قلت نعم وابني قال لا !

قلت نعم وابني قال لا !

الأخت الحبيبة / الأستاذة إيمان القدوسى

كانت المرة الأولي التي أشارك فيها بالإدلاء بصوتي ، قبل ذلك لم يكن لدي دافع ولا ثقة في النزاهة السياسية ولابطاقة انتخابية ، اليوم عندي أمل في مستقبل أفضل ورغبة حقيقية في المشاركة وبطاقة رقم قومي .

قلت نعم للتعديلات الدستورية وكنت سوف أتقبل النتيجة لو كانت ( لا ) فهذه أول خطوة في طريق الديمقراطية (احترام الرأي الآخر) ، بينما اختار ابني (عبد الله ) وهو مهندس مدني تخرج هذا العام ومن شباب ثورة التحرير، اختار (لا ) وتطوع لتنظيم إحدي اللجان الانتخابية في منطقة سكننا ( شبرا ) ، وظل واقفا فيها منذ السابعة صباحا حتي السابعة مساء وعاد ليحكي عن كثافة الإقبال من كل أطياف الشعب المصري وولادة روح وطنية جديدة وفرحة تشبه العيد ، كان هناك من يسأله ( ما معني نعم ولا ؟ وفي رأيك أيهما أختار ؟ وماذا سوف تختار أنت ؟) وكان يرد ( هذا اختيارك الشخصي وصوتك أمانة ) وعاد ليشد علي يدي متوقعا فوز (نعم ) وانتصار العقل والحكمة علي تسرع الشباب وثوريتهم غير المحدودة .

وهكذا حدثت المعجزة وتكلمت الأغلبية الصامتة وتحركت الجموع الساكنة وبرزت مظاهر حضارة مصرية عمرها آلاف السنين .

عدت من الاستفتاء وقد تلون إصبعي باللون الأحمر الفوسفوري ، وتلون وجهي بمسحة من الحماس تجعلني مستعدة للعمل من أجل رفعة ونهضة بلادي بأي طريق ممكن ، وأتمني إطلاق سلسلة من المبادرات السريعة لتفعيل الحماس لدينا جميعا ولتكن بعنوان ( امنح بلدك ساعة ) لنعمل جميعا متطوعين في الخدمة العامة في كل المجالات .

أثارت المناقشات التي تبادلها الناس حول الاستفتاء لدي آمال كبيرة في المزيد من التغيير ، فقد كانت لدينا منظومة فساد كاملة امتدت من السياسة إلي الاقتصاد إلي العلاقات الاجتماعية ووصلت حتي القلب حيث تسكن العاطفة .

أنادي بدستور عاطفي جديد نقول فيه (نعم )للمشاعر الصحية القائمة علي الصدق والوفاء بالوعد والرقي و(لا ) لترويج الحب التجاري الفاسد ( حب عمر وسلمي ) القائم علي الغش و الخيانة والغيرة وامتهان العلاقة الزوجية ، هذه الصيغة يجب أن يرفضها الشباب لأنها فاسدة .

نقول( نعم) لاحترام الرأي الآخر والحوار المثمر البناء بين كل المختلفين و(لا) للخصومة اللدود كما في ( الاتجاه المعاكس ) حيث يتحول الحوار بسرعة شديدة لتبادل اتهامات بالعمالة والتخوين والقبض من دول أجنبية ، ثم يتطور إلي سباب واشتباك يصل أحيانا للضرب ، إذا كان هؤلاء هم المثقفين القدوة فما حال باقي المجتمع ؟.

أتمني أن أشاهد برنامجا حواريا يقول فيه أحد الأطراف للآخر : معك حق لقد نبهتني لجانب كان غائبا عني ، أتمني أن نخرج نحن المشاهدين وقد استفدنا من عمق ثقافة الضيوف بدلا من ( صراع الديكة ) المخجل الذي يخرج فيه الضيف منتوف الريش مبحوح الصوت وتهتز الثوابت أمام المشاهد الذي يفقد احترامه لمن كان يعتبرهم مثلا أعلي .

نقول (نعم )ونمد أيدينا لكل من أخطأ وتاب وأراد الالتحاق بالصف الشريف و(لا )للتنكيل بمن أخطأ يوما والتشهير به وحرمانه من فرصة البدء من جديد حتي لا يتخفي الناس بأخطائهم ونعود لمجتمع ( ما خفي كان أعظم )

(نعم) للشفافية والمحاسبة وعقوبة من يستحق ذلك و(لا )لأخذ الناس بالظن والشبهة وإثارة شائعات مغرضة ضد كل شريف ،( نعم) للوحدة الوطنية و(لااااااا) كبيرة جدا للفتنة الطائفية التي تمزق الوطن وتقضي علي مكتسبات الثورة .

مصر عادت شمسك الذهب مشرقة ساطعة إنها شمس الحرية التي سوف تقضي علي آفات كثيرة عششت في الظلام وتجلو وجه مصر الجميل لتعود ثانية مصر المحروسة أم الدنيا .