منتدى اولاد حارتنا
من أين يبدأ الإصلاح 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا

او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الحارة

سنتشرف بتسجيلك

شكرا من أين يبدأ الإصلاح 829894
من أين يبدأ الإصلاح 15761575160515761577
مراقبة الحارة
من أين يبدأ الإصلاح 103798


منتدى اولاد حارتنا
من أين يبدأ الإصلاح 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا

او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الحارة

سنتشرف بتسجيلك

شكرا من أين يبدأ الإصلاح 829894
من أين يبدأ الإصلاح 15761575160515761577
مراقبة الحارة
من أين يبدأ الإصلاح 103798


منتدى اولاد حارتنا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


أجتمــــــــــــــــــــــاعى شــــــــــامل - دينى - ثقافى - علمى - نصائح
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
أولاد حارتنا ترحب باى حوارجى وتدعوهم على قهوة حارتنا لشرب المشاريب وتدعوهم لسماع درس التاريخ من أستاذ فطين مدرس التاريخ ومشاهدة احدث الأفلام وكمان تحميل الالعاب وبرامج للموبيل وتسمع حكاوى خالتى بامبة  وتتفرج على صور استوديو عمى أنس وتسمع من ميشو على احلى المغامرات

 

 من أين يبدأ الإصلاح

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سعد يونس
Admin
Admin
سعد يونس


الساعة الأن :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 5951
نقاط : 13515
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 19/08/2010
العمر : 59

من أين يبدأ الإصلاح Empty
مُساهمةموضوع: من أين يبدأ الإصلاح   من أين يبدأ الإصلاح Icon_minitime1الجمعة 08 أكتوبر 2010, 2:18 pm

[size=24][b]



موسوعة الدكتور / سيد نافع

من أين يبدأ الإصلاح

] وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [ الإسراء-85

﴿ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ هود88

عناصر الموضوع :

- هل التقدم العلمي والتكنولوجيا حققت للإنسان علي سطح المعمورة السعادة ؟

هل الغني والترف المادي كافي لتحقيق السعادة التي يطمح إليها الإنسان ؟

- هل يمكن أن يصلح المجتمع دون البدء في إصلاح الفرد الذي هو وحدة بناؤه ؟

- هل يمكن أن يؤدي الإصلاح الشكلي الظاهري فقط إلي إصلاح حقيقي ؟

- ما هي علامات صلاح المجتمع ومؤشرات سيرة في الطريق الصحيح ؟

- كيفية إصلاح الوحدة البنائية للمجتمع .





- هل التقدم العلمي والتكنولوجيا حققت للإنسان علي سطح المعمورة السعادة ؟

دخلت التكنولوجيا المتطورة كل بيت لتسهل الحياة على الناس وكانت الحياة في الماضي القريب بسيطة إلا أنها ممتعة رغم مشقتها فى الكثير من الأحيان , فهي كانت حياة سهلة وبسيطة وغير معقدة , فكانت أمهاتنا يغسلن ويطبخن ويرضعن أطفالهن , واليوم الغسالة الأوتوماتيكية والمكنسة الكهربائية والوجبات الجاهزة والخبز الآلي والألبان الصناعية يؤدين عن المرأة كل هذة الوظائف.

أنت فى منزلك تستطيع وأنت مستلقي على الأريكة الوثيرة وفى جو مكيف بالهواء البارد وبضغطة على زر أن ترى وتشاهد كل ما يحدث فى العالم وبضغطة على زر تتصل بأي إنسان فى العالم بل ويمكنك أن تراه وتتحدث معه بالصوت والصورة .

الإنسان استطاع أن يصل إلى أقصى أطراف المعمورة في ساعات وغاص في أعماق البحار والمحيطات وارتاد الفضاء الخارجي .

الإنسان اكتشف الشفرة الجينية واستخدم الهندسة الوراثية فى زيادة إنتاجية الكثير من الخضر والفاكهة لكن للأسف بلا طعم ولا رائحة .

الإنسان نقل قلوب الموتى إلى صدور الأحياء .

الإنسان استنسخ الكائنات الأخرى حتى انه قد يستنسخ بنى جنسه فى المستقبل القريب ويصدر للعالم مخلوقات ممسوخة لا أب لها ولا أم ونعود إلى عصر الرق والرقيق من جديد بعد أن إستطاع الإسلام التغلب علي هذه الظاهرة اللا إنسانية فقد حرر الإنسان من ملكية الإنسان واستعباده إلي عباده الله الواحد الأحد .

فالاستنساخ ليس خلقاً وإنما لعب وتغيير في خلق الله فهم يغيرون ويبدلون وهم لا يعلمون النتيجة فقد يخرج من معاملهم سلالات من الكائنات لا يستطيعون السيطرة عليها ويكون في هذا هلاكهم وهلاكنا جميعا لكن هي النفس الأمارة بالسوء فلقد توعد إبليس اللعين أولياءه ببتك آذان الأنعام وتغيير خلق الله

فقال الله تعالي علي لسان إبليس :-

﴿ إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَّرِيداً{117} لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً{118} وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً{119} يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً{120} ﴾ النساء

1.

وعلى كل لسنا ضد العلم إن أُُحسن إستخدامه وتوظيفه ، فالمفروض أن يصل الإنسان بالعلم إلى حقيقة قدرة الله سبحانه وتعالى ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ فاطر28 لكن هذا لا يكون إلا لمن كان سليم القلب والعقل والإدراك .

فان كان للعلم ضوابط أخلاقية وقانونية ودينية فلا بأس به لأنه سيوظف في خدمة البشرية لا فى دمارها وهلاكها , وهذا ليس موضوعنا لكن تطرقت اليه لرؤيتي لسوء توظيف العلم وتطبيقاته و إستخداماته فى الضار والفاسد .

الطاقة الذرية والطاقة الشمسية والالكترونية والليزر والموجات فوق الصوتية فتحت مغاليق أسرارها للإنسان لكن الأهم هو حسن التوظيف والاستخدام الأمثل .



هل الغني والترف المادي كافي لتحقيق السعادة التي يطمح إليها الإنسان ؟

لقد زادت دخول الناس فى الكثير من البلدان فعائدات النفط الوفيرة من العملة الصعبة انتقلت بدول الخليج بقفزات هائلة جعلتها فى مصاف الدول الأوربية فى الترف المادي .

وازدادت دخول الكثير من الناس في مجتمعنا وتغيرت صورة الريف كثيراً عن السابق وأصبح لا يختلف كثيراً عن المدن ففيه الفيلات والعمارات والقصور والأندية وكل وسائل الرفاهية وأحدث موديلات السيارات

فلم يحدث في التاريخ أن جاء عصر بمثل هذه الوفرة والغنى والترف المادي والتكنولوجي وكان من المفترض ان تؤدى هذه الوفرة والغنى والتكنولوجيا والسهولة بالإنسان الى السعادة لكن للأسف ازداد الإنسان تعاسة وأصبح لا يحس بما لدية من نعم وإرتفعت معدلات الأمراض النفسية والجنون والإنتحار فى العالم كله حتى أكثرها تقدما ووفرة .

إزدادت الأسر تفككا وبعداً عن بعضها البعض وانعدم التواصل بين الزوج وزوجته والأخ وأخيه والأب وأبناؤه وأصبح الكل يلهث وراء المادة ولا يلوي على شيء , أصبح الناس كالجزر التائهة الشاردة لا يكاد يجمعها رابط .

نحن في كل مكان نجتمع ولا نتفق وإن اتفقنا فنتفق على ألا نتفق نتصافح بالأيدي ويطوى كل واحد منا قلبه على ضغينة وقد أعلن كل واحد من نفسه دولة مستقلة ذات سيادة وأصبحنا نتصادم كل يوم وقد يخرج من تصادمنا شرر يحرقنا .

انقلبت النعمة التي بين أيدينا بأيدينا إلى نقمة فالعالم ينفق المليارات على السلاح وأدوات القتل والدمار الشامل بغرض فرض الهيمنة والسيطرة والثراء المادي .

شهد العالم عشرات الحروب بحثا عن مصادر المياه والغذاء والطاقة وإزدادت الصراعات فى كل بقاع العالم وسقط آلاف القتلى وإشتعلت الحرائق فى كل مكان فى العالم وأصبح الإرهاب والقتل الجماعي العشوائي والعبوات الناسفة والسيارات الملغومة والقصف الأعمى ظواهر عادية مألوفة من كثرتها .



وتدخلت التكنولوجيا فأفسدت حياتنا , بأيدينا لوثنا الهواء والبحار والأنهار والمحيطات والزروع بالفضلات وعوادم الصناعة والسيارات والمبيدات المسرطنة وغير المسرطنة .

إن المادة والوفرة والتكنولوجيا لم تقربنا بل فجرت فينا حب المصلحة وحب الإكتناز والرغبة فى جمع الأموال والثروات فجرت فينا حب الذات فجرت فينا حب ألـ (أنا ) ، صارت أنفس الكثير من البشر نفس أمارة حيوانية شهوانية ترغب بلا حدود وأصبح كل منا جوع لا يشبع ، تحولت الأنانية وحب الذات الى جدار غليظ يفرقنا ولم يعد كل منا يسمع إلا نفسه وتحول الحوار الى كلام من طرف واحد لأن الآخر لا يسمع " حوار الطرشان " .

وزادت المفاسد والأمراض والعلل فى المجتمع نتيجة لحب الذات والأنانية وغيبة الضمير فتغلبت المصلحة الخاصة علي المصلحة العامة . . .

والله سبحانه وتعالى يقول :-

﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾الروم41

كيف نعلو على هذه النفس الأمارة وحب الذات ونتجاوزها إلى المرتقي الأعلى من نفوسنا هذه هى المشكلة ؟!

كيف نتخطى المصلحة الشخصية الى المصلحة العامة والقيم العليا التي تجمعنا ولا تفرقنا ؟!!

لابد من عودة الضمير مرة أخرى ضمير الفرد والمجتمع والعالم , لابد من إصلاح القلوب التي صدأت وماتت , لابد من إصلاح النفس أولاً وقبل كل شيء , لابد من العودة إلى الله سبحانه وتعالى لتحيى ضمائرنا ,

فالأزمة في المجتمع والعالم كله الآن ( أزمة ضمير ) نتيجة موت القلوب وفقد البصيرة لا أكثر .

فالعالم كله صائر إلى هذه ألازمة ( أزمة الضمير) ومقبل على مخاض مؤلم وعسير .

إن التدين الشكلي والإيمان باللسان والخلق المظهري المصطنع ليس هو الحل .

* المطلوب إيمان حقيقي يصل إلى مراكز الشعور ويخالج القلب .

* مطلوب يقين يصل إلى حد النخاع .

* مطلوب عودة القيم والمبادئ المستقاة من وعاء الدين , كل هذا لابد أن يأتي من الداخل من أعماق النفس وليس طلاءاً ظاهرياً .

* مطلوب تدين يصل الى القلب والعقل والروح يغير صاحبه ويصهره ليخرج من حيوانيته إلى انسانيتة

* إن المرحلة الروحانية قادمة قادمة بإذن الله ولن تولد إلا من خلال هذا الفشل المادي الزريع .

* والإسلام الحقيقي لن يولد من مجرد شكليات ومظاهر صورية مثل إطلاق اللحى وتقصير الثياب .

* فكان لابد من محنة عالمية هائلة متمثلة فى أزمة الغذاء ومصادر الطاقة والمياه على الكرة الأرضية وهي الحادثة اليوم لتصهر الناس فى آتون العذاب حتى تتطهر معادنهم وتذوب غشاوتهم وتتفتح ضمائرهم ويعودن إلى ربهم .

فقد روى أبن ماجة في كتاب الفتن من سننه عن عبد الله بن عمر قال : أقبل علينا رسول الله r وقال :



يا معشر المهاجرين خمس خصال إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن :-

v ﴿ ما لم تظهر الفاحشة ( الزنا ) فى قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشي فيهم الطاعون ( الأمراض الوبائية والمعدية ) والأوجاع التى لم تكن مضت فى أسلافهم الذين مضوا .

- وأخرج مسلم من حديث عامر بن سعد أن رجلاً سأل سعد ابن أبي وقاص عن الطاعون فقال أسامة بن زيد أنا أخبرك عنه ، قال رسول الله r ﴿ هو عذاب أو رجز أرسله الله علي طائفة من بني إسرائيل أو ناس كانوا قبلكم فإذا سمعتم به بأرض فلا تدخلوها عليه ، وإذا دخلها عليكم فلا تخرجوا منها فراراً ﴾(الحجر الصحي)

والمقيم في الأرض التي ظهر فيها المرض كالشهيد ، والفار منها كالفار من الزحف .

- أخرج البخاري من حديث عائشة أنها سألت الرسول عن الطاعون فأخبرها r ﴿أنه كان عذاباً يبعثه الله علي من يشاء فجعله الله رحمة للمؤمنين فليس من عبد يقع الطاعون فيمكث في بلده صابراً يعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتبه الله له إلا كان له مثل الشهيد ﴾



v ولم ينقصوا المكيال والميزان ( غياب الضمير ) إلا أُخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم .

v ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا (أزمة المياه) .

v ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدواً من غيرهم فأخذ بعض ما فى أيديه ( الاحتلال العسكري لبلاد المسلمين ) .

v وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما انزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم ﴾ ( موت القلوب وقسوتها فتنعدم الرحمة والمودة في المجتمع وتطغي الأنانية والمادية في المجتمع ) (صدق رسول الله r)



﴿ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ المائدة13





والحديث يشخص لنا ما نحن فيه الآن من ضنك وإحباط وتفتت المسلمين وهوانهم علي الناس وعلي أنفسهم وعلي حكامهم هو بما كسبت أيدينا لعلنا نفيق ونعود ونتضرع إلي الله سبحانه وتعالى ، وهذا هو الليل المظلم الذي يسبق الفجر فلابد للناس من العودة إلي ربهم وفهم دينهم وإلا طال هذا الليل .

ربما اشتد الظلام في المستقبل القريب وربما تفاقمت الكوارث والمصائب أكثر وأكثر وربما فاتنا شهود الفجر الجديد فجر الإسلام الحقيقي ، ربما قصرت أعمارنا عن بلوغه لكنه قادم قادم بإذن الله ، وعلي كل منا أن يسهر على معركته الخاصة ، معركته مع نفسة ليتعجل ميلاد الفجر الجديد فى نفسة هو أولاً من خلال إنتصاره على نفسه الأمارة ، من خلال إنتصاره على حب ألـ (أنا) داخلة ، من خلال إنتصاره على شهواته وملذاته ومصلحته الشخصية ، علية أن ينتصر فى هذه المعركة هو أولاً إذا أراد لمسيرة النور أن تهزم جحافل الظلم .



قال تعالى :- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ المائدة105

على كل إنسان أن يعلن الثورة على نفسه هو أولاً عليه أن يعتقل شياطينه وأن يغير سلوكه وأن يجعل من نفسه مثالاً وقدوه قبل أن يطالب الآخرين بأن يبدلوا من سلوكهم . لا بأس من طول المشوار فإنما أول الغيث قطرة ومعظم النار من مستصغر الشرر . . . . التغيير الحقيقي والجذري بيد الله سبحانه وتعالى واشترط الله لكي يغير ما بقوم من سوء أصابهم أن يغيروا هم ما بأنفسهم من علل وأمراض وإعراض ، فالمطلوب منا هو إصلاح نفوسنا ﴿ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ﴾ الرعد11 .

فلابد من معرفة علل وأمراض النفس ، وهى تتخلص فى البعد عن الله وغياب الضمير والأنانية وحب الذات وإصلاح كل هذه العيوب هي نقطة البدء في التغيير والإصلاح لا الشعارات .



قد يطول المشوار ولكن سلامة الوصول أكيدة بإذن الله ، أما التغيير التعسفي عن طريق قلب نظم الحكم وعن طريق العنف القهري فقد يبدو لأول وهلة أنه يقصر المشوار ويختصر التاريخ ، لكن ما يحدث هو العكس تماماً إنه يطيل أمد المحنة ويعطل التاريخ ويستبدل الظلم القديم بظلم جديد ولا يغير نفوساً وإنما يغير كراسي وبطاقات .

إن نفوسنا هي المعاقل الأساسية للثورة والتغيير وترويضها وتهذيبها هى نقطة البدء لإصلاح المجتمع وليست الشعارات ، فيعكف كل منا على نفسة يروضها ويربيها ويزكيها ، فهذا هو ( الجهاد الأكبر ) الذي يصنع الفرد المؤمن الصالح ومن الفرد تنمو العائلة والمجتمع والأمة والتاريخ .

أودع سبحانه وتعالى فى النفس البشرية نوازع للخير ودوافع للشر وترك للإنسان الحرية فى الإختيار . .

﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا{7} فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا{8} قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا{9} وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا{10}﴾ الشمس





ما هي علامات صلاح المجتمع ومؤشرات سيرة في الطريق الصحيح ؟

السعادة والرضا والتراحم بين أبناءه وخلو المجتمع من الأمراض النفسية ، والاستقرار والنماء وزيادة الإنتاج



والخلاصة :

إصلاح الوحدة البنائية للمجتمع وهي إصلاح النفس هي السبيل الوحيد وهي نقطة البدء الصحيحة ولن يكون هناك إصلاح فى أي مجال إقتصادي أو سياسي أو إجتماعي ، فى مجال الصحة والتعليم والصناعة والزراعة وغيرها ، وفى عودة الأمن والأمان والإستقرار لتهيئة المناخ المناسب للاستثمار إلا بعودة الضمير بإصلاح النفس ولن يتأتى ذلك إلا بالعودة الحقيقة إلى الله سبحانه وتعالى وإتباع منهجه .

فإن غاب الضمير وغابت أسس محاسبة النفس ومراقبتها فسد المجتمع وإستعصت جميع مشكلاته عن الحل مهما طبقت كل الأسس العلمية للإصلاح لأن الأساس غير سليم ولن تستطيع أي حكومة في العالم مهما أوتيت من قوة ونفوذ وأموال أن تضع رقيب علي كل إنسان ، وإن استطاعت فلابد من رقيب على الرقيب إن غاب الضمير ، لكن الأسهل والأيسر أن يكون كل إنسان رقيب علي نفسه إذا كان اتصاله بالله كاملاً . .

وعن عمر أبن الخطاب رضي الله عنه قال :-( حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم )

هذا بالإضافة إلي أن الله سبحانه وتعالى وضع علي كل منا رقيب وعتيد من الملائكة لتدوين أعمالنا . ﴿ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ ق18 وبالتالي ما يعمل من عمل . .

وما فسد المجتمع إلا لغياب هذه الفريضة فلو حاسب كل مسئول في الأجهزة الرقابية نفسه لعلم أنه مقصر في حساب ومراقبة الآخرين ، فإن حاسبنا أنفسنا قبل أن نحاسب صلح حالنا وحال مجتمعنا دون أدني عناء أو مشقة وكان الإصلاح التلقائي فى جميع مناحي الحياة سياسياً واقتصاديا واجتماعيا وسينصلح حال الجميع حكام ومحكومين على السواء ، عندها سيجد الناس أنفسهم سواء أمام القانون المستقى من شرع الله سبحانه وتعالى لا فرق بين حاكم ومحكوم ، غنى أو فقير ، أمير أو غفير وستكون الإمارة والحكم تكليف لا تشريف .

ولنتذكر أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولى القضاء أيام خلافة أبو بكر الصديق رضي الله عنه فمكث عاماً لا يدخل علية متخاصمين ولم يفصل فى قضية واحدة كل هذه لأن الناس عرفوا الحق فاتبعوه ، ولن يصلح حال هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ، عندها سيشعر كل منا بالأمن والأمان والراحة والسكنية والحب والانتماء المفقود ويتفرغ للإبداع وإتقان العمل وسيتغير الحال .

-ولنتذكر قول الرسول r لحارثة حين سأله : كيف أصبحت اليوم يا حارثة ؟

قال : يا رسول الله أصبحت أعبد الله وكأني أراه وكأني أرى الجنة عن يميني والنار عن يساري

فقال له رسول الله r : عرفت فلزم .( وفي هذا دعوة لمراقبة الله وإصلاح النفس بالخشية ) .

- كان من الأولى أن تكون المجتمعات الإسلامية أحسن حالا من غيرها لو حاسبوا أنفسهم وفهموا حقيقة دينهم وكانوا لله تبارك وتعالى أخشى وأعلم ، والظاهر أنهم حجبوا الله عن دنياهم ولم يفهموا حقيقة دينهم ونسوا الله فأنساهم أنفسهم وغرتهم الحياة الدنيا واطمأنوا بها فصاروا أسوء المجتمعات على الإطلاق . . .

والسبب الحقيقي هو البعد عن دينهم وعدم فهم حقيقته ، ولم يتخلف المسلمون إلا عندما فصلوا دينهم عن دنياهم ولم يراقبوا الله فى السر والعلن وكانوا للناس أشد خشية من الله والله أحق أن يخشوه ﴿ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ﴾ الأحزاب 37

والكثير من علمائهم و دعاتهم جعلوا علمهم ودينهم مصدر رزقهم وسبباً فى بلوغ الشهرة وباعوا دينهم بدنياهم فلم يستطيعوا أن يتواصلوا ويوصلوا رسالتهم ، والمفروض أنهم ورثة الأنبياء فأصبحوا للأســف من ( الدعاة التي تقف علي أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها ) كما أخبر بذلك رسول الله r أنه سيأتي علي المسلمين زماناً تقف دعاتهم علي أبواب جهنم ، ويهدون الناس بغير هديه وعندما طلبوا منه أن يصفهم قال . . ( هم من جلدتنا ويتحدثون بألسنتنا ) فهؤلاء الدعاة تاهوا وتوهوا الناس وأصبحوا فى وادي والناس فى وادي آخر وفقدت المصداقية وحلقة الوصل بينهم وبين الناس .

وروي عن رسول الله r قولة . . ﴿ من فسد من علماء المسلمين ففيه شبة من اليهود فهم أمة عناد عرفوا الحق فحادوا عنه . . . ومن فسد من عامة المسلمين ففيه شبة من النصارى فهم أمه ضلال ﴾ .

فإذا عبدنا الله بهذه الصورة وراقبناه سبحانه وتعالى فى كل أحوالنا و أعمالنا وأدركنا أننا مسئولون أمامه عن كل صغيرة وكبيرة وأنه سيسقط لحم وجوهنا خجلاً منه تبارك وتعالي يوم القيامة فما من أحد إلا وسيكلمه الله سبحانه وتعالى كما اخبر بذلك المصطفى r . . فليعد كل منا إجابته وحجته من الآن إنتظاراً للقاء المحتوم .



يقول الشاعر : إذا الإيمان ضاع فلا أمان ولا دنيا لمن لم يحي دينه



ولنأخذ تجربة الصين :- وهى بلد الإلحاد كما هو معروف استطاعت هذه البلد والتي يسكنها ثلث سكان العالم أن تواجه الفساد وتحل المشاكل التى تهدد أمن وسلام المجتمع من مخدرات ورشاوى وإستغلال للنفوذ وإهدار للمال العام .

كيف استطاعت تحقيق ذلك و كيف هيأت المناخ المناسب للإنتاج والاستثمار ؟

ما استطاعت أن تتغلب على ذلك كله إلا بتطبيق شرع الله بإقامة حد المفسدين في الأرض دون أن تدري .

قال تعالى :-

﴿إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ المائدة 33



إنهم أصدروا الأحكام الرادعة على مرتكبي هذه الجرائم ونفذوها في الميادين العامة وأمام الناس دون أدنى تهاون وعلى الجميع سواء بسواء , فهذه هي العدالة في تطبيق الحدود والقوانين دون تمييز, استطاعت الصين القضاء علي زراعة وتجارة الأفيون والمخدرات بهذه الطريقة ثم طبق ذلك علي بقية قضايا الفساد التي تعوق تقدم المجتمع وتقوض مسيرته وتسحق كل الجهود المبذولة للتنمية والاستثمار , فليس العبرة بتغليظ العقوبة ولكن بالعدل والمساواة في تطبيقها .

قال رسول الله r :- ﴿ إنما أهلك الأمم التي قبلكم أنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها ﴾ إنهم طبقوا شرع الله ورموا إتهام الغرب لهم بإنتهاك حقوق الإنسان ,

وبهذا تكون الصين قد طبقت حد المفسدين في الأرض واستطاعت أن تقضي علي فساد المجتمع لتكون بذلك حجة علي حكام وأمراء وسلاطين المسلمين , ولتأكد أنه ما نزل شرع الله إلا للتطبيق لأن فيه سعادة الدنيا .

روي عن رسول الله r أنه قال :-

﴿ من أراد الدنيا فعلية بالقرآن ومن أراد الآخرة فعلية بالقران ومن أرادهما معاً فعلية بالقران ﴾ .

والصين أرادت الدنيا فطبقت حد الله في المفسدين دون أن تدري .

فأنت إذا أردت أن تصلح أرض زراعية وتأخذ أعلى إنتاجية عليك أن تتخلص من النباتات المتطفلة والمتسلقة الضارة أولاً لكي تكون الأرض صالحة للزراعة ثم تأخذ بأحدث أساليب الزراعة بعد تمهيد التربة وانتقاء أفضل السلالات ورعاية المحصول بالطرق العلمية وهذا ما فعلته الصين للارتقاء بمجتمعها فتخلصت أولاً من مظاهر الفساد الذي يهدد المجتمع ويقوض جهود التنمية وعكفت على إتباع المنهج العلمي الحديث بدراسة سيكولوجية الناس لرفع قدراتهم ومهاراتهم وعملت علي تغيير مفاهيم الناس وممارساتهم الخاطئة فكانت وبحق تجربة جديرة بالتقدير والدراسة.

والأصل في الحدود في الإسلام هو منع الجريمة قبل وقوعها بالجزاء الرادع وعلى الملأ دون تفرقة .

فالسبيل عندنا سهل وميسور بإصلاح النفس والعودة إلى الله سبحانه وتعالى وتطبيق شرع الله على المارقين والخارجين عن القانون ألإلهي دون أن تأخذنا بهم رأفة فى دين الله عندها سيأمن الإنسان على نفسة وماله وعرضه وسيتحقق الإستقرار وسيزيد الإنتاج والإنتماء المفقود ونخطو بمجتمعاتنا نحو التقدم والرفاهية التي حققتها الصين التي إتهمتها أمريكا والغرب بإنتهاك حقوق الإنسان وهي كلمة حق يراد بها باطل فما أرادوا إلا تعويق مسيرة الصين نحو الإصلاح .

فلم تتهم أمريكا والغرب بلداً بانتهاك حقوق الإنسان إلا بغرض التدخل في شئونه والسيطرة علي موارده وثرواته فهم أكثر الناس إنتهاكاً لحقوق الإنسان بتأيديهم لإسرائيل فى كل ممارساتها اللاإنسانية وما فعلوه في الكثير من البلدان لا يخفي علي أحد ، فلنفيق جميعاً ولا ننخدع بالشعارات .

إن تجربة الصين فى الإصلاح تجربة ثرية وتستحق الدراسة والأخذ بالجوانب الإيجابية منها .



فبداية الإصلاح الحقيقي و نقطة البدء .(وهي إصلاح النفس) وعدم التواني والانتظار بحجة فساد المجتمع وعدم اليأس والقنوط من طول المشوار لأن هذا منطق خاطئ تماماً وهو من وحي إبليس اللعين ليملئ الناس يأساً وقنوطاً وإحباطاً وهو أحد مداخله إلي النفس البشرية والذي سنتحدث عنها فيما بعد ، فلا يترك الإنسان فرصة لإصلاح نفسة ويقنعه بالتسليم بالأمر الواقع ...

ورسول اللهr حذر من ذلك فقال :

﴿ لا يكن أحدكم إمعة يقول إذا أحسن الناس أحسنت وإذا أساءوا أسأت ﴾

فيدخل اللعين إلي نفس الإنسان ويزين له الشرور والمعاصي ويجعل الإنسان ييأس من إمكانية الإصلاح فهو يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق فيجعله يكتفي بلعن الظروف والأحوال والنقمة علي المجتمع بأثره , وهو جزء من هذا المجتمع وبسبب استسلامه لما يلقيه في قلبه فسد المجتمع وامتلأ يأسًا وإحباطاً

فكثيراً ما نجد من يلعن الظروف والأحوال وهو غارق في مفاسده ومنكب علي مصلحته الخاصة حتى لو تعارضت مع مصلحة الجمع , ولو وجد طريقاً يجمع به المال من حله وحرامه ما توانى لحظة ولو تولي أمراً من أمور الناس يتغير سلوكه وينسى ما قاله , والغريب أنه يكتفي بإلقاء اللوم علي الغير وينتظر حتى يأتيه الإصلاح علي طبق من فضة وهو في الواقع سبب في كوارث المجتمع وهو لا يدري ولا يدري أنه لا يدري وهذا هو الجهل بعينه .

فلو بدء كل واحد منا بنفسه فأصلح حالها وقدم حلول عملية في موقعه وطبقها علي نفسه هو أولاً وكان مثالاً وقدوه يحتذي به لتبدل الحال , لكن الناس قانعون بما في أنفسهم من علل وأمراض وهم لا يدرون ولا يدرون أنهم لا يدرون وهذا هو الجهل بعينه كما أسلفنا . . ويكتفون بلوم الحكام والمسئولين فقط وهم في الواقع جزء من هذا المجتمع وعليهم يقع جانب كبير من صلاح المجتمع لكن للأسف معظمهم يتنصل من المسئولية ويلقى بالكرة في ملعب الأدنى . . وهكذا حتى حاسبوا عن الخطأ من ليس بيدهم الأمر.

فالدعوة إلي إصلاح النفس هي للجميع حكام ومحكومين , مسئولين ورعية . . فبصلاح الفرد يصلح المجتمع وبصلاح المجتمع يفرز حكام ومسئولين صالحين .

روى الإمام البخاري عن بن عمر رضي الله عنه أن رسول اللهr قال : ﴿ كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالإمام راع ومسئول عن رعيته والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئوله عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته ﴾. . " فرسول اللهr لم يستثني أحداً من المسئولية حتى المرأة في بيت زوجها مسئولة, فكلنا نركب سفينة واحدة ونحن مسئولون عنها جميعاً. . فلو أصلح كلاً منا من نفسة وبدأ بمعرفة عللها ووفقه الله في إصلاحها لتبدل الحال وفزنا بالدنيا وبحب الله وتأييده ومعيته ولما وجدت مشكلة ولا معضلة يصعب حلها . . لكن الناس تخلوا . . .

﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾ الأعراف96

فالإيمان والتقوى والخشية والمراقبة سبب في سعة العيش ونزول البركات من السماء , وما من أحد إلا واقف أمام الله ومسئول . . فاتقوا الله واعملوا للباقية ولا تغرنكم الفانية . . تفوزوا بالدنيا والآخرة

﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ التوبة105

قال معلم البشرية الرسول الأعظم r .

﴿ من أراد الدنيا فعليه بالقرآن ومن أراد الآخرة فعليه بالقرآن ومن أرادهما معاً فعليه بالقرآن . . ﴾

وبصلاح الفرد تصلح العائلة والجماعة والمجتمع حكاماً ومحكومين وبفساده يفسد المجتمع كله وتسوده شريعة الغابة يأكل القوي فيها الضعيف وتزداد آفات المجتمع وأمراضه وتستعصي علي الحل ويصبح المجتمع كالثوب البالي كلما رقعته ظهر فيه رقع وفتحات أخرى , وازداد الضنك والإحباط والمعاناة وفقد المجتمع انتماءه وهويته وتفكك وأصبح لقمة سهلة سائغة للأعداء وأصحاب المؤامرات من الداخل والخارج ويدخل المجتمع في دائرة الفساد المغلقة التي لا يحمد عقباها .



لذلك يجب أن يسأل كل منا نفسه من أنا ؟

لكي يتعرف علي حقيقة نفسه وذاته ويبادر إلي إصلاح الخلل في نفسه هو أولاً .

النفـــــــــــــــــــس = جسد (قالب) + روح (الذات)

النفـــــــــــــــــــس = روح

النفس هي الذات ذات الإنسان وحقيقته ، وهي الروح فالإنسان روح



يا خادم الجسم كم تشقى بخدمته وأنت بالروح لا بالجسم إنسان



فالنفس هي ذات الإنسان وحقيقته وأحياناً يراد بها المعنى الجامع لقوة الغضب والشهوة في الإنسان والنفس عبارة عن جسد " قالب " يسكنه الروح وبه يستمد الحياة ويشترط لبقاء الروح أن يكون الجسد صالحاً للسكنى وإلا فارقته الروح وفني الجسد " بالموت " . . .

فالإنسان بالروح لا بالجسم إنسان . وإذا بلي جزء من الجسد كالغرغرينه مثلاً التي تصيب الأطراف انكمشت الروح في الجزء الباقي من الجسد عندئذ يحتاج هذا الطرف إلي بتره لكي تستمر الحياة

والنفس هي روح الإنسان :- كما أخبر عنها بارئها سبحانه وتعالى في كتابه العزيز فقال :-

﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا{7} فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا{8} قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا{9} وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا{10} ﴾ الشمس

فلقد أودع الله سبحانه وتعالى في النفس البشرية دوافع للخير ونوازع للشر وأعطاها ألقدره والإرادة الكافية كي تختار وتغلب أحد الطرفين علي الآخر وهي للغالب منهما .

فإذا غلبت دوافع الخير فقد تزكت هذه النفس وأصبحت من المفلحين وإن غلبت نوازع الشر عليها فسدت هذه النفس وهلكت وصارت من المنافقين فقد خاب من دساها لأنه محي دوافع الخير في نفسه ومال إلي كل فاسد ونتن وما فيه معصية الله وغضبه فمصيره خيبه الدنيا والآخرة وإن امتلك الدنيا بحذافيرها .

فأنت إذا أسلمت لجامك لنفسك وسرت وراءها تلبي لها كل متطلباتها وغرائزها وشهواتها ولم تفرق بين الحلال والحرام وما فيه رضي الله عن معصيته . . هوت بك إلي الحضيض ولن تدعك حتى تسكنك الدرك الأسفل من النار فنفسك التي بين جنبيك هي ألد أعدائك فأحذرها أن تضلك .

ولا تنسى أن قرينك من الجن يقف إليك بالمرصاد إذا سلكت طريق الخير والطاعة كذلك يعينه عليك جنود إبليس وذريته وأعوانه من شياطين الإنس الذين هم أشد خطراً وبلاءاً .

فلكي تصل إلي مرضاة الله عليك الانتصار علي نفسك وقرينك وأن تعتقل شياطينك من الجن والإنس .

فالمعركة ليست سهلة كما يتخيلها البعض والجائزة نفيثه وليست بالهينة وتستحق كل تلك المعاناة والجهد والتضحية وعليك أن تستعين بالله في معركتك هذه لكي يتحقق لك النصر بإذن الله .

عندها تجد للإيمان حلاوة ولليقين سكرة أفضل بكثير من ملذات الدنيا وتشعر بالسعادة الحقيقية التي لو علمها ملوك الأرض لقاتلوك عليها . . . . ( فالسعادة قد تسكن كوخ وليس فيه كسرة خبز )

** والنفس علي ثلاث أنواع كما جاء في القرآن الكريم .

* الأمارة * اللوامة * المطمئنة

والنفس الأمارة :

هي مطيه الشيطان فهي تأمر صاحبها بكل سوء وتزين له كل شر ولا تقبل إلا كل نتن

وعندها المعروف منكراً والمنكر معروفاً . . فهي نفس غليظة ثقيلة تهوي بصاحبها إلي الدرك الأسفل من النار فهي نفس المنافقين والكفار وعتاة ألعصاه من المسلمين والعياذ بالله .

فصاحب هذه النفس مختوم على قلبه ميت و الموت الحقيقي هو موت القلب وإن مشى علي الأرض وحصد ملذاتها وصار من أعيانها وعليه القوم وأوجههم . .

فهذا قلب شرب حب الدنيا وملذاتها وخلى من حب الله فصارت الدنيا أكبر همه ومبلغ علمه.



النفس اللوامة : وبها يقسم رب العزة تبارك وتعالى ولا يقسم إلا بكل عظيم وجليل لأهميتها وخطورتها

فما زال فيها مادة الخير بجانب مادة الشر والنفس إلي الغالب منهما فهي تلوم صاحبها علي فعل المنكر وتذكره بالله ليتوب ويرجع إن غلب الخير علي الشر فيها .

وإن غلب الشر عليها فإنها تهوى بصاحبها إلي أسفل وتصبح أماره ويموت القلب وتمحي مادة الخير فيها فليحذر صاحبها وليستعن بالله علي إصلاحها ليرتقي بها لتصبح مطمئنة . . . يقول تعالى :

﴿ إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ الأنفال70

فمن كان في قلبه إيمان زاده الله إيماناً وهدى . . فعن أهل الكهف يقول سبحانه وتعالى : ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى{13} وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً{14}﴾



النفس المطمئنة :-

وهي الواثقة بالله المستكينة إلي جواره لا ترتاح إلا إلي كل خير ولا تجد لذتها إلا فيه ولا تنفر إلا من كل شر فعنها قال سبحانه :

﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ{27} ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً{28} فَادْخُلِي فِي عِبَادِي{29} وَادْخُلِي جَنَّتِي{30} ﴾ الفجر

فصاحب هذه النفس سليم القلب واثق بنصر الله وتأييده لا يفزع إذا فزع الناس ولا يحزن إذا حزن الناس لأنه يولى أمره الله تعالى ويرضى بمشيئته وقدره ويسلم زمامه إلي الله سبحانه وتعالى ويتجرد من نفسه ليدخل في ولاية الله .

﴿ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ{62} الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ{63} لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{64} ﴾ يونس

فلينظر كل منا إلي نفسه ليعلم من يكون وأي نفس تلك التي بين جنبيه .

والنفس لا تظهر منزلتها ولا تبدو حقيقتها إلا لحظة أن تستقر علي حال واختيار وتمضي فيه باقتناع وإصرار فتخلد فيه وتستريح وتجد لذتها وذاتها في الخير أو في الشر . .

فلقد أعطى الله سبحانه وتعالى النفس البشرية معراجاً عجيباً تتحرك فيه صعوداً وهبوطاً بلا حدود . . فتارة تراها في أعلى درجات المعراج وتارة تهبط . . إلي أن تستقر علي حال يشكل حالتها .

﴿ قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً ﴾ الإسراء84

ففي الطرف الصاعد من هذا المعراج تلطف وترق المشاعر والطبائع وتصفوا المشارب والأخلاق حتى تكاد تضاهي الأخلاق الملائكية وهذا هو سمو الروح وتغلب الجانب الروحي العلوي علي الإنسان .



وفي الطرف الهابط : تكثف النفس وتغلظ الرغبات والطبائع والشهوات وتتدنى الغرائز حتى تضاهي هذه النفس الحيوان في بهيميته

﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾ الفرقان44 . .

ثم الجماد في جموده وآليته وقصوره الذاتي . . . ثم الشيطان في ظلمته . . وهذا هو الجانب الجسدي الطيني في تكوين هذه النفس . . . فالنفس في هذا المعراج تتذبذب منذ ولادتها حتى تستقر علي شاكلتها وحقيقتها . . وعند هذا المستقر تمضي النفس في إصرار واقتناع في الخير أو الشر .

والله سبحانه وتعالى أعطى الإنسان حرية الاختيار وأعطاه الإدراك والقدرة الكامنة في ذاته لكبح جماح نفسه وشهواته والسيطرة عليها إن أراد لنفسه صلاحاً .

الجسد :- وهو الظاهر من الإنسان , وما يحتوي من مخ وقلب وأعضاء وجوارح هو من عالم الملك عالم المادة " الطبيعة " فهو المكون السفلي الأرضي الطيني في النفس البشرية , فقد خلق من تراب الأرض وله احتياجات ومتطلبات وبه غرائز وشهوات فإذا استطاع الإنسان أن يكبح جماح شهواته فتكون فيما أحل الله ويحد من متطلبات واحتياجات جسده سمى بنفسه وقارب منازل وأخلاق الملائكة , وإذا تدنى وغرق في شهواته وملذاته وكانت شاغله الأوحد واهتم بغذاء الجسد ونسي غذاء الروح , فسدت نفسه وخبثت روحه وهوت بصاحبها إلي أسفل سافلين وانخفض إلي دركات الشياطين وصار من المبعدين , الذين لا تفتح لهم أبواب السماوات ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ( أي حتي يدخل الجمل من ثقب إبرة الحياكة وهذا للاستحالة )

والله سبحانه وتعالى أعطى الإنسان المخ وهو يمثل في وقتنا الحاضر (جهاز الكمبيوتر) أعطى للمخ القشرة الخارجية والتي تميزه عن باقي المخلوقات وبه مراكز لجميع الحواس والحركة والسلوك لتساعده علي الإدراك والتعلم والمعرفة وهو من عالم الملك (عالم المادة) إلا أنه لا يعمل إلا بوصول الدم المتصل بالروح إليه , ولا يدرك إلا المحسوس بوسائل الحس المختلفة , فبه يقيس الإنسان الأمور فإذا اعتمد عليه الإنسان كليةً واعتمد علي القياس فقط في كل مناحي حياته وأهدر دور القلب الذي هو عقل الإنسان الحقيقي ضل , فهذا يذكرنا بإبليس اللعين عندما رفض الامتثال لأمر الله بالسجود لآدم لأنه اعتمد علي القياس فدار في نفسه أنه بما أن الله خلقه من نار وخلق آدم من تراب والنار في منظوره أفضل من الطين ( إلا أن في الحقيقة النار فيها رعونة وطيش والطين فيه الحياة والنبات ) لذلك اعتبر نفسه أفضل من آدم وبالتالي رفض الامتثال للأمر الإلهي فضل لأنه نسي ولم يدرك أن الأمر من الله سبحانه وتعالى الذي خلقه وبالتالي استحق اللعن والطرد من رحمة الله

وروي عن علي بن أبي طالب t ( باب مدينة العلم ) أنه قال : ( من اعتمد علي ماله قل ومن اعتمد علي جاهه ذل ومن اعتمد علي عقله ضل. ومن اعتمد علي الله لا قل ولا ذل ولا ضل )"

فالمقصود بالعقل هنا ما تعارف عليه الناس خطأً المخ لأن الإنسان لا غني له عن عقله الحقيقي وهو القلب فبه يعرف خالقه .

فالإنسان إذا أراد أن يصل إلي مرضاة الله يجب عليه التجرد من نفسه ولا يعتصم إلا بالله وحده ولا يثأر لنفسه أبداً وإنما يغضب إذا انتهكت حرمات الله كما كان يفعل الرسول الأعظم r .

الــــروح:-

فهذا هو السر الإلهي الذي أودعه الله النفس البشرية ولا يعلم حقيقتها إلا خالقها .

﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ الإسراء85

فعندما يتحدث العلماء عنها فإنما يتحدثون عن أحوالها وأوصافها وليس عن حقيقتها وكونهها .

وللروح غذاء وغذاؤها القرب من الله تعالى .

فالروح هي لطيفة ربانية لا ترى ولا تسمع ولا تحس ولكن يستدل علي وجودها بالحياة وعند مفارقتها الجسد بالموت . . . ومثالها الكهرباء الصادرة من حجر البطارية الجافة فأنت إذا وصلت طرفي الحجر بسلك فيه لمبة صغيرة أضاءت وأنت لا ترى ولا تحس ولا تسمع سريان الكهرباء في السلك لكن تستدل علي وجود الكهرباء بإضاءة المصباح . . .

فالروح هي المكون العلوي ألملكوتي من النفس البشرية فهي تتبع عالم الملكوت وهو عالم الغيب

( الميتافيزيقا ) عالم ما وراء الطبيعة كما يصنفها العلماء .

والروح منبعها القلب ومتصلة بالدم وتمتد بواسطته عبر العروق إلي سائر أجزاء البدن وتجري في البدن مع الدم وتفيض بأنوار الحياة من الحس والسمع والبصر والشم علي الأعضاء فالمخ لا يستطيع تحمل انقطاع الدم عنه أكثر من خمس دقائق فهو أكثر أعضاء الجسد تأثراً وأولها عطباً عند انقطاع الدم لفترة أطول من ذلك .

وقرب الإمام الغزالي رحمه الله في كتاب إحياء علوم الدين هذه الصورة فشبه الروح بالمصباح في الحجرة وانتشار الضوء في الحجرة وإضاءته للجدران بحركة الروح في الجسد والإضاءة الحاصلة بالحياة فقال : ( فهذا يضاهي فيضان النور من المصباح في الحجرة فلا ينتهي إلي جزء من الحجرة إلا ويستنير به والحياة مثالها النور الحاصل و الروح مثالها المصباح وسريان الروح وحركتها في الباطن مثل حركة النور من المصباح إلي الجدران ) .

v فالروح هي اللطيفة الربانية العالمة المدركة من الإنسان ومنبعها القلب وهي العقل الباطن وهي التي تتعلم وتكتسب الخبرات .

فوسائل الإدراك والتعلم كما أخبر بها سبحانه وتعالى هي السمع والبصر والفؤاد :- ﴿وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾

لذلك قال r:- ﴿ إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد وإذا فسدت فسد باقي الجسد ألا وهي القلب ﴾ . .



لماذا القلب ؟

لأن القلب مكمن الروح ومنبعها ولا يدرك كل ما هو غيبي إلا به , فلن يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر إيماناً يقينياً إلا من كان قلبه حياً وروحه طيبه , بذلك يكون إدراكه سليم .

فالإيمان بالغيب شرط لصحة الإيمان وإلا كان الإيمان ناقصاً وكلاماً باللسان دون القلب . فأنت لا تعيش بمفردك في هذه الحياة فهناك من يتبع عالم الملكوت من جن وملائكة تعيش معك وتؤثر فيك فهم كالروح عند انفصالها عن الجسد لكن ليس لهم أجساد تحملهم . . .



. . . . فإذا حدث خلل في النفس) الإنسان ( مثل القلق والتوتر والخوف والاكتئاب يذهب الإنسان إلي طبيب الأمراض النفسية فيعطيه المهدئات والمطمئنات ويطمئنه بالكلام (Reassurance) فهو بذلك يصلح الجانب العضوي من الخلل أما الجانب الروحي وهو نتيجة مرض في القلب فيحتاج إلي إصلاح وهو الجانب الرئيسي في الخلل ولا يجيده إلا طبيب عارف بالله تغلب عليه الروحانيات وإلا لن يشفى المريض تماماً والانتكاسات وارده والوقاية من الأمراض النفسية بالقرب من الله ومعرفته وإتباع منهجه بحب واقتناع خير ألف مرة من العلاج . . .

فعلم النفس في الغرب يهتم بالجانب المادي من التكوين البشري ويهمل كثيراً الجانب الروحي لذلك جاءت حضارة الغرب حضارة مادية غلبت فيها المادة الأحاسيس والمشاعر والروحانيات التي بها السعادة الحقيقية فأصبحوا كالإنسان الآلي عديم الإحساس والمشاعر واتجه حبهم إلي المادة وملذات الدنيا , فإن كانوا فعلاً تطوروا فهو في الجانب المادي فقط , وفشلوا في مجال الروح والإنسان بروحه لا بجسده إنسان وبالتالي فقدت الحضارة الغربية جانبها الإنساني . .







ولم تعرف المجتمعات الإسلامية هذا النوع من الأمراض إلا عندما غلبت عليهم الماديات ونسوا الروحانيات وتأثروا وانبهروا بالحضارة الغربية المادية وأصبح كل شيء في الدنيا يقيم بالمادة حتى الأفكار وما نمت العلوم وتطورت إلا بتواصل الأفكار وتطورها علي أيدي الآخرين لكن إذا ظلت الفكرة حكراً علي صاحبها . . فمن أين يأتي التطور والوصول إلي الحقيقة ؟

وليسأل كل منا نفسه لماذا خلقت ؟

هل خلقنا الله عبثاً وإننا لن نرد للسؤال والحساب ؟

هل خلقنا للتزاوج والمتعة فقط ؟ إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين ؟ .

لقد خلقنا الله للعبادة وعمارة الكون . ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ الذاريات56

والرسول r قال :

" ﴿ إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر ماذا تفعلون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ﴾

v وعمارة الكون من العبادة فالعمل عباده فيجب علينا أن نجد ونعمل ونتقن العمل ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه )

v علينا أن نأخذ بالأسباب مع عدم تعلق القلب بالأسباب والاعتماد علي الله والتوكل عليه في كل أحوالنا وأعمالنا لكي نفوز بالدنيا ويحلو لنا المرد ونعود إليه عوداً حميداً ونفوز بمرضاته وتوفيقه في الدنيا وجنته في الآخرة . . . وإتقان العمل لا يكون إلا بالعلم . .

فالدين الإسلامي دين علم وعمل لا دين تواكل وجهل والدين ليس ضد العلم إن كان نافعاً وفيه خير البشرية

فالعاقل من أدرك حقيقة نفسه وعقلها كما يعقل البعير وأمسك بلجامها ولم يجعلها تقوده وحد من متطلباتها وشهواتها . . . . . . . . والعقل مشتق من عقال الدابة للسيطرة عليها .

والعقل صفة للإنسان المدرك لحقائق الأمور ومحل العقل والإدراك السليم هو القلب . والحقيقة التي لا يجب أن يغفلها الإنسان هي مراقبه وخشيته . أما السفيه من ترك لنفسه اللجام وفقد السيطرة عليها وغاص في بحار الشهوات المحرمة بدعوة الحرية الشخصية

فالله سبحانه وتعالى يقول :

﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ{46}﴾ الحج

v فالآية صريحة في أن الإدراك والعقل يكون بالقلب الحي الموجود في الصدر لا بالمخ كما يعتقد كثير من الناس . . فكما أن الأذن للسمع فالقلب للعقل لكن القلب الواعي الحي الخاشي سيكون إدراكه للأمور صحيحاً . . فإذا كانت المقدمات صحيحة فالنتائج صحيحة بالطبع .

v والله سبحانه وتعالى أعطى للقلب صفة الرؤية كما للعين لكن رؤى القلب تسمى بصيرة وفقدها يسمى عمه . . . أما رؤية العين فهو إبصار وفقده عمى . .

v فالقلب الحي الخاشي يرى ما لا يراه غيره وأنت تستطيع أن تخدع العين والبصر لكن لا يمكن خداع القلب . . فالعين تخدع بالسحر لكن القلب الحي المتصل بالله والذي علي بصيرة لا يمكن خداعه لأنه محل الإدراك الصحيح والعقل وهو لمسؤل عن السلوك عند كثير من الناس .

v وفي أمريكا عندما أجريت عمليات نقل القلب من إنسان ميت إلي حي تغير إدراكه وفكره وسلوكه وأحسوا بأنهم ليسوا بمفردهم وأن معهم شخص آخر فهذه ليست هواجس وخيالات بل حقيقة . . فروح صاحب القلب لها إتصالاً

v كما قال أبن القيم ( أن للروح إتصالاً بالبدن في عالم البرزخ ). .

وللروح بالبدن خمسة أنواع من التعلق متغيرة الأحكام :- " كتاب الروح – لابن القيم "

v 1 – تعلقها به في بطن الأم جنيناً .

v 2 – تعلقها به بعد خروجه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
من أين يبدأ الإصلاح
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الإصلاح بَيْنَ الناس
» أخلاقنا الإسلامية العظيمة الإصلاح بين الناس
» صدق الأبناء يبدأ بصدق الآباء ..
» يجعل جهازك يبدأ عند تشغيله بالبسملة بدل الموسيقى
»  نعم يمكنك معرفة الصفحة التي يبدأ عندها أي جزء من القرآن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى اولاد حارتنا :: كلام الشيوخ بتوع حارتنــــا :: قصم المواضيع المثنتة من كلام شيوخنا-
انتقل الى:  
تصحيح أحاديث وأقوال مأثورة لشيوخ اولاد حارتنا


بحث عن:

مع تحيات أسرة اولاد حارتنـــــــــــــــــا
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدى اولاد حارتنا على موقع حفض الصفحات

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدى اولاد حارتنا على موقع حفض الصفحات