ، وفنه أمام الناس ؟ إن العري الذي في هذه الرواية ، عُريّ فضائحي بأهدافها وأسلوبها وكتابتها ، أشدّ من العري الجسدي ، هل من حق الإنسان المبدع ، أن يتجرأ على الله ، وعلى رسله ، وعلى كتبه ، وعلى اليوم الآخر ، وعلى القيم والدين والأخلاق، كما يفعل هذا الكاتب ؟ أيستطيع أن يقول ذلك لرئيس دولته ، يتجرأ عليه ، ويقول كذا وكذا ، أم أن الدين والله والكتب والرسل ، أصبحت الحائط الواطئ ، التي يتجرأ عليها كل الناس .
ورجع بالذاكرة إلى ما مضى ، فقال: لقد رأينا كثيرا من القصاصين الكبار ، يذكرون النواحي الجنسية ، ويتحدثون عن الشـواذ والجناة واللواطين وتجار المخدرات ، لكنهم لا يذكرونها ، بمثل هذه الألفاظ المسفة العارية ، رأينا ذلك في قصص محمود تيمور ، وتوفيق الحكيم ، ومحمد عبد الحليم عبد الله ، والطيب صالح ونجيب الكيلاني ، ويوسف السباعي وإحسان عبد القدوس ، رغم أنهم ذكروا أشياء كثيرة ، تحدث في الفراش ، لكن لم يجرؤ أحدهم ، ولم ينزل أحدهم إلى مثل هذا الدرك .
واستمر د. القرضاوي ، يرد : قالوا في أدبنا أشياء مكشوفة ، مثل ما قالـه امرؤ القيس ، أو مثل ما ورد في خمريات أبي نواس ، أو في التغزل بالذكور ، وقال : بأن هذه الأشياء في أدبنا ، لا تمثل الاتجاه العام ، وليس لها أثر في مجرى الحياة ، وكانت أشياء خاصة يتداولها بعض الناس في مجالسهم ، أو يقرأها بعض الناس في كتبهم ، وكانت هذه الكتب محدودة الانتشار .
وتناول مظاهرة شباب الأزهر ، فقال : لقد عابوا على طالبات وطلاب الأزهر ، أن غضبوا لهذا الدين : وهل يلام الإنسان ، إذا غضب لدينه ! وقال مثلاً : إذا مشيت في الشارع ، ومعك زوجتك أو ابنتك أو أختك ، ثم اجترأ عليها أحد من أولئك الفاسقين ، فنبذها بكلمة نابية جارحة: ألا تغار لها ؟؟ ألا يثور الدم في عروقك ؟؟ ألا تقف له بالمرصاد ؟؟ هذا ما يفعله الإنسان الحر ، فالشريف لا يقبل أن يهان في عرضه .
أكان الدين أهون على الإنسان من العرض ، أكان الله وقرآنه ونبيه محمد ، أهون لدى الإنسان المسلم ، من الغيرة على ابنته وامرأته وأخته ؟
وقرّر : لقد كان طلبة الأزهر وطلابه معذورين ، حينما سمعوا ما سمعوا ، وقرؤوا ما قرؤوا .
قالوا: " إن طلبة الأزهر لم يقرؤوا الرواية " .
ورد : وهل يجب أن يقرأ جميع طلاب الأزهر وطالباته ، هذه القصة حتى يغضبوا من أجلها ، لقد رأينا في صحيفة الأهرام ، كاتبا يدّعي أنه تقدمي ، يدافع عن الرواية ، وفي نفس الوقت يقول : أنا لم اقرأها .
وزير الثقافة يدافع عن الخط التنويري :
ورد فضيلة الدكتور القرضاوي ، على وزير الثقافة المصري ، فقال :
لقد قال وزير الثقافة : إننا منذ بضع عشرة سنة ، ونحن ننشر هذه الثقافة المستنيرة ، لنقاوم بها ثقافة الظلاميين الرجعيين ، وارتفع صوت د. القرضاوي يرد عليه : أنا وأنت وانتم أيها الاخوة ظلاميون ! كل من يتمسك بكتاب الله وسنة رسوله ، وفهم القرون الأولى لهذه الأمة خير القرون ، كل هؤلاء ظلاميون ‍‍! أنا وأنت ظلامي .. الأزهر ظلامي ..شيخ الأزهر ظلامي .. مجمع البحوث ظلامي .. ورئيس جامعة الأزهر .. واللجنة الدينية في مجلس الشعب .. وحزب العمل ، جريدة الشعب ، الجمعيات الإسلامية في مصر ، وخطباء المساجد كلها ظلامي . هم إذن أهل النور … !! وزير الثقافة وحده ، هو الذي يحمل النور … ! والثقافة المستنيرة … !! وهي هنا الثقافة التي تَسـخر بالدين ، وتستهين بالقيم الدينية ، ومن الله ومن رسله ومن كتب الله ، وقد سكت الناس ، على قصص وكتب وروايات دهر من الزمن ، ثم كان لابد أن يحدث الانفجار : " ومن استُغضِب ، ولم يغضب فهو حمار " .
لا بأس بالمظاهرات :
وأضاف : أنا لا أرى في تظاهرات الطلاب شيئا منكرا ، إذا كان تظاهرا سلميا ، يجب أن نعوّد أمتنا ، ما تعوّدته أمم الحضارة من التظاهر السلمي ، وقد كنا طلابا ، في المعاهد الدينية الابتدائية والثانوية في كليات الأزهـر ، وكنا نخرج نحتج على كل أمر يخالف الدين ، كل أمر يهتم به المسلمون : خرجنا من أجل فلسطين ، وتونس والجزائر ومراكش وسوريا ولبنان وكشمير ، الطلاب هم نبض الأمة ، لا يستطيعون العيش بعيدا عنها ، كل ما نمنعه هو التخريب ، أما التظاهر السلمي ، فلا مانع منه ( واستشهد في ذلك بتظاهرات سياتل ) .
وتابع : إن من حق الناس أن تغضب لدينها ، ومن حق أبناء الشارع ، خصوصا الطلبة في الجامعات ، فهُم أوعى الناس بهذه القضايا ، فهم الذين يحملون الروح الثورية ، ويتأججون من داخلهم ، فمن حقهم أن يقولوا : لا ، دون أن يدخلوا في تخريب ، أن يستغلوا من الآخرين .
وعلل عدم التغاضي عن الرواية ، بأنها نشرت من قبل مؤسسة ، من مؤسسات الدولة ، ووزارة تطبع طبعة شعبية 690 صفحة ، بأربعة جنيهات . ولو كان المؤلف ، نشرها على نفقته ، أو على نفقة دار نشر خاصة ، فلها من الأمر ، وكان يمكننا أن نسكت ، ويحكم في ذلك القارئ .
وقال : كنت أتمنى ألا أتحدث عن هذه الأشياء ، حتى لا أجعلها تشتهر ، فكم كنت أتمنى ألا يقف المسلمون ، من رواية سلمان رشدي ، ذاك الموقف ، الذي شهرها في الآفاق . ثم قال : لا يجوز لوزارة تحترم نفسها ، وتعمل من أجل الشعب ، أن تنشر أشياء ضد قيم الشعب ، وعقائد الشعب ومقدساته ، ومن هنا كانت غضبة ، كل المثقفين المسلمين ، إلا طائفة معينة للأسف ، إما لأنها جهلت دينها وتراثها ، أن باعت نفسها ، لما تنتفع به ، من وراء هذه الوزارة ، وإني أعجب كل العجب ، لبعض اللجان التي تشكّلها الوزارة ، تدافع عن هذه الرواية الساقطة ، في مضمونها وأساليبها .
السمة العامّة في الرواية :
وعاد إلى الرواية فذكر أنّ : الشرب والخمر من أول الرواية حتى آخرها ، فحين تزوج الرجل العراقي بفتاته الجزائرية احتفلوا بشرب الكونياك .. هذه هي السمة العامة في الرواية : ليس منها خشية لله ، ولا توقيرا له ، ولا اعتبارا لحسابه ، ولا ليوم الجزاء ولا الجنة والنار ، بل هي تسخر من هذا كله ..
واستشهد ببعض العبارات من الرواية ، منها مثلاً :
ما قالـه الرجل ، الذي قال للمرأة العاهرة ، التي كان يصف جسدها وصفا مكشوفا ، " إنّ الذي يقف بيني وبينك ، هو أنفك هذا ، قالت : له مـاذا أفعل ؟ هذا خلقة ربي ! قال لها : ربّك إذن فنان فاشل " .
أي أنّ ربك لا يحسن التصوير !! ورد القرضاوي عليهم : إن الله تعالى يقول : ( وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ (64 غافر ) … ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4 التين ) .
وتابع : لقد قالت اللجنة ، التي شكّلها وزير الثقافة ، أنه قال ذلك في مقام الدعابة والمزاح ، وردّ : يا عجباً ، هل هنا مقام دعابة ومزاح ؟! الحديث عن الله جل جلالـه ، يدخل فيه المزاح ؟! يقول تعالى : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَءَايَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ … (66 التوبة ) . وهذا في أمثال هؤلاء .
وأضاف مثالاً آخر ، مما ورد في الرواية : إنه يتحدث في روايته ، قائلاً :
" وهؤلاء الناس ، يهمّشون التاريخ ، ويعيدونه مليون عام إلى الوراء ، في عصر الذرة والفضاء والعقل المتفجر ، يحكموننا بقوانين آلـهة البدو ، وتعاليم القرآن . . خـراء " .
هكذا يذكر الكلمة خـراء !! وأنا أقولها مضطراً . وتتردّد كلمة آلـهة كثيرا في كلامه ، فهو لا يؤمن بإلـه واحد ، بل آلـهة .
* بعد انتهاء الخطبة ، اتصلنا بفضيلة العلامة د. يوسف القرضاوي ، وسألناه عن مدى دخول هذا العمل الروائي ، في باب الكفر فأجاب :
" إن بيان مجمع البحوث الإسلامية ، بالأزهر الشريف ، يدل على أن هذا من الكفر ، لأنه خروج على ما هو معلوم من الدين بالضرورة ، وانتهاك للمقدسات الدينية والشرائع السماوية ، وهذا واضح لكل من قرأ الرواية ، لما فيه من ازدراء واستخفاف بالألوهية والقرآن والرسول والقيم الدينية كلها في مواضع شتى ، وأضاف :
ونحن نقول : إن هذا العمل كفر ، بغض النظر عن الأشـخاص ، فمن قالـه واعيا متعمدا ذاكرا ، فهو كافر ، ورضي به وهو يعلم هذا ، فهو كافر ، ومن كان يجهل بما فيه ، ثم أُعلم بمضمونه ورضيه ، فهو كافر ، هذا هو الحكم الشرعي ، أما الحكم على الأشخاص ، فلا ندخل فيه ، فهو يحتاج إلى تحقيق وقضاء " .
مقتطفات من حاشية الملف :
بقلم د. محمد عباس :
كانت صحيفة الأسبوع ، أول من تعرّض للموضوع ، تعرضت له بهدوء ، ولو أن في أجهزة وزارة الثقافة ، من يرى ويحس ويسمع ، لاستدركوا الأمر ، ولداروْا عورتهم ، وكان يمكن للأمر أن ينتهي باعتذارهم ، واعترافهم بالخطأ ، لكن الله شاء للأمور ، أن تتخذ مجرى آخرا ، كي يفضحهم على الأشهاد . لقد استنكروا علينا حدة أسلوبنا ، فماذا فعلوا عندما نشرت الأسبوع ، يوم 28/2/2000م ، مقالا صغيرا ، بقلم حسن نور ، يعترض فيه ، على قيام وزارة الثقافة بنشر الرواية …
لمدة شهر ونصف بعد ذلك ، لم تتدارك وزارة الثقافة الأمر .. وبدأت الشعب تناول القضية ، يوم 28/4/2000م ، بعد بداية النشر في الأسبوع ، بشهرين كاملين …
في البداية ، حاولت وزارة الثقافة ، التنصل من الأمر كله. وقد أوردت أخبار الأدب : العدد 356 ص6 ذلك بالتفصيل ، في مقال وائل عبد الفتاح ، عن تصريح وزير الثقافة المنشور في الأهرام ، في 30/4/2000م ، وهو أن الهدف من اللجنة العلمية التي شكلها ، " التحقيق في ظهور طبعة لبنانية ، من رواية وليمة لأعشاب البحر للسوري ، حيدر حيدر منسوبة لوزارة الثقافة ".. ويستطرد الكاتب أنه يبدو أن الوزير وجدها " واسعة " ، فغير أقواله بعد ذلك .
نفس الخبر نشرته بتفصيل أكثر ، صحيفة آفاق عربية ، في عدد 4 مايو ص11 ، تحت عنوان : وزارة الثقافة تزعم ، أن جهة مجهولة نشرت الرواية المجهولة ، ونسبتها إليها .
كان التخبط هائلا وشمل الجميع ، فرئيس الوزراء على سبيل المثال صرح : لست أدرى كيف؟! أنه استعان بخبير أجنبي لمواجهة الأزمة ، كما نشرت صحيفة الوفد ، و صرح الدكتور أحمد فتحي سرور ، بأنه طلب تقريرا عاجلا ، لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ، ومحاكمة المؤلف طبقا للقانون الدولي ، ( أخبار الأدب14 مايو ) ، كانت الأمة تغلي بالغضب ، وكان قلبها متمثلا ، في طلبة جامعة الأزهر ، حيث تظاهر 25 ألف طالب ، وكانت الدولة مترددة ، حتى حسمت أمرها بإطلاق الرصاص ، على قلب الأمة ، على طلبة جامعة الأزهر . وأصبح من المستحيل مواصلة استطلاع الرأي ، تحت التهديد بإطلاق الرصاص مرة أخرى ، وبلغ النفاق ببعض التنويريين ومدعي الإبداع ، الذين أجازوا الاجتراء على الله ، أن وجهوا اللوم لصحيفة الشعب ، ولحزب العمل ولشخصي الضعيف ، فنحن الذين حرضنا ، ونحن الذين أخرجنا الطلبة ، فتسببنا فيما حدث لهم ، أكثر من مائة جريح ، منهم خمسة فقئت عيونهم . وجهوا اللوم لنا ، ولم يجرؤ منهم أحد ، على توجيه اللوم على المعالجة الأمنية الخاطئة، لا تعقيب على الأمن ، وكأنه القدر ، بل أكثر من القدر ، لأننا في القدر نسأل الله اللطف فيه ، هم لم يسألوا أجهزة الأمن اللطف ، وهذه الواقعة وحدها ، كافية لفضحهم تماما ونهائيا ، أمام الأجيال وأمام التاريخ ، لكن هذه الفضيحة لا تنفجر ، ولا تأتي بالتأثير المتوقع ، بسبب تهديد جاثم مستمر ، بإمكانية إطلاق الرصاص في أي وقت ، بعد ما حدث لطلبة جامعة الأزهر ، خفتت أصوات معظم الغاضبين لدينهم ، وارتفعت أصوات الحيدريين ، وأصبح الكذب مجانيا ، خاصة عندما أقدمت السلطة ، على عقاب صحيفة الشعب ، التي دافعت عن المقدسات ، وأصبح الاجتراء على الذات الإلـهية ، إبداعا وتقدما واستنارة ، وفي نفس الوقت ، أصبحت إدانة وزير ثقافة النظام الباقي ، في مكانه منذ أربعة عشر عاما ، رغم كل ما أثير حوله ، إرهابا وظلامية وتخلفا ، ووقف الوزير الذي قلت تناقضات تصريحاته ، بعد أن اطمأن إلى تدعيم الدولة له ، ليصرح أن مصر دولة علمانية ، وارتفعت أصوات ، تنادى بإلغاء المادة الثانية في الدستور ، والتي تنص على إسلامية مصر ، ونشرت صحيفة الحياة اللندنية ، مقالا لكاتب ، ظن أنه يفحم الإسلاميين ، بقوله أنه إذا كان علينا أن نحترم التراث ، فليس علينا أن نحترم التراث الإسلامي فقط ، بل علينا أن نعطي اهتماما مساويا ، لمصر المسيحية والفرعونية ، كان الإسلام بالنسبة للمسكين تراثا ، مجرد تراث، لم يكن دينا ، ولا مطلقا من المطلقات ، وبدا أن هؤلاء الناس وأقرانهم في مصر ، ينظرون إلى الإسلام تماما ، كما ينظر له المتعصبون من المستشرقين ، فالقرآن من تأليف محمد - صلى الله عليه وسلم – أما هو نفسه فكذاب – أستغفر الله العظيم- وأن أولئك التنويريين ، قد ابتلوا بمجموعة من المتخلفين أمثالنا ، وما القابضون على الجمر ، سوى حزب متخلف ، لا يستحق من الاحترام ما يستحقه ، حزب كحزب الأمة ، بل ولا الله نفسه ، يستحق من الأدب في الحديث معه ، ما يستحقه الشيخ الصباحي ، كان أسطورة قضت عليها الاستنارة ، وبقي المتخلفون يؤمنون به ، ولعل المؤمنين به ، يشفون من تخلفهم ذات يوم . وإنهم يحتملون تخلفنا ووجودنا ذاته على مضض ، فنحن ضيف ثقيل عليهم ، ألا يضاعف من ثقله بأن يتكلم . نظر كلاب جهنم ، إلى الدين ، كما لو كان مرضا ، كلّفهم الشيطان بالقضاء عليه ، وبدا لهم ، أنهم كلما أوشكوا على إنجاز مهمة الشيطان ، واجهناهم نحن ، لنصيب الأمة بنكسة جديدة …
وانفجر الألم بصحيفة ( آفاق عربية ) ، فنشرت بمانشيت كبير ، أنها لا تستبعد ، أن ينجح التنويريون ، في استبدال المادة الثانية في الدستور ، لكي يصبح حيدر حيدر ، هو المصدر الرئيسي للتشريع … !! …

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد تركى
عضو / ة
عضو / ة
خالد تركى


الساعة الأن :
عدد المساهمات : 126
نقاط : 262
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 01/09/2010

كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية   كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Icon_minitime1الأحد 17 أكتوبر 2010, 12:55 am

بقلم د. محمد عباس :
كانت صحيفة الأسبوع ، أول من تعرّض للموضوع ، تعرضت له بهدوء ، ولو أن في أجهزة وزارة الثقافة ، من يرى ويحس ويسمع ، لاستدركوا الأمر ، ولداروْا عورتهم ، وكان يمكن للأمر أن ينتهي باعتذارهم ، واعترافهم بالخطأ ، لكن الله شاء للأمور ، أن تتخذ مجرى آخرا ، كي يفضحهم على الأشهاد . لقد استنكروا علينا حدة أسلوبنا ، فماذا فعلوا عندما نشرت الأسبوع ، يوم 28/2/2000م ، مقالا صغيرا ، بقلم حسن نور ، يعترض فيه ، على قيام وزارة الثقافة بنشر الرواية …
لمدة شهر ونصف بعد ذلك ، لم تتدارك وزارة الثقافة الأمر .. وبدأت الشعب تناول القضية ، يوم 28/4/2000م ، بعد بداية النشر في الأسبوع ، بشهرين كاملين …
في البداية ، حاولت وزارة الثقافة ، التنصل من الأمر كله. وقد أوردت أخبار الأدب : العدد 356 ص6 ذلك بالتفصيل ، في مقال وائل عبد الفتاح ، عن تصريح وزير الثقافة المنشور في الأهرام ، في 30/4/2000م ، وهو أن الهدف من اللجنة العلمية التي شكلها ، " التحقيق في ظهور طبعة لبنانية ، من رواية وليمة لأعشاب البحر للسوري ، حيدر حيدر منسوبة لوزارة الثقافة ".. ويستطرد الكاتب أنه يبدو أن الوزير وجدها " واسعة " ، فغير أقواله بعد ذلك .
نفس الخبر نشرته بتفصيل أكثر ، صحيفة آفاق عربية ، في عدد 4 مايو ص11 ، تحت عنوان : وزارة الثقافة تزعم ، أن جهة مجهولة نشرت الرواية المجهولة ، ونسبتها إليها .
كان التخبط هائلا وشمل الجميع ، فرئيس الوزراء على سبيل المثال صرح : لست أدرى كيف؟! أنه استعان بخبير أجنبي لمواجهة الأزمة ، كما نشرت صحيفة الوفد ، و صرح الدكتور أحمد فتحي سرور ، بأنه طلب تقريرا عاجلا ، لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ، ومحاكمة المؤلف طبقا للقانون الدولي ، ( أخبار الأدب14 مايو ) ، كانت الأمة تغلي بالغضب ، وكان قلبها متمثلا ، في طلبة جامعة الأزهر ، حيث تظاهر 25 ألف طالب ، وكانت الدولة مترددة ، حتى حسمت أمرها بإطلاق الرصاص ، على قلب الأمة ، على طلبة جامعة الأزهر . وأصبح من المستحيل مواصلة استطلاع الرأي ، تحت التهديد بإطلاق الرصاص مرة أخرى ، وبلغ النفاق ببعض التنويريين ومدعي الإبداع ، الذين أجازوا الاجتراء على الله ، أن وجهوا اللوم لصحيفة الشعب ، ولحزب العمل ولشخصي الضعيف ، فنحن الذين حرضنا ، ونحن الذين أخرجنا الطلبة ، فتسببنا فيما حدث لهم ، أكثر من مائة جريح ، منهم خمسة فقئت عيونهم . وجهوا اللوم لنا ، ولم يجرؤ منهم أحد ، على توجيه اللوم على المعالجة الأمنية الخاطئة، لا تعقيب على الأمن ، وكأنه القدر ، بل أكثر من القدر ، لأننا في القدر نسأل الله اللطف فيه ، هم لم يسألوا أجهزة الأمن اللطف ، وهذه الواقعة وحدها ، كافية لفضحهم تماما ونهائيا ، أمام الأجيال وأمام التاريخ ، لكن هذه الفضيحة لا تنفجر ، ولا تأتي بالتأثير المتوقع ، بسبب تهديد جاثم مستمر ، بإمكانية إطلاق الرصاص في أي وقت ، بعد ما حدث لطلبة جامعة الأزهر ، خفتت أصوات معظم الغاضبين لدينهم ، وارتفعت أصوات الحيدريين ، وأصبح الكذب مجانيا ، خاصة عندما أقدمت السلطة ، على عقاب صحيفة الشعب ، التي دافعت عن المقدسات ، وأصبح الاجتراء على الذات الإلـهية ، إبداعا وتقدما واستنارة ، وفي نفس الوقت ، أصبحت إدانة وزير ثقافة النظام الباقي ، في مكانه منذ أربعة عشر عاما ، رغم كل ما أثير حوله ، إرهابا وظلامية وتخلفا ، ووقف الوزير الذي قلت تناقضات تصريحاته ، بعد أن اطمأن إلى تدعيم الدولة له ، ليصرح أن مصر دولة علمانية ، وارتفعت أصوات ، تنادى بإلغاء المادة الثانية في الدستور ، والتي تنص على إسلامية مصر ، ونشرت صحيفة الحياة اللندنية ، مقالا لكاتب ، ظن أنه يفحم الإسلاميين ، بقوله أنه إذا كان علينا أن نحترم التراث ، فليس علينا أن نحترم التراث الإسلامي فقط ، بل علينا أن نعطي اهتماما مساويا ، لمصر المسيحية والفرعونية ، كان الإسلام بالنسبة للمسكين تراثا ، مجرد تراث، لم يكن دينا ، ولا مطلقا من المطلقات ، وبدا أن هؤلاء الناس وأقرانهم في مصر ، ينظرون إلى الإسلام تماما ، كما ينظر له المتعصبون من المستشرقين ، فالقرآن من تأليف محمد - صلى الله عليه وسلم – أما هو نفسه فكذاب – أستغفر الله العظيم- وأن أولئك التنويريين ، قد ابتلوا بمجموعة من المتخلفين أمثالنا ، وما القابضون على الجمر ، سوى حزب متخلف ، لا يستحق من الاحترام ما يستحقه ، حزب كحزب الأمة ، بل ولا الله نفسه ، يستحق من الأدب في الحديث معه ، ما يستحقه الشيخ الصباحي ، كان أسطورة قضت عليها الاستنارة ، وبقي المتخلفون يؤمنون به ، ولعل المؤمنين به ، يشفون من تخلفهم ذات يوم . وإنهم يحتملون تخلفنا ووجودنا ذاته على مضض ، فنحن ضيف ثقيل عليهم ، ألا يضاعف من ثقله بأن يتكلم . نظر كلاب جهنم ، إلى الدين ، كما لو كان مرضا ، كلّفهم الشيطان بالقضاء عليه ، وبدا لهم ، أنهم كلما أوشكوا على إنجاز مهمة الشيطان ، واجهناهم نحن ، لنصيب الأمة بنكسة جديدة …
وانفجر الألم بصحيفة ( آفاق عربية ) ، فنشرت بمانشيت كبير ، أنها لا تستبعد ، أن ينجح التنويريون ، في استبدال المادة الثانية في الدستور ، لكي يصبح حيدر حيدر ، هو المصدر الرئيسي للتشريع … !! …
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد تركى
عضو / ة
عضو / ة
خالد تركى


الساعة الأن :
عدد المساهمات : 126
نقاط : 262
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 01/09/2010

كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية   كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Icon_minitime1الأحد 17 أكتوبر 2010, 1:02 am

ثم تولوا عنه وقالوا مُعلّم مجنون
ملف خليل عبد الكريم
في هذا الملف يجد القارئ ، جزءا يسيرا من التغطية الإعلامية ، التي نشرت مؤخرا ، عن خليل عبد الكريم وكتابه . ومنها صحيفة القدس العربي ، والأهرام الاقتصادي وصحيفة أخبار الأدب ، والأخيرة كرست نفسها ، للدفاع عن كل اجتراء على الذات الإلهية ، ويبدو أنها ذهبت في ذلك ، إلى أبعد مما نتصور ، ويكفي دليلا على ذلك ، أن محاميها في قضايا الرأي ، هو فريد الديب .. محامي الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام وسعد الدين إبراهيم .. كما أنه محامي الشواذ عبدة الشيطان ..
نعم ..
جاسوسية .. وخيانة .. وشذوذ ..
فذلك هو الوجه الآخر ، للدفاع عن الكفر ..
الإسلام الشيوعي
سبعة كتب مشبوهة للمفكر اليساري خليل عبد الكريم
موقع المقال على شبكة الإنترنت : http://www.lailatalqadr.com/stories/p6260501.shtml
أو : http://www.alshaab.com/GIF/31-08-2001/Khalil%20Abd%20Alkareem.htm
بقلم بدر الشبيب :
" خليل عبد الكريم ، كاتب يساري أو شيوعي أو تقدمي ، يكتب في الإسلام .. ولا بأس أن يكتب ، كائن من كان ، عن الدين الحنيف ، ولكن السؤال هو : ماذا يكتب ؟
وقد كان خليل عبد الكريم ، عضوًا في جماعة الأخوان المسلمين ، منذ سنوات طويلة خلت ، ولكنه ترك موقعه هذا ، وتحوّل من أقصى اليمين ، إلى أقصى اليسار ، فأصبح عضوًا في اللجنة المركزية ، لحزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي ، وهو حزب يساري يقول عنه الإسلاميون : إنه حزب شيوعي .
ومنذ عشر سنوات أو أكثر ، يثير خليل عبد الكريم عاصفة في مصر وخارجها ، بكتبه التي يضعها عن الإسلام .. وتتعرض هذه الكتب ، للمنع والمصادرة والهجوم العنيف ، ومع هذا ، فإن الرجل لم يتوقف عن الكتابة ، ولم يتوقف عن تغيير خطه الفكري ، الذي يصدم الجميع . ورغم أن عددًا من أساتذة الجامعات الكبار ، قد حاولوا كشف ما في دراساته هذه ، من زيف وافتراءات على الإسلام ، إلا أن شيئًا ، لا يمنع الرجل من الاستمرار ، بل إنه يزداد غلوًا ، مع كل كتاب جديد ، غير عابئ بما تثيره كتبه ، من رفض عنيف .
ويستخدم خليل عبد الكريم ، لغة جارحة في كتبه ، كما يطرح آراء وأفكار ، لا يمكن أن توصف ، إلا بأنها خروج على الملة ، وعلى رأي الجماعة ، وعلى رأي الجمهور .
وهو ينطلق في هذا من مقولة : إننا يجب أن نتمتع بالجرأة العقلية ، وأن نطرح كل الأفكار وكل الشخصيات ، على مائدة التشريح العقلي الموضوعي ، البعيد عن الهوى ، وعن الأفكار الجاهزة ، التي يكتب بها المؤرخون والدارسون للإسلام ، عن الدعوة والرسالة وسيدنا محمد .. يقول خليل عبد الكريم ، في صدر كتاب أخير له .. " وآمل - وهذا أمر متوقع - ألا يسيء البعض ، فهم هذه الدراسة ، على نحو لم يرد على خاطرنا ، وكنا قد طالبنا بضرورة كتابة التاريخ الإسلامي ، كتابة علمية موضوعية بداية بالحبيب المصطفى ، وكرّرنا أن الكتابة بطريقة مغايرة للكتابات التقليدية ، يتعين أن تقابل ، بأفق رحيب وعقلانية بعيدة عن التشنج ، ونذكر هؤلاء بأن الأمين نفسه ، أكد أن من اجتهد واخطأ فله أجر ، ونحن نأمل في أن نحظى بالأجرين .. أجر الاجتهاد ، وأجر الإصابة ".
وفى ظل ما يدعيه من جرأة عقلية ، على هذا النحو ، فإن خليل عبد الكريم ، يمضي في هذه الكتابات ، التي لا نجد لها مثيلاً في تاريخ الإسلام . ونحن لا ندعو بالطبع ، إلى مصادرة هذه الكتب ، أو الحجر على حرية الرجل ، ولكننا ندعو المتخصصين وعلماء الدين وشيوخ الأمة ، إلى مناقشة أفكار الرجل ، ودحض ما فيها من شبهات ، بشكل علمي هادئ بعيدًا ، عن الترويع والتخويف والإرهاب الفكري .
وهناك الآن ، ما لا يقل عن سبعة كتب هامة ، أصدرها الرجل في السنوات الأخيرة ، وهي تستحق المناقشة والتحليل ، لعرض ما فيها من آراء والرد عليها .
ولسنا هنا بالطبع ، في معرض تحليل هذه الكتب أو مناقشتها ، فليس هنا ، ولا الآن ، يتم هذا الأمر ، ولكننا قد نكتفي بالتعريف السريع بها ، خصوصًا أنها تكوّن الآن مشروعًا فكريًا ، لهذا الرجل . والكتب السبعة التي سنعرض لها هنا ، هي :
أولاً : كتاب ( للشريعة لا لتطبيق الحكم ) :
وهذا الكتاب يقوم على فكرة واحدة أساسية ، هي أن تطبيق الشريعة الإسلامية ، لم يعد صالحًا في هذا العصر ، لأن هذا التطبيق سوف يجر علينا ، من المشاكل ما لا حصر لها . ومع أن الإسلام ، وكما جاء في القرآن العظيم ، هو الدين الخالد ، الذي يصلح للبشر كافة ، ويصلح في كل زمان ومكان ، إلا أن خليل عبد الكريم ، له رأي آخر ، فهو يقول بالحرف : " إن الإسلام ليس عبادات فقط ، بل هو أيضًا تشريعات وعقوبات ونظام سياسي " ، وهنا الخطورة من وجهة نظره ، إذ يرى أن تطبيق الشريعة ، سوف يؤدي بنا إلى أضرار ، تفوق بمراحل الأضرار ، التي تترتب على إهمالنا لتطبيقها . وتلك هي دعوة العلمانيين واللادينيين ، الذين يفضلون القانون الوضعي على الشريعة الإسلامية .
ثانياً : كتاب ( الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية ) :
وهذا الكتاب ، يعتبر استكمالاً وتأصيلاً للكتاب الأول ، إذ أنه ينطلق من نفس الفكرة ، التي ترفض الشريعة الإسلامية ، وترفض تطبيقها ، وهنا يقول خليل عبد الكريم : " إن هذه الشريعة التي ينادون بها ، هي مجرد تعاليم ، كان يقول ويأخذ بها عرب الجاهلية ، ثم جاء محمد ، فأخذ هذه التعاليم ، وأعمل فيها عقله وفكره ، حتى بدت وأنها شيء جديد " . ولهذا فإن السؤال الذي يطرحه خليل عبد الكريم ، هو : هل تصلح هذه التعاليم ، التي كان يطبقها بدو الصحراء ، قبل أكثر من أربعة عشر قرنًا ، لكي تحكمنا اليوم ؟! على أن ما هو أخطر من هذا السؤال ، ما معناه وخلاصته ، أنه ليس ثمة شيء منزل من السماء ، بل إن الأشياء كلها من صنع سيدنا محمد … !!
ثالثاً : كتاب ( الأسس الفكرية لليسار الإسلامي ) :
وفى هذا الكتاب ، يقول خليل عبد الكريم صراحة ، " إن الإسلام ليس شيئًا غير العبادات " ، مع أن طلبة المراحل التعليمية الأولى ، يعرفون أن الإسلام يقوم على دعامتين ، هما : العبادات ، والمعاملات . ولكنه يحصر الإسلام في العبادات فقط ، ولهذا فإن ميدانه الأصلي ، هو المساجد والجوامع والتكايا والحسينيات ، أو الخلاوي والخانقاهات والزوايا والمصليّات ، وحضرات الصوفية وحلقات الذكر ، ومجالس دلائل الخيرات . ومعنى هذا أن الإسلام دين للعبادة ، وليس دينًا للحياة . أنه يحصر وظيفته في دور العبادة ، أما شؤون الناس وتصريف حياتهم ، فليس للإسلام شأن بها . وهنا نعود إلى مقولات المغرضين ، الذين يقولون إن الإسلام ، ليس دينًا ودولة ، بل هو دين فقط .
رابعًا : كتاب ( مجتمع يثرب .. العلاقة بين الرجل والمرأة في العهدين المحمدي والخليفي ) :
وهذا كتاب مَعْيَبة ، لأنه يشوه الإسلام في أعظم عصوره ، أي في مرحلة النبوة ، وصدر الإسلام ، والخلفاء الراشدين . وسوف يلاحظ القارئ ، في اللحظة الأولى ، أن الكاتب يستخدم ، كلمة ( يثرب ) ولا يستخدم اسم ( المدينة المنورة ) علمًا بأن الاسم الأول ، قد نسخه الإسلام ، وألغاه النبي ، وأطلق عليها هذا الاسم الجديد الجميل . ولكن ليست هذه هي المشكلة في هذا الكتاب ، ولكن المشكلة ، هي في الدراسة الاجتماعية المزعومة ، التي قدّمها ، والتي شوه بها ، ومن خلالها ، أعظم المجتمعات وأعظم العصور وأعظم الشخصيات ، حين نكتشف ، أن المجتمع في مدينة رسول الله ، وهو المجتمع الذي أقام دولة ، ونشر دينًا ، هذا المجتمع ورجاله ، لم يكونوا مشغولين بشيء ، قدر انشغالهم بالمرأة والجنس معًا …‍‍‍!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد تركى
عضو / ة
عضو / ة
خالد تركى


الساعة الأن :
عدد المساهمات : 126
نقاط : 262
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 01/09/2010

كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية   كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية - صفحة 2 Icon_minitime1الأحد 17 أكتوبر 2010, 1:03 am

خامساً: كتاب ( قريش من القبيلة إلى الدولة المركزية ) :
وهذا الكتاب ، ينزع عن النبي محمد ، صلى الله عليه وسلم ، صفات الرسالة والنبوة والوحي جميعًا ، إذ يحاول المؤلف أن يثبت ، أنه ليس هناك شيء من هذا كله ، ولكن الأمر كان ينحصر في رغبة قريش ، في أن تقيم دولة ، وأن تسود على القبائل العربية ، في شبه الجزيرة وما حولها . وقد تم هذا وفق تخطيط محكم قام به ، رجل داهية ، هو جدّ النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وهو عبد المطلب الذي جاء بحفيده " محمد " ، ولم يكن أقل منه ذكاءً ، وصنع منه حاكمًا ومؤسسًا لهذه الدولة . لقد أراد عبد المطلب ، أن " يصنع " ملكًا فصنع نبيًا ، أي أن الحكاية كلها هي الحكم ، وهي السيطرة ، وهي السيادة إلى جوار ملوك وأباطرة ، يحيطون بقبائل العرب ، ابتداء من كسرى حتى هرقل .
سادساً: كتاب ( شدو الربابة بأحوال الصحابة ) :
وهذا كتاب لا يقل سوءًا ، إن لم يزد عن الكتب السابقة ، وهو أيضًا يأتي استكمالاً لكتابي مجتمع يثرب ، وقريش القبيلة والدولة . وفي هذا الكتاب الجديد ، يعرض المؤلف لأحوال صحابة رسول الله ، فيقول فيهم كلامًا ، لم يرد في كتب السيرة ، ولا في كتب التاريخ ، ومنه أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، كان يختلي بالصحابي الجليل سلمان الفارسي ، لأيام طويلة لكي يأخذ منه ، ويتعلم على يديه ، لأن سلمان ، فيما يقال كان من كبار مثقفي عصره ، وكان عالمًا بالعقائد والأديان ، وكان يحيط بالمذاهب المختلفة . وقد جلس النبي بين يديه ، كما يجلس تلميذ بين يدي أستاذه ، ليتعلم منه كل الأسس والقواعد والتجارب والتواريخ والسير ، التي استفاد منها النبي ، بعد ذلك في رسالته الإسلامية المحمدية .
سابعًا: كتاب ( فترة التكوين في حياة الصادق الأمين ) :
وهذا هو آخر كتب ، خليل عبد الكريم ، ولعله من أخطرها جميعًا . ويقوم هذا الكتاب على فكرة واحدة أساسية ، هي أن سيدنا محمد ليس نبيًا ، ولكنه تلميذ عبقري ، لمجموعة من الأساتذة هم : السيدة خديجة ، وابن عمها ورقة بن نوفل ، وبقية أفراد الأسرة وهم : ميسرة ، والراهب بحيرا ، والراهب عداس ، والبطرك عثمان بن الحويرت .. وكلهم مسيحيون .. ولقد قامت هذه المجموعة النصرانية ، على " صناعة" هذا النبي ، بعد أن عكفوا على تعليمه ، لأكثر من خمسة عشر عامًا ، حفظ فيها كتب الأولين والآخرين ، وعرف التوراة والإنجيل ، والمذاهب والعقائد ، وانتهى هذا كله بنجاح " التجربة " أي الرسالة ، وصنع هذا العبقري ، الذي أصبح نبيًا ، ووضع كتاب حيّر العاملين ، على امتداد القرون هو القرآن الكريم .
ويقول خليل عبد الكريم بالحرف الواحد : " وهذا الكتاب ، يقدم رؤية جديدة ، نزعم أنها غير مسبوقة ، لحل هذا اللغز الذي ملأ الدنيا ، وشغل الناس ، وقد بدأنا بمحمد ، قبل أن يلتقي أبوه بأمه ، حتى التقطته سيدة قريش ، بعد أن توسمت فيه ، بفراسة يعز مثلها ، أنه هو القادم المنتظر ، ثم قيامها بمعونة سخية ، من ابن عمها القس ، بدور لا نجد له في تاريخ الأديان مجرد شبيه ، أنها ملحمة خالدة ، سلخت من عمر الطاهرة والقس ، عقدًا ونصف العقد من الزمان ، في الإعداد والتصنيع والتهيئة والتأهيل ، حتى طرح ذلك العمل ، الصبور الدءوب المتأني المخطط ، والمرسوم بدقة متناهية ثمرته الناجحة ، وحدثت واقعة غار حراء ، بصورة فذة معجبة ، أدهشت حتى فاعليها ، وهما سيدة نساء قريش ، وورقة بن نوفل ، لأنها جاءت بصورة ، لم تخطر لهما على بال ، ولا شك أن هذا النجاح ، يؤوب بنسبة كبيرة إلى موضوع التجربة ، وهو " محمد " فقد كان عبقريًا ، لا يفري فرية أحد ، ذلك أن سيرته الذاتية ، وخبراته الشخصية وملكاته العقلية والنفسية واللسانية ، كانت ركائز أساسية في فلاح التجربة " .
ـ لا يفري فرية أحد : ( أي لا يكذب كذبة أحد ، بمعنى جاء بكذبة لم يسبقه إليها أحد من قبله ، حيث كان يُسمى الصادق الأمين في مكة ، وبذلك ينفي عنه الكاتب هاتين الصفتين ، فيكون إيرادهما في عنوان الكتاب ، من قبيل الاستهزاء والاستخفاف ، به وبمن صدّقوه على مدى 1400 سنة ، وهذا مما ملأ قلب مسيلمة الكذاب هذا ، وأمثاله ، غيظا وحسدا على خير الخلق وأكرمهم ، محمد عليه الصلاة والسلام )
ويقول أيضًا في نفس الكتاب ... " أما في المساء ، وفي ليل مكة الطويل شتاءً ، فكان مع الطاهرة - أي خديجة - بمفردها أحياناً ، وبحضور القس أحيانًا أخرى ، حيث تتم في تلك القعدات ، مذاكرة الإصحاحات مباشرة ( التوراة والإنجيل ) ، ثم إدارة الحوار بشأنها ، وأما بتلقّيها من الأم الرءوم والزوجة الحنون خديجة ، التي لا شك أنها أجادت القراءة والكتابة ، وقد قرأت تلك الإصحاحات ، وخزنتّها في ذاكرتها ، أو أنها طفقت تقرأها له مباشرة . وكل هذا يدور بالنهار ، في الأسواق والحوانيت والأعياد ، وما يتم سماعه من القس ورقة ، وخديجة من الإصحاحات ، التي عرّبها القس في الليالي الطوال ، ( لتخرج في شكل سور القرآن ) ، وما يعقبها من شروح وإيضاحات ( السنة النبوية ) ، وحوارات بالجلسات ، التي قد تستمر حتى بزوغ الفجر . نقول أن كل هذا ، كان يجري تخزينه ، وبرمجته في ذاكرة العبقري ، الذي لم تر جزيرة العرب له مثيلاً ، ولم تشهد له ضريبًا ، ولم تعاين له شبيهًا أو ندًا ، خاصّة وقد آمنا أنه أمي لا يقرأ ولا يكتب ، والأمي - أيّ أُميّ - يتمتع بذاكرة حديدية ، وحافظة واعية أشد الوعي ، فما بالك إذا اجتمعت الأمية والعبقرية الفذة ، في شخص واحد .
ويقول في موضع آخر .. " ومهما كانت الجهود التي بذلتها الطاهرة ، وعاضدها فيها ابن عمها القس ، فأنها لا تنفي عن التجربة ، وفى مقدمتها حادث الغار ، جانبها الغيبي وناحيتها الميتافيزيقية ( المتافيزيقية : لفظ توصف به الظواهر الخارقة الطبيعية ، التي عادة ما تتأتى ، على أيدي الكهان والسحرة والمشعوذين والدراويش ومحضّري الأرواح ، وذلك لنفي الوحي ) ، إذ لا تعارض بين الأمرين ، بل إن كلا منهما يكمل الآخر ويدعمه . ويقول أيضًا .. " حتمٌ علينا ، أن نقرّ ونعترف بمهارة خديجة ، في المزج بين الأمومة الفياضة ، بالحب والحنان ، وبين الإعداد الكريم الدقيق ، لتلقى التجربة ( النجاح ) ، ولولا هذا الخلط البارع ، لما قُدّر للتجربة الفلاح والنجاح ، الذي ملأ الدنيا ، وشغل الناس منذ أربعة عشر قرنًا ، ومازال يشغلهم حتى الآن ، وربما لأمد بعيد ، ما لم تتبدل جذريًا ، أحوالهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، وما لم يتحلّل حراس الأساطير ، وجلاَّس التراث المبارك ، عن أماكنهم الميمونة ، ( بمعنى ما لم يعمل جهابذة المفكّرين من أمثال الكاتب ، على رفع هالة القداسة عن محمد ورسالته ، فتعالى الله عما يُشرك به المجرمون ) " .
ثم يقول خليل عبد الكريم في موضع آخر وأخير .. " كان أسى محمد المرير ، على فقد خديجة أمرًا بديهيًا ، لأنها الأم الرءوم والزوجة الحبيبة ، ولولاها ما أكمل التجربة حتى نهايتها ، وهي التي أتاحت له التّماس ، مع ورقة وعداس وبحيرا ، وقضاء الليالي الطوال مع ابن نوفل ، في المدارسة والمذاكرة والمحاورة ، وهي التي كانت تقرأ له الصحف ، التي عرّبها القس نوفل ، وهي التي هيأت له الاختلاط ، بأصحاب جميع الملل والنحل والعقائد والأديان ، الذين اكتظّت بهم مكة ، ولولا التفرغ الدائم ، وهو أحد عطايا أم هند ، لما انفسحت له الفرصة الثمينة . ولا شك أن الخلطة بأصحاب الديانات ، شكّلت جزءًا من الخطة المرسومة . لما انضوت عليه الخطة ، من تمرّس واستماع ، وحفظ وحوار ومدارسة وتخزين معلومات . لقد أدركت خديجة ، منذ فجر التجربة ، أن احترامه التجارة لا يدع له فسحة من الوقت ، في حين أن التجربة ، تحتّم ضرورة التفرغ الكامل ، وطلاق كل ما يشغله عنها ، طلاقًا بائنًا بينونة كبرى " .
وبعد .. فهذه مجرد وقفة سريعة ، عند كتب خليل عبد الكريم .. وليس منها كتابًا أقل خطورة من الآخر .. ولكن ربما كان هذا الكتاب الأخير هو أخطرها .. فسوف نلاحظ هنا ، أن سيدنا محمد ، صلى الله عليهم وسلم ، ليس نبيًا يوحى إليه ، بل هو رجل عبقري ، تمت صناعته على يد السيدة خديجة وجماعتها ، وهم مجموعة من أقباط مكة ، وأنه تم تحفيظه الكتب السماوية ، التي سبقته كلها ، فكان النتاج هو هذا الرسول . وأغرب من هذا ، أن الكتاب كله ، لا ترد فيه كلمة " الرسالة " ، للدلالة على الدين الحنيف ، بل هو يسميها " التجربة " .. فلقد نجحت " تجربة " خديجة ومن معها ، بما يعني أنها شيء أرضي ، وليست شيئًا علويًا منزلاً ، من فوق سبع سماوات . وفي هذا السياق ، فهو يسمي السيدة خديجة باسم " الطاهرة " تيمنًا باسم مريم العذراء ، التي طهّرها رب العزة والجلال واصطفاها على نساء العالمين ، ودلالة الاسم هو أن السيدة خديجة كانت نصرانية ، وبعد هذا ، فهو لا يتورع ، عن وصف الوحي ، الذي نزل على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في غار حراء بأنه حادث غيبي ميتافيزيقي !
بين الإبداع والحرية
بقلم : الأستاذ بدر الشبيب .
الإبداع أمر لا يختلف على أهميته اثنان ، والاحتفاء بالمبدعين ، دأب المجتمعات الحضارية ، التي تنشد الرقي والتقدم دائما وأبدا .
ولكن كيف يكتسب عمل ما ، صفة الإبداع ؟ هذا سؤال جوهري ، ينبغي على المهتمين ، بالشأن الثقافي والفلسفي الإجابة عليه ، لأنه أصبح أكثر إلحاحا من ذي قبل ، بخاصة مع ظهور موجة في العالم العربي ، ترى الإبداع في الخروج على المألوف ، والحديث في المسكوت عنه ، وذلك في مجالين اثنين لا ثالث لهما ( الدين والجنس ) .
فباسم الإبداع وحرية النشر والتعبير ، تقذف لنا دور النشر كتابا هنا ، ورواية هناك ، يكون هذان المجالان محورهما ، مع كثير من التطاول ، على حرمة المقدسات والرموز الدينية ، وكثير من الإسفاف والابتذال ، والخروج على الآداب العامة .
وقائمة الأسماء طويلة ، تبدأ من المشرق ، ولا تنتهي في المغرب ، ويأتي على رأس القائمة ، جمع من الروائيين أمثال حيدر حيدر ( وليمة لأعشاب البحر ) ، محمد شكري ( الخبز الحافي ) ، منى فياض ( فخ الجسد ) ، إلهام منصور ( أنا هي أنتِ ) ، ... الخ .
وأما الكُتّاب فهم كثر أيضا ( نوال السعداوي ، ليلى العثمان ، نصر حامد أبو زيد ، خليل عبد الكريم ، ... الخ )
ولعل هذا الأخير ، أعني خليل عبد الكريم ، هو آخر المتطاولين في كتابه ( فترة التكوين في حياة الصادق الأمين ) ، حيث يتناول مرحلة ما قبل النبوة في حياة النبي ( ص ) محاولا النيل من قدسية الرسول ( ص ) ، والتشكيك في كونه مرسلا من عند الله .
والملاحظ أن هؤلاء الكتاب والروائيين يؤسسون لكتاباتهم بمصطلحات تبدو للوهلة الأولى حضارية وتقدمية ، من مثل الإبداع وحرية النشر والتعبير ، وإعادة قراءة النصوص التراثية ، بما فيها القرآن ، بالاستفادة من المناهج التاريخية ، والمدارس الألسنية الحديثة .
ولكننا حين نتأمل في مجمل إنتاجاتهم ، نجدها تهدف أولا وآخرا ، إلى المس من المقدّس الإسلامي ، وجعله غير مقدّس ، وإلى هدم قلاع الحياء والعفة ، في المجتمع المسلم ، وإلا فأي معنى لحصر الإبداع ، في كل ما من شأنه الحط ، من الذوق الجمالي الرفيع ، بدلا من أن يكون الإبداع أساسا ، لتدريب الذائقة وتنميتها ؟
وسؤال آخر يطرح نفسه : هل يحق لكل أحد ، أن يكتب في الدين ، ويناقش مسائله ، ولماذا يصبح النص الديني مباحا لكل أحد ؟ ألسنا نعيش عصر التخصص ؟
وأخيرا ، لماذا يغضب هؤلاء الكتاب ، عند رفع دعوى حسبية ضدهم أمام القضاء ، إذا كانوا متحضرين فعلا ؟ أليس التقاضي أسلوبا حضاريا ؟
ونقطة أخرى هامة ، ينبغي الإشارة إليها هنا ، فنحن لا نستطيع أن نعمم على جميع الكتاب ، تهمة التآمر ضد الإسلام والمجتمع المسلم ، فهناك طائفة من الكتاب ، تنشد الحق ، ولكنها تخطئ الوسيلة والمنهج ، و ( ليس من طلب الحق فأخطأه ، كمن طلب الباطل فأدركه ) .
نحن لسنا ضد الإبداع ، ولسنا ضد الاستفادة من المنتجات الثقافية للآخرين ، ولا نريد هنا أن نؤسس لفقه المصادرة ، ولكننا نريد أن نؤسس منهجا منطلقا ، من ثقافتنا الإسلامية الأصيلة ، في تعريف مصطلحيّ الإبداع والحرية وحدودهما ، في نفس الوقت الذي ندعو فيه ، لإعادة صياغة فقه الحسبة ، بلغة عصرية ، وبثه في أوساط المجتمع .
وهذا التأصيل ضروري ، لكي نتعرف على قيمة المنفعة والمتعة وغيرهما ، في تحديد إبداعية العمل ، وكذلك للتعرف على الأطر ، التي تعمل الحرية في حدودها ، إذ لا يمكننا الاعتماد على المنهج الغربي ، الذي يكيل بألف مكيال ، فيحتفي بسلمان رشدي ، باعتباره مبدعا ، ويضيق صدرا بروجيه جارودي ، فيسن قانون ( جيسو – فابيو ) ليقدمه للمحاكمة ، لأنه كتب ( الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية ) ، كما لم يتسع صدره لـ ( دافيد ايرفنج ) ، المؤرخ البريطاني ، الذي شكك في أرقام الهولوكوست " .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 2انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
 مواضيع مماثلة
-
» ثاني جراحة لزراعة الوجه في الولايات المتحدة الأمريكية
» كتاب نهاية العالم للشيخ محمد العريفي
» كتاب فضائح الموساد - من معارك المخابرات العربية مع إسرائيل
»  حاخام إسرائيل الأكبر ينصح مرسى بالحفاظ على السلام مع إسرائيل.
» بيلوجرافية حول موضوع الانتخابات البرلمانية والولايات العامة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى اولاد حارتنا :: مكتبة كتب :: كتب عامة-
انتقل الى:  
تصحيح أحاديث وأقوال مأثورة لشيوخ اولاد حارتنا


بحث عن:

مع تحيات أسرة اولاد حارتنـــــــــــــــــا
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدى اولاد حارتنا على موقع حفض الصفحات

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدى اولاد حارتنا على موقع حفض الصفحات